أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 897

جلسة 5 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقى العصار، وزكى الصاوى صالح، وجمال الدين عبد اللطيف، وعبد الحميد المرصفاوى.

(155)
الطعن رقم 36 لسنة 43 القضائية

(1، 2) بطلان. بيع. حكم. تجزئة. دعوى "ترك الخصومة".
(1) دعوى صحة التعاقد. دفع ورثة البائع ببطلان العقد لصدوره من المورث وهو فى حالة عته شائعة ويعلمها المشترى. موضوع غير قابل للتجزئة.
(2) ترك أحد الطاعنين للخصومة أمام محكمة النقض فى موضوع غير قابل للتجزئة. تمسك المطعون عليه بطلب قبول الترك. لا مصلحة فيه. علة ذلك. م 128 مرافعات.
(3) حكم "حجية الحكم". دفاع.
الحكم برفض الدعوى بحالتها. له حجية موقوتة. عدم جواز معاودة طرح النزاع متى كانت ظروف الدعوى لم يطرأ عليها تغيير.
(4) بيع "دعوى صحة التعاقد". محاماه.
منع جهات الشهر العقارى من تسجيل العقود التى تزيد قيمتها على 1500 ج أو التأشير عليها بأى إجراء ما لم تكن موقعا عليها من محامٍ مقبول أمام المحكمة الابتدائية. م 88 من القانون 61 لسنة 1968. عدم سريان هذا النص على المحاكم عند نظر الدعاوى بصحة ونفاذ هذه العقود.
(5) اثبات "انكار التوقيع".
انكار التوقيع على المحرر العرفى. لقاضى الموضوع إجراء التحقيق بالبينة أو بالمضاهاه أو بهما معا متى رأى لزوم لذلك.
(6 و7) أهلية "العته". بطلان "بطلان التصرفات" حكم "القصور".
(6) تصرف المعتوه قبل تسجيل قرار الحجز. جواز طلب ابطاله. شرطه. أن تكون حالة العتة شائعة وقت التعاقد أو يكون المتصرف إليه على بينة منها.
(7) تقديم مذكرة إلى محكمة الاستئناف أحال فيها الخصم إلى دفاعه فى مذكرة مقدمة منه فى استئناف آخر محجوز للحكم مع الاستئناف الأول لذاث الجلسة. إغفال الحكم بحث ما ورد بها من دفاع بشأن التمسك بعتة البائع. قصور.
1 - إذ كان الثابت أن مورث الطاعنين أنكر توقيعه على عقد البيع موضوع الدعوى ولما حكم ابتدائيا بصحته ونفاذه استأنف ذلك الحكم وتمسك بدفاعه السابق ثم انقطع سير الخصومة بوفاته وبعد أن إستأنفت الدعوى سيرها دفع الطاعنان الأول والثانى ببطلان ذلك العقد لصدوره من مورثهما وهو فى حالة عته شائعة بعلمها المطعون عليه الأول - المشترى - ومن ثم فإن موضوع الدعوى على هذه الصورة يكون غير قابل للتجزئة لأنه يدور حول صحة العقد أو بطلانه ولا يحتمل الفصل فيه غير حل واحد، إذ لا يتصور أن يكون هذا التصرف باطلا بالنسبة لمن تمسك ببطلانه ويكون فى نفس الوقت صحيحا بالنسبة لمن ترك الخصومة فى الطعن، لما يترتب على الترك فى هذه الحالة من صورة الحكم النهائى بصحة العقد باتا.
2 - النص فى المادة 218 من قانون المرافعات الواردة فى باب الأحكام العامة فى طرق الطعن فى الأحكام يدل على أن المشرع أجاز خروجا على مبدأ نسبية الأثر المترتب على اجراءات المرافعات أن يفيد خصم من طعن مرفوع من غيره فى الميعاد فى حالة الحكم فى موضوع غير قابل للتجزئة بالتدخل فى الطعن بالوسيلة التى بينتها المادة المذكورة، فأجاز الشارع فى هذه الحالة لمن قبل الحكم أو لمن لم يطعن عليه فى الميعاد، أن يطعن فى الحكم أثناء نظر الطعن المقام فى الميعاد من أحد المحكوم عليهم أو يتدخل فيه منضما إليه فى طلباته فان هو قعد عن استعمال هذه الرخصة أمرت المحكمة الطاعن اختصامه فى الطعن، مما مفاده أن ترك الخصومة من الطاعن الثانى فى موضوع غير قابل للتجزئة بفرض صحته لا يحول دون أن يطعن ورثته فى الحكم بعد الميعاد منضمين للطاعنين الأول والثالثة فى طلباتهما، وإلا أمرت المحكمة الطاعنين المذكورين بادخالهم فى الطعن، ومن ثم فلا يكون هناك مصلحة للمطعون عليه الأول فى التمسك بطلب قبول الترك من الطاعن الثانى، ويصبح هذا الطلب ولا جدوى منه.
