مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1460

(132)
جلسة 23 من مايو سنة 1965

برياسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 1365 لسنة 8 القضائية

أ - موظف - نقل - كادر - نقل بعض الدرجات من الكادر المتوسط الى الكادر العالى - جواز نقل الموظف شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط الى الكادر العالى فى نفس درجته - المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - استصحاب الموظف المنقول أقدميته فى الدرجة المنقولة.
ب - كادر - درجة - الدرجة فى الكادر الأدنى - لا تتفق اطلاقا مع الدرجة فى الكادر العالى حتى لو اتحدت فى التسمية - الخروج على ذلك يستلزم نصا صريحا من المشرع.
جـ - موظف - نقل - أقدمية - استصحاب الموظف المنقول بدرجة من الكادر المتوسط الى الكادر العالى أقدميته فى الدرجة المنقول بها - مقصور على هذه الدرجة دون أقدميته فى الدرجة السابقة - تميز الأقدمية فى وظائف الكادر العالى عن الأقدمية فى وظائف الكادر المتوسط حتى ولو كانت درجاتها متماثلة - استصحاب الموظف المنقول أقدميته فى هذه الحالة - استثناء يجب الاقتصار على تطبيقه فى الحدود التى ورد بها.
د - موظف - أقدمية - كادر - المفاضلة بين أقدميات من اتحد تاريخ ترقيتهم الى درجة مالية - الرجوع الى أقدمية كل منهم فى الدرجة السابقة - مشروط بقيام وحدة الكادر التى تنتمى اليه الدرجة السابقة - تغاير الكادر نوعيا - ثبوت أن أحد المتزاحمين أسبق فى الحصول على الدرجة السابقة بالكادر المتوسط فى حين أن منافسه متأخر عنه فى الحصول على هذه الدرجة مع انتسابه الى الكادر الفنى العالى - وجوب التعويل على أقدميات الكادر الفنى العالى وحدها.
1 - نصت المادة 47 من قانون موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 فى الفقرة الأخيرة منها على أنه "فى حالة نقل بعض الدرجات من الكادر المتوسط الى الكادر العالى بميزانية احدى الوزارات أو المصالح يجوز بقرار من الوزير المختص نقل الموظف شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط الى الكادر الفنى العالى فى نفس درجته أو تسوية حالته على درجة متوسطة خالية من نوع درجته ومعادلة لها".
ومن حيث أن هذه المحكمة قضت بجلستها بتاريخ 12/ 7/ 1958 فى الدعوى رقم 118 لسنة 4 القضائية فى صدد هذه المادة بأنه ولئن كان القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن موظفى الدولة قد قسم الوظائف الداخلة فى الهيئة الى فئتين عالية ومتوسطة على أن تتضمن الميزانية بيانا بكل نوع من هذه الوظائف واذ نص على أنه لا يجوز بغير اذن من البرلمان نقل وظيفة من فئة الى أخرى أو من نوع الى آخر، واذ وضع لكل فئة من هاتين الفئتين أحكاما خاصة بها من حيث التعيين والترقية تختلف فى كل واحدة عن الأخرى مما يترتب عليه أن الأقدمية فى وظائف الكادر العالى تتميز عن الأقدمية فى وظائف الكادر المتوسط حتى ولو كانت درجاتهما متماثلة، ومن ثم فاذا نقل موظف من الكادر الأدنى الى مثل درجته فى الكادر الأعلى فانه لا يستصحب معه عند النقل أقدميته فى الكادر الأدنى بل يعتبر فى ترتيب أقدميته بين أقرانه فى الكادر الأعلى من تاريخ نقله الى هذا الكادر الأخير... الا أنه اذا كان النقل مترتبا على نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى الى الكادر الأعلى بناء على ما رؤى لصالح العمل ولحسن سير المرفق العام فان المستفاد من نص القانون فى الفقرة الأخيرة من المادة 47 المشار اليها أن المشرع قصد الاحتفاظ للموظف الذى ترى الادارة نقله الى الكادر الفنى العالى تبعا لنقل وظيفته بدرجتها بأقدميته فيها. وحكمة ذلك ظاهرة تقوم على أساس من العدالة والصالح العام لأن نقل الوظيفة بدرجتها قد استدعته حاجة العمل والمصلحة العامة، ولأنه لما كان نقل الوظيفة من الكادر المتوسط الى الكادر الأعلى لا يستتبع حتما وبقوة القانون نقل شاغلها فقد لا يكون الموظف صالحا للقيام بوظيفته فى الكادر العالى سواء من حيث الكفاية أو المؤهل، فقد أجيز لكل وزير فى وزارته سلطة الترخيص فى نقل أو عدم نقل كل موظف نقلت وظيفته بدرجتها الى الكادر العالى ومن ثم فان الموظف الذى تثبت صلاحيته للنقل الى الكادر العالى فى تلك الوظيفة ينبغى ألا تتأثر أقدميته فى الدرجة المنقولة بنقله الى الكادر العالى ما دام قد تم ذلك تبعا لنقل الوظيفة بدرجتها تنظيما للأوضاع فى الوزارة أو المصلحة على الأساس المتقدم وما دام قد ثبتت جدارة الموظف المنقول وأهليته للنقل.
