مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1160

(113)
جلسة 25 من أبريل 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور/ محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 1070 لسنة 8 القضائية

( أ ) طعن - بطلان - تحديد شخص المختصم فى تقرير الطعن - من البيانات الجوهرية التى يترتب على اغفالها البطلان - أساس ذلك من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة.
(ب) طعن - صفة - سكك حديدية - اختصام وزير الموصلات بصفة رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للسكك الحديدية - خلو الطعن من ذكر هذه الصفة - لا يقدح فى صحة الطعن مادام أن هذه الصفة مقررة له قانونا دون حاجة الى هذا البيان وقد أخطر بمضمون الطعن وأعلم به اعلاما كافيا على أساس هذه الصفة.
(جـ) موظف - ترقية - ارجاء الوزير ترقية الموظف بعد اقتراحها من لجنة شئون الموظفين - اقتران الارجاء بشواهد قاطعة على أن حقيقته هى الاعتراض على الترقية - مثال.
(د) قرار ادارى - طعن - الغاء - الطعن بالالغاء على قرار معين - شموله لجميع القرارات المرتبطة به - مقصور على ما كان لاحقا للقرار المطعون عليه دون السابق منها.
1 - لا شبهة فى أن تحديد شخص المختصم هو من البيانات الجوهرية التى يترتب على اغفالها بطلان الطعن لأن الغرض الذى رمى اليه الشارع فيما أورده فى المادة 16 آنفة الذكر من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة من ذكر البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم فى تقرير الطعن انما هو اعلام ذوى الشأن بمن رفع الطعن من خصومهم فى الدعوى وصفته اعلاما كافيا.
2 - ان الطعن قد اختصم أصلا وزير المواصلات الذى أصدر القرار المطعون فيه باعتباره صاحب الاختصاص فى اصدار هذا القرار وبالتالى صاحب الصفة الأول فى أن يختصم فى الطعن مما لا محل معه بعد ذلك للتمسك بأن الطعن جاء خلوا من ذكر عبارة أن وزير المواصلات هو رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية مادام أن هذه الصفة مقررة له قانونا دون حاجة الى هذا البيان وقد أخطر بمضمون الطعن وأعلم به أعلاما كافيا على أساس هذه الصفة ومن ثم يتعين القضاء برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه على غير ذى صفة.
3 - ان ارجاء النظر فى ترقية الموظف بعد اقتراحها من لجنة شئون الموظفين لا يخرج عن كونه اعتراضا من الوزير على اجرائها رغم حلول ميعادها ورفضا لمقترحات اللجنة فى خصوصها بعدم اعتمادها ضمن من اعتمد الوزير ترقيتهم الى الدرجة الثالثة فى 29 من أبريل سنة 1959، اذ لا شبهة فى أن الترقيات رهينة بأوقاتها وبمواعيد حلول الدور على من يستحقها، فاذا لم تصادف المستحق فى أوانها، فاته ركب المرقين من أنداده وتحقق التخطى. وفى خصوص الدعوى الحاضرة قد تبين من مساق الوقائع أن المدعى اعترض فعلا على اقتراح ترقيته الى الدرجة الثالثة، ولم يكن فى وسع الوزير، حيال اعتراضه، الا أن يستجيب لاعتذاره ولهذا أوصى بعرض أرجاء ترقيته على اللجنة للنظر ووافقته اللجنة فى 3 من مايو سنة 1959 على هذا الارجاء ولم يتغير من بعد ذلك موقف اللجنة - بعد تأييد سبب الاعتذار من جانب القومسيون الطبى العام - وعلى ذلك تابعت اللجنة الوزير فى اعتراضه على ترقية المدعى بدليل قيامها عقب ذلك بترشيح الدكتور محمد حسن وهدان للترقية على الدرجة الباقية. فالملابسات التى صدر فيها امتناع الوزير عن ترقية المدعى مع من رقاهم فى 29 من أبريل سنة 1959 من جهة ان هذا الامتناع كان مسبوقا باعتذار المدعى عن قبول الترقية، وما أعقب ذلك من ترقية الدكتور محمد حسن وهدان على الدرجة الشاغرة التى كان يتعلق بها حق المدعى بحكم أقدميته لولا الاعتبارات الصحية التى حالت بحق دون ترقيته، كل هذه الملابسات والشواهد قاطعة فى أن حقيقة هذا الارجاء الظاهر هو الاعتراض الساطع على اجراء ترقية المدعى فى ميعادها بناء على اعتذاره عن قبولها وهذا الاعتراض من الوزير كان مبنيا على ذات الأسباب التى قامت عليها ظلامة المدعى الى الوزير قبل أن يهم باعتماد ترقيته.
