مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1450

(131)
جلسة 23 من مايو سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومى نصار ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 1000 لسنة 8 القضائية

أ - ميعاد الستين يوما - تظلم - توقف مركز المدعى بالنسبة للقرارين التاليين المطعون فيهما على تحديد مركزه بموجب القرار المطعون عليه الأول - علم المدعى بهذين القرارين علما يقينيا شاملا لجميع العناصر التى يمكن على أساسها تبين مركزه القانونى - لا يتحقق الا بعلمه بالقرار الأول - التظلم القانونى المقدم فى ميعاده بالنسبة للقرار الأول - يسرى مفعوله وينتج آثاره بالنسبة للقرارين الآخرين لارتباطهما به ارتباط النتيجة بالسبب.
ب - معاش - محكمة ادارية عليا - اختصاص - الغاء - حظر المنازعة فى أى معاش تم قيده متى مضت سنة من تاريخ تسلم السركى المبين فيه مقداره - المادة السادسة من قانون المعاشات الملكية رقم 37 لسنة 1929 - الدعاوى التى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار معاش تم قيده أو مكافأة تم صرفها - امتناع قبولها أمام أية محكمة بعد مضى الميعاد المذكور - للمحكمة أن تثير ذلك من تلقاء نفسها - مجال اعمال هذا الحظر - يجد حده الطبيعى فيما لا يعتبر مصادرة لدعاوى الالغاء - انتهائية قيد المعاش بانقضاء سنة على تسلم السركى الخاص به - لا يصادر حق المحكمة التى تبحث موضوعا فى دعوى الالغاء يترتب على الفصل فيه اعادة ربط المعاش تنفيذا للحكم الذى تصدره فى شأن القرار المتعلق بالترقية الى الدرجة التى يتم على مقتضاها ربط المعاش.
جـ - ميزانية - وظيفة - ذكر وظيفة مراقب فى الميزانية - ليس معناه أن الدرجة الثانية المقابلة لها مخصصة لترقية طائفة بذاتها من رجال التعليم هم المراقبون دون من عداهم - وظيفة المراقب - لا تصطبغ بصبغة متميزة ولا تتطلب فيمن يشغلها تأهيلا خاصا وصلاحية معينة لا تتحقق فى مثل المطعون ضده.
د - موظف - ترقية - سلطة الادارة التقديرية فى اجراء بالاختيار - مقيدة باستهداف الصالح العام - تخطى الأقدم الى الأحدث لا يجوز الا اذا كان الأخير ظاهر الامتياز عليه.
1 - ان تحديد مركز المدعى بموجب القرار المطعون عليه الأول يتوقف عليه مركزه بالنسبة للقرارين التاليين المطعون فيهما ومن ثم فان علم المدعى بهذين القرارين علما يقينيا شاملا لجميع العناصر التى يمكن له على أساسها أن يتبين مركزه القانونى ويستطيع أن يحدد على مقتضاه طريقة الطعن فيهما، هذا العلم لم يتحقق أيضا الا بعلمه بالقرار الأول ومن ثم يعتبر التظلم القانونى المقدم فى ميعاده بالنسبة للقرار الأول سارى المفعول ومنتجا لآثاره بالنسبة للقرارين الآخرين اذ أن هذين القرارين مرتبطان بالقرار الأول ارتباط النتيجة بالسبب وعلى ذلك تكون الدعوى بالنسبة للقرارات جميعها مقبولة ويتعين رفض دفع الحكومة بعدم قبولها.
2 - ان هذه المحكمة ليست ممنوعة من أن تثير من تلقاء نفسها ما ورد فى المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية والتى يجرى نصها بأنه "لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة فى أى معاش تم قيده متى مضت سنة من تاريخ تسليم السركى المبيين فيه مقدار المعاش الى صاحب الشأن وبناء على ذلك فكل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذى تم قيده أو المكافأة التى تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضى الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت لا على الحكومة ولا على مصالحها لأى سبب كان وتحت أية حجة كانت ولا يجوز أيضا قبول هذه الدعوى من الحكومة أو من مصالحها".