2 - من المقرر وفقا لقضاء هذه المحكمة أن الدرجة فى الكادر الأدنى لا تتفق اطلاقا مع الدرجة فى الكادر العالى حتى ولو اتحدت فى التسمية وان الخروج على ذلك يستلزم نصا صريحا من المشرع.
3 - انه ولئن كان المستفاد من نص المادة 47 فقرة أخيرة من قانون نظام موظفى الدولة أن الموظف المنقول بدرجته من الكادر المتوسط الى الكادر العالى يستصحب معه أقدميته فى الدرجة المنقول بها طبقا لشروط وضوابط وضعتها هذه المحكمة الا أنه لا يستفاد من هذا النص أنه يستصحب معه أيضا أقدميته فى الدرجة السابقة، بمراعاة أن الأصل هو أن الأقدمية فى وظائف الكادر العالى تتميز عن الأقدمية فى وظائف الكادر المتوسط حتى ولو كانت درجاتهما متماثلة وأن الخروج على هذا الأصل يستلزم نصا استثنائيا مثل الفقرة الأخيرة من المادة 47، ومن المقرر أن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فى تفسيره ومن ثم فلا يمكن أن يفترض أن الطاعنين والمطعون ضده عينوا لأول مرة فى الدرجة الخامسة فيكون المعيار الواجب التعويل عليه فى تحديد الأقدمية بين المعينين هو المؤهل فأقدمية التخرج فعلو السن على التعاقب الوارد بالفقرة (ب) من المادة 25 من قانون موظفى الدولة. لأن هذا المعيار لا يستقيم مع وجود واقع على خلافه وهو عدم تعيين المتزاحمين لأول مرة فى الدرجة الخامسة ولأن المطعون فى ترقيته وان كان يستصحب معه أقدميته فى الدرجة الخامسة بالكادر الفنى المتوسط الا أنه لا يصح أن يبستصحب معه أقدميته فى الدرجة السادسة بالكادر الفنى المتوسط، ذلك أن المشرع فى المادة 47 فقرة أخيرة قد خرج على الأصل العام الذى يقضى بأنه عند نقل موظف من الكادر الأدنى الى مثل درجته فى الكادر الأعلى لا يستصحب معه عند النقل أقدميته فى الكادر الأدنى وذلك حين استثنى حالة ما اذا كان النقل مترتبا على نقل الوظيفة بدرجتها وبمراعاة الشروط والأوضاع التى أرستها هذه المحكمة ومن ثم وجب الاقتصار على تطبيق هذا الاستثناء فى الحدود التى ورد فيها بحيث لا يتعدى الى الأقدمية فى الدرجة السابقة حسبما سبق به البيان.
4 - ان المعيار الذى أرسته الفقرة ( أ ) من المادة 25 من قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 يقضى فى حالة المفاضلة بين أقدميات من اتحد تاريخ ترقيتهم الى درجة مالية ما بأن يرجع الى أقدمية كل منهم فى الدرجة السابقة، فالأقدم هو الذى يتقدم على غيره فى مجال الترقية بالأقدمية الى الدرجة الأعلى، ولا ريب فى أن هذا الأصل مشروط بقيام وحدة الكادر الذى تنتمى اليه الدرجة السابقة، فاذا تغاير الكادر نوعيا بحيث كان أحد المتزاحمين أسبق فى الحصول على الدرجة السابقة بالكادر المتوسط فى حين كان منافسه متأخرا عنه فى الحصول على هذه الدرجة مع انتسابه الى الكادر الفنى العالى، فلا جدال فى لزوم التعويل على أقدميات الكادر الفنى العالى وحدها، وتعين من ثم ايثار الأحدث تعيينا لأنه كان على كل حال أسبق فى التعيين فى أدنى درجات الكادر الفنى العالى من زميله الذى لم يظفر أصلا بالتعيين فى الدرجة السادسة بهذا الكادر. ولو قيل بغير هذا لأهدرت قاعدة فصل الكادرات ولساغ أن تعقد مقارنة بين أقدميات من يلحقون بالكادر المتوسط وأقدميات من ينتسبون الى الكادر العالى وهو ما لا يتسق مع الأسس التى قام عليها قانون نظام موظفى الدولة.