4 - ليس صحيحا أن الطعن بالالغاء الموجه الى قرار ما يشمل جميع القرارات المرتبطة به اذ أنه لا يتناول من هذه القرارات الا ما كان لاحقا للقرار المطلوب الغاؤه أما القرارات السابق صدورها على القرار المطلوب الغاؤه فان الطعن بالالغاء لا يشملها.


اجراءات الطعن

بتاريخ 26/ 4/ 1962 أودع الدكتور مصطفى محمد المشد عريضة طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 11/ 1/ 1962 فى الدعوى رقم 1481 لسنة 14 ق المرفوعة من الدكتور مصطفى محمد المشد ضد وزارة المواصلات والهيئة لعامة لشئون السكك الحديدية القاضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفى الموضوع برفضها والزام المدعى المصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار الصادر فى 19/ 5/ 1960 فيما تضمنه من تحديد أقدميته فى الدرجة الثالثة من 30/ 4/ 1960 والحكم بتعديلها الى أبريل 1959 تاريخ عرض القرار الأول ومن قبيل الاحتياط بعد انقضاء شهر من هذا التاريخ مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الوزارة المصروفات ومقابل اتعاب المحاماة وقد اعلن الطعن الى الحكومة فى 6/ 6/ 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/ 12/ 1963 وأخطرت الحكومة والمدعى فى 4/ 12/ 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة احالة الدعوى الى المحكمة الادارية العليا وحددت لذلك جلسة 31/ 1/ 1965 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ملاحظات ذوى الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت أرجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن المدعى أقام دعواه طالبا الحكم بالغاء القرار الصادر فى 19 من مايو سنة 1960 فيما تضمنه من تحديد أقدميته فى الدرجة الثالثة اعتبارا من 30 أبريل سنة 1960 والحكم بتعديلها واعتباره فى الدرجة الثالثة من ابريل سنة 1959 وما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة لأقدميته فى الدرجة الثالثة وصرف فرق المرتب خلال هذه المدة اليه والزام الحكومة المصروفات والأتعاب. وقال فى بيان ذلك أن لجنة شئون الموظفين بالهيئة العامة للسكك الحديدية وهو يعمل طبيب بها. اجتمعت فى 23 من ابريل سنة 1959 وقررت ترقية الطالب بالأقدمية الى الدرجة الثالثة المخصصة لوظيفة مفتش طبى متفرغ ولما كانت حالة المدعى الصحية لا تساعدة على القيام بأعباء هذه الوظيفة لما تتطلبه من التنقل المستمر ما بين أسوان وبنى سويف فقد تقدم بطلب الى السيد الوزير فى 26 من ابريل سنة 1959 لاعفائه من شغل هذه الوظيفة الجديدة وبتاريخ 29 من ابريل سنة 1959 اعتمد وزير المواصلات محضر لجنة شئون الموظفين فيما عدا ترقية الطالب فقد رأى تأجيل النظر فيها استنادا الى الالتماس المقدم منه المؤرخ 26 من ابريل سنة 1959 على أن يصرف الطالب مرتبه على الدرجة الموصى بترقيته اليها كما أشر بعرض أمره على لجنة شئون الموظفين للنظر. وبعرض الأمر على هذه اللجنة قررت بجلستها المنعقدة فى 3 من مايو سنة 1959 ارجاء ترقية الطالب الى الدرجة الثالثة مع صرف مرتبه على تلك الدرجة وعرض على القومسيون الطبى العام للنظر فى شكواه وصدر القرار الوزارى رقم 219 بتاريخ 11 من مايو سنة 1959 ليصرف الطالب مرتبه من ربط الدرجة الثالثة المخصصة لوظيفة مفتش طبى. ولما فحص القومسيون الطبى العام المدعى أفاد بأن مرضه يتعارض فعلا مع عمل يستدعى كثرة السفر والانتقال لاحتمال حدوث نكسات أو مضاعفات الا أن لجنة شئون الموظفين رأت فى 27/ 9/ 1959 أن تستطلع ديوان الموظفين الرأى فى هذا الموضوع الذى سألها عما اذا كانت الوظيفة المطلوب الترقية عليها هى الوظيفة الوحيدة الموجودة بالقسم الطبى ولماذا لا يرقى الى وظيفة أخرى غير وظيفة المفتش فأجابته الهيئة بأن جميع الدرجات مشغولة وأن درجة المفتش المتفرغ هى الوحيدة التى يمكن أن يشغلها المدعى وانتهى الأمر بأن أبدى ديوان الموظفين رأيه بتاريخ 29/ 12/ 1959 بأن المرض لا يعتبر سببا يجيز التخطى فى الترقية لان أسباب التخطى وردت فى قانون موظفى الدولة على سبيل الحصر ولم يرد من بينها المرض وأن تخصيص الدرجة لا يؤثر فى هذا الشأن لان المشرع ينظر الى اللياقة الطبية فى الترقية الى الدرجة العادية والدرجة المخصصة نظرة واحدة ومن ثم فان الهيئة يجب أن ترقى المدعى الى الدرجة الثالثة المخصصة فى الميزانية ولا يؤثر المرض الا من ناحية تقدير درجة كفاية الموظف عن تأدية الوظيفة وأعيد عرض موضوع ترقية