أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 801

جلسة 28 من مارس سنة 1977

برئاسة السيد المستشار/ محمد صالح أبو راس، وعضوية السادة المستشارين/ جميل الزينى، وسعد العيسوى، ومحمود حسن حسين، ومحمود حمدى عبد العزيز.

(142)
الطعن رقم 147 لسنة 40 القضائية

(1، 2) نقل بحرى "سند الشحن".
(1) سند الشحن. دليل الشاحن إلى المرسل إليه قبل الناقل فى شحن البضاعة إذ حق تسلمها عند الوصول. اعتباره أيضا: أداة ائتمان يعتبر حامله بمثابة حائز للبضاعة.
(2) سند الشحن الادنى المندمجة فيه البضاعة. تداوله بطريق التظهير. المظهر إليه الأخير هو صاحب الحق فى استلام البضاعة.
(3) إثبات "الكتابة". نقل بحرى.
صور الأوراق العرفية عند عدم وجود الأصل. لا حجية لها فى الإثبات. علة ذلك. مثال بشأن سندات الشحن.
(4) أمر أداء. حجز. اختصاص "اختصاص نوعى".
الأمر بحجز ما للمدين لدى الغير. اختصاص قاضى الأمور الوقتية باصداره . م 545 مرافعات سابق. اختصاص قاضى الأداء بإصداره. شرطة. م 858 مرافعات سابق. صدور أمر الحجز من قاضى الأداء فى حالة لا تتوافر فيها شروط إصدار أمر الأداء. أثره. بطلان الأمر.
1 - سند الشحن وإن كان يمثل فى الأصل دليل الشاحن أو المرسل إليه قبل الناقل فى شحن البضاعة أو حق تسلمها عند الوصول وهو مما يمثل الطابع الشخصى لوظيفة السد إلا أنه يعد أيضا أداة ائتمان. فهو يمثل البضاعة المشحونة لذاتها ويقوم مقامها بحيث تندمج البضاعة فى سند الشحن ويعتبر حامله بمثابة حائز للبضاعة وإن كانت هذه الحيازة رمزية تتمثل فيها الطابع العينى لوظيفة السند.
2 - إذا كان أصل الشحن الإذنى المندمجة فيه البضاعة يتم تداوله بطريق التظهير فإن الحق فى استلام البضاعة يكون للمظهر الأخير الحائز لأصله.
3 - مفاد نص المادة 390/ 2 من التقين المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا حجية لصور الأوراق العرفية فى الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجودا فيرجع إليه كدليل للإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذ هى لا تحمل توقيع من صدرت منه والتوقيع بالإمضاء أو بصحة الختم أو ببصمة الإصبع هو شرط لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية وإذ كان المطعون ضده الأول لم يقدم أصول سندات الشحن إكتفاء منه بتقديم صورها وكانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن تقديم تلك الصور لا يغنى عن تقديم الاصول لإثبات الحق المدعى به لكونها قابلة للتداول ولكون المظهر إليه الأخير هو وحده صاحب الحق فى البضاعة. فإن الحكم المطعون فيه إذ عول فى قضائه بإلزام الطاعنة بثمن البضاعة على الصور وحدها واتخذ منها دليلا على ثبوت الحق للمطعون ضده الأول فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
4 - مفاد نص المادتين 545، 858 مرافعات سابق أن الأمر بتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير يصدر إما من قاضى الأمور الوقتية وإما من قاضى الأداء تبعا لطبيعة الدين المحجوز من أجله فإن كان الدين من الديون التى تتوفر فيها شروط إصدار أمر الأداء لجأ الدائن إلى قاضى الأداء وإلا فإنه يلجأ إلى قاضى الأمور الوقتية - وينعى على ذلك أنه إذا صدر أمر الحجز من قاضى الأداء فى حالة لا تتوافر فيها شروط اصدار أمر الأداء فإن الحجز يكون باطلا وكذلك العكس. لما كان ما تقدم وكان الحكم الصادر من محكمه أول درجة قد قضى ببطلان أمر