ومن حيث أن أعمال نص المادة السادسة سالفة الذكر بالوضع السابق ايضاحه لا يصادر حق المحكمة التى تبحث موضوعا فى دعوى الالغاء يترتب على الفصل فيه اعادة ربط المعاش تنفيذا للحكم الذى تصدره فى شأن القرار الادارى المتعلق بالترقية الى الدرجة التى يتم على مقتضاها تحديد مقدار المعاش وبالتالى ربطه وفى هذا الضوء لا يسوغ القول بانتهائية قيد المعاش بانقضاء سنة على تسليم السركى الخاص به ما دام أن مركز الموظف لم يستقر بصورة نهائية يدور معها استحقاقه للمعاش على أساس درجة لا يزال النزاع شاجرا فى شأنها ولا يفوت هذه المحكمة التنويه بأن المشرع عندما وضع المادة 6 من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات المدنية لم يكن قضاء الالغاء قد استحدث بعد، أما وقد أنشأ هذا القضاء منذ عام 1946 فان اعمال المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1929 يجد حده الطبيعى فيما لا يعتبر مصادرة لدعاوى الالغاء، وهذه الحكمة تتمشى مع العدالة وما أقره الشارع فى المادة 46 من القانون رقم 50 لسنة 1963 الخاص بالتأمين والمعاشات لموظفى الدولة ومستخدميها وعمالها المدنيين والتى استثنت من السقوط حالات اعادة تسوية التأمين أو المعاش أو المكافأة بالزيادة نتيجة حكم قضائى نهائى. ويؤيد ذلك أن قضاء الالغاء مرتبط بالعلم بالقرار المطعون فيه بينما تطبيق المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1929 مجاله التسويات التى تستمد حكمها من القانون مباشرة وأمره معلوم للكافة من تاريخ اصداره ونشره ويترتب على ما تقدم عدم اعمال حكم المادة السادسة للقانون سالف الذكر فى صدد هذه المنازعة.
3 - ان مجرد ذكر وظيفة مراقب فى الميزانية ليس معناه أن الدرجة الثانية المقابلة لهذه الوظيفة مخصصة لترقية طائفة بذاتها من رجال التعليم هم المراقبون دون من عداهم ممن يحل عليهم الدور فى الترقية - ذلك أن وظيفة المراقب لا تصطبغ بطبيعة متميزة ولا تتطلب فيمن يشغلها تأهيلا خاصا وصلاحية معينة لا تتحقق فى مثل المطعون ضده.
4 - ان السلطة التقديرية للادارة فى اجرائها الترقية بالاختيار مقيدة باستهداف الصالح العام وأنه لا يجوز تخطى الأقدم الى الأحدث الا اذا كان هذا الأخير ظاهر الامتيار عليه.


اجراءات الطعن

بتاريخ 9/ 4/ 1962 اودعت ادارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير التربية والتعليم تقرير طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بتاريخ 8/ 2/ 1962 فى القضية رقم 1050 لسنة 13 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد السيد محمد عامر ضد وزارة التربية والتعليم والقاضى برد أقدمية المدعى فى الدرجة الثانية الى 28/ 4/ 1953 وبالغاء القرار الصادر فى 25/ 12/ 1954 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى الدرجة الأولى وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات. وطلبت ادارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض دعوى المطعون ضده مع الزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن الطعن الى المدعى بتاريخ 26/ 2/ 1962 وبعد استيفاء اجراءاته حدد لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 28/ 3/ 1965، وبعد أن سمعت المحكمة ملاحظات ذوى الشأن على الوجه الموضح بالمحضر قررت ارجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 1050 لسنة 3 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم بعريضة أودعها سكرتارية محكمة القضاء الادارى فى 23/ 6/ 1959 طالب فيها الحكم: أصليا، أولا: بارجاع أقدميته فى الدرجة الثانية الى 28/ 4/ 1953 بدلا من 30/ 6/ 1954 ثانيا: بالغاء القرار الصادر فى 25/ 12/ 1954 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الأولى. واحتياطيا، بالغاء القرار الصادر فى 13/ 10/ 1955 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار من حيث صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك وتسوية معاشه على ذلك الأساس مع الزام الحكومة المصروفات والأتعاب.
وقال المدعى شرحا لدعواه أنه تخرج فى دار العلوم سنة 1922 وعين مدرسا فى 12/ 9/ 1922 ثم تدرج فى الوظائف التعليمية الى أن عين فى وظيفة مفتش عام للغة العربية فى 1/ 9/ 1952 وبقى بها حتى أحيل الى المعاش فى 1/ 7/ 1956 وفى 28/ 4/ 1953 أصدرت الوزارة حركة ترقيات الى الدرجة الثانية بالاختيار ورقت فيها من هم دونه أقدمية وكفاية، وترتب على ذلك أن تخطته الوزارة فى الترقية الى الدرجة الأولى فى حركة 25/ 12/ 1954 وكذلك فى حركة 13/ 10/ 1955 وقال المدعى أن كفايته لا مطعن عليها بدليل أن الوزارة رقته الى الدرجة الثانية بالاختيار فى حركة 30/ 6/ 1954، وأنه بمجرد علمه بتخطيه فى الترقية بالقرارات المطعون فيها تقدم بتظلم فى 10/ 3/ 1959 ولما لم يتلق ردا أقام الدعوى.
