مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1257

(118)
جلسة 8 من مايو 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور ضياء الدين صالح رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد شلبى يوسف وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1741 لسنة 7 القضائية

أ - استيلاء - المراد به لغة - نزع المال قهرا من صاحب اليد عليه مالكا كان أم كان منتفعا.
ب - مدارس حرة - صاحب المدرسة الحرة - ليس لزاما أن يكون صاحب المبنى الذى هو وعاء المدرسة أو صاحب الأرض التى يقوم عليها المبنى.
جـ - مدارس حرة - استيلاء - القرار الصادر بضم مدرسة حرة خاضعة لوزارة التربية والتعليم لتصبح مدرسة حكومية - يعد من قبيل الاستيلاء.
د - مدارس حرة - وكيل وزارة - لا يملك الاستيلاء على المدارس الحرة - اختصاص لجنة شئون التعليم الحر بهذا الاجراء - أساس ذلك من القانون رقم 583 لسنة 1955 فى شأن تنظيم المدارس الحرة - لا يغير من ذلك اطلاق وصف آخر على الاستيلاء ليستر حقيقته.
هـ - مدارس حرة - استيلاء - تعويض - قرار الاستيلاء على مدرسة حرة - صدوره مخالفا للقانون - ثبوت ركن الخطأ فى حق جهة الادارة - تأكد ركن الضرر فى جانب المطعون عليه برفع يده بغير حق عن المدرسة وحرمانه من مصدر رزقه - وضوح السببية بين الخطأ والضرر - وجوب التعويض - تقديره.
1 - ان الاستيلاء لغة، هو نزع المال قهرا من صاحب اليد عليه سواء أكان مالكا له أم منتفعا به.
2 - صاحب المدرسة الحرة أى صاحب المؤسسة التعليمية ليس لزاما أن يكون هو صاحب المبنى الذى هو وعاء المدرسة ولا أن يكون صاحب الأرض أو الفدان الذى يقوم عليه المبنى الذى يضم بين جدرانه المدرسة أى المؤسسة. وقد يكون كذلك أحيانا ولكنه ليس لزاما. هذا الوضع الظاهر كان دائما قائما فى كافة التشريعات التى نظمت المدارس الحرة.
3 - اذا جاء السيد وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد وأشر بخطه فى 2/ 9/ 1956 على المذكرة المعروضة عليه بتاريخ 14/ 8/ 1956 وموقع عليها باسم (عبد الرحمن لطفى) باتخاذ الاجراءات فورا لتسليم مبانى المدرسة وأرضها وكذلك الفدان الذى ترغب المصلحة التنازل عنه للمدرسة عن مصلحة الأملاك الأميرية. وهذا هو ما جاء بالبند (3).
من تأشيرة السيد وكيل الوزارة. ثم بعد ذلك بالبند (4) تضم المدرسة لوزارة التربية والتعليم وتصبح مدرسة حكومية.
فلا جدال بعد ذلك فى أن نية الوزارة... أنصرفت بعبارة (تضم المدرسة لوزارة التربية وتصبح مدرسة حكومية) الى عملية استيلاء على مدرسة حرة لتصبح بالاستيلاء مدرسة حكومية أو أميرية.
ولا يمكن أن يتأتى هذا الانقلاب فى المركز القانونى للمدرسة من حرة الى أميرية الا بقرار أدارى بقصد أحداث أثر قانونى مترتب عليه. والواقع أن هذا التبديل فى المركز القانونى حصل قهرا عن صاحب المدرسة أو واضع اليد عليها أو المسئول عن ادارتها كمرفق للتعليم أو مؤسسة تؤدى رسالة التربية منذ خمسين عاما وهى فى يد السيد حنا. وفى أحكام كافة القوانين المنظمة للمدارس الحرة لا توجد عبارة (ضم المدرسة الحرة الى الوزارة لتصبح مدرسة حكومية) وانما يوجد فى أحكام هذه القوانين أصطلاح (الاستيلاء على المدارس أو غلقها).
4 - ان قرار الاستيلاء على المدرسة (والذى عبرت عنه جهة الادارة بأنه ضم المدرسة الحرة الى الوزارة لتصبح مدرسة حكومية) لم يعرض على لجنة شئون التعليم الحر لتتخذ ما تراه فى شأن هذا الاستيلاء عليها بوصفها صاحبة الاختصاص الأصيل فى الاستيلاء على المدارس الحرة وفقا لحكم الفقرة الرابعة من المادة (49) من القانون رقم 583 لسنة 1955. يؤكد هذه المخالفة الجوهرية لأحكام القانون ما رددته المذكرة الايضاحية فى هذا الخصوص من أن: "كثيرين أقدموا على فتح مدارس حرة فى أماكن غير مستوفاه لمقومات المدرسة حتى أن بعضها لا يعدو أن يكون أماكن لايواء التلاميذ ولا يجوز تسميتها مدارس الا تجاوزا. كما أن بعض المدارس ارتكبت مخالفات جسيمة أو وجد بها نقص يضر بحسن سير التعليم. فلما رأت الوزارة أن تحافظ على صحة أبناء الشعب وان ترعى ما يؤدى لهم من الوان الثقافة لم يستجب هؤلاء لنصائح الوزارة فى اجراء الاصلاحات المطلوبة. ولما أتجهت الوزارة الى أغلاق تلك المدارس القائمة. ولذلك رؤى جعل فتح المدرسة الحره أو نقلها متوقفا على الترخيص الذى لا يحصل عليه صاحبه الا اذا استوفى كل الشروط اللازمة لحسن سير التعليم كما استعيض عن نظام الاغلاق القضائى بالاغلاق الادارى، بحيث تغلق المدرسة التى تفتح بغير ترخيص بقرار من وزارة التربية والتعليم. كما رؤى أن يكون للوزارة حيال المدرسة التى تخالف القانون حق أغلاقها أو الاستيلاء عليها، وهناك من الضمانات ما يكفل العدالة حيث استحدثت لجنة شئون التعليم الحر لتعرض عليها مسائل غلق المدارس والاستيلاء عليها، وتعويض أصحابها، والنظر فى التظلمات التى تقدم من أصحاب المدارس، كما رؤى أن يمثل هذه اللجنة أصحاب المدارس الحرة.) وواضح بعد ذلك أن - السيد وكيل الوزارة المساعد لا يملك الاستيلاء على هذا النوع من المدارس ولو أطلقت الجهة الادارية على هذا الاستيلاء وصفا آخر يستر حقيقة الاستيلاء.
5 - انه عن طلب المطعون عليه التعويض عن قرار الاستيلاء الذى انتهت هذه المحكمة من شأنه الى أنه ليس فحسب جاء مخالفا لصدوره من السيد وكيل الوزارة المساعد الذى لا يملك سلطة الاستيلاء على المدارس الحره، فذلك من اختصاص لجنة شئون التعليم الحر، وأنما أيضا لأن قرار الاستيلاء هذا قد قام على غير سبب يحمله. وترتيبا على ذلك يكون ركن الخطأ ثابتا فى حق جهة الادارة، وركن الضرر مؤكدا فى جانب المطعون عليه برفع يده قهرا وبغير حق عن المدرسة التى باشرها ورعاها قرابة خمسين عاما وحرمانه من مصدر رزقه الذى أفنى عمره فى سبيله. ورابطة السببية بين الخطأ والضرر واضحة. وتقدر هذه المحكمة التعويض الذى يستحقه المطعون عليه عن ذلك كله تعويضا جامعا مانعا بمبلغ خمسمائة جنيه مراعية فى ذلك أن المطعون عليه قد أفاد أيضا من نشاطه الطويل فى هذا المضمار خلال النصف قرن الماضى، فوائد مادية وأدبية لا يمكن التغاضى عنها. كما تقدر المحكمة أن فى الغاء القرار المطعون فيه خير عوض عما أصاب المضرور من أضرار أدبية.


اجراءات الطعن

فى 14 من نوفمبر سنة 1961 أودع السيد محامى الحكومة، سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم (1741) لسنة 7 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى - هيئة منازعات الأفراد والهيئات - بجلسة 18 من يوليو سنة 1961 فى الدعوى رقم (100) لسنة 11 القضائية المقامة من اسكندر حنا ضد وزارة التربية والتعليم، والذى قضى:
أولا - بالغاء القرار الصادر من وكيل وزارة التربية والتعليم فى 8 من سبتمبر سنة 1956 بالاستيلاء على مدرسة الدومين الابتدائية بكفر الاطرش، والمملوكة للمدعى.
ثانيا - بالغاء القرار الصادر من منطقتى طنطا والمنصورة التعليميتين بحرمان المدعى أعانة التعويض المستحقة له عن هذه المدرسة اعتبارا من يوليو سنة 1954 حتى سبتمبر سنة 1956، وباستحقاقه لهذه الاعانة عن هذه المدة وقدرها 339 جنيها و400 مليما.
ثالثا - بالزام الحكومة أن تدفع للمدعى مبلغ ألف جنيه مصرى على سبيل التعويض.
رابعا - الزام الحكومة بالمصروفات وبمبلغ عشرة جنيهات أتعابا للمحاماة.
وطلب السيد محامى الحكومة للأسباب التى تستند اليها فى تقرير طعنه قبول طعن الحكومة شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به:
(أولا) من الغاء القرار الصادر من وكيل وزارة التربية والتعليم فى 8 من سبتمبر سنة 1956 بالاستيلاء على مدرسة الدومين الابتدائية بكفر الأطرش والمملوكة للمدعى.