المدعى على لجنة شئون الموظفين بالهيئة بجلستها المنعقدة فى 26 من ابريل سنة 1960 فقررت ترقيته الى الدرجة الثالثة المخصصة لوظيفة مفتش طبى متفرغ واعتمد وزير المواصلات محضر اللجنة فى 30 ابريل سنة 1960 وصدر القرار الوزارى رقم 283 بتاريخ 19 من مايو سنة 1960 بترقية الطالب للدرجة الثالثة اعتبارا من 30 أبريل سنة 1960 - واذ علم المدعى أن أقدميته فى الدرجة الثالثة قد تحددت فى ابريل سنة 1960 حتى تظلم من ذلك الى الهيئة العامة للسكك الحديدية طالبا اعتبار أقدميته فى الدرجة الثالثة راجعة الى 29 بريل سنة 1959 باعتبار أن القرار الصادر فى 19 من مايو سنة 1960 انما هو قرار كاشف للقرار الأول وأبان المدعى فى تظلمه أن من يليه فى أقدمية الدرجة الرابعة وهو الدكتور محمد حسين وهدان رقى الى الدرجة الثالثة اعتبارا من 22 يوليو سنة 1959 وأصبح سابقا له فى تلك الدرجة ولما لم يتلق المدعى ردا على تظلمه المؤرخ 11 يونيو سنة 1960 رفع دعواه واستطرد المدعى يقول ان القرار الصادر فى 19 من مايو سنة 1960 صدر مخالفا للقانون اذ جعل أقدمية المدعى راجعة الى 30 ابريل سنة 1960 مع ان تأخير الترقية الى هذا التاريخ لم يكن مرجعه خطأ أو تقصير نسب اليه وانما تأخرت الترقية عندما التمس المدعى اعفاءه من شغل الوظيفة بسبب حالته الصحية وتبين صحة الأسباب التى بنى عليها الالتماس الا ان الادارة أهدرت رأى الجهة الفنية وآثرت أن ترقى الطالب الى الدرجة الثالثة وكان الطبيعى أن تعود أقدميته فى الدرجة الثالثة الى 23 من ابريل سنة 1959 تاريخ اعتماد لجنة شئون الموظفين للترقية أو تاريخ 29 أبريل سنة 1959 تاريخ اعتماد الوزير لقرار اللجنة ومن المعلوم أن أساس الترقية بالأقدمية المطلقة ولا يجوز تخطى صاحب الأقدمية بغير مسوغ قانونى ويضاف الى ذلك أن الوزير فى ابريل سنة 1959 كان قد احتفظ للطالب بالدرجة الثالثة وأمر ان يتم صرف مرتبه من الاعتماد المخصص لتلك الدرجة وفضلا عن عيب مخالفة القانون فان القرار المطعون فيه مشوب بعيب اساءة استعمال السلطة وهذا العيب يتحقق بخروج الادارة عن روح التشريع والاصل فى التشريع مراعاة الأقدمية خاصة وأن قرار الوزير فى هذا النزاع قرار له طبيعة قضائية وان صدر من جهة الادارة ومعروف أنه متى صدر حكم قضائى يكون كاشفا للحق من وقت عرض النزاع والثابت ان المدعى قد رفع طلبه للوزير فى أبريل سنة 1959 ورأى سيادته ارجاء الفصل فى الترقية حتى يبدى القومسيون الطبى العام رأية فحق المدعى فى الحصول على الترقية وتحديد أقدميته كان يتعين أن يرجع الى تاريخ رفع المنازعة للوزير. وأجابت الهيئة العامة للسكك الحديدية على الدعوى بأن دفعت بعدم قبولها لأن التكييف الصحيح لطلب المدعى أنه طعن فى القرار الصادر فى 11 مايو سنة 1959 فيما تضمنه من عدم ترقية المدعى الى الدرجة الثالثة مع أن هذا القرار نشر فى 15/ 6/ 1959 وتحصن بعدم الطعن فيه فى المواعيد القانونية - كما أن طلب المدعى يتضمن الطعن فى القرار الصادر بترقية الدكتور محمد حسن وهدان الى الدرجة الثالثة فى 30/ 7/ 1959 وفى هذا أيضا تكون الدعوى رفعت بعد الميعاد لان القرار نشر فى 31/ 8/ 1959 ولم ترفع الدعوى الا بعد انقضاء الميعاد الذى - حدده القانون - وبالنسبة للموضوع طلبت الادارة رفض الدعوى على أساس أن لجنة شئون الموظفين عندما انعقدت فى 23/ 4/ 1959 كان أمامها 3 درجات ثالثة مخصصة لوظائف المفتشين الطبيين وأوصت اللجنة بترقية 3 أطباء هم الدكتور احمد أحمد سليم الحاصل على الدرجة الرابعة فى 23/ 4/ 1951 والدكتور مصطفى كامل فهمى الحاصل على الدرجة الرابعة فى 24/ 9/ 1953 واخيرا المدعى وأقدميته فى الدرجة الرابعة ترجع الى 24/ 11/ 1956 ولما طلب المدعى اعفاءه من الترقية بسبب حالته الصحية صدرت الحركة قاصرة على الطبيبين أحمد أحمد سليم ومصطفى كامل فهمى دون شغل الوظيفة الثالثة وليس من شك أن اختيار الوقت لشغل درجة من الدرجات الشاغرة من الملائمات التقديرية التى تترخص جهة الادارة فيها وفق مقتضيات المصلحة العامة وان طلب المدعى ارجاع اقدميته فى الدرجة الثالثة الى أبريل سنة 1959 معناه ارغام الادارة على اصدار قرار فى وقت معين الأمر الذى يخرج عن ولاية القضاء واشارت الادارة الى حكم المادة 36 من قانون موظفى الدولة التى تنص على ان تعتبر الترقية نافذة من تاريخ صدورها واذا يكون طلب المدعى رد أقدميته فى الدرجة الثالثة الى ما قبل صدور قرار ترقيته الى هذه الدرجة طلبا لا سند له من القانون.
