أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 779

جلسة 26 من مارس 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أديب قصبجى وعضوية السادة المستشارين/ محمد فاضل المرجوشى؛ وممدوح عطيه؛ ومحمد عبد العظيم عيد؛ وأحمد شوقى المليجى.

(139)
الطعن رقم 644 لسنة 41 القضائية

(1) دفوع "الدفع بعدم الدستورية". دستور.
الدفع بعدم الدستورية. غير متعلق بالنظام العام. عدم جواز اثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) عمل "الأجر". قانون.
حظر رفع مرتبات العاملين إستنادا إلى الحد الأدنى للأجور الواردة باللائحة 1598 لسنة 1961. ق 51 لسنة 1968 الاستثناء من صدرت لهم أحكام نهائية. عدم جواز التمسك بالحقوق المكتسبة للعاملين.
(3) عمل "المساواة".
استثناء العاملين الذين صدرت لهم أحكام نهائية من الخضوع لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1968 عدم جواز طلب المساواة بهم فى تحديد الأجر.
(4) التزام "الوفاء" عمل.
المقاصة القانونية بين أجر العامل وبين دين رب العمل الناشئ عن فرض أو تعويض الاتلاف مناطها ق 91 لسنة 1959. ما عداها يخضع للقواعد العامة. م 364 مدنى.
(1) من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الدفع بعدم دستورية القوانين غير متعلق بالنظام العام ولا يجوز للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها، وكان يبين من الأوراق أن الطاعن لم يثر هذا الدفع أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - أراد المشرع بعبارة صريحة - فى المادتين الأولى والثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 - أن يحظر الاستناد إلى الحدود الدنيا للمرتبات التى عينها بالجدول المرافق لتلك اللائحة لرفع مرتبات العاملين أو إعادة تسوية حالاتهم أو صرف فروق عن الماضى، وأن يرتد بحكم القانون إلى تاريخ العمل بهذه اللائحة فألغى بذلك مالها من آثار فى هذا الخصوص بالنسبة للعاملين سواء من سويت حالاتهم تسوية تلقائية أو من لم تسو حالاتهم على هذا النحو، ولم يستثن من هذا الحكم سوى العاملين الذين سبق أن صدرت لهم أحكام قضائية نهائية. وإذا كان النص صريحا قاطعا فى الدلاله على المراد منه فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بهدف التشريع ومقصد المشرع منه لأن البحث فى ذلك إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه. كما أنه لا وجه لتحدى الطاعن بأن أعمال حكم ذلك القانون على التسويات التى تمت وفقا للائحة سالفة الذكر يمس الحقوق المكتسبة للعاملين لأن هؤلاء العاملين لا يستمدون حقوقهم فى الحدود الدنيا للمرتبات من هذه اللائحة مباشرة بل كان يتعين لنشوء هذه الحقوق وضع جداول الوظائف المنصوص عليها فى المادتين الثانية والثالثة فيها وهو ما لم يتم حتى ألغيت بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 بأصدار لائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة.
3 - إذا كان القانون رقم 51 لسنة 1968 قد حظر الاستناد إلى الحدود الدنيا للمرتبات المقررة بالجدول المرافق للائحة موظفى وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 لرفع مرتبات العاملين ولم يستثن من حكمة سوى العاملين الذين سبق أن صدرت لهم أحكام قضائية نهائية. فإن العاملون الذين سرت فى شأنهم تلك اللائحة لم تنشأ لهم حقوق فى تلك المرتبات حتى ألغيت. فإن مقتضى ذلك أن الاستثناء الذى أورده القانون لا يصلح سندا لطلب المساواة بين العاملين إنما تكون فى الحقوق التى يكفلها القانون وفى الحماية التى يضيفها على أصحاب هذه الحقوق، ومن ثم لا يعد دفاع الطاعن القائم على هذا الأساس دفاعا جوهريا قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإن النعى على الحكم بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع لإغفاله الرد عليه يكون غير منتج.
