أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 6 - صـ 107

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1954
(12)
القضية رقم 141 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين:
( أ ) نقض. طعن. إعلان. المطعون عليه بين فى ورقة إعلان الحكم موطنه الأصلى كما بين مكتب أحد المحامين باعتباره محلا مختارا له. جواز إعلانه بالطعن فى المحل المختار. لا يؤثر فى صحة الاعلان رفض المحامى تسلم الصورة بحجة انتهاء وكالته بصدور الحكم المطعون فيه. المادتان 13 و380 مرافعات.
(ب) وكالة. حكم غيابى. التوكيل الصادر للمحامى يخوله الحضور عن اثنين من خصوم الدعوى. اقتصار المحامى على إثبات وكالته بالجلسة عن أحد هذين الخصمين. وجوب اعتبار الخصم الآخر غير ممثل فى الخصومة والحكم الصادر فيها غيابيا بالنسبة له.
1 - إذا كان المطعون عليه قد بين فى ورقة إعلان الحكم المطعون فيه موطنه الأصلى كما بين مكتب أحد المحامين باعتباره محلا مختارا له، فانه يكون جائزا إعلانه بالطعن فى هذا المحل الأخير عملا بالمادة 380 من قانون المرافعات. ولا يؤثر فى صحة هذا الاعلان كونه قد بين فى ورقة إعلان الحكم محله الأصلى إذ فى اتخاذه المكتب المذكور محلا مختارا فى ورقة إعلان الحكم ما يفصح عن رغبته فى قيام محل محاميه مقام موطنه الأصلى فى إعلان الأوراق الخاصة بالحكم ومنها للطعن بطريق النقض متى كان لم يثبت أنه أخبر الطاعن بتغيير موطنه المختار فى ورقة إعلان الحكم قبل إعلانه بالطعن. ولا يؤثر أيضا فى صحة هذا الاعلان رفض محامى المطعون عليه تسلمه بحجة أن وكالته قد انتهت بصدور الحكم المطعون فيه وامتناعه عن تسلم صورة الإعلان مما يترتب عليه تسليمها لجهة الادارة وذلك وفقا لنص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 13 مرافعات.
2 - مجرد حضور المحامى بصفته وكيلا بالحضور عن أحد الخصوم لا يضفى بذاته على المحامى جميع الصفات التى قد تكون لموكله إلا أن يكون هذا الخصم الحاضر قد قوضى بهذه الصفات، ذلك لأن المحامى لا يمثل الامن صرح بقبول تمثيله وقبل هو أن يمثله وأثبت هذه الوكالة عنه أمام المحكمة (م 82 مرافعات). وإذن فمتى كان التوكيل الصادر إلى المحامى قد صدر له من أحد خصوم الدعوى عن نفسه وبصفته وكيلا عن زوجته المختصمة فى نفس الدعوى، وكان المحامى إذ حضر بالجلسة لم يستعمل هذا التوكيل إلا فى خصوص نيابته عن الزوج، فانه لا يسوغ القول بأن أثر حضور المحامى عن هذا الخصم ينسحب إلى زوجته لمجرد أن سند التوكيل الصادر له من الزوج الذى أثبت نيابته عنه كان يبيح له أن يمثلها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطاعنة والمطعون عليهما الأول والثانية والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث الوقائع - حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليهما الأول والثانية أقاما الدعوى رقم 115 سنة 1944 كلى المنصورة - على الطاعنة والمطعون عليهما الثالث والرابع - وقالا فى صحيفتها إن المطعون عليه الرابع أقرض المطعون عليه الثالث مبلغ ماية وخمسون جنيها - محرر بها سندين إذنين بمبلغ 607 وذلك فى 11 من ديسمبر سنة 1927 وبضامنة مورثهما المرحوم محمد عبد الوهاب البرعى ولما حكم باشهار إفلاس المدين (المطعون عليه الثالث) تقدم الدائن (المطعون عليه الرابع) بطلب إدراج دينه ضمن ديون التفليسة. فعارض المدين بحجة أن حقيقته ماية وخمسين وما زاد على ذلك إنما هو فوائد ربوية. فأحيل النزاع إلى المحكمة التجارية للفصل فيه وتقدير حقيقة الدين. إلا أن الدائن انسحب ولم يشأ عرض الأمر على المحكمة وحول السندين إلى شقيقته نزهه حشيمه. فرفعت الدعوى رقم 45/ 55 ق أمام محكمة المنصورة المختلطة ضد مورث المطعون عليهما الأولين (الضامن) ولم تختصم المدين حق تنقى منازعته. واستصدرت حكما غيابيا قضى بالزام المورث بأن يدفع مبلغ 607 جنيها والمصاريف. ثم حولته - إلى الطاعنة زوجة أخيها الدائن الأصلى - وذلك فى 14 من مايو سنة 1931. وأنه لما كان المدين قد تصالح مع دائنيه بأن تخلى لهم مع باقى المستحقين معه فى وقف عن نصف استحقاقهم فيه لمدة ست أو ثمان سنوات. حتى يستوفى الدائنون جميع حقوقهم عدا الفوائد التى تنازلوا عنها - وصدقت المحكمة على هذا الصلح فى 6 من مارس سنة 1930 وبذلك رد إلى المفلس اعتباره وأقيم من جانب الدائنين حارس استلم أعيان الوقف وحصل على ريعها لحساب الدائنين حتى انقضت الفترة المحددة فى عقد الصلح. وبرئت بذلك ذمة المدين - وأنه لما كان من شأن الصلح مع التخلى أن تبرأ ذمة الكفيل تبعا لبراءة ذمة المدين - وكان الدين تجاريا يسقط بمضى خمس سنوات - فضلا عن أن الحكم الصادر على مورثهما قد سقط بمضى خمس عشرة سنة فانهما يطلبان الحكم أصليا ببراءة ذمتهما وذمة مورثهما من الدين المقضى به واحتياطيا الحكم لهما بالزام المدين بما قضى به على مورثهما مع فوائده حتى السداد وفى 28 من ديسمبر سنة 1946 قضت محكمة أول درجة برفض الطلب الأصلى وباجابة الطلب الاحتياطى. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة وقيد برقم 63/ 1 ق. وفى 28 من مارس سنة 1950 قضت المحكمة حضوريا للمطعون عليه الرابع وغيابيا للباقين بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة ذمة المطعون عليهما الأول والثانية من الدين الصادر به الحكم الرقيم 13 من نوفمبر سنة 1930 لصالح الست نزهة رباط ومحول للمستأنف عليها الثانية (الطاعنة) بتاريخ 14 من مايو سنة 1931. عارضت الطاعنة فى هذا الحكم، فدفعها المطعون عليهما الأول والثانية بعدم القبول شكلا على أساس أن الحكم الاستئنافى ولو أنه وصف غيابيا إلا أنه فى حقيقته حكم حضورى - وفى 20 من ديسمبر سنة 1950 قضت المحكمة بقبول الدفع وبعدم قبول المعارضة شكلا، فطعن الطاعنون فى هذا الحكم وفى الحكم الصادر فى 28 من مارس سنة 1950 بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليهما الأول والثانية دفعا ببطلان ورقة إعلان الطعن إستنادا إلى أنها أعلنت إلى مكتب الأستاذ عبد اللطيف أحمد المحامى باعتباره المحل المختار لهما وقد رفض الأستاذ المذكور استلام ورقة الاعلان لأن علاقته بموكليه قد انقطعت بصدور الحكم المطعون فيه - فسلم المحضر الاعلان لشيخ البلد - وأنه لما كان الطعن بطريق النقض هو دعوى جديدة مستقلة عن دعوى الموضوع ولها إجراءات خاصة فانه كان يتعين إعلان تقرير الطعن بالنقض إليهما شخصيا أو فى محلهما الأصلى المبين فى ورقة إعلان الحكم، ومن ثم يكون باطلا الإعلان الذى حصل لهما فى المحل المختار المبين فى ذات الإعلان ولا وجه للتحدى فى هذا المقام بأن المادة 380 من قانون المرافعات قد أجازت استثناء إعلان الطعون عامة لنفس الخصم أو فى موطنه الأصلى أو المختار فى ورقة إعلان الحكم لأن مجال ذلك أن يكون المحكوم له قد أغفل إغفالا تاما فى ورقة الإعلان ذكر بيان محله الأصلى وعين بدلا عنه محلا مختارا لما فى ذلك من دلالة على أنه قبل توجيه إعلان الطعن إليه فى المحل الذى اختاره فاذا بين فى الاعلان المحل الأصلى والمختار فلا محيص من وجوب إعلان الطعن فى المحل الأصلى.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق، أن المطعون عليهما الأول والثانية قد بينا فى ورقة إعلان الحكم المطعون فيه موطنهما الأصلى ومحلهما المختار وهو مكتب الأستاذ عبد اللطيف أحمد المحامى، ومن ثم يكون جائزا إعلانهما بالطعن فى هذا المحل الأخير عملا بالمادة 380 من قانون المرافعات. ولا يؤثر فى هذا الإعلان كون المطعون عليهما بينا فى ورقة إعلان الحكم محلهما الأصلى إذ فى اتخاذ المطعون عليهما المكتب المذكور محلا مختارا فى ورقة إعلان الحكم ما يفصح عن رغبتهما فى قيام محل محاميهما مقام موطنهما الأصلى فى إعلان الأوراق الخاصة بالحكم ومنها الطعن بطريق النقض متى كان لم يثبت أن المطعون عليهما أخيرا الطاعنة بتغيير موطنهما المختار فى الإعلان قبل حصول هذا الإعلان ولا يؤثر أيضا فى صحة هذا الإعلان رفض محامى المطعون عليهما تسلمه بحجة أن وكالته قد انتهت بصدور الحكم المطعون فيه - وامتناعه عن تسلم صورة الإعلان كما هو الحال فى الدعوى - مما ترتب عليه تسليمه لجهة الإدارة - وذلك وفقا لنص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 13 من قانون المرافعات.
ومن حيث أنه لما تقدم يكون الدفع بعدم قبول الطعن شكلا على غير أساس متعين الرفض.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم الصادر فى 20 من ديسمبر سنة 1950 والقاضى بعدم قبول معارضتها شكلا فى الحكم الغيابى الصادر من محكمة استئناف المنصورة فى 28 من مارس سنة 1950 تأسيسا على أن مجرد حضور المحامى بصفته وكيلا عن موكله فانه يمثل الموكل بجميع صفاته وهى الصفات التى استمد منها توكيله" - وإذا رتب على ذلك اعتبار الحكم الصادر فى غيبتها بمثابة حكم حضورى ومن ثم لا تجوز فيه المعارضة - أخطأ فى تطبيق القانون ذلك - أن الأستاذ عبد المقصود متولى المحامى كان يحضر عن المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الرابع) وأن المستأنف عليها الثانية (الطاعنة) لم تحضر لا بنفسها ولا بوكيل عنها فى أية جلسة من الجلسات التى حددت لنظر الاستئناف وكان حضور المحامى الأستاذ عبد المقصود متولى لم يتجاوز تمثيله للمطعون عليه الرابع دون الطاعنة مما كان يتعين معه على المحكمة اعتبار الطاعنة متخلفة عن الحضور وأن الحكم الصادر عليها حكم غيابى ولا يغير من هذا النظر أن التوكيل الصادر من زوجها المطعون عليه الرابع إلى المحامى - الأستاذ عبد المقصود متولى - كان صادر إليه من زوجها عن نفسه وبصفته وكيلا عنها لأن المحامى المذكور لم يستعمل هذا التوكيل إلا فى خصوص نيابته عن المطعون عليه الرابع، ولما كان يصح فى منطق العقل والقانون تجزئة التوكيل وقد جزئ فى الدعوى صراحة فإن التعميم الذى ذهب إليه الحكم فيما قرره وأقام عليه قضاءه يكون مخالفا للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال فى هذا الخصوص "ومن حيث إن الحاضر عن المعارض ضدهما الأوليين دفع بعدم قبول المعارضة شكلا على أساس أن الحكم الاستئنافى ولو أنه وصف غيابيا إلا أن حقيقته أنه حكم حضورى بدليل حضور الأستاذ عبد المقصود متولى عن فرنسيس حشيمه، ولما كان هذا الأخير قد وكل الأستاذ المذكور نيابة عن نفسه وبصفته وكيلا شرعيا عن زوجته المعارضة انسحب التوكيل أيضا على زوجته ويكون حضوره أمام القضاء باعتباره ممثلا لفرنسيس حشيمه حضورا أيضا عن زوجته المعارضة.
ومن حيث إن المعارضة دفعت ذلك قولا منها بأن الاستاذ الحاضر عن فرنسيس حشيمه اقتصر فى حضوره عن هذا الأخير بدليل أنه كان يقرر فى محاضر الجلسة أنه حضر عن فرنسيس ولم يذكر صراحة أنه حاضر أيضا عن المعارضة بموجب التوكيل الصادر إليه من موكله الأصيل. ومن حيث إن هذا الاعتراض لا محل له إذ أن مجرد حضور المحامى بصفته وكيلا عن موكله يعتبر تمثيلا لهذا الموكل بجميع صفاته وهى الصفات التى استمد منها توكيله" - وهذا الذى قرره الحكم وأقام عليه قضاءه بعدم قبول المعارضة شكلا غير صحيح فى القانون ذلك أن مجرد حضور المحامى بصفته وكيلا بالحضور عن أحد الخصوم لا يضفى بذاته على المحامى جميع الصفات التى قد تكون لموكله إلا أن يكون هذا الخصم الحاضر قد قوضى بهذه الصفات وذلك لأن المحامى لا يمثل إلا من صرح بقبول تمثيله وقبل هو أن يمثله وأثبت هذه الوكالة عنه أمام المحكمة (م 82 مرافعات) - ومن ثم يمتنع القول بأن أثر حضور المحامى عن أحد الخصوم فى الدعوى ينسحب إلى غيره من خصومها لمجرد أن سند توكيل المحامى الصادر له ممن أثبت وكالته عن كان يبيح له أن يمثل غيره كما هو شأن الطاعنة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم إذ أقيم على خلاف ما تقدم قد خالف القانون فيتعين نقضه وذلك دون حاجة لبحث الطعن الموجه إلى الحكم الصادر فى 28 من مارس سنة 1950 والذى لا محل لوقف الفصل فيه.