أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 6 - صـ 68

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1954
(7)
القضية رقم 92 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت، وكيل المحكمة ومصطفى فاضل، وأحمد العروسى، ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) عمل. عقد استخدام العامل خال من النص على تقرير مكافأة له أيا كان نوعها عند فصله. عدم وجود دليل على قيام عرف فى المؤسسة التى يعمل بها يقضى بمنحه مكافأة خاصة. الحكم له بمكافأة تعادل ستة أشهر من راتبه. لا خطأ.
(ب) عمل. فصل الرعايا الايطاليين من عملهم استنادا إلى نصوص الأوامر العسكرية. القول بأن رب العمل إذ فصل هؤلاء العمال قد حال بفعله دون تحقق شرط بلوغهم السن التى تخولهم الحصول على مكافأة خاصة تكفل لهم مرتبا مدى الحياة. فى غير محله.
(ج) نقض. طعن. عمل. نفى التعسف فى استعمال الحق فى فصل العامل. تقدير موضوعى. لا معقب عليه من محكمة النقض.
(د) عمل. حق العامل المفصول فى الحصول على مكافأة مقابل إجازاته المتجمدة. نفى هذا الحق لأسباب سائغة. لا قصور.
1 - متى كان عقد استخدام العامل خاليا من النص على تقرير مكافأة له أيا كان نوعها فى حالة فصله ولم يقدم دليلا لدى محكمة الموضوع على قيام عرف فى المؤسسة التى يعمل بها يقضى بمنح من هم فى مثل حالته مكافأة خاصة تكفل لهم معاشا مدى الحياة أو منحهم مكافأة تبلغ مرتب شهر عن كل سنة من سنى الخدمة فإن الحكم إذ أقر تقرير مكافأة لهذا العامل تعادل مرتب ستة أشهر لم يخالف القانون.
2 - سواء أكان مقتضى نصوص الأوامر العسكرية يوجب على رب العمل أو فى الأقل يخوله فصل الرعايا الإيطاليين فلا محل للقول بأن رب العمل إذ فصل العامل قد حال بفعله دون تحقق شرط سن التقاعد الذى يخوله الحصول على مكافأة خاصة تكفل له معاشا مدى الحياة طالما كان الفعل الذى حال دون تحقق هذا الشرط مستندا إلى نص من القانون.
3 - نفى الحكم تعسف رب العمل فى استعمال حق فصل العامل هو تقدير موضوعى لا معقب عليه من محكمة النقض.
4 - متى كان الحكم قد عرض لما ادعاه العامل من أن إجازاته المتجمدة تعتبر حقا مكتسبا له وقرر للأسباب السائغة التى أوردها أن الاجازات السنوية التى لا تستنفد يسقط الحق فيها، وكان العامل لم يقدم ما يستفاد منه أنه قدم إلى محكمة الموضوع دليلا على أن رب العمل جرى على صرف مرتب الاجازات المتجمدة إلى الموظفين المفصولين، وكانت المستندات التى قدمها رب العمل إلى محكمة الموضوع لا تدل على قيام هذا العرف، فإن النعى على الحكم بالقصور فى هذا الخصوص يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل فى أن الطاعن - وهو إيطالى الجنسية - كان موظفا بالبنك الأهلى المصرى - المطعون عليه. وعلى أثر قطع العلاقات السياسية بين مصر وإيطاليا فى 11 من يونيه سنة 1940 أصدر البنك قرارا بوقفه عن العمل - وفى 16 من يونيه سنة 1940 صدر الأمر العسكرى رقم 58 الخاص بالتدابير اللازمة فى شأن الاتجار مع مملكة إيطاليا ورعاياها وإجراء الترتيبات الملائمة فيما يتعلق بأملاكهم. وفى 7 من يوليو سنة 1940 صدر الأمر العسكرى رقم 68 مخولا أصحاب الأعمال حق فصل الرعايا الايطاليين بدون إعلان سابق وبغير تعويض حتى فى حالة وجود عقد لمدة معينة ونص على أنه فى الأحوال التى يكون فيها على صاحب العمل أن يدفع إلى شخص من الرعايا الايطاليين عند فصله