أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 1278

جلسة 25 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجورى، وأحمد وهدان.

(220)
الطعن رقم 682 لسنة 43 القضائية

(1 - 4) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن". عقد.
(1) عقود إيجار الأماكن الخاضعه للتشريعات الاستثنائية. أمتدادها بحكم القانون إلى مدة غير محدودة. بقاء المستأجر فى العين المؤجرة بعد أنتهاء مدة العقد الاتفاقية. لا يعتبر تجديدا ضمنيا للعقد.
(2) عقد الإيجار من الباطن. نفاذه فى حق المؤجر الأصلى متى تم صحيحا باذن منه عدم جواز تعارضه للمستأجر من الباطن ما دامت الاجازة الأصلية قائمة.
(3) الإيجار من الباطن. لا ينشئ علاقة مباشرة بين المؤجر الأصلى والمستأجر من الباطن لا فيما يتعلق باستيفاء الأجرة.
(4) مغادرة المستأجرة الأصلية الديار المصرية مغادرة نهائية أو موقوتة وانحسار الجنسية المصرية عنها. لا أثر له على قيام الإجارة الأصلية أو الايجار من الباطن الذى عقدته قبل المغادرة.
(5) إيجار "إيجار الأماكن". نقض "أسباب الطعن". حكم تسبيب الحكم.
إقامة الحكم قضاءه برفض طلب الإخلاء على ما ورد بالعقد من التصريح بالتأجير من الباطن وهو ما يكفى لحملة. النعى على إهداره بند المنع من التنازل عن الايجار. غير منتج.
1 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن التشريعات الاستثنائية المتتابعة الصادرة فى شأن الاماكن المبنيه المؤجرة للسكنى ولغيرها من الأغراض قيدت نصوص القانون المدنى الخاصة بانتهاء مدة الإيجار وما ترتبه من اقتضاء حقوق المستأجر فى البقاء فى العين المؤجرة، وجعلت عقود الإيجار ممتدة تلقائيا وبحكم القانون إلى مدة غير محدودة، بحيث لا يعتبر بقاء المستأجر بعد انتهاء مدة العقد الاتفاقية تجديدا ضمينا للعقد.
2 - مؤدى المادة الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947 معدلة بالقانون رقم 24 لسنة 1965 المقابلة للمادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن أنه لا يجوز للمؤجر استعمال حقه فى اخراج المستأجر الأصلى إلا إذا أجر العين من باطنه دون إذن كتابى منه، مما مفاده أنه يشترط لانتفاع المستأجر من الباطن بحق البقاء فى العين أن يكون الإيجار من الباطن قد تم صحيحا بصدور ذلك الإذن وفقا لأحكام القانون، وفى هذه الحالة الأخيرة تكون الاجارة من الباطن نافذة فى حق المؤجر فلا يملك الأخير التعرض للمستأجر من الباطن ما دامت الإجارة الأصلية قائمة.
3 - الأصل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عقد الإيجار من الباطن لا ينشئ علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلى لانعدام التعاقد بينهما إلا فى حدود ما تقضى المادتان 596، 597 من القانون المدنى خاصا بالأجرة حتى ولو كان مصرحا للمستأجر بالتأجير من الباطن.
4 - إذا كانت الإجارة من الباطن حال التصريح بها فى عقد الإيجار الأصلى تنفذ فى حق المؤجر أو من يمثله أو يخلفه دون حاجة لقبوله، وكان بقاء المستأجر الأصلى فى العين أو مبارحته لها ليس له من أثر على إمتداد الاجارة الأصلية واستمرارها، فإن مغادرة المطعون عليها الثانية - المستأجر الأصلية - الديار المصرية مغادرة نهائية أو موقوتة وانحسار الجنسية المصرية عنها بسبب أو لآخر يوهن من قيام الإجاره الأصلية كما لا يؤثر على الإجارة من الباطن، طالما حصلت الإجارة من الباطن قبل ذلك وتمت سليمة.
