أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 982

جلسة 19 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقى العصار، ورأفت عبد الرحيم، وزكى الصاوى صالح، وجمال الدين عبد اللطيف.

(168)
الطعن رقم 42 لسنة 40 القضائية

(1) عمل. موظفون.
إدارة النقل العام لمدينة الاسكندرية قبل اعتبارها هيئة عامة بالقرار الجمهورى 4494 لسنة 1965 من أشخاص القانون العام. الموظفون والمستخدمون بها. اعتبارهم من الموظفين العموميين.
(2) مسئولية "مسئولية تقصيرية". موظفون.
عدم جواز مخالفة الموظف للائحة المخازن والمشتريات. ق 210 لسنة 51 المعدل بالقانون 73 لسنة 1957. مسؤولية أمناء المخازن وأرباب العهد عما فى عهدتهم ومنهم قائد سيارة النقل العام. أساسها القانون لا العمل غير مشروع.
(3) تقادم "تقادم مسقط". تعويض. مسئولية. موظفون.
دعوى التعويض المرفوعة من إدارة النقل العام بالاسكندرية ضد قائد سيارتها عن التلفيات التى أحدثها بها نتيجة خطئه. استنادها إلى إخلائه بالالتزامات الناشئة عن القانون التى تفرضها عليه وظيفته. سقوطها بالتقادم العادى. م 374 مدنى لا محل لتطبيق المادة 172 مدنى بشأن العمل غير المشروع.
1 - إذ كانت إدارة النقل العام لمدينة الأسكندرية - الطاعنة - وقبل صدور القرار الجمهورى رقم 4494 لسنة 1965 الذى اعتبرها هيئة عامة، قد أنشئت بالقانون رقم 22 لسنة 1954 الصادر بتاريخ 9/ 1/ 1954 الذى أضفى عليها الشخصية المعنوية وكانت تباشر مرفقا عاما من مرافق الدولة، فهى بذلك تعتبر من أشخاص القانون العام، ويعتبر موظفوها ومستخدموها موظفين عموميين بحكم تبعيتهم لها، وتكون علاقتهم بها علاقة تنظيمية عامة تحكمها القوانين واللوائح.
2 - إذ كان الثابت أن المطعون عليه كان يشغل وقت الحادث وظيفة سائق لدى الطاعنة - هيئة النقل العام لمدينة الاسكندرية - وكانت علاقة الموظف بالدولة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح الصادرة بشأنها وهى التى تحدد حقوق وواجبات كل وظيفة بصرف النظر عن شاغلها، وإذ بين المشرع حقوق الموظفين ثم حدد واجباتهم والأعمال المحرمة عليهم فى الفصل السادس من الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 وكانت المادة 82 مكرر المضافة إلى أحكام هذا الفصل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 المعمول به من تاريخ نشره فى 4/ 4/ 1957 قبل حصول إتلاف السيارة قد حرمت على الموظف فى الفقرة الرابعة منها مخالفة لائحة المخازن والمشتريات المصدق عليها من مجلس الوزارة فى 6/ 6/ 1948 وكانت المادة 45 من هذه اللائحة والتى قررت من قبل العمل بالمادة 4 من المرسوم بقانون رقم 132 لسنة 1952، ومحاكمة من يخالفها تأديبيا قد نصت على أن أمناء المخازن وجميع أرباب العهد مسئولون شخصيا عن الأصناف التى فى عهدتهم وعن حفظهما والاعتناء بها وعن صحة وزنها وعددها ومقاسها ونوعها وعن نظافتها وصيانتها من كل ما من شأنه أن يعرضها للتلف أو الفقد، ولا تخلى مسئوليتهم إلا إذا ثبت للمصلحة أن ذلك قد نشأ عن أسباب قهرية أو ظروف خارجة عن ارادتهم ولم يكن فى الإمكان التحوط لها"، كما نصت الفقرة الثانية من المادة 349 منها على أنه "الأصناف التى تفقد أو تتلف بسبب سرقة أو حريق أو أى حادث آخر كان فى الإمكان منعه فيسأل عنها من كانت فى عهدته تلك الأصناف حين حصول السرقة أو التلف". لما كان ذلك فإن مسئولية أمناء المخازن وجميع أرباب العهد عما فى عهدتهم، لا تنسب إلى العمل غير المشرع بل تنسب إلى القانون الذى أنشأها.