مبلغا نتج عن اشتراك صاحب الشأن فى صندوق الإدخار أو فى أى صندوق آخر شبيه به يجب دفع هذا المبلغ إلى الحارس العام. وفى 29 من يوليو سنة 1940 أرسل البنك إلى الطاعن خطابا أحاطه فيه علما بأنه يعتبر مفصولا من خدمة البنك ابتداء من أول سبتمبر سنة 1940 وبأنه سيخطر بقيمة المكافأة التى ستمنح إليه وبما سيتم الاتفاق عليه بشأن وثيقة التأمين وحساب صندوق التعاون. وفى 26 من أغسطس سنة 1940 أرسل البنك إلى الطاعن خطابا آخر طلب فيه منه إفادته عما إذا كانت له رغبة فى مواصلة دفع كامل أقساط التأمين الذى تعاقد عليه البنك لمصلحته وذلك فى ميعاد ينتهى فى آخر أغسطس سنة 1940 وإلا حق للبنك اتخاذ التدابير اللازمة لقبض قيمة وثيقة التأمين فى 31 أغسطس سنة 1940 واعتبار وثيقة التأمين منتهية فى هذا التاريخ - وفى 30 من أكتوبر سنة 1940 أرسل البنك إلى الحارس على أموال الرعايا الايطاليين خطابا أرفق به قائمة حساب المبالغ التى قال إن الطاعن يستحقها ومجموعها 777 جنيها و465 مليما ثم دفع البنك إلى الحارس هذه المبالغ وأخطر الطاعن بذلك - وفى 19 من أكتوبر سنة 1948 أقام الطاعن على البنك دعوى لدى محكمة مصر الابتدائية المختلطة قيدت فى جدولها برقم 3 سنة 74 ق طلب فيها الحكم بإلزام البنك بأن يدفع إليه مبلغ 2061 جنيها و204 مليما مع الفوائد القانونية والمصروفات من ذلك مبلغ 1612 جنيها 260 مليما قيمة الفرق بين المكافأة التى قررها البنك للطاعن ومقدارها 152 جنيها و100 مليم وبين المكافأة التى قال الطاعن إنه كان يتعين تقريرها له أسوة بزملائه الذين فصلوا من خدمة البنك قبل 31 من أغسطس سنة 1940 ومقدارها 1764 جنيها و360 مليما ثم مبلغ 300 جنيه تعويضا عن ضياع المزايا والفوائد التى كانت تترتب على استمرار وثيقة التأمين - ثم مبلغ 70 جنيها و437 مليما مرتب ثلاثة أشهر مقابل الاجازة التى كسب الطاعن الحق فيها عن السنوات 1938 الى 1940 ولم يستنفد شيئا منها - ثم مبلغ 78 جنيها و507 مليما قيمة المبلغ الذى خصمته الحراسة على أموال الرعايا الايطاليين بنسبة 10% من المبالغ التى سلمت إليها من البنك لحساب الطاعن - وفى أول أغسطس سنة 1939 حكمت المحكمة المذكورة (أولا) بعدم ثبوت حق المدعى - الطاعن - فى المطالبة بمبلغ 300 جنيه قيمة الضرر الذى ادعى أنه أصابه بسبب تصفية وثيقة التأمين الخاصة به (ثانيا) بعدم أحقيته لمرتب ما عن إجازاته السنوية المتجمدة عن المدة من سنة 1938 إلى سنة 1940 (ثالثا) برفض طلبه الخاص بإلزام البنك بأن يدفع إليه المبلغ الذى خصمته الحراسة مقابل مصاريفها. (رابعا) بإلزام البنك بأن يدفع إليه مبلغ 360 مليما و1764 جنيها قيمة المكافأة الخاصة المستحقة له حتى يصبح هذا المبلغ مع ضمه إلى قيمة وثيقة التأمين الخاصة به وإلى ما يستحقه فى صندوق التعاون رأس مال يكفل له مرتبا مدى حياته يوازى 1/ 60 من مرتبه السنوى عن مدة الخدمة على أن يخصم من ذلك مبلغ 100 مليم و152 جنيها السابق دفعه من البنك إلى الحارس على أموال الرعايا الإيطاليين. (خامسا) يجعل ثلث المصروفات على عائق الطاعن وثلثيها على عاتق البنك، مع إلزام الأخير بأن يدفع إلى الطاعن مبلغ 500 مليم و12جنيها أتعابا للمحاماة - رفع البنك استئنافا عن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة قيد فى جدولها برقم 1353 سنة 66 ق ثم رفع الطاعن استئنافا مقابلا قيد فى جدول المحكمة برقم 640 سنة 67 ق، وفى أول يناير سنة 1951 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع. أولا: وفى الاستئناف الأصلى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى من إلزام البنك بدفع مبلغ 360 مليما و1764 جنيها قيمة المكافأة الخاصة وبرفض دعوى الطاعن فى هذا الخصوص. ثانيا: وفى الاستئناف المقابل برفضه، وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به فى خصوصه. ثالثا: بإلزام الطاعن بالمصروفات عن الدرجتين، وبمبلغ عشرة جنيهات أتعاب محاماة عنهما وفى 10 من مارس سنة 1951 قرر الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على تسعة أسباب - نعى الطاعن فى الستة الأولى موجه إلى ما قضى به الحكم المطعون فيه من رفض دعواه فى خصوص طلب المكافأة الخاصة، وتتحصل الأسباب الأربعة الأولى فى أن الحكم قد أهدر الشروط الأساسية للنظام التوظف فى البنك وشوه القواعد التى تربط بين البنك وموظفيه ولم يبن رفض هذا الطلب على أساس من القانون أو الواقع كما شابه قصور وتخاذل فى الأسباب وفساد فى الاستنتاج ذلك، أولا: أن الحكم إذا كان قد قصد أن المكافأة الخاصة لا تمنح إلا لمن يبقى فى الخدمة حتى سن الخامسة والخمسين دون أى اعتبار لمدة الخدمة يكون قد أوجد بين من يكونون قد استكملوا هذه السن عند تركهم الخدمة ومن لم يكونوا قد استكملوها هوة سحيقة تؤدى إلى نتائج جائزة منها أن يمنح هذه المكافأة من يكون قد بلغ عند فصله سن الخامسة والخمسين، ولم يكن قد مضى على خدمته بالبنك سوى عشر سنين وأن يحرم منها من يكون قد بلغ عند فصله سن الرابعة والخمسين رغم بلوغ مدة خدمته بالبنك أكثر من ثلاثين عاما، ومنها جعل البنك متحكما فى حق الموظف فى المكافأة حتى بلوغه السن المشار إليها بحيث يكون للبنك حق فصل الموظف بغير سبب تأديبى دون أن يكون لهذا الأخير حق فى المكافأة الخاصة، مع أنه لو وجد شرط كتابى يخول البنك هذا الحق لكان شرطا باطلا قانونا. ثانيا: أن الحكم أشار إلى الحالات التى استشهد بها الطاعن والخاصة بالموظفين الذين منحوا المكافأة الخاصة قبل سنة 1940، ثم إلى الحالات التى استشهد بها البنك ولكنه أغفل التعليق على هذه الحالات الأخيرة ولو أنه فعل لاستبانت للمحكمة حقيقة النظام فى مجموعه وجاء حكمها مغايرا لما قضت به من ناحية قصر المكافأة على من يكون قد بلغ عند فصله سن الخامسة والخمسين وهو ما أدى إلى معاملة من لم يكن قد بلغ هذه السن معاملة شاذة لا تتفق مع حالات الموظفين التى استشهد بها البنك ذاته مع وجود فوارق بين حالة الطاعن والحالات المذكورة تدعو إلى اعتباره أولى منهم بالرعاية والجزاء العادل - ثالثا - أن الحكم سلم بأن البنك جرى على اتباع طريقتين لحساب مكافأة موظفيه عند تركهم الخدمة لا تخرجان عن تقرير المكافأة على أساس سنى الخدمة فإن كان الموظف قد بلغ سن الخامسة والخمسين كانت مكافأته هى المبلغ اللازم لتكوين معاش مدى الحياة وإن لم يكن قد بلغها كانت مكافأته على أساس مرتب شهر عن كل سنة من سنى الخدمة عدا ما يكون له فى صندوق الادخار ووثيقة التأمين ومؤدى هذا أن البنك لا يعامل موظفيه أيا كان سبب انتهاء الخدمة على أساس منحهم مكافأة لا تزيد على مرتب ستة أشهر ولكن الحكم المطعون فيه إذ ألغى الحكم المستأنف لم يعامل الطاعن المفصول بغير سبب تأديبى بإحدى هاتين الطريقتين وأقر ضمنا تصرف البنك مع أن الأخير لا يعرف طريقة منح الموظف مكافأة مرتب ستة