5 - إذا كان البين أن الحكم لم يؤسس قضاءه على تنازل المطعون عليها الثانية للمطعون عليه الأول عن عقد الإيجار المحظور بالبند الرابع عشر منه، وإنما جرى على التأجير من الباطن وهو ما يكفى لحمل قضائه، فإن النعى عليه فى صدد ما أورده تزيدا من إهدار لذلك البند وما استخلصه من قياس حكم التحريم على الإباحة لا يصادف محلا من قضاء الحكم ويكون بفرض صحته غير منتج ولا جدوى منه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2068 لسنة 1971 مدنى أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب إلزام المطعون عليهما الثانية فى مواجهة المطعون عليه الأول بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة ممن يشغلها ومن يسكنها وتسليمها إليه خالية وقال بيانا لدعواه أنه بعقد مؤرخ 1/ 5/ 1952 استأجرت المطعون عليها الثانية شقة بالعمارة رقم 12 شارع السيد البكرى بالزمالك محافظة القاهرة من المالكة السابقة، ثم اشترى الطاعن العقار وحولت إليه عقود إيجاره، وإذ تنازلت المستأجره عن شقة النزاع إلى المطعون عليه الأول رغم الحظر المنصوص عليه فى البند الرابع عشر من عقد الإيجار وغادرت مصر نهائيا فى 22/ 8/ 1967 فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان أجاب المطعون عليه الأول بأنه استأجر شقة النزاع من المطعون عليها الثانية بموجب عقد مؤرخ 5/ 8/ 1967 بالتطبيق لنص البند الخامس من عقد الإيجار الأصلى بالتصريح لها بالتأجير من الباطن، وبتاريخ 20/ 11/ 1969 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن المطعون عليها الثانية تنازلت عن الإيجار إلى المطعون عليه الأول، وبعد سماع شهود الطاعنين حكمت فى 23/ 1/ 1971 (أولا) بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1952. (ثانيا) بالزام المطعون عليها الثانية فى مواجهة المطعون عليه الأول بتسليم الشقة المبينة بالصحيفة خالية ممن يسكنها أو يشغلها. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالإستئناف رقم 457 سنة 89 ق القاهرة طالبا إلغاءه والقضاء برفض الدعوى، وبتاريخ 24/ 5/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بالغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابه مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب، ينعى الطاعن بالأسباب الثلاثة الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من القول بأن المطعون عليها الثانية أجرت الشقة من باطنها بتاريخ 5/ 8/ 1967 قبل مغادرتها مصر فى 12/ 8/ 1967، وأنها من ثم يكون قد تصرفت فى الحدود المخولة لها بمقتضى البند الخامس من عقد الإيجار الأصلى وأن مغادرتها البلاد بعد ذلك لا تفسخ هذا العقد ولا العقد المبرم بينها وبين المطعون عليه الأول، وأن المتعاقدين فى عقد الإيجار الأصلى انصرفت بينهما إلى عدم اعمال البد الرابع عشر بدليل النص فى البند الخامس على التصريح بالتأجير من الباطن، وأن مفاد المادة 594/ 1 من القانون المدنى أنه طالما صرح للمستأجر بالتأجير من الباطن، فإن التصريح ينسحب على التنازل عن الايجار، فى حين أن الثابت أن المطعون عليها الثانية غادرت مصر نهائيا وأسقطت عنها الجنسية المصرية بقرار جمهورى، مما يعنى الكشف عن نيتها فى عدم تجديد العقد الأصلى والتخلى عنه، فينحل عقدها لهذا السبب وينقضى تبعا لانحلاله عقد المطعون عليه الأول حتى لو اعتبر مستأجرا من الباطن، هذا إلى أنه لا يجوز إهدار البند الرابع عشر وهو واضح فى منع المستأجرة، من التنازل عن العقد، مما يمتنع معه إمكان تفسيره، بالإضافة إلى أن المادة 594/ 1 بنصها على أن منع المستأجر من التأجير من الباطن يقتضى منعه من التنازل عن الإيجار، لا يفيد ما ذهب إليه الحكم لأن التحريم لا يقاس على الإباحة، وليس هناك ما يمنع أحد السببين دون الآخر، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أنه لما كان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن التشريعات الاستثنائية المتتابعة الصادرة فى شأن الأماكن المبينة المؤجرة للسكنى ولغيرها من الأغراض قيدت نصوص القانون المدنى الخاصة بانتهاء مدة الإيجار وما ترتبه من إنقضاء حقوق المستأجر فى البقاء فى العين المؤجرة، وجعلت عقود الإيجار ممتدة تلقائيا وبحكم القانون إلى مدة غير محدودة، بحيث لا يعتبر بقاء المستأجر بعد إنتهاء مدة العقد الاتفاقية تجديدا ضمنيا للعقد، وكان مؤدى المادة الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947 معدلة بالقانون رقم 24 لسنة 1965 القابلة للمادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن أنه لا يجوز للمؤجر استعمال حقه فى إخراج المستأجر الأصلى إلا إذا أجر العين من باطنه دون إذن كتابى منه، مما مفاده أنه يشترط لانتفاع المستأجر من الباطن بحق البقاء فى العين أن يكون الإيجار من الباطن قد تم صحيحا بصدور ذلك الإذن وفقا لأحكام القانون، لما كان ذلك ولئن كان الأصل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عقد الإيجار من الباطن لا ينشئ علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلى لانعدام التعاقد