وبجلسة 11/ 1/ 1962 قضت محكمة القضاء الادارى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفى الموضوع برفضها والزام المدعى المصروفات. واقامت المحكمة قضاءها على أن المدعى يوجه طعنه الى القرار المطعون فيه دون غيره فلا محيص والحالة هذه من نظر الدعوى على أساس قصد المدعى ويكون من الاعنات القول بأن المدعى انما يقصد الغاء القرار الصادر فى 29/ 4/ 1959 أو القرار الصادر فى 22/ 7/ 1959 ويكون الدفع المبدى من الادارة غير سائغ ولما كان المدعى قد تظلم من القرار المطعون فيه الصادر فى 19 من مايو سنة 1960 وذلك بتظلمه المؤرخ 11/ 6/ 1960 ولما لم ترد عليه الادارة أقام الدعوى فى 31/ 9/ 1960 لذلك تكون مرفوعة فى الميعاد القانونى. وبالنسبة للموضوع اشارت المحكمة الى نص المادة 36 من قانون موظفى الدولة بأنه صدر قرار الترقية من الوزير المختص وأن مفاد ذلك أن الترقية لا تتاح ولا ينشأ المركز القانونى الخاص بالموظف الا بصدور قرار من الوزير الذى خوله القانون دون غيره سلطة أصداره فاذا كان الوزير لم يصدر قراره بترقية المدعى الى الدرجة الثالثة الا فى أبريل سنة 1960 فلا يملك المدعى أن يحتج بمركز قانونى لم ينشأ له قط الا فى ذلك التاريخ ومتى كان القرار المطعون فيه سليما قانونا فتتحول الدعوى الى حمل جهة الادارة على ترقية المدعى فى أبريل سنة 1959 الأمر الذى يدخل فى صميم الملاءمة التقديرية للجهة الادارية تترخص فيه وفقا لمقتضيات الصالح العام بلا تعقيب عليها.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن طلب المدعى يتكون فى حقيقته من شقين الشق الأول من طلباته هو الغاء القرار الصادر فى 19 من مايو سنة 1960 فيما تضمنه من تحديد أقدميته فى الدرجة الثالثة فى 30 ابريل سنة 1960 والشق الثانى هو الحكم بتعديل أقدميته واعتباره فى الدرجة الثالثة من أبريل سنة 1959 وما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة لأقدميته فى الدرجة الثالثة وصرف فروق المرتب خلال هذه المدة اليه والزام الحكومة المصروفات. وقد شاب الحكم المطعون فيه قصور معيب كما أنه خالف القانون فى قضائه اذ أغفل التعرض للشق الاول من طلبات الطاعن اغفالا تاما واقتصر على الرد على الطلب الثانى دون اعتبار لظروف الدعوى. والطاعن فى الموقف الذى اتخذه حيال الادارة كان يمنى نفسه أن تفوته الترقية وهو موقف شاذ ولكن لما قضى الأمر تحولت نيته فى الطعن الى المطالبة باسترداد حقوقه كاملة والنطاق الحقيقى لطعنه لا يقتصر على اعادة أقدميته الى تاريخها الحقيقى بل يشمل أسباب مخالفة القانون التى عابت ذلك القرار فاذا كان تأخير ترقيته قد أدى الى مخالفة القانون بترقية الدكتور وهدان قبله فانه لا يحتاج الى الطعن فى ترقية الدكتور وهدان ما دامت هى لاحقة للتاريخ الذى يجب أن ترد اليه أقدميته وهو مايو سنة 1959 والواقع أن ترقية الدكتور وهدان اثناء تأجيل ترقية الطاعن انما هى من اسباب بطلان القرار