أشهر فقط ولم يعامل موظفيه مطلقا على هذا الأساس - رابعا - أن الحكم المستأنف أقر صراحة ما تمسك به الطاعن من التزام البنك بمكافأة موظفيه ولم ينف الحكم المطعون فيه هذا الالتزام وكان يتعين على محكمة الاستئناف وقد رأت أن الحالات التى أشارت إليها تتعلق بموظفين كانوا قد بلغوا سن الخامسة والخمسين أن تبحث فيما يجب بالنسبة إلى غيرهم ممن لم يكونوا قد بلغوا هذه السن لا أن تقف عند حد القول بأن المكافأة الخاصة لا تمنح إلا لمن بلغوا السن المشار إليها وذلك رغم تمسك الطاعن عند المرافعة بجلسة 27 نوفمبر سنة 1950 بوجوب تقرير مكافأة له لا تقل عن مرتب شهر عن كل سنة من سنى خدمته - ويتحصل السبب الخامس فى تعييب الحكم بمخالفته حكم القانون فيما نص عليه من قواعد التفسير بالمادة 199 من القانون المدنى المختلط والمادة الأولى والمادة 148 من القانون المدنى الجديد - فضلا عن مخالفته للعرف وللقانون الطبيعى ومبادئ العدالة فى تفسيره لنظام التوظف فى البنك وقصور أسبابه فى هذا الخصوص ويقول الطاعن فى بيان ذلك: أولا - أن الحكم خالف ما نصت عليه المادة 148 المشار إليها من وجوب تفسير العقد بطريقة تنفق مع ما يقتضيه حسن النية ذلك أن من مستلزمات منح المكافأة الخاصة لمن يكون قد بلغ سن الخامسة والخمسين منح مكافأة نسبية لمن يفصل من الخدمة بغير سبب تأديبى قبل بلوغه هذه السن وأنه لا يمكن القول بأن من لا يتوفر لديه شرط بلوغ سن التقاعد لأسباب لا يد له فيها يفقد حقوقه فى المكافأة الخاصة - ثانيا - أنه إذا كانت محكمة الموضوع قد وجدت نفسها أمام ثغرة فى النظام المقرر لعلاقة البنك بموظفيه فقد كان من واجبها قانونا البحث فيما يتبع بشأن من لم يكن قد بلغ سن التقاعد وقت فصله من البنك لغير سبب تأديبى وأن ترجع إلى قواعد أخرى فى نظام البنك وأن تسترشد بالعرف المتبع فى أنظمة المعاشات وبقواعد القانون الطبيعى والعدالة ولو أنها عرضت لبحث ما تقدم لاستبان لها أن قواعد نظام البنك الخاصة بالتأمين والمتبعة منذ سنة 1901 تقضى بالمساواة فى المزايا الخاصة بوثيقة التأمين بين من يكون قد مضى وقت فصله من البنك عشر سنوات فى خدمته ومن لم يكن قد مضى هذه المدة عند فصله وأن الحالات الثلاث الأولى التى استشهد بها البنك منح فيها الموظفون المفصولون مكافأة مرتب شهر عن كل سنة من سنى الخدمة أو تزيد على ذلك وأن البنك قد انتهى فى تنظيم معاشات موظفيه إلى اقتباس أحكام قانون المعاشات الملكية الصادر فى 28 من مايو سنة 1929 وأن قواعد القانون الطبيعى والعدالة تقضى بأن لا وجه للمفاضلة فى خصوص تقرير حق المكافأة بين الموظف الذى يكون قد بلغ سن الخامسة والخمسين عند تركه الخدمة والموظف الذى لم يكن قد بلغ هذه السن عند فصله كرها وبغير سبب تأديبى على أن تراعى عند تقدير المكافأة فى هذه الحالة الأخيرة مدة الخدمة ولكن الحكم المطعون فيه لم يقارن حالة المكافأة الخاصة بالقواعد الخاصة بوثيقة التأمين وفاته أن الحالات التى استشهد بها البنك تدل على أن له نظاما فى شأن مكافآت الموظفين ومعاشاتهم لم يتبع فيه ما كانت تقضى به المحاكم فى حالات الفصل فى وقت غير لائق كما فاته أن أقرب الأحكام التى يتعين اتباعها بالنسبة لمن يفصل من خدمة البنك لغير سبب تأديبى قبل بلوغ سن التقاعد هى أحكام المادة 13 من قانون المعاشات الملكية وفات الحكم أيضا تطبيق قواعد القانون الطبيعى وقواعد العدالة المشار إليها.