3 - الحكم برفض الدعوى بالحالة التى هى عليها يكون له حجية موقوتة تقتصر على الحالة التى كانت عليها الدعوى حين رفعها أول مرة وتحول دون معاودة طرح النزاع من جديد متى كانت الحالة التى انتهت بالحكم السابق هى بعينها لم تتغير ولما كان الثابت أن المطعون عليه الأول اقام الدعوى الماثلة على مورث الطاعنين بذات الطلبات فى - الدعوى السابقة والتى قضى فيها بعدم قبولها بحالتها - دون أن يطرأ تغيير على ظروف الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى تأسيسا على مجرد القول بأن الحكم السابق ليست له حجية فى الدعوى الحالية لأنه لم يفصل فى موضوعها، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
4 - النص فى الفقرة الأولى من المادة 88 من قانون المحاماه رقم 61 لسنة 1968 يدل على أن المشرع قصد بهذا النص منه جهات الشهر العقارى والتوثيق وغيرها من الجهات التى تقوم بهذا العمل من التسجيل العقود التى تزيد قيمتها على 1500 ج أو التصديق أو التأشير عليها بأى إجراء ما لم يكن موقعا عليها من محام مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية على الأقل، ومن ثم يؤيد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من تلك المادة بقولها "ويتعين على هذه المكاتب الرجوع لجداول النقابة الموجودة لديها للتحقق من صفة المحامى ودرجة قيده" لما كان ذلك فإن عدم التوقيع من محام على العقد موضوع الدعوى والبالغ قيمته 2250 جنيه لا يحول دون القضاء بصحته ونفاذه.
5 - النص فى المادة 30 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه "إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة أصبعه وأنكر ذلك خلفه أو نائبة، وكان المحرر منتجا فى النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة فى شأن صحة الخط أو الامضاء أو الختم أو بصمة أصبعه، أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وعلى أن المشرع قصد أن بكل إلى قاضى الموضوع اختيار الطريقة التى يراها مؤدية إلى ظهور الحقيقة، فله التحقيق بالبينة أو بالمضاهاه أو بهما معا إذا رأى لزوما لذلك.
6 - مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 114 من القانون المدنى، أنه لا يكفى لابطال تصرف المعتوه الصادر قبل تسجيل قرار الحجر أن تكون حالة العته شائعة وقت التعاقد أو أن يكون المتصرف إلية على بينه منها.
