أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 1135

جلسة 4 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى؛ والدكتور عبد الرحمن عياد؛ ومحمد الباجورى؛ وصلاح نصار.

(195)
الطعن رقم 206 لسنة 43 القضائية

(1) حكم "ما لا يعد قصورا". صورية. إيجار. "إيجار الأماكن".
الطعن بالصورة الذى يجب على المحكمة بحثه والبت فيه. وجوب أن يكون صريحا جازما مجرد الطعن بالتواطؤ والاحتيال. لا يفيده. عله ذلك. مثال فى ايجار.
(2، 3) دعوى "الدعوى غير المباشرة". إيجار "إيجار الأماكن". بطلان.
(2) الدعوى غير المباشرة نطاقها. للمستأجر طلب إبطال عقد مستأجر أخر.
(3) الدعوى غير المباشرة. وجوب اختصام المدين فيها. م 235/ 2 مدنى للمدين مباشرة الدعوى بنفسه أو تركها للدائن يباشرها عنه. مثال فى إيجار.
(4) دفوع "الدفع بعدم القبول". إيجار "إيجار الأماكن". نقض.
الحكم برفض الدفع بعدم القبول لانتفاء المصلحة بأسباب سائغة. الجدل الموضوعى فى ذلك. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض. مثال فى إيجار.
(5) محكمة الموضوع.
عدم التزام المحكمة باجابة طلب إستجواب الخصم.
(6) نقض "أسباب الطعن".
عدم إفصاح الطاعن بصحيفة طعنه بالنقض عن القرائن المستمدة من أوراق الدعوى التى تكذب شاهد المطعون ضده. نعى مجهل غير مقبول.
(7) إيجار "إيجار الأماكن".
اجراء المفاضلة بين المستأجرين. شرطه. أن تكون العقود صحيحة ونافذة.
(8) حكم "تسبيب الحكم" "ما يعد قصورا". إيجار "إيجار الأماكن".
اغفال الحكم التحدث عن مستند قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى. قصور. مثال فى إيجار.
1 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الطعن بالصورية الذى يجب على المحكمة بحثه والبت فيه يلزم أن يكون صريحا فى هذا المعنى ولا يفيده مجرد الطعن بالتواطؤ أو الاحتيال لاختلاف الأمرين مدلولا وحكما، لأن الصورية إنما تعنى عدم قيام المحرر أصلا فى نية عاقديه، أما التواطؤ فانه غير مانع من جدية التعاقد ومن قيام الرغبة فى إحداث آثار قانونية له، ولما كان الواقع فى الدعوى أن الطاعنة لم تدفع بصورية عقد الايجار الصادر للمطعون عليه الثانى أمام محكمة أول درجة، وإنما بنت دفاعها على أن عملية القرعة التى جعلت منها سندها فى مدعاها أجريت بمعرفة المالك - المطعون عليه الأول - وساقت على ذلك فى مذكرتيها الشارحتين عدة قرائن تنم عن التواطؤ بين المالك وبين قريب المطعون عليه الثانى، بدليل تحرر العقد مقر الشرطة وتأخر المستأجر فى استلام الشقة من شاغلها وقتذاك، وكان هذا لا يعنى التمسك على نحو جازم قاطع بصورية هذا العقد، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن هذا الدفاع.
2 - النص فى الفقرة الأولى من المادة 235 من القانون المدنى على أن "لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين، إلا ما كان منها متصلا بشخصه خاصه أو غير قابل للحجز...." يدل على أن نطاق الدعوى غير المباشرة لا يشمل الحقوق التى يؤدى إستعمال الدائن لها إلى المساس بما يجب أن يبقى للمدين من حرية فى تصريف شئونه، فيجوز للدائن أن يرفع دعوى بابطال عقد كان مدينه طرفا فيه لعيب شاب رضاه، ولا يعتبر بذلك من قبيل الحقوق المتصلة بشخص المدين فيجوز من ثم استعمالها باسمه، ولما كان الثابت من مدونات الحكم الابتدائى أن المطعون عليه الثانى أسس دعواه عند طلب الحكم بتسليمه العين المؤجرة وتمكينه من الانتفاع بها على بطلان عقد الإيجار الصادر للطاعنة والذى تضمنه محضر القرعة التى أجريت فى محافظة الجيزة، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بعد استعراضه توافر سائر شروط الدعوى غير المباشرة انتهى إلى أن المطعون عليه الثانى يحق له الطعن على عقد الإيجار الصادر من المؤجر له إلى الطاعنة لصدوره نتيجة إكراه لا يمس إجراء عملية القرعة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا يعيبه ما وقع فيه من تقريرات قانونية خاطئة لا تؤثر فى جوهر قضائه.