اجراءات الطعن

بتاريخ 12/ 7/ 1962 أودع الأستاذ حنا ناروز المحامى بالنيابة عن المهندسين فريد سمعان الرشيدى وبشرى فوزى خليل قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 12/ 4/ 1962 فى الدعوى رقم 400 لسنة 15 قضائية المرفوعة منهما ضد السيد وزير الاسكان والمرافق والذى قضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وبالزام المدعين المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى التقرير الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم بالغاء القرار المطعون ضده رقم 2280 لسنة 1960 وذلك فيما تضمنه من تخطى الطاعنين فى الترقية الى الدرجة الرابعة بالكادر الفنى العالى مع ما يترتب على ذلك من اثار مع الزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب.
وبعد استيفاء الاجراءات المقررة قانونا واحالة الطعن الى هذه المحكمة ونظره على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات عين لاصدار الحكم فيه جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل فى ان الطاعنين أقاما أمام محكمة القضاء الادارى الدعوى رقم 40 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الشئون البلدية والقروية طالبين الحكم بالغاء القرار رقم 2280 لسنة 1960 فيما تضمنه من تخطيهما فى الترقية الى الدرجة الرابعة بالكادر الفنى العالى مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وغيرها والزام الوزارة بالمصروفات والأتعاب وقالا شرحا لدعواهما أنهما أقدم من المطعون فى ترقيتهم فى أقدمية الدرجة الخامسة فضلا عن توافر شروط الترقية فيهما الأمر الذى يجعل القرار المطعون فيه مخالفا للقانون. وردت الادارة على الدعوى بانها تقدمت فى مشروع الميزانية لعام 59/ 1960 تطلب نقل وظيفة السيد/ سيد أحمد أبو العلا المهندس من الدرجة الخامسة بالكادر الفنى المتوسط الى الكادر الفنى العالى لحصوله على بكالوريوس الهندسة ولأنه يقوم بأعمال هندسية، وقد صدر قانون ربط الميزانية متضمنا ذلك. وقد صدر القرار رقم 1268 لسنة 1952 فى 4/ 8/ 1959 متضمنا نقل هذا المهندس الى الكادر الفنى العالى عملا بحكم الفقرة الرابعة من المادة 47 من قانون موظفى الدولة. ولما كان هذا النقل مترتبا على نقل الوظيفة فقد اعتبرت أقدمية المهندس سيد أحمد أبو العلا فى الدرجة الخامسة من تاريخ حصوله عليها فى الكادر المتوسط، وبذلك أصبح أقدم من المدعين. ولما خلت وظيفتان فى الدرجة الرابعة رقى اليهما كل من المهندسين سيد أحمد أبو العلا وفؤاد عطية لطفى جرجس فى القرار المطعون فيه لأنهما أسبق فى أقدمية الدرجة الخامسة من المدعين وصدر القرار رقم 2280 لسنة 1960 المطعون فيه فى 14/ 11/ 1960 بهذا المعنى. وقد قدم السيد مفوض الدولة تقريره وعقب المدعيان على هذا التقرير وقد انصب دفاعهما على بيان أن العيب الذى شاب القرار المطعون فيه ينصب على ترقية السيد/ سيد أحمد أبو العلا الذى ينبغى ألا يقيد فى الدرجة الخامسة الا من تاريخ حصوله على المؤهل سنة 1959 وبذلك يكون أحدث منهما فى أقدمية الدرجة الخامسة.
