أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 1177

جلسة 11 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد محمد المهدى الدكتور وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور عبد الرحمن عبادة ومحمد الباجورى، صلاح نصار، أحمد وهدان.

(202)
الطعن رقم 450 لسنة 43 القضائية

(1) إيجار "إيجار المساكن".
اخلاء المستأجر من العين المؤجرة لاستعمالها استعمالا ينافى شروط الايجار بغير موافقة المالك. شرطه. أن يلحق بالمؤجر ضرر.
(2) محكمة الموضوع. خبرة. إثبات.
سلطة محكمة الموضوع فى الأخذ برأى الخبير الاستشارى الذى تطمئن اليه دون الخبير المنتدب فى الدعوى.
(3) محكمة الموضوع. إيجار. "إيجار الأماكن".
قيام المستأجر بتغيير مسكنه إلى مشغل ومصنع ملابس بغير موافقة المالك. استخلاص. توافر الضرر فى حق المؤجر من عدمه. من مسائل الواقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
1 - مفاد المادة 2 فقرة جـ من القانون رقم 121 لسنة 1947 المقابلة للمادة 23 فقرة جـ من القانون 52 لسنة 1969 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لإخلاء المكان المؤجر أن يكون المستأجر قد استعمله أو صرح باستعماله بطريقة تخالف شروط الايجار المعقول بغير موافقة المؤجر، وأن ينشأ ضرر له بسبب ذلك.
2 - محكمة الموضوع غير ملزمة برأى الخبير الذى تنتدبه فى الدعوى ولها أن تأخذ بتقرير الخبير الاستشارى الذى تطمئن إليه متى أقامت حكمها على أدلة صحيحة من شأنها أن تؤدى عقلا إلى النتيجة التى انتهى إليها.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه استخلص من أوراق الدعوى فى حدود سلطته الموضوعية أن الطاعنة غيرت استعمال شقة النزاع عن الفرض المتفق عليه فى عقد الإيجار وخالفت بذلك شروط الايجار المعقولة بغير موافقة المؤجر وأنه ترتب على هذا التغير ضرر مستنده فى ذلك إلى تقرير الخبير الاستشارى وكان استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع ما دام الدليل الذى أخذ به فى حكمه مقبولا قانونا وإذ كان ما أورده الحكم فى ذلك وتؤدى إليه المقدمات التى ساقتها فان النعى عليه بالفساد فى الاستدلال يكون غير سديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن المستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 3530 سنة 1969 مدنى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة طالبا الحكم باخلائها من الشقة استئجارها المبينة بصحيفة الدعوى، وتسليمها إليه، وقال بيانا لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 4/ 5/ 1963 استأجرت منه الطاعنة شقة رقم....... بقصد استعمالها سكنا، وإذ خالفت شروط التعاقد واستعملتها مصنعا للملابس الجاهزة وأعمال التطريز استخدمت فيه مجموعة من العمال وزودته بماكينات تدار بالكهرباء مما يسبب ازعاجا لباقى مستأجرى العقار ويحدث به ارتجاجا واهتزازا ويضر بمصلحة المطعون عليه، وتنازلت عن شقة النزاع للشركة التى أنشأتها بغير إذن كتابى منه فقد أقام الدعوى بطلباته، أدعت الطاعنة بتزوير عقد الإيجار المقدم من المطعون عليه، وبتاريخ 18/ 4/ 1970 حكمت المحكمة بعدم قبول الادعاء بالتزوير، وفى 24/ 2/ 1971 حكمت بندب خبير لبيان كيفية إستعمال الطاعنة لشقة النزاع وما عسى أن يكون قد لحق المطعون عليه من أضرار نتيجة هذا الاستعمال. وبعد أن قدم الخبير تقرير وقدم المطعون عليه تقرير خبير استشارى، عادت وحكمت فى 28/ 2/ 1976 بالزام الطاعبة بإخلاء شقة النزاع، وتسليمها للمطعون عليه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 3976 لسنة 86 ق القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 4/ 3/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابه العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة برأيها.
