أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 1060

جلسة 27 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية والسادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجورى، وأحمد وهدان.

(182)
الطعن رقم 427 لسنة 41 القضائية

(1) حكم "الطعن فى الحكم". بطلان. دعوى.
بحث أسباب العوار بالحكم. سبيله. الطعن فيه بالطريق المناسب. عدم جواز رفع دعوى أصليه ببطلان الحكم. الاستثناء. تجرده من أركانه الأساسية.
(2، 3) استئناف. إثبات. دعوى "الدفاع".
(2) وظيفة محكمة الاستئناف. نظر موضوع الاستئناف فى حدود طلبات المستأنف بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية.
(3) دعوى التعويض ضد موظف. تمسك المدعى أمام محكمة الاستئناف بضم التحقيقات الادارية التى سلخت بعد صدور الحكم الابتدائى. اغفال المحكمة هذا الطلب اكتفاء بمذكرة مفوض الدولة وقرار وزير العدل بالغاء الجزاء السابق توقيعه على الموظف. مخالفة ذلك للأثر الناقل للاستئناف.
(4) قرار إدارى. دعوى. تعويض. موظفون.
قرار وزير العدل بالغاء جزاء سبق توقيعه على أحد موظفيه. لا يحول دون إقامة دعوى بالتعويض ضد الموظف. جواز ايقاف الخطأ على خلاف مدلول القرار الادارى.
1 - إذ حصر المشرع طرق الطعن فى الأحكام ووضع لها أجالا محدودة وإجراءات معينة فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يمتنع بحث أسباب العوار التى تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطريق الطعن المناسب لها، بحيث إذا كان الطعن غير جائز كما هو الحال فى واقع الدعوى أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهدار تلك الأحكام بدعوى بطلان أصلية، وذلك تقديرا لحجية الأحكام باعتبارها عنوان الحقيقة فى ذاتها. وأنه وإن جاز استثناء من هذا الاصل العام فى بعض الصور القول بامكان رفع دعوى بطلان أصلية أو الدفع بذلك، غير أنه لا يتأتى إلا عند تجرد الحكم من أركانه الأساسية.
2 - وظيفة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانونى فحسب، وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع فى حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما أشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء.
3 - إذ كان الطاعن قد ركن فى إثبات وقوع الخطأ فى جانب المطعون عليه الثانى - كاتب الجلسة - إلى ما شاب ملف الدعوى من عبث بأوراقها، كان موضوع تحقيق من رئاسة المحكمة ومن النيابة الإدارية مع المطعون عليه الثانى، وتمسك أمام محكمة الاستئناف بوجوب ضمهما وقد كانا تحت نظر محكمة أول درجة وسلخا بعد ذلك، وكانت محكمة الاستئناف إذ حجزت الدعوى للحكم قبل أن يتحقق الضم فقد تقدم الطاعن بطلب لإعادتها للمرافعة لضمهما، وكان الحكم المطعون فيه لم يستجب لهذا الطلب قولا منه أن المحكمة هيأت للخصوم فرصة تقديم المذكرات دون ما ضروره لضم المطلوب ما دامت الأوراق فيها العناصر التى تكفى لتكوين اقتناعها، وبنت قضاءها بتأييد الحكم المستأنف على سند مما أثبت بتقرير مفوض الدولة من عدم صحة ما تضمنته شكوى الطاعن وفساد التهم المنسوبة للمطعون عليه الثانى، بما ترتب عليه صدور قرار من وزير العدل بالغاء الجزاء الذى كان قد وقع عليه، فان هذا الذى قرره الحكم ينطوى على مخالفة للاثر الناقل للاستئناف حين حجب نفسه عن مواجهة موضوع النزاع بعدم اطلاعه على ملف الدعوى والتحقيقات الادارية المطلوب ضمهما والذين يستند إليهما الطاعن فى طلب التعويض والذى بنت محكمة أول درجة قضاءها على أساس ما ورد بهما، وأحل بديلا عنها ما استخلصه مفوض الدولة فى تقريره رغم أن القاضى يجب أن يستقل بتقدير الدليل بناء على اقتناعه الشخصى ومعملا رقابته الذاتية، ولا يقدح فى ذلك أن يكون الحكم المطعون فيه قد حال إلى أسباب الحكم الابتدائى مما لا يتعارض مع أسبابه أو أن الوقائع المدونة بتقرير مفوض الدولة ومخالفتها للثابت بتحقيقات النيابة الإدارية لم تكن محل نعى من الطاعن لأن شرط ذلك أن تكون المحكمة قد اطلعت على الأوراق المطلوب ضمها بنفسها وأخضعتها لتقديرها هى طبقا للأثر الناقل للاستئناف.