4 - لئن كان الشارع قد نص فى المادتين 51، 54 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 على حالتين تقع فيهما المقاصة القانونية بين أجر العامل وبين دين رب العمل الناشئ عن قرض أو تعويض الإتلاف، وجعل لكل منهما حكما خاصا إلا أنه فيما عدا هاتين الحالتين تظل تلك المقاصة ووفقا للقاعدة العامة المقررة بالمادة 364 من القانون المدنى جائزة بين ديون رب العمل الأخرى وبين أجر العامل بالقدر القابل للحجز من هذا الأجر. لما كان ذلك وكان الثابت فى الدعوى أن ما تقتطعه الشركة المطعون ضدها من مرتب الطاعن استيفاء لدينها المترتب على إلغاء التسوية لا يجاوز الربع الجائز الحجز عليه طبقا للمادة 52 من قانون العمل المشار إليه. فإن النعى على الحكم بهذا الوجه يكون فى غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع عق الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5092 سنة 1969 عمال كلى القاهرة على المطعون ضدها شركة مصر لتجارة السيارات طالبا الحكم أولا: وبصفه مستعجلة بوقف إجراءات الخصم بواقع 10% من مرتبه الشهرى مع وقف تخفيض المرتب الشهرى الشامل وصرفه كاملا حتى يفصل فى الموضوع ثانيا. ببطلان حق الشركة المطعون ضدها فى استرداد ما سبق صرفه له وقدرته هى مبلغ 368 ج 568 م مع رد ما تكون قد قامت بخصمه من مرتبه، وقال بيانا لها انه التحق بخدمة الشركة فى 10/ 12/ 1962 فى وظيفة بالكادر العالى عملا بالمادة الثالثة من لائحة موظفى وعمال الشركات الصادرة بالقرار الجمهورى رقم 1598 لسنة 1961 وأنه فى 17/ 5/ 1965 قررت الشركة تسوية مرتبه بواقع 20 ج شهريا يضاف إليه 5 ج، 500 م اعانة غلاء المعيشة اعتبارا من تاريخ تعيينة طبقا للجدول الملحق بهذه اللائحة، إلا أنها عادت وأخطرته فى 22/ 4/ 1969 بأن رفع مرتبه إلى الحد الادنى المقرر فى تلك اللائحة قد تم بالمخالفة لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1968 وطالبته بسداد ما سبق صرفة لة بناء على تلك التسوية عن الفترة من 10/ 12/ 1962 حتى 30/ 6/ 1965 وجملته 368 ج، 568 م وبأنها فى حالة عدم سداده ذلك المبلغ ستقوم بخصمه من مرتبه بنسبة 10% منه شهريا اعتبارا من شهر مايو سنة 1969 وإذ كان هذا الذى ذهبت إليه الشركة لا يتفق وصحيح القانون فقد اقام دعواة بالطلبات سالقة البيان، وفى 30/ 5/ 1970 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى استانف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد برقم 2559 سنة 87 ق وأضاف فى صحيفته طلبا ثالثا هو الزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدى له مبلغ 100 ج تعويضا عما لحقه من اضرارا مادية وأدبية وفى 25/ 3/ 1971 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 12/ 2/ 1977 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب حاصل الوجه الثالث من السبب الأول منها الخطأ فى تطبيق القانون وتأويلة وفى بيانة يقول الطاعن إن القانون رقم 51 لسنة 1968، والصادر بقرار من رئيس الجمهورية استنادا إلى القانون رقم 15 لسنة 1967 بتفويضه باصدار قرارات لها قوة القانون قد جاوز حدود ذلك التفويض عندما نص فى المادة الثانية منه على سريانه اعتبارا من تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 ذلك أن المادة 263 من دستور 24/ 3/ 64 تستلزم لتقرير الأثر الرجعى للقانون موافقة أعضاء مجلس الأمة ولا يسوغ أن يحل رئيس الجمهورية محل هذا المجلس وهو هيئة منتخبة فى اصدار قانون له هذا الأثر.
وحيث إن هذا النعى وهو لا يعدو أن يكون دفعا بعدم دستورية القانون رقم 51 لسنة 1968 غير مقبول ذلك أنه لما كان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الدفع بعدم دستورية القوانين غير متعلق بالنظام العام ولا يجوز للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها، وكان يبين من الأوراق أن الطاعن لم يثر هذا الدفع امام محكمة الموضوع فانه لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل الوجهين الأول والثانى من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثانى الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله والفساد فى الاستدلال، وفى بيانها يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه جرى فى قضائه على أن المشرع لم يستثن من تطبيق حكم القانون رقم 51 لسنة 1968 إلا من حصل على حكم قضائى نهائى، كما أخذ بأسباب الحكم الابتدائى التى استعانت على القول بانسحاب أثره على ما تم من تسويات ودية بما جاء بمذكرته الإيضاحية من اتجاه إرادة المشرع إلى التقليل من ضغط الإنفاق المالى فى حين أن الواضح من عبارة هذا القانون وقصد المشرع منه أن حكمه إنما ينصرف إلى المطالبات المستقبلة وتلك التى ما زالت محل نزاع بين العامل ورب العمل دون التسويات الودية التى تمت فعلا قبل قضاءه والتى سكت عن النص عليها، كما أن ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون لا يصلح سندا لأعمال حكمه على هذه التسويات لما فى ذلك من مساس بالحقوق المكتسبة التى رتبتها.
