أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 830

جلسة 30 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى كمال سليم وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الفقى؛ وأحمد سيف الدين سابق؛ ومحمد عبد الخالق بغدارى، وأحمد شيبة الحمد.

(147)
الطعن رقم 429 لسنة 42 القضائية

(1) إلتزام "المقاصة القانونية".
وقوع المقاصة القانونية. شرطه. خلو الدينين من النزاع وأن يكون كل منهما مستحق الأداء معلوم المقدار.
(2) قوة الأمر المقضى. حكم "الأسباب الزائدة".
منطوق الحكم والأسباب المتصلة به اتصالا حتميا. اكتسابها قوة الأمر المقضى. الاسباب الزائدة لا حجية لها.
(3) ملكية. حيازة. التزام "حق الحبس" تقادم "تقادم مكسب".
وضع يد المشترى على العين المبيعة بعد فسخ العقد استنادا إلى حقه فى حبسها لحين استرداد الثمن حيازة عرضية. عدم صلاحيتها لكسب الملكية بالتقادم.
1 - إذ كانت المقاصة القانونية، وعلى ما تقضى به المادة 362 من القانون المدنى تستلزم فى الدين أن يكون خاليا من النزاع مستحق الاداء أى محققا لا شك فى ثبوته فى ذمة المدين ومعلوم المقدار، وكان لا بد من اجتماع الشرطين، لأن المقاصة تتضمن معنى الوفاء الإجبارى لا يجبر المدين على دفع دين متنازع فيه أو دين غير معلوم المقدار وكان البين من الحكم المطعون فيه أن مورث المطعون ضدهم - البائع - نازع مورث الطاعنين - المشترى - فى قيمة المدفوع له من الثمن - بمقتضى العقد الذى قضى بفسخه - وأنكر عليه استحقاقه لفوائد ما دفعه كما نازعه فى قيمة ما أجراه من إصلاحات وما أقامه من المبانى وما أداه من أموال أميرية بما استوجب ندب خبير لتقدير ذلك. فإن مؤدى ذلك تخلف الشرطين الواجب توافرهما لإجراء المقاصة القانونية.
2 - من المقرر أنه لا يجوز من الحكم قوة الأمر المقضى سوى منطوقة وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالا حتميا بحيث لا تقوم له قائمة إلا به، وإذ كان ما ورد بأسباب الحكم الاستئثاقى لا يجوز قوة الأمر المقضى لأنه جاء زائدا على حاجة الدعوى ولم يؤسس الحكم قضاءه عليه، فإن النعى يكون فى غير محله.
3 - إذا واجه الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنين باكتساب مورثهم - المشترى - الذى قضى بفسخ عقد شرائه ملكية أعيان النزاع بوضع اليد المدة الطويلة وانتهى إلى أن حيازته لها كانت حيازة عرضية بنية التملك فلا تصلح غير مقترنة سببا لكسب الملكية بالتقادم، إذا أن وضع يده كان مستندا إلى حقه فى حبس الأعيان المبيعة حتى يستوفى مقدم الثمن وقيمة الإصلاحات التى أجراها، وكانت هذه الأسباب سائغة وتكفى لحمل قضائه، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالقصور أو بمخالفة القانون فى غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى اوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر اوراق الطعن - تتحصل فى أن مورث الطاعنين اقام الدعوى رقم 686 لسنة 1946 مدنى كلى طنطا على مورث المطعون ضدهم بطلب الحكم بالزامه بأن يدفع له مبلغ 1940 جنيه، وقال بيانا لها أنه بمقتضى عقد عرفى مؤرخ 7 من إبريل سنة 1941 اشترى من مورث المطعون ضدهم أرضا زراعية مساحتها 15 فدان و4 قراريط و13 سهم لقاء ثمن قدره 1205 جنيها دفع له منه مبلغ 940 جنيها إلا أن البائع أقام ضده الدعوى رقم 785781 لسنة 1944 مدنى المحلة بطلب فسخ العقد وتسليم العقد العين المبيعة وقضى له فيها بطلباته بتاريخ 21 من مايو سنة 1944 ولما كان قد اتفق على اصلاح الاعيان المبيعة مبلغ 800 جنيه وأقام عليها مبانى تقدر قيمتها بمبلغ 200 جنيه فيكون له قبل البائع مبلغ 1940 جنيه فرفع الدعوى للمطالبة به واقام مورث المطعون ضدهم الدعوى رقم 839 لسنة 1946 مدنى كلى طنطا على مورث الطاعنين بطلب الزام مورث الطاعنين بأن يدفع له مبلغ 1400 جنيه قيمة ريع الأطيان المبيعة من تاريخ التعاقد حتى اكتوبر سنة 1946 وما يستجد بواقع 25 جنيه للفدان من أكتوبر سنة 1946 حتى التسليم وقال بيانا لدعواه أنه وقد انتهت المحكمة فى الدعوى رقم 181 لسنة 1944 المحلة إلى الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 