7 - إذ كان الطاعنان الأول والثانى قد أحالا فى مذكرتهما المقدمة لمحكمة الاستئناف فى فترة حجز الدعوى للحكم إلى دفاعهم الوارد فى المذكرة المقدمة منهما فى الاستئناف رقم... بشأن صحة ونفاذ عقد آخر من ذات الخصوم - الذى كان منظورا مع استئناف الدعوى الماثلة ومحجوزا للحكم لذات الجلسة - وكان يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية للمذكرة المقدمة من الطاعنين المذكورين من الاستئناف سالف الذكر، والمودعه ملف الطعن أنهما تمسكا ببطلان عقد البيع موضوع الدعوى لأنه صدر من مورثهما وهو فى حالة عته شائعة ويعلمها المطعون عليه الأول - المشترى - وأن هذه الحالة أثبتها الطبيب الشرعى فى تقريره بعد توقيع الكشف على مورثهما. وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع، ومن ثم فإن الدفاع المذكور يعتبر مطروحا على المحكمة، ويتعين عليها إن تقول كلمتها فيه لأنه دفاع جوهرى لو صح يتغير به وجه الرأى فى الدعوى.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 397 سنة 1970 مدنى سوهاج الابتدائية ضد المرحوم..... الشهير بالدكتور...... - مورث - الطاعنين - طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 15/ 5/ 1969 المتضمن بيعه له أطيانا زراعيه مساحتها 8 س 14 ط 5 ف شائعة فى 4 ط 22 ف ومبينة الحدود والمعالم بالصحيفة والعقد لقاء ثمن مقبوض قدره 2250 جنيه والتسليم، دفع مورث الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 77 سنة 1970 مدنى سوهاج الابتدائية وأنكر توقيعه على عقد البيع. وبتاريخ 13/ 12/ 1970 حكمت المحكمة برفض الدفع الأول وأحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول أن مورث الطاعنين قد وقع على عقد البيع وبعد أن سمعت المحكمة شاهدى المطعون عليه الأول حكمت فى 4/ 4/ 1971 بصحة العقد وحددت جلسة لنظر الموضوع ثم عادت وبتاريخ 23/ 5/ 1971 فحكمت بطلبات المطعون عليه الأول. استأنف مورث الطاعنين هذا الحكم بالاستئناف رقم 141 سنة 46 ق مدنى أسيوط "دائرة سوهاج"، وفى 1/ 11/ 1971 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة المورث المذكور ثم استأنفت الدعوى سيرها بناء على طلب المطعون عليه الأول الذى اختصم الطاعنين والمطعون عليها الثانية وبتاريخ 15/ 11/ 1972 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق بالنقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم فى خصوص السببين الأول والرابع. وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها، وقدم المطعون عليه الأول إقرارا من الطاعن الثانى بترك الخصومة فى الطعن مصدقا عليه فى 28/ 4/ 1974 بمكتب توثيق جرجا وأعلن به فى 16/ 5/ 1974، ورد وكيل الطاعنين بأن الطاعن الثانى توفى بتاريخ 17/ 11/ 1974 وإن ورثته ينكرون حصول الترك من مورثهم. وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية أبدت فيها الرأى بعدم قبول طلب الترك.
وحيث إنه وفى خصوص طلب ترك الخصومة من الطاعن الثانى فإنه لما كان الثابت أن مورث الطاعنين أنكر توقيعه على عقد البيع موضوع الدعوى ولما حكم ابتدائيا بصحته ونفاذه إسنأنف ذلك الحكم وتمسك بدفاعه السابق ثم انقطع سير الخصومة بوفاته، وبعد أن استأنفت الدعوى سيرها دفع الطاعنان الأول والثانى ببطلان ذلك العقد لصدوره من مورثهما وهو فى حالة عته شائعة ويعلمها المطعون عليه الاول، وكان موضوع الدعوى على هذه الصورة غير قابل للتجزئة لأنه يدور حول صحة عقد البيع أو بطلانه ولا يحتمل الفصل فيه غير حل واحد، إذ لا يتصور أن يكون هذا التصرف باطلا بالنسبة لمن تمسك ببطلانه ويكون فى نفس الوقت صحيحا بالنسبة لمن ترك الخصومة فى الطعن لما يترتب على الترك فى هذه الحالة من صيرورة الحكم النهائى بصحة العقد باتا، وكان النص فى المادة 218 من قانون المرافعات الواردة فى باب الأحكام العامة فى طرق الطعن فى الأحكام على أنه "إذا كان الحكم صادرا فى موضوع غير قابل التجزئة أو فى التزام بالتضامن أو فى دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد من أحد زملائه منضما إليه فى طلباته فان لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه فى الطعن" يدل على أن المشرع أجاز خروجا على مبدأ نسبية الأثر المترتب على إجراءات المرافعات أن يفيد خصم من طعن مرفوع من غيره فى الميعاد فى حالة الحكم فى موضوع غير قابل للتجزئة بالتدخل فى الطعن بالوسيلة التى بينتها المادة المذكورة، فاجاز الشارع فى هذه الحالة لمن قبل الحكم أو لمن لم يطعن عليه فى الميعاد أن يطعن فى الحكم أثناء ننظر الطعن المقام فى الميعاد من أحد المحكوم عليهم أو يتدخل فيه منضما إليه فى طلباته، فإن هو قعد عن استعمال هذه الرخصة أمرت المحكمة الطاعن اختصامه فى الطعن، مما مفاده أن ترك الخصومة من الطاعن الثانى بفرض صحته لا يحول دون أن يطعن ورثته فى الحكم بعد الميعاد منضمين للطاعنين الأول والثالثة فى طلباتهما وإلا أمرت المحكمة الطاعنين المذكورين بادخالهم فى الطعن، ومن ثم فلا تكون هناك مصلحة للمطعون عليه الأول فى التمسك بطلب قبول الترك من الطاعن الثانى ويصبح هذا الطلب ولا جدوى منه.
وحيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بنى على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الاول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقولون أن مورثهم دفع الدعوى بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 77 سنة 1970 مدنى سوهاج الابتدائية إلا أن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع تأسيسا على أن الحكم الصادر فى الدعوى الأولى لم يفصل فى موضوعها فى حين أن ذلك الحكم إذ قضى بعدم قبول الدعوى بحالتها على سند من أن ملكية المبيع لم تنتقل إلى البائع فإن هذا القضاء بعد قضاء قطعيا يحوز الحجية فيما فصل فيه بين الخصوم ويحول دون معاودة طرح النزاع بذات الظروف السابقة التى لم يطرأ عليها أى جديد يفيد استقرار الملكية للبائع وهون ما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه لما كان الحكم برفض الدعوى بالحالة التى هى عليها يكون له حجية موقوتة تقتصر على الحالة التى كانت عليها الدعوى حين رفعها أول مرة وتحول دون معاودة طرح النزاع من جديد متى كانت الحالة التى انتهت بالحكم السابق هى بعينها لم تتغير، ولما كان الثابت أن المطعون عليه الأول سبق أن أقام الدعوى قم 77 سنة 1970 مدنى سوهاج الابتدائية ضد مورث الطاعنين طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفى المؤرخ 15/ 5/ 1969 المتضمن بيعه له أطيانا زراعية مساحتها 5 فدان و14 قيراط 8 سهم شائعة فى 22 فدان و4 قيراط مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة والعقد لقاء ثمن قدره 2250 جنيه وتسلميها بما عليها من زراعة، وبتاريخ 7/ 3/ 1970 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بحالتها وأقامت قضاءها على ما ذكرته من أنه تبين من مطالعة عقد البيع العرفى المؤرخ 15/ 5/ 1969 سند الدعوى أن القدر المبيع الوارد بالعقد آل للبائع مورث الطاعنين عن طريق الاستحقاق فى وقف أهلى باسم........ ووضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية ولم ينهض من الأوراق حتى تاريخ الفصل فى الدعوى ما يقطع على وجهة اليقين باشهار حل الوقف أو حصول البائع للمدعى على حكم مسجل بتثبيت ملكيته للأطيان المبيعة موضوع التداعى ولم يطلب المدعى المطعون عليه الاول تثبيت ملكية البائع له لتلك الأطيان، وإذ كان ذلك وليس فى الأوراق من دليل على انتقال ملكية القدر المبيع إلى المدعى عليه تكون الدعوى غير مقبولة ذلك أنه ما دامت الملكية لم تنتقل إلى البائع للمدعى فإن هذا البائع لا يستطيع نقلها إليه...... ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بحالتها وإذ كانت هذه الأسباب مرتبطة بمنطوق الحكم ارتباطا وثيقا ولازمه للنتيجة التى انتهى إليها فإنها تكون معه وحدة لا تتجزأ ويرد عليها ما يرد عليه من قوة الأمر المقضى، ومن ثم فإن هذا الحكم يكون حجة بين طرفية وهى حجية موقوتة تظل باقية طالما أن ظروف الحكم فى الدعوى لم تتغير، ولما كان الثابت أن المطعون - عليه الأول - أقام الدعوى الماثلة على مورث الطاعنين بذات الطلبات دون أن يطرأ تغيير على ظروف الدعوى إذ لا يبين من صورة عقد شهر الوقف التى قدمها المطعون عليه الأول لمحكمة أول درجة بجلسة 27/ 9/ 1970 ما إذا كانت