(ثانيا) بإلغاء القرار الصادر من منطقتى طنطا والمنصورة التعليمية. بحرمان المدعى أعانة التعويض المستحقة له عن هذه المدرسة اعتبارا من يوليو سنة 1954 حتى سبتمبر سنة 1956 واستحقاقه لهذه الاعانة عن هذه المدة وقدرها 339 جنيها و400 ميلما.
(ثالثا) من الزام الحكومة بأن تدفع للمدعى مبلغ ألف جنيه مصرى على سبيل التعويض.
(رابعا) من الزام الحكومة بالمصروفات وبمقابل الاتعاب. وطلبت الحكومة الحكم برفض الدعوى مع الزام المطعون عليه المصروفات ومقابل الاتعاب.
وقد أعلن هذا الطعن الى المطعون عليه فى 18 من سبتمبر سنة 1961، وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11 من أبريل سنة 1964 وفيها قررت الدائرة تكليف الحكومة باعادة جميع المستندات التى كانت مقدمة فى الدعوى وبجلسة 10 من أكتوبر سنة 1964 طلب الحاضر عن المطعون عليه رفض الطعن وطلبت الحكومة الاحالة فقررت الدائرة أحالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (دائرة أولى) للمرافعة بجلسة 9 من يناير سنة 1965 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوحه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت المحكمة أرجاء النطق بالحكم الى جلسة 27 من فبراير سنة 1965 وصرحت بتقديم مستندات ومذكرات مع تبادل الاطلاع. وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة إعادة الطعن الى المرافعة بجلسة 3 من أبريل سنة 1965 لمناقشة طرفى الخصومة وفيها قررت حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم ورخصت فى تقديم مذكرات ومستندات فقدم كل من طرفى الخصومة مذكرة بدفاعه التكميلى وحافظة ببعض المستندات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى ان المدعى عليه أقام الدعوى رقم (100) لسنة 11 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى - هيئة منازعات الافراد والهيئات - ضد وزارة التربية والتعليم، ومديرى منطقة المنصورة التعليمية، والتعليم الابتدائى الحر، وذلك بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة فى 21 من أكتوبر سنة 1956 طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف قرار الاستيلاء على مدرسة الدومين الابتدائية الحرة بكفر الاطرش مركز شربين دقهلية، والمدرسة مملوكة للمدعى، وهو القرار الصادر من السيد وكيل وزارة التربية والتعليم فى 8/ 9/ 1956 برقم (1442) والمبلغ الى منطقة المنصورة التعليمية بالمنشور رقم (105) فى 30/ 9/ 1956، ثم بصفة عادية (غير مستعجلة) يطلب الحكم بالغاء القرار المشار اليه وباعتباره كأن لم يكن، وبطلان جميع الاجراءات والاثار المترتبة على هذا القرار مع الزام المدعى عليهم المصروفات. وبعد تحضير الدعوى أمام محكمة القضاء الادارى وإيداع تقرير السيد المفوض برأيه فيها تحدد لنظرها جلسة أول أبريل سنة 1958 وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة 20 من مايو سنة 1958 وفيها اعيدت الدعوى الى المرافعة لجلسة 14 من أكتوبر سنة 1958 لتقدم الجهة الادارية مذكرة بدفاعها ردا على طلبات المدعى المعدلة بالمذكرة التى قدمها فى 20 من مايو سنة 1958 وليقدم السيد المفوض مذكرة تكميلية برأيه فى الطلبات المعدلة، وفى الجلسات التاليه تكرر تأجيل الفصل فى الدعوى لتنفيذ قرار المحكمة، وبجلسة 21 من أبريل سنة 1959 - تأجلت الدعوى لجلسة 23 من يونيو سنة 1959 ليقوم المدعى بدفع الرسوم على طلباته الجديدة فدفعها فى 7 من مايو سنة 1959، ثم نظرت الدعوى - فى الجلسات التاليه على التفصيل الموضح بمحضر جلسة محكمة القضاء الادارى - حتى تحددت للفصل فيها أخيرا جلسة 6 من يونيو سنة 1961 وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة 27/ 6/ 1961 ثم مد الاجل لجلسة 18 من يوليو سنة 1961. وقد بان لهذه المحكمة العليا من عريضة الدعوى المودعه 21/ 10/ 1956 وعريضة تعديل الطلبات المقدمة بجلسة 20 من مايو سنة 1958 أن حقيقة طلبات المدعى تنحصر فيما يأتى:
أولا - الحكم بالغاء القرار الصادر من السيد وكيل وزارة التربية والتعليم، بالاستيلاء على مدرسة الدومين الابتدائية بكفر الأطرش فى 8/ 9/ 1959 برقم (19442) واعادة تسليم المدرسة اليه.
ثانيا - الحكم بالغاء قرار منطقتى التعليم فى طنطا والمنصورة السلبى بعدم صرف الاعانات المستحقة اليه من مايو سنة 1954 الى سنة 1956 تاريخ الاستيلاء ويقدرها بمبلغ (815) جنيها.
ثالثا - الزام وزارة التربية والتعليم بأن تدفع اليه مبلغ أربعة آلاف جنيه تعويضا عن الاستيلاء المخالف للقانون، ويتمثل هذا المبلغ فى الاعانات المستحقة له من تاريخ الاستيلاء، وتمتد الأدوات والمنقولات المدرسية المملوكة له والتى استولت عليها الوزارة أيضا.
والمدعى ينعى على قرار السيد وكيل وزارة التربية والتعليم بالاستيلاء على مدرسته أنه صدر من غير مختص مخالفا فى ذلك القانون ومشوبا بالانحراف واساءة استعمال السلطة. وبجلسة 8 من يناير سنة 1957 أصدرت محكمة القضاء الادارى - الهيئة الأولى - حكمها فى طلب وقف التنفيذ وهو يقضى برفضه وأقامت حكمها برفض الطلب على أن الحكومة رفعت الدعوى بأن المدرسة مملوكة لها (للحكومة) وليس للمدعى صفة فى المطالبة بالغاء قرار الاستيلاء على المدرسة المذكورة وفضلا عن ذلك فان نتائج تنفيذ القرار المطعون فيه ليست مما يتعذر تداركه. وقالت المحكمة أن بناء المدرسة مملوك للحكومة وانها هى التى تقوم بالصرف عليها منذ انشائها وتدفع مرتبات الموظفين بما فيهم المدعى نفسه باعتباره ناظرا للمدرسة المذكورة، والحكومة هى التى تمد المدرسة أيضا بالكتب والأدوات. وأنه اذا كان للمدعى جهد فى قيام المدرسة برسالتها فان الوزارة لا تنكره ولقد قررت صرف مبلغ مائتى (200) جنيه له ثمنا للأثاث الذى يقول المدعى بأنه مملوك له فالطعن على القرار لا يستند بحسب الظاهر من الأوراق الى أسباب جدية فضلا عن أن. نتائج تنفيذ القرار ليست مما يتعذر تداركه. ولم يطعن المدعى فى حكم رفض طلب وقف التنفيذ.
وبجلسة 18 من يوليو سنة 1961 حكمت محكمة القضاء الادارى - هيئة منازعات الأفراد والهيئات فى موضوع الدعوى:
(1) بالغاء القرار الصادر من وكيل وزارة التربية والتعليم فى 8/ 9/ 1956 بالاستيلاء على مدرسة الدومين الابتدائية المملوكة للمدعى.
(2) وبالغاء القرار الصادر من منطقة طنطا والمنصورة التعليمية بحرمان المدعى من اعانة التعويض المستحقة له عن هذه المدة اعتبارا من يوليو سنة 1954.. لغاية سبتمبر سنة 1956 وباستحقاقه لهذه الاعانة عن المدة المذكورة وقدرها 339 جنيها و400 مليم.
(3) الزام الحكومة بأن تدفع للمدعى ألف جنيه (1000) على سبيل التعويض.
