أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 1214

جلسة 16 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد صالح أبو رأس رئيسا وعضوية الساده المستشارين/ حافظ رفقى، جميل الزيتى، سعد العيسوى، محمود حمدى عبد العزيز.

(209)
الطعن رقم 811 لسنة 43 القضائية

(1 و2) عقد. تنفيذ العقد. التزام.
(1) تنفيذ الالتزام. وجوب الرجوع إلى ما ورد فى العقد دون نقص أو زيادة إلا أن يكون من مستلزمات التنفيذ.
(2) استخلاص حسن النية فى تنفيذ العقد من مسائل الواقع التى يستقيل بها قاضى الموضوع.
(3) عرف. نقض "السبب الجديد".
التمسك بقيام عرف معين. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) بيع. شركات "شركات القطاع العام".
حظر الاستيراد من الخارج على القطاع الخاص. ق 95 لسنة 1963 الاتجار فيما يستورده القطاع العام من السلع. غير محظور.
1 - مفاد نص المادتين 147، 148 من النقتين المدنى أن العقد لا ينشئ حقا ولا يولد التزاما لم يرد بشأنه نص فيه والملتزم يقوم بتنفيذ التزامه كما ورد فى العقد دون نقض أو زيادة إلا إذا كان ذلك من مستلزمات التنفيذ.
2 - تفسير العقد طبقا لما اشتمل عليه يجب أن يتم بحسن نية، وحسن النية من مسائل الواقع التى تخضع لسلطان محكمة الموضوع.
3 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن العرف جرى على قيام الجهات الادارية بمثل التسهيلات الواردة بسببى النعى عار من الدليل لعدم تقديمه دليلا على قيام هذا العرف ولعدم إشارة الخبير إليه فى تقريره كما لم يرد فى مدونات الحكم المطعون فيه ما يدل على أن الطاعن سبق له التمسك به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز عرضه لأول مرة أمام هذه المحكمة.
4 - أن القانون رقم 95 سنة 1963 وإن حظر الاستيراد من الخارج على القطاع الخاص فإنه لم يحظر عليه الاتجار فيما يستورده من السلع إن توفرت فى السوق المحلى فإن لم توجد فإنه يمكنه الاستعانة فى تدبير الكمية المتعاقد على توريدها بواسطة احدى المصرح لها بالاستيراد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1118 سنة 1965 تجارى كلى جنوب القاهرة على المطعون ضدها بطلب الحكم أولا - بوقف صرف قيمة خطاب الضمان رقم 301 لسنة 1965 الصادر من المطعون ضده الثانى بتاريخ 5/ 7/ 1965 لصالح هيئة الإمدادات والتموين بالقوات المسلحة لحين الفصل فى موضوع الدعوى وثانيا: - بأحقيته فى استرداد خطاب الضمان سالف الذكر وإلزام المطعون ضده الثانى بعدم صرف شئ من قيمته، تأسيسا على أن إدارة التعينات بالجيش أعلنت فى شهر إبريل سنة 1965 عن حاجتها إلى 3070 طن عدس طبقا للشروط والمواصفات التى أعلنت ورسا العطاء فى بادئ الأمر على شركة...... التى اشترطت على إدارة الجيش أن تتولى الإفراج عن العدس من الجمارك أثر وصوله وأن تتخذ الإجراءات اللازمة لتحويل قيمته إلى سوريا غير أن إدارة الجيش عادت وطرحت عملية التوريد فى ممارسة تقدم لها الطاعن وقبل عطاءه وقدم خطاب ضمان من المطعون ضده الثانى لصالح هيئة الإمدادات والتموين بمبلغ 9952 جنيها وبدأ فى استيراد العدس من سوريا ووصلت إلى سيناء الاسكندرية أول كمية قدرها 500 طن يقيت داخل الجمارك دون أن تتحرك إدارة الجيش للإفراج عنها أو الحصول على موافقة إدارة النقد على تحويل القيمة إلى أحد البنوك بسوريا مما عرض البضاعة للتلف وزاد فى قيمة الأرضية مما دعاه إلى إقامة الدعوى، وبتاريخ 25/ 10/ 1967 ندبت المحكمة أول درجة خبيرا للاطلاع على شروط الممارسة وبيان ما إذا كانت إدارة الجيش قد التزمت بشئ منها لصالح الطاعن. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 27/ 5/ 1972 برفض الدعوى وستأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 362 لسنة 79 ق طالبا إلغاءه وقضت محكمة استئناف القاهرة بالتأييد - طعن الطاعن فى الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها إلتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن أقام طعنه على ثلاثة أسباب أولهما مخالفة للقانون والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه برفض الدعوى على أن المطعون ضده الأول لم يلتزم فى العقد بعمل أى تسهيلات للافراج عن العدس من الجمارك أو الحصول على موافقة إدارة النقد على تحويل الثمن إلى سوريا، وهو بذلك لم يعرض لقطع النزاع ويواجهه بالحسم لأن خلو العقد من النص على ذلك لا يغير من أن ظروف التعامل تحتم على المطعون ضده الأول تقديم التسهيلات اللازمة والتى بدونها يستحيل عليه تنفيذ التعاقد، وكان ذلك يستلزم من الحكم تفسير العقد والبحث عن النية المشتركة للطرفين دون التقيد بالنص الحرفى لألفاظة وهذه النية يستهدى فى شأنها بطبيعة التعامل وما يقتضيه من حسن نية وثقة، والثقة تفترض قيام التزام على عاتق المطعون ضده بعمل التسهيلات الإدارية اللازمة لخروج السلعة من الدائرة الجمركية وسداد ثمنها لأنها تستورد من الخارج والاستيراد قاصر على شركات القطاع العام، ولو لم يكن هذا الالتزام الضمنى لنص المطعون ضده الأول على إعفائه منه صراحة فى العقد، وإلا إنسحب الطاعن حينئذ من التعاقد لاستحالة تنفيذه، هذا فضلا عن أن العرف قد جرى على تقديم هذه التسهيلات بغير نص خاص عليها فى العقد.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن مفاد نص المادتين 147، 148 من التقنين المدنى أن العقد لا ينشئ حقا ولا يولد التزاما لم يرد بشأنه نص فيه، والملتزم بتنفيذ يقوم التزامه، كما ورد فى العقد دون نقص أو زيادة إلا إذا كان ذلك من مستلزمات التنفيذ، وأن تفسير القاضى للعقد يكون من خلال ألفاظه فإن كانت الألفاظ معبرة عن الإرادة بوضوح، فلا يجوز العدول عن الإرادة الظاهرة إلى إرادة أخرى وإلا كان ذلك انحرافا فى التفسير، وعملية تفسير العقد للوقوف على الارادة الحقيقية للمتعاقدين من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع بشرط أن تكون العبارات والصيغة تحتمل المعنى الذى حصله، كما أن تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه يجب أن يتم بحسن نية، وحسن النية هو أيضا من مسائل الواقع تخضع بدورها لسلطان محكمة الموضوع، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعن بقوله أن العقد انعقد فى سنة 1965 بعد العمل بالقانون رقم 95 سنة 1963 الذى يقصر استيراد السلع من الخارج على شركات القطاع العام وهو ما يفترض علم الطاعن به وثبت من تقرير الخبير المنتدب أن العقد لم يتضمن أى التزام على عاتق مصلحة الامدادات بالجيش بعمل تسهيلات للطاعن سواء فيما يتعلق باستيراد العدس من الخارج أو الإفراج عنه من الجمارك أو تحويل ثمنه إلى سوريا ولا يجوز بناء على خلو العقد من أى التزام من ذلك أن يتحلل الطاعن من التزامه فى المواعيد المحددة لأنه كان على علم وبينه من جميع القيود السابقة ما دام أنه لم يطرأ بعد العقد ما يجعل التنفيذ مستحيلا بالقوة القاهرة أو السبب الاجنبى فإن الحكم يكون قد فسر العقد تفسيرا يتفق مع صريح ألفاظه ولا يتعارض مع مستلزمات حسن النية ويكون النعى عليه بمخالفة القانون والفساد فى التسبيب على غير أساس، أما النعى عليه بالقصور بمقوله أن العرف جرى على قيام الجهات الإدارية بمثل التسهيلات السابقة، فإنه عار عن الدليل لعدم تقديم الطاعن دليلا على قيام هذا العرف ولعدم إشارة الخبير إليه فى تقريره، كما لم يرد فى مدونات الحكم المطعون فيه ما تدل على أن الطاعن سبق له التمسك به أمام محكمة الموضوع بما لا يجوز عرضة لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال والتناقض، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم بنى قضاءه على أن القانون رقم 95 لسنة 1963 لم يحظر على تجار القطاع الخاص التعامل فى السلع المستوردة فى الداخل إذا توفرت تلك السلع فيه إذا وجدوا أنه يمكنهم الحصول عليها، فى حين أن الخبير أثبت أنه لا يمكن توفير العدس من السوق المحلى، كما لم يعرض الحكم لدلالة أن هذه السلعة هى بذاتها التى تعاقدت إدارة التعينات مع شركة......... على توريدها والتى اشترطت لتنفيذ العقد - وقت تقديم العطاء - أن تسعى إدارة - الجيش للافراج عنها من الجمارك وتحويل ثمنها للخارج ولما أجريت بعدئذ ممارسة شكلية فإنه كان ملحوظا وقت رسوها على الطاعن بصفته وكيلا عن أصحاب الشركة السابقة قيام إداره الجيش بهذه التسهيلات، إذ لم يحفل الحكم بالرد على هذا الدفاع فإنه يكون مشوبا بالقصور.