الأداء المعارض فيه بناء على أنه صدر فى غير الحالات التى يجوز فيها إصداره وكان أمر الحجز قد صدر من ذات رئيس الدائرة المختص بإصدار أوامر الأداء فإن ذلك يستتبع بطلانها لأنه كان يتعين صدورهما من قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة بدلا من قاضى الأداء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن المطعون ضده الأول - البنك التجارى اليونانى - استصدر بتاريخ 26/ 4/ 1961 أمر الأداء رقم 58 لسنة 1961 تجارى كلى الإسكندرية بإلزام الطاعنة بأن تؤدى له مبلغ ...... وصحة الحجزين التحفظيين الموقع أولهما فى 26/ 4/ 1961 تحت يد المعطون ضدها الثالثة تأسيسا على أن شركة....... وشركاه "قامت بشحن رسالة من الفول السودانى خلال شهر أكتوبر سنة 1959 من ميناء الاسكندرية إلى ميناء جنوا على الباخرة "اسبيريا" التابعة للشركة الطاعنة بموجب أربع سندات شحن وإذ كان المطعون ضده الأول قد أقرض للشركة الشاحنة قيمة الرسالة واستلم منها سندات الشحن وفواتير الشراء ضمانا للقرض وكانت الطاعنة باعتبارها أمينة النقل البحرى قد خالفت القانون والعرف البحرى بتسليم البضاعة إلى الشركات المستوردة دون أن تستلم منها ما يدل على سداد قيمة البضاعة فإنها تكون بهذا التصرف مسئول عن سداد ثمنها إليه. عارضت الطاعنة فى هذا الأمر وقيدت معارضتها برقم 473 سنة 1961 مدنى كلى الإسكندرية وفيها تمسكت ببطلان أمر الأداء لصدوره فى غير حالاته وبطلان الحجزين الموقعين تحت يد المطعون ضدهما الثانى والثالثة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة وبسقوط الحق فى المطالبة بالتقادم السنوى المنصوص عليه فى المادة 3/ 6 من معاهدة سندات الشحن وبرفض الدعوى موضوعا لاستيفاء الشركة الشاحنة ثمن البضاعة من الشركات المستوردة عن طريق أحد البنوك السويسرية. وبتاريخ 9/ 4/ 1962 قضت محكمة أول درجة ببطلان أمر الأداء المعارض فيه وبرفض الدفعين بعدم قبول الدعوى وبسقوط الحق فى المطالبة وبندب خبير لتحقيق واقعة الوفاء بالثمن وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 30/ 4/ 1969 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الاول مبلغ 11259.150 جنيها وبصحة الحجزين. استأنفت الطاعنة هذا الحكم والحكم الصادر بتاريخ 9/ 4/ 1962 بالاستئناف رقم 321 لسنة 22 ق تجارى وصممت على دفوعها ودفاعها. ومحكمة استئناف الاسكندرية قضت فى 24/ 12/ 1969 بتأييد الحكمين المستأنفين. طعنت الطاعنة فى الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن من بين ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسببين الثانى والخامس مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ومما قالته فى بيان السبب الثانى أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم وجود علاقة قانونية تربطها بالمطعون ضده الأول تجعل من حقه أن يطالبها بقيمة البضاعة المشحونة لأنه لم يكن طرفا فى عقود النقل البحرى كما أنه لم يقدم أصول سندات الشحن التى لا يغنى عنها الصور الشمسية المقدمة منه ذلك أن الحق يندمج فى الصك المثبت به ويكون أصل السند دليلا على الحق وعلى ملكية حائزة له ويكون هو صاحب الصفة فى مقاضاتها إلا أن الحكم المطعون فى التفت عن هذا الدفاع وأجاز للمطعون ضده الأول الأستناد فى طلبه على الصور الشمسية لمستندات الشحن بمقولة أن الطاعنة أقرت بمحضر جلسة 24/ 4/ 1961 فى التظلم رقم 419 لسنة 