وردت الوزارة على الدعوى فدفعت بعدم قبول الطلب الاحتياطى شكلا لرفعه بعد الميعاد اذ نشر القرار الصادر فى 13/ 10/ 1955 بالعدد السادس من النشرة الوزارية الصادرة فى 16/ 11/ 1955 ولم يتظلم المدعى من هذا القرار فى الميعاد وطلبت الوزارة رفض الدعوى موضوعيا اذ أن حركة الترقيات للدرجة الثانية التى تمت بتاريخ 28/ 4/ 1953 شملت بالترقية بالأقدمية المطلقة من رجعت أقدميتهم فى الدرجة الثالثة الى 10/ 10/ 1949 فى حين ترجع أقدمية المدعى فى هذه الدرجة الى 1/ 8/ 1950 أما الترقية بالاختيار فى هذه الحركة فقد أجريت وفقا للضوابط المرسومة بقانون موظفى الدولة ووضعت أول تقارير سرية عن الموظفين فى فبراير سنة 1953 وأقصى مراتبها مرتبة جيد وكانت تسلم الى الموظف صورة من التقرير وليس بالوزارة تقارير عن فبراير 1953 وعلى المدعى اثبات حصوله على مرتبة جيد فى التقرير، هذا والملاحظ من كشف المقارنة ان جميع المرقين بالاختيار بالقرار المطعون فيه من حملة المؤهلات العالية أقدم من المدعى عدا السيد/ محمد قنديل الذى كان يشغل وظيفة مراقب وهى وظيفة مخصص لها الدرجة الثانية وفيما يتعلق بالطعن فى قرار الترقية الى الدرجة الأولى بتاريخ 25/ 12/ 1954 فان الترقية تمت بالاختيار طبقا للقانون واعتبارات المصلحة العامة هذا الى أن أقدمية المدعى استقرت فى الدرجة الثانية عند 30/ 6/ 1954 أما آخر المرقين بالقرار المذكور فأقدميته فى الدرجة الثانية ترجع الى 28/ 4/ 1953. وأضافت الوزارة انه عن قرار الترقية الى الدرجة الأولى فى 13/ 10/ 1955 فقد تمت الترقية فيه بالاختيار وفقا للقانون.
وبجلسة 8/ 2/ 1962 حكمت محكمة القضاء الادارى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع برد أقدمية المدعى فى الدرجة الثانية الى 28/ 4/ 1953 وبالغاء القرار الصادر فى 25/ 12/ 1954 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى الدرجة الأولى وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا بالنسبة للطلب الاحتياطى هو دفع غير سليم لأن المعنى من طلب المدعى ارجاع أقدميته فى الدرجة الثانية الى 28/ 4/ 1953 الطعن فى القرار الصادر فى هذا التاريخ ومن ثم فانه الى أن يستقر مركز المدعى القانونى باجابته الى طلبه هذا لا يحتج عليه بنشر القرار الصادر بالترقية الى الدرجة الأولى فى 13/ 10/ 1955 اذ يبدأ ميعاد التظلم من هذا القرار فى الوقت الذى يتحقق فيه هذا الاستقرار وبالنسبة للطلب الخاص بالغاء القرار الصادر بالترقية الى الدرجة الثانية فى 28/ 4/ 1953 فان الثابت أن المدعى أقدم ممن رقوا بالاختيار فى هذا القرار فاذا كانت جهة الادارة قد عجزت عن تقديم ما يثبت أن الأحدث من المدعى هو الأجدر من واقع التقارير السرية عن العام السابق لهذه الترقية فقد تخلف عنها والحالة هذه المبرر لاختيار الأحدث دون الاقدم. ويكون قرارها متعين الالغاء، فاذا ما ردت أقدمية المدعى فى الدرجة الثانية الى 28/ 4/ 1953 فقد تضمن القرار الصادر فى 25/ 12/ 1954 اعتداء على مركز المدعى القانونى ذلك لأنه رقى من هو أحدث من المدعى وعجزت الادارة عن تقديم ما يدل على ان هذا الأحدث أكثر من المدعى كفاية، ومن ثم يتعين الحكم بالغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى الدرجة الأولى. وبتاريخ 9/ 4/ 1962 أودعت ادارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزارة التربية والتعليم تقرير طعن عن الحكم المذكور قيد بجدول طعون المحكمة الادارية العليا برقم 1000 لسنة 8 القضائية وطلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع الزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب.