المطعون فيه اكثر منها طعنا قائما بذاته وبذلك يكون الطعن فى ترقيته جزءا لا يتجزأ من الطعن فى قرار تأجيل ترقية المدعى حتى مايو سنة 1961 ويضيف الطاعن فى طعنه أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لأسباب مخالفة القرار المطعون فيه للقانون مما يؤدى الى قصوره وهذه الأسباب هى الآتية: 1 - توجب المادة 28 من قانون موظفى الدولة على الوزير اما أن يوافق على قرار لجنة شئون الموظفين عند عرضه عليه أو يبين اعتراضه كتابة خلال شهر من تاريخ رفعه اليه والا اعتبر محضر اللجنة معتمدا وينفذ وان يحدد للجنة اجلا للفصل فى اعتراضه الا ان الوزير لم يتخذ هذا السبيل الواضح واتخذ سبيلا هو أقرب للموافقة على قرار اللجنة وينصبها حكما بلا قيد للفصل فى قرارها. 2 - ترقية الدكتور وهدان فى فترة بحث تظلم الطاعن بحيث سبقه فى الاقدمية خلافا للقانون اذ كان يجب على الادارة ألا تتخطى الطاعن بأى حال فى فترة بحثها لتظلمه دون أن يقوم به سبب من أسباب التخطى المنصوص عليها فى القانون. 3 - اطراح لجنة شئون الموظفين رأى القومسيون الطبى بعد ان ارتضته حكما وهو الذى حذرها أن تسند الى الطاعن الوظيفة التى يريد اسنادها اليه. 4 - الاعتماد على تفسير متناقض خاطئ لديوان الموظفين فقد ناقض الديوان نفسه اذ اعترف بأن المرض من عناصر تقدير كفاية الموظف وقدرته على العمل والانتاج ثم رفض أن يعتبره سببا لتخطى الطاعن فى الترقية وكان على لجنة شئون الموظفين ان تتخطى الطاعن فى ترقية لن يستطيع القيام بأعبائها. 5 -مخالفة القرار للمبادئ العامة فى القانون وذلك بما شابه من الاعتداء على حقوق الانسان بارغام موظف على عمل لا طاقة له به. واستطرد الطاعن يقول فى طعنه ان موقف الوزير عند عرض قرار لجنة شئون الموظفين عليه لا يتفق مع ما قصده قانون موظفى الدولة فى المادة 28 من الاعتراض المسبب الذى يبديه الوزير طبقا للقانون اذ المقصود بذلك أن يضع الوزير وجهة نظره الخاصة واضحة محددة فى مواجهة وجهة النظر المرفوعة اليه بغير أن يجعل من اللجنة جهة لنظر التظلمات التى ترفع اليه وخصما وحكما فى الوقت ذاته بأن يفوضها بلا قيد فى الفصل فى تصرفها باعادته اليها بدون أسباب وهى ليست الا جهة مرؤسة ومن ثم لا يكون موقف الوزير اعتراضا جديا كما أن ارادة القانون وسكوتها يجعل القرار ينفذ من تلقاء ذاته كما قضى القانون - وخالف الوزير نص القانون من ناحية أخرى اذ لم يحدد للجنة أجلا للبت فى تصرفه وكان من الواجب على الوزير أن يثبت رأيه اما بالموافقة الصريحة أو بالاعتراض المسبب محددا للجنة أجلا للبت فيه حتى لا يتعرض الطاعن لما يتعرض له من تأجيل ترقيته وتعليق أمره سنة كاملة ولما كان الاعتراض الباطل من جانب الوزير يساوى عدم الاعتراض فى تجرده من القيمة القانونية لذلك يكون من حقه أن يطلب انقاذ قرار ترقيته الأول فى حقه واعتباره مرقى من ذلك الحين ومن باب الاحتياط من تاريخ انقضاء شهر على عرضها على الوزير.