3 - المدين الذى أوجبت الفقرة الثانية من المادة 235 من القانون المدنى إدخاله خصما فى الدعوى - غير المباشرة - قد يتخذ موقفا سلبيا تاركا للدائن بحث مباشرة الدعوى عنه أو يسلك موقفا إيجابيا فيعمد إلى مباشرة الدعوى بنفسه، وحينئذ يقتصر دور الدائن على مجرد مراقبة دفاع المدين، ولما كان المدين المطعون عليه الأول قد آثر طيلة تردد الدعوى أمام محكمة أول درجة الموقف السلبى مكتفيا بأن يقرر أمامها أنه أكره على التوقيع على محضر القرعة، كما جاء على لسان محاميه أمام محكمة الاستئناف أنه ينضم للمطعون عليه الثانى فى طلباته، فإن قول الحكم أنه وقف من الدائن موقف المظاهر المؤيد له ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون.
4 - إذ كان الحكم فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المطعون عليه الثانى فى إقامتها بأن القانون لا يستلزم إقامة المستأجر الأجنبى إقامة دائمة بالإضافة إلى أن الثابت عدم مغادرته البلاد نهائيا بدليل مثوله بشخصه أمام محكمة الاستئناف فى إحدى الجلسات وتوكيله محاميا لإبداء دفاعه، وهى أسانيد سائغة ومقبولة ومؤدية إلى النتيجة التى انتهى إليها، والجدل فيها موضوعى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - إذ كان القانون لا يلزم المحكمة وهى بسبيل تكوين عقيدتها اتباع طريق معين للاثبات، وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يكفى لحمله، فانه لا على المحكمة إذا هى لم تستجب لطلب الاستجواب.
6 - إذ كانت الطاعنة لم تبين فى صحيفة الطعن القرائن المستمدة من أوراق الدعوى والتى ترى أنها مكتوبة لشاهد المطعون عليه الثانى فان ما أورده سبب النعى يكون مجهلا غير مقبول.
7 - وان شرعت المادة 573/ 1 من القانون المدنى القاعدة العامة فى المفاضلة بين المستأجرين متى أجر مؤجر معين بنفسه أو عن طريق نائب عنه عينا بذاتها عدة إجارات عن مدة بعينها أن عن مدد متداخلة وجعلت الأولوية لمن سبق منهم فى وضع يده على العين المؤجرة دون اعتداد بسبق تاريخ الإجارة أو إثبات تاريخها، إلا أن مجال تطبيقها لا ينفتح والتزاحم لا يقوم إلا إذا كانت العقود مبرمة مع مستأجرين عديدين بعقود إيجار صحيحة ونافذة فاذا شاب إرادة المؤجر عند صدور أحد العقود منه أحد عيوب الإرادة وتقرر بطلانه انعدمت الحكمة من ادخاله فى نطاق المفاضلة. ولما كان البين من الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه مهد لقضائه باطمئنانه لأقوال شاهد المطعون عليه الثانى الذى قرر أن محافظة الجيزة التى يمثلها المطعون عليه الثالث استدعت المالك - المطعون عليه الأول - وطلبت منه العدول عن عقد الإيجار الصادر منه للمطعون عليه الثانى وتحرر عقد جديد للطاعنة، وأنه رفض فى البداية ثم أذعن تحت تأثير الإكراه الواقع عليه واضطر إلى التوقيع على محضر عملية القرعة لصالح الطاعنة بما يفيد أنه انتهى إلى أن إرادة المؤجر عند ابرامه التعاقد الصادر إلى الطاعنة كانت معيبة، وكان حسبه لإطراح سريان هذا العقد دون ما حاجة إلى إجراء المفاضلة بينه وبين العقد الصادر من ذات المؤجر إلى المطعون عليه الثانى.