وأقامت الحكومة طعنها على أن جميع من رقوا بالاختيار الى الدرجة الثانية فى الحركة الصادرة فى 28/ 4/ 1953 كانوا قد حصلوا فى تقاريرهم السنوية السابقة على تلك الحركة على مرتبة جيد وهى أقصى مراتب الكفاية، كما انهم كانوا جميعا أقدم من المطعون ضده فى تاريخ الحصول على الدرجة الثالثة فيما عدا السيد/ محمد قنديل الذى كان يشغل حينئذ وظيفة مراقب وقد خصصت لها الدرجة الثانية فى الميزانية، وانه لما كان المطعون ضده يشغل احدى وظائف التفتيش فلم يكن ثمة مجال للمقارنة بينه وبين السيد/ محمد قنديل حيث ان الدرجة الثانية التى رقى اليها هذا الأخير مخصصة فى الميزانية لوظيفته ومن ثم فلا حق للمطعون ضده فى الترقية اليها، ووظيفة مراقب تقتضى تأهيلا خاصا وصلاحية معينة توافرت فى السيد/ محمد قنديل بحكم شغله لهذه الوظيفة ولم تتوافر فى المطعون ضده ومن ثم فقد التزمت الادارة جانب الحق حيث رقت السيد/ محمد قنديل الى الدرجة الثانية، وأنه اذ انهار الأساس الذى أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليه فى رد أقدمية المدعى الى الدرجة الثانية الى 28/ 4/ 1953 فقد انهار بدوره الأساس الذى أقام عليه قضاءه بالغاء القرار الصادر فى 25/ 12/ 1954 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى الدرجة الأولى فضلا عن ان الترقية الى هذه الدرجة وما يعلوها بالاختيار دون التقيد بالأقدمية.
وتقدمت ادارة قضايا الحكومة عقب جلسة 28 مارس سنة 1965 بمذكرة أجملت فيها دفاعها السابق وأضافت دفعا جديدا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد بمقولة ان القرارات المطعون فيها الصادرة فى 28/ 4/ 1953 و25/ 12/ 1954 و13/ 10/ 1955 نشرت ووزعت على فروع وادارات الوزارة المختلفة وفقا للنظام الذى كان متبعا للنشر وقتئذ كما أن انقضاء مدة طويلة على صدور القرارات الادارية المطعون فيها يعتبر قرينة قاطعة على علم الكافة بها.
ومن حيث انه عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا فان المادة 22 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 تقضى بأن ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الالغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح أو اعلان صاحب الشأن به، ويجرى النشر عادة بالنسبة الى القرارات التنظيمية العامة أو اللوائح والاعلان بالنسبة للقرارات الفردية، الا أنه يقوم مقام الاعلان فى صدد القرارات الأخيرة علم صاحب الشأن بأية وسيلة من وسائل الاعلام بما يحقق هذا الاعلان ولو لم يقع هذا الاعلان بالفعل.
ومن حيث انه جاء فى كتاب وزارة التربية والتعليم رقم 3808×23/ 20 - 9 (المراقبة العامة للمستخدمين) مستند رقم 23 م فى صدد هذه الدعوى (وقد تأشر عليه بالامضاء بتاريخ 28/ 4/ 1965) بأن الوزارة لم تعمل بنظام نشر القرارات الا من 1/ 9/ 1955 حيث صدر العدد الأول من هذا التاريخ وبذلك لم ينشر القرار المنوه عنه (وهذه الاشارة خاصة بقرار الترقية الى الدرجة الثانية) المؤرخ 28/ 4/ 1953 وتكررت هذه الاشارة أيضا فيما يتعلق بقرار الترقية الى الدرجة الأولى المؤرخ 25/ 12/ 1954.