ومن حيث ان الحكومة دفعت فى مذكرتها ببطلان عريضة الطعن وبنت هذا الدفع على ان الطاعن لم يبين فى صحيفة طعنه أسماء الخصوم وصفاتهم الذين يختصمهم فى طعنه وكذلك دون أن يبين محلات اقامتهم الأمر الذى يجعل عريضة الطعن باطلة ولا يصحح من هذا البطلان أن تقوم سكرتارية المحكمة الادارية العليا بارسال عريضة الطعن لادارة قضايا الحكومة للحضور اذ ان عدم اشتمال العريضة على هذه البيانات من الاجراءات الجوهرية المبطلة لها. كما دفعت الحكومة احتياطيا بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه على غير ذى صفة لأن الطاعن لم يرفع طعنه ضد السيد وزير المواصلات بوصفه رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية التى تمثلها فى التقاضى. وأيدت الحكومة الحكم المطعون فيه فيما قضى به واضافت انه اذا فرض جدلا ان دعوى الطاعن تكيف على أنها طعن فى قرار الترقية رقم 219 الصادر فى 11/ 5/ 1959 فان هذا القرار قد نشر فى النشرة النصف شهرية التى أصدرتها الهيئة العامة للسكك الحديدية فى 15/ 6/ 1959 ولم يتظلم منه الطاعن فى الميعاد المنصوص عليه فى القانون كما لم يرفع دعواه خلال الميعاد المقرر قانونا وتكون دعواه غير مقبوله - وانه اذا كانت دعوى الطاعن تتضمن طعنا فى القرار رقم 34 الصادر فى 30/ 7/ 1959 بترقية الدكتور محمد حسن وهدان الى الدرجة الثالثة فان هذا القرار هو الآخر قد نشر فى نشرة المصلحة النصف شهرية بتاريخ 31/ 8/ 1959 ولم يتظلم منه الطاعن فى الميعاد. كذلك لم يرفع دعواه فى الميعاد ومن ثم تعتبر دعواه غير مقبولة بالنسبة أيضا لهذا القرار وانتهت الحكومة فى مذكرتها الى طلب الحكم برفض الطعن والزام الطاعن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
( أ ) عن الدفع ببطلان صحيفة الطعن:
من حيث ان المادة 16 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة تنص على أن "يقدم الطعن من ذوى الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة الادارية العليا موقع عليه من محام من المقبولين أمامها ويجب أن يشتمل التقرير علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان بالاسباب التى بنى عليها الطعن وطلبات الطاعن فاذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه" والثابت من مطالعة تقرير الطعن انه ورد به أن الاستاذ محمود عيسى عبده المحامى المقبول أمام المحكمة الادارية العليا والوكيل عن الدكتور مصطفى محمد المشد المنتدب عنه بقرار الاعفاء رقم 137 لسنة 8 قضائية الصادر بجلسة 1/ 4/ 1962 والمصرح فيه لسيادته بالتقرير بالطعن فى الحكم الصادر بجلسة 11/ 1/ 1962 فى الدعوى رقم 1481 لسنة 14 قضائية المرفوعة من الدكتور مصطفى محمد المشد ضد وزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية والقاضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفى الموضوع برفضها والزام المدعى المصروفات قد حضر فى يوم 26/ 4/ 1962 أمام السيد رئيس سكرتارية المحكمة الادارية العليا وقرر بالطعن فى الحكم سالف الذكر واوضح فى عريضة هذا الطعن الاسباب التى يقوم عليها الطعن وقد أعلن الطعن الى وزير المواصلات فى 31/ 5/ 1962 والى الهيئة العامة للسكك الحديدية فى 6/ 6/ 1962 وعلى ذلك يكون تقرير الطعن قد أشتمل على جميع البيانات الجوهرية التى أوجبت المادة 16 من قانون مجلس الدولة سالفة الذكر ان يشتمل عليها تقرير الطعن. لا شبهة فى ان تحديد شخص المختصم هو من البيانات الجوهرية التى يترتب على اغفالها بطلان الطعن لأن الغرض الذى رمى اليه الشارع فيما اورده فى المادة 16 آنفة الذكر من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة من ذكر البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم فى تقرير الطعن أنما هو أعلام ذوى الشأن بمن رفع الطعن من خصومهم فى الدعوى وصفته أعلاما كافيا.
وقد تحقق هذا الغرض بعد أذ وجه الطاعن الطعن الى وزير المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية واعلمهما بمضمونه أعلاما كافيا واحاطهما علما به فى الميعاد القانونى ومن ثم يتعين القضاء برفض الدفع ببطلان تقرير الطعن.
(ب) عن الدفع بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه على غير ذى صفة:
من حيث ان الثابت من الاطلاع على تقرير الطعن أن الطاعن قد اختصم فيه وزير المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية واخطرا بالطعن بتاريخى 31/ 5/ 1962 و6/ 6/ 1962 كما سبق أيضاحه وأن الطعن ينصب على الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى التى قضت برفض الغاء القرار الصادر من وزير المواصلات بتاريخ 19 من مايو سنة 1960 ومن ثم فان الطاعن قد أختصم أصلا وزير المواصلات الذى أصدر القرار المطعون فيه بأعتباره صاحب الاختصاص فى أصدار هذا القرار وبالتالى صاحب الصفة الأولى فى أن يختصم فى الطعن مما لا محل معه بعد ذلك للتمسك بأن الطعن جاء خلوا من ذكر عبارة أن وزير المواصلات هو رئيس أدارة الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية ما دام أن هذه الصفة مقررة له قانونا دون حاجة الى هذا البيان وقد أخطر بمضمون الطعن وأعلم به أعلاما كافيا على أساس هذه الصفة ومن ثم يتعين القضاء برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه على غير ذى صفة.