7/ 4/ 1941 وتسليم العين المبيعة واستمر المشترى واضعا يده على تلك الأطيان فانه يلتزم بريعها. وبتاريخ 3 من يونية سنة 1947 قضت المحكمة برفض الدعوى رقم 839 لسنة 1946 مدنى كلى طنطا وندبت خبيرا فى الدعوى رقم 686 لسنة 46 مدنى كلى طنطا لتقدير قيمة الأطيان وبيان المبانى التى أقامها المشترى وقيمتها وما أجراه من إصلاحات، استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 326 لسنة 3 قضائية الإسكندرية وبتاريخ 27 من مارس سنة 1949 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف الصادر فى الدعوى رقم 839 لسنة 1946 وندبت خبيرا لتقدير ريع الأعيان المبيعة من بدء وضع يد المشترى عليها حتى شهر أكتوبر سنة 1946 ثم إلى أن يتم تسليمها لمورث المطعون ضدهم وبتعديل الحكم التمهيدى الصادر فى الدعوى رقم 686 لسنة 1946 يجعل مهمة الخبير الذى ندبته محكمة أول درجة تقدير قيمة ما أجراه المشترى من اصلاحات ضرورية كانت أو كمالية.. وبعد أن قدم الخبير المنتدب لتقدير الريع تقريره قضت المحكمة بتاريخ 26 من مايو سنة 1953 بالزام مورث الطاعنين بأن يدفع للمطعون ضدهم مبلغ 1095 جنيه و493 مليما على ألا ينفذ هذا الحكم إلا بعد الفصل نهائيا فى الدعوى 686 لسنة 1946 واثناء نظر هذه الدعوى وجه المطعون ضدهم دعوى فرعية لمورث الطاعنين يطلب الزامه بأن يدفع لهم مبلغ 2475 جنيها منها قيمة الريع المستحق لهم من سنة 1952 إلى سنة 1961 وتسليم اعيان النزاع وبعد أن ندبت المحكمة خبيرا فى الدعوى وقدم تقريره قضت بتاريخ 29 من يناير سنة 1969 فى الدعوى الأصلية برفضها وفى الدعوى الفرعية بالزام مورث الطاعنين بأن يدفع لمورث المطعون ضدهم مبلغ 1098 جنيه 374 مليما وأن يسلمه أعيان النزاع بما عليها من منشات - استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا وقيد برقم 132 لسنة 17 قضائية وبتاريخ 19 من مايو سنة 1970 قضت المحكمة بندب خبير لتقدير ريع اعيان النزاع على أساس القيمة الإيجارية وبيان ما قام به مورث الطاعنين من اصلاحات خلال المدة من أول يناير سنة 1952 حتى نهاية سنة 1962 وتقدير قيمتها. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 18 من ابريل سنة 1972 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة ابدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على أسباب ثلاثة، يثعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت فى الاوراق، وفى بيان ذلك يقولون أنه وقد قضت محكمة الاستئناف فى 26 من مايو سنة 1953 بالزام مورثهم بأن يدفع للمطعون صدهم مبلغ 1095 جنيه و493 مليما قيمة الريع المستحق من تاريخ عقد البيع حتى نهاية سنة 1951 وتضمنت أسباب الحكم المكملة لمنطوقه أن مورثهم دفع الثمن 940 جنيه وأجرى أصلاحات محل بحث محكمة أول درجة وأن للمشترى حق حبس العين وريعها حتى يستوفى ما دفعه من ثمن وما أنفقه فى الإصلاحات وحاز هذا القضاء قوة الأمر المقضى فأصبح حق مورثهم فى استرداد ما دفعه من الثمن وفوائده خاليا من النزاع كما صار حق المطعون ضدهم فى الريع معين المقدار وخاليا من النزاع الأمر الذى تقع معه المقاصة القانونية بين الدينين وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أهدر حجية الحكم المشار اليه وخالف القانون والثابت فى الأوراق.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كانت المقاصة القانونية، وعلى ما تقضى به المادة 362 من القانون المدنى، تستلزم فى الدين أن يكون خاليا من النزاع مستحق الأداء أى محققا لا شك فى ثبوته فى ذمة المدين ومعلوم المقدار، لا بد من اجتماع الشرطين، لأن المقاصة تتضمن معنى الوفاء الإجبارى، لا يجبر المدين على دفع دين متنازع فيه أو دين غير معلوم المقدار، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن مورث المطعون ضدهم قد نازع مورث الطاعنين فى قيمة المدفوع له من الثمن وأنكر عليه استحقاقه لفوائد ما دفعه، كما نازعه فى قيمة ما أجراه من إصلاحات وما أقامة من المبانى وما أداه من أموال أميرية بما استجوب ندب خبير بتاريخ 3 من يونيه سنة 1947 