وحيث ان الطعن بنى على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالأسباب الثلاثة الأول وبالوجه الأول من السبب الرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت فى الأوراق والتناقض فى الأسباب، وفى بيان ذلك تقول أن الخبير المنتدب أوضح بتقريره أن عين النزاع تستعمل مشغل خياط منذ سنة 1967 وقد رخص به سنة، 1968، وأن مبانيها والعقار الذى تقع به كلها سليمة، وأن المطعون عليه يعلم بهذا الاستعمال منذ سبتمبر سنة 1967 وقد أقره، ولم يلحقه ضرر نتيجة ذلك الاستعمال، وإذ أطرح الحكم المطعون فيه ما أثبته الخبير المنتدب واستند فى قضائه بما تلمسه من تقرير الخبير الاستشارى الذى لم يجروء على تقرير أن ضررا قد وقع بالمبنى ولكن لوح باحتمال حدوثه مستقبلا، وأهدر إقرار المطعون عليه فى مذكرته بأن الضرر يتحقق على المدى الطويل. وإن لم يكن قد تحقق بعد، ودلالة إقامة دعواه بعد سنتين من تشغيل المصنع من انه أقر ضما الوضع القائم بشقة النزاع، فإن الحكم يكون فاسد الاستدلال وقد أخطأ فى تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق وتناقض فى أسبابه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعى مردود ذلك أنه لما كان مفاد المادة 2 فقرة جـ من القانون رقم 121 لسنة 1947 المقابلة للمادة 230 فقرة ج من القانون رقم 52 لسنة 1969 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - "أنه يشترط لإخلاء المكان المؤجر أن يكون المستأجر قد استعمله أو سمح باستعماله بطريقة يخالف شروط الايجار المعقولة بغير موافقة المؤجر، وأن ينشأ ضرر له. يسبب ذلك وكان يبين مدونات الحكم الابتدائى التى أخذ بها الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن ".... الثابت من محاضر أعمال الخبير المندوب أن المدعى عليها الطاعنة - تحصلت على - رخصة مؤقتة لمدة سنة لمحل خياطة ملابس تبدأ من 19/ 11/ 1968 وتنتهى فى 18/ 11/ 1969 وأرفق بطلب ترخيصها عقد إيجار فى 1/ 11/ 1967 بقصد استعمال المحل مصنع ملابس، وثابت أن المدعى - المطعون عليه - تقدم بشكوى فى 2/ 10/ 1968 يشكو فيها المدعى عليها عن عملها بالثقة بالمصنع حياكة، وشكوى أخرى بنفس الموضوع وأرفقتا بملف الترخيص بهندسة حى وسط القاهرة الخاص بالمدعى عليها والثابت أيضا أن المدعى تقدم بشكوى للشرطة فى 16/ 7/ 1969 يشكو من إستعمال المدعى عليها للشقة كمشغل يدار فيه ماكينات بالموتورات." وحيث إن المحكمة تأخذ من ذلك أن المدعى لم يتصل بعلمه استغلال المدعى عليها للشقة محل النزاع كمشغل ومصنع للملابس الجاهزة إلا من بداية تقدمها للجهة المختصة للحصول على ترخيص بهذا المصنع، وقد عارض المدعى فى ذلك أشد المعارضة بشكايتين تقدم بهما للجهة المختصة بإصدار الترخيص، ثم تقدم بشكاية ثالثة للشرطة، ثم أقام الدعوى الماثلة وصدور أوراق من أو إلى المدعى عليها عن تسليمها بضاعة أو ارسالها بضاعة لا يسدل منه على علم المدعى بواقعة تغيير طريقة الاستعمال فى العين المؤجرة إذ أن المدعى ليس طرف فى هذه الأوراق حتى يستدل بها على علمه. أما الكتاب المحرر على مطبوعات المدعى فقد جحده وبعرض صدوره من مكتبه فإنه لا يعنى علم المدعى بأن المدعى عليها استغلت شقة النزاع كمصنع وضعت به هذا العدد من الماكينات التى تدار بالكهرباء. كل ذلك مما تستخلص منه المحكمة أن المدعى لم يتنازل عن حقه فى طلب الاخلاء عند توافر شروطه.
وحيث إنه بالنسبة لضرورة توافر تغيير طريقة الإستعمال عما نص عليه فى العقد فان الثابت من عقد الإيجار الموقع عليه من المدعى عليها أن الشقة أجرت بقصد استعمالها مسكنا فقط، وإن ادعت المستأجرة أنها كانت تستعملها مسكنا ومشغلا وهو قول لم يقم عليه دليل يقينى. والثابت من أوراق الدعوى جمعيها ومن الرخصة الصادرة إلى المدعى عليها ومن ملخص عقد الشركة أنها اتخذت من الشقة مصنعا لخياطه الملابس وهو ما يخالف الاستعمال المنصوص عليه فى العقد.