8 - إذ كان الثابت فى الدعوى أن الطاعنة قدمت إلى محكمة الاستئناف حافظة طوت صورة فوتوغرافية لعقد ثابت التاريخ صادر لها من وكيل المطعون عليه الأول يتضمن استئجارها عين النزاع وعدة إيصالات بسداد الأجرة منها فى تواريخ تالية، وأثبت على وجهها أن هذا العقد يعتبر توكيدا للعلاقة الإيجارية القائمة من قبل وإقرارا لها وإجازة لما تم أمام محافظة الجيزة - من تحرير عقد إيجار بينهما والذى طعن عليه المستأجر الآخر بالبطلان - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يتحدث عن عقد الإيجار وإيصالات - الأجرة وإغفال التعرض لدلالتها وهل تعد إجازة للاجراءات الحاصلة فى محضر القرعة أو أنها تعد انشاء لعلاقة إيجارية جديدة فى تاريخ ابرامه، كما لم يبين مدى تأثير العقد على الدعوى غير المباشرة التى سلكها الحكم المطعون عليه الثانى عند رفعه دعواه، وكان تقديم هذا العقد بهذه المثابة ينطوى قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، فان الحكم يكون قد عاره القصور فى التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه الثانى أقام الدعوى رقم 655 لسنة 1967 مدنى الدقى - والتى أحيلت من بعد إلى محكمة الجيزة الابتدائية وقيدت برقم 679 لسنة 1968 مدنى - ضد الطاعنة والمطعون عليهما الأول والثالث بطلب الحكم بإلزام المطعون عليه الأول بتسليمه العين المؤجرة له منه وتمكينه من الانتفاع بها وذلك فى مواجهة الطاعنة، وبالغاء القرار الصادر من المطعون عليه الثالث - محافظ الجيزة بصفته - بتمكين الطاعنة منها، وقال شرحا لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 15/ 11/ 1966 استأجر من المطعون عليه الأول شقه بالعقار رقم 27 شارع.......... بأجرة شهرية قدرها 4 جنيهات و969 مليما فى 1/ 12/ 1966، واذ لم يتمكن من استلام العين المؤجرة، ونازعته الطاعنة استنادا إلى أنها تشغلها بموجب القرعة الذى أجراه المطعون عليه الثالث، والموقع عليه من المطعون عليه الأول فى 8/ 12/ 1966، فقد أقام الدعوى. دفعت الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى. وبتاريخ 19/ 12/ 1968 حكمت المحكمة باستجواب المطعون عليه الأول والطاعنة، وبعد أن تم الاستجواب عادت وحكمت فى 26/ 6/ 1969 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما الأول والثانى أن أولهما وقع على محضر القرعة تحت تأثير إكراه أفسد رضاه، وبعد سماع الشهود حكمت فى 29/ 1/ 1970 (أولا) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى. (ثانيا) بتمكين المطعون عليه الثانى من العين المؤجرة من المطعون عليه الأول. استأنفت الطاعنه هذا الحكم بالاستئناف رقم 884 لسنة 87 ق القاهرة طالبة الغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 28/ 12/ 1972 حكمت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنه فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر. وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول، وبالوجه الثالث من السبب منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول أنها تمسكت فى صحيفة الاستئناف بصورية عقد الإيجار الذى يستند إليه المطعون عليه الثانى والصادر إليه من المطعون عليه الأول، وأنه لم يحرر إلا بعد إجراء القرعة ردا على رفض الطاعنة دفع مبلغ من المال للمالك على سبيل الخلو، وإذ لم يرد الحكم على هذا الدفاع رغم ثبوته من أوراق الدعوى وظروفها، وعمد إلى إجراء المفاضله بين هذا العقد الصورى وبين العقد الصادر إليها من نفس المالك، رغم أنه لا مجال لها إلا إذا كان عقد المطعون عليه الثانى قد انعقد صحيحا، فانه يكون علاوة على مخالفة القانون قد شابه القصور.