(جـ) عن الموضوع:
ومن حيث أنه يبين لهذه المحكمة أن طلبات المدعى أمام محكمة القضاء الادارى كانت كما هى ثابتة فى عريضة دعواه "الغاء القرار الصادر بتاريخ 19 من مايو سنة 1960 فيما تضمنه من تحديد أقدميته فى الدرجة الثالثة اعتبارا من 30 أبريل سنة 1960 والحكم بتعديل أقدمية الطالب واعتباره فى الدرجة الثالثة من أبريل سنة 1959 تاريخ عرض القرار الأول وما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة لأقدميته فى الدرجة الثالثة وصرف فروق المرتب خلال هذه المدة اليه والزام المعلن اليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وعلى ذلك فان القرار المطعون فيه أصلا هو القرار الصادر فى 19 مايو سنة 1960 بترقية المدعى الى الدرجة الثالثة وهو الذى رفض الحكم المطعون فيه الغاءه استنادا الى المادة 36 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بموظفى الدولة والتى تقضى بأن يصدر قرار الترقية من الوزير المختص ومفاد ذلك أن الترقية لا تتم ولا ينشأ المركز الذاتى بالنسبة اليها للموظف الا بصدور القرار من الوزير الذى خوله القانون دون غيره سلطة اصداره ولا يملك المدعى ان يحتج بمركز قانونى لم ينشأ له فى أى تاريخ سابق على 19 من مايو سنة 1960.
ومن حيث ان الثابت طبقا لما تقدم أن المدعى لم يطعن فى الميعاد القانونى فى القرار الصادر فى 29 من أبريل سنة 1959 فيما تضمنه من عدم ترقيته الى الدرجة الثالثة وفى القرار الصادر فى 30 يوليه سنة 1959 بترقية الدكتور محمد حسن وهدان الى الدرجة الثالثة ومن ثم فلا محل للنعى على أى قرار من هذين القرارين بعيب عدم المشروعية لتحصنهما بفوات مواعيد الطعن عليهما كما أنه لا محل أيضا للقول بأن القرار الأول الصادر فى 29 من أبريل سنة 1959 قد أنشأ مركزا قانونيا للمدعى تأسيسا على أن لجنة شئون الموظفين قررت بجلستها المنعقدة فى 23 أبريل سنة 1959 الموافقة على ترقيته الى الدرجة الثالثة المخصصة لوظيفة مفتش طبى متفرغ ورفعت اقتراحاتها الى الوزير لاعتمادها ولكنه لم يعتمدها ولم يبين اعتراضه عليها خلال شهر من تاريخ رفعها فاعتبرت معتمدة ونافذة - لا محل لهذا القول لأن الوزير أصدر بناء على اعتذار المدعى عن قبول الترقية نظرا لحالته الصحية قرارا بارجاء الترقية مما يعتبر قرارا بعدم ملاءمة اجراء الترقية فى الوقت الذى اقترحت اللجنة أجراءها فيه.
ومن حيث ان ارجاء النظر فى ترقية الموظف بعد اقتراحها من لجنة شئون الموظفين لا يخرج عن كونه اعتراضا من الوزير على اجرائها رغم حلول ميعادها ورفضا لمقترحات اللجنة فى خصوصها بعدم اعتمادها فى ضمن من أعتمد الوزير ترقيتهم الى الدرجة الثالثة فى 29 من أبريل سنة 1959، اذ لا شبهة فى ان الترقيات رهينة بأوقاتها وبمواعيد حلول الدور على من يستحقها، فاذا لم تصادف المستحق فى أوانها، فاته ركب المرقين من انداده وتحقق التخطى. وفى خصوص الدعوى الحاضرة قد تبين من مساق الواقع أن المدعى أعترض فعلا على اقتراح ترقيته الى الدرجة الثالثة، ولم يكن فى وسع الوزير، حيال اعتراضه، الا ان يستجيب لاعتذاره ولهذا أوصى بعرض ارجاء ترقيته على اللجنة للنظر ووافقته اللجنة فى 3 من مايو سنة 1959 على هذا الارجاء ولم يتغير من بعد ذلك موقف اللجنة - بعد تأييد سبب الاعتذار من جانب القومسيون الطبى العام - وعلى ذلك تابعت اللجنة الوزير فى اعتراضه على ترقية المدعى بدليل قيامها عقب ذلك بترشيح الدكتور محمد حسن وهدان للترقية على الدرجة الباقية. فالملابسات التى صدر فيها امتناع الوزير عن ترقية المدعى مع من رقاهم فى 29 من أبريل سنة 1959 من جهة أن هذا الامتناع كان مسبوقا باعتذار المدعى عن قبول الترقية، وما أعقب ذلك من ترقية الدكتور محمد حسن وهدان على الدرجة الشاغرة التى كان يتعلق بها حق المدعى بحكم أقدميته لولا الاعتبارات الصحية التى حالت بحق دون ترقيته، كل هذه الملابسات والشواهد قاطعة فى ان هذا الارجاء الظاهر هو الاعتراض الساطع على أجراء ترقية المدعى فى ميعادها بناء على اعتذاره عن قبولها وهذا الاعتراض من الوزير كان مبنيا على ذات الاسباب التى قامت عليها ظلامه المدعى الى الوزير قبل أن يهم باعتماد ترقيته.
