أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 1118

جلسة 3 من مايو سنه 1977

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد صدقى العصار، ورأفت عبد الرحيم، زكى الصاوى صالح، وجمال الدين عبد اللطيف.

(193)
الطعن رقم 150 لسنة 42 القضائية

(1) التزام "التضامن". وكالة. مسئولية.
مسئولية الوكيل عن عمل نائبه. شرطه. أن يكون قد أنابه دون ترخيص من الموكل م 708/ 1 مدنى.
(2) محكمة الموضوع. وكالة.
الوكالة الضمنية. لمحكمة الموضوع استخلاصها من القرائن وظروف الأحوال.
(3) التزام "التضامن". تجزثة. مسئولية. وكالة.
المسئولية التضامنية للوكلاء قبل الموكل. شرطها أن تكون الوكالة غير قابلة للانقسام أو عند وقوع خطأ مشترك بينهم جميعا. م 707/ 1 مدنى.
(4) دعوى "سبب الدعوى". وكالة.
طلب الموكلة إلزام المدعى عليهما متضامنين بما تم تحصيله لحسابها لأن الأول وكيل عنها والثانى نائب للوكيل أنابه دون ترخيص منها. ثبوت أن الثانى وكيل عنها أيضا أثره. للمحكمة أن تقضى فى الدعوى على هذا الأساس. لا يعتبر ذلك تغييرا لسبب الدعوى.
1 - تنص المادة 708/ 1 من القانون المدنى على "أنه إذا أناب الوكيل عنه فى تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصا له فى ذلك، كان مسئولا عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو، ويكون الوكيل ونائبه فى هذه الحالة متضامنين فى المسئولية، مما مفاده أن الوكيل لا يسأل عن عمل نائبه طبقا لهذه الفقرة إلا إذا كان قد أنايه فى تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصا له فى ذلك من الموكل.
2 - لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تستخلص من هذه المستندات المقدمة لها فى الدعوى ومن القرائن وظروف الاحوال قيام الوكالة الضمنية.
3 - مفاد نص المادة 707/ 1 من القانون المدنى أن الوكلاء لا يكونون متضامنين فى التزاماتهم قبل الموكل إلا إذا كانت الوكالة غير قابلة للانقسام، أو كان الضرر الذى أصاب الموكل قد وقع نتيجة خطأ مشترك بين الوكلاء جميعا.
4 - إذ كان الثابت أن الطاعنة طلبت الحكم بإلزام المطعون عليهما متضامنين بأن يؤديا لها المبالغ التى قاما بتحصيلها لحسابها على أساس أن المطعون عليه الأول وكيل عنها وأنه أناب عنه المطعون عليه الثانى فى تنفيذ الوكالة دون أن ترخص له الطاعنة فى ذلك مما يجعلهما متضامنين فى المسؤولية تطبيقا لحكم المادة 708/ 1 من القانون المدنى، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن المطعون عليه الثانى لم يكن نائبا عن المطعون عليه الأول بل كان وكيلا آخر عن الطاعنة، فإن ذلك لا يمنع محكمة الموضوع من أن تقضى على المطعون عليه الثانى بالمبالغ التى ثبت أنه حصلها لحساب الطاعنة وبقيت فى ذمته على أساس أنه وكيل عن الطاعنة، ولا يعتبر ذلك منها تغييرا لسبب الدعوى مما لا تملكه المحكمة من تلقاء نفسها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى الطاعنة أقامت الدعوى رقم 4591 سنة 1960 مدنى القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه الأول بطلب الحكم بإلزامه بتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات عن مدة إدارته لأملاكها وأموالها الخاصة والتى كانت تديرها باعتبارها الممثلة القانونية لورثة المرحوم........ والحكم لها بما يثبت أنه مستحق لها وقالت بيانا لدعواها أنها وكلت المطعون عليه الأول لاستلام أطيانها الزراعية بناحية الزمزونية مركز كفر شكر محافظة القليوبية من مستأجرها السابق فى نهاية شهر أكتوبر سنة 1955 والقيام على ادارتها فاستلمها منه وحصل على مبلغ 6000 جنيه خلال سنة 1955، 1956 مدة إدارتها غير أنه لم يدفع لها سوى مبلغ 3400 جنيه وانهى وكالته فأقامت دعواها بالطلبات سالفة البيان ثم أدخلت فى الدعوى كل........ ليقدما ما لديهما من مستندات بالمبالغ التى دفعاها للمطعون عليه الأول بصفته وكيلا عنها وبتاريخ 14/ 4/ 1962 حكمت المحكمة بالزام المطعون عليه الأول بتقديم كشف حساب عن مدة وكالته مشفوعا بالمستندات المؤيدة له، وبعد أن قدم كشف الحساب المطلوب عادت فحكمت بتاريخ 23/ 6/ 1963 بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لإجراء المحاسبة بين الطرفين. وبتاريخ 12/ 10/ 1969 أقام المطعون عليه الأول دعوى فرعية ضد الطاعنة طلب فيها الحكم بالزامها بأن تدفع مبلغ 3000 جنيه قيمة أتعابه ومصاريف استحقها مقابل وكالته عنها وإدارته لأملاكها وبتاريخ 18/ 4/ 1964 أدخلت الطاعنة المطعون عليه الثانى لإلزامه بأن يؤدى لها بالتضامن مع المطعون عليه الأول ما يسفر عنه الحساب على أساس أنه كان يقوم بتحصيل الإيراد الناتج عن الأطيان بوصفه نائبا عن المطعون عليه الأول ثم عدلت طلباتها إلى طلب الحكم بالزام المطعون عليهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 4481 جنيها و897 مليما وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 23/ 11/ 1964 فى الدعوى الأصلية برفضها وفى الدعوى الفرعية بعدم قبولها بالنسبة لطلب مقابل أتعابه عن مباشرة شئون الضرائب المستحقة على مورث الطاعنة ومباشرته حساب محلها الخاص وبرفض الدعوى بالنسبة لباقى الطلبات. استأنف كل من الطاعنة والمطعون عليه الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئناف الطاعنة برقم 180 سنة 82 ق مدنى، وقيد استئناف المطعون عليه الأول برقم 140 سنة 82 ق. مدنى، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثانى إلى الاستئناف الأول حكمت بتاريخ 9/ 6/ 1966 باعادة المأمورية إلى مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت فى 31/ 12/ 1969 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون ذلك أنه اعتبر المطعون عليه الثانى وهو ناظر العزبة وكيلا عنها وليس نائبا عن المطعون عليه الأول ورتب على ذلك أن المطعون علية الأول مسئول عن التزاماته وحدها ولا شأن له بالأعمال التى اختص بها المطعون عليه الثانى ما دامت الوكالة قابلة للانقسام، فى حين أن المطعون عليه الأول أناب عنه المطعون عليه الثانى دون ترخيص منها فى ذلك مما يجعل المطعون عليه الأول مسئولا عن عمل نائبة ويكونان متضامنين فى المسئولية قبلها أخذا بحكم المادة 708/ 1 من القانون المدنى؛ أما ما قرره الحكم فهو خاص بعلاقة النائب بالغير محافظة على حقوقه، وهو ما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه أنه ظهر من تقرير الخبير الذى اعتمده الحكم أن المطعون عليه الأول حصل لحساب الطاعنة مبلغ 5715 جنيها ودفع لها مبلغ 5781 جنيها و577 مليما وبذلك تكون هى مدينة له فى مبلغ 66 جنيه و577 مليما أما عن الرصيد المتبقى بصندوق العزبة فى آخر أكتوبر سنة 1956 تاريخ انتهاء وكالة المطعون عليه الأول ومقداره 678 جنيها و867 مليما الذى يسأل عنه هو ناظر العزبة المطعون عليه الثانى وحده لأنه هذا المبلغ كان فى عهدته وكان لا محل لما ذهبت إليه الطاعنة من أن المطعون عليه الأول مسئول بالتضامن مع المطعون عليه الثانى استنادا إلى حكم المادة 708/ 1 من القانون المدنى ذلك أن هذه المادة تنص فى فقريتها الأولى على أنه إذا أناب الوكيل عنه غيره فى تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصا له فى ذلك كان مسئولا عن عمل النائب كما لو كان هذا - العمل قد صدر منه هو ويكون الوكيل ونائبه فى هذه الحالة متضامنين فى المسئوليه، مما مفاده أن الوكيل لا يسأل عن عمل نائبه طبقا لهذه الفقرة إلا إذا كان أنابه فى تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصا له بذلك من الموكل، ولما كان يبين من الحكم الابتدئى المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه استخلص من ظروف الدعوى أن المطعون عليه الثانى لم يكن نائبا عن المطعون عليه الأول بل كان وكيلا عن الطاعنة واستدل على ذلك بتوقيع المطعون عليه الثانى على دفاتر العزبة المتضمنة بيان الإيرادات والمصروفات واستمراره فى العمل لدى الطاعنة بعد انتهاء وكالة المطعون عليه الأول وانقطاع صلته بها وأنه لهذا يكون المطعون عليه الأول مسئولا عن التزاماته وحدها ولا شأن له بالاعمال التى اختص بها المطعون عليه الثانى الوكيل الآخر للطاعنه لأن الوكالة بينهما قابلة للانقسام؛ ولما كان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تستخلص من المستندات المقدمة لها فى الدعوى ومن القرائن وظروف الأحوال قيام الوكالة الضمنيه، وكان ما خلص إليه الحكم على النحو سالف البيان سائغا ويؤدى إلى النتيجة التى يؤدى إليها، لما كان ذلك فإنه ما تثيره الطاعنة بهذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى سلطة المحكمة فى تقدير الدليل بما يكون معه النعى بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعى بالسبب الثانى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وفى بيانه تقول الطاعنة أنه مع التسليم بأن المطعون عليه الثانى وكيل عنها مع المطعون عليه الأول فان تعدد الوكلاء طبقا للمادة 707/ 1 من القانون المدنى موجب للتضامن بين المطعون عليهما ولم يثبت فى الدعوى تخلف شرطى المسئولية التضامنية المنصوص عليها فى هذه المادة وهما عدم قابلية الوكالة للانقسام وانتفاء الخطأ المشترك الذى ألحق الضرر بالطاعنة، وإذ رفض الحكم المطعون فيه اعتبار المطعون عليهما متضامنين فى المسئولية فانه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 707/ 1 من القانون المدنى تنص على أنه إذا تعدد الوكلاء كانوا مسئولين بالتضامن متى كانت الوكالة غير قابلة للأنقسام أو كان الضرر الذى أصاب الموكل نتيجة خطأ مشترك"، وكان مفاد هذا النص أن الوكلاء لا يكونون متضامنين فى التزاماتهم قبل الموكل إلا إذا كانت الوكالة غير قابلة للانقسام أو كان الضرر الذى أصاب الموكل قد وقع نتيجة خطأ مشترك بين الوكلاء جميعا، ولما كان يبين من الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - وعلى ما سلف ذكره فى الرد على السبب الأول - أن الحكم قد خلص إلى أن الوكالة المطعون عليها عن الطاعنة فى إدارة أطيانها كانت قابلة للانقسام لأن كلا منهما اختص بأعمال معينة فى إدارة المزرعة، وكانت الطاعنة لم تدع بوقوع خطأ مشترك من المطعون عليهما ترتب عليه الأضرار بمصلحتها، وكان الخبير المنتدب فى الدعوى قد انتهى فى تقريره الذى أخذ به الحكم المطعون فيه إلى أن ذمة المطعون عليه الأول بريئة من أى دين للطاعنة بل والذى يداينها وأن الرصيد المتبقى فى صندوق العزبة وقدره 678 جنيه 897 مليم يسأل عنه المطعون عليه الثانى لأنه ناشئ عن تنفيذ ما استقل به من أعمال فى إدارة الأطيان، لما كان ذلك فإن شرطى المسئولية التضامنية المنصوص عليها فى المادة 707/ 1 من القانون المدنى لم يتوافر فى الدعوى ويكون النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون فى غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيانه تقول أن الحكم رفض طلبها الزام المطعون عليه الثانى بأن يؤدى لها المبالغ التى ظهرت فى ذمته حتى تاريخ انتهاء وكالة المطعون عليه الأول قدرها 678 جنيه و867 مليم استنادا إلى أنها أقامت دعواها قبل المطعون عليه الثانى على أساس أنه نائب عن المطعون عليه الأول دون ترخيص منها، وأن المحكمة لا تملك من تلقاء نفسها تغيير سبب دعواها والحكم فيها على أساس أنه وكيل عن الطاعنة، وهذا من الحكم خطأ فى تطبيق القانون ذلك أن الأساس القانونى لدعواها هو مطالبة كل منهما بالمبالغ المستحقة لها والتى قاما بتحصيلها، أما الأستناد إلى أن المطعون عليه الثانى نائب عن المطعون عليه الأول فهو أساس طلب الحكم عليهما بالتضامن، وللمحكمة أن تقضى عليهما بالمبالغ المذكورة بالتضامن أو بغيره، وهو ما يعيب المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أنه لما كان الثابت أن الطاعنة طلبت الحكم بالزام المطعون عليهما متضامنين بأن يؤديا لها المبالغ التى قاما بتحصيلها لحسابها على أساس أن المطعون عليه الأول وكيل عنها وأنه أناب عنه المطعون عليه الثانى فى تنفيذ الوكالة دون أن ترخص له الطاعنة فى ذلك مما يجعلهما متضامنين فى المسئولية تطبيقا لحكم المادة 708/ 1 من القانون المدنى وإذ خلص الحكم المطعون فيه حسبما تقدم ذكره إلى أن المطعون عليه الثانى لم يكن نائبا عن المطعون عليه الأول بل كان وكيلا آخر عن الطاعنة، فإن ذلك لا يمنع محكمة الموضوع من أن تقضى على المطعون عليه الثانى بالمبالغ التى ثبت أنه حصلها لحساب الطاعنة وبقيت فى ذمته على أساس أنه وكيل عن الطاعنة، ولا يعتبر ذلك منها تغييرا لسبب الدعوى مما لا تملكه المحكمة من تلقاء نفسها، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعنة قبل المطعون عليه الثانى على سند من أنها اقامت دعواها ضده على أساس أن نائب عن المطعون عليه الأول وأنها لا تملك تغيير سبب الدعوى والحكم فيها على أساس أنه وكيل عن الطاعنة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب.