أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 6 - صـ 59

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1954
(5)
القضية رقم 51 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ سليمان ثابت وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، ومصطفى فاضل، وأحمد العروسى، ومحمود عياد المستشارين.
عمل. حكم. تسبيبه. إبلاغ رب العمل بأن العامل بدد بعض أموال المنشأة. تحقيق هذا البلاغ بمعرفة السلطة المختصة وحفظه نهائيا. إلزام رب العمل بأجرة العامل من تاريخ وقفه عن العمل. لا خطأ. المادة 27 من قانون عقد العمل الفردى رقم 41 لسنة 1944.
متى كان الحكم إذ قضى بإلزام رب العمل بأجرة العامل من تاريخ وقفه عن العمل حتى وفاته أقام قضاءه على أن رب العمل أبلغ النيابة العمومية ضد العامل بأنه بدد بعض أموال المنشأة التى يشتغل فيها وأن السلطة المختصة حققت هذه الشكوى وانتهت إلى حفظها بقرار صار نهائيا بعدم الطعن فيه وأن التبليغ كان بعلم رب العمل وتدبيره، فإن هذا الحكم يكون قد طبق المادة 27 من قانون عقد العمل الفردى رقم 41 لسنة 1944 تطبيقا صحيحا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المرحوم عبد العزيز مصطفى سلطان مورث المطعون عليهما أقام الدعوى رقم 1109 سنة 1948 مدنى كلى الاسكندرية على الطاعن هو والأستاذ صلاح الدين فرغل بصفته مديرا عاما لمكتب مصر للتصدير والاستيراد وطلب فيها الحكم بإلزامهما بأن يدفعا إليه مبلغ 1475 جنيها وما يستجد من المرتب بواقع 25 جنيها شهريا ابتداء من 19 نوفمبر سنة 1948، وقال فى بيان دعواه إنه عين فى 19 من نوفمبر سنة 1946 بمكتب مصر للتصدير والاستيراد مديرا لقسم التخليص والشحن بفرع المكتب بالاسكندرية بمرتب شهرى مقداره 25 جنيها وعمولة حدها الأدنى عشرة جنيهات شهريا، وأن الأستاذ صلاح الدين فرغل انفق معه فى شهر يناير سنة 1948 على أن يكون التعاقد على هذا الأساس لمدة سنتين تتجدد لمدة أخرى إذا لم يعلن أحد الطرفين إلى الطرف الآخر رغبته فى عدم تجديد العقد قبل نهاية مدته بستة أشهر- وأنه ظل يقبض مرتبه والعمولة المتفق عليها سنة 1947 بأكملها، وأنه فى شهر يوليو من هذه السنة اجتاحت شركة النقل المصرية أزمة مالية فاتفق معه صلاح الدين فرغلى بصفته مديرا مساعدا للشركة المذكورة على أن يقوم هو- أى مورث المطعون عليهما - بمدها بالمال وقد أقرضها فعلا مبالغ بلغ مجموعها 4528 جنيها تبقى له منها مبلغ 1118 جنيها بعد خصم مبلغ 833 جنيها قيمة رصيد مكتب مصر للاستيراد طرفه - وأنه قام بالإجازة فى 5 من يناير سنة 1948، ثم استدعى فى 11 من يناير سنة 1948 للعمل بادارة مكتب التصدير والاستيراد فى القاهرة فاستحقت له مصاريف انتقال ولما أن عاد عقب ذلك إلى العمل بالاسكندرية تبين له أن مرتبه مدرج فى الحسابات على أساس أن مقداره 20 جنيها شهريا فامتنع عن استلامه ولما أعيد المرتب إلى 25 جنيها امتنع عن استلامه مرة أخرى لعدم إضافة العمولة المستحقة شهريا إليه وطالب الطاعن هو وصلاح الدين فرغل فساومه الأخير على تقسيط الدين المستحق له على شركة النقل ولما لم يقبل أصدر قرارا بوقفه عن العمل ابتداء من 26 فبراير سنة 1948 - فأنذر مورث المطعون عليهما الطاعن هو وصلاح الدين فرغل فى 10 من مارس سنة 1948 بطلب إلغاء قرار الايقاف وإعادته إلى عمله فلم يجيباه إلى طلبه، وقدم صلاح الدين فرغل شكوى ضده إلى النيابة متهما إياه فيها بتبديد مبلغ 833 جنيها قيمة رصيد مكتب مصر للتصدير والاستيراد وبعد التحقيق قررت النيابة حفظ الشكوى فعاد هو- أى مورث المطعون عليهما - وأنذر الطاعن هو وصلاح فرغل بطلب إلغاء قرار الإيقاف وإعادته إلى عمله ولما امتنعا رفع الدعوى المشار إليها - وخلال نظرها نزل عن مخاصمة الأستاذ صلاح الدين فرغل، وفى 29 من مايو سنة 1948 حكمت محكمة الاسكندرية الابتدائية باثبات هذا التنازل بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى "المدعى" مبلغ 132 جنيها مع المصروفات المناسبة من ذلك مبلغ 27 جنيها قيمة مصاريف الانتقال ومبلغ 75 جنيها قيمة المرتب عن المدة من أول يناير سنة 1948 لغاية آخر مارس سنة 1948 ومبلغ 30 جنيها قيمة العمولة بواقع 10 جنيه شهريا عن هذه المدة - رفع المطعون عليهما استئنافا عن هذا الحكم قيد فى جدول محكمة استئناف الاسكندرية برقم 336/6 ق ورفع الطاعن استئنافا عنه قيد فى الجدول المذكور برقم 138/ 7 ق، وفى 25 من ديسمبر سنة 1951 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليهما مبلغ 869 جنيها و500 مليما منه مبلغ 27 جنيها مصاريف الانتقال ومبلغ 842 جنيها و500 مليما قيمة المرتب عن المدة من أول يناير سنة 1948 حتى تاريخ وفاة المورث فى 21 من أكتوبر سنة 1950، فقرر الطاعن الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على سبب واحد يتحصل فى أن الحكم إذ قضى بإلزام الطاعن بالمرتب ابتداء من تاريخ وقف مورث المطعون عليهما عن العمل حتى وفاته استنادا إلى نص المادة 27 فقرة ثالثة من القانون رقم 41 سنة 1944 قد أخطأ تطبيق القانون- ذلك أن الحكم أسس قضاءه على أنه ما دامت الشركة التى يمثلها الطاعن قد قدمت شكوى إلى النيابة ضد مورث المطعون عليهما متهمة إياه بالتبديد وحفظت الشكوى إداريا فإنه كان يتعين على الشركة إعادته إلى العمل وصرف مرتبه عن مدة الايقاف فى حين أن الأمر بحفظ الشكوى المذكورة إداريا إنما بنى على قيام قضيتين مدنيتين بين طرفى الخصومة لم يفصل فيهما بعد ولم يكن يتسنى للنيابة الفصل فى مشغولية ذمة المورث بالمبلغ موضوع الشكوى إلا بعد الفصل فى هاتين القضيتين وعلى ذلك يكون أمر النيابة بحفظ الشكوى إداريا مجرد إرجاء للفصل فى الشكوى إلى أن يفصل فى القضيتين المذكورتين.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه فضلا عن أن الطاعن لم يقدم بملف الطعن صورة من قرار الحفظ إداريا مما يجعل طعنه عاريا عن الدليل فان الحكم المطعون فيه لم يخالف القانون إذ طبق المادة 27 فقرة ثالثة من القانون رقم 21 سنة 1944 وقد جاء بالحكم فى هذا الخصوص "أن شركة النقل حين أحست بامتناع مورث المستأنفين عن رد صور المستندات التى احتجزها بعد مطالبته بردها كما استبقى رصيد العهدة البالغ قدره 833 جنيها ليجرى خصمه مما له من ديون على الشركة لم تقف مكتوفة اليد إزاء تصرفه بل اعتبرت أن فى الأمر جريمة اختلاس أو تبديد لأموالها وسارعت بتبليغ الأمر لجهة النيابة العمومية التى تولت بدورها تحقيق الواقعة الذى انتهت منه إلى حفظ الشكوى وظاهر الحال أن التبليغ قد حصل من رب العمل بعلمه وتدبيره وقد حققت السلطة المختصة هذا البلاغ ولم تر تقديم مورث المستأنفين إلى المحاكمة فى شأنه بل رأت معه حفظ البلاغ إداريا ولم يطعن صاحب العمل بعد ذلك على قرار الحفظ حتى صار نهائيا، فكان من المتعين قانونا على رب العمل إعادة الموظف لعمله وصرف مرتبه عن مدة الايقاف ما دام التبليغ كان بعلمه وتدبيره" - ولما كان مؤدى صدور الأمر بحفظ الشكوى المقدمة ضد مورث المطعون عليهما إداريا أن النيابة وهى السلطة المختصة رأت عدم تقديم هذا المورث للمحاكمة فتوافر بذلك ما يقتضيه نص المادة 27 فقرة ثالثة من القانون رقم 41 سنة 1944 وكان الحكم قد أثبت فضلا عن ذلك أن أتهام المورث قد حصل بعلم الطاعن وتدبيره - الأمر الذى لم يكن محل نعى من الطاعن - لما كان ذلك فان الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ومن ثم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.