وبجلسة 12/ 4/ 1962 حكمت محكمة القضاء الادارى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا والزام المدعين المصروفات. وأقامت قضاءها على أن المدعيين صرحا بأن العيب الذى شاب القرار المطعون فيه ينحصر فى ترقية السيد/ السيد أحمد أبو العلا لأنه حصل على الدرجة الخامسة بالكادر الفنى المتوسط ثم نقل الى الكادر الفنى العالى ومن ثم ينبغى أن تحسب أقدميته فى هذه الدرجة بعد نقله من تاريخ حصوله على المؤهل العالى فى فبراير سنة 1959 ولذلك يكون الأحدث منهما فى هذه الدرجة الا أنه لما كان النقل مترتبا على نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى الى الكادر الأعلى ويحتفظ الموظف المنقول بأقدميته فى الدرجة المنقولة فان المهندس سيد أحمد أبو العلا يستصحب أقدميته فى الدرجة الخامسة عند النقل وبالتالى تعتبر أقدميته فى هذه الدرجة راجعة الى 20/ 6/ 1957 أى انه يشترك مع المدعيين فى هذه الاقدمية ولا مناص فى هذه الحالة من الاستئناس فى معيار الترجيح بأحكام المادة 25 من قانون موظفى الدولة أى بالرجوع الى أقدمية كل منهم فى الدرجة السادسة على الرغم من اختلاف درجة المطعون فى ترقيته ودرجة المدعيين تبعا لاختلاف الكادرين، وذلك أنه لا يمكن أن يعترض انهم عينوا فى الدرجة الخامسة حتى يكون معيار الأقدمية هو المؤهل فأقدمية التخرج فكبر السن على التوالى لأن هذا الغرض لا يستقيم مع وجود واقع على خلافه، وأنه نظرا لأن أقدمية المهندس سيد أحمد أبو العلا فى الدرجة السادسة ترجع الى سنة 1940 بينما أقدمية المدعيين ترجع الى سنة 1941 ومن ثم يكون هو الأقدم عند النظر فى الترقية الى الدرجة الرابعة وخلصت المحكمة - حسبما سلف البيان - الى رفض الدعوى موضوعا.
ومن حيث انه بتاريخ 12/ 7/ 1962 طعن المدعيان فى هذا الحكم بتقرير قيد بجدول طعون المحكمة الادارية العليا تحت رقم 1365 لسنة 8 القضائية يعد أن حصلا على قرار بتاريخ 24/ 6/ 1962 باعفائهما من رسوم الطعن اجابة لطلبهما المؤرخ 6/ 6/ 1962 وطلبا فى طعنهما الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم بالغاء القرار رقم 2280 لسنة 1960 فيما تضمنه من تخطيطهما فى الترقية الى الدرجة الرابعة بالكادر الفنى العالى وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب. ويتضح من هذا التقرير ومن المذكرة المقدمة بتاريخ 1/ 5/ 1965 أن دفاعهما ينصب على أن العيب الذى شاب القرار المطعون فيه ينصب على ترقية المهندس/ سيد أحمد أبو العلا فحسب دون ترقية المهندس فؤاد عطية لطفى جرجس.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق أن المهندس فريد سمعان الرشيدى حصل على بكالوريوس الهندسة فى عام 1950 والتحق بالخدمة بالدرجة السادسة بالكادر الفنى العالى فى 19/ 12/ 1950 ثم رقى الى الدرجة الخامسة فى 20/ 6/ 1957 والى الدرجة الرابعة فى 28/ 2/ 1961، وأما بالنسبة لزميله المهندس بشرى فوزى خليل فقد حصل على بكالوريوس الهندسة فى عام 1950 والتحق بالخدمة بالدرجة السادسة بالكادر الفنى العالى فى 26/ 12/ 1950 ورقى للدرجة الخامسة فى 12/ 6/ 1957 والى الدرجة الرابعة فى 9/ 4/ 1961. وبالنسبة للمطعون فى ترقيته المهندس سيد أحمد أبو العلا فهو من حملة دبلوم الفنون والصناعات والتحق بالخدمة فى 28/ 7/ 1940 بالكادر الفنى المتوسط وحصل على الدرجة الخامسة بهذا الكادر فى 20/ 6/ 1957 ثم حصل على بكالوريوس الهندسة عام 1959 فصدر قرار بتاريخ 4/ 8/ 1959 بنقله تبعا لنقل وظيفته الى الكادر العالى بميزانية 59/ 1960 مع الاحتفاظ له بالأقدمية وماهيته التى حصل عليها فى الكادر الفنى المتوسط ورقى الى الدرجة الرابعة بعد ذلك فى 24/ 10/ 1960 بالقرار رقم 2280 لسنة 1960 موضوع هذا الطعن.