خاصة بالأرض موضوع النزاع، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى تأسيسا على مجرد القول بأن الحكم السابق ليست له حجية فى الدعوى الحالية لأنه لم يفصل فى موضوعها، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الثانى أن الحكم المطعون فيه خالف القانون لقضائه بصحة ونفاذ عقد البيع مع أنه باطل بطلانا مطلقا طبقا للمادة 88 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 لأن قيمته تزيد على 1500 جنيه ولم يوقع عليه من محام، ذلك أنه يبين من أقوال ......... وكيل الأستاذ ........ المحامى فى التحقيق الذى أجرته محكمة أول درجة بتاريخ 28/ 2/ 1971 أنه حرر العقد ولم يعرضه على أحد المحامين، لا يتغير من ذلك أن العقد مذيل بتوقيع للأستاذ ........ المحامى وببصمة لختم مكتبة لأن هذا إن صح فيكون قد تم فى وقت لاحق ليوم 28/ 2/ 1971 أى بعد تحرير العقد ورفع الدعوى وليس من شأنه أن يصحح ما لحق العقد من بطلان جوهرى، الأمر الذى يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كان النص فى الفقرة الأولى من المادة 88 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 على أنه "لا يجوز تسجيل العقود التى تزيد قيمتها على ألف وخمسمائة جنيه أو التصديق أو التأشير بأى إجراء أمام مكاتب الشهر والتوثيق وغيرها إلا إذا كانت موقعا عليها من أحد المحامين المقبولين أمام المحاكم الابتدائية على الأقل، يدل على أن المشرع قصد بهذا النص منع جهات الشهر العقارى والتوثيق وغيرها من الجهات التى تقوم بهذا العمل من تسجيل العقود التى تزيد قيمتها على 1500 جنيه أو التصديق أو التأشير عليها بأى إجراء ما لم يكن موقعا عليها من محام مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية على الأقل، ومن ثم فإن هذا النص لا يسرى على المحاكم وهى تنظر الدعاوى المرفوعة بصحة ونفاذ العقود، يؤيد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من تلك المادة بقولها "ويتعين على هذه المكاتب الرجوع لجداول النقابة الموجودة لديها للتحقيق من صفة المحامى ودرجة قيده."، لما كان ذلك فإن عدم التوقيع من محام على العقد موضوع الدعوى لا يحول دون القضاء بصحته ونفاذه، ويكون النعى على الحكم بهذا السبب فى غير محله.
وحيث إن مبنى النعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول الطاعنون أن مورثهم تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم صدور العقد منه لكنه عدل عن الطعن عليه بالتزوير وأثر انكار توقيعه عليه فأحالت محكمة أول درجة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول صحة العقد ثم سمعت المحكمة شهوده ورفضت تأجيل الدعوى ليعلن مورث الطاعنين شهود النفى فطلب منها تحقيق دفاعه بالمضاهاة بمعرفة قسم أبحاث التزوير والتزييف غير أنها اعتبرته عاجزا عن إثبات الطعن بالانكار واتخذت من ذلك ومن تردده بين الطعن بالتزوير والطعن بالانكار سببا للإلتفات عن تحقيق دفاعه وقضت بصحة العقد أخذا بأقوال شاهدى المطعون عليه الأول مع أنهما اختلفا فى بيان تاريخ العقد ومكان تحريره ومقدار الثمن، وإذ أيد الحكم المطعون فيه قضاء محكمة أول درجة لأسبابه فإنه يكون قد أخل بحقه فى الدفاع وشابه فساد فى الاستدلال.
