مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1512

(138)
جلسة 30 من مايو 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين المستشارين.

القضية رقم 1469 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف - نقل - أقدمية - الفقرة الرابعة من المادة 47 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 - نصها على اجازة نقل شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط الى الكادر الأعلى فى نفس درجته - يعتبر حكما استثنائيا - عدم انطباقه حال النقل من درجات شخصية أو الى كادر أعلى لا تتماثل درجاته مع درجات الكادر المتوسط - لا حق للموظف المنقول فى هذه الحالات فى اصطحاب اقدميته السابقة - بيان ذلك.
(ب) موظف - نقل - ترقية - وظائف الكادر الفنى العالى بمصلحة الميكانيكا والكهرباء التى نظمها القانون رقم 493 لسنة 1955 - هى وظائف تلقيبية مقسمة الى فئات تعلو بعضها فى الأهمية وان كانت فى حدود الدرجة المالية الواحدة - أثر ذلك - تقلد الوظائف الأعلى فى ذات الدرجة يعتبر ترقية - المستحقون لهذه الترقيات - هم من لهم أقدمية فعلية فى وظائف الكادر المذكور فلا تكفى الأقدمية المجردة التى اصطحبها الموظف بنقله اليه فى الكادر المتوسط - مثال.
1 - تنص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة فى فقرتها الرابعة بانه فى حالة نقل بعض الدرجات من الكادر المتوسط الى الكادر العالى بميزانية احدى الوزارات أو المصالح يجوز بقرار من الوزير المختص نقل شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط الى الكادر العالى فى نفس درجته أو تسوية حالته على درجة متوسطة خالية من نوع درجته ومعادلة لها.
ومن حيث أن حكم الفقرة الرابعة من المادة 47 من قانون نظام موظفى الدولة هو حكم استثنائى ومثله لا يجوز تطبيقه الا اذا نقلت وظيفة المدعى بدرجتها من الكادر المتوسط الى الكادر الفنى العالى وكان صالح العمل يقتضى هذا النقل، وغنى عن البيان أن الوظائف التلقيبية التى نص عليها القانون رقم 493 لسنة 1955 ليس لها مثيل فى الكادر المتوسط حتى يصح القول بان المدعى نقلت وظيفته بدرجتها حين تم تعيينه بصورة مبتدأة بالكادر الفنى العالى، وفضلا عما تقدم فان درجته الخامسة التى كان حاصلا عليها بالكادر المتوسط كانت درجة شخصية والدرجة الشخصية ليس لها كيان ذاتى بالميزانية بحيث يتصور معه نقلها من كادر الى كادر أعلى، فالشروط الواردة فى المادة 47 من قانون نظام موظفى الدولة متخلفة كلها فى حق المدعى بما يمتنع معه أمكان أستصحابه لاقدميته السابقة فى الدرجة الخامسة بالكادر المتوسط على نحو ما زعم فى طلباته ومتى كان الأمر كذلك انهار الاساس الذى يجوز أن يبنى عليه ما طلبه بغير حق من تسويات وظيفية خاطئة، ربطها بهذه الأقدمية المزعومة.
2 - انه لو سلم، على الفرض الجدلى، بأن للمدعى أقدمية فى الدرجة الخامسة الفنية أصطحبها بنقله من الكادر المتوسط، فان أحكام القانون رقم 493 لسنة 1955 فى شأن ترتيب الأقدمية ونظام الترقية بين الموظفين الفنيين بمصلحة الميكانيكا والكهرباء الذى يخضع لأحكامه تؤكد أن أقدميته المجردة فى الدرجة الفنية لا شأن لها فى استحقاق الوظائف التى يطالب بها، بل أن أقدميته فى هذه الوظائف هى وحدها المعتبرة فى هذا الخصوص، ولا استحقاق لهذه الوظائف الا لمن يكون منتميا فعلا للكادر الفنى العالى.