من حيث ان القول بأن الوزير لم يبد اعتراضا على اقتراح اللجنة بالنسبة الى المدعى أو أنه أبدى اعتراضا ولكنه غير مسبب بما يشفع فى ترتيب النتائج الحتمية التى بينتها المادة 28 من قانون نظام الموظفين رقم 210 لسنة 1952 وهو اعتماد ترقية المدعى ضمنا، هذا القول، فى ضوء ما سلف من الاعتبارات، يكون اذن متعين الرفض، غير جدير بالاعتبار. وغنى عن البيان ان الوزير حين اعترض على مقترحات اللجنة وأحال أعتراضه اليها للنظر، لم يلق منها مخالفة عن قراره بدليل أنها بعد فترة وجيزة اقترحت شغل الدرجة الثالثة الشاغرة بالدكتور وهدان وهذا الذى اقترحته أقرها عليه الوزير فى 30 من يوليه سنة 1959 وكانت هذه الخطوات كلها نتيجة حتمية لاعتراض الوزير بادئ الرأى على اقتراح ترقية المدعى للمبررات الصحية التى تضمنتها شكواه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحقيقة فيما انتهى اليه من قضائه برفض الغاء القرار الصادر فى 19 من مايو سنة 1960 للاسباب التى أوردها سواء فى الشق الخاص بالالغاء أو الشق الخاص برد أقدمية المدعى الى التاريخ الذى يطالب به ولا حجة فيما ذكره الطاعن فى طعنه من أن الادارة خالفت القانون حين رقت الدكتور وهدان فى 30/ 7/ 1959 وهو تال له فى الأقدمية ثم رقته هو فى 19 مايو سنة 1960 مما يعيب قرار ترقية المطعون فيه ويعيب كذلك قرار ترقية الدكتور وهدان بالتبعية وفقا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن الطعن بالالغاء يشمل القرار المطعون فيه وكذلك القرارات المرتبطة به أرتباطا لا يقوم الطعن الا به. لا حجة فى كل ذلك لأن الادارة حين أصدرت قرارها بترقية الدكتور وهدان لم تخالف القانون اذ أن الطاعن كان قد طلب اعفاءه من الترقية فاستجابت له الادارة بحق للاسباب الصحية التى استمسك بها وعلى كل حال فان الطاعن لم يطعن فى هذا القرار كما لم يطعن فى قرار تخطيه بالترقية التى أصابت بعد ذلك الدكتور محمد حسن وهدان وبذلك أصبح المركز الذى اكتسبه الدكتور وهدان بقرار ترقيته الى الدرجة الثالثة وكذلك اقدميته فى تلك الدرجة حصينتين من الالغاء ولا يجوز للطاعن أن يعود ويطعن فى قرار ترقية الدكتور وهدان سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة وليس صحيحا أن الطعن بالالغاء الموجه الى قرار ما يشمل جميع القرارات المرتبطة به أذ انه لا يتناول من هذه القرارات الا ما كان لاحقا للقرار المطلوب الغاؤه أما القرارات السابق صدورها على القرار المطلوب الغاؤه فان الطعن بالالغاء لا يشملها ومن ثم فان الطعن فى قرار ترقية الطاعن الصادر فى 19/ 5/ 1960 لا يشمل بطريق اللزوم الطعن فى قرار ترقية الدكتور وهدان الصادر فى 30/ 7/ 1959 الذى كان يجب الطعن فيه استقلالا ولكن الطاعن لم يفعل وأصبح هذا القرار الاخير حصينا من أى طعن بالالعاء وليس صحيحا أن يستمسك المدعى بانعطاف ترقيته الى الدرجة الثالثة التى تمت له فى 19 من مايو سنة 1960 الى تاريخ سابق على نفاذها القانونى، لأن المادة 36 من قانون نظام موظفى الدولة لا تعتبر الترقية نافذة الا من تاريخ اعتمادها فعلا بالقرار الصادر به من الوزير المختص ودون أخلال بالقيد المنصوص عليه فى المادة 28 من ذلك القانون حسبما سلف البيان.
ومن حيث أنه يخلص من كل ما تقدم أن الطعن لا يقوم على أساس سليم من الواقع أو القانون مما يتعين معه القضاء برفضه مع الزام الطاعن بالمصروفات.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت المدعى بالمصروفات.