وحيث ان النعى مردود، ذلك أنه لما كان النص فى المادة 30 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه "إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطه أو امضاءه أو ختمه أو بصمه أصبعه وأنكر ذلك خلفه أو نائبه وكان المحرر منتجا فى النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة أصبعه أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما." يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قصد أن يكل إلى قاضى الموضوع اختيار الطريقة التى يراها مؤديه إلى ظهور الحقيقة فله التحقيق بالبينة أو بالمضاهاة أو بهما معا إذا رأى لزوما لذلك، ولما كان يبين من الحكم الابتدائى الصادر بتاريخ 4/ 4/ 1979 المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قضى بصحة عقد البيع موضوع الدعوى وبناء على ما استظهره من أقوال شاهدى الإثبات اللذين شهدا بتوقيع مورث الطاعنين على العقد، وما استخلصه من ظروف الدعوى، والتفت عن طلب التحقيق بالمضاهاة لعدم الحاجة إليه ولما استخلصه من مسلك مورث الطاعنين من تردده بين الإدعاء بالتزوير والطعن بالانكار ثم قصوره عن إعلان شهوده رغم تأجيل الدعوى ثلاث مرات مما اقتضى مد أجل التحقيق، ولما كان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مرهونا بما يطمئن إليه وجدان قاضى الموضوع ولا سلطان لأحد عليه فى ذلك إلا أن يخرج بتلك الأقوال إلى غير ما يؤدى إليه مدلولها، وكانت محكمة الموضوع فى حدود سلطتها التقديرية قد استخلصت من أقوال شاهدى المطعون عليه الأول ومن ظروف الدعوى صحة العقد المطعون عليه بالإنكار وكان ما أوردته فى ذلك سائغا يؤدى إلى ما انتهت إليه، فان النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعى بالسببين الرابع والخامس أن الحكم المطعون فيه شابه قصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم تمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بأنه مع التسليم بأن مورثهم قد وقع على العقد فإنه عقد باطل لصدوره منه وهو فى حالة عته شائعة وكان المطعون عليه الأول على بينة منها بحكم إقامته معه فى مسكن واحد واستدلوا على ذلك بالطلب المقدم من الطعن الأول المسجل فى 29/ 7/ 1970 لتوقيع الحجز على مورثهم وهو شقيقهم وبالتحقيق الذى أجرته نيابة الأحوال الشخصية وناقشت فيه المطلوب الحجر عليه، وما ورد بتقرير الطب الشرعى عن حالته وبما انتهت إليه مذكرة النيابة من طلب توقيع الحجر للعته الشيخوخى، كما أنهم طلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الحالة، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع ولم يرد على تلك المستندات التى قدموها وأغفل الرد على طلبهم باحالة الدعوى إلى التحقيق واكتفى بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائى مع أن شيئا من ذلك لم يكن مطروحا على محكمة أول درجه، وهو ما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعى صحيح، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 114 من القانون المدنى تنص على أنه "إذ صدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلا إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد، أو كان الطرف الآخر على بينة منها" وكان مفاد النص أنه لا يكفى لابطال تصرف المعتوه الصادر قبل تسجيل قرار الحجز أن تكون حالة العته شائعة وقت التعاقد أو أن يكون المتصرف إليه على بينة منها، ولما كان الطاعنان الأول والثانى قد أحالا فى مذكرتهما المقدمة لمحكمة الاستئناف فى فترة الحجز الدعوى للحكم إلى دفعهما الوارد فى المذكرة المقدمة منهما فى الاستئناف رقم 197 سنة 45 ق الذى كان منظورا مع الاستئناف الدعوى الماثلة ومحجوزا للحكم لذات الجلسة، وكان يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية المذكورة المقدمة من الطاعنين المذكورين لجلسه 15/ 11/ 1972 فى الاستئناف رقم 197 سنة 45 ق سوهاج والمودعة ملف الطعن أنهما تمسكا ببطلان عقد البيع موضوع الدعوى لأنه صدر من مورثتهما وهو فى حالة عنه شائعة ويعلمها المطعون عليه الأول وأن هذه الحالة أثبتها الطبيب الشرعى فى تقريره بعد توقيع الكشف على مورثهما، وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع، ومن ثم فإن الدفاع المذكور يعتبر مطروحا على المحكمة ويتعين عليها أن تقول كلمتها فيه لأنه دفاع جوهرى لو صح يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه اكتفى فى هذا الصدد بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائى ويبين من الرجوع إلى الحكم الأخير الصادر بتاريخ 23/ 5/ 1971 أنه أورد قولة "أن المدعى عليه مورث الطاعنين وقد باع الأطيان موضوع العقد سند الدعوى قبل تقديم طلب الحجر فلا يمكن الطعن على هذا التصرف إلا إذا كانت حالة العته شائعة وقتذاك أو كان المنصرف إليه على بينة منها، وهذا لم يقل به المدعى عليه، وكان ما ورد بهذا الحكم لا يصلح ردا على دفاع الطاعنين سالف الذكر ويفيد أن المحكم لم تطلع على ماركنا إليه من مستندات تمسكا بدلالتها لتأيد دفاعهما، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور.
وحيث أنه لما تقدم يتعين نقض الحكم فى خصوص الأسباب الأول والرابع والخامس.