(4) الزام الحكومة بالمصروفات وبمبلغ عشرة جنيهات أتعاب المحاماه. وأقامت محكمة القضاء الادارى حكمها هذا على أن المدعى (المطعون عليه) هو صاحب هذه المدرسة من وقت انشائها فى سنة 1908 بناحية (بسنديلة) ثم نقلها الى كفر الأطرش من سنة 1923، واختار لها نظام المجانية منذ سنة 1944، وكانت تصرف له الاعانة المستحقة عنها. فإذا جاءت الوزارة أخيرا وتسلمتها منه قهرا، وأنهت وضع يده عليها فان ذلك هو الاستيلاء بذاته الذى عناه القانون رقم (583) لسنة 1955 ولائحته التنفيذية الصادر بها القرار رقم (512) لسنة 1956. ولا يؤثر فى ذلك أن الوزارة وصفت عملها بأنه مجرد استلام للمدرسة ذلك أن القرار الادارى لا يشترط فيه أن يصدر فى شكل معين أو بصيغة معينة ما دامت النتيجة تقطع بحصوله ووجوده، كما لا يؤثر فى ذلك أن مبنى المدرسة المستولى عليها مملوك لمصلحة الاملاك الاميرية التى تنازلت عنه للوزارة لان المدرسة كمرفق للتعليم ذات كيان مستقل عن المبنى اذ لا تلازم بين صاحب المبنى وصاحب المدرسة. واستطرد الحكم المطعون فيه بقول أنه بتطبيق أحكام نصوص القانون رقم (853) لسنة 1955 والذى صدر فى ظله القرار المطعون فيه، على مدرسة الدومين الابتدائية بكفر الاطرش المملوكة للمدعى تبين أنها مدرسة حرة مجانية داخلة فى نطاق الاعانة، ومن ثم فهى تتمتع بالحماية التى أسبغها القانون بالحقوق التى فرضها لهذا النوع من المدارس، وهى بهذا الوصف لها كيان مستقل لا علاقة له بالمبنى الذى تشغله المدرسة. وأضاف الحكم المطعون فيه أن المدعى لم يصدر منه شئ مما يدخل تحت الاسباب التى حددها القانون، ولائحته التنفيذية للاستيلاء كما أن أمر المدرسة لم يعرض على لجنة شئون التعليم الحر لتتخذ ما تراه فى شأن الاستيلاء على المدرسة الحرة المجانية بوصفها صاحبة الاختصاص الاصيل فى الاستيلاء على هذا النوع من المدارس، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر ممن لا يملك قانونا اصداره وهو مخالف للقانون لقيامه على غير سبب وبالتالى يتعين الغاؤه. ثم تكلم الحكم المطعون فيه عن اعانة التعويض المستحقة للمدعى فقال أن المدرسة معانة فى الدرجة الثالثة، وقدرت لها منطقة طنطا التعليمية اعانة تعويض بلغ صافيها 283 جنيها و500 مليم سنويا تدفع على ثلاثة أقساط متساوية كل قسم منها 94 جنيها و500 مليم يخصم منه 40 جنيها و200 مليم مقابل مرتبات الفراشين فيكون صافى القسط 54 جنيها و300 مليم. الا أن منطقة طنطا التعليمية توقفت عن صرف الأقساط المستحقة عن يوليو ونوفمبر سنة 1954 ومارس سنة 1955، وعندما تبعت المدرسة لمنطقة المنصورة التعليمية استحق المدعى لديها أقساط يوليو ونوفمبر سنة 1955 ومارس ويوليو سنة 1956 حتى تمام الاستيلاء فى سبتمبر سنة 1956 وخلص الحكم المطعون فيه الى أن المدعى المطعون عليه - لم يرتكب مخالفة تستحق حرمانه من هذه الاعانة منذ يوليو سنة 1954 حتى تاريخ الاستيلاء، ومن ثم فان القرار الصادر بحرمانه من هذه الاعانة يكون على غير أساس من القانون، ويتعين الغاؤه، أما عن طلب التعويض عن قرار الاستيلاء المطعون فيه فقد ذكر الحكم المطعون فيه أن القرار صدر مخالفا للقانون مما يتوافر معها ركن الخطأ وقد أصاب المدعى ضرر محقق من جراء هذا الاستيلاء بابعاده عن مدرسته ورفع يده عنها بدون وجه حق وحرمانه من مصدر رزقه الوحيد الذى أفنى عمره فى تكوينه مما يستوجب حقه فى التعويض وقد قدره الحكم المطعون فيه بمبلغ ألف من الجنيهات.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله للاوجه الآتية:
(1) ان الثابت من الأوراق أن مصلحة الاملاك الاميرية هى التى تولت انشاء المدرسة لتعليم أبناء موظفيها بالتفتيش التابع لها بناحية كفر الاطرش مركز شربين، وذلك على أرض مملوكة لها، واثثتها بالمقاعد وخلافه، ووكلت أمر الاشراف على التعليم فيها الى المطعون عليه، ومن ثم فان يده عليها هى يد عارضة باعتباره مديرا أو ناظرا لها. كما أنه كان أجيرا لدى المصلحة لأنه كان يتقاضى أجرا نظير أدائه للخدمة الموكولة اليه، ثم عاملته وزارة التربية على أنه ناظر للمدرسة بمرتب واعتبرته موظفا عاما لديها واحالته الى المعاش. والمدرسة أرضا وبناء فضلا عن جميع مقوماتها ملك للدولة. فاذا ذهب الحكم المطعون فيه الى أن المدعى هو صاحب هذه المدرسة من وقت انشائها سنة 1908 يكون قد جانب الصواب لأن أرض المدرسة وبنائها مملوك لمصلحة الاملاك، وقد تنازلت المصلحة عنها لوزارة التربية والتعليم لادارتها.
(2) ان الثابت أيضا من الاوراق، أنه لم يصدر قرار بالاستيلاء على المدرسة خلافا لما ذهب اليه الحكم المطعون فيه، وانما الذى وقع هو مجرد اجراء ادارى.. اذ نفذ قرار التنازل عن المدرسة لوزارة التربية باستلام الوزارة المذكورة لمبنى المدرسة بمقتضى محضر التنازل، وهو اجراء لم يكن المطعون فيه طرفا فيه، ولا يمكن أن يكون ذا صلة فى اثارة أى اعتراض عليه، فالقرار لا يعدو أن يكون قرارا بالاسقاط والتنازل أو بعبارة أخرى انتقال المدرسة من يد الى يد، وقد تم ذلك باستلام وزارة التربية والتعليم مبنى المدرسة ومشتملاتها من مصلحة الأملاك بناء على عرض وزارة المالية التابعة لها المصلحة المذكورة. واذ كان الامر كذلك فليس ثمة قرار استيلاء اذ ان الاستيلاء لا يقع الا على ملك الغير، وما كانت هنالك حاجة لاصدار قرار الاستيلاء فى حين أن المدرسة مملوكة أرضا وبناء للحكومة، والمدعى لم يكن الا مديرا للمدرسة نظير اعانة شهرية كانت تصرف له، وهو والحالة هذه لا شأن له بالملكية، ولا بالتنازل عنها. أما ما جاء بالحكم المطعون فيه من أن هذا القرار لم يصدر من لجنة شئون التعليم الحر، طبقا لأحكام القانون، فهو قول غير سديد اذ أن القرار هو قرار اسقاط وتنازل، فاذا ما صدر من السيد وكيل الوزارة المساعد لشئون التعليم العام، فانه يكون قد صدر ممن يملك ذلك قانونا، وهو بالتالى قرار مشروع وسليم.
(3) كانت وزارة التربية والتعليم تمنح المطعون عليه اعانتى استيفاء وكفاية.
ومن تاريخ اعتماد المدرسة فى نطاق المجانية والاعانة فى عام (1944) كمدرسة ابتدائية معانة بالفصل صرفت الوزارة للمطعون عليه اعانة التعويض كما كانت تصرف له الوزارة من ذلك العام حتى احالته الى المعاش فى عام (1952).. المرتب كناظر للمدرسة. فصرف اعانة التعويض كان يتم للمدرسة نفسها. وليس للمطعون عليه، وقد كان بوصفه ناظرا للمدرسة، وموكولا اليه أمر ادارتها نيابة عن مصلحة الأملاك يتصرف فى هذه الاعانة دون أى رقابة. ومهما يكن من أمر فان صرف هذه الاعانة لا تنفى العلاقة القانونية الثابتة فى كون المطعون عليه، ناظرا فقط لهذه المدرسة فضلا عن أنه لا حق له فى المطالبة بالاعانة منذ سنة 1954 حتى سنة 1956 ما دام قد ثبت أنه ليس صاحب المدرسة أو مالكها، وهى لا تصرف طبقا للقانون الا لأصحاب هذه الصفة. واذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهبا آخر فانه يكون قد خالف القانون.
(4) هذا الوجه عن التعويض - يجرى تقرير طعن الحكومة فى ذلك بأن أساس مساءلة الادارة عن القرارات الادارية هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار الادارى غير مشروع، وأن يترتب على هذا الخطأ ضرر وأن تقوم علاقة سبية بين الخطأ والضرر فاذا كان القرار مشروعا بأن كان سليما صادرا من جهة مختصة باصداره ومستندا الى ما يبرره فلا محل للحديث عن الضرر ما دام ركن الخطأ قد انتفى. ويستطرد تقرير الطعن قائلا أنه قد ثبت أن القرار المطعون فيه قد صدر صحيحا ومن جهة مختصة باصداره وبذلك تنهار دعائم دعوى التعويض مهما كانت الاضرار التى لحقت بالمطعون عليه. وانتهى تقرير الطعن الى طلب القضاء بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به:
(1) من الغاء القرار الصادر من وكيل وزارة التربية والتعليم فى 8 من سبتمبر سنة 1956 بالاستيلاء على مدرسة الدومين الابتدائية بكفر الأطرش والمملوكة للمدعى.
(2) ومن الغاء القرار الصادر من منطقتى طنطا والمنصورة التعليميتين بحرمان المدعى من اعانة التعويض المستحقة له عن هذه المدة اعتبارا من يوليو سنة 1954 حتى سبتمبر سنة 1956، وباستحقاقه لهذه الاعانة عن هذه المدة وقدرها 339 جنيها و400 مليم.
(3) ومن الزام الحكومة بأن تدفع للمدعى مبلغ ألف جنيه مصرى على سبيل التعويض.
(4) ومن الزام الحكومة بالمصروفات وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل الأتعاب، وطلبت الحكومة الحكم برفض الدعوى مع الزام المطعون عليه بالمصروفات.
