مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الأول (عن المدة من 12 نوفمبر سنة 1931 لغاية 29 أكتوبر سنة 1936) - صـ 599

جلسة 7 فبراير سنة 1935

برياسة سعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك ومحمد نور بك المستشارين.

(227)
القضية رقم 56 سنة 4 القضائية

( أ ) نقض وإبرام. الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بصفة استئنافية فى قضايا وضع اليد. وقوع مخالفة قانونية فى مسألة عرضية فى قضية وضع يد. وصف الدعوى. جواز الطعن فيها بطريق النقض. (المادة العاشرة من قانون محكمة النقض)
(ب) دعوى منع تعرّض. صدور حكم فيها. ذكر الحكم خطأ فى أسبابه أنها دعوى مستعجلة. ميعاد استئناف الحكم الصادر فيها. (المواد 28 و353 و355 مرافعات).
1 - إن نص المادة العاشرة من قانون النقض، بينما يضيق فى الفقرة الثانية منه فيقرّر أن يكون الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بصفة استئنافية الجائز الطعن فيه بطريق النقض صادرا فى مسألة اختصاص بخصوصها، إذا هو فى الفقرة الأولى يطلق ميدان الطعن فيجعله شاملا لجميع صور الأحكام الصادرة فى قضايا وضع اليد، مما يفيد أن الطعن يجوز فى كل حكم صادر فى قضية وضع يد، سواء أكان مبناه مخالفة القانون فى مسألة من مسائل وضع اليد بخصوصه أم فى مسألة أخرى عرضية متصلة بقضية وضع اليد، كمسألة وصف الدعوى وهل هى مستعجلة قصيرة ميعاد الاستئناف أم عادية ميعاد استئنافها هو الميعاد المعتاد.
2 - إذا كانت الدعوى المطروحة على المحكمة الجزئية هى دعوى منع تعرّض وحكم فيها القاضى الجزئى على هذا الاعتبار وذكر فى أسباب حكمه أن هذه الدعوى هى دعوى منع تعرّض، ثم جاء فى الأسباب من بعد ذلك فوصفها بأنها دعوى مستعجلة فان هذا الوصف - الذى هو فى الواقع حشو غريب عن حقيقة موضوع الدعوى ولم يكن له عمل ولا تأثير فى منطوق الحكم - لا يدخل هذا الحكم فى عداد الأحكام الصادرة فى الدعاوى المستعجلة المشار إليها فى المادة 28 من قانون المرافعات التى يكون ميعاد استئنافها - وفقا لما نصت عليه المادة 355 مرافعات - هو الميعاد القصير، بل ميعاد استئنافه يكون هو الميعاد القانونى المقرّر فى المادة 353 مرافعات، أى ثلاثين يوما.