ومن حيث انه متى كان ذلك ينهار دفع الحكومة فى صدد نشر القرارين المذكورين، فاذا كان الثابت انه بالنسبة الى القرار الأول المطعون فيه والصادر بتاريخ 28/ 4/ 1953 ان المدعى لم يعلم به الا فى تاريخ لاحق بفترة زمنية كبيرة ولم تقم جهة الادارة باثبات علمه به فى فترة سابقة عليها فان تاريخ علمه الذى نوه به هو الذى يعد بدءا لسريان ميعاد رفع الدعوى وهذا التاريخ هو 10/ 3/ 1959، وقد تظلم منه المدعى فى هذا التاريخ ورفع دعواه فى الميعاد القانونى ولذلك تعتبر مقبولة شكلا.
ومن حيث ان تحديد مركز المدعى بموجب القرار المطعون عليه الأول يتوقف عليه مركزه بالنسبة للقرارين التاليين المطعون فيهما ومن ثم فان علم المدعى بهذين القرارين علما يقينيا شاملا لجميع العناصر التى يمكن له على أساسها أن يتبين مركزه القانونى ويستطيع أن يحدد على مقتضاه طريقة الطعن فيهما: هذا العلم لم يتحقق أيضا الا بعلمه بالقرار الأول ومن ثم يعتبر التظلم القانونى المقدم فى ميعاده بالنسبة للقرار الأول سارى المفعول ومنتجا لآثاره بالنسبة للقرارين الأخرين اذ ان هذين القرارين مرتبطان بالقرار الأول ارتباط النتيجة بالسبب وعلى ذلك تكون الدعوى بالنسبة للقرارات جميعها مقبولة ويتعين رفض دفع الحكومة بعدم قبولها.
ومن حيث ان هذه المحكمة ليست ممنوعة من أن تثير من تلقاء نفسها ما ورد فى المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية والتى يجرى نصها بأنه "لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة فى أى معاش تم قيده متى مضت سنة من تاريخ تسليم السركى المبين فيه مقدار المعاش الى صاحب الشأن وبناء على ذلك فكل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذى تم قيده أو المكافأة التى تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضى الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت لا على الحكومة ولا على مصالحها لأى سبب كان وتحت أية حجة كانت ولا يجوز أيضا قبول هذه الدعوى من الحكومة أو من مصالحها" ويتعين البحث بعد ورود هذا النص بالصيغة المشار اليها فيما اذا كان حكمه يجعل من مضى سنة على - تسلم صاحب المعاش السركى مدة سقوط تنقطع معها كل منازعة حول صحة ربط المعاش أصلا ومقدارا أما تطبيق المادة السادسة آنف الذكر فيجرى فى مجال يختلف عما تجرى فيه المنازعة الحالية.
ومن حيث أن أعمال نص المادة السادسة سالفة الذكر بالوضع السابق ايضاحه لا يصادر حق المحكمة التى تبحث موضوعا فى دعوى الالغاء يترتب على الفصل فيه اعادة ربط المعاش تنفيذا للحكم الذى تصدره فى شأن القرار الادارى المتعلق بالترقية الى الدرجة التى يتم على مقتضاها تحديد مقدار المعاش وبالتالى ربطه وفى هذا الضوء لا يسوغ القول بانتهائية قيد المعاش بانقضاء سنة على تسليم السركى الخاص به ما دام أن مركز الموظف لم يستقر بصورة نهائية يدور معها استحقاقه للمعاش على أساس درجة لا يزال النزاع شاجرا فى شأنها، ولا يفوت هذه المحكمة التنويه بأن المشرع عندما وضع المادة 6 من القانون رقم 37 لسنة 1939 الخاص بالمعاشات المدنية لم يكن قضاء الالغاء قد استحدث بعد، أما وقد أنشأ هذه القضاء منذ عام 1946 فان أعمال المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1929 يجد حده الطبيعى فيما لا يعتبر مصادرة لدعاوى الالغاء وهذه الحكمة تتمشى مع العدالة وما أقره الشارع فى المادة 46 من القانون رقم 50 لسنة 1963 الخاص بالتأمين والمعاشات لموظفى الدولة ومستخدميها وعمالها المدنيين والتى استثنت من السقوط حالات اعادة تسوية التأمين أو المعاش أو المكافأة بالزيادة نتيجة حكم قضائى نهائى. ويؤيد ذلك أن قضاء الالغاء مرتبط بالعلم بالقرار المطعون فيه بينما تطبيق المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1929 مجاله التسويات التى تستمد حكمها من القانون مباشرة وأمره معلوم للكافة من تاريخ اصداره ونشره ويترتب على ما تقدم عدم أعمال حكم المادة السادسة للقانون سالف الذكر فى صدد هذه المنازعة.