ومن حيث إن هذا النعى بكافة وجوهه مردود - أولا - بأن الطاعن لم يطلب فى دعواه ولو على سبيل الاحتياط الحكم بإلزام المطعون عليه بمبلغ معين باعتباره الفرق بين المكافأة التى قررها له البنك والمكافأة التى يستحقها بواقع مرتب شهر عن كل سنة من سنى خدمته بل كانت دعواه فى هذا الخصوص محددة على وجه معين هو طلب استحقاقه للمكافأة الخاصة التى تكفل له معاشا سنويا أسوة بالموظفين الذين فصلوا من خدمة البنك قبل سنة 1940 وكانت حالتهم على حد قوله مماثلة لحالته. أما ما قرره الدفاع عنه أمام محكمة الاستئناف بجلسة 27 من نوفمبر سنة 1950 من أن البنك لم يعامله معاملة من خرجوا بناء على استقالات ولم يعطه على الأقل مرتب شهر عن كل سنة من سنى الخدمة. هذا الذى قرره الدفاع عن الطاعن لا يعتبر طلبا مجددا غلى وجه صريح مما كان يتعين على المحكمة بحثه والرد عليه ومن ثم لا يجوز النعى على الحكم فى خصوصه بالقصور أو بغيره من أوجه الطعن - ومردود ثانيا بأن دعوى الطاعن فى خصوص طلب المكافأة الخاصة التى تكفل المعاش السنوى كانت تقوم على أن اللائحة التى أصدرها البنك فى سنة 1941 متضمنة القواعد المتعلقة بالمكافأة الخاصة المذكورة لم تستحدث هذه القواعد إنما أقرت عرفا كان البنك قد جرى على العمل به منذ سنة 1930 واستشهد الطاعن على ذلك بإحدى عشرة حالة لموظفين تركوا الخدمة فى المدة من سنة 1930 إلى سنة 1940 ومنحوا المكافأة الخاصة واستخلصت محكمة الدرجة الأولى من هذه الحالات ثبوت العرف وقضت للطاعن بطلباته فلما رفع المطعون عليه استئنافه كان من الأوجه التى استند إليها فيه أنه بفرض ان القواعد التى قررتها اللائحة كانت عرفا ثابتا فإن الموظف لم يكن يستحق المكافأة الخاصة وفقا للائحة أو للعرف إلا إذا كان قد بلغ سن الخامسة والخمسين وقد تبين لمحكمة الاستئناف صحة هذا الوجه من أوجه الدفاع وبنت عليه حكمها برفض طلب المكافأة الخاصة إذ قالت "وحيث إنه على فرض أن الحالات التى أوردها المستأنف عليه - الطاعن - تكفى بنفسها لأن تعتبر عادة محكمة أيدتها واكدتها اللائحة الصادرة بعد ذلك فى 25 من مايو سنة 1946 فالثابت من الاطلاع على كشوف الإحدى عشرة حالة المتقدمة أن المكافأة الخاصة لم تمنح لأصحابها إلا بعد بلوغهم السن المقررة للتقاعد وهى الخامسة والخمسين وهذا ما قررته اللائحة نفسها ومن المسلم به أن المستأنف عليه فصل من الخدمة قبل أن يبلغ هذه السن" ومردود ثالثا بأنه يبين من الأوراق التى كانت مقدمة إلى محكمة الموضوع أن الحالات الخمس التى استشهد بها البنك والتى ينعى الطاعن فى طعنه هذا أن الحكم قد أغفل قياس حالته عليها - قد استشهد بها البنك على نفى ما ادعاه الطاعن من قيام عرف جرى على تقرير المكافأة الخاصة وعلى أن البنك كان يعرض على مجلس إدارته حالة كل موظف على حدة لتقدير المكافأة التى يستحقها وقدم البنك الحالات الخمس المشار إليها والتى قرر لأصحابها مكافآت من نوع آخر غير المكافأة الخاصة موضوع دعوى الطاعن وطلب هذا من محكمة الموضوع عدم الاعتداد بهذه الحالات فأجابته المحكمة إلى طلبه هذا إذ قالت "واستشهد البنك على انتفاء هذه العادة بخمس حالات تبين أن إحداها خاصة بموظف فصل من الخدمة لأسباب تأديبية وأن ثلاثا منها كان سببها الاستقالة لا الفصل وأن الخامسة كانت متعلقة بموظف أصيب بكف البصر فعامله البنك معاملة استثنائية بموجبها تقرر له معاش خاص" فليس للطاعن أن يعيب على محكمة الموضوع إغفالها بحث حالات طلب هو ذاته استبعاد بحثها. ومردود أخيرا بأن الحكم إذ أقر ضمنا تقرير مكافأة للطاعن تعادل مرتب ستة أشهر لم يخالف القانون ولم يهدر عرفا جرى عليه البنك ولم يجانب قواعد العدالة - ذلك أنه لا نزاع من ناحية الطاعن فى أن عقد استخدامه خال من النص على تقرير مكافأة أيا كان نوعها فى حالة فصله وأنه لم يقدم دليلا أمام محكمة الموضوع على أنه كان ثمت عرف فى البنك يقضى بمنح من هم فى مثل حالته مكافأة خاصة تكفل لهم معاشا مدى الحياة أو على منحهم مكافأة تبلغ مرتب شهر عن كل سنة من سنى الخدمة وإذ لم يقدم الطاعن هذا الدليل فليس له أن ينعى على المحكمة إقرارها لتصرف البنك على الوجه السابق بيانه.