ومن حيث ان مثار المنازعة يدور حول ما اذا كان المهندس سيد أحمد أبو العلا أقدم من المدعين بحيث تكون ترقيته دونهما بالقرار المطعون فيه صحيحة مطابقة للقانون ما دام انه حصل على الدرجة السادسة قبلهما فى سنة 1940 وقد حصلوا جميعا على الدرجة الخامسة فى تاريخ واحد فى 20/ 6/ 1957، أم أن المدعيين أقدم من المهندس المذكور ما دام انهما يسبقانه بالحصول على الدرجة السادسة بالكادر الفنى العالى التى لم يعين بها المطعون ضده قط.
ومن حيث ان المادة 47 من قانون موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 قد نصت الفقرة الأخيرة منها على أنه "فى حالة نقل بعض الدرجات من الكادر المتوسط الى الكادر العالى بميزانية احدى الوزارات أو المصالح يجوز بقرار من الوزير المختص نقل الموظف شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط الى الكادر العالى فى نفس درجته أو تسوية حالته على درجة متوسطة خالية من نوع درجته ومعادلها لها".
ومن حيث ان هذه المحكمة قضت بجلستها بتاريخ 12/ 7/ 1958 فى الدعوى رقم 118 لسنة 4 القضائية فى صدد هذه المادة بأنه ولئن كان القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن موظفى الدولة قد قسم الوظائف الداخلة فى الهيئة الى فئتين عالية ومتوسطة على ان تتضمن الميزانية بيانا بكل نوع من هذه الوظائف واذ نص على انه لا يجوز بغير اذن من البرلمان نقل وظيفة من فئة الى أخرى أو من نوع الى أخر واذ وضع لكل فئة من هاتين الفئتين أحكاما خاصا بها من حيث التعيين والترقية تختلف فى كل واحدة عن الأخرى مما يترتب عليه أن الأقدمية فى وظائف الكادر العالى تتميز عن الأقدمية فى وظائف الكادر المتوسط حتى ولو كانت درجاتهما متماثلة، ومن ثم فاذا نقل موظف من الكادر الأدنى الى مثل درجته فى الكادر الأعلى فانه لا يستصحب معه عند النقل - أقدميته فى الكادر الأدنى بل يعتبر فى ترتيب أقدميته بين اقرانه فى الكادر الأعلى من تاريخ نقله الى هذا الكادر الأخير... الا انه اذا كان النقل مترتبا على نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى الى الكادر الأعلى على بناء ما رؤى لصالح العمل ولحسن سير المرفق العام فان المستفاد من نص القانون فى الفقرة الأخيرة من المادة 47 المشار اليها ان المشرع قصد الاحتفاظ للموظف الذى ترى الادارة نقله الى الكادر الفنى العالى تبعا لنقل وظيفته بدرجتها بأقدميته فيها وحكمة ذلك ظاهرة تقوم على أساس من العدالة والصالح العام لأن نقل الوظيفة بدرجتها قد استدعته حاجة العمل والمصلحة العامة، ولأنه لما كان نقل الوظيفة من الكادر المتوسط الى الكادر الأعلى لا يستتبع حتما وبقوة القانون نقل شاغلها فقد لا يكون الموظف صالحا للقيام بوظيفته فى الكادر العالى سواء من حيث الكفاية أو المؤهل، فقد أجيز لكل وزير فى وزارته سلطة الترخيص فى نقل أو عدم نقل كل موظف نقلت وظيفته بدرجتها الى الكادر العالى ومن ثم فان الموظف الذى تثبت صلاحيته للنقل الى الكادر العالى فى تلك الوظيفة ينبغى الا تتأثر أقدميته فى الدرجة المنقولة بنقله الى الكادر العالى ما دام قد تم ذلك تبعا لنقل الوظيفة بدرجتها تنظيما للأوضاع فى الوزارة أو المصلحة على الأساس المقدم وما دام قد ثبتت جدارة الموظف المنقول وأهليته للنقل.
