أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 1158

جلسة 10 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقى العصار ورأفت عبد الرحيم وزكى الصاوى صالح وجمال الدين عبد اللطيف.

(199)
الطعن رقم 724 لسنة 42 القضائية

(1) إعلان "الإعلان فى المحل المختار". دعوى. محاماه. موطن.
مكتب المحامى الموكل عن الخصم. اعتباره محلا مختارا له فى درجة التقاضى الموكل فيها. جواز اعلانه بالقرار الصادر باعادة الدعوى للمرافعة فى هذا المحل.
(2) التزام "تنفيذ الإلتزام". تعويض.
تنفيذ الالتزام. إما إن يكون عينيا أو عن طريق التعويض. التعويض قد يكون نقديا. أو عينيا.
(3) ارتفاق. استئناف "الطلب الجديد". التزام. دعوى. تعويض.
استئناف المدعى الحكم الصادر برفض دعواه. طلبه فى صحيفة الاستئناف الحكم له بالطلب الأصلى. تمسكه من بعد بطلبه الاحتياطى. لا يعد طلبا جديدا فى الاستئناف. مثال. بشأن حق ارتفاق سلبى.
(4) التزام "التضامن". استئناف "الطلب الجديد". نقض.
النعى الذى لا يحقق سوى مصلحة نظرية صرف للطاعن. غير منتج. مثال بشأن طلب التضامن لأول مرة فى الاستئناف.
(5 و6 و7) ارتفاق. ملكية.
(5) حق الارتفاق. ماهيته. انتقاص من نطاق ملكية العقار الخادم.
(6) الاتفاق على انشاء حقوق الارتفاق الإيجابية أو السلبية. جوازه فى حدود القانون والنظام العام والآداب.
(7) الاتفاق على تقرير حق ارتفاق سلبى بعدم المطل على العقار المخدوم. ثبوت أنه يحقق مصلحة مشروعة لمالك العقار. استناد الحكم فى ذلك إلى أسباب سائغة لنفى التعسف لا خطا.
1 - الأصل أن يتم تسليم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو فى موطنه الأصلى ويجوز تسليمها فى الموطن المختار فى الأحوال التى بينها القانون، وصدور توكيل من أحد الخصوم لمن وكله من المحامين بمقتضى توكيل عام أو خاص من شأنه طبقا للمواد 10 و72 و74 من قانون المرافعات أن يجعل موطن هذا الوكيل معتبرا فى إعلان الأوراق اللازمة لسير الدعوى فى درجة التقاضى الموكل هو فيها. وإذ كان الثابت فى الدعوى أن محكمة الاستئناف حجزت الدعوى للحكم وصرحت بتقديم مذكرات، وقدم الأستاذ... بصفتة وكيلا عن الطاعنتين مذكره بدفاعهما فى الميعاد ثم قررت المحكمة اعادة الدعوى للمرافعة ثم كلفت المطعون عليهما باعلان الطاعنتين، فأعلنوهما بمكتب الأستاذ... بوصفه موطنهما المختار وتسلم هو شخصيا الإعلان دون أن يعترض أو ينفى وكالته عن الطاعنه الأولى وهو ما يستفاد منه أنه كان وكيلا عنها فى الاستئناف، وقد تولى هو بصفته وكيلا عن الطاعنتين الطعن فى الحكم الاستئنافى بطريق النقض، وإن يكن هذا بناء على توكيل أخر، لما كان ذلك فإن الاعلان سالف الذكر يكون صحيحا وإذا اعتد به الحكم المطعون فيه، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعى عليه بالبطلان فى غير محلة.
2 - تنفيذ الالتزام إما أن يكون تنفيذا عينيا فيقوم المدين باداء عين ما لتزم به أو تنفيذا عن طريق التعويض، والتعويض قد يكون نقديا أو عينيا بإزالة المخالفة التى وقعت إخلالا بالالتزام.
