مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1492

(135)
جلسة 29 من مايو سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ محمد شلبى يوسف وعادل عزيز زخارى وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1623 لسنة 10 القضائية

اختصاص - حكم محلى - المادة 6 من القانون رقم 124 لسنة 1960 بشأن الادارة المحلية - سلطة المحافظ بالنسبة الى موظفى الوزارات المختلفة فى دائرة محافظته - توقيع جزاء على موظف تابع لوزارة الخزانة - الطعن عليه - اختصاص المحكمة الادارية لوزارة الحكم المحلى - أساس ذلك.
طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 29/ 3/ 1952 بتعيين عدد المحاكم الادارية وتحديد دائرة اختصاص كل منها يبين أن المعيار الذى التزمه فى تحديد اختصاص كل محكمة انما يتعلق بالوزارة أو المصلحة أو الجهة التى تتعلق بها موضوعا (يراجع الحكم الصادر من هذه المحكمة المنشور فى مجموعة السنة الثانية ص 1202 والاحكام العديدة المشار اليها فيه).
ومن حيث أن مصدر القرار المطعون فيه ارتكن فى اصداره على ما خوله اياه القانون رقم 124 لسنة 1960 فى شأن الادارة المحلية اذ نصت المادة السادسة منه على أنه يعتبر المحافظ ممثلا للسلطة التنفيذية فى دائرة اختصاصه ويتولى الاشراف على فروع الوزارات فى المحافظة وعلى موظفيها كما يعتبر الرئيس المحلى لهم.
ويجوز لكل وزير أن يعهد الى المحافظ ببعض اختصاصاته بقرار منه... الخ.
ومن حيث أنه سبق اصدار هذا القرار اجراء تحقيق ادارى ضد المطعون ضده بمعرفة رجال الادارة المحلية انتهوا فيه الى تأثيمه كما أن المطعون ضده تظلم من هذا القرار الى مصدره الذى خوله القانون الاشراف على أعماله كما جعله رئيسه المحلى ومن ثم يكون مصدر القرار قد اتصلت به المنازعة موضوعا ولا يعتبر أن له مجرد التبعية الادارية والقول بأن المنازعة متصلة بوزارة الخزانة وحدها باعتبارها الجهة التى أصدرت التعليمات المالية والأقدر على تفسيرها ومن ثم تنظرها المحكمة التى تنظر المنازعات المختصة بتلك الوزارة دون غيرها، فيه تجاهل صريح لحكم نص المادة 6 من القانون رقم 124 لسنة 1960 آنفة الذكر اذ أن فى كل محافظة مصالح كثيرة تصدر تعليمات الى موظفيها ومع علم الشارع بذلك فقد أعطى الاشراف للمحافظ عليهم فاذا ما أصدر قرارا فان القول بعدم اختصاص المحكمة الادارية لوزارة الادارة المحلية فيه مخالفة لحكم القانون ومن ثم يتعين تقرير اختصاص تلك المحكمة وفى ذلك رعاية لنص هذه المادة وابعاد التعارض ومعه يمكن الحصول على تفسير التعليمات من الجهة التى أصدرتها ان كان الامر يحتاج الى تفسير.