ومن حيث ان هذه المحكمة تؤكد رأيها الوارد فى الحكم المتقدم بأن من ينقل من الكادر الفنى المتوسط الى الكادر الفنى العالى تبعا لنقل وظيفته ودرجتها وطبقا للمادة 47 فقرة أخيرة من قانون موظفى الدولة فانه يستصحب أقدميته فى الدرجة المنقولة. ومن مقتضى ذلك أن المهندس سيد أحمد ابو العلا تصبح أقدميته فى الدرجة الخامسة بالكادر الفنى العالى راجعة الى تاريخ حصوله على الدرجة الخامسة بالكادر الفنى المتوسط أى الى 20/ 6/ 1957 وتكون أقدميته فى الدرجة الخامسة على هذا النحو قد اتحدت مع أقدمية المدعين فى هذه الدرجة.
ومن حيث أن المادة 25 من قانون نظام موظفى الدولة قد نصت على أن "تعتبر الأقدمية فى الدرجة من تاريخ التعيين فيها، فاذا اشتمل مرسوم أو أمر جمهورى أو قرار على تعيين أكثر من موظف فى درجة واحدة اعتبرت الأقدمية كما يلى: ( أ ) اذا كان التعيين متضمنا ترقية اعتبرت الأقدميية على أساس الأقدمية فى الدرجة السابقة" فانها تكون قد وضعت معيار الرجوع لأقدمية الدرجة السابقة عند الاتحاد فى أقدمية الدرجة الحالية - ولما كان الثابت ان المهندس سيد أحمد أبو العلا كان يشغل الدرجة السادسة بالكادر الفنى المتوسط فى حين ان المدعيين كانا يشغلان الدرجة السادسة بالكادر الفنى العالى الا أن المطعون فى ترقيته وان كان قد حصل على الدرجة السادسة فى الكادر الفنى المتوسط فى تاريخ سابق على حصول المدعيين على الدرجة السادسة العالية الا انه لم يحصل أصلا على الدرجة السادسة العالية ومن ثم يعتبر المدعيان أسبق منه فى الحصول عليها، ولانه من المقرر وفقا لقضاء هذه المحكمة ان الدرجة فى الكادر الأدنى لا تتفق اطلاقا مع الدرجة فى الكادر العالى حتى ولو اتحدت فى التسمية وان الخروج على ذلك يستلزم نصا صريحا من المشرع (حكم المحكمة الادارية العليا بجلسة 24/ 12/ 1960 المجموعة السادسة ص343) كما انه ولئن كان المستفاد من نص المادة 47 فقرة أخيرة من قانون نظام موظفى الدولة أن الموظف المنقول بدرجته من الكادر المتوسط الى الكادر العالى يستصحب معه أقدميته فى الدرجة المنقول بها طبقا لشروط وضوابط وضعتها هذه المحكمة الا انه يستفاد من هذا النص انه يستصحب معه أيضا أقدميته فى الدرجة السابقة، بمراعاة أن الأصل هو أن الأقدمية فى وظائف الكادر العالى تتميز عن الأقدمية فى وظائف الكادر المتوسط حتى ولو كانت درجاتها متماثلة وان الخروج على هذا الأصل يستلزم نصا استثنائيا مثل الفقرة الأخيرة من المادة 47، ومن المقرر ان الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فى تفسيره.
ومن حيث أن هذه المحكمة تؤيد ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من أنه لا يمكن أن يفترض ان الطاعنين والمطعون ضده عينوا لأول مرة فى الدرجة الخامسة فيكون المعيار الواجب التعويل عليه فى تحديد الأقدمية بين المعينين هو المؤهل فأقدمية التخرج فعلو السن على التعاقب الوارد بالفقرة (ب) من المادة 25 من قانون موظفى الدولة، لان هذا المعيار لا يستقيم مع وجود واقع على خلافه وهو عدم تعيين المتزاحمين لأول مرة فى الدرجة الخامسة ولان المطعون فى ترقيته وان كان يستصحب معه أقدميته فى الدرجة الخامسة بالكادر الفنى المتوسط الا انه لا يصح أن يستصحب معه أقدميته فى الدرجة السادسة بالكادر الفنى المتوسط ذلك ان المشرع فى المادة 47 فقرة أخيرة قد خرج على الأصل العام الذى يقضى بانه عند نقل موظف من الكادر الأدنى الى مثل درجته فى الكادر الأعلى لا يستصحب معه عند النقل أقدميته فى الكادر الأدنى وذلك حين استثنى حالة ما اذا كان النقل مترتبا على نقل الوظيفة بدرجتها وبمراعاة الشروط والأوضاع التى أرستها هذه المحكمة ومن ثم وجب الاقتصار على تطبيق هذا الاستثناء فى الحدود التى ورد فيها بحيث لا يتعدى الى الأقدمية فى الدرجة السابقة حسبما سبق به البيان.