3 - إذا كان الثابت أن المطعون عليهم طلبوا أمام محكمة أول درجة الحكم بالزام الطاعنتين بسد جميع الفتحات التى تطل على ملكهم من الجهة القبلية ولما أن قدم الخبير تقريره، عدلوا طلباتهم إلى طلب الحكم أصليا بالزام الطاعنتين بإقامة السور الذى بينه الخبير فى تقريره، واحتياطيا بالزمهما بأن تدفعا لهم مبلغ 1035 ج قيمة تكاليف انشاء هذا السور - وهى القيمة المبينة، بالتقرير - ليتولوا هم أقامته بمعرفتهم. وإذ قضت المحكمة برفض دعواهم فقد طلبوا فى صحيفة استئنافهم الغاء الحكم والزام الطاعنتين باقامة السور المذكور، ثم طلبوا فى مذكرتهم الزام الطاعنتين بأن تدفعا لهم متضامنتين مبلغ 1035 ج من قيمة تكاليف إنشاء هذا السور الذى إضطروا لاقامته، وقالوا فى مذكرتهم أن هذا المبلغ هو ما قدره الخبير ولكنهم يحملوا بباقى التكاليف الفعلية ولما كان طلب المطعون عليهم فى صحيفة الاستئناف تنفيذ الالتزام بطريق التعويض العينى باقامة هذا السور لسد الفتحات على نفقة الطاعنتين ينطوى على طلب الزامهما بقيمة تكاليف اقامة هذا السور، فإن طلب هذه التكاليف فى مذكرتهم لا يكون طلبا جديدا فى الاستئناف.
4 - لئن كان طلب الحكم بالتضامن، يعتبر طلبا جديدا لا يجوز إبداؤه لأول مره أمام محكمة الاستئناف تطبيقا لنص المادة 235 من قانون المرافعات، إلا أن النعى بشأنة غير منتج ولا يحقق للطاعنتين سوى مصلحة نظرية صرف لأن الحكم المطعون فيه انتهى إلى رفض هذا الطلب، ولا تعود عليهما أية فائدة من نقض الحكم فى هذا الخصوص.
5 - حق الارتفاع طبقا للمادة 1015 من القانوفى المدنى هو خدمة يؤديها العقار المرتفق به للعقار المرتفق فيحد من منفعة الأول ويجعله مثقلا بتكليف لفائدة الثانى، وهو وإن يحرم مالك العقار الخادم من ملكيته إلا أنه ينتقص من نطاقها فيحرمة من القيام بأعمال فى عقاره كان له الحق فى أن يقوم بها لولا وجود حق الارتفاق، كما أنه يوجب عليه ألا يمس فى استعماله لحقوق ملكيته بحق الارتفاق فلا يعوق استعماله أو ينقصه أو يجعله أكثر مشقة.
6 - النص فى المادة 1016 من القانون المدنى على أن "حق الارتفاق بكسب بعمل قانونى أو الميراث" يدل على إن للافراد أن يتفقوا على إنشاء حقوق الارتفاق التى يختارونها سواء كانت ايجابية أم سلبية مع مراعاة أن تكون فى حدود القانون والنظام العام والآداب.