وحيث ان القانون رقم 493 لسنة 1955 المشار اليه نص فى مادته الاولى على انه أستثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 تكون الترقيات وترتيب الأقدمية فى وظائف الكادر الفنى العالى بمصلحة الميكانيكا والكهرباء بوزارة الأشغال العمومية على أساس أقدمية الترقية الى الوظائف المبينة بالجدول المرافق لهذا القانون وفقا للترتيب الوارد به، وتضمن هذا الجدول النص على ان الدرجة السادسة المالية تقابلها وظيفة مهندس ومهندس تحت التمرين، وأن الدرجة الخامسة تقابلها وظيفة مساعد مدير أعمال ومهندس صيانة، والدرجة الرابعة المالية تقابلها وظيفة باشمهندس ومساعد مدير أعمال. وفى ذات الوقت تضمن القانون المذكور فى مادته الثانية أنه مع مراعاة أحكام المادة 38 من قانون الموظفين تكون الترقية بالاختيار من وظيفة الى أخرى تعلوها فى الأهمية فى حدود الدرجة المالية ذاتها، ومفاد هذا أن تقلد الوظائف المختلفة فى الكادر الفنى العالى بمصلحة الميكانيكا والكهرباء التى تعلو بعضها فى الأهمية، وان كانت فى حدود الدرجة المالية الواحدة بحسب المبين فى الجدول الملحق بالقانون رقم 493 لسنة 1955 السابق الاشارة اليه ليس مجرد تلقيب بل هو فى حقيقته ترقية الى تلك الوظائف تنطوى أيضا على ترقية مالية مآلا طالما أنه يترتب عليها الأسبقية فى الترقية المالية - ومن ثم فان المدعى مهما أستصحب من أقدمية فى الدرجة المالية وهو فى الكادر المتوسط لا يفيد منها فى صدد تقلد الوظائف الاعلى فى ذات الدرجة فى تاريخ سابق على نقله الى الكادر الفنى العالى ما دام ان نظام الترقيات وترتيب الاقدمية المعمول به وفقا للقانون رقم 493 لسنة 1955 مقصور تطبيقه منذ صدوره على الموظفين الفنيين بالكادر العالى مهما كانت الاعتبارات التى يثيرها المدعى بالنسبة لتشابه العمل فيما بين الكادرين الفنى المتوسط والفنى العالى. وترتيبا على ذلك فان تلك الوظائف التلقيبية التى يطالب بها المدعى من قبيل التسوية واستنادا الى أقدميته المزعومة فى الدرجة الخامسة، لا تقوم على أساس سليم من الواقع أو القانون ما دام أنه لا يجوز أن يمنحهما فى وقت لم يكن فيه عند التحقيق من عداد الموظفين الفنيين بالكادر العالى، كما لا يجوز له ان يسبق فيها من أستقرت مراكزهم القانونية فيها وهو ما يزال فى الكادر الفنى المتوسط، فضلا عن أن قلقلة تلك المراكز السابقة وزعزعتها لا يتأتى الا عن طريق دعوى الالغاء. واذ كان تقلد تلك الوظائف المختلفة حسبما سبق ايضاحه لا يكون الا بالترقية اليها بطريق الاختيار، فان ذلك كله لا يتوافر للمدعى بيقين وقد كان مركزه القانونى منبت الصلة بوظائف ودرجات ذلك الكادر.


اجراءات الطعن

بتاريخ 1/ 8/ 1962 وفى بحر الستين يوما التالية للقرار الصادر فى 24/ 6/ 1962 من لجنة المساعدة القضائية باعفائه من رسوم الطعن أودع الوكيل عن السيد/ احمد سليمان فهمى عريضة طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (هيئة الترقيات والتعيينات) بجلسة 15/ 2/ 1962 فى الدعوى رقم 356 لسنة 15 القضائية المرفوعة منه ضد وزارة الأشغال القاضى "بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وألزمت المدعى بالمصروفات". وطلب المدعى للاسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أولا: بالغاء القرار الادارى رقم 840 لسنة 1959 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الرابعة. وثانيا: تسوية حالته ومنحه الدرجة الرابعة مع لقب باشمهندس الذى يشغله بالفعل منذ أحالة السيد/ مصطفى محمد خليل الباشمهندس من الدرجة الرابعة الى المعاش فى 20/ 7/ 1957، حتى الان وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلن الطعن الى الحكومة فى 8/ 8/ 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2/ 1/ 1965، واخطرت الحكومة والمدعى فى 10/ 12/ 1964 بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت المحكمة احالة الدعوى الى المحكمة الادارية العليا وحددت لذلك جلسة 21/ 3/ 1965. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ملاحظات ذوى الشأن على الوجه الموضح تفصيلا بالمحضر أرجأت النطق بالحكم الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - فى أن المدعى أقام دعواه طالبا أولا: الغاء القرار الادارى رقم 840 لسنة 1959 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الرابعة. ثانيا: تسوية حالته بمنحه الدرجة الرابعة مع لقب باشمهندس الذى يشغله فعلا منذ احالة السيد/ مصطفى محمد خليل الباشمهندس من الدرجة الرابعة الى المعاش فى 20/ 7/ 1957 حتى الآن وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية. وقال فى بيان ذلك أن مصلحة الميكانيكا والكهرباء طلبت نقل درجته من الكادر الفنى المتوسط الى الكادر العالى، لأنه يشغل فعلا وظيفة مهندس، وحصل على بكالوريوس الهندسة أثناء الخدمة، وأن المصلحة أسندت اليه وظائف من صميم الكادر الفنى العالى ولذلك فقد راعت فى طلبها هذا مصلحة العمل. واعتبارا من 1/ 7/ 1959 تم هذا النقل فعلا طبقا للمادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وبذلك تحددت أقدميته فى الدرجة فى نفس القرار باعتبارها من 10/ 6/ 1954، وكان من حقه أن يمنح الالقاب الهندسية تبعا للوظائف التى شغلها فى الكادر الفنى المتوسط أسوة بما اتبع مع غيره ممن يحملون بكالوريوس الهندسة. ذلك لأن الوظائف الهندسية بالمصلحة لم تحدد ولم تقسم بين الكادرين، غير أن المصلحة منحته فى 31/ 12/ 1959 أدنى الوظائف الهندسية فى الدرجة الخامسة، ثم تبين للمصلحة مقدار الغبن الواقع عليه فمنحته لقب مساعد مدير أعمال فى 30/ 1/ 1960 أى بعد شهر واحد، ولكن هذا لم يحسن من حالته حيث وضعته فى آخر ترتيب مساعدى مديرى الاعمال، واذ كان نقله قد تم بالتطبيق لحكم المادة 47 سالفة الذكر فأن أقدميته فى الكادر الفنى العالى ترجع الى التاريخ الذى حصل فيه على الدرجة التى كان يشغلها فى الكادر الفنى المتوسط وذلك أستنادا الى نقل درجته الى الكادر الفنى العالى وهو ما يستتبع وجوب تعديل أقدميته فى لقب مهندس صيانة الى 1943 بدلا من يناير سنة 1948، ثم مساواته فى المقارنة بينه وبين زملائه المتساوين معه فى أقدمية مهندس صيانة والذين وصلوا الى وظائف مديرى أعمال فى الدرجة الثالثة، هذا الى أن قيامه بوظائف صيانة فى 1943 ثم باشمهندس فى سنة 1957 فى الكادر الفنى المتوسط يكسبه كافة الحقوق فى تلك الوظائف من تاريخ شغلها ولا يتعارض هذا مع أحكام القانون رقم 493 لسنة 1955 فهو لم يطبق بالمصلحة الا فى 12/ 3/ 1956.
وأجابت الجهة الادارية على الدعوى بأن المدعى حاصل على دبلوم الفنون والصناعات سنة 1930، والتحق بالخدمة فى يونية سنة 1937، وسويت حالته طبقا لقانون المعادلات فوضع فى الدرجة السابعة اعتبارا من 10/ 6/ 1936 والسادسة فى 10/ 6/ 1939 والخامسة الشخصية فى 10/ 6/ 1954 ثم حصل على بكالوريوس الهندسة سنة 1958 وعلى أثر ذلك نقل الى الكادر الفنى العالى من 1/ 7/ 1959 بدرجته الخامسة الشخصية خصما على درجة سادسة أصلية مخصصة فى الميزانية لمهندس ثم نقل الى الدرجة الخامسة الأصلية اعتبارا من 31/ 12/ 1959 بوظيفة مهندس صيانة، ورقى لوظيفة مساعد مدير أعمال خامسة من 30/ 1/ 1960. وفى 17/ 1/ 1961 تظلم طالبا الغاء القرار رقم 840 لسنة 1959 فيما تضمنه من تخطية فى الترقية الى الدرجة الرابعة كما طلب ترقيته الى هذه الدرجة مع منحه لقب باشمهندس - واذ كان المدعى قد نقل الى الكادر الفنى العالى فى ظل القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 فلا تحسب له أقدمية فى الدرجة الخامسة فى الكادر الفنى المتوسط الا من تاريخ حصوله على المؤهل العالى فضلا عن أنه لا اعتداد بالوظائف التى شغلها فى الكادر المتوسط عند نقله الى الكادر الفنى العالى فى ظل أحكام القانون رقم 493 لسنة 1955، ولذلك فان ديوان المحاسبات وكذلك ديوان الموظفين اعترضا على التسوية السابق الاشارة اليها التى أجرتها المصلحة للمدعى ومن ثم سحبتها المصلحة وأعادت الحالة الى ما كانت عليه بالنسبة للمدعى.