ومن حيث إن السبب السادس يتحصل فى تعييب الحكم بقصور أسبابه وفساد استدلاله - ذلك أن الطاعن تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الأوامر العسكرية لم تفرض على البنك فصل الموظفين الإيطاليين وكان رد الحكم على ذلك أن هذا الدفاع غير مجد ما دام لم يثبت أن البنك قد تعسف فى استعمال حقه أو أخطأ فى الفصل قبل بلوغ السن تحت ستار هذا الحق وأنه من الواضح أن البنك وهو مؤسسة إنجليزية وكان لديه ما يسوغ هذا الفصل بعد أن دخلت إيطاليا الحرب فأوجدت بدخولها حالة من العداء لا تستقيم مع بقاء الموظفين الإيطاليين فى البنك مع أن هذا الذى قاله الحكم لا يصلح ردا فضلا عن خطئه من ناحيتين الأولى أن البنك ليس مؤسسة إنجليزية بل هو شركة مساهمة مصرية صدر بإنشائها مرسوم فى سنة 1898 ولم تكن مصر فى حالة حرب مع إيطاليا وقت فصل الطاعن والثانية أن البنك قد حال بفعله دون تحقق شرط سن التقاعد بالنسبة لى الطاعن ومن المقرر قانونا أن أحد الطرفين لو حال بفعله دون تحقق الشرط فإن هذا الشرط يعتبر محققا.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولا: بأنه سواء كان مقتضى نصوص الأوامر العسكرية يوجب على رب العمل أو فى الأقل يخوله فصل الرعايا الايطاليين فلا محل للقول بأن البنك قد حال بفعله دون تحقق شرط سن التقاعد طالما كان الفعل الذى حال دون تحقق الشرط مستندا إلى نص من القانون ومردود ثانيا بأنه غير منتج ما ينعاه الطاعن من خطأ الحكم إذ وصف البنك بأنه مؤسسة انجليزية ذلك أنه لا جدال فى أن الطاعن إنما فصل بعد قيام حالة الحرب بين انجلترا وإيطاليا وبعد قطع العلاقات السياسية بين مصر وإيطاليا فى 11 من يونيه سنة 1940 ولا جدال أيضا مع أن قطع هذه العلاقات السياسية كان هو الباعث على صدور الأمرين العسكريين رقمى 58 و68 اللذين كان للبنك بموجبهما فصل الرعايا الايطاليين فسيان أن يكون البنك عندما فصل الطاعن من خدمته مؤسسة مصرية أو مؤسسة انجليزية - ومردود أخيرا بأن ما قرره الحكم من نفى تعسف البنك فى استعمال حق الفصل هو تقدير موضوعى لا معقب عليه من هذه المحكمة.