الوقائع

تتلخص وقائع هذه الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن المذكرات والمستندات المقدّمة لهذه المحكمة - فيما يلى:
رفعت الحرمة فطوم محمد عبد الخالق هذه الدعوى أمام محكمة أسيوط الجزئية ضدّ الحرمة نبيهة بنت فرغلى قطب عبد النبى وأحمد محمد شيمى ومجلس محلى أسيوط قالت فى عريضتها المعلنة فى 30 أكتوبر سنة 1930 إنها تملك منزلا ببندر أسيوط بشارع العدلية داخل خوخة غير نافذة بمقتضى عقد تاريخه 23 ديسمبر سنة 1901 وإنه فى سنة 1920 أرادت المعلن إليها الأولى وشخص آخر منعها من حق المرور من الخوخة المشتركة بينهم بأن أجرت بناء سدّ اضطرّت معه لرفع دعوى مدنية أمام محكمة أسيوط الجزئية قضى فيها بتاريخ 10 فبراير سنة 1921 بازالة السدّ المذكور وبأحقيتها فى المرور من هذه الخوخة. وقد تأيد هذا الحكم من محكمة أسيوط بهيئة استئنافية فى القضية رقم 654 سنة 1921. وإنه بالرغم عن صدور هذا الحكم شرع المعلن إليهما أخيرا فى سدّ الخوخة المذكورة ارتكانا على أن المجلس المحلى باع لهما زوايد تنظيم متصلة بها ويريدان منعها من المرور. هذا ما حدا بها لرفع هذه الدعوى أمام المحكمة بصفة مستعجلة. وقد صاغت طلباتها فيها بالآتى: "سماعهم الحكم بمنع تعرّض المعلن إليهم للطالبة فى المرور بالخوخة وإزالة ما قد تحدثه المعلن إليهما الأولى والثانى (أى الحرمة نبيهة وأحمد محمد شيمى) من البناء أمام الخوخة مع إلزامهم بجميع المصاريف وأتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبالنسخة الأصلية".
نظرت محكمة أسيوط الجزئية فى هذه الدعوى فقضت فيها: (أوّلا) بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بأسباب حكمها المؤرّخ فى 30 نوفمبر سنة 1930. وقد باشر هذا الخبير مأموريته وقدّم تقريره. ثم قرّرت بتاريخ 20 فبراير سنة 1932 بالانتقال لنقطة النزاع وأخيرا حكمت بتاريخ 23 مايو سنة 1933 (وفى مواجهة مجلس محلى أسيوط) بمنع تعرّض نبيهة وأحمد محمد شيمى للحرمة فطوم فيما لها من حق المرور بالخوخة المبينة فى عريضة الدعوى وإزالة ما أحدثه أو يحدثه المدّعى عليها المذكوران من المبانى أمام الخوخة المذكورة وألزمتهما بالمصاريف و100 قرش أتعاب محاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة". وقد أثبتت فى أسباب حكمها أن الدعوى دعوى منع تعرّض (Action possessoire) قد استوفت شرائطها القانونية من حيث وضع اليد على الأرض المتنازع عليها وعدم مضى أكثر من سنة على التعرّض قبل رفع الدعوى. وفى غضون هذا التسبيب قالت مرة إن هذه الدعوى هى (دعوى مستعجلة) كما ذكرت فى آخر حكمها القائم كله على أسباب صريحة فى أنها دعوى منع تعرّض عادية ما يأتى: -
"وحيث إنه لهذا كله تكون المدّعية محقة فى دعواها ويتعين الحكم لها بطلباتها مع شمول الحكم بالنفاذ طبقا للمادتين 28 و395 من قانون المرافعات ورفض طلب أن يكون التنفيذ بنسخة الحكم الأصلية لزوال الصفة الاستعجالية حيث إن هذه الدعوى مرفوعة من أكتوبر سنة 1930".
استأنف مجلس محلى أسيوط هذا الحكم طالبا إلغاءه مع إلزام الحرمة فطوم بالمصاريف والأتعاب، فدفعت هذه بعدم قبول الاستئناف شكلا لحصوله بعد الميعاد، لأن الدعوى هى من الدعاوى المستعجلة وميعاد الاستئناف فيها 15 يوما فقط طبقا للمادة 355 من قانون المرافعات، وقد رفع الاستئناف بعد هذا الميعاد. فقضت محكمة أسيوط الاستئنافية بتاريخ 13 مارس سنة 1934 بقبول هذا الدفع وبعدم قبول الاستئناف شكلا.
وقد أعلن هذا الحكم إلى مجلس محلى أسيوط فى 7 يونيه سنة 1934 فطعن فيه بطريق النقض فى 4 يوليه سنة 1934 وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضدّهم فى 8 يوليه سنة 1934، وقدّم الطاعن مذكرته الكتابية فى الميعاد القانونى، ولم يقدّم المطعون ضدّهم شيئا ما، وقدّمت النيابة مذكرتها فى 23 ديسمبر سنة 1934.