وحيث انه بالنسبة لاشتراط توافر حصول للمدعى من جراء تغيير الاستعمال ومخالفة الشروط المعقولة للتعاقد فإن الثابت من معاينة الشرطة لمصنع المدعى عليها فى 16/ 7/ 1969 أن محرر محضر الشرطة وجد بالشقة بثمان ماكينات خياطة منها ستة ماكينات تعمل بالموتورات الكهربائية، وثابت من ملف الترخيص والمذكرة المؤرخة 19/ 8/ 1970 أن بالمحل خمس ماكينات خياط تدور بمحركات كهربائية قوتها فى مجموعها 3/4 حصان وصدرت الرخصة المؤقتة وثابت بها أن القوة المحركة 1/ 8 حصان أما الرسومات المعتمدة بالرخصة المذكورة فالثابت بها أن الفقرة المحركة 4/ 8 حصان. وأثبت المندوب أنه وجد ثلاث ماكينات خياطة بموتورات كهربائية قوة كل منها 1/ 8 حصان.
وحيث إن المحكمة تعتمد على توافر حدوث ضرر مستقبل بالمدعى ومبناه من جراء استعمال الماكينات التى تدور بموتورات كهربائية إلى تقرير الخبير الاستشارى معتمد، مما ورد به كأسباب مكملة لهذا الحكم ذلك أنه وإن لم يظهر أثر هذا الاستعمال فى المدى القريب جدا فإن ذلك لابد ويظهر أثره فى المدى المتوسط أو البعيد، خاصة وأن تصميم المنزل كان على أساس إعداده للسكنى كما قرر الخبير الاستشارى وهو ما نهى عنه المدعى فى عقود الإيجار، فضلا عن أن الخبير المندوب لم يذكر بتقريره أن ضررا لا يتوقع حدوثه من جراء هذا الاستعمال وإنما نفى أضررا قد حدث فعلا..."، ولما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة برأى الخبير الذى ندبته فى الدعوى، ولها أن تأخذ بتقرير الخبير الاستشارى الذى تطئن اليه متى أقامت حكمها على أدلة صحيحة من شأنها أن تؤدى عقلا إلى النتيجة التى انتهى إليها، ذلك أن رأى الخبير لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات يخضع هو وعمله لتقدير الموضوع.، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى وفى حدود سلطته الموضوعية أن الطاعنه غيرت استعمال شقة النزاع عن الغرض المتفق عليه فى عقد الإيجار وخالفت بذلك شروط الإيجار المعقولة بغير موافقة المؤجر وأنه ترتب على هذا التغيير ضرر مستندة فى ذلك إلى تقرير الخبير الاستشارى، وكان استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع ما دام الدليل الذى أخذ به فى حكمة مقبولا قانونا وإذ كان ما أورده الحكم فى ذلك سائغا وتؤدى اليه المقدمات التى ساقها فان النعى عليه بالفساد فى الأستدلال والخطأ فى تطبيق القانون والتناقض فى الأسباب يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان تقول أن الحكم استند فى قضائه إلى أنها تنازلت عن حقها فى الإيجار إلى الشركة التى أنشأتها بغير إذن كتابى من المؤجر رغم أنها ما زلت هى المستغلة لشقة النزاع والمنتفعة بها، ولا يغير من ذلك تغيير الوصف القانونى طالما أنها لم تتركها أو تتنازل عنها للغير.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن - المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أنه إذا بنى الحكم على دعامتين كل منهما مستقلة عن الاخرى، وكان يصح بناء الحكم على أحداهما فقط فإن النعى عليه فى الدعامة الأخرى يكون غير منتج. ولما كان الحكم الابتدائى الذى أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه قد أقام قضاءه بإخلاء شقة النزاع على ئبوت استعمال الطاعنه لها بطريقة تنافى شروط الإيجار المقبولة وتضر بالمالك، وإذ كانت هذه الدعامة كافية لحمل قضائه على ما سلف الرد به على النعى على الدعامة الأخرى التى أوردها الحكم بشأن تنازل الطاعنة عن الشقة للشركة التى أنشأتها - أيا كان وجه الرأى فيها - يكون غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.