أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 962

جلسة 13 من أبريل سنه 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى كمال سليم وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الفقى، وأحمد سيف الدين سابق، ومحمد عبد الخالق البغدادى، وسليم عبد الله.

(164)
الطعن رقم 16 لسنة 44 القضائية

(1) حكم "الطعن فى الحكم". بطلان "بطلان الأحكام". صورية.
رفع دعوى أصلية ببطلان الحكم. شرطة. تجرد الحكم من أركانه الأساسية. ادعاء الدائن صورية الحكم الصادر ضد مدينه. لا يفقده. الأركان الأساسية للأحكام.
(2) حكم "حجية الأحكام". التماس إعادة النظر. خلف.
حجية الأحكام. امتدادها إلى الدائنين العاديين للخصوم. جواز التظلم من الحكم بطريق التماس إعادة النظر متى اثبت الدائن غش المدين أو تواطئه. م 241/ 8 مرافعات.
(3) دعوى "الدعوى البوليصية" حكم.
علم نفاذ تصرف المدين قبل الدائن. م 237 مدنى. مراعاة وروده على الأحكام الصادرة ضد المدين.
1 - إذ حصر المشرع طرق الطعن فى الأحكام ووضع لها آجالا محددة وإجراءات معينة، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة(1) - يمتنع بحث أسباب العوار التى قد تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة لها، بحيث إذا كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهدار تلك الأحكام بدعوى بطلان أصلية، وذلك - تقديرا لحجية الأحكام باعتبارها عنوان الحقيقة فى ذاتها، وأنه أجاز استثناء من هذا الأصل العام - فى بعض الصور - القول بإمكان رفع دعوى بطلان أصلية، غير أن ذلك يتأتى إلا عند تجرد الحكم من أركانه الأساسية وليس هذا هو الشأن فى الدعوى الحالية إذ أن العيب - الادعاء بالصورية - الذى أثاره الطاعن - الدائن - بالنسبة لحكم النفقة - الصادر ضد المدين لصالح زوجته إن صح - لا يفقده الاركان الأساسية للأحكام.
2 - متى كانت حجية الأحكام ليست قاصرة على أطرافها الذين كانوا ممثلين بأشخاصهم فيه بل هى تمتد أيضا إلى من كان ماثلا فى الدعوى بمن ينوب عنه كدائنى الخصم العاديين، فإن حكم النفقة الصادر على المطعون ضده الأول لصالح زوجته - يسرى فى حق الطاعن (الدائن) باعتباره فى حكم الخلف العام بالنسبة لمدينه المطعون ضده - المذكور - وقد أتاح القانون للطاعن سبيل التظلم من هذا الحكم بطريق التماس إعادة النظر بشرط إثبات غش مدينة المذكور أو تواطئه، وذلك إعمالا للفقرة الثامنة من المادة 241 من قانون المرافعات.
3 - عدم النفاذ المنصوص عليه فى المادة 237 من القانون المدنى، يرد على التصرفات وليس على الأحكام.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعن فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 1047 سنة 1971 مدنى كلى شبين الكوم على المطعون ضدهما طالبا أصليا بطلان الحكم رقم 103 سنة 1970 أحوال شخصية شبين الكوم واحتياطيا بوقف نفاذه بالنسبة له وقال فى بيان دعواه أن المطعون ضده الأول وهو رقيب شرطة تابع له كان قد ارتكب أثناء تأدية وظيفة جنحة قتل خطأ حكم فيها نهائيا بادانته فأقام المضرور دعوى تعويض عليهما قضى فيها نهائيا بالزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 500 جنيه، ونفاذا لهذا الحكم أوفى هو بمبلغ التعويض إلى المحكوم له، ثم اتخذ اجراءات استقطاعه من مرتب تابعه فى حدود الربع بواقع 4 جنيهات و47 مليما شهريا، غير أن تابعه المطعون ضده الأول تواطأ مع زوجته المطعون ضدها الثانية فأقامت عليه دعوى النفقة رقم 103 سنة 1970 أحوال شخصية بندر شبين الكوم وصادقها فيها بالزامه بأن يدفع لها أربع جنيهات شهريا وأصبح دين النفقة المحكوم به متقدما على دينه ومستغرقا لربع المرتب مما أدى إلى توقف تحصيل هذا الدين، ولما كان حكم النفقة المشار إليه هو فى حقيقته حكم صورى صدر نتيجة غش وتواطؤ بين المطعون ضدهما بقصد الإضرار به وتفويت حقه فى خصم مستحقاته من مرتب تابعه المطعون ضده الأول فقد رفع الدعوى بالطلبات السالف بيانها مستندا فى طلبه الاحتياطى إلى المادة 237 من القانون المدنى - وبتاريخ 27/ 3/ 1972 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى بالنسبة للطلب الأصلى - ثم قضت بتاريخ 25/ 12/ 1972 برفض الطلب الاحتياطى استأنف الطاعن هذين الحكمين بالاستئناف رقم 24 لسنة 6 قضائية مأمورية شبين الكوم؛ وبتاريخ 12/ 11/ 1973 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وإذ عرض على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وفى بيان ذلك يقول إن محكمة الموضوع غير مقيدة فى تكييف الطلبات المعروضة عليها بوصف الخصوم لها وإنما تلتزم بالتكييف الصحيح الذى تنبيه