7 - إذ كان مفاد الاتفاق - فى عقد البدل - هو تقرير ارتفاق سلبى بعدم المطل على ملك المطعون عليهم، وهو أمر لا مخالفة فيه القانون، وكان الحكم المطعون فيه فى خصوص الرد على دفاع الطاعنتين بأن هذا الشرط تعسفى قد عرض للحالات الثلاث التى أوردتها المادة الخامسة من القانون المدنى وقرر أنها غير متوافرة فى الدعوى لأن المصلحة المقصودة من هذا الشرط مشروعة ولم يثبت من الأوراق أن المطعون عليهم قصدوا إلى مجرد الاضرار بالطاعنتين، بل الثابت أن المصالح التى يرجون تحقيقها مصالح ادبيه جوهرية حرصوا على النص عليها صراحة بما لا يدع مجالا للقول بأنها قليلة الاهمية بالنسبة لما يصيب الطاعنتين من ضرر بسببها، وإذا يتضح مما سلف أن المحكمة فى حدود سلطتها التقديرية أطرحت بأسباب سائغة لها أصلها الثابت فى الاوراق ما تمسكت به الطاعنتان من أن الشرط المشار إليه تعسفى، فإن النعى يكون غير سديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 473 لسنة 1969 مدنى القاهرة الابتدائية ضد الطاعنتين طلبوا فيها الحكم بالزامهما بسد جميع الفتحات من أبواب وشبابيك وبلكونات وفرندات ومناور تطل على ملكهم من الجهة القبلية بطول 40 مترا، وقالوا شرحا لدعواهم أنه بموجب عقد بدل مسجل فى سنة 1965 تنازلوا - كطرف ثانٍ - ........ كطرف أول - عن قطعة أرض فضاء رقم 116 كائنه بشارع ولى العهد بالقبه ونص فى البند الثانى عشر من العقد على أنه فى حالة إقامة الطرف الأول أو من تؤول اليه الأرض موضوع البدل مستقبلا فيلا (سكن خاص) فقط على قطعة الأرض فله الحق فى عمل فتحات طبقا لقوانين البناء، وفى حالة إقامة عمارة سكنية استغلالية بمعرفة الطرف الأول أو من تؤول إليه قطعة الأرض المذكورة فليس لهم الحق فى عمل فتحات أبواب أو شبابيك أو بلكونات أو فرندات أو مناور تطل على بقية ملك البائعين لهذه الأرض وهى الجهة القبلية بطول 40 مترا وذلك سواء كانت هذه الجهة مقامة على الصامت أو بعيده لأى مسافة عن هذا الحد الفاصل، وأضاف المطعون عليهم أن الطاعنتين أشترتا الأرض المذكورة وأنشأتا عليها عمارة سكنية استغلالية وقامتا بفتح أبواب وشبابيك وبلكونات وفرندات تطل على ملكهم من الجهة القبلية مخالفتين بذلك البند الثانى عشر سالف الذكر، وإذ لم تقوما بسد تلك الفتحات رغم التنبيه عليهما فقد أقاموا الدعوى للحكم لهم بطلباتهم. وفى 1/ 11/ 1969 ندبت المحكمة خبيرا من الجدول لمعاينة العين موضوع النزاع وبيان مدى مخالفة الطاعنتين لما هو متفق عليه فى عقد البدل والأضرار التى لحقت بالمطعون عليهم نتيجة وجود مخالفات وهل يمكن إصلاحها دون ارهاق على مالك العقار المرتفق به، وبعد أن قدم الخبير تقريره عدل المطعون عليهم طلباتهم إلى طلب الحكم أصليا بالزام الطاعنتين باقامة السور الذى بينه الخبير فى تقريره مع مراعاة الأصول الهندسية والفنية اللازمة لإقامته واحتياطيا بالزامهما بأن تدفعا لهم مبلغ 1035 جنيه قيمة تكاليف إنشاء هذا السور - حسب تقدير الخبير - ليتولوا هم إقامته بمراعاة الأصول الهندسية والفنية. وبتاريخ 13/ 2/ 1971 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 1459 سنة 88 ق مدنى القاهرة وفى 29/ 6/ 1972 حكمت المحكمة بالغاء الحكم المستأنف بالزام الطاعنتين بأن تدفعا للمطعون عليهم مبلغ 1035 جنيه ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. طعنت الطاعنتان فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب حاصل السبب الأول منها وقوع بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم المطعون فيه، ذلك أن محكمة الاستئناف حجزت الدعوى للحكم لجلسة 19/ 6/ 1972 وبتلك الجلسة قررت إعادة الدعوى للمرافعة وكلفت المستأنفين - المطعون عليهم - بإعلان المستأنف عليهما - الطاعنتين فوجهوا لهما الإعلان بمكتب الأستاذ........ المحامى بوصفة موطنهما المختار، وتم الاعلان فى هذا الموطن لجلسة 29/ 6/ 1972 حيث أصدرت المحكمة حكمها المطعون فية، مع أن الإعلان المذكور باطل بالنسبة للطاعنة الأولى لأن الأستاذ....... المحامى لم يحضر معها أو عنها فى أية جلسة من الجلسات حتى يعتبر مكتبة محلا مختار لها يصح إعلانها فيه، لا يغير من ذلك أنه قدم لمحكمة الاستئناف مذكرة بدفاع الطاعنتين عندما حجزت الدعوى للحكم لجلسة 19/ 6/ 1972 لأن مجرد تقديم هذه المذكرة عن الطاعنة الأولى لا يعنى أنه موكل عنها، وإذ اعتد الحكم بهذا الإعلان الباطل فانه يكون باطلا بدورة.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كان الأصل أن يتم تسليم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو فى موطنه الأصلى ويجوز تسليمها فى الموطن المختار فى الأحوال التى بينها القانون، وكان صدور توكيل من أحد الخصوم لمن وكله من المحامين بمقتضى توكيل عام أو خاص من شأنه طبقا للمواد 10، 72، 74 من قانون المرافعات أن يجعل موطن هذا الوكيل معتبرا فى إعلان الأوراق اللازمة لسير الدعوى فى درجة التقاضى الموكل هو فيها، وكان الثابت فى الدعوى أن محكمة الاستئناف حجزت الدعوى للحكم لجلسة 19/ 6/ 1972 وصرحت بتقديم مذكرات فى عشرين يوما وجعلت المدة مناصفة بين الطرفين وقدم الأستاذ........ المحامى بصفته وكيلا عن الطاعنتين مذكرة بدفاعهما فى الميعاد ثم قررت المحكمة بتلك الجلسة إعادة الدعوى للمرافعة لجلسة 20/ 6/ 1972 وبالجلسة الأخيرة كلفت المطعون عليهم بإعلان الطاعنتين، فأعلنوهما بتاريخ 24/ 6/ 1072 بمكتب الاستاذ ...... بوصفه موطنهما المختار وتسلم هو شخصيا الإعلان دون أن يعترض أو ينفى وكالته عن الطاعنة الأولى، وهو ما يستفاد منه أنه كان وكيلا عنها فى الاستئناف، وقد تولى هو بصفته وكيلا عن الطاعنتين الطعن فى الحكم الاستئنافى بطريق النقض وإن يكون هذا بناء على توكيل آخر لما كان ذلك فإن الإعلان سالف الذكر يكون صحيحا وإذا اعتد به الحكم المطعون فيه فأنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعى عليه بالبطلان فى غير محله.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون لقضائه يطلب جديد أبدى لأول مرة أمام محكمة الاستئناف؛ وفى بيان ذلك تقولان أن المطعون عليهم انتهوا أمام محكمة أول درجة إلى طلب الحكم أصليا بإلزام الطاعنتين بإقامة السور الذى بينه الخبير فى تقريره، واحتياطيا الزامهما بأن تدفعا لم مبلغ 1035 جنيه تكاليف إقامة هذا السور، ولما قضى برفض دعواهم طلبوا فى مذكرتهم الختامية المقدمة لمحكمة الاستئناف الغاء الحكم المستأنف والزام الطاعنتين بأن تدفعا لهم متضامنتين مبلغ 1035 جنيه قيمة تكاليف إنشاء السور الذى اضطروا لإقامته على أرضهم، وإذ كان هذا الطلب جديدا لم يسبق طرحه على محكمة أول درجة فقد دفعتا فى مذكرتهما المقدمة بجلسة 19/ 6/ 1972 بعدم قبوله اتباعا لنص المادة 235 من قانون المرافعات، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفاع وبالزامهما بالمبلغ المطلوب، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعى فى خصوص طلب الإلزام بمبلغ 1035 