وبجلسة 15/ 2/ 1962 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وألزمت المدعى بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من ميزانية مصلحة الميكانيكا والكهرباء عن السنة المالية 1959 - 1960 التى صدر قرار نقل المدعى خلالها أنه لم تنقل سوى أربعة درجات سادسة لشاغليها من الكادر الفنى المتوسط الى الكادر الفنى العالى، على حين أن المدعى كان بالدرجة الخامسة ومن ثم فيعتبر قرار نقله الصادر فى 1/ 7/ 1959 بمثابة قرار تعيين بالكادر الفنى العالى وتعتبر أقدميته فى الدرجة الخامسة العالية اعتبارا من هذا التاريخ فحسب وبالتالى فان حالة المدعى تخرج حكما عن المنصوص عليها فى الفقرة الأخيرة من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 طالما أن نقل المدعى الى الكادر العالى لم يتم مع نقل درجته الى هذا الكادر. وأضافت المحكمة أنه عن القرار رقم 840 لسنة 1959 فقد تضمن ترقية طائفة من مساعدى مديرى الأعمال من الدرجة الخامسة الى الدرجة الرابعة بالأقدمية، واذ كانت أقدمية آخر المرقين بهذا القرار ترجع فى الدرجة الخامسة الى 29/ 3/ 1956، فأن المدعى لم يتخط فى الترقية بهذا القرار المطعون فيه ما دام أن أقدميته هى من 1/ 7/ 1959 تاريخ نقله للكادر العالى، وفضلا عن ذلك فأنه لم يكن يشغل وظيفة مساعد مدير أعمال وقت صدور القرار المطعون فيه ومن ثم لم يكن صالحا للترقية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 493 لسنة 1955. وبالنسبة للطلب الثانى فى الدعوى قالت المحكمة أنه لا يجدى المدعى أن يتمسك بالوظائف التى رقى اليها او شغلها بالكادر الفنى المتوسط بالنظر الى أن الفصل بين الكادرين العالى والمتوسط يترتب عليه اختلاف طبيعة الوظائف فى كل منهما، وعلى هذا الأساس فانه لا يقيد فى حالته الا الوظيفة التى عين عليها فى الكادر العالى ومن ثم فأن ترقيته الى وظيفة باشمهندس التى يطالب بها لا تكون الا فى نطاق تدرج الوظائف وبالشروط المنصوص عليها فى القانون رقم 493 لسنة 1955 الذى يعتد بالتلقيب فى الوظائف المختلفة التى تعلو بعضها بعضا.
ومن حيث أن طعن المدعى يقوم على أنه بالنسبة لطلب الغاء القرار رقم 840 لسنة 1959 فان قرار نقل المدعى كان تطبيقا للفقرة الأخيرة من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وليس من المحتم أن ينقل بدرجته حتى يستصحب أقدميته فى هذه الدرجة، وانما يكفى أن يترتب هذا الأثر اذا كان الثابت أن المدعى قد نقل طبقا لحكم المادة 47 المذكورة ولاسيما أنه لم يكن فى الامكان نقل درجته معه حيث كان يشغل درجة شخصية. كما أن أقدمية المدعى فى الدرجة الخامسة أقرتها الوزارة بأعتبارها راجعة الى 10/ 6/ 1954 وهو تاريخ حصوله عليها فى الكادر الفنى المتوسط وانه وان كانت هذه الدرجة خامسة شخصية الا أنه لا فرق بينها وبين الدرجة الخامسة الفعلية. ومن ثم فان اعتبار أقدمية المدعى فى الدرجة الخامسة العالية من 1/ 7/ 1959 أمر مخالف للواقع، اذ أنه والحالة هذه ما كان يستحق الترقية الى الدرجة الرابعة الا فى 1/ 7/ 1962، أما وقد رقى الى الدرجة الرابعة فى 1/ 6/ 1961 فأن هذا يثبت أن الوزارة كانت تعتبر أقدمية