اجراءات الطعن

فى يوم 31 من شهر أغسطس سنة 1964 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارة الادارة المحلية بجلسة 2/ 7/ 1964 فى الدعوى رقم 706 لسنة 10 ق القاضى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباحالتها للمحكمة الادارية لوزارة الخزانة مع ابقاء الفصل فى المصروفات وطلب السيد الطاعن اعتمادا على أسباب طعنه الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص تلك المحكمة بنظر الدعوى وبأعادتها اليها للفصل فى موضوعها.
وفى 7/ 12/ 1964 أعلن الطعن للمطعون ضدهما وتعين لنظره جلسة 27/ 2/ 1965 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر بها ذووا الشأن فى 28/ 1/ 1965 فقررت باحالته الى هذه الدائرة فعينت لنظره جلسة 24/ 4/ 1965 وأخطروا بها فى 24/ 3/ 1965 فسمعت ما رأت ضرورة سماعه ثم أرجأت الفصل لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان حاصل هذه المنازعة ان المطعون ضده أقام دعواه أمام المحكمة الادارية لوزارة الادارة المحلية بصحيفة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة فى 26/ 5/ 1963 قال فيها أنه يشغل وظيفة صراف العوكلية والجبل مركز البلينا، وفى خلال شهر يناير سنة 1963 علم بأن السيد محافظ سوهاج أصدر قرارا بمجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه بسبب ما نسب اليه من أنه قام باستخراج تصريح نقل أقطان رقم 50 دون التأكد من أن صاحب هذا التصريح قد قام بسداد ما يستحقه بنك التسليف الزراعى قبله وهو مبلغ 348 جنيها وكان عليه التأكد من هذا طبقا للتعليمات المالية، وانه قام بالتظلم من هذا القرار فتلقى ردا برفض تظلمه فأقام دعواه طالبا الغاء هذا القرار بمقوله أنه جاء مخالفا للقانون لصدوره من غير سبب يبرره. فردت محافظة سوهاج بأن القرار صدر صحيحا ممن يملك اصداره طبقا للمادة - 6 من القانون رقم 124 لسنة 1960 فى شأن الادارة المحلية وانه قام على سبب يبرره هو اخلال المطعون ضده بواجبه اذ أستخرج اذن نقل قطن بمقدار 24 كيسا باسم الممول محمد أحمد الديك رغم مديونية هذا الممول لبنك التفليس بمستحقات قدرها 348 جنيها.
ومن حيث أن تلك المحكمة أصدرت حكمها بتاريخ 2/ 7/ 1964 واقامته على ان مناط تحديد دائرة الاختصاص هو اتصال الجهة الادارية بموضوع المنازعة لا مجرد تبعية الموظف لجهة ادارية معينة وقت اقامة الدعوى وان الجهة الادارية تعتبر متصلة بموضوع المنازعة متى كانت هى التى أصدرت القرار المطعون فيه، أو كانت تتحمل الآثار المالية المحكوم بها باعتبارها الجهة القادرة على تنفيذ الحكم واستشهد فى هذا المقام بالحكم الصادر من هذه المحكمة فى 22/ 6/ 1957 المنشور فى السنة الثانية من القواعد القانونية ص (1202) واذ أصدر السيد المحافظ القرار المطعون فيه باعتباره الرئيس المحلى للمطعون ضده وليس باعتبار الأخير من موظفى مجلس المحافظة وأن الجهة الادارية المتصلة بالمنازعة موضوعا هى وزارة الخزانة "مصلحة الأموال المقررة" وهى التى اختصمها المطعون ضده بالفعل بجانب محافظة سوهاج ومن ثم ينعقد الاختصاص للمحكمة الادارية المختصة بمنازعات موظفى وزارة الخزانة حيث تخرج الدعوى من اختصاص المحكمة الادارية لوزارة الادارة المحلية.
ومن حيث ان مبنى الطعن أن العبرة فى تحديد المحكمة الادارية هى بالجهة الادارية المتصلة بالمنازعة موضوعا وهى التى تستطيع الرد على الدعوى باعداد البيانات وتقديم المستندات الخاصة بها وكذلك بتسوية النزاع صلحا وهى التى تستطيع نظر التظلمات الادارية الوجوبية باعتبارها الجهة التى أصدرت القرارات موضوع التظلمات واذ صدر القرار المطعون فيه من محافظ سوهاج باعتباره الرئيس المحلى وممثل السلطة التنفيذية فى دائرة اختصاصه والمشرف على تنفيذ السياسة العامة للدولة والسلطة الرئاسية للمحافظة هى وزير الادارة المحلية واذا فيكون التظلم من قراره له ولسلطته الرئاسية وهى وزارة الادارة المحلية كما ان أوراق التحقيق وقرار الجزاء كلها موجودة بالمحافظة وهى التى تستطيع تقديمها واذ ذهب الحكم الى غير هذا المذهب يكون فى غير محله ويتعين الغاؤه.
ومن حيث أن مناط الخلاف فى هذه المنازعة هو تحديد الاختصاص بنظرها وهل ينعقد للمحكمة الادارية التى أصدرت الحكم أم لتلك المختصة بمنازعات موظفى وزارة الخزانة.
ومن حيث أنه سبق لهذه المحكمة أن عالجت تحديد هذا النوع من الاختصاص ودرج قضاؤها على انه طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 26/ 3/ 1952 بتعيين عدد المحاكم الادارية وتحديد دائرة اختصاص كل منها ان المعيار الذى التزمه فى تحديد اختصاص كل محكمة انما يتعلق بالوزارة أو المصلحة أو الجهة التى تتعلق بها المنازعة موضوعا (يراجع الحكم الصادر من هذه المحكمة المنشور فى مجموعة السنة الثانية ص 1202 والأحكام العديدة المشار اليها فيه).
ومن حيث ان مصدر القرار المطعون فيه ارتكن فى اصداره على ما خوله اياه القانون رقم 124 لسنة 1960 فى شأن الادارة المحلية اذ نصت المادة السادسة منه على انه (يعتبر المحافظ ممثلا للسلطة التنفيذية فى دائرة اختصاصه ويتولى الاشراف على فروع الوزارات فى المحافظة وعلى موظفيها كما يعتبر الرئيس المحلى لهم.
ويجوز لكل وزير أن يعهد الى المحافظ ببعض اختصاصاته بقرار منه... الخ).
ومن حيث انه سبق اصدار هذا القرار اجراء تحقيق ادارى ضد المطعون ضده بمعرفة رجال الادارة المحلية انتهوا فيه الى تأثيمه كما ان المطعون ضده تظلم من هذا القرار الى مصدره الذى خوله القانون الاشراف على اعمال المتظلم كما جعله رئيسه المحلى ومن ثم يكون مصدر القرار قد اتصلت به المنازعة موضوعا ولا يعتبر أن له مجرد التبعية الادارية والقول بان المنازعة متصلة بوزارة الخزانة وحدها باعتبارها الجهة التى أصدرت التعليمات المالية والأقدر على تفسيرها، ومن ثم تنظرها المحكمة التى تنظر المنازعات المختصة بتلك الوزارة دون غيرها، فيه تجاهل صريح لحكم نص المادة 6 من القانون رقم 124 لسنة 1960 آنفة الذكر اذ ان فى كل محافظة مصالح كثيرة تصدر تعليمات الى موظفيها ومع علم الشارع بذلك فقد أعطى الاشراف للمحافظ عليهم فاذا ما أصدر قرارا فان القول بعدم اختصاص المحكمة الادارية لوزارة الادارة المحلية فيه مخالفة لحكم القانون ومن ثم يتعين تقرير اختصاص تلك المحكمة وفى ذلك رعاية لنص هذه المادة وابعاد التعارض ومعه يمكن الحصول على تفسير التعليمات من الجهة التى أصدرتها ان كان الأمر يحتاج الى تفسير.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه وقد ذهب الى غير هذا المذهب يكون غير سديد.
ومن حيث انه لما تقدم يتعين قبول الطعن شكلا، والقضاء بالغاء الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارة الادارة المحلية وباختصاصها بنظر الدعوى وباحالة الدعوى اليها للفصل فيها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة الادارية لوزارة الادارة المحلية بنظر الدعوى وباعادتها اليها للفصل فيها.