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الطعن بالصورية الذى يجب على المحكمة بحثه والبت فيه يلزم أن يكون صريحا فى هذا المعنى ولا يفيده مجرد الطعن بالتواطؤ أو الاحتيال لاختلاف الأمرين مدلولا وحكما، لأن الصورية إنما تعنى عدم قيام المحرر أصلا فى نية عاقديه، أما التواطؤ فإنه غير مانع من جدية التعاقد ومن قيام الرغبة فى إحداث آثار قانونية له. ولما كان الواقع فى الدعوى أن الطاعنة لم تدفع بصورية عقد الإيجار الصادر للمطعون عليه الثانى أمام محكمة أول درجة، وإنما بنت دفاعها على أن عملية القرعة التى جعلت منها سندها فى مدعاها أجريت بمعرفة المالك - المطعون عليه الأول، وساقت على ذلك فى مذكرتيها الشارحتين عدة قرائن تنم عن التواطؤ بين المالك وبين قريب المطعون عليه الثانى، بدليل تحرر العقد مقر الشرطة وتأخر المستأجر فى استلام الشقة من شاغلها وقتذاك، وكان هذا لا يعنى التمسك على نحو جازم قاطع بصورية هذا العقد، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن هذا الدفاع، ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم خول المطعون عليه الثانى التمسك بأحكام المادة 235 من القانون المدنى، وأجاز له الطعن بالبطلان على عقد الإيجار الصادر من مدعية المطعون عليه الأول إلى الطاعنة بمقولة أنه أبرمه تحت تأثير الإكراه الواقع خلال عملية القرعة، على سند من القول بأن مؤدى الإجارة المشار إليها أن تذهب بحق الدائن جمعية باستحالة تمكينه من العين المؤجرة، وأن المدين ساند دائنه فى طلب البطلان، فى حين أن عقد الإيجار مجرد رخصة لا شأن للدائن بها ومتعلقة بشخص المدين، والدعوى غير المباشرة تعد استثناء من القاعدة العامة فلا يجب التوسع فيها، ولا يمكن أن يحمل سكوت الخصم على أنة إقرار منه بالإجراء المتخذ وهو ما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن النص فى الفقرة الأولى من المادة 235 من القانون المدنى على أن لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يستعمل باسم مدينة جميع حقوق هذا المدين، إلا ما كان منها متصلا بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز.... يدل على أن نطاق الدعوى غير المباشرة لا يشمل الحقوق التى يؤدى استعماله الدائن لها إلى المساس بما يوجب أن يبقى للمدين من حرية فى تصريف شئونه، فيجوز للدائن أن يرفع دعوى بإبطال عقد كان مدينة طرفا فيه لعيب شاب رضاه، ولا يعتبر بذلك من قبيل الحقوق المتصلة بشخص المدين فيجوز من ثم استعمالها باسمه، ولما كان الثابت من مدونات الحكم الابتدائى أن المطعون عليه الثانى أسس دعواه عند طلب الحكم بتسليمه العين المؤجرة وتمكينه من الانتفاع بها على بطلان عقد الإيجار الصادر للطاعنة والذى تضمنه محضر القرعة التى أجريت فى محافظة الجيزة، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بعد استعراضه توافر سائر شروط الدعوى غير المباشرة انتهى إلى أن المطعون عليه الثانى يحق له الطعن على عقد الإيجار الصادر من المؤجر له إلى الطاعنة لصدوره نتيجة اكراه لا يمس إجراء عملية القرعة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا يعيبه ما وقع فيه من تقريرات قانونية خاطئة لا تؤثر فى جوهر قضائه. لما كان ذلك وكان المدين الذى أوجبت الفقرة الثانية من المادة 235 آنفة الذكر إدخاله خصما فى الدعوى قد يتخذ موقفا سلبيا تاركا للدائن عبء مباشرة الدعوى عنه، أو يسلك موقفا إيجابيا فيعمد إلى مباشرة الدعوى بنفسه، وحينئذ يقتصر دور الدائن على مجرد مراقبة دفاع المدين، وكان المدين المطعون عليه الأول قد اثر طيلة تردد الدعوى أمام محكمة أول درجة الموقف السلبى مكتفيا بأن يقرر أمامها بجلسة 13/ 2/ 1969 أنه أكره على التوقيع على محضر القرعة، كما جاء على لسان محاميه بمحضر جلسة 13/ 11/ 1972 أمام محكمة الاستئناف أنه ينضم للمطعون عليه الثانى فى طلباته، فإن قول الحكم أنه وقف من الدائن موقف المظاهر المؤيد له ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن النعى بالوجهين الأول والثانى من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع من وجهين (أولا) أن الطاعنة دفعت بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المطعون عليه الثانى فى رفعها، لأنه سودانى الجنسية ولا يقيم بجمهورية مصر العربية، وتقدمت بطلب المحكمة الاستئناف لاستجوابه غير أن المحكمة رفضته مستنتجة وجود المصلحة دون تحقيق دفعها - (الثانى) أن المحكمة عولت على أقوال شاهد المطعون عليه الثانى رغم تجريح الطاعنة لها نظرا لمصلحة القربى التى تربطهما، ولأن أقواله تدحضها أوراق الدعوى وأطرحت المحكمة هذا الدفاع.
وحيث إن النعى مردود فى وجهه الأول بأن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المطعون عليه الثانى فى إقامتها بأن القانون لا يستلزم إقامة المستأجر الأجنبى اقامة دائمة بالاضافة إلى أن الثابت عدم مغادرته البلاد نهائيا بدليل مثوله بشخصه أمام محكمة الاستئناف فى إحدى الجلسات وتوكليه محاميا لابداء دفاعه، وهى اسانيد سائغة ومقبولة ومؤيدة إلى النتيجة التى انتهى اليها، والجدل فيها موضوعى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ولما كان القانون لا يلزم المحكمة وهى بسبيل تكون عقيدتها اتباع طريق معين للاثبات، وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يكفى لحمله، فإنه لا على المحكمة إذا هى لم تستجب لطلب الاستجواب، والنعى مردود فى وجهة الثانى بأن محكمة الموضوع تستقل بتقدير أقوال الشهود متى كان استخلاصها سائغا، ولها أن تطمئن إلى أقوال شاهد دون آخر، ومرد ذلك لوجدانها دون معقب، لما كان ذلك وكانت لم تبين فى صحيفة الطعن القرائن المستمدة من أوراق الدعوى والتى ترى أنها مكذبة لشاهد المطعون عليه الثانى، فإن ما أورده سبب النعى يكون مجهلا، ومن ثم فهو فى هذا الشق غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأوجه الثالث والرابع والخامس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على أن الطاعنة كانت تعلم وقت وضع يدها على عين النزاع أنها مؤجرة للمطعون عليه الثانى بدليل أنها لاذت بالمحافظة، دون أن يكشف الحكم عن المصدر الذى استقى منه هذه النتيجة، على حين أن الثابت أن علمها باستئجاره كان فى تاريخ لاحق لإجراء القرعة بالإضافة إلى أن لجوءها إلى المحافظة لا يصلح دليلا على العلم المدعى، إذ من غير المعقول أن تطلب من جهة الإدارة استئجار شقة غير خالية وهو ما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال.