وبجلسة اليوم المحدّدة لنظر هذا الطعن صمم الطاعن على طلباته وكذا النيابة.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن المادة العاشرة من قانون النقض لا تجيز الطعن فى الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بصفة استئنافية إلا إذا كان الطعن مبنيا على مخالفة القانون وكان الحكم صادرا فى قضية وضع يد أو فى مسألة اختصاص.
وحيث إنه ربما ظن أن الطعن الحالى غير منصب على مخالفة القانون فى القواعد القانونية الخاصة بدعاوى وضع اليد بخصوصها، بل إنه منصب على وصف الدعوى الصادر فيها الحكم من جهة استعجالها وعدم استعجالها مما يعرض مثله فى الدعاوى كافة سواء أكان موضوعها وضع اليد أم كان غيره، وأن ذلك ربما يكون من الشبه التى يقال معها إن الطعن غير مقبول. ولكن يلاحظ أن نص المادة العاشرة المذكورة هو: "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض والإبرام فى الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية فى قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية وذلك إذا كانت الأحكام المطعون فيها مبنية على مخالفة للقانون أو خطأ فى تطبيقه أو فى تأويله فى الأحوال الآتية:
(أوّلا) إذا كانت القضية من قضايا وضع اليد. (وثانيا) إذا كان الحكم صادرا فى مسألة اختصاص بحسب نوع القضية أو اختصاص بحسب أحكام المادتين 15 و16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية".
فهذا النص بينما هو يضيق فى الفقرة الثانية فيقرر أن يكون الحكم صادرا فى مسألة اختصاص بخصوصها إذا هو فى الفقرة الأولى يطلق ميدان الطعن فيجعله شاملا لجميع صور الأحكام الصادرة فى قضايا وضع اليد مما يفيد أن الطعن يجوز فى كل حكم صادر فى قضية وضع يد سواء أكان مبناه مخالفة القانون فى مسألة من مسائل وضع اليد بخصوصه أم فى مسألة أخرى عرضية متصلة بقضية وضع اليد كمسألة وصف الدعوى الحاصل بخصوصه الطعن الحالى وهل هى مستعجلة قصيرة ميعاد الاستئناف أم عادية ميعاد استئنافها هو الميعاد المعتاد.
وحيث إنه لذلك ولأن الطعن رفع صحيحا فى الميعاد فهو مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن بنى على أن الحكم جاء خطأ ومخالفا للقانون إذ أن الدعوى التى رفعتها فطوم محمد عبد الخالق لم تكن من الدعاوى المستعجلة، بل هى من دعاوى وضع اليد العادية التى يفصل فيها القاضى الجزئى فى اختصاصه المعتاد ويكون ميعاد استئناف الحكم الذى يصدر فيها ثلاثين يوما طبقا للمادة 353 من قانون المرافعات.
وحيث إن الدعوى التى كانت مطروحة أمام محكمة أسيوط الجزئية هى دعوى منع تعرّض ينظرها القاضى الجزئى فى دائرة اختصاصه المعتاد، وقد حكمت فيها المحكمة الجزئية على هذا الاعتبار. وإذا كانت المحكمة الجزئية فى أسباب حكمها بعد أن ذكرت أن هذه الدعوى هى دعوى منع تعرّض(Action possessoire) قد جاءت من بعد فوصفتها فى تلك الأسباب بأنها دعوى مستعجلة، فان هذا الوصف جاء حشوا غريبا عن حقيقة موضوع الدعوى ولم يكن له عمل ولا تأثير فى منطوق الحكم.
وحيث إنه متى كان الأمر كذلك فان استئناف مثل هذا الحكم يكون ميعاده هو الميعاد القانونى المقرّر فى المادة 353 من قانون المرافعات (أى ثلاثين يوما) لا ذلك الميعاد الآخر القصير الذى نصت عليه المادة 355 بشأن الأحكام الصادرة فى الدعاوى المستعجلة المشار إليها فى المادة 28 من قانون المرافعات.
وحيث إنه لذلك تكون المحكمة الاستئنافية قد أخطأت فى القضاء بعدم قبول الاستئناف لعدم رفعه فى ظرف 15 يوما، بل ما دام الثابت فى حكمها أنه رفع قبل ميعاد الثلاثين يوما فيكون الاستئناف مقبولا. ويتعين نقض الحكم والتقرير بذلك.