ثم قدمت هيئة مفوضى الدولة لدى هذه المحكمة العليا تقريرا برأيها القانونى فى هذا الطعن انتهت فيه الى الحكم بقبوله شكلا وبرفضه موضوعا تأسيسا على أنه يجب التفرقة بين ملكية مبنى المدرسة وملكية المؤسسة التعليمية من جهة أخرى. اذ أنه ليس من اللازم أن يكون صاحب المدرسة هو فى ذات الوقت مالكا للمبنى المشغول بها. فمتى كان مبنى المدرسة ملكا لمصلحة الأملاك ومن بعدها لوزارة التربية فهذا لا ينهض قرينة على سلب ملكية المدرسة باعتبارها مؤسسه تعليمية، من السيد/ اسكندر حنا. وقد تأيدت ملكية المدرسة للمطعون عليه باعتراف الوزارة ذاتها ذلك الاعتراف المستفاد من قبول المدرسة المذكورة سنة 1944 ضمن نطاق المجانية وصرفها اعانة تعوض للمدرسة، واستمر صرف هذه الاعانة له رغم احالته الى المعاش سنة 1952، وهيئة المفوضين تؤيد الحكم المطعون فيه للاسباب التى قام عليها وفى النتيجة التى انتهى الحكم اليها.
ومن حيث أنه قد استبان لهذه المحكمة من استقراء أوراق الطعن الراهن أنه فى 8 من سبتمبر سنة 1956 ارسل السيد المدير العام للتعليم الابتدائى بوزارة التربية والتعليم الى السيد مدير منطقة المنصورة الكتاب رقم (1442) جاء فيه: اشارة الى كتاب المنطقة رقم 1395 فى 4/ 6/ 1956 والأوراق الأخرى الخاصة بموضوع مدرسة الدومين الابتدائية للبنين بكفر الأطرش نفيد بأنه بعرض موضوع المدرسة على السيد وكيل الوزارة المساعد فان سيادته اشار فى 2/ 9/ 1956 باتباع ما يأتى: تنفيذا للاقتراحات التى قدمتها اللجنة والتى وافقت عليها الوزارة مبدئيا فى 17 من يناير سنة 1954 وأيدتها ادارة الشئون القانونية وهى:
(1) عدم صرف اعانة للسيد/ اسكندر حنا ما دام لم يقم بالاصلاحات المطلوبة منه حيث صار تكليفه بالاصلاح غير ذى موضوع لما تقرر من نقل ملكية المدرسة للوزارة.
(2) يقدر ثمن الأثاث بتكليف لجنة من التعليم الفنى والتوريدات بتقدير ثمن الاثاث الذى يثبت أنه مملوك للسيد/ حنا بحضور مندوب مصلحة الاملاك، ويعرض الثمن الذى تقدره اللجنة على سيادته فاذا قبل البيع به يصرف له الثمن، وان لم يقبل الثمن فيسلم اليه الاثاث، وتقوم المنطقة بتوريد الأثاث اللازم للمدرسة.
(3) تتخذ الاجراءات فورا لتسلم مبانى المدرسة وأرضها، وكذلك الفدان الذى ترغب مصلحة الاملاك التنازل عنه للمدرسة.
(4) تضم المدرسة لوزارة التربية والتعليم وتصبح مدرسة حكومية. رجاء اجراء اللازم نحو ما أشار به السيد وكيل الوزارة والافادة بما يتبع. وتفضلوا. توقيع المدير العام فى 5/ 9/ 1956" وقد صدر قرار السيد وكيل الوزارة لشئون التعليم العام، قسم التعليم الحر بمقتضى تأشيرة بخط يده بالمداد الأخضر فى طلب مذكرة مطولة مقدمة الى السيد وكيل الوزارة من قسم التعليم الحر وهذه المذكرة مؤرخة فى 14 من أغسطس سنة 1956 ومعنونة بما يأتى: (مذكرة بشأن الاقتراح بالاستيلاء على مدرسة الدومين الابتدائية الحرة بكفر الاطرش وضمها الى الوزارة كمدرسة أميرية بمنطقة المنصورة). ومما جاء فى هذه المذكرة التى انبنى عليها القرار المطعون فيه بأن قسم التعليم الحر يرى بناء على ما تقدم بالمذكرة المطلوبة من ايضاح "أن المدرسة المذكورة من ممتلكات الدولة أرضا وبناء وتأثيثا من وقت أن أنشأتها مصلحة الأملاك فى عام 1908 وأن السيد حنا ما كان الا أجيرا لدى المصلحة فى المدة من عام 1924 تاريخ استخدامه للعمل بالمدرسة نظير مكافأة تصرف له مقدارها خمسة جنيهات شهريا وذلك الى أن انتهت علاقاتها معه فى نهاية نوفمبر سنة 1951 بناء على القرار الصادر من وزارة المالية بوقف صرف المكافأة ابتداء من أول ديسمبر سنة 1951 كما أن وزارة التربية والتعليم قد أنهت علاقاتها معه بشأن عمله كناظر للمدرسة من عام (1952).. تاريخ احالته على المعاش لبلوغه سن السابعة والستين. وعلى أساس ذلك يكون السيد/ حنا غير ذى صفة فى أية ناحية من نواحى العمل بالمدرسة أو بملكيتها، ويكون الاقتراح بالاستيلاء منه على المدرسة غير ذى موضوع للبحث أو للعرض على لجنة شئون التعليم الحر. أما ضم المدرسة للوزارة لتصبح مدرسة أميرية فيكون بوضع يد الوزارة على المدرسة بموجب محضر تنازل وتسلم من مصلحة الأملاك للوزارة..." وبالملف مذكرة أخرى سابق تاريخها على المذكرة السالفة الذكر بأسابيع قليلة عنوانها أيضا (مذكرة بشأن موضوع الاستيلاء على مدرسة الدومين الابتدائية الحرة بكفر الاطرش، وضمها الى وزارة التربية والتعليم لكى تصبح مدرسة أميرية) وهذه المذكرة أيضا مقدمة من السيد مدير عام التعليم الحر بتاريخ 12/ 7/ 1956 جاء فى ختامها: "وترى الادارة العامة للتعليم الابتدائى احالة الموضوع الى لجنة شئون التعليم الحر لاتخاذ الاجراءات القانونية بعد الاتصال بمصلحة الاملاك الاميرية فى هذا الشأن للنظر فى الاستيلاء على مدرسة الدومين الابتدائية الحرة بكفر الاطرش، وضمها الى وزارة التربية والتعليم حتى تصبح مدرسة أميرية اعتبارا من العام الدراسى (1956/ 1957) تطبيقا للمادتين (29، 30) من قانون التعليم الحر الجديد رقم (583) - الصادر فى 4/ 12/ 1955 - ثم محاسبة السيد/ حنا مدير المدرسة عن الاعانة التى كان يصرفها من مصلحة الأملاك وقدرها خمسة جنيهات شهريا منذ دخول المدرسة فى نطاق الاعانة عام 1944 الى تاريخ وقف هذه الاعانة فى أول ديسمبر سنة 1951 لأنه لا يجوز الجمع بين الاعانتين فى وقت واحد، كما أن مرتبه كان يصرف من وزارة التربية والتعليم، ثم الموافقة على صرف اعانة التعويض المستحقة لهذه المدرسة باسم اسكندر حنا مدير المدرسة لغاية آخر العام الدراسى (55/ 1956) لأنه كان قائما بجميع التزامات المدرسة لغاية آخر العام المذكور مع مراعاة ما جاء بالبند ب، ونتشرف بعرض الأمر رجاء التفضل بالنظر، توقيع المدير العام" وبالملفات المضمونة الى هذا الطعن يوجد محضر تسليم مبنى المدرسة المذكورة الى وزارة التربية والتعليم. وهذا المحضر بتاريخ 3/ 4/ 1957 حرر بمبنى مدرسة الجلاء الاميرية (الدومين) بكفر الاطرش مركز شربين دقهلية بين السيد مهندس مدنى تفتيش بلقاس والسيد معاون الأملاك طرف أول، وبين السيد المهندس المقيم بمنطقة المنصورة التعليمية عن وزارة التربية والتعليم، ومهندس آخر مندوبا عن تفتيش المساحة بالمنصورة. وجاء هذا المحضر: (بناء على سابقة تحديد هذا اليوم لتسلم مبنى مدرسة الجلاء الأميرية - الدومين سابقا - من مصلحة الأملاك الأميرية الى وزارة التربية والتعليم - منطقة المنصورة - وموافقة وزارة المالية والاقتصاد على هذا التسليم بكتابها المؤرخ 31/ 1/ 1957، الى مصلحة الأملاك الأميرية وكتاب مصلحة الأملاك لتفتيش بلقاس رقم 763/ 17/ 3/ 1957 قد اجتمعا وقام أولنا وثانينا - مندوبا مصلحة الأملاك الأميرية بتسليم ثالثنا - مندوب وزارة التربية والتعليم - مبنى المدرسة المذكورة، وما يتبعها من فضاء بحضور رابعنا - مندوب تفتيش المساحة بالمنصورة وأوصاف المبنى هى كالآتى:...) وفى ظهر هذا المحضر تأشيرة (استلمت المبنى حسب حالته المدونة بهذا المحضر كما تسلمت صورة من المحضر المذكور، التوقيع ناظر المدرسة فى 3/ 4/ 1957، ثم تأشيرة أخرى بعد ذلك بلفظ (يعتمد المدير المساعد للشئون المالية والادارية). وفى 27 من مارس سنة 1951 بعث السيد / اسكندر حنا الى تفتيش بلقاس الكتاب الآتى: (نما الى علمى أن اجراءات تتخذ لتحويل مدرسة الدومين بكفر الاطرش الى مدرسة أميرية. ولما كان هذا الاجراء سيترتب عليه حتما التأثير على حقوقى فى هذه المدرسة التى أنشأتها على أكتافى، وبذلت فى تكوينها حتى وصلت الى هذه الدرجة جهدى ومالى حتى أصبحت باثاثها المملوك الى جميعه فى مصاف مدارس الدرجة الأولى. أما وقد كانت ولا تزال هذه المدرسة التى كونتها بشبابى لتكون مورد رزق لى فى شيخوختى هى أملى الوحيد فى مورد رزقى باقى حياتى بل هى التركة التى اختزنتها لتكون مورد رزق أولادى من بعدى. ولما كانت فكرة تحويل هذه المدرسة الى مدرسة أميرية ستهدم كل أمالى لهذا التجأت بهذا الكتاب اليكم راجيا ان تنظروا فى حل لهذه المسألة بما يتفق مع مصلحتى ولا يتعارض مع المصلحة العامة. عارضا عليكم احد أمرين:
( أ ) أن تعاملنى مصلحة الأملاك معاملة الزراع الواضعين اليد على الأطيان بأن تبيعنى مبانى هذه المدرسة بنفس الطريقة التى أتبعت مع واضعى اليد على الاطيان. على ان أتعهد للحكومة بأبقائها مدرسة إلى ما شاء الله، بل على أن أعمل على توسيعها أكبر فأكبر ولو أدى الأمر الى تطويرها الى مدرسة ثانوية فيما بعد.
