أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 932

جلسة 5 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقى العصار، وزكى الصاوى صالح، وجمال الدين عبد اللطيف، وعبد الحميد المرصفاوى.

(159)
الطعن رقم 491 لسنة 43 القضائية

اختصاص "اختصاص ولائى". تحكيم "هيئة التحكيم" مؤسسات.
المؤسسات الصحفية. من أشخاص القانون الخاص. اعتبارها فى حكم المؤسسات العامة فى حالات خاصة. ق. 156 لسنة 1960 وق - لسنة 1964 - المنازعات فيها يجاوز هذه الحالات من اختصاص القضاء العادى دون هيئات التحكيم.
مفاد نص المادة السادسة رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة ونص المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 151 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة - إن المؤسسات الصحفية لا تعدو أن تكون مؤسسات خاصة غير أن المشرع رأى أن يكون تأسيسها للشركات المساهمة اللازمة لمباشرة نشاطها وتنظيم علاقتها بها وفق القواعد المقررة بالنسبة للمؤسسات العامة، كما اعتبرها فى حكم هذه المؤسسات فيما يتعلق بمسؤولية مديريها ومستخدميها الجنائية، وفيما يختص بمزاولة الاستيراد والتصدير، ومن ثم تعد المؤسسات الصحفية - فيما يجاوز هذه المسائل - من أشخاص القانون الخاص، وبالتالى يكون الاختصاص بشأنها لجهة القضاء العادى صاحب الولاية العامة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر المؤسسة الطاعنة - مؤسسة دار المعارف - مؤسسة عامة ورتب على ذلك القضاء بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى وهى خاصة بمطالبة بنك مصر الطاعن بمبلغ مقابل نشرات، وباختصاص هيئات التحكيم بها، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن مؤسسة دار المعارف بمصر - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 5717 سنة 1971 مدنى شمال القاهرة الابتدائية ضد بنك مصر - المطعون عليه - طالبة الحكم بالزامه بأن يؤدى لها مبلغ 417 جنيها و694 مليما قيمة طبع نشرات تعهد بالوفاء به بمقتضى خطابه المؤرخ 26/ 8/ 1969، دفع البنك المطعون عليه بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى تأسيسا على إن هيئات التحكيم هى المختصة بنظر النزاع لأن الطاعنة مؤسسة عامة. وبتاريخ 6/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى هيئة التحكيم المختصة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2903 سنة 89 مدنى. وبتاريخ 24/ 3/ 1973 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول أن الحكم اعتبرها مؤسسة عامة استنادا إلى أنه وإن كانت طبيعة المؤسسات الصحفية لم تحدد بنص فى القانون إلا أن مقومات المؤسسات العامة متوافرة فيها إذ أن لها مجلس إدارة يصرف شئونها وميزانية مستقلة وتقوم على إدارة مرفق عام هو توجيه الشعب عن طريق الصحافة وإشباع حاجات الأفراد من العلم والمعرفة بأوجه نشاط العالم الخارجى كما إن القانون رقم 151 لسنة 1964 قد منحها حق تأسيس شركات مساهمة بمفردها لمزاولة نشاطها الخاص بالنشر أو الإعلان أو الطباعة أو التوزيع وفق القواعد المقررة للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادى، فى حين أن المؤسسات الصحفية مملوكة للاتحاد الاشتراكى الذى يشكل مجالس إدارتها وهو هيئة سياسية مستقلة عن سلطات الدولة، ولكل مؤسسة صحيفة ميزانية مستقلة لا يئول فيها شئ للدولة ولا تخضع لاشرافها، وقد نص القانون رقم 151 سنة 1964 على أن تعتبر المؤسسات الصحفية فى حكم المؤسسات العامة فى أحوال حددها على سبيل الحصر فى المادتين الثانية والثالثة منه مما مفاده أنه فيما عدا هذه الحالات تعتبر المؤسسات الصحفية مؤسسات خاصة، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة السادسة رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة وقد نصت على أن "يشكل الاتحاد القومى - الذى حل محله الاتحاد الاشتراكى - مؤسسات خاصة لإدارة الصحف التى يملكها، ويعين لكل مؤسسة مجلس إدارة يتولى مسئولية إدارة صحف المؤسسة،" كما نصت المادة الثانية والثالثة من القانون رقم 151 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية على أنه "للمؤسسات الصحفية تأسيس شركات مساهمة بمفردها دون أن يشترك معها مؤسسون أخرون وذلك لمباشرة نشاطها الخاص بالنشر أو الإعلان أو الطباعة أو التوزيع، ويكون تأسيس هذه الشركات وتنظيم علاقة المؤسسات الصحفية بها وفق القواعد المقررة بالنسبة للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادى" ونصت المادة الثالثة منه على أن "تعتبر المؤسسات الصحفية المشار إليها فى هذا القانون فى حكم المؤسسات العامة فيما يتعلق بأحوال مسئولية مديريها ومستخدميها المنصوص عليه فى قانون العقوبات، وفيما يتعلق بمزاولة التصدير والاستيراد" فإن مفاد هذه النصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إن المؤسسات الصحفية لا تعدو أن تكون مؤسسات خاصة غير أن المشرع رأى أن يكون تأسيسها للشركات المساهمة. اللازمة لمباشرة نشاطها وتنظيم علاقتها بها وفق القواعد المقررة بالنسبة للمؤسسات العامة، كما اعتبرها فى حكم هذه المؤسسات فيما يتعلق بمسئولية مديريها ومستخدميها الجنائية وفيما يختص بمزاولة الاستيراد والتصدير ومن ثم تعد المؤسسات الصحفية فيما يجوز هذه المسائل - من أشخاص القانون الخاص - وبالتالى يكون الاختصاص بشأنها لجهة القضاء العادى صاحب الولاية العامة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر المؤسسة الطاعنة مؤسسة عامة ورتب على ذلك القضاء بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى وهى خاصة بمطالبة بنك مصر - الطاعن - بمبلغ مقابل طبع نشرات وباختصاص هيئات التحكيم بها فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق بما يستوجب نقضه.