وحيث إن النعى فى غير محله، ذلك أن المادة 573/ 1 من القانون المدنى وإن شرعت القاعدة العامة فى المفاضلة بين المستأجرين، متى أجر مؤجر معين بنفسه أو عن طريق نائب عنه عينا بذاتها عدة إجارات عن مدة بعينها أن عن مدد متداخله، وجعلت الأولوية لمن سبق منهم فى وضع يده على العين المؤجرة دون اعتداد بسبق تاريخ الأجارة أو إثبات تاريخها، إلا أن مجال تطبيقها لا ينفتح والتزاحم لا يقوم إلا إذا كانت العقود مبرمة مع مستأجرين عديدين بعقود إيجار صحيحة ونافذة، فإذا شاب إرادة المؤجر عند صدور أحد العقود منه أحد عيوب الإدارة وتقرر بطلانه انعدمت الحكمة ممن إدخاله فى نطاق المفاضله. ولما كان البين من الحكم الأبتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه مهد لقضائه باطمئنانه لأقوال شاهد المطعون عليه الثانى الذى قرر أن محافظة الجيزة التى يمثلها المطعون عليه الثالث استدعت المالك - المطعون عليه الأول - وطلبت منه العدول عن عقد الإيجار الصادر منه للمطعون عليه الثانى وتحرر عقد جديد للطاعنة، وإنه رفض فى البداية ثم أذعن تحت تأثير الإكراه الواقع عليه، واضطر إلى التوقيع على محضر عملية القرعة لصالح الطاعنة، بما يفيد أنه انتهى إلى أن إرادة المؤجر عند إبرامه التعاقد الصادر إلى الطاعنة كانت معيبة، وكان حسبه ذلك لاطراح سريان هذا العقد دون ما حاجة إلى إجراء المفاضلة بينه وبين العقد الصادر من ذات المؤجر إلى المطعون عليه الثانى. لما كان ذلك فإنه ولئن عمد الحكم رغم ذلك إلى الاستعانه بأحكام المادة 573 أنفه الذكر للتدليل على علم الطاعنة بأن العين مؤجرة لاخر وأن وضع يدها كان وليد غش؛ ورتب على ذلك تفصيل عقد المطعون عليه الثانى وتمكينه من العين المؤجرة، إلا أنه طالما انتهى الحكم إلى النتيجة السليمة وإن تنكب صحيح الوسيلة فإن من حق محكمة النقض أن تقوم الحكم دون أن تنقضه، ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول أنها قدمت إلى محكمة الاستئناف عقد إيجار مؤرخ 20/ 5/ 1970 صادر إليها من وكيل المالك - المطعون عليه الأول - وعددا من إيصالات سداد الأجرة فى شهور لاحقه موقع عليها من المالك شخصيا وأوضحت أن هذا الأجراء من المالك يفيد تصحيح الإجراءات السابقة، وإذ لم يرد الحكم على هذا الدفاع فإنه يكون قد عاره قصور فى التسبيب.
وحيث إن النعى فى محله، أنه لما كان الثابت فى الدعوى أن الطاعنة قدمت بجلسة 13/ 11/ 1972 إلى محكمة الاستئناف حافظة طوت صورة فوتوغرافية لعقد ثابت التاريخ فى 23/ 5/ 1970 صادر لها من وكيل المطعون عليه الأول يتضمن استئجارها عين النزاع وعدة إيصالات بسداد الأجرة منها فى تواريخ تالية، وأثبت على وجه الحافظة أن هذا العقد يعتبر توكيدا للعلاقة الايجارية القائمة من قبل وإقرارا لها واجازة لما تم أمام محافظة الجيزة؛ لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه يتحدث عن عقد الإيجار وإيصالات الأجرة وأغفل التعرض لدلالتها وهل تعد إجازة للإجراءات الحاصلة فى محضر القرعة أو أنها تعد انشاء لعلاقة إيجارية جديدة فى تاريخ إبرامه، كما لم يبين مدى تأثير العقد على الدعوى غير المباشرة التى سلكها المطعون عليه الثانى عند رفعه دعواه، وكان تقديم هذا العقد بهذه المثابة ينطوى على دفاع جوهرى قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، فإن الحكم يكون قد عاره القصور فى التسبيب بما يتعين معه نقضه لهذا السبب وحده، على أن يكون مع النقض الإحالة.