أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 970

جلسة 18 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد صالح أبو رواس، وعضوية السادة المستسارين/ جميل الزينى، وسعد العيسوى، ومحمود حسن حسين، ومحمود حمدى عبد العزيز.

(166)
الطعن رقم 562 لسنة 40 القضائية

(1، 2) فضالة. بنوك "خطاب الضمان". حكم. ما يعد قصورا.
(1) الفضالة. ماهيتها. المادتان 188 و189 مدنى.
(2) رفض دعوى رجوع البنك على العميل بمقتضى خطاب الضمان بعد أن مد البنك أجل الخطاب دون موافقته. اغفال الحكم بحث ما أستند إليه البنك من أحكام الفضالة. قصور.
1 - الفضالة باعتبارها من مصادر الالتزام تتحقق طبقا لما تنص عليه المادتان 188، 189 من التقنين المدنى كلما تولى الشخص عن قصد أثناء توليه شأنا لنفسه القيام بعمل عاجل لحساب غيره لما بين الشأنين من ارتباط لا يمكن القيام باحدهما منفصلا عن الآخر.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه اقتصر فى إقامة قضائه برفض دعوى الطاعن - البنك - قبل المطعون ضدهم - العملاء - على أنه لا يجوز للبنك أن يستقل بمد أجل خطاب الضمان دون موافقة عملية ما دام أن للضمان أجلا موقوتا فى الخطاب الصادر للمستفيدة - شركة مصر للتجارة الخارجية - والمتفق على تحديده مقدما وهو ما لا يواجه دفاع الطاعن من أنه كان وقت تجديد خطاب الضمان فضوليا تولى شأنا عاجلا للمطعون ضدهم أثناء توليه شأن نفسه بما يصلح أساسا لمطالبة المطعون ضدهم بالمبلغ الذى أداه لشركة مصر للتجارة الخارجية. وكان المعول عليه فى معنى القصور - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون الدفاع الذى يلتفت الحكم عن الرد عليه جوهريا ومما قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى. وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع على أهميته ويقسطه حقه من الرد فإنه يكون مشوبا بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن - بنك بور سعيد - أقام الدعوى رقم 1529 سنة 1963 تجارى كلى القاهرة طالبا الزام المطعون ضدهم بأن يدفعوا له متضامنين مبلغ 1602 جنيها و501 مليما قيمة رصيدهم المدين بحسابهم الجارى لديه لغاية 31/ 12/ 1962 وفوائده تأسيسا على أنه بتاريخ 1/ 2/ 1961 تقدم المطعون ضدهم إليه بطلب اصدار خطاب ضمان باسمهم لصالح شركة مصر للتجارة الخارجية بملغ 2000 جنيها ولمدة تنتهى فى 31/ 5/ 1961 ضمانا لتنفيذ عقد توريد ثوم للشركة المذكورة ولبى الطاعن الطلب وأصدر خطاب الضمان المطلوب، ثم وافق على مد خطاب الضمان عدة مرات بناء على طلب الشركة المستفيدة وبتاريخ 26/ 2/ 1962 عادت إلى طلب مد الخطاب حتى 31/ 5/ 1962 أو صرف قيمتة فى حالة عدم الموافقة وبتاريخ 29/ 5/ 1962 أخطرته شركة مصر للتجارة الخارجية بأنها أرسلت خطاب الضمان للتحصيل عن طريق بنك الاسكندرية فقام الطاعن بسداد القيمة مع قيدها بحساب المطعون ضدهم الجارى الذى أتضح أنه أصبح مدينا بمبلغ 1602 جنيها و501 مليما حتى 31/ 12/ 1962 وهو ما أقام الدعوى بطلبه وبتاريخ 4/ 1/ 1966 قضت محكمة أول درجة بندب خبير لتصفية حساب هذه العملية وبيان ما إذا كان المطعون ضدهم وافقوا على مد أجل خطاب الضمان أولا. وبتاريخ 12/ 11/ 1968 وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت المحكمة بالزام المطعون ضدهم متضامنين بأن يدفعوا للطاعن مبلغ 1602 جنيها و551 مليما والفوائد، استأنف المطعون ضدهم الحكم بالاستئناف رقم 603 لسنة 85 ق. ومحكمة استئناف القاهرة قضت فى 12/ 5/ 1970 بالغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن فى الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول بأنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن رجوعه على المطعون ضدهم بقيمة خطاب الضمان التى دفعها للشركة المستفيدة منه وإن استند إلى التزامهم الناشئ عن الطلب الذى قدموه لاستصدار الخطاب ضمانا لتنفيذ عملية التوريد الراسية عليهم، فانه يستند أيضا إلى أحكام الفضالة ذلك أن الطاعن حين وافق على مد أجل خطاب الضمان مرة بعد أخرى استجابة لطلب الجهة المستفيدة كان يبغى تحقيق مصلحة مشتركة بينه وبين المطعون ضدهم تتمثل فى تأجيل الوفاء النقدى بقيمة الخطاب للشركة المستفيدة وهو ما يترتب عليه فى ذات الوقت تأخير الرجوع عليهم بها وتهيئة مزيد من الفرص ومتسع من الوقت لهم لتنفيذ التزامهم تجاه المستفيدة من الخطاب وهذا العمل الذى قام به وتحققت به المنفعة المزدوجة هو ما يوفر له حق الرجوع على المطعون ضدهم بقيمة ما أداه طبقا لأحكام الفضالة وإذ أعرض الحكم المطعون فيه عن مواجهة هذا الدفاع وتمحيصه وعدم الرد عليه مع ما له من أثر فى تغيير وجه الرأى فى الدعوى فإنه يكون مشوبا بالقصور الذى يستوجب نقصه.
ومن حيث إن هذا النعى فى محلة ذلك أن الفضالة باعتبارها من مصادر الالتزام تتحقق طبقا لما تنص عليه المادتان 188، 189 من التقنين المدنيين كلما تولى الشخص عن قصد أثناء توليه شأنا لنفسة القيام بعمل عاجل لحساب غيره لما بين الشأنين من ارتباط لا يمكن القيام بأحدهما منفصلا عن الآخر، وإذ كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن قبوله مد أجل خطاب الضمان مرة تلو أخرى حتى 29/ 5/ 1962 استجاب لطلبات الشركة المستفيده منه باعتباره ضامنا للمطعون ضدهم وفق الخطاب الذى أصدره لها إنما كان لمصلحته ومصلحة عملائه معا ابتغاء إرجاء الوفاء منه بالقيمة للمستفيدة وفاء نقديا عاجلا من جهة وتأخير الرجوع على المطعون ضدهم بتلك القيمة فيما لو تم دفعها فى الحال، وهذه المصلحة المشتركة التى تحققت بموافقة على مد أجل خطاب الضمان دون موافقة المطعون ضدهم سلفا على المد كانت من بين أسانيده فى الرجوع عليهم بقيمة ما أداه فى نطاق أحكام الفضالة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر فى إقامة قضائه برفض دعوى الطاعن قبل المطعون ضدهم على أنه لا يجوز للبنك أن يستقل بمد أجل خطاب الضمان دون موافقة عميله ما دام أن للضمان أجلا موقوتا فى الخطاب الصادر للمستفيدة والمتفق على تحديده مقدما وهو شأنا عاجلا للمطعون ضدهم أثناء توليه شأن نفسه بما يصلح أساسا المطالبة المطعون بالمبلغ الذى أداه لشركة مصر للتجارة الخارجية وكان المعول عليه فى معنى القصور على ما جرى به قضاءه هذه المحكمة - أن - يكون الدفاع الذى يلتفت الحكم عن الرد عليه جوهريا ومما قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع على اهميته ويقسطه حقه من الرد فإنه يكون مشوبا بالقصور الذى يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.