جنيه مردود، ذلك أن تنفيذ الالزام إما أن يكون تنفيذا عينيا فيقوم المدين باداء عين ما ألتزم بله أو تنفيذا عن طريق التعويض، والتعويض قد يكون نقديا أو عينيا بازالة المخالفة التى وقعت إخلالا بالالتزام، ولما كان الثابت أن المطعون عليهم طلبوا أمام محكمة أول درجة الحكم بالزام الطاعنتين بسد جميع الفتحات من أبواب وشبابيك وفرندات ومناور تطل على ملكهم من الجهة القبلية، ولما أن قدم الخبير الذى ندبته المحكمة تقريره الذى انتهى فيه إلى أن العمارة التى أقامتها الطاعنتان مكونة من خمسة أدوار فى كل دور فتحات وبلكونة ومنورين تطل على ملك المطعون عليهم من الجهة القبلية وأنه يستحيل سد هذه الفتحات لأنها فتحات إضاءة مباشرة لمبانى العمارة ولتلافى هذه الأضرار يلزم إقامة سور بكامل ارتفاع العمارة لسد جوانب المناور وحجب الرؤية وتكلف أنشاؤه مبلغ 1035 جنيه، عدل المطعون عليهم بطلباتهم إلى طلب الحكم أصليا بالزام الطاعنتين باقامة السور الذى بينه الخبير فى تقريره واحتياطيا الزامهما بأن تدفعا لهم مبلغ 1035 جنيه قيمة تكاليف إنشاء هذا السور ليتولوا هم إقامته بمعرفتهم، وإذ قضت المحكمة برفض دعواهم فقد طلبوا فى صحيفة استئنافهم الغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنتين باقامة السور المذكور ثم طلبوا فى مذكرتهم المقدمة لجلسة 19/ 6/ 1972 الزام الطاعنين بأن تدفعا لهم متضامنتين مبلغ 1035 جنيه من قيمة تكاليف إنشاء هذا السور الذى اضطروا لإقامته، وقالوا فى مذكرتهم أن هذا المبلغ هو ما قدره الخبير ولكنهم تحملوا بباقى التكاليف الفعلية، ولما كان طلب المطعون عليهم فى صحيفة الاستئناف تنفيذ الالتزام بطريق التعويض العينى باقامة السور لسد الفتحات على نفقة الطاعنتين ينطوى على طلب الزامهما بقيمة تكاليف إقامة هذا السور مما لا يكون معه طلب هذه التكاليف فى مذكرتهم طلبا جديدا فى الاستئناف، أما النعى فى خصوص طلب الحكم بالتضامن فبالرغم من أنه يعتبر طلبا جديدا لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف تطبيقا لنص المادة 235 من قانون المرافعات، إلا أن النعى بشأنه غير منتج ولا يحقق للطاعنتين سوى مصلحة نظرية صرف لأن الحكم المطعون فيه انتهى إلى رفض هذا الطلب، ولا تعود عليهما أية فائدة من نقض الحكم فى هذا الخصوص لما كان ذلك فإن النعى على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعى بالسبب الثالث إن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول الطاعنتان، أنهما تمسكتا فى دفاعهما أمام محكمة الموضوع بأن الشرط الوارد فى البند الثانى عشر من عقد البدل هو شرط تعسفى غير مشروع ومخالف للقانون لأنه يعطى لهما الحق فى فتح مطلات على ملك المطعون عليهم من الجهة القبلية إذا أقامتا على الأرض موضوع البدل فيلا خاصة ويسلبهما هذا الحق إذا اقامتا عليها عمارة سكنية استغلالية، إلا أن الحكم رفض هذا الدفاع وقضى بصحة هذا الشرط مما يعيبه ذلك بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن حق الارتفاق طبقا للمادة 1015 من القانون المدنى هو خدمة يؤديها العقار المرتفق به للعقار المرتفق فيحد من منفعة الأول ويجعله مثقلا بتكليف لفائدة الثانى، وهو وإن لم يحرم مالك العقار الخادم من ملكيته إلا أنه ينتقص من نطاقها فيحرمه من القيام بأعمال فى عقاره كان له الحق فى أن يقوم بها لولا وجود حق الارتفاق، كما أنه يوجب عليه ألا يمس فى استعماله لحقوق ملكيته بحق الارتفاق فلا يعوق استعماله أو ينقصه أو يجعله أكثر مشقة، ولما كان النص فى المادة 1016/ 1 من القانون المدنى على أن "حق الارتفاق بكسب بعمل قانونى أو بالميراث". يدل على أن للأفراد أن يتفقوا على إنشاء حقوق الارتفاق التى يختارونها سواء كانت أجابية أم سلبية مع مراعاة أن تكون فى حدود القانون والنظام العام والآداب، وكان الثابت من عقد البدل المبرم بين........ و........ وبين المطعون عليهم والمسجل فى 11/ 8/ 1965 أنه نص فى البند الثانى عشر منه على أن "من المتفق عليه صراحة بين الطرفين أنه فى حالة إقامة الطرف الأول أو لمن تؤول إليه الأرض موضوع البدل مستقبلا فيلا - سكن خاص - فقط على قطعة الأرض فله الحق فى عمل فتحات طبقا لقوانين البناء، وفى حالة إقامة عمارة سكنية استغلالية بمعرفة الطرف الأول أو من تؤول إليه قطعة الأرض موضوع البدل فليس لهم الحق فى عمل فتحات أبواب أو شبابيك أو بلكونات أو فرندات أو مناور تطل على بقية ملك البائعين لهذه الأرض وهى الجهة القبلية بطول حوالى 40 مترا وذلك سواء كانت الواجهة مقامة على الصامت أو بعيدة لأى مسافة كانت عن هذا الحد الفاصل. "فإن هذا الشرط يتضمن الاتفاق على أنه فى حالة إقامة فيلا على الأرض موضوع البدل يكون لمن تؤول إليه هذه الأرض الحق فى فتح مطلات على ملك المطعون عليهم من الجهة القبلية فى حدود القانون، أما فى حالة إقامة عمارة سكنية على تلك الأرض ينتفى هذا الحق، مما مفاده تقرير حق ارتفاق سلبى بعدم المطل على ملك المطعون عليهم فى الحالة الأخيرة وهو أمر لا مخالفة فيه للقانون، وقد أورد الحكم المطعون فيه قوله فى هذا الخصوص "إن هذا الشرط قام على اعتبار مقدار الضرر المحتمل وغير المحتمل فى نظر العاقدين وقد توقف ذلك فى نظرهما على مقدار علو البناء أو انخفاضه وكثر مساحته أو قلتها وكرة عدد سكانه أو قلتهم وهو اعتبار معقول إذ العادة أن تكون الفيلا أقل مساحة من العمارة فيفيد ذلك العقار المجاور وأن تكون الفيلا من دور أو دورين وذلك يحد القدرة على الاطلال على الجار وتكون العمارة من عدة أدوار خمسة أو ستة وذلك يحد من القدرة على كشف الجار وأن تكون الفيلا سكنا لأسرة واحدة والعمارة من سكان عديدين وضرر عشرة جيران يفوق بكثير ضرر جار واحد وقد يحتمل الجار مضايقة جار واحد ولا يحتمل مضايقة عشرة جيران.......... وفى واقعة النزاع قرر الخبير أن العمارة المقامة استغلالية مكونة من خمسة أدوار بالأرض وبكل دور أربع شقق وبكل دور تسع فتحات وبلكونة غير منورين والفيلا لا يحتمل أن يكون بها من الفتحات مثل هذا العدد مما يجعل هذا الشرط فى نظر هذه المحكمة قائما على اعتبارات مقبولة قانونا......... ومن ثم كان شرطا مشروعا."، وكان الحكم فى خصوص الرد على دفاع الطاعنتين بأن هذا الشرط تعسفى قد عرض للحالات الثلاث التى أوردتها المادة الخامسة من القانون المدنى وقرر أنها غير متوافرة فى الدعوى لأن المصلحة المقصودة من هذا الشرط مشروعة ولم يثبت من الأوراق أن المطعون عليهم قصدوا إلى مجرد الأضرار بالطاعنتين، بل الثابت أن المصالح التى يرجون تحقيقها مصالح أدبية جوهرية حرصوا على النص عليها صراحة بما لا يدع مجالا للقول بأنها قليلة الأهمية بالنسبة لما يصيب الطاعنتين من ضرر بسببهما، وإذ يتضح مما سلف أن المحكمة فى حدود سلطتها التقديرية أطرحت بأسباب سائغة لها اصلها الثابت فى الأوراق ما تمسكت به الطاعنتان من أن الشرط المشار إليه تعسفى فإن النعى بهذا السبب يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.