وحيث عن هذا النعى مردود ذلك أن الشارع إذ نص فى المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية النهائية لا يجوز للعاملين الذين سرت فى شأنهم لائحة نظام موظفى وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 الاستناد إلى الحد الأدنى المقرر فى الجدول المرافق لهذه اللائحة للمطالبة برفع مرتباتهم أو إعادة تسوية حالاتهم أو صرف أية فروق عن الماضي" ونص فى مادته الثانية على أن "ينشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية، وتكون له قوة القانون ويعمل به من تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 المشار إليها" فقد أراد بعبارة صريحة أن يحظر الاستناد إلى الحدود الدنيا للمرتبات التى عينها بالجدول المرافق لتلك اللائحة لرفع مرتبات العاملين أو إعادة تسوية حالاتهم أو صرف فروق عن الماضى، وأن يرتد بحكم القانون إلى تاريخ العمل بهذه اللائحة فألغى بذلك ما لها من آثار فى هذا الخصوص بالنسبة للعاملين سواء من سويت حالاتهم تسوية تلقائية أو من لم تسو حالاتهم على هذا النحو، ولم يستثن من هذا الحكم سوى العاملين الذين سبق أن صدرت لهم أحكام قضائية نهائية، ومتى كان النص صريحا قاطعا فى الدلالة على المراد منه، فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بهدف التشريع وقصد المشرع منه لأن البحث فى ذلك إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، كما أنه لا وجه لتحدى الطاعن بأن أعمال حكم ذلك القانون على التسويات التى تمت وفقا للائحة سالفة الذكر يمس الحقوق المكتسبة للعاملين لأن هؤلاء العاملين لا يستمدون حقوقهم فى الحدود الدنيا للمرتبات من هذه اللائحة مباشرة بل كان يتعين لنشوء هذه الحقوق وضع جداول الوظائف المنصوص عليها فى المادتين الثانية والثالثة فيها وهو ما لم يتم حتى ألغيت بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 بإصدار لائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعى عليه بهذه الأوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الثانى من السبب الثانى والوجه الأول من السبب الثالث القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقول أنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن التسوية التى تمت بالنسبة لمردها أن الشركة رأت تطبيق قاعدة المساواة حين قدم إليها حكم قضائى صدر لأحد العاملين بالقطاع العام وأنها تستند فيها إلى أحكام لائحة موظفى وعمال الشركات الصادر بها القرار الجمهورى رقم 1598 لسنة 1961 كما طالب بمساواته بزميل له قضى لصالحه كذلك فى دعوى مماثلة إلا أن الحكم أغفل هذا الدفاع الجوهرى مما يعيبه بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه لما القانون رقم 51 لسنة 1968 قد حظر الاستناد إلى الحدود الدنيا للمرتبات المقررة بالجدول المرافق للائحة موظفى وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 لرفع مرتبات العاملين ولم يستثن من حكمه سوى العاملين الذين سبق أن صدرت لهم أحكام قضائية نهائية، وكان العاملون الذين سرت فى شأنهم تلك اللائحة لم تنشأ لهم حقوق فى تلك المرتبات حتى ألغيت على ما سبق بيانه فى الرد على الأوجه السابقة، وكان مقتضى ذلك أن الاستثناء الذى أورده القانون لا يصلح سندا لطلب المساواة بين العاملين إنما تكون فى الحقوق التى يكفلها القانون وفى الحماية التى يضيفها على أصحاب هذه الحقوق ومن ثم لا يعد دفاع الطاعن القائم على هذا الأساس دفاعا جوهريا قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإن النعى على الحكم بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع لإغفاله الرد عليه يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل الوجه الثانى من السبب الثالث أن نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القرار الجمهورى رقم 3309 لسنة 1966 لم يرد به نص خاص يجيز لرب العمل أن يقتطع جزءا من مرتب العامل، وأحالت المادة 1/ 2 من مواد إصداره على قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 فيما لم يرد به من نص خاص فى ذلك النظام وهذا القانون لم يجز لرب العمل هذا الاقتطاع إلا فى حالتين نصت عليهما المادتان 51، 54 منه وهما الإقتطاع مقابل القرض أو مقابل قيمة ما أتلفه العامل بخطئه من آلات أو منتجات وهو الأمر الذى كان يتعين معه على الشركة المطعون ضدها أن تلجأ على القضاء للحصول على حكم بالمبالغ التى صرفتها للطاعن بناء على تلك التسوية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقر الشركة على اقتطاع هذه المبالغ من مرتبه وانتهى إلى رفض دعواه ورتب على ذلك عدم إجابته إلى طلب تعويضه عما ناله من أضرار نتجت عن إخلال الشركة بالالتزام القانونى الذى يخطر هذا الإجراء قإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه و لئن كان الشارع قد نص فى المادتين 51، 54 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 على حالتين تقع فيهما المقاصة القانونية بين أجر العامل وبين دين رب العمل الناشئ عن قرض أو تعويض الاتلاف، وجعل لكل منهما حكما خاصا إلا أنه فيما عدا هاتين الحالتين تظل تلك المقاصة ووفقا للقاعدة العامة المقررة بالمادة 364 من القانون المدنى جائزة بين ديون رب العمل الأخرى وبين أجر العامل بالقدر القابل للجزء من هذا الأجر، لما كان ذلك وكان الثابت فى الدعوى أن ما تقتطعه الشركة المطعون ضدها من مرتب الطاعن - استيفاء لدينها المترتب على إلغاء تلك التسوية - لا يجاوز الربع الجائز الحجز عليه طبقا للمادة 52 من قانون العمل المشار إليه فإن النعى على الحكم بهذا الوجه يكون فى غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.