أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 1113

جلسة 3 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد صدقى العصار وزكى الصاوى وجمال الدين عبد اللطيف وعبد الحميد المرصفاوى.

(192)
الطعن رقم 28 لسنة 44 القضائية

إيجار "إيجار الأراضى الزراعية". إصلاح زراعى. بطلان.
ديون المؤجر قبل مستأجر الأرض الزراعية الناشئة بعد العمل بالقانون 52 لسنة 1966 وجوب التصديق على توقيعات ذوى الشأن لدى الجمعية التعاونية. اغفال ذلك أثره. بطلان الدين. وجوب اخطار لجنة المنازعات الزراعية أيضا بهذه الديون. لا محل للتفرقة بين الديون الناشئة عن العلاقة الايجارية وغيرها.
مفاد نص المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1966 الذى عمل به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية بتاريخ 8/ 9/ 1966 وقبل تعديله بالقانون رقم 67 لسنة 1975، أنه بالنسبة للديون التى تستحق للمؤجر بعد تاريخ العمل بالقانون المذكور على مستأجر أرض زراعية أوجب المشرع التصديق على توقيعات ذوى الشأن على السندات المثبتة لها لدى الجمعية التعاونية الزراعية المختصة، رتب بطلان الدين جزاء على تخلف هذا الاجراء، كما أوجب على الدائن إخطار لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية بهذا الدين خلال شهر من تاريخ نشوئه وناط بهذه اللجنة التحقق من سبب هذه الديون وجديتها وإذ جاءت عبارة المادة الخامسة عامه مطلقة من كل قيد فإن حكمها ينطبق على كل دين يستحق للمؤجر على مستأجر الأرض الزراعية بعد تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر أيا كان سببه يستوى فى ذلك الديون الناشئة عن علاقة الإيجار أو غيرها، ولا محل لما ذهب إليه الطاعنون - ورثة الدائن - من قصر النص على الديون التى تستحق للمؤجر على المستأجر بسبب علاقة الإيجار استنادا إلى الحكمة من التشريع لأن ذلك إنما يكون عند غموض النص او وجود لبس فيه، أما إذا كان النص واضحا جلى المعنى فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التى أملته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن الطاعنين تقدموا إلى رئيس محكمة المنيا الابتدائية بطلب لإصدار أمر بإلزام المطعون عليه بأن يؤدى لهم مبلغ ستمائة جنيه استنادا إلى أن مورثهم المرحوم ....... كان يداين المطعون عليه فى هذا المبلغ بموجب سند مؤرخ فى 21/ 9/ 1968 وأنه امتنع عن السداد رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى وقام الطاعنون بإعلان المطعون عليه بها وقيدت الدعوى برقم 179 سنة 1972 مدنى المنيا الابتدائية وبتاريخ 27/ 1/ 1973 حكمت المحكمة للطاعنين بطلباتهم استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 35 سنة ق مدنى بنى سويف "مأمورية المنيا" ودفع ببطلان الدين تأسيسا على أنه كان يستأجر أرضا زراعية من الدائن ولم يتبع بشأن الدين الإجرءات المنصوص عليها فى القانون رقم 52 لسنة 1966 وبتاريخ 20 نوفمبر سنة 1973 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليهم. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها إلتزمت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن بنى على سببين ينعى الطاعنون بأولهما على الحكم للمطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم قضى ببطلان الدين موضوع النزاع تأسيسا على أن المطعون عليه كان يستأجر أرضا زراعية من مورثهم ولم تتخذ فى شأنه الإجراءات المنصوص عليها فى المادتين 3، 5 من القانون رقم 56 لسنة 1966 وهى تشترط التصديق على توقيعات ذوى الشأن لدى الجمعية التعاونية المختصة وأن تخطر عنه لجنة فض المنازعات الزراعية وهى التى تتحقق من جدية أو صورية الدين أيا كان تاريخ نشوئه وبغض النظر عن سببه فى حين أن الدين المذكور نشأ فى 21/ 9/ 1968 لاحقا على تاريخ العمل بالقانون المذكور فلا يخضع لحكم المادة الثالثة منه بل تسرى عليه المادة الخامسة ومن ثم فلا محل للقول باختصاص لجنة فض المنازعات لأن اختصاصها مقصور طبقا لنص المادة الرابعة على الديون الخاضعة للمادة الثالثة والتى نشأت قبل تاريخ العمل بالقانون، هذا إلى أن المادة الحامسة لم تتحدث إلا عن دين المؤجر قبل المستأجر فيخرج عن حكمها الدين المستحق لغير المؤجر بسبب علاقة له بعقد الإيجار، وذلك تحقيقا للغرض الذى استهدفه الشارع من وضع هذه النصوص وهو منع استغلال الملاك لمستأجرى الأرض الزراعية، وإذ كان الثابت أن الدين المطلوب مستحق لمورث الطاعنين لأسباب لا علاقة لها باجارة