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتد بقرار وزير العدل بالغاء الجزاء الموقع - على كاتب الجلسة - وأسبغ الحجية عليه مع أنه لا يعدو أن يكون سحبا لقرار إدارى لا يحول بين المضرور وبين إقامة الدعوى المدنية بالتعويض يدلل فيها على وقوع الخطأ ونسبته إلى المدعى عليه فيها وحصول الضرر وعلاقة السببية بينهما ولو على خلاف مدلول القرار الصادر من السلطة الإدارية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 6211 لسنة 1967 مدنى أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب القضاء ببطلان الحكم الصادر فى الدعوى رقم 726 لسنة 1964 القاهرة الابتدائية واحتياطيا: - بالزام المطعون عليهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ خمسمائة جنيه. وقال بيانا لدعواه أنه كان قد أقام الدعوى رقم 726 لسنة 1964 ضد المطعون عليه الأول أمام دائرة الإيجارات بمحكمة القاهرة الابتدائية مطالبا بقدر الزيادة القانونية فى أجرة العين المؤجرة له ومقابل استهلاك المياه، وقد تبين بعد صدور الحكم فيها بالرفض بتاريخ 11/ 2/ 1965 أن المطعون عليه الثانى - وهو أمين سر الجلسة - قد تواطأ مع المطعون عليه الأول فأخفى أوراقا من ملف الدعوى عند إرساله للقاضى عقب حجزها للحكم، فتقدم بشكوى لرئيس المحكمة أحيلت إلى النيابة الادارية وانتهى تحقيقها بمجازاة المطعون عليه الثانى بخصم ثلاثة أيام من راتبه. وإذ صدر الحكم فى الدعوى بناء على إجراء باطل كان من شأنه الإخلال بحق الدفاع وكان قد لحقه ضرر من ذلك، فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 27/ 3/ 1969 حكمت المحكمة (أولا) بعدم جواز سماع الدعوى بالنسبة لطلب بطلان الحكم الصادر فى الدعوى رقم 726 لسنة 1964 القاهرة الابتدائية. (ثانيا) برفض باقى الطلبات استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1032 لسنة 86 ق القاهرة طالبا الغاءه والقضاء له بطلباته، وبتاريخ 9/ 3/ 1971 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أيدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن طلب بطلان الحكم الصادر فى الدعوى رقم 726 لسنة 1964 القاهرة الابتدائية مؤسس على الاخلال بحق الدفاع، وهو سبب لا يجعل الحكم معدوما وتكون الدعوى ببطلانه غير مقبوله، فى حين أن الحكم المراد إبطاله صادره من دائرة الإيجارات بالمحكمة الابتدائية ولا يجوز الطعن فيه بطرق الطعن العادية والاستثناء منه إعمالا للقانون رقم 121 لسنة 1947، فليس من سبيل لرفع ما وقع فيه من خطأ إلا عن طريق دعوى لبطلان المبتدأه هذا إلى أن الثابت فى الدعوى المشار اليها أنه صدر فيها حكم بمناقشة الطاعن لم يعلن للخصوم وسلخ من أوراق الدعوى ولم يبين فى الحكم الصادر بتاريخ 11/ 2/ 1965 أن المحكمة عدلت عنه وسبب عدولها، كما أن مذكرة الطاعن سرقت من ملف الدعوى واستبدلت بمذكرة أخرى للمطعون عليه الأول مما يجعل اجراءات التقاضى مشوبة بالغش، ولو تحققت المحكمة من وجود الحكم التمهيدى ونفذته أو اطلعت على مذكرة الطاعن التى تضمنت دفاعه لكانت قد قضت لصالحه، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أنه وقد حصر المشرع طرق الطعن فى الأحكام ووضع لها أجالا محدودة واجراءات معينة فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يمتنع بحث أسباب العوار التى تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة لها، بحيث إذا كان الطعن غير جائز كما هو الحال فى واقع الدعوى أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهدار تلك الأحكام بدعوى بطلان أصلية، وذلك تقديرا لحجية الأحكام باعتبارها عنوان الحقيقة فى ذاتها. وانه وان جاز استثناء من هذا الأصل العام فى بعض الصور القول بأمكان رفع دعوى بطلان أصلية أو الدفع بذلك، غير أنه لا يتأتى إلا عند تجرد الحكم من أركانه الأساسية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قرر أن "... مناط البطلان الذى يعتصم به المستأنف - الطاعن - هو الإخلال بحق الدفاع وهذا النوع من البطلان عموما لا يتحدد بأى حكم شابه عوار شاكلته إلى حد الانعدام أى التحرر من الأركان الأساسية للأحكام...،" ورتب على ذلك عدم قبول دعوى البطلان، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعى عليه بهذا السبب غير سديد.