3 - متى كانت الطاعنة - هيئة النقل العامة لمدينة الاسكندرية - قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن أساس مسئولية المطعون عليه - قائد سيارة الهيئة هو إخلاله بالالتزامات التى تفرضها عليه وظيفته وهى التزامات ناشئة عن القانون مباشرة، وكان التقادم الثلاثى المنصوص عليه فى المادة 172 من القانون المدنى هو تقادم استثنائى خاص بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع فلا يسرى على الالتزامات التى تنشأ مباشرة من القانون، وإنما يسرى فى شأن هذه الالتزامات التقادم العادى المنصوص عليه فى المادة 374 من القانون المدنى ما لم يوجد نص خاص يقضى بتقادم آخر، وإذ لم يرد بنصوص القانون ما يجيز تطبيق نص المادة 172 المشار إليها بالنسبة لدعوى التعويض الناشئة عن مخالفة أمناء المخازن وارباب العهد للواجبات المفروضة عليهم فى المادة 82 - مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 المضافة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 والمادة 45 من لائحة المخازن والمشتريات التى تبناها القانون المذكور، فإن هذه الدعوى لا تسقط إلا بالتقادم العادى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ونسب دعوى التعويض المرفوعة من الطاعنة - ضد قائد سيارتها عن التلفيات التى أحدثها بالسيارة نتيجة خطئه - إلى العمل غير المشروع فأجرى عليها التقادم الاستثنائى المنصوص عليه فى المادة 172 سالفة الذكر، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الهيئة العامة لنقل الركاب بمحافظة الاسكندرية - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 1188 سنة 1967 مدنى الاسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليه طلبت فيها الحكم بإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ 348 جنيها 425 مليم، وقالت شرحا لدعواها إن المطعون عليه كان يعمل سائقا لديها وفصل من عمله فى 26/ 12/ 1962 وبتاريخ 10/ 11/ 1957 وأثناء قيادته السياره رقم 54 جراج "9 أتوبيس عام الاسكندرية" تسبب فى إتلافها وكان ذلك ناشئا عن خطئه الثابت بالحكم الصادر ضده فى 30/ 1/ 1962 فى قضية الجنحة رقم 5849 سنة 1957 باب شرقى والمؤيد استئنافيا بتاريخ 9/ 12/ 1962، وإذ يتعين على المطعون عليه بصفته صاحب عهدة تسليم السيارة عهدته سالمة فور انتهاء عمله وإلا عد مسئولا عما يلحقها من تلف إعمالا لنص المادة 45 من لائحة المخازن والمشتريات وقد بلغت قيمة اصلاح التلف الذى لحق بالسيارة المذكورة 348 جنيه و348 مليم ولم يقم المطعون عليه بسداده، فقد أقامت الدعوى للحكم لها بطلباتها. دفع المطعون عليه بسقوط الدعوى بالتقادم المقرر بالمدة 172 من القانون المدنى تأسيسا على أن - الدعوى رفعت بعد انقضاء أكثر من ثلاث سنوات على علم الطاعنة بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وبتاريخ 28/ 12/ 1967 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليه بأن يؤدى للطاعنة المبلغ المطلوب ورفضت الدفع فى أسباب حكمها استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 81 سنة 24 ق مدنى - الاسكندرية، وفى 18/ 11/ 1969 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط دعوى الطاعنة بالتقادم. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة. فرأت أنه جدير بالنظر وحدت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول - الطاعنة - إن الحكم قضى بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثى طبقا للمادة 172 من القانون المدنى على سند من أن مسئولية المطعون عليه ناشئة عن العمل غير المشروع فى حين أن المطعون عليه كان يعمل وقت الحادث سائقا لديها وهى تقوم بإدارة مرفق النقل العام بالإسكندرية فتكون علاقتها به علاقة تنظيمية تحكمها القوانين ولائحة المخازن والمشتريات، وإذ ثبت أن المطعون عليه قد أهمل فى القيام بمهام وظيفته فيكون القانون هو المصدر المباشر