ومن حيث إن السبب السابع يتحصل فى أن الحكم قد شابه القصور إذ نفى عن البنك أى تقصير بسبب عدم إخطاره الطاعن بحقه فى تحويل وثيقة التأمين الأصلية إلى وثيقة مخفضة ورتب على ذلك رفض الدعوى بالتعويض فى هذا الخصوص ويقول الطاعن فى بيان ذلك إنه كان يتعين على البنك عند فصله موظفيه أن يخيرهم بين رغبات ثلاث الأولى تصفية وثيقة التأمين والثانية استمرارها مع التعهد بدفع الأقساط كاملة والثالثة تحويل الوثيقة المذكورة إلى وثيقة مخفضه ولكن البنك لم يفعل بل خير الطاعن عند فصله بين الرغبتين الأولى والثانية فقط ثم قام بتصفية وثيقة التأمين مما ترتب عليه الاضرار بمصلحة الطاعن وقد أثبت الحكم الابتدائى هذا الخطأ ولكن رفض طلب التعويض المبنى عليه تأسيسا على أن الطاعن لم يبين العناصر اللازمة لتقدير الضرر فلما رفع الاستئناف أراد البنك تلافى الأمر فقدم إلى محكمة الاستئناف برقيات تبادلها مع فرعه فى لندن بشأن تصفية عقود التأمين وزعم أنه سعى فى تحويل وثيقة التأمين الأصلية إلى وثيقة مخفضه ووفق فى مسعاه فتمسك الطاعن بأن البنك لم يخبره بمضمون هذه البرقيات وبأنه ليس من شأن هذه البرقيات أن تخفف من مسئولية البنك بل هى على العكس من ذلك تؤيد مسئوليته وتضاعف خطأه ولكن الحكم المطعون فيه أخذ بدفاع المطعون عليه على علاته مما يجعله مشوبا بالقصور بل غير مسبب أصلا.
ومن حيث إنه ورد بالحكم فى هذا الخصوص "وحيث إنه تبين من الاطلاع على مستندات البنك الأهلى أنه لا يمكن أن ينسب إليه أى تقصير إذ أنه عمل جاهدا فى الاحتفاظ لجوليودى اندريز - الطاعن - ولزملائه المفصولين بحقهم فى اختيار بوليصة التأمين مخفضة القيمة ومعفاة من سداد الأقساط الباقية وقبلت شركة التأمين أن يستعمل الموظفون المفصولون حقهم هذا بعد أن يردوا إليها قيمة استبدال وثيقة التأمين التى قبضوها فلا مسئولية إذن على البنك فيما نسب إليه". ولما كان من المفترض بداهة أن يكون المؤمن عالما بكافة شروط وثيقة التأمين وما تخوله هذه الوثيقة من حقوق، وما تفرضه عليه من واجبات فلا محل لتعييب الحكم بالقصور إذ أغفل الرد على ما ادعاه الطاعن من أنه كان يتعين على البنك عند فصله تنبيهه إلى اختيار إحدى الرغبات المنصوص عليها فى وثيقة التأمين - أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله بيان المستندات التى قدمها البنك واستند إليها فى نفى التقصير عنه فمردود بأن الحكم قد عنى باثبات ملخص ما تضمنته هذه المستندات وبحسبه هذا ولم يكن يتعين عليه قانونا أن يورد موضوع كل منها تفصيلا - على أنه يبين من هذه المستندات التى أودعت ملف الطعن أن البنك أرسل فى 29 من يوليو سنة 1940 - وهو يوم إخطار الطاعن بالفصل برقية إلى فرعه بلندن يطلب فيها منه القيام باللازم لإمكان استمرار وثائق التأمين لمن يرغب من موظفيه الإيطاليين فرد عليه الفرع فى 31 منه بأنه اتصل بشركة التأمين وأنها قائمة ببحث الموضوع كما أرسل الفرع إلى البنك برقية أخرى فى 14 من أغسطس سنة 1940 متضمنة هذا المعنى - وفى 16 من سبتمبر سنة 1940 أرسل الفرع إلى البنك برقية تتضمن أن الشركة قد قبلت إصدار الوثائق المخفضة ويبين من هذه المستندات أيضا أن البنك قد أخطر الحارس على أموال الرعايا الإيطاليين فى 26 من سبتمبر سنة 1940 بموافقة الشركة على إصدار الوثائق المخفضة. ولما كان الحارس المذكور وهو صاحب الصفة فى إبداء الرغبة بالنيابة عن الطاعن فى اختيار الوثيقة المخفضة لم يبد هذه الرغبة فقد أرسلت شركة التأمين إلى البنك قيمة تصفية وثائق التأمين الأصلية فى 16 من أكتوبر سنة 1940. وهذه المستندات قاطعة فى نفى التقصير عن