1961 تجارى اسكندرية "بمطابقة تلك الصور للأصل وبقبولها لها بحالتها دون اعتراض منها على صحة التظهيرات المثبتة بها واقتصرت منازعتها فى هذا الشأن على تكييف هذه التظهيرات من الناحية القانونية والآثار المترتبة عليها" فى وحين أن هذا من الحكم خطأ فى الاسناد إذ الثابت بمحضر الجلسة المشار إليه هو أنه ".... وإن كانت الشركة المتظلمة لا تنكر صدور هذه السندات منها إلا أن السند الأصلى دليل ملكية البضاعة فيلزم تقديمه وإن كان عليه تظهير للبنك فهذا لا يمنع أن يكون على السند الأصلى تظهيرات أخرى لاحقة ومع ذلك فمراجعة الصور المقدمة تدل على أن التظهير تظهير على بياض ومثل هذا التظهير لا ينقل ملكية السند ولكنه يعتبر تظهيرا توكيليا فتظل ملكية البضاعة للشركة الشاحنة..." وهذا الثابت لا يحمل المعنى الذى حصله الحكم وإذا عول فى قضائه على تلك الصور العرفية فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أن سند الشحن وأن كان يمثل فى الأصل دليل الشاحن أو المرسل إليه قبل الناقل فى شحن البضاعة أو حق تسلمها عند الوصول وهو ما يمثل الطابع الشخصى لوظيفة السند إلا أنه يعد أيضا أداة. ائتمان فهو يمثل البضاعة المشحونة ذاتها ويقوم مقامها بحيث تندمج البضاعة فى سند الشحن ويعتبر حامله بمثابة حائز للبضاعة وإن كانت هذه الحيازة حيازة رمزية، فيمثل فيها الطابع العينى لوظيفة السند وإن كان أصل الشحن الإذنى المندمجة فيه البضاعة يتم تداوله بطريق التظهير فمن ثم يكون الحق فى استلام البضاعة للمظهر إليه الأخير الحائز لأصله. لما كان ذلك وكان مفاد نص المادة 390/ 2 من التقنين المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا حجية لصور الأوراق العرفية فى الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الاصل إذا كان موجودا فيرجع إليه كذليل للاثبات أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذ هى لا تحمل توقيع من صدرت منه والتوقيع بالإمضاء أو بصمة الختم أو بصمة الإصبع هو شرط أضفاء الحجية على الأوراق العرفية وكان المطعون ضده الأول - لم يقدم أصول سندات الشحن اكتفاء منه بتقديم صورها وكانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن تقديم تلك الصور لا يغنى عن تقديم الأصول لإثبات الحق المدعى به لكونها قابلة للتداول ولكون المظهر إليه الأخير هو وحده صاحب الحق فى البضاعة فإن الحكم المطعون فيه إذ عول فى قضائه بإلزام الطاعنة بثمن البضاعة على الصور وحدها واتخذ منها دليلا على ثبوت الحق للمطعون ضده الأول فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ولا يقدح فى ذلك ما ورد به ردا على ما تمسكت به الطاعنة من أنها.... "أقرت صراحة فى التظلم المرفوع منها عن أمر الحجز ضد البنك رقم 419 لسنة 1961 تجارى كلى بمحضر جلسة 24/ 4/ 1961 بمطابقة هذه الصور الأصل وبقبوله لها بحالتها دون اعتراض منها على صحة الظهيرات..." ذلك أنه وإن كان تفسير إقرارات الخصوم هو مما يستقل به قاضى الموضوع إلا أن ذلك مرهون بأن يكون التفسير ليس فيه خروج عن مدلول عباراتها وإذ كان ذلك وكان يبين من محضر الجلسة المشار إليه أنه ثبت على لسان الحاضر عن الطاعنة قوله "... وإن كانت الشركة المتظلمة لا تنكر صدور هذه السندات منها، وإلا أن السند الأصلى دليل ملكية البضاعة فيلزم تقديمه وأن كان عليه تظهير للبنك فهذا لا يمنع أن يكون على السند الأصلى تظهيرات أخرى لاحقة ومع ذلك للمراجعة