وحيث إن النعى فى شقة الأول غير صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه وهو فى مقام تفسير نصوص العقد لم يقل بإمكان الحصول على العدس من السوق المحلى على عكس ما قرره الخبير وإنما أورد "أن القانون لم يحظر تجار القطاع الخاص التعامل فى تلك السلعة إذا وجدوا أنه يمكنهم الحصول عليها من السوق المحلى إن توفرت فيه أو عن طريق الاستعانة فى استيرادها بإحدى شركات القطاع العام" ومفاد ذلك أن القانون رقم 95 لسنة 1963 وإن حظر الاستيراد من الخارج على القطاع الخاص فانه لم يحظر عليه الاتجار فيما يستورد من السلع إن توفرت فى السوق المحلى فان لم توجد فانه يمكنه الاستعانة فى تدبر الكمية المتعاقد عليها بواسطة إحدى الشركات المصرح لها بالاستيراد، كما أن النص فى شقه الثانى غير مقبول إذ لم يقدم الطاعن أمام محكمة الموضوع ما يدل سبق إرتباط مصلحة الإمدادات مع شركة........ على توريد ذات الصفقة بالشروط التى أشار إليها ولا ما يدل على وكالته عن تلك الشركة وقبول العطاء منه بهذه الصفة.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم بالسبب الثالث الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائى أقام قضاءه برفض الدعوى على أنه كان فى إمكان الطاعن أن يتنازل عن العقد لإحدى شركات القطاع العام فى حين إن ذلك غير جائز لأن شخصية المورد ملحوظة فى عقد التوريد ولأن تراخيص الاستيراد شخصية.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول لوروده على غير محل فى قضاء الحكم المطعون فيه، ذلك أنه وإن أيد الحكم الابتدائى فى نتيجته إلا أنه اتخذ لنفسه أسبابا خاصة تكفى لحمل قضائه بأن أورد "إن القانون لم يحظر عل تجار القطاع الخاص التعامل فى مثل تلك السلعة إذا وجدوا أنه يمكنهم الحصول عليها من السوق المحلى إن توفرت فيه أو عن طريق الاستعانة فى استيرادها باحدى شركات القطاع العام" ومفاد ذلك إن الحكم المطعون فيه بعد أن فسر العقد بما يتفق وعبارته وخلص إلى أن الطاعن كان على علم وقت التعاقد بقيود الاستيراد وتحويل العملة، وأنه لم يطرأ بعد العقد ما يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا قرر بأنه لا يرى مبررا لتحلل الطاعن من التزامه لأن القانون لم يحظر على تجار القطاع الخاص التعامل فى مثل السلعة التى تعهد بتوريدها إن توفرت فى السوق المحلى وأمكنة الحصول عليها منه أو عن طريق الاستعانة فى استيرادها باحدى الشركات المسموح لها بالاستيراد، وما قرره الحكم فى هذا الصدد يغاير ما قرره الحكم الابتدائى، ويجعله قائما على أسباب خاصة تكفى لحمله.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير اساس.