ومن حيث أنه عن موضوع الدعوى فان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده ترجع أقدميته فى الدرجة السادسة الى 22/ 9/ 1922 وفى الدرجة الخامسة الى 1/ 5/ 1943 وفى الدرجة الرابعة الى 1/ 5/ 1947 وفى الثالثة الى 1/ 8/ 1950 فى حين أن بعض من تناولتهم الترقية بالاختيار بموجب القرار المطعون فيه المتضمن اجراء ترقيات الى الدرجة الثانية اعتبارا من 28/ 4/ 1953 أحدث من المطعون ضده ومن بينهم السيد/ محمد على محمد اذ ترجع أقدميته فى الدرجة السادسة الى 1/ 6/ 1935 وفى الدرجة الخامسة الى 1/ 5/ 1943 وفى الدرجة الرابعة الى 1/ 5/ 1947 وفى الدرجة الثالثة الى 1/ 8/ 1950.
ومن حيث أن الادارة عجزت عن تقديم ما يثبت أن من رقوا بالقرار المطعون فيه وهم أحدث من المطعون ضده كانوا أكفأ منه من واقع التقارير السرية المقدمة وقتذاك فيكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فى قضائه برد أقدمية المطعون ضده فى الدرجة الثانية الى 28/ 4/ 1953 ولا يكفى أن تقول الحكومة فى طعنها ان من رقوا بالاختيار الى الدرجة الثانية فى الحركة المذكورة كانوا قد حصلوا فى تقاريرهم السنوية السابقة على تلك الحركة على مرتبه جيد، ومن ثم يفوقون المطعون ضده فى درجة الكفاية ما دام أن الأخير هو الأقدم ولم تقدم الادارة الدليل على تفوق هؤلاء فى الكفاية وأما ذكرته الحكومة فى طعنها من أن السيد/ محمد قنديل كان يشغل وظيفة مراقب وقد خصصت لها الدرجة الثانية فى الميزانية فى حين أن المطعون ضده يشغل وظيفة مفتش وعلى ذلك لم يكن ثمة مجال للمقارنة بينه وبين السيد/ محمد قنديل... الخ الخ هذا القول مردود بأن مجرد ذكر وظيفة مراقب فى الميزانية ليس معناه أن الدرجة الثانية المقابلة لهذه الوظيفة مخصصة لترقية طائفة بذاتها من رجال التعليم هم المراقبون دون من عداهم ممن يحل عليهم الدور فى الترقية، ذلك أن وظيفة المراقب لا تصطبغ بطبيعة متميزة ولا تتطلب فيمن يشغلها تأهيلا خاصا وصلاحية معينة لا تتحقق فى مثل المطعون ضده وبمثل ذلك قضت هذه المحكمة بجلسة 21 من يناير سنة 1961 فى الدعوى رقم 934 لسنة 8 قضائية (السنة السادسة من المجموعة ص. - 605.).
ومن حيث انه متى تحددت أقدمية المطعون ضده فى الدرجة الثانية على هذا النحو فان القرار الصادر فى 25/ 2/ 1954 باجراء ترقيات الى الدرجة الأولى قد تضمن تخطى المطعون ضده فى الترقية الى الدرجة الأولى بالسيد/ محمد قنديل اذ أن المطعون ضد أقدم منه. ولما كانت السلطة التقديرية للادارة فى اجرائها الترقية بالاختيار مقيدة باستهداف الصالح العام وانه لا يجوز تخطى الاقدم الى الأحدث الا اذا كان هذا الأخير ظاهر الامتياز عليه، وانه بالرجوع الى ملف خدمة المطعون ضده ومقارنة حالته بحالة السيد/ محمد قنديل يتبين أنه لا يوجد به ما يدل على أنه يقل عنه كفاية، وقد شغل وظائف رئيسية لا تقل أهمية عن الوظائف التى شغلها المذكور، ولم تقدم الادارة الطاعنة أى دليل على أنه كانت ثمة عناصر تحول دون ترقيته وتكشف عن أفضلية السيد/ محمد قنديل عليه بموجب القرار المشار اليه بما يستتبع اعتبار تخطى المطعون ضده فى الترقية الى الدرجة الأولى بمقتضى هذا القرار منطويا على مخالفة القانون ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فى قضاءه بالغاء القرار الصادر فى 25/ 12/ 1954 فيما تضمنه من تخطى المطعون ضده فى الترقية الى الدرجة الأولى ويكون الطعن فيه على غير أساس سليم من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت الحكومة بالمصروفات.