من وقائع الدعوى وتطبيق القانون عليها، وإن الحكم المطعون فيه إذ كيف دعواه سواء فى الطلب الأصلى أو الإحتياطى بأنها تلك المشار إليها بالمادة 237 من القانون المدنى يكون قد خالف القانون ذلك لأن الواقع المطروح فى الدعوى بطلبتها أن الحكم 103 لسنة 1970 أحوال شخصية بندر شبين الكوم قد صدر نتيجة غش وتواطؤ بين المطعون ضدهما بقصد الأضرار بحقه فى اقتضاء دينه خصما من مرتب المطعون ضده الأول، ومؤدى ذلك أن يكون التكييف الصحيح لدعواه أنها دعوى صورية حكم النفقة المذكور، ولكن الحكم المطعون فيه حجب نفسه عن بحث أدلة الصورية المقدمة فى الدعوى فلم يتبين الواقع الصحيح المطروح فيها مما أدى به إلى الخطأ فى تكييف هذا الوقع وبالتالى إلى رفض طلب بطلان الحكم المشار إليه مستندا إلى حجيته وأعرض عن وقف نفاذه تأسيسا على أنه ليس تصرفا فينأى عن نطاق المادة 237 من القانون المدنى، وذلك فى حين أن حجية الأحكام نسبية لا تتعدى أطرافها فلا تمتد حجية حكم النفقة إليه لأنه لم يكن طرفا فيه وليس له سبيل للطعن عليه بطرق الطعن المقررة قانونا، هذا بالإضافة إلى أن لأحكام النفقات حجية مؤقتة فيرد عليها الإسقاط بزوال دواعيها، ومتى ثبت تواطؤ المطعون ضدها فى استصدار حكم النفقة بقصد الإضرار به فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يعيد النظر فى ذلك الحكم وإسقاطه، ومن ناحية أخرى فإنه قد صدر بناء على ما تصادق عليه المطعون ضدهما، وهذه المصادقة ليست إلا تصرفا بينهما ينطبق عليه حكم المادة 237 من القانون المدنى فيحق للطاعن طلب وقف نفاذه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله بما يستوجب نفسه.
وحيث إن هذا النعى غير صحيح، ذلك أنه متى كان الواقع فى الدعوى أن الطاعن استهدف بالطلب الاصلى القضاء له ببطلان الحكم 130 لسنة 970 أحوال شخصية بندر شبين الكوم، وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض هذا الطلب على أساس "أنه لا سبيل لإهدار الحكم المذكور بدعوى بطلان أصلية وذلك تقديرا لحجية الأحكام باعتبارها عنوان الحقيقة فى ذاتها، وأنه وإن كانت أحكام النفقة ذات حجية مؤقتة بطبيعتها إلا أن ذلك لا ينال وجوب احترامها وتظل هذه الحجية المؤقتة باقية طالما أن دواعى النفقة وظروف الحكم بها لم تتغير..." - فإن هذا أسس عليه الحكم قضاءه صحيح فى القانون، ذلك أنه وقد حصر المشرع طريق الطعن فى الأحكام ووضع لها آجالا محددة وإجراءات معينة، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يمتنع بحث أسباب العوار التى تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة لها، بحيث إذا كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهدار تلك الأحكام بدعوى بطلان أصلية، وذلك تقديرا لحجية الأحكام باعتبارها عنوان الحقيقة فى ذاتها، وأنه وإن جاز استثناء من هذا الأصل العام - فى بعض الصور - القول بإمكان رفع دعوى بطلان أصلية، غير أن ذلك لا يتأتى إلا عند تجرد الحكم من أركانه الأساسية، وليس هذا هو الشأن فى الدعوى الحالية إذ أن العيب الذى أثاره الطاعن بالنسبة لحكم النفقة المشار إليه - إن صح - فهو لا يفقده الأركان الأساسية للأحكام، ولما كانت حجية الأحكام ليست قاصرة على أطرافها الذين كانوا ممثلين بأشخاصهم فيها بل هى تمتد أيضا إلى من كان ماثلا فى الدعوى بمن ينوب عنه كدائنى الخصم العاديين، فإن حكم النفقة المذكور يسرى فى حق الطاعن (الدائن) باعتباره فى حكم الخلف العام بالنسبة لمدينة المطعون ضده الأول، وقد أتاح القانون للطاعن سبيل التظلم من هذا الحكم بطريق إلتماس إعادة النظر بشرط اثبات غش مدينه المذكور أو تواطئه وذلك أعمالا للفقرة الثامنة من المادة 241 من قانون المرافعات لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الطلب الاحتياطى على سند من القول بأنه "أخذا بواقع هذا الطلب وتأصيل الطاعن له بالاستناد إلى نص المادة 237 من القانون المدنى وما ساقة تبريرا له يكون هذا الطلب دعوى بعدم نفاذ التصرف وهذه الدعوى يجب أن تنصب على تصرف وليس على حكم ........ ولما كان حكم النفقة هو المطلوب وقف رفضه نفاذه ...... فان هذا الطلب ينأى عن نطاق المادة 237 مدنى وما بعدها ويتعين رفضه...." وكان هذا الذى قرره الحكم - فى شأن تكييف طلب وقف النفاذ - متفقا مع الواقع الذى طرحه الطاعن والأساس القانونى لطلبه الاحتياطى ذلك أن عدم النفاذ المنصوص عليه فى المادة 237 من القانون المدنى والتى اعتصم الطاعن باحكامها إنما يرد على التصرفات وليس على الأحكام فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض جلسة 7/ 3/ 1972 مجموعة المكتب الفنى السنة 23 صـ 311