المدعى فى الدرجة الخامسة العالية مستقرة فى 10/ 6/ 1954 حسب تحديد الفقرة الأخيرة من المادة 47 من قانون الموظفين. وعلاوة على ما تقدم فان الحكم المطعون فيه يخالف ما استقر عليه قضاء المحكمة الادارية العليا من أن نقل درجة من كادر أدنى الى كادر أعلى بناء على ما رؤى لصالح العمل واتفاق طبيعة العمل فى الوظيفتين لا تتأثر به أقدمية الموظف فى الدرجة المنقولة بنقله الى الكادر العالى ويحتفظ له بأقدميته فيها. وفيما يتعلق بطلب المدعى تسوية حالته فى الالقاب فان حقه فيها يستند الى استصحابه أقدميته فى الدرجة الخامسة بحيث ترجع الى 10/ 6/ 1954 بما يرتب له استحقاقه الألقاب المعادلة لدرجاته الحالية فتعدل تبعا لذلك أقدميته فى لقب مهندس صيانة الى 10/ 6/ 1954 بدلا من يناير سنة 1958 ثم تدرج هذه الألقاب أسوة بزملائه ولا سيما أن قيام المدعى بوظائف مهندس صيانة فى سنة 1943 ثم باشمهندس فى سنة 1957 فى الكادر الفنى المتوسط يكسبه كافة الحقوق فى هذه الوظائف من تاريخ شغلها ولا يتعارض ذلك مع أحكام القانون رقم 493 لسنة 1955.
ومن حيث أن المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة تقضى فى فقرتها الرابعة بأنه فى حالة نقل بعض الدرجات من الكادر المتوسط الى الكادر العالى بميزانية احدى الوزارات أو المصالح يجوز بقرار من الوزير المختص نقل شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط الى الكادر العالى فى نفس درجته أو تسوية حالته على درجة متوسطة خالية من نوع درجته ومعادلة لها.
ومن حيث أن الفقرة الرابعة من قانون نظام موظفى الدولة هو حكم استثنائى ومثله لا يجوز تطبيقه الا اذا نقلت وظيفة المدعى بدرجتها من الكادر المتوسط الى الكادر الفنى العالى وكان صالح العمل يقتضى هذا النقل. وغنى عن البيان أن الوظائف التلقيبية التى نص عليها القانون رقم 493 لسنة 1955 ليس لها مثيل فى الكادر المتوسط حتى يصح القول بأن المدعى نقلت وظيفته بدرجتها حين تم تعيينه بصورة مبتدأة بالكادر الفنى العالى، وفضلا عما تقدم فان درجته الخامسة التى كان حاصلا عليها بالكادر المتوسط كانت درجة شخصية والدرجة الشخصية ليس لها كيان ذاتى بالميزانية بحيث يتصور معه نقلها من كادر الى كادر أعلى، فالشروط الواردة فى المادة 47 من قانون نظام موظفى الدولة متخلفة كلها فى حق المدعى بما يمتنع معه امكان استصحابه لأقدميته السابقة فى الدرجة الخامسة بالكادر المتوسط على نحو ما زعم فى طلباته ومتى كان الأمر كذلك أنهار الأساس الذى يجوز أن يبنى عليه ما طلبه بغير حق من تسويات وظيفية خاطئة، ربطها بهذه الأقدمية المزعومة. ومع ذلك فانه لو سلم، على الفرض الجدلى بأن له هذه الأقدمية فى الدرجة الخامسة الفنية اصطحبها بنقله من الكادر المتوسط فان أحكام القانون رقم 493 لسنة 1955 تؤكد أن أقدميته المجردة فى الدرجة الفنية لا شأن لها فى استحقاق الوظائف التى يطالب بها بل أن أقدميته فى هذه الوظائف هى وحدها المعتبرة فى هذا الخصوص، ولا استحقاق لهذه الوظائف الا لمن يكن منتميا فعلا للكادر الفنى العالى، وهذا غير حاصل بالنسبة الى المدعى فى المدة السابقة على تاريخ 31 من ديسمبر سنة 1959.