وحيث إن ينعاه الطاعن بباقى الأسباب على الحكم المطعون فيه بطلان الإجراءات والخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن محكمة الاستئناف قضت فى طلب التعويض دون ضم مفردات الدعوى الابتدائية وما حوته من مستندات وقد طلب الطاعن ضمها وضم تحقيقات النيابة الإدارية رقم 262 لسنة 1966 فلم تجبه إلى ذلك، وقضت فى الدعوى دون أن يكون تحت بصرها هذه الأوراق وبنت قضاءها بنفى الخطأ عن المطعون عليه الثانى تأسيسا على قرار وزير العدل الذى رفع الجزاء الإدارى عنه مع أن هذا القرار لا حجية له، الأمر الذى يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون علاوة على العيب الذى شاب الاجراءات.
وحيث إن النعى فى محله، ذلك أن وظيفة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانونى فحسب، وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع فى حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء. ولما كان الطاعن قد ركن فى إثبات وقوع الخطأ فى جانب المطعون عليه الثانى إلى ما شاب ملف الدعوى رقم 726 لسنة 1964 القاهرة الابتدائية من عبث بأوراقها، كان موضع تحقيق من رئاسة المحكمة ومن النيابة الإدارية مع المطعون عليه الثانى وتمسك أمام محكمة الاستئناف بوجوب ضمها، وقد كانا تحت نظر محكمة أول درجة وسلخا بعد ذلك، وكانت محكمة الاستئناف إذ حجزت الدعوى للحكم قبل أن يتحقق الضم فقد تقدم الطاعن بطلب لإعادتها للمرافعة لضمهما، وكان الحكم المطعون فيه لم يستجب لهذا الطلب قولا منه أن المحكمة هيأت للخصوم فرصة تقديم المذكرات دون ما ضرورة لضم المطلوب ما دامت الأوراق فيها العناصر التى تكفى لتكوين اقتناعها، وبنت قضاءها بتأييد الحكم المستأنف على سند مما أثبت بتقرير مفوض الدولة من عدم صحة ما تضمنته شكوى الطاعن، وفساد التهم المنسوبة للمطعون عليه الثانى، بما ترتب عليه صدور قرار من وزير العدل بالغاء الجزاء الذى كان قد وقع عليه، فإن هذا الذى قرره الحكم ينطوى على مخالفة للأثر الناقل للاستئناف، حين حجب نفسه عن مواجهة موضوع النزاع بعدم اطلاعه على ملف الدعوى والتحقيقات الإدارية المطلوب ضمهما والذين يستند إليهما الطاعن فى طلب التعويض والذى بنت محكمة أول درجة قضاءها على أساس ما ورد بهما، وأحل بديلا عنها ما استخلصه مفوض الدولة فى تقريره رغم أن القاضى يجب أن يستقل بتقدير الدليل بناء على اقتناعه الشخصى ومعملا رقابته الذاتية. لما كان ذلك وكان هذا العيب الاجرائى جر الحكم إلى خطأ فى تطبيق القانون حيث اعتد بقرار وزير العدل بالغاء الجزاء الموقع وأسبغ الحجية عليه، مع أنه لا يعدو أن يكون سحبا لقرار إدارى لا يحول بين المضرور وبين إقامة الدعوى المدنية بالتعويض يدلل فيها على وقوع الخطأ ونسبته إلى المدعى عليه فيها وحصول الضرر وعلاقة السببية بينهما ولو على خلاف مدلول القرار الصادر من السلطة الإدارية. لا يقدح فى ذلك أن يكون الحكم المطعون فيه قد أحال إلى أسباب الحكم الابتدائى فيما لا يتعارض مع أسبابه أو أن الوقائع المدونة بتقرير مفوض الدولة ومخالفتها للثابت بتحقيقات فى النيابة الادارية لم تكن محل نعى من الطاعن لأن شرط ذلك أن تكون المحكمة قد أطلعت على الأوراق المطلوب ضمها بنفسها وأخضعتها لتقديرها هى طبقا للأثر الناقل للاستئناف كما سلف القول، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون علاوة على ما شابه من عيب فى الاجراءات مما يتعين معه نقضه لهذا السبب.