الأطيان، وقضى الحكم المطعون فيه ببطلان هذا الدين، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة الرابعة من القانون رقم 52 لسنة 1966 الذى عمل به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية بتاريخ 8/ 9/ 1966 وقبل تعديله بالقانون رقم 67 لسنة 1975 تنص على أن "تتولى لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية المختصة تحقيق الديون التى تخطر عنها الدائنون طبقا للمادتين 3، 5 وذلك وفقا للقواعد المنصوص عليها فى المادة السابعة وتطلع على مستنداتها (الكمبيالات وغيرها) وتسمع أقوال الدائنين والمدينين وشهودهم وتحقق عن سبب الديون وجديتها فإذا ثبت لها صورية الدين أو قيامه عل سبب غير صحيح قانونا كان لها أن تقضى بعدم الاعتداد بالسند وسقوط الدين "وتنص المادة الخامسة منه على أن "كل دين يستحق مستقبلا لسبب مشروع على مستأجر أرض زراعية لصالح المؤجر يجب أن يصدق على توقيعات ذوى الشأن عليه لدى الجمعية التعاونية المختصة وإلا كان باطلا وعلى الدائن أن يخطر لجنة فض المنازعات الزراعية بهذا الدين خلال شهر من تاريخ نشوئه، مما مفاده أنه بالنسبة للديون التى تستحق للمؤجر بعد تاريخ العمل بالقانون المذكور على مستأجر أرض زراعية أوجب المشرع التصديق على توقيعات ذوى الشأن على السندات المثبتة لها لدى الجمعية التعاونية الزراعية المختصة ورتب بطلان الدين جزاء على تخلف هذا الإجراء، كما أوجب على الدائن إخطار لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية بهذا الدين خلال شهر من تاريخ ونشوئه وناط بهذه اللجنة التحقيق من سبب هذه الديون وجديتها، وإذ جاءت عبارة المادة الخامسة عامة مطلقة من كل قيد فإن حكمها ينطبق على كل دين يستحق للمؤجر على مستأجر الأرض الزراعية بعد تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر أيا كان سببه، يستوى فى ذلك الديون الناشئة عن علاقة الإيجار أو غيرها ولا محل لما ذهب إليه الطاعنون من قصر النص على الديون التى تستحق للمؤجر على المستأجر وبسبب علاقة الإيجار استنادا إلى الحكمة من التشريع لأن ذلك إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه أما إذا كان النص واضحا جلى المعنى فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التى أملته. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن مورث الطاعنين كان يؤجر أرضا زراعية للمطعون عليه وأن الدين موضوع الدعوى استحق له على الأخير بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1966 فإن الحكم إذ قضى ببطلان هذا الدين لعدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها فى المادة الخامسة سالفة الذكر يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعى عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الثانى أن الحكم المطعون فيه شابه القصور فى التسبيب، ذلك أن الطاعنين تمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن الدين المطالب به هو باقى ثمن أطيان باعها مورثهم إلى والد المطعون عليه بموجب عقد ابتدائى مؤرخ فى 17 يناير سنة 1968 وأن المشترى أقام على مورثهم الدعوى رقم 607 سنة 1968 مدنى بندر ملوى بطلب الحكم بصحة ونفاذ هذا العقد وانتهت هذه الدعوى صلحا بعقد مؤرخ فى 21/ 9/ 1938 وفى ذات التاريخ حرر باقى الثمن وقدره 600 جنيه سند على المطعون عليه وهو موضوع الدعوى الحالية، وذلك لثقة المورث فيه بسبب علاقة الوكالة التى كانت قائمة بينهما، الأمر الذى يبين منه أن الدائن الحقيقى بهذا الدين ليس هو المطعون عليه بل والده وهو ليس بمستأجر من مورث الطاعنين، وقدموا تأييدا لذلك صوره رسمية من حكم التصديق على عقد الصلح المذكور، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهرى وهو ما يعيبه القصور.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كان الثابت أن السند موضوع الدعوى حرر بأسم المطعون عليه وكان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه فى الرد على السبب الأول قد انتهى إلى أن الدين موضوع النزاع مستحق لمؤجر أرض زراعية على مستأجر وأنه باطل لأنه لم يتخذ بشأنه الاجراءات المنصوص عليها فى المادة الخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1966 بغض النظر عن سببه ومن ثم فأن تمسك الطاعنين بأن سبب الدين هو باقى ثمن بيع أرض مستحق على والد المطعون عليه يكون غير منتج ويكون عدم رد الحكم على هذا الدفاع لا يعيبه بالقصور.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.