(ب) وفى حالة عدم الموافقة على الاقتراح الأول أرجو أن تعملوا على تعويضى ببيع قدر من الأطيان الباقية للمصلحة فى جزء (6) زراعة المحمدية بنفس الشروط التى اتبعت مع واضعى اليد على الأطيان. وكلى أمل أن تعوضونى عن مجهودى فى خدمة التعليم منذ عام (1908) حتى الآن.
كما بان لهذه المحكمة من الاطلاع على كافة الملفات المقدمة وخاصة ما تعلق منها بمدرسة الدومين الابتدائية بكفر الأطرش، أن المطعون عليه اسكندر حنا هو الذى أنشأ عام 1908 بتفتيش مصلحة الأملاك الأميرية بناحية بسنديلة مركز بلقاس مدرسة ابتدائية فى مبنى أعدته مصلحة الأملاك لهذا الغرض تيسيرا على موظفيها وعمالها المشتغلين باصلاح الأراضى البور فى تلك المنطقة النائية بتوفير سبل العلم لأولادهم الصغار فى المرحلة الأولى من التعليم. والسيد/ اسكندر حنا هو الذى تكلف بتأثيث المدرسة وحده بالأدوات اللازمة للتدريس وبدفع مرتبات المدرسين منذ ذلك التاريخ البعيد مما يحصله من مصروفات بسيطة من تلاميذ المدرسة. وكانت مصلحة الأملاك تدفع له جنيهين شهريا زادتها فيما بعد الى خمسة جنيهات مكافأة رمزية تشجيعا له واعترافا بجده ومثابرته. وفى عام 1923 أتمت المصلحة اصلاح أراضى منطقة بسنديلة ونقلت تفتيشها الى مركز الأطرش حيث خصصت أيضا أحد مبانى تفتيشها ليكون مقرا لمدرسة ابتدائية ولى أمرها اسكندر حنا الذى نقل المدرسة القديمة اليها. وباشر هذا الرجل شئون المدرسة الجديدة كناظر لها ومدير لأمورها. وفى عام 1944 اختار اسكندر حنا لهذه المدرسة نظام المجانية بالتطبيق لأحكام قانون التعليم الحر، ودخلت هذه المدرسة نطاق الاعانات المقررة فى ذلك القانون. فكانت وزارة التربية تدفع له أجور المدرسين، وخصته بأجر أيضا فوق أجور الخدم والفراشة واعانة تعويض. ولكنه لم يكن يحصل على اعانة ايجار لمبنى المدرسة لأنه مملوك باقراره لمصلحة الأملاك. وفى عام 1950 ازداد الاقبال على مدرسة حنا فطالب المصلحة ببناء فصول جديدة ولكن المصلحة رفضت الاستجابة اليه فعرض علها أن يقوم على نفقته ببناء بعض الغرف للفصول حتى تستوعب المزيد من صغار الراغبين فى العلم. واضطر اسكندر حنا بعد أن قام فعلا بالبناء الى أن يتنازل للمصلحة عن كل حق له فيما أجراه. وفى الأوراق الكتاب الآتى بخط يد المطعون عليه السيد مفتش بلقاس "علمت أن المصلحة أصدرت أمرها للتفتيش بعدم الاستمرار فى عملية اجراء تكملة بناء الحجرات الثلاث فوق مبنى الحجرتين المنشأتين سنة 1947 لأن الحجرتين الأصليتين ملك للمصلحة. وحيث ان الثلاث حجرات المذكورة قد تم بناؤها فعلا وجارى الآن عملية النجارة فقط. وانى ما أقدمت على هذا العمل الا لشدة الحاجة نظرا لتدفق التلاميذ المستجدين، وطغيان الفصول الحالية على حجرات هيئتى الادارة والتدريس، وعدم وجود الفرصة لاستصدار أمر المصلحة بانشاء الحجرات المطلوبة. هذا ولانى لا أجهل أن كل ما يستجد سواء من مبان أو اصلاح بالمدرسة بمعرفتى يكون ملكا للمصلحة دون حصول معارضة منى فى الحال أو الاستقبال. لذلك أرجو التصريح لاتمام هذه العملية لان ضمان نظام سير العمل بالمدرسة من غير هذه الحجرات مضطرب وعلى غير نظام مستكمل وأرجو المعاينة، معترفا بتنازلى عن هذه المبانى واضافتها الى مبانى المصلحة ناظر المدرسة توقيع اسكندر حنا فى 19/ 12/ 1950". ثم تقدم فى تلك الظروف نائب المنطقة الى السيد وزير المعارف سنة 1950 يطلب ضم هذه المدرسة (الدومين) للوزارة فتصبح أميرية. وأمر السيد الوزير ببحث هذا الطلب ودراسته فشكلت عدة لجان انتهت كلها الى ما يؤكد أن مدرسة الدومين يملكها المطعون عليه، وهى مدرسة حرة أنشأها المطعون عليه أولا ببسنديلة سنة 1908 ثم نقلها الى كفر الأطرش سنة 1923 واستمر يتولاها وحده دون سواه الى أن طلب ادخالها فى نطاق المجانية سنة 1944 وأنها مدرسة (حرة معانة فى الدرجة الثالثة) وتسير فيها الدراسة بانتظام واطراد وأجمعت التقارير الحكومية على الرأى بأفضلية ترك اسكندر حنا ومدرسته لتحقيق رسالة تعليم الصغار من أبناء الشعب فى تلك المناطق النائية البور البعيدة عن العمران، وبقى الحال كذلك الى أن ترك السيد/ حنا نظارة وادارة هذه المدرسة فى سنة 1952 لتقدمه فى السن، وتولى نظارة المدرسة آخرون بمعرفة وزارة التربية، ومع ذلك فثابت من الأوراق والمكاتبات والتقارير أن اسكندر حنا استمر يعنى بها - يديرها ويتسلم الاعانات المستحقة عنها بوصفه صاحب المدرسة. وظاهر من الأوراق والمراسلات أن كانت تسيطر على منطقة التعليم بالمنصورة الرغبة فى ضم مدرسة الدومين الى وزارة التربية فشكلت لجنة من المنطقة وبعض مفتشى الوزارة وعرضت فى تقريرها المؤرخ 3/ 1/ 1954 لتاريخ مدرسة الدومين البعيد والمعاصر وأثبتت حالة المدرسة ونظامها. ومن استقراء صفحات هذا التقرير تبين أن بالمدرسة (204) تختة جلوس وفيها باقى الأثاث والأدوات الأخرى اللازمة للتدريس وأوجب فى ختام تقريرها بما تراه اللجنة من الاستيلاء على هذه المدرسة عن طريق معين هو أن تستولى الوزارة على ذات المبنى بطريق التنازل عنه من جانب مصلحة الأملاك وهى المالكة يقينا للبناء، وراعت اللجنة فى تقديرها هذا أن اسكندر حنا قد أحيل الى المعاش ثم اقترحت اللجنة أيضا فى نهاية تقريرها وقف صرف اعانة التعويض له حتى تبت الوزارة بالرأى فى هذا التقرير. ولكن الجهات المسئولة فى وزارة التربية رأت فى هذا التقرير ما لا يتفق وأحكام القانون. فأغفلت التقرير الى أن تقدم مفتش قسم ثان بشربين بكتابين لادارة التعليم الحر، وللسيد وزير التربية والتعليم فى 13/ 3/ 1954 يقترح من جديد وقف صرف اعانة التعويض للمطعون عليه بدعوى أن المدرسة وأثاثها هى ملك لمصلحة الأملاك الأميرية، وعندما شعر السيد/ حنا بذلك تقدم بشهادات رسمية مرفقة بملف هذا الطعن صادرة من مصلحة الأملاك الأميرية تؤكد أن الاثاث الموجود حاليا بالمدرسة هو ملك لاسكندر حنا وأما عن منقولات المصلحة فقد أستهلكت منذ زمن بعيد لتقادم العهد على استعمالها فجددها حنا على حسابه. وبعرض هذا الموضوع على ادارة الشئون القانونية بالوزارة أفتت باستحقاق حنا لاعانة التعويض مع عدم صرف اعانة ايجار المبنى ما دام هو ملكا لمصلحة الأملاك ولا يدفع لها عند السيد حنا ايجارا. ومع ذلك أوقفت الوزارة صرف اعانة التعويض من منطقة طنطا التعليمية اعتبارا من قسط يوليو سنة 1954، فلما تظلم حنا ذكرت المنطقة أن المدرسة فى حاجة الى اصلاحات لم ينفذها حنا وذلك دون أن تحدد بيان هذه الاصلاحات أو تعلنه بها. وأخيرا كتب السيد مدير عام التعليم الحر الى منطقة طنطا يستعلم عن ذلك فى 19/ 10/ 1955 فأجابت طنطا الى منطقة المنصورة التعليمية التى أصبحت المدرسة تابعة لها ابتداء من ذلك العام قائلة أن سور المدرسة تعلوه زوايا حديدية وأسلاك بعضها مقطوع لا موصل وطلبت معاينتها، فاتضح من المعاينة أن السيد/ حنا قد قام بتنفيذ هذه الاصلاحات فور اخطاره بها وطلب السيد مفتش القسم بكتابه المؤرخ 24/ 12/ 1955 - صرف الاعانة المستحقة. وكانت منطقة المنصورة من ناحية أخرى قد أوضحت هى أيضا أن المدرسة ينقصها اصلاح السيفونات، وعمل دوسيهات للملفات وتكملة الخرط وأدوات العلوم وقام مفتش القسم بالمعاينة، وكتب لمنطقة المنصورة التعليمية فى 10/ 11/ 1955 بما يفيد اتمام الاصلاحات المطلوبة. وقدم صاحب المدرسة (اسكندر حنا) دولابا للملفات وخرائط جغرافية، وكمية خرائط العلوم وأدواتها. واقترح صرف الاعانة المستحقة لصاحب المدرسة ثم انتهت المنطقة الى صرف القسط المستحق فى ذلك الوقت وهو نوفمبر سنة 1955 غير أنه تأشر على هذه المذكرة فى 11/ 12/ 1955 بأن صافى القسط وقدره أربعون جنيها يعلى أمانات حتى تبت الوزارة فى ملكية المدرسة ولما أن تظلم المطعون عليه، أرسلت منطقة المنصورة تظلمه لمدير عام التعليم الابتدائى فى 30 من أبريل سنة 1956 وأثبتت فى كتابها ان منطقة طنطا التعليمية أفادت بأن الاعانات المستحقة هى معلاه بالأمانات حتى يبت فى ملكية المدرسة من جانب الوزارة، وانتهى الأمر بعد ذلك كله بأن أصدر السيد وكيل الوزارة المساعد القرار رقم 1442 فى 8 من سبتمبر سنة 1956 بالصورة التى سبق تسجيلها وفى مقدمة أسباب هذا الحكم: (3) تتخذ الاجراءات فورا لتسلم مبانى المدرسة وأرضها، وكذلك الفدان الذى ترغب مصلحة الأملاك التنازل عنه للمدرسة. فقرة (4) تضم المدرسة لوزارة التربية والتعليم، وتصبح مدرسة حكومية).