الصور تدل على أن التظهير تظهير على بياض...." فإن هذا الذى أقرت به الطاعنة لا يفيد ما حصله الحكم ذلك من الإقرار بموافقة شحن البضاعة وإصدار سندات الشحن المثبتة لها والتمسك بضرورة تقديم الأصل كدليل على ملكية البضاعة ثم مناقشة التظهير الوارد بصورها الفوتوغرافية أحتياطيا لا يتحمل ما ذهب إليه الحكم من أن الطاعنة "أقرت صراحة بمطابقة الصور للاصل وبقبولها دون اعتراض منها على صحة التظهيرات" ويكون الحكم بذلك قد خرج بتفسيره عن مدلول العبارات الو رادة بمحضر الجلسة المشار إليه هذا فضلا عن أن رد الحكم المطعون فيه لا يواجه دفاع الطاعنة المؤسس على أن أصول السندات وهى من الأوراق القابلة للتداول بالتظهير يجوز أن تكون قد ظهرت إلى الغير بعد تصويرها فانتقلت ملكية الحق إليه ويكون النعى بهذا السبب فى محله..... وتقول الطاعنة فى بيان السبب الخاص أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 9/ 4/ 1962 يقضى ببطلان أمر الأداء المعارض فيه، فإن البطلان ينسحب بالضرورة على كافة ما صدر به سواء من حيث إلزام الطاعنة بالدين أو أمر به الحجز لصدورهما من ذات الآمر وهو رئيس الدائرة المختص بإصدار أوامر الأداء الذى لا يختص بإصدار أوامر الحجز إلا بالنسبة للديون التى يجوز استصدار أمر أداء بها وترتيبا على ذلك فإن ما قضى به الحكم الابتدائى - المؤيد بالحكم المطعون فيه - من صحة الحجزين الموقعين تحت يد الغير يكون فضلا عن مخالفته للقانون متعارضا مع قضائه السابق ببطلان أمر الاداء.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أن المادة 545 من قانون المرافعات السابق الذى صدر أمر الحجز فى ظله كانت تنص على أنه إذا لم يكن بيد الدائن سند تنفيذى أو كان دينه غير معين المقدار فلا يجوز الحجز إلا بأمر من قاضى الأمور الوقتيه بالمحكمة التابع لها المدين يأذن فيه بالحجز وبقدر دين الحاجز مؤقتا كما كانت المادة 858 من ذلك القانون تنص على أنه "إذا أراد الدائن فى حكم المادة 851 حجز ما يكون لمدينه لدى الغير وفى الأحوال التى يجوز فيها للدائن استصدار أمر من القاضى بالحجز التحفظى، بصدر أمر الحجز من القاضى المختص بأصدار الأمر بالآداء وذلك استثناء من أحكام المادتين 545، 604" ومفاد ذلك أن الأمر بتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير يصدر إما من قاضى الأمور الوقتية وإما من قاضى الأداء تبعا لطبيعة الدين المحجوز من أجله فان كان الدين من الديون التى تتوفر فيها شروط اصدار أمر الأداء لجأ الدائن إلى قاضى الأداء وإلا فإنه يلجأ إلى قاضى الأمور الوقتية، ويتبنى على ذلك أنه إذا صدر أمر الحجز من قاضى الأداء فى حالة لا تتوفر فيها شروط إصدار أمر الأداء فان الحجز يكون باطلا وكذلك العكس، لما كان ما تقدم وكان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 9/ 4/ 1962 قد قضى ببطلان أمر الأداء المعارض فيه بناء على أنه صدر فى غير الحالات التى يجوز فيها اصداره وكان أمر الحجز قد صدرا من ذات رئيس الدائرة المختص بأصدار أو أمر الآداء، فان ذلك يستتبع بطلانهما لأنه كان يتعين صدورهما من قاضى الامور الوقتية بالمحكمة بدلا من قاضى الأداء وإذا كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائى القاضى بصحة الحجزين تحت يد المطعون ضدهما الثانى والثالثة فانه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه لهذين السببين دون حاجة لبحث باقى اسباب الطعن.