أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 995

جلسة 19 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقى العصار؛ ورأفت عبد الرحيم؛ وزكى الصاوى؛ وجمال الدين عبد اللطيف؛

(170)
الطعن رقم 618 لسنة 43 القضائية

(1، 2) عقد "العقود الإدارية".
(1) العقود الادارية. لم يعرفها القانون أو يبين خصائصها. وجوب الرجوع إلى نصوص العقد ذاته لإعطاء الوصف القانونى الصحيح باعتباره عقد إداريا أو مدنيا.
(2) العقود الادارية. ماهيتها.
(3) اختصاص "الاختصاص الولائى". عقد "العقود الإدارية".
عدم تقديم جهة الإدارة للعقد موضوع الدعوى. تقديمها ورقة متصمنة شروط العملية غير موقع عليها من المقاول. رفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم ولائيا بنظر الدعوى باعتبار العقد مدنيا وليس اداريا. لا خطأ.
1 - لم يعرف القانون العقود الإدارية ولم يبين خصائصها التى تميزها والتى يهتدى بها فى القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض المحاكم لها بالتعطيل أو بالتأويل، إلا أن أعطاء العقود التى تبرمها جهات الإدارة وصفها القانونى الصحيح بأعتبارها عقودا إدارية أو مدنية يتم على هدى ما يجرى تحصليه منها، ويكون مطابقا للحكمة من إبرامها.
2 - العقود التى تبرمها الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقودا إدارية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام أو بتنظيمه وأظهرت الإدارة نيتها فى الأخذ فى شأنها بأسلوب القانون العام وأحكامه بتضمين العقد شروطا استثنائية وغير مألوفة تنأى عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها الإداره على اللوائح الخاصة.
3 - إذ يبين من الحكم الأبتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم ولائيا بنظر الدعوى استنادا الى أن العقد موضوع الدعوى لم يتضمن شروطا استثنائية وغير مألوفة فى عقود القانون الخاص وتكشف عن نية الادارة فى اختيار وسائل القانون العام، وهو ما يفقد ركنا جوهريا من أركانه كعقد إدارى ويخرجه بالتالى عن دائرة العقود الإدارية، ولما كان الطاعنان - وزير الصناعة - وآخر - لم يقدما لمحكمة الاستئناف العقد موضوع الدعوى للتدليل على صحة دفاعهما من أن هذا العقد هو عقد ادارى وقدما ورقة معنونة بأنها "الشروط الخاصة بعملية حفر خنادق وفرد ورمى كابلات ضغط" وهى التى قدماها بملف الطعن ولا محل للتعويل على هذه الورقة لأبه غير موقع عليها من المطعون عليه - المقاول - ولا تغنى عن تقديم العقد ذابه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى وصف العلاقة القائمة بين الطرفين بأنها علاقة تعاقدية يحكمها القانون الخاص وتختص بنظرها جهة القضاء العادى فأنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث ان الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 419 سنة 1965 تجارى القاهرة الابتدائية ضد وزير الصناعة ورئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للكهرباء بصفتيهما - الطاعنين - طلب فيها الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 667 جنيها و320 مليما، وقال فى بيان ذلك أنه بتاريخ 15/ 1/ 1964 رست عليه عملية حفر خنادق كابلات الضغط ملف رقم 191423 عقد رقم 8، وقام بتنفيذ العمل على أكمل وجه وسلمه إلى مهندس المؤسسة واستحق له قبلها مبلغ 347 جنيها و320 مليما قيمة المستخلصات الرقمية 14، 15، 16، 17 علاوة على مبلغ التامين المدفوع وقدره 320 جنيها ومجموع ذلك مبلغ 667 جنيها و320 مليما وإذا امتنعت المؤسسة عن دفعه فقد أقام الدعوى للمطالبة به. دفع الطاعنان بعدم اختصاص المحاكم ولائيا بنظر الدعوى لأن النزاع يدور حول عقد إدارى مما تختص محكمة القضاء الإدارى بالفصل فيه. وبتاريخ 16/ 2/ 1966 حكمت المحكمة برفض الدفع وباختصاصها بنظر الدعوى ونديت مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت بتاريخ 20/ 3/ 1968 فحكمت بإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون عليه مبلغ 1667 جنيها و120 مليما استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 1145 سنة 85 ق القاهرة وتمسكا بدفعهما السابق وبتاريخ 19/ 4/ 1973 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم للمستأنف. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على سبب واحد حاصله إن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون ذلك إنه قضى برفض الدفع بعدم اختصاص جهة القضاء العادى ولائيا بنظر الدعوى تأسيسا على إن العقد موضوع النزاع عقد مقاولة لا يتضمن شروطا استثنائية غير مألوفة فى القانون الخاص ويخضع لأحكام القانون المدنى مع أن هذا العقد عقد إدارى توافرت فيه كافة الأركان لاعتباره عقدا إداريا، فأحد أطرافه وهو الطاعن الثانى شخص من أشخاص القانون العام كما إنه يتعلق بتيسير مرفق عام هو مرفق الكهرباء إذ أنه خاص بعملية حفر ورم خنادق كابلات الشبكة الأرضية للضغط المتوسط وفرد وردم الكابلات ليتم توصيل التيار الكهربائى، وتضمنت بنوده عديدا من الشروط غير المألوفة فى عقود القانون الخاص من ذلك البند العشرون فقد خول الادارة حق إلغاء العقد ومصادرة التأمين النهائى كله وتوقيع غرامات التأخير ضد المطعون عليه والتنفيذ على حسابه إذا أخل بالتزامه وما نص عليه فى البند الحادى والعشرين من تطبيق أحكام لائحة المناقصات والمزايدات فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى شروط العقد وهذه اللائحة زاخرة بالشروط الاستثنائية التى تنم عن مظاهر السلطة العامة، وإذا استوفى فى العقد بهذه المثابة كل مقومات العقد الإدارى فإن المنازعات الناشئة عنه تخرج عن ولاية وجهة القضاء العادى وتدخل فى اختصاص القضاء الإدارى إعمالا لنص المادة العاشرة من القانون رقم 55 لسنة 1956 وإذ قضى الحكم لمطعون فيه برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم ولائيا بنظر الدعوى فإنه يكون قد أخطأ فى نطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود؛ ذلك أنه وإن لم يعرف القانون العقود الإدارية ولم يبين خصائصها التى تميزها والتى يهتدى يها فى القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها وصيانتها من تعرض المحاكم لها بالتعطيل أو بالتأويل إلا أن أعطاء العقود التى تبرمها جهة الإدارة وصفها القانونى الصحيح باعتبارها عقودا إدارية أو مدنية يتم على هدى ما يجرى تحصليه منها ويكون مطابقا للمحكمة من إبرامها، ولما كانت العقود التى تبرمها الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقودا إدارية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام أو بتنظيمه وأظهرت الادارة نيتها فى الأخذ فى شأنها بأسلوب القانون العام وأحكامه يتضمين العقد شروطا استثنائية وغير مألوفة تنأى عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها، وكان يبين من الحكم الابتدائى الصادر فى 16/ 2/ 1966 والمؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم ولائيا بنظر الدعوى على قوله "الثابت من العقد المؤرخ 15/ 1/ 1964 أن المدعى عليه بصفته - الطاعن الثانى - عهد إلى المدعى - المطعون عليه - بعملية حفر وردم خنادق لكابلات الشبكة الأرضية وفرد هذه الكابلات والعقد بهذه الصورة لا يعدو أن يكون عقد مقاولة إذ لم يتضمن شروطا غير مألوفة تخرجه عن نطاق تطبيق القانون الخاص" مما مفاده أن المحكمة رأت أن العقد موضوع الدعوى لم يتضمن شروطا استثنائية وغير مألوفة فى عقود القانون الخاص وتكشف عن نية الإدارة فى اختيار وسائل القانون العام وهو ما يفقد العقد ركنا جوهريا من أركانه كعقد إدارى ويخرجه بالتالى عن دائرة العقود الإدارية، ولما كان الطاعنان لم يقدما لمحكمة الاستئناف العقد موضوع الدعوى للتدليل على صحة دفاعهما من أن هذا العقد هو عقد إدارى، بل قدما ورقة معنونه بأنها "الشروط الخاصة بعملية حفر خنادق وفرد ورمى كابلات ضغط 10.5 ك. ف" وهى التى قدماها بملف الطعن، ولا محل للتعويل على هذه الورقة لأنه غير موقع عليها من المطعون عليه ولا تغنى عن تقديم العقد ذاته لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى وصف العلاقة القائمة بين الطرفين بأنها علاقة تعاقدية يحكمها القانون الخاص وتختص بنظرها جهة القضاء العادى فانه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ويكون النعى عليه بهذا السبب على غير أساس.