البنك كما قرر ذلك الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن السبب الثامن يتحصل فى أن الحكم إذ قضى برفض طلب إلزام البنك بالمصاريف التى خصمتها الحراسة جاء مشوبا بالقصور ذلك أن الطاعن أسس الطلب فى بادئ الأمر على أنه كان فى استطاعة المطعون عليه أسوة بالمنشآت الأخرى الاحتفاظ لموظفيه بالمبالغ المستحقة لهم فقضى الحكم الابتدائى برفض الطلب تأسيسا على أن البنك كان ملزما بدفع هذه المبالغ إلى الحراسة على أموال الرعايا الإيطاليين تنفيذا للأمر العسكرى رقم 92 وبناء على طلب صريح من الحراسة فلما رفع الطاعن استئنافه تمسك بأن الحارس المذكور صرح للبنك بعدم دفع قيمة التأمين فى حالة تحويل وثيقة التأمين الأصلية إلى وثيقة مخفضة وبأن البنك قد أخطأ إذ قام بتصفية وثيقة التأمين - لما سبق بيانه فى السبب السابع - وسلم المبالغ الناتجة من التصفية إلى الحراسة ولو أنه لم يخطئ وحولت الوثيقة الأصلية إلى وثيقة مخفضة لما تقاضت الحراسة المصروفات المناسبة للمبالغ التى سلمت إليها. ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع وقضى فى هذا الخصوص بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه.
ومن حيث إن هذا السبب مبنى كما هو ظاهر على افتراض ثبوت تقصير البنك إذ قام بتصفية وثيقة التأمين الأصلية وهو ما نعاه الطاعن فى السبب السابق فهو مردود بما سبق بيانه فى الرد على هذا السبب.
ومن حيث إن السبب التاسع يتحصل فى أن الحكم إذ قضى برفض طلب الطاعن مرتب ثلاثة أشهر مقابل إجازاته المتجمدة قد شابه القصور ذلك أن الطاعن قد استند فى طلبه هذا إلى قاعدة جرى عليها البنك هى منح الموظفين الذين يفصلون بغير سبب تأديبى مرتباتهم عن مدة الاجازات المتجمدة لهم بحيث لا يتجاوز ما يصرف مرتب ثلاثة أشهر ولكن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه برفض هذا الطلب على أن الموظف الذى لا يستنفد اجازاته السنوية يعتبر متنازلا عنها مع أن هذا الذى قرره الحكم لا يصلح ردا على ما تمسك به الطاعن ولا يؤدى إلى حرمانه من الاستفادة من قاعدة جرى عليها البنك كما يستفاد من المستندات المقدمة من البنك ذاته.
ومن حيث إنه ورد بالحكم الابتدائى المؤبد لأسبابه فى هذا الخصوص بالحكم المطعون فيه "وحيث مع ذلك أن تجميد بعض المستخدمين إجازاتهم السنوية لا يعتبر حقا مكتسبا بالنسبة لاجازاتهم السابقة التى لم يستنفدوها بارادتهم بل مجرد تسامح من قبل رب العمل لصالح هؤلاء المستخدمين وإلا اختل العمل من جراء غياب عدد كبير من المستخدمين فترة طويلة وأنه يستخلص من ذلك أنه إذا كان للمستخدم الحق مبدئيا فى إجازة سنوية بسبب العرف الجارى فى محل عمله إلا أنه يفقد حقه فى كل إجازة يمنحها ولا يستنفدها" - ولما كان يبين من هذا أن الحكم قد عرض لما ادعاه الطاعن من أن إجازاته المتجمدة تعتبر حقا مكتسبا له، وقرر للأسباب السائغة التى أوردها أن الأجازات السنوية التى لا تستنفد يسقط الحق فيها وكان الطاعن لم يقدم بملف الطعن ما يستفاد منه أنه قدم إلى محكمة الموضوع دليلا على أن البنك جرى على صرف مرتب الاجازات المتجمدة إلى الموظفين المفصولين، وكانت المستندات التى قدمها البنك بملف هذا الطعن والتى كانت مقدمة منه إلى محكمة الموضوع لا تدل على قيام هذا العرف وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع الخصوم فى كافة مناحى دفاعهم والرد على كل منها استقلالا - لما كان ذلك، فان تعييب الحكم بالقصور فى هذا الخصوص هو نعى فى غير محله.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن بجميع وجوهه على غير أساس ويتعين رفضه.