بينهما إلا فى حدود ما نقضى به المادتان 591، 597 من القانون المدنى خاصا بالأجرة، حتى ولو كان مصرحا للمستأجر فى عقد الإيجار الأصلى بالتأجير من الباطن إلا أنه فى هذه الحالة الأخيرة تكون الإجارة من الباطن نافذة فى حق المؤجر فلا يملك الأخير التعرض للمستأجر من الباطن ما دامت الإجازة الأصلية قائمة. لما كان ما تقدم - وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على قول ".... أن الثابت من الأوراق أن المستأجره - المطعون عليها الثانيه فى عقد 1/ 5/ 1952 مصرح لها بالتأجر من الباطن قد أجرت من باطنها شقة النزاع إلى المستأنف - المطعون عليه الأول - فى 5/ 8/ 1967 وأثبت تاريخه فى الشهر العقارى فى 7/ 8/ 1967 وكان ذلك قبل مغادرتها الديار المصرية فى 12/ 8/ 1967 ومن ثم تكون قد تصرفت فى الحدود المخولة لها بمقتضى البند الخامس من العقد الصادر اليها، والمكتوب على الآلة الكاتبة فإذا كانت قد غادرت البلاد بعد هذا التصرف الذى تملكه فان ذلك لا يفسخ العقد المبرم بينهما وبين المستأنف وذلك المبرم بينهما وبين المستأنف عليه الأول ما دام قد صدر منها وهى تملك هذا الحق وفى غير ما حاجة إلى صدور إذن كتابى من المستأنف عليه الأول - الطاعن - على ما تقدم البيان...". فان هذا الذى قرره الحكم لا ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون، ذلك أنه لما كانت الإجارة من الباطن حال التصريح بها فى عقد الإيجار الأصلى تنفيذ فى حق المؤجر أو من يمثله أو يخلفه دون حاجة لقبوله، وكان بقاء المستأجر الأصلى فى العين أو مبارحته لها ليس له من أثر على امتداد الإجارة الأصلية واستمرارها، فإن مغادرة المطعون عليها الثانية - المستأجره الأصلية - الديار المصرية - مغادرة نهائية أو موقوته، وانحسار الجنسية المصرية عنها بسبب أو لآخر، لا يوهن من قيام الاجارة الأصلية، كما لا يؤثر على الإجارة من الباطن، طالما حصلت الإجارة من الباطن قبل ذلك وتمت سليمة. لما كان ما سلف وكان البين أن الحكم لم يؤسس قضاءه على تنازل المطعون عليها الثانية للمطعون عليه الأول عن عقد الإيجار المحظور بالبند الرابع عشر منه، وانما جرى - وعلى ما سبق - على التأجير من الباطن وهو ما يكفى لحمل قضائه، فإن النعى عليه فى صدد ما أورده تزيدا من إهدار لذلك البند وما استخلصه من قياس حكم التحريم على الإباحة لا يصادف محلا من قضاء الحكم ويكون بفرض صحته غير منتج ولا جدوى منه، ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الرابع والخامس والسادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك بقول أن البند الخامس من عقد الإيجار الأصلى إنما ينصرف إلى إجازة التأجير المفروش، بدليل تحديد الأجرة فيه متضمنه الزيادة القانونية بمعدل 70% التى تنصب على التأجير من الباطن مفروشا، وقد أقر المطعون عليه الأول فى خطابه الذى وجهه إلى الطاعن بأنه إستأجر الشقة مفروشه، وإذ اكتفى الحكم بالقول بأن التأجير من الباطن لم يكن مفروشا، ولم يرد على ما تمسك به الطاعن من أعمال المادة 29 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التى تقضى بوجوب تعديل الأوضاع بالنسبة للشقق المفروشة المخالفة لأحكامه، فانه يكون علاوة على مخالفة القانون قد شابه قصور فى التسبيب.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد هذا الصد قوله... "ومن حيث أن محكمة أول درجة أقامت قضاءها على أن نص البند الخامس من عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1952 إنما نص على حق المستأجرة فى تأجير شقة النزاع من الباطن مفروشه ولم ينص على تأجيرها من الباطن غير مفروشه، وهذا النظر من محكمة أول درجة غير سديد مخالف الثابت فى الأوراق، ذلك أن نص البند الخامس من العقد سالف الذكر ورد كما يلى: (وقد صار تحديد قيمة الإيجار بمبلغ 11 ج 900 مليم شهريا بما فى ذلك الزيادات القانونية إلى اليوم عن الإيجار من الباطن وتدفع بموجب ايصالات من المالك) وهذا النص صريح فى الاذن للمستأجرة أن تؤجر من الباطن على إطلاقه دون قيد عليها فى أن تؤجر الشقة مفروشة كما ذهبت محكمة أول درجة...، وهو تفسير سائغ تحمله عبارة العقد. ولما كان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى تفسير العقود والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين ولا رقابه لمحكمة النقض عليها فى ذلك متى كان تفسيرها تحمله عبارة هذه الشروط ولا خروج معه على المعنى الطاهر، وكان الحكم قد أعتبر أن شقة النزاع أوجرت من الباطن خاليه إستهداء بما جاء بعقد الإيجار من الباطن، وكان الخطأ الذى يتمسك به الطاعن لا يتضمن إقرارا صريحا قاطعا من المطعون عليه الأول بأنه إستأجر الشقة مفروشة، فلا على الحكم إن هو التفت عن الرد عليه، كما لا تثريب عليه اغفاله الرد على ما أثاره الطاعن بشأن إعمال نص المادة 29 من القانون رقم 29 لسنة 1969 الخاصة بتعديل الأوضاع بالنسبة للاماكن المفروشة طالما قد انتهى إلى أن تأجير المطعون عليه الأول من باطن المطعون عليها الثانية انصب على الشقة خالية، ويكون النعى على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.