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ عندما كيف القرار (الطعين) على انه قرار بالاستيلاء على مدرسة الدومين. ذلك أنه لم يصدر من جهة الادارة قرار بالاستيلاء على المدرسة حتى تتخذ فيه الاجراءات التى اشترطها القانون للاستيلاء. ويقول تقرير الطعن ان نية الادارة لم تتجه الى اصدار مثل هذا القرار. فقرار ضم المدرسة الى وزارة التربية والتعليم وادراجها فى عداد المدارس الأميرية لم يقصد به الا مجرد "أمر ادارى" للمختصين من موظفى الوزارة بمباشرة اجراءات ضم المدرسة واستلامها وادارتها باعتبارها مدرسة أميرية تنفيذا للاتفاق الذى تم بين وزارة المالية ووزارة التربية والتعليم، بتنازل المالية الى التربية عن المدرسة بكافة مقوماتها بما فى ذلك المبنى الذى تشغله المدرسة وملحقاته والفدان المجاور لها. وهو ما تم فعلا بموجب محضر التسليم المؤرخ 3/ 4/ 1957 بين مندوبى مصلحة الأملاك، ومندوبى المنطقة التعليمية بالمنصورة. ولم يكن المطعون عليه طرفا فى هذه الاجراءات، ولا يمكن أن يكون ذا صفة فى اثارة أى اعتراض عليها، وهذا ما ينفى وصف الاستيلاء على هذه الاجراءات اذ أن الاستيلاء لا يقع الا على ملك الغير وما كانت هنالك حاجة لاصدار قرار بالاستيلاء على المدرسة، وهى ملك للحكومة ولا شأن للمطعون عليه أو غيره من الأفراد بملكيتها، ولا بالاجراءات التى اتخذت فى شأنها.
ومن حيث أن الاستيلاء لغة، هو نزع المال قهرا من صاحب اليد عليه سواء أكان مالكا له أم منتفعا به. ولا جدال فى أن المطعون عليه وان لم يكن هو صاحب المبنى ولا بصاحب الأرض المقام عليها المبنى، فانه صاحب هذه المدرسة القديمة ومنشؤها منذ عام 1908 بناحية بسنديلة ومن بعدها الى كفر الأطرش منذ عام 1923، فالمستندات والمكاتبات والأوراق والتقارير كلها لا تجادل فى شئ من ذلك. وكل جدلها يدور حول الخلط بين ملكية الأرض والمبنى من جهة وبين ملكية المدرسة كمؤسسة غير حكومية تقوم بالتربية والتعليم أو الاعداد بمهنة حرة أو أى ناحية من نواحى التثقيف العام. فهو الذى أنشأ المدرسة وأعد لها ونظمها وأدارها وراح ينفق عليها قبل أن يتلقى من الدولة أو الهيئات العامة اعانة لها. وكان يبتكر ويقرر وينفذ وسائل تحصيل الأموال للاتفاق عليها. ثم هو الذى اختار لها نظام المجانية منذ عام 1944 ليفيد من تشجيع الدولة للمدرسة التى هو صاحبها والمسئول عن سيرها أو تعثرها. فكانت تصرف له الاعانة المستحقة عنها. ففى 27 من مارس سنة 1948 صدر القانون رقم (38) بشأن تنظيم المدارس الحرة، وكانت الدومين حقيقة واقعة تعمل منذ أربعين عاما بمجهود ونشاط وادارة واشراف المطعون عليه. ونصت المادة الأولى من ذلك القانون على أن تكون المدارس الحرة خاضعة لرقابة وزارة المعارف العمومية وتفتيشها فى الحدود وبالقيود الواردة بهذا القانون (رقم 38 لسنة 1948). وتعتبر فيما يتعلق بتطبيق أحكامه عبارة (مدارس حرة) شاملة لكل مؤسسة غير حكومية تقوم بالتربية والتعليم والاعداد للمهن الحرة أو أى ناحية من نواحى التثقيف العام. واشترطت المادة الثالثة منه شروطا معينة فيمن يدير مدرسة حرة ويستخدم فيها للقيام بعمل ناظر أو مدرس.. ونصت الفقرة الأخيرة من هذه المادة الثالثة على انه (ويجب فى صاحب المدرسة الحرة - ما لم يكن مجرد متبرع - أن تتوافر فيه الشروط الأربعة الأولى من المادة الثالثة، وأن يكون فوق ذلك قادرا على الوفاء بالالتزامات المالية التى تكفى للانفاق على المدرسة، ويحدد وزير المعارف بقرار منه مدى هذه الالتزامات). والمادة (25) من هذا القانون تنص على أنه (اذا ثبت أن ادارة المدرسة الحرة اختلت أو أن حالتها المالية ساءت الى درجة يتعذر معها القيام بالتزاماتها أو أن مستوى التعليم فيها قد انحط نتيجة لذلك، فللوزارة أن تنذرها فى شخص القائم على ادارتها بالاغلاق بعد تقرير يقدم من المديرين العامين التعليم الثانونى والابتدائى والبنات بعد زيارتهم للمدرسة...) فصاحب المدرسة الحرة أى صاحب المؤسسة التعليمية ليس لزاما أن يكون هو صاحب المبنى الذى هو وعاء المدرسة ولا أن يكون صاحب الأرض أو الفدان الذى يقوم عليه المبنى الذى يضم بين جدرانه المدرسة أى المؤسسة. وقد يكون كذلك أحيانا ولكنه ليس لزاما. هذا الوضع الظاهر كان دائما قائما فى كافة التشريعات التى نظمت المدارس الحرة نلمسها فى نصوص القانون رقم (38) لسنة 1948 وفيما كان قائما قبله وهو القانون رقم (40) لسنة 1934 المعدل بالقانون رقم 29 لسنة 1939، ثم جاء القانون رقم (583 لسنة 1955 فى شأن تنظيم المدارس الحرة، وقد صدر فى 4/ 12/ 1955 فأشار الى صاحب المدرسة فى المادة (4) منه (يجب أن تتوافر فى صاحب المدرسة الحرة، ما لم يكن شخصا اعتباريا، الشروط الآتية:
(1).... (2).... فقرة (6) أن يكون قادرا على الوفاء بالتزامات المدرسة المالية. ونصت المادة (5) من هذا القانون على انه (اذ فقد صاحب المدرسة أحد الشروط المبينة بالمادة السابقة، وجب أن تنتقل ملكيتها الى آخر مستوف لها). وتجرى المادة (7) من القانون بأنه (يجب أن تتوافر فيمن يدير مدرسة حرة، سواء سمى ناظرا أو مديرا، وفيمن يستخدم بها للقيام بالتدريس الشروط الآتية). وكذلك المواد (10، 11، 14، 15) من القانون رددت عبارة (صاحب المدرسة) وكلها تقطع بأن المشرع لا يخلط بين صاحب المدرسة (المؤسسة غير الحكومية التى تقوم أصلا بالتعليم) وبين صاحب المبنى أو الأرض. وهذا لا يلتفت اليه مشرع تنظيم المدارس الحرة. انما تصدت لهذه التفرقة المادة (51) من القرار الوزارى رقم (512) لسنة 1956 - بتنفيذ أحكام القانون رقم (853) لسنة 1955 - منشور بالوقائع المصرية فى 24/ 5/ 1956 العدد 41 ملحق - فنصت المادة (51) من هذه اللائحة التنفيذية على انه (تقدر اعانة الايجار التى تدفع للمدارس الحرة المجانية الداخلة فى نطاق الاعانة على الوجه الآتى:
( ا ) اذا كان مبنى المدرسة مستأجرا فيكون أساس التقدير كذا...