أعيدت له المأمورية لفحص ما قدم من اعتراضات، واستطال النزاع أمام محكمة ثانى درجة فنعى الطاعنون على الخبير عدم احتساب مبالغ أنفقتها مورثهم فى إصلاح الأطيان المبيعة وأنه قدر ريعها على أساس القيمة الإيجارية فندبت المحكمة فى 19 من مايو سنة 1970 خبيرا آخر لبيان هذه العناصر وكان مؤدى ذلك تخلف الشرطين الواجب توافوهما لإجراء المقاصة القانونية، لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يجوز من الحكم قوة الأمر المقضى سوى منطوقه وما هو متصل بهاذ المنطوق من الأسباب اتصالا حتميا بحيث لا تقوم له قائمة إلا به، فإن ما ورد فى أسباب الحكم الاستئنافى الصادر بتاريخ 26/ 5/ 1953 من أنه لا نزاع فى أن المستأنف ضده قد دفع من الثمن 940 جنيها وقام بإصلاحات موضوع بحث محكمة أول درجة ولا مراء فى أن المستأنف ضده يحق له حبس العين وريعها حتى يوفى له البائع ما قبضه من الثمن وفوائده وقيمة الإصلاحات.. لا يحوز قوة الأمر المقضى لأنه جاء زائدا على حاجة الدعوى ولم يؤسس الحكم قضاءه عليه ومن ثم يكون النعى بهذا السبب فى غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبيين الثانى والثالث على الحكم المطعون مخالفة القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الدرجة الثانية بتملكهم أعيان النزاع بوضع يدهم ومورثهم قبل المدة الطويلة منذ سنة 1955 بعد ان نقضى حق الحبس لوقوع المقاصة بين ما يستحقه البائع من ريع وما يستحقه المشترى من مقدم الثمن وفوائده وما أنفقه فى اصلاح الأعيان المبيعة وإنه وإن كانت المادة 972 من القانون المدنى تنص فى فقراتها الأولى على أنه "ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته" إلا أنها نصت فى الفقرة الثانية منها على "أنه يستطيع أن يكسب بالتقادم إذا تغيرت صفة حيازته اما بفعل الغير أو بفعل منه يعتبر معارضة لحق المالك.." وقد أنكر مورثهم أى حق للبائع على الأعيان المبيعة وبهذه المجابهة تغيرت صفة حيازته وتملك تلك الأعيان بوضع اليد المدة الطويلة الذى توافرت له شرائطه القانونية، ويترتب على كسب ملكية هذه الأطيان بالتقادم أن تكون ثمارها حقا لهم من تاريخ بدء حيازة مورثهم لها إذ ترتد ملكية الحائز إلى بدء وضع يده وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهرى فإنه يكون مشوبا بالقصور ومخالفا للقانون.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين على ما قرره من أن ما أثاره المستأنفون - الطاعنون - بشأن تملك مورثهم وهم من بعده لأطيان النزاع بالتقادم مردود بأن مورثهم أنما يستند فى حيازته للأطيان محل النزاع إلى حقه فى حبسها حتى يستوفى مقدم الثمن وفوائده وقيمة الإصلاحات التى أو جدها بالأطيان وقد أقر له بهذا الحق الحكم الصادر فى الاستئناف رقم 117 لسنة 6 ق طنطا ..... هذا بالإضافة إلى إنه طبقا لحكم المادة 972 من القانون المدنى فانه ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ولا الأصل الذى تقوم عليه هذه الحيازة ولا يجدى فى هذا المجال الاحتجاج بسكوت مورث المستأنف ضدهم عن تنفيذ الحكم الصادر له بالتسليم وهو حكم الفسخ ذلك أن تنفيذ هذا الحكم مشروط بسداد الثمن المدفوع وفوائده والذى يقابله حق المستأنف عليهم فى الريع الأمر الذى ما يزال حتى الآن محل النزاع فى الدعوى المنظورة والتى لم يفصل فيها بعد نهائيا وبذلك يكون ما أثاره المستأنفون من تملك مورثهم لأعيان النزاع بالتقادم على غير اساس من القانون والواقع ويتعين لذلك اطراحه ومن ثم فقد واجه الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنين باكتساب مورثهم ملكية أعيان النزاع بوضع اليد المدة الطويلة وانتهى إلى أن حيازته عرضية غير مقترفة بنية التملك فلا تصلح سببا لكسب الملكية بالتقادم، إذ أن وضع يده كان مستندا إلى حقه فى حبس الأعيان المبيعة حتى يستوفى مقدم الثمن وفوائده وقيمة الاصلاحات التى أجراها، وكانت هذه الأسباب سائغة وتكفى لحمل قضائه، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالقصور أو بمخالفة القانون فى غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.