ومن حيث ان المعيار الذى أرسته الفقرة ( أ ) من المادة 25 من قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 يقضى فى حالة المفاضلة بين أقدميات من اتحد تاريخ ترقيتهم الى درجة مالية ما بأن يرجع الى أقدمية كل منهم فى الدرجة السابقة، فالأقدم هو الذى يتقدم على غيره فى مجال الترقية بالأقدمية الى الدرجة الأعلى ولا ريب فى ان هذا الاصل مشروط بقيام وحدة الكادر الذى تنتمى اليه الدرجة السابقة، فاذا تغاير الكادر نوعيا بحيث كان أحد المتزاحمين أسبق فى الحصول على الدرجة السابقة بالكادر المتوسط فى حين كان منافسه متأخرا عنه فى الحصول على هذه الدرجة مع انتسابه الى الكادر الفنى العالى، فلا جدال فى لزوم التعويل على أقدميات الكادر الفنى العالى وحدها، وتعين من ثم ايثار الأحدث تعيينا لانه كان على كل حال أسبق فى التعيين فى أدنى درجات الكادر الفنى العالى من زميله الذى لم يظفر أصلا بالتعيين فى الدرجة السادسة بهذا الكادر. ولو قيل بغير هذا لأهدرت قاعدة فصل الكادرات، ولساغ أن تعقد مقارنه بين أقدميات من يلحقون بالكادر المتوسط وأقدميات من ينتسبون الى الكادر العالى وهو ما لا يتسق مع الأسس التى قام عليها قانون نظام موظفى الدولة.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق ان الطاعنين وان كانا أقدم من المهندس سيد أحمد أبو العلا لانهما حصلا على الدرجة السادسة بالكادر الفنى العالى التى لم يحصل عليها هذا الأخير، الا أن طعنهما فى القرار رقم 2280 لسنة 1960 كما يتضح من دفاعهما أمام محكمة القضاء الادارى ومن تقرير الطعن أمام هذه المحكمة ينصب على درجة واحدة فقط هى درجة المهندس المذكور دون الدرجة التى رقى عليها المهندس فؤاد عطية لطفى جرجس وهى التى لم يتعرضا لها فى طعنهما أو فى دفاعهما على ما سلف بيانه.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق أيضا ان الطاعن الأول فريد سمعان الرشيدى أقدم فى الدرجة السادسة من الطاعن الثانى بشرى فوزى خليل فى تلك الدرجة اذ حصل عليها فى 18/ 12/ 1950 بينما لم يعين فيها الأخير الا فى 26/ 12/ 1950، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه اذ تخطى الأول فى الترقية الى الدرجة الرابعة بالكادر الفنى العالى قد خالف القانون ويتعين الغاؤه فيما تضمنه من تخطيه بينما تكون دعوى الطاعن الثانى غير مقبولة لانعدام مصلحته فى الغاء هذا القرار بعد أن تبين أن زميله الطاعن الأول المهندس فريد سمعان أقدم فى الدرجة السادسة وهو الأولى باستحقاق الدرجة الرابعة بموجب القرار المطعون فيه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه اذ أخذ بغير هذا النظر فان الطعن فيه يكون على أساس سليم ويتعين من ثم القضاء بالنسبة الى المدعى الأول بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبالغاء القرار رقم 2280 لسنة 1960 فيما تضمنه من تخطى المدعى الأول فريد سمعان الرشيدى فى الترقية الى الدرجة الرابعة بالكادر الفنى العالى وما يترتب على ذلك من اثار مع الزام الحكومة بمصروفات هذا الطلب وبالنسبة الى المدعى الثانى بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول دعواه مع الزامه بمصروفاتهما.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالنسبة للمدعى الأول المهندس فريد سمعان الرشيدى بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبالغاء القرار رقم 2280 لسنة 1960 الصادر فى 24 من أكتوبر سنة 1960 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الرابعة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات وبالنسبة الى المدعى الثانى بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول دعواه وألزمته بمصروفاتها.