للتعويض الناشئ عن هذا الإهمال مما كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه تطبيق أحكام التقادم العادية المنصوص عليها فى المادة 374 من القانون المدنى دون نص المادة 172 من القانون المذكور والذى يقتصر نطاقه على الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى صحيح، ذلك أنه لما كانت إدارة النقل العام لمدينة الإسكندرية - الطاعنة وقبل صدور القرار الجمهورى رقم 4494 لسنة 1965 الذى اعتبرها هيئة عامة، قد أنشئت بالقانون رقم 22 لسنة 1954 الصادر بتاريخ 9/ 1/ 1954 الذى أضفى عليها الشخصية المعنوية، وكانت تباشر مرفقا عاما من مرافق الدولة، فهى بذلك تعتبر من أشخاص القانون العام، ويعتبر موظفوها ومستخدموها موظفين عموميين بحكم تبعيتهم لها وتكون علاقتهم بها علاقة تنظيمية عامة تحكمها القوانين واللوائح، ولما كان الثابت أن المطعون عليه كان يشغل وقت الحادث وظيفة سائق لدى الطاعنة، وكانت علاقة الموظف بالدولة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح الصادرة بشأنها وهى التى تحدد حقوق وواجبات كل وظيفة بصرف النظر عن شاغلها، وإذ بين المشرع حقوق الموظفين ثم حدد واجباتهم والأعمال المحرمة عليهم فى الفصل السادس من الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 وكانت المادة 82 مكرر المضافة إلى أحكام هذا الفصل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 المعمول به من تاريخ نشره فى 4/ 4/ 4957 قبل حصول إتلاف السيارة قد حرمت على الموظف فى الفقرة الرابعة منها مخالفة لائحة المخازن والمشتريات المصدق عليها من مجلس الوزارة فى 6/ 6/ 1948 وكانت المادة 45 من هذه اللائحة والتى قررت من قبل العمل بالمادة 4 من المرسوم بقانون رقم 132 لسنة 1952 محاكمة من يخالفها تأديبيا قد نصت على أن أمناء المخازن وجميع أرباب العهد مسئولون شخصيا عن الأصناف التى فى عهدتهم وعن حفظها والاعتناء بها وعن صحة وزنها وعددها ومقاسها ونوعها وعن نظافتها وصيانتها من كل ما من شأنه أن يعرضها للتلف أو الفقد ولا تخلى مسئوليتهم إلا إذا ثبت للمصلحة أن ذلك قد نشأ عن أسباب قهرية أو ظروف خارجة عن إرادتهم ولم يكن فى الإمكان التحوط لها، كما نصت الفقرة الثانية من المادة 349 منها على أنه الأصناف التى تفقد أو تتلف بسبب سرقة أو حريق أو أى حادث آخر كان فى الإمكان منعه فيسأل عنها من كانت فى عهدته تلك الأصناف حين حصول السرقة أو التلف، فإن يبين أن مسئولية أمناء المخازن وجميع أرباب العهد عما فى عهدتهم لا تنسب إلى العمل غير المشروع بل تنسب إلى القانون الذى أنشأها، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن أساس مسؤولية المطعون عليه هو إخلاله - بالالتزامات التى تفرضها عليه وظيفته وهى التزامات ناشئة عن القانون مباشرة وكان التقادم الثلاثى المنصوص عليه فى المادة 172 من القانون المدنى هو تقادم استثنائى خاص بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع فلا يسرى على الالتزامات التى تنشأ مباشرة من القانون، وإنما يسرى فى شأن هذه الالتزامات التقادم العادى المنصوص عليه فى المادة 374 من القانون المدنى ما لم يوجد نص خاص يقضى بتقادم آخر، وإذ لم يرد بنصوص القانون ما يجيز تطبيق نص المادة 172 المشار إليها بالنسبة لدعوى التعويض الناشئة عن مخالفة أمناء المخازن وارباب العهد للواجبات المفروضة عليهم فى المادة 82 مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 المضافة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 والماده 45 من لائحة المخازن والمشتريات التى تبناها القانون المذكور فان هذه الدعوى لا تسقط إلا بالتقادم العادى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ونسب دعوى التعويض المرفوعة من الطاعنة إلى العمل غير المشروع وأجرى عليها التقادم الاستثنائى المنصوص عليه فى المادة 172 سالفة الذكر فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.