وحيث أن القانون رقم 493 لسنة 1955 فى شأن ترتيب الأقدمية ونظام الترقية بين الموظفين الفنيين بمصلحة الميكانيكا والكهرباء، نص فى مادته الأولى على أنه استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 "تكون الترقيات وترتيب الأقدمية فى وظائف الكادر الفنى العالى بمصلحة الميكانيكا والكهرباء بوزارة الأشغال العمومية على أساس أقدمية الترقية الى الوظائف المبينة بالجدول المرافق لهذا القانون وفقا للترتيب الوارد به"، وتضمن هذا الجدول النص على أن "الدرجة السادسة المالية تقابلها وظيفة مهندس ومهندس تحت التمرين، وأن الدرجة الخامسة تقابلها وظيفة مساعد مدير أعمال ومهندس صيانة، والدرجة الرابعة المالية تقابلها وظيفة باشمهندس ومساعد مدير أعمال"، وفى ذات الوقت تضمن القانون المذكور فى مادته الثانية أنه "مع مراعاة أحكام المادة 38 من قانون الموظفين تكون الترقية بالاختيار من وظيفة الى أخرى تعلوها فى الأهمية فى حدود الدرجة المالية ذاتها"، ومفاد هذا أن تقلد الوظائف المختلفة فى الكادر الفنى العالى بمصلحة الميكانيكا والكهرباء التى تعلو بعضها فى الأهمية، وان كانت فى حدود الدرجة المالية الواحدة حسب المبين فى الجدول الملحق بالقانون رقم 493 لسنة 1955 السابق الاشارة اليه ليس مجرد تلقيب بل هو فى حقيقته ترقية الى تلك الوظائف تنطوى أيضا على ترقية مالية مآلا طالما أنه يترتب عليها الأسبقية فى الترقية المالية - ومن ثم فان المدعى مهما أستصحب من أقدمية فى الدرجة المالية وهو فى الكادر المتوسط لا يفيد منها فى صدد تقلد الوظائف الأعلى فى ذات الدرجة فى تاريخ سابق على نقله الى الكادر الفنى العالى ما دام أن نظام الترقيات وترتيب الأقدمية المعمول به وفقا للقانون رقم 493 لسنة 1955 مقصور تطبيقه منذ صدوره على الموظفين الفنيين بالكادر العالى مهما كانت الاعتبارات التى يثيرها المدعى بالنسبة لتشابه العمل فيما بين الكادرين الفنى المتوسط والفنى العالى. وترتيبا على ذلك فان تلك الوظائف التقليدية التى يطالب بها المدعى من قبيل التسوية واستنادا الى أقدميته المزعومة فى الدرجة الخامسة لا تقوم على أساس سليم من الواقع أو القانون ما دام أنه لا يجوز أن يمنحها فى وقت لم يكن فيه عند التحقيق من عداد الموظفين الفنيين بالكادر العالى، كما لا يجوز له أن يسبق فيها من استقر مركزه القانونى بالنسبة لها وهو لا يزال فى الكادر الفنى المتوسط، فضلا عن أن قلقلة تلك المراكز السابقة وزعزعتها لا يتأتى من جانبه الا عن طريق دعوى الالغاء. واذ كان تقلد تلك الوظائف المختلفة حسبما سبق ايضاحه لا يكون الا بالترقية اليها بطريق الاختيار، فان ذلك كله لا يتوفر للمدعى بيقين وقد كان مركزه القانونى منبت الصلة بوظائف ذلك الكادر ودرجاته.
ومن حيث أنه تأسيسا على ما سلف فان طلب المدعى الغاء القرار رقم 840 لسنة 1959 الصادر بتاريخ 3/ 1/ 1960 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الرابعة الفنية العالية فى وظيفة من وظائف مساعدى مديرى أعمال يعوزه الأساس القانونى الذى يستند اليه ما دام أن المدعى لم يكن عند صدوره يشغل وظيفة مساعد مدير أعمال من الدرجة الخامسة وهى الوظيفة التى لم يمنحها الا فى تاريخ لاحق للترقية المطعون عليها، بل تسو حالته كمهندس صيانة بوضعه على درجة خامسة أصلية بالميزانية نقلا من درجته الشخصية التى نقل بها فى 1/ 7/ 1959 الا بموجب ذات القرار المطعون فيه واعتبارا من 31/ 12/ 1959 - الأمر الذى لا يجعله صالحا للترقية الى الوظيفة والدرجة المالية اللتين ورد عليهما القرار المطعون فيه، ولذلك فان هذا الطلب يكون هو أيضا مستوجب الرفض - وبهذه المثابة فان الحكم المطعون فيه يكون صحيحا فى النتيجة التى انتهى اليها من حيث رفض الدعوى مع الزام المدعى بمصروفاتها ويتعين لذلك تأييده ورفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت المدعى بالمصروفات.