(ب) أما اذا كان مبنى المدرسة مملوكا لصاحب المدرسة فان اعانة الايجار تقديرية بنسبة كذا من قيمة تكاليف مبانى المدرسة).
ومفاد ذلك انه متى كان مبنى المدرسة وأرضها، ملكا لمصلحة الأملاك الأميرية ومن بعدها لوزارة التربية والتعليم، فلا ينهض ذلك قرينة سلب ملكية المدرسة باعتبارها مؤسسة تعليمية من المطعون عليه، لا سيما وان هذه الملكية قد تأيدت باعتراف وزارة التربية والتعليم ذاتها، المستفاد من قبول مدرسة الدومين فى سنة 1944 ضمن نطاق المجانية، وصرفها اعانة تعويض للمدرسة المذكورة لكى يواجه بها صاحبها - اسكندر حنا - الالتزامات الخاصة بالمدرسة وبصيانتها ونظافتها واستكمال أدوات التعليم والهوايات والاستقبال وغير ذلك مما يستلزمه حسن سير الدراسة، وكذا مقابل ربح رأس ماله الذى أنفقه فى تأثيث المدرسة وتجديد أثاثها. وقد استمر صرف هذه الاعانة الى المطعون عليه رغم احالته الى المعاش سنة 1952 وتعيين ناظر لها، وقد اعترفت مصلحة الأملاك الأميرية فى العديد من كتبها الرسمية المقدمة بملفات هذا الطعن بأنها لا تملك أثاث مدرسة الدومين التى تشغل أرضها ومبناها - وبالرجوع الى أصل محضر التسليم المؤرخ 3/ 4/ 1957 يبين أن الذى تم تسليمه من مصلحة الدومين الأميرية الى وزارة التربية انما هو (مبنى مدرسة الجلاء الاميرية - الدومين سابقا - وجرى تسليم مبنى المدرسة المذكورة وما يتبعها من فضاء. وحدد المحضر أوصاف المبنانى).
فاذا جاء السيد وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد وأشر بخطه فى 2/ 9/ 1956 على المذكرة المعروضة عليه بتاريخ 14/ 8/ 1956 وموقع عليها باسم (عبد الرحمن لطفى) باتخاذ الاجراءات فورا لتسلم مبانى المدرسة وأرضها وكذلك الفدان الذى ترغب المصلحة التنازل عنه للمدرسة عن مصلحة الأملاك الأميرية وهذا هو ما جاء بالبند (3) من تأشيرة السيد وكيل الوزارة. ثم بعد ذلك بالبند (4) تضم المدرسة لوزارة التربية والتعليم وتصبح مدرسة حكومية. فلا جدال بعد ذلك فى أن نية الوزارة انصرفت بعبارة (تضم المدرسة لوزارة التربية وتصبح مدرسة حكومية) الى عملية استيلاء على مدرسة حرة لتصبح بالاستيلاء مدرسة حكومية أو أميرية.
ولا يمكن أن يتأتى هذا الانقلاب فى المركز القانونى للمدرسة من حرة الى أميرية إلا بقرار ادارى بقصد احداث أثر قانونى مترتب عليه. والواقع أن هذا التبديل فى المركز القانونى حصل قهرا عن صاحب المدرسة أو واضع اليد عليها أو المسئول عن ادارتها كمرفق للتعليم أو مؤسسة تؤدى رسالة التربية منذ خمسين عاما وهى فى يد السيد/ حنا. وفى أحكام كافة القوانين المنظمة للمدارس الحرة لا توجد عبارة (ضم المدرسة الحرة الى الوزارة لتصبح مدرسة حكومية) وانما يوجد فى أحكام هذه القوانين اصطلاح (الاستيلاء على المدارس أو غلقها). ولا يغير من هذه الحقيقة الصحيحة شيئا أن وزارة التربية وصفت عملها هذا بأنه مجرد استلام للمدرسة بأمر ادارى. فهذه عملية أخرى جاء أمرها فى البند الثالث من قرار السيد وكيل الوزارة حينما أمر باتخاذ الاجراءات فورا لتسلم "مبانى المدرسة" وأرضها وكذلك الفدان. وقد تم ذلك فعلا بمقتضى محضر التسليم لمبانى المدرسة فى 3/ 4/ 1957 أما عملية ضم المدرسة لتصبح حكومية (البند 4) فهذا هو الاستيلاء بعينه وان صدر على هذا النحو مخالفا لاحكام القانون.
ومن حيث ان القانون رقم (583) لسنة 1955 فى شأن تنظيم المدارس الحرة صدر فى 30 من نوفمبر سنة 1955 ونشر فى 4 من ديسمبر سنة 1955 العدد 93 مكرر الوقائع المصرية - وهو الذى صدر القرار المطعون فيه، فى ظل أحكامه ينص فى مادته الاولى على أنه (تعتبر مدرسة حرة فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون كل مؤسسة غير حكومية تقوم أصلا أو بصفة فرعية بالتربية والتعليم أو الاعداد للمهن الحرة أو بأية ناحية من نواحى التثقيف العام أيا كانت جنسية أصحابها أو الهيئة التابعة لها.
وتخضع المدارس الحرة لرقابة وزارة التربية والتعليم وتفتيشها فى الحدود وبالقيود الواردة بهذا القانون) ونصت المادة (28) منه على أن تنشأ وزارة التربية والتعليم لجنة تسمى (لجنة شئون التعليم الحر) وتشكل على النحو الوارد بالنص. وحددت المادة (29) منه اختصاصات هذه اللجنة ويدخل فيها الاستيلاء على المدارس فى الحالات التى يوجب القانون عرضها عليها. وتنص هذه المادة (29) على ما يأتى "تختص لجنة شئون التعليم الحر بما يأتى:
(1) الفصل فى التظلمات.....
(2) اخراج المدارس المعانة من نطاق الاعانة.
(3) الاستيلاء على المدارس أو غلقها فى الحالات التى يوجب القانون عرضها عليها.
(4) تقدير التعويضات المستحقة لأصحاب المدارس التى تستولى عليها الوزارة طبقا لاحكام هذا القانون.
(5) تنحية نظار المدارس فى حالات معينة.
ولا يكون اجتماع اللجنة صحيحا الا اذا حضره نصف الأعضاء على الأقل، وتكون قراراتها بأغلبية آراء الأعضاء الحاضرين، واذا تساوت الاصوات رجح الجانب الذى منه الرئيس، وتكون قرارات اللجنة نهائية). وحددت المادة 49 من هذا القانون الاجراءات التى تتبع اذا خالفت المدرسة الحرة أحكام هذا القانون. فنصت هذه المادة 49 على ما يأتى: (لمدير التربية والتعليم بالمنطقة المختصة، اذا خالفت المدرسة الحرة المرخص لها فى اتباع نظام المجانية أو خالف صاحبها أى حكم من أحكام هذا القانون أو القرارات الوزارية الصادرة تنفيذا له أن يتخذ أى من الاجراءات الآتية:
(1) وقف صرف الاعانة أو الحرمان منها.
(2) الوفاء بالالتزامات المالية التى يكون.... كما يجوز بقرار يصدر من لجنة شئون التعليم الحر بناء على اقتراح مدير التربية والتعليم بالمنطقة التعليمية المختصة:
(1) اخراج المدرسة من نطاق الاعانة.
(2) الاستيلاء عليها نهائيا.
(3) غلقا اداريا.
وجاء فى المذكرة الايضاحية لهذا القانون. "ان أهم ما تعنى به حكومة الثورة النهوض بالتعليم فى شتى مراحله، وخاصة مراحله العامة للعمل على نشر الثقافة بين أفراد الشعب. فهى آخذة فى انشاء المدارس الحكومية على نطاق واسع. ومن سياستها فى هذا الشأن ترقية المدارس الحرة وتشجيعها على أداء مهمتها فى التعليم على الوجه الأكمل، لتكون عونا صادقا للوزارة فى نشر التعليم. اذ أنه من الضرورى لتحقيق أهداف الوزارة فى سياستها التعليمية الجديدة أن تقوم بالبلاد هيئات وأفراد للمعاونة فى العمل على نشر التعليم بمجهودات حرة تتيح للتعليم مرونة وحيوية كبرى، وتفتح مجالا واسعا للتنويع والتجديد فى وسائل التعليم كما أنها تتيح فرصة التعليم للراغبين فيه اذا لم تتسع لهم المدارس الحكومية المجانية، فتعمل على قبول تلاميذ لا تسمح لهم شروط الوزارة من حيث السن أو من حيث مستوى النجاح فى الامتحان بدخول المدارس الحكومية. وقد نشأت فى مصر قبل عدة مدارس من ذلك النوع أدت للتعليم أجل الخدمات. ولما كان ميدان التعليم الحر لا يقل فى أهميته للبلاد عن ميدان التعليم الحكومى، فأنه يتحتم أن تحاط المدارس الحرة بالضمانات الوافية التى تكفل قيام الفضلاء بانشاء المدارس الحرة مستهدفين نشر التعليم والتربية.... وقد اتجهت الوزارة الى المبدأ الأساسى الذى ينبغى أن يقوم عليه قانون التعليم الحر هو أن الاصل فى انشاء المدارس الحرة ان تكون مؤسسات تعتمد فى تحويلها على مواردها الخاصة، لان الوزارة اذا خالفت هذا المبدأ كان الأولى أن تقوم هى وحدها بكل أعباء نشر التعليم عن طريق انشاء المدارس الحكومية..".
ومن حيث أنه بتطبيق أحكام النصوص المشار اليها فى القانون رقم 583 لسنة 1955 وعلى ضوء ما أفصح عنه المشرع فى مذكرته الايضاحية وبمراجعة أحكام القرار الوزارى رقم (512) لسنة 1956 بتنفيذ أحكام قانون تنظيم المدارس الحرة، على مدرسة الدومين الأبتدائية بكفر الاطرش لصاحبها اسكندر حنا يتضح لهذه المحكمة بما لا يدع مجالا للشك، أنها مدرسة حرة مجانية داخل نطاق الاعانة، وخاضعة لاحكام القانون رقم (583) لسنة 1955 وبالتالى فلا مراء فى ان هذه المدرسة الحرة تتمتع بالحماية التى أضفاها القانون وبالحقوق التى رتبها لهذا النوع من المدارس، وهى بهذا الوصف لها كيان ذاتى مستقل عن المبنى الذى تشغله والذى جرى تسليمه بموجب المحضر المؤرخ 3/ 4/ 1957 الى وزارة التربية والتعليم. واذا ثبت مما تقدم أنه لا مدرسة الدومين الابتدائية الحرة المرخص لها فى اتباع نظام المجانية، ولا صاحبها اسكندر حنا قد خالف حكما من أحكام القانون رقم (583) لسنة 1955 أو القرارات الوزارية الصادرة تنفيذا له ولم يصدر من المطعون عليه شئ مما يمكن أن يدخل تحت الاسباب التى حددها القانون ولائحته التنفيذية للاستيلاء على المدرسة المذكورة، كما وأن قرار الاستيلاء على المدرسة (والذى عبرت عنه جهة الادارة بأنه ضم للمدرسة الحرة الى الوزارة لتصبح مدرسة حكومية) لم يعرض على لجنة شئون التعليم الحر لتتخذ ما تراه فى شأن هذا الاستيلاء عليها بوصفها صاحبة الاختصاص الاصيل فى الاستيلاء على المدارس الحرة وفقا لحكم الفقرة الرابعة من المادة (49) من القانون رقم 583 لسنة 1955 يؤكد هذه المخالفة الجوهرية لاحكام القانون ما رددته المذكرة الايضاحية فى هذا الخصوص من ان: "كثيرين اقدموا على فتح مدارس حرة فى أماكن غير مستوفاة لمقومات المدرسة حتى ان بعضها لا يعدو ان يكون أماكن لايواء التلاميذ ولا يجوز تسميتها مدارس الا تجاوزا. كما ان بعض المدارس ارتكبت مخالفات جسيمة كما وجد بها نقص يضر بحسن سير التعليم. فلما رأت الوزارة ان تحافظ على صحة ابناء الشعب. وأن ترعى ما يؤدى لهم من الوان الثقافة لم يستجب هؤلاء لنصائح الوزارة فى اجراء الاصلاحات المطلوبة. ولذا اتجهت الوزارة الى اغلاق تلك المدارس القائمة. ولذلك رؤى جعل فتح المدرسة الحرة أو نقلها متوقفا على الترخيص الذى لا يحصل عليه صاحبه الا اذا استوفى كل الشروط اللازمة لحسن سير التعليم كما استعيض عن نظام الاغلاق القضائى بالاغلاق الادارى بحيث تغلق المدرسة التى تفتح بغير ترخيص بقرار من وزارة التربية والتعليم. كما رؤى ان يكون للوزارة حيال المدرسة التى تخالف القانون حق اغلاقها أو الاستيلاء عليها، وهناك من الضمانات ما يكفل العدالة حيث استحدثت لجنة شئون التعليم الحر لتعرض عليها مسائل غلق المدارس والاستيلاء عليها، وتعويض اصحابها، والنظر فى التظلمات التى تقدم من أصحاب المدارس، كما رؤى أن يمثل هذه اللجنة أصحاب المدارس الحرة). وواضح بعد ذلك أن السيد وكيل الوزارة المساعد لا يملك الاستيلاء على هذا النوع من المدارس ولو أطلقت الجهة الادارية على هذا الاستيلاء وصفا آخر يستر حقيقة الاستيلاء وترتيبا على ما تقدم يكون القرار المطعون فيه قد خالف أحكام القانون من وجهين: ليس فحسب لانه صدر ممن لا يملك قانونا اصداره، وانما أيضا لأنه قام على غير سبب يحمله. ومن ثم فيتعين لما تقدم الغاؤه.
ومن حيث انه فيما يتعلق بطلب أعانة التعويض المستحقة للمطعون عليه عن مدرسة الدومين فان الثابت من الاوراق أنها مدرسة ابتدائية حرة معانة فى الدرجة الثالثة، وقدرت لها منطقة طنطا التعليمية اعانة تعويض يبلغ صافيها (500 مليم و283 جنيها) سنويا تدفع على ثلاث أقساط متساوية كل قسط منها (500 مليم و94 جنيها) يخصم منه (200 مليم و40 جنيها) فيكون صافى القسط (300 مليم و54 جنيها) سنويا. وثابت أيضا من الملفات المودعة أن منطقة طنطا التعليمية كانت قد توقفت عن صرف الأقساط المستحقة عن يوليو ونوفمبر سنة 1954 وعن مارس سنة 1955 وعندما تمت تبعية المدرسة لمنطقة المنصورة التعليمية استحق للمطعون عليه لديها أقساط يوليو ونوفمبر سنة 1955 ومارس ويوليو سنة 1956 حتى تم الاستيلاء فى 8/ 9/ 1956 وقيمة هذه الأقساط (500 مليم و189 جنيها) وقد علتها منطقة المنصورة التعليمية أمانات. والثابت على ما سلف شرحه فى وقائع هذا الطعن أن المطعون عليه لم تقع منه مخالفة يترتب عليها حرمانه من هذه الاعانة منذ يوليو سنة 1954 حتى تاريخ الاستيلاء على مدرسته وضمها الى الوزارة لتصبح مدرسة حكومية أو أميرية. ذلك أنه قام بكافة الاصلاحات المطلوبة منه فور اخطاره بها، وفضلا عن ذلك فالثابت كما قدمنا أن تعلية الإعانة بالامانات بعد وقف صرفها سواء بمنطقة طنطا التعليمية عن سنة 1954 أو بمنطقة المنصورة التعليمية عن سنتى (1955، 1956) لم يكن لسبب من الأسباب التى حددها القانون وانما لسبب آخر هو انتظار أن تبت الوزارة فى ملكية المدرسة وذلك نتيجة الخلط بين ملكية البناء من ناحية وملكية المدرسة أى المؤسسة من ناحية أخرى، وتأسيسا على ذلك يكون القرار الصادر بحرمان المطعون عليه من هذه الاعانة عن المدة المذكورة على غير أساس من القانون ويتعين الغاؤه والحكم باستحقاق المطعون عليه لمبلغ 152 جنيها و900 مليما لدى منطقة طنطا التعليمية، ولمبلغ 186 جنيها و500 مليم لدى منطقة المنصورة أى يساوى 339 جنيها و400 مليم وهى اعانة التعويض عن مدرسة الدومين الابتدائية لصاحبها اسكندر حنا عن المدة من أول يوليو سنة 1954 الى سبتمبر سنة 1956 تاريخ الاستيلاء عليها وصيرورتها مدرسة أميرية. وذلك كله على النحو الذى ذهب اليه الحكم المطعون فيه والطعن فيه لا يقوم على سند سليم من القانون. ومن حيث انه عن طلب المطعون عليه التعويض عن قرار الاستيلاء الذى انتهت هذه المحكمة فى شأنه الى أنه ليس فحسب جاء مخالفا لصدوره من السيد وكيل الوزارة المساعد الذى لا يملك على المدارس الحرة، فذلك من اختصاص لجنة شئون التعليم الحر، وانما أيضا لأن قرار الاستيلاء هذا قد قام على غير سبب يحمله. وترتيبا على ذلك يكون ركن الخطأ ثابتا فى حق جهة الادارة، وركن الضرر مؤكدا فى جانب المطعون عليه اذ يرفع يده قهرا وبغير حق عن المدرسة التى باشرها ورعاها قرابة خمسين عاما وحرمانه من مصدر رزقه الذى أفنى عمره فى سبيله. ورابطة السبية بين الخطأ والضرر واضحة. وتقدر هذه المحكمة التعويض الذى يستحقه المطعون عليه عن ذلك كله تعويضا جامعا مانعا بمبلغ خمسمائة جنيه مراعية فى ذلك أن المطعون عليه قد أفاد - أيضا من نشاطه الطويل فى هذا المضمار خلال النصف قرن الماضى -، فوائد مادية وأدبية لا يمكن التغاضى عنها. كما تقدر المحكمة أن فى الغاء القرار المطعون فيه خير عوض عما أصاب المضرور من أضرار أدبية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من الزام الحكومة بأن تدفع للمدعى مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض وقصر هذا التعويض على خمسمائة جنيه وأيدت الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة.