أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 6 - صـ 199

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1954
(26)
القضية رقم 123 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، ومحمد نجيب أحمد، وأحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.
( أ ) وارث. اتخاذه إجراء لمصلحة التركة. اعتباره نائبا عن باقى الورثة. مثال فى استرداد المبيع وفائيا.
(ب) وفاء. عرض وإيداع. رفض قبول الدين المعروض عرضا قانونيا بلا مسوغ. خصم رسم الإيداع من الدين. لا خطأ.
(ج) بيع. بيع وفاء. دائن. حق استرداد العين المبيعة. هذا الحق مخول للبائع ولورثته ولمن يقوم مقامهم كالدائن الذى التزم له الورثة بنقل ملكية هذه العين.
(د) دعوى. رسم الدعوى. خصم متدخل فى الدعوى. متى يكون ملزما بسداد الرسوم.
(هـ) أهلية. قاصر. اجازة. حكم. تسبيبه. اجازة القاصر بعد بلوغه تصرفا أجراه الوصى. النعى بأن الوصى باشره وهو لا يملكه. نعى غير منتج.
(و) بيع. بيع وفاء. المصروفات التى يصرفها المشترى وفاء والتى يلزم بها البائع. هى المصروفات الضرورية لحفظ المبيع والمصروفات التى تزيد فى قيمته بشرط أن لا تكون فاحشة.
1 - إذا اتخذ أحد الورثة إجراء لمصلحة التركة يحفظ به حق باقى الشركاء فيها من السقوط فهو يقوم فى هذا الشأن مقامهم ويعتبر فى اتخاذ هذا الإجراء نائبا عنهم. وإذن فمتى كان الثابت من الحكم أن عرض ثمن المبيع وفائيا والملحقات على المشترى وان كان موجها من أحد الورثة إلا أنه قد نص فى محضر الإيداع الذى تم قبل انقضاء المدة المحددة للاسترداد على أن المبلغ السابق عرضه هو من مال الورثة جميعا وأن الوارث الذى قام بالعرض قد باشره نيابة عنهم وكان المبلغ المودع يفى بما يجب أداؤه من الثمن ورسم التسجيل. فان إجراءات استرداد العين المبيعة وفائيا تكون قد تمت صحيحة من جميع الورثة ويكون الحكم إذ قضى بصحة هذه الإجراءات قد أقام قضاءه على أساس يكفى لحمله ولا يعيبه ما استطرد إليه تزيدا من أنه ليس ما يمنع قانونا انفراد بعض ورثة البائع وفائيا باسترداد كامل العين المبيعة.
2 - متى كان المشترى وفائيا قد رفض قبول عرض الثمن والملحقات بغير مسوغ قانونى فان قيام ورثة البائع بخصم رسم الإيداع من المبلغ المعروض لا يؤثر على صحة العرض والإيداع.
3 - لما كان حق استرداد العين المبيعة وفائيا مخولا أصلا للبائع ولورثته، فإنه يجوز استعماله لمن يقوم مقام الورثه وهو الدائن لهم والملتزمون قبله بنقل ملكية العين محل الاسترداد إليه. وإذن فمتى كان ورثة البائع وفائيا قد باعوا العين إلى شخص ورفعوا الدعوى بطلب استرداد هذه العين من المشترى وفائيا ثم تنازل بعض الورثة عن طلب الاسترداد محتفظين بحقهم فى الثمن المودع، فان الحكم إذ قبل تدخل المشترى من الورثة منضما إلى باقى المدعين فى طلب الاسترداد لا يكون قد خالف القانون.
4 - إذا كان الخصم المتدخل فى الدعوى ليس له طلبات مستقلة وإنما انضم إلى المدعى فيها فلا يكون ملزما باداء رسم الدعوى إلا إذا لم يكن هذا الرسم قد حصل من المدعى.
5 - متى كان القاصر بعد أن بلغ سن الرشد قدم مذكرة تتضمن موافقته على الحكم الابتدائى القاضى برد العين المبيعة وفائيا إليه وإلى باقى الورثة وبطلب تأييده فانه يكون غير منتج التمسك بأن الوصى قد طلب الاسترداد باسم القاصر وهو لا يملك هذا الحق إذ فى موافقة القاصر على الحكم اجازة لعمل الوصى.
6 - البائع وفائيا لا يلزم وفقا لنص المادة 344 من القانون المدنى القديم إلا بالمصروفات الضرورية التى صرفها المشترى لحفظ المبيع من التلف أو الهلاك وكذلك بالمصروفات التى تزيد فى قيمة المبيع بقدر ما زاد من قيمته بشرط أن لا تكون فاحشة، وأما المصروفات التى ينفقها المشترى لاستغلال المبيع وفائيا فلا يلزم بها البائع، متى كان انفاقها فى مقابل استغلاله لهذا المبيع وقبض ثمراته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعن والمطعون عليهما الأول والتاسع والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه، ومن سائر الأوراق، تتحصل فى أن محمد ابراهيم باع إلى محمد على صالح 37 فدان بزمام زاوية الجدامى مركز مغاغة بيعا وفائيا نظير مبلغ 1110 جنيها وذلك بموجب العقد المحرر فى 10 نوفمبر سنة 1942 والمسجل فى 23 من نوفمبر سنة 1942 برقم 3442، وقد احتفظ البائع لنفسه بحق إسترداد العقار المبيع فى خلال سنتين تنتهيان فى 9 من نوفمبر سنة 1944، فإذا لم يستعمل حقه فى المدة المحددة أصبح البيع نهائيا. وبعقد مؤرخ فى 11 من أكتوبر سنة 1943 ومسجل فى 20 من نوفمبر سنة 1943 حول المشترى وفائيا محمد على صالح عقد البيع المشار إليه إلى الطاعنين لقاء قبض الثمن ومقداره 1110 جنيها، ونص فى البند الثامن من مشارطة التحويل بأن للبائع وفائيا الحق فى إستعمال ما جاء بالبند السابع من عقد البيع الوفائى، وله الحق فى إسترداد العقارات المبيعة وفائيا فى ظرف سنة تنتهى فى 9 من نوفمبر سنة 1944. وفى 4 من نوفمبر سنة 1944 وجه محمد محمد إبراهيم - المطعون عليه الأول - وهو أحد ورثة البائع إنذار إلى المشترى محمد على صالح وإلى الطاعنين أبدى فيه رغبته فى استرداد العين المبيعة وعرض الثمن ومقداره 1110 جنيها، ومبلغ 40 جنيها و850 مليم مقابل المصروفات، فلم يقبل الطاعنان هذا العرض وأجابا المحضر بأنه عرض ناقص إذ أن المورث مدين لهما فى مبالغ تزيد عن 8000 جنيها. وفى 8 من نوفمبر سنة 1944 أودع المطعون عليه الأول المبلغ المعروض بخزانة المحكمة، وقرر أنه من مال ورثة البائع محمد ابراهيم. وأقام ورثة البائع وهم الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وصيا على أخيه المطعون عليه الثانى عويس محمد ابراهيم ووهيبه على عبد الصمد وروحية محمد ابراهيم وزكية محمد ابراهيم الدعوى رقم 107 سنة 1945 المنيا الابتدائية على الطاعنين ومحمد على صالح مورث المطعون عليهم من السابع إلى الأخير، وطلبوا فيها الحكم بأحقيتهم بصفتهم ورثة محمد ابراهيم فى استرداد الـ 37 فدان المبينة الحدود بصحيفة الدعوى ومحو التسجيلات الموقعة عليها. ثم نزل المدعون عن مخاصمة محمد على صالح، وفى 4 من أكتوبر سنة 1945 أثبتت المحكمة ذلك. فتدخل هذا الأخير فى الدعوى مؤيدا طلبات المدعين فيها، فانسحبت وهيبة وروحية من الدعوى، وقدم الطاعنان إقرارا منهما بأن محضرى العرض والإيداع غير صحيحة. ثم رفع محمد على صالح مورث المطعون عليهم من السابع إلى الأخير الدعوى رقم 164 سنة 1945 المنيا الابتدائية على الطاعنين والمطعون عليهم الأربعة الأولين، وطلب فيها الحكم بصحة التعاقد الصادر من المدعى عليهم ببيع 46 فدان الموضحة الحدود بصحيفة الدعوى بثمن مقداره 2300 جنيها، بمقتضى عقد البيع المؤرخ فى 29 من أكتوبر سنة 1941 - فدفع الطاعنان بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، كما دفعا بصورية عقد البيع المذكور. فقررت المحكمة ضم هذه الدعوى إلى الدعوى رقم 107 سنة 1945. وفى 30 من ابريل سنة 1946 قضت أولا: فى الدعوى رقم 107 سنة 1945 بأحقية المدعين فيها بصفتهم ورثة محمد ابراهيم على فى استرداد الأطيان المبيعة بمقتضى العقد المؤرخ فى 10 من نوفمبر سنة 1942 ومحو التسجيلات الموقعة عليها واعتبارها كأن لم تكن. وثانيا - فى القضية رقم 164 سنة 1945 بصحة التعاقد الحاصل بين محمد على صالح والمطعون عليهم الأربعة الأولين فى 29 من أكتوبر سنة 1944 والصادر من المطعون عليهم المذكورين ببيع 46 فدانا المبينة الحدود بصحيفة الدعوى بثمن مقداره 2300 جنيه، فاستأنف الطاعنان هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم 791 سنة 63 ق القاهرة، وفى 23 من يناير سنة 1951 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وفى موضوعه برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعنان الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب: يتحصل السبب الأول فى أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية المدعين فى الدعوى رقم 107 سنة 1945 فى استرداد العين المبيعة ومقدارها 37 فدانا مقابل المبلغ المودع فى خزانة المحكمة بتاريخ 8 من نوفمبر سنة 1944 ومقداره 1139 جنيها و445 مليما فقد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، ذلك أولا: لأن العرض حصل من محمد محمد ابراهيم المطعون عليه الأول بصفته الشخصية، والإيداع حصل لحساب ورثة محمد ابراهيم جميعا طبقا لأنصبتهم الشرعية ثانيا: لأن المبلغ المودع لا يفى بالثمن والملحقات كما تقضى بذلك المادة 344 من القانون المدنى القديم، وأما ما تقوله محكمة ثانى درجة من أن العرض وإن كان قد حصل بصفة والإيداع حصل بصفة أخرى فلا ضرر من ذلك، ما دام أن الإيداع حصل قبل المدة المحددة الاسترداد، هذا القول مردود بأنه متى كان العرض حصل خاطئا من المطعون عليهم فكان يجب على الورثة إيداع الثمن والملحقات كاملة، إلا أنهم خصموا مبلغ 11 جنيها و405 مليما رسم الإيداع ودمغة الإيصال، مع أن خطأهم فى العرض يحملهم قانونا هذه المصروفات. ثالثا: لأن السيدتين وهيبه وروحيه نزلتا عن الدعوى واحتفظتا بحقهما فى المبلغ المودع، كما أن الوصى لا يحق له قانونا الإسترداد باسم القاصر. وكان يتعين على من يريد الاسترداد باسمه من باقى الورثة أن يفى بنصيب الباقين فى قيمة الثمن والملحقات. رابعا:لأن المحكمة اعتبرت محمد على صالح خصما ثالثا فى الدعوى الأولى، مع أنه قدم طلبات إيجابية وطلب الحكم له بالاسترداد بدلا من السيدتين اللتين نزلتا عن الدعوى. فكان يتعين عليه وقد أقام نفسه مدعيا أن يدفع الرسم عن دعواه حتى تعتبر قائمة ويمكن الفصل فيها. خامسا: لأنه فضلا عن أن المبلغ أودع ناقصا رسم الإيداع ودمغة الإيصال فإنه أودع ناقصا أيضا رسم التسجيل وما صرف فى العين موضوع بيع الوفاء.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع أوجهه مردود بما أورده الحكم المطعون فيه الذى قرر فى خصوص تدخل محمد على صالح فى الدعوى رقم 107 سنة 1945 وانضمامه إلى باقى المدعين فى طلباتهم الخاصة بالاسترداد أنه كان بناء على ما له من استعمال حقوق السيدتين اللتين نزلتا عن الدعوى باعتبارهما مدينتين له بما على البائع من إلتزام بنقل ملكية العين المبيعة وتسليمها للمشترى، وقد دل نزولهما على سوء نيتهما إضرارا به ونقضا منهما لما تعهدتا به مع باقى الورثة بالتضامن فليس لنزول السيدتين المذكورتين عن الإسترداد تأثير على طلب الاسترداد الحاصل من محمد محمد ابراهيم فى الميعاد المحدد له. وأما فيما يختص بالقاصر المطعون عليه الثانى فقد قرر الحكم بأنه بعد بلوغه سن الرشد قدم مذكرة موقعا عليها منه تفيد أنه لا مطعن له على الحكم الإبتدائى وأنه موافق عليه، وفى ذلك أجازة منه لطلب استرداد المبيع وفائيا - وأما القول بأن العرض الحاصل فى 4 من نوفمبر سنة 1944 إنما صدر من المطعون عليه الأول وحده شخصيا دون باقى الورثة وأن المبلغ الذى عرض ثم أودع لا يفى بما يجب أداؤه للمشترى وفائيا فمردود بما تقدم بيانه وبما ورد فى محضر الإيداع من أن المبلغ السابق عرضه هو من مال الورثة جميعا وأن المطعون عليه الأول قام بعرضه نيابة عنهم. وأن المبلغ المودع يفى بأصل الثمن ورسم تسجيل عقد البيع الوفائى، ولا شأن للمسترد بالحوالة الحاصلة من المشترى. وأما فيما يختص بالمصروفات التى زعم المستأنفان (الطاعنان) أنهما أنفقاها لاستغلال الأطيان موضوع البيع الوفائى المحول لهما فقد نص فى عقد تحويل البيع الوفائى على أنهما مسئولان عن رد الأطيان المبيعة إلى البائع وفائيا إذا رد إليهما مبلغ 1110 جنيها قيمة التحويل، كما نص فى عقد البيع الوفائى على أن البائع يحتفظ لنفسه بالحق فى أثناء مدة السنتين فى استرداد العقارات المبيعة وفائيا نظير رد الثمن، فلا محل لتمسك المستأنفين بعدم تناول العرض والإيداع قيمة هذه المصروفات لأن هذا الطلب خارج عن نطاق الدعوى إذ ليست هى من قبيل المصروفات اللازمة التى نص عليها القانون... ... وجميع هذا الذى انتهى إليه الحكم لا مخالفة فيه للقانون. ذلك أنه متى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن عرض الثمن والملحقات على الطاعنين وإن كان موجها من المطعون عليه الأول، إلا أنه قد نص فى محضر الإيداع المؤرخ فى 8 من نوفمبر سنة 1948 الذى تم قبل انقضاء المدة المحددة للاسترداد على أن المبلغ السابق عرضه هو من مال الورثة جميعا، وأن المطعون عليه الأول قام بعرضه نيابة عنهم وأن المبلغ المودع يفى بما يجب أداؤه من الثمن ورسم تسجيل عقد البيع الوفائى، وكان الورثة شركاء فى عقد البيع الوفائى المؤرخ 10 من نوفمبر سنة 1942 والمسجل فى 23 من نوفمبر سنة 1942 برقم 3442 كل بحسب نصيبه باعتبارهم ورثة البائع وفائيا، فإنه إذا اتخذ إجراء لمصلحة التركة يحفظ به حق باقى الشركاء فيها من السقوط فهو يقوم فى هذا الشأن مقامهم ويعتبر فى اتخاذ هذا الإجراء نائبا عنهم، وقد تأيدت هذه النيابة بما ورد فى محضر الإيداع المؤرخ 8 من نوفمبر سنة 1944 من أن المبلغ المودع من مال الورثة جميعا، وأن المطعون عليه الأول إذ قام بعرضه فى 4 من نوفمبر سنة 1944 فإنما كان بصفته نائبا عنهم. ومن ثم تعتبر إجراءات طلب استرداد العين المبيعة وفائيا قد تمت من الورثة جميعا فى الميعاد المتفق عليه عقد البيع المشار إليه. لما كان ذلك يكون غير منتج البحث فيما ينعاه الطاعنان على الحكم بالخطأ فى القانون إذ قرر أنه ليس ما يمنع قانونا إنفراد بعض ورثة البائع وفائيا باسترداد كامل العين المبيعة تأسيسا على أن حق الاسترداد غير قابل للتجزئة، فلا يصح لأحد الورثة أن ينفرد باسترداد جزء من البيع، ذلك أنه متى كان الحكم المطعون فيه قد خلص من واقع الدعوى أن ورثة البائع وفائيا قد تمسكوا جميعا بحقهم فى استرداد العين المبيعة وأن المطعون عليه الأول إنما عرض نيابة عن باقى الورثة كامل الثمن والملحقات، وأن هذا العرض قد تم صحيحا ومنتجا لأثره، فلما امتنع الطاعنان عن تسلم المبلغ المعروض أودع المطعون عليه الأول نيابة عن الورثة ومن ما لهم مبلغ 1139 جنيها و445 مليما وهو عبارة عن الثمن ورسم التسجيل بعد خصم 11 جنيها و405 مليما قيمة رسم الإيداع ودمغة الإيصال لأن امتناع الطاعنين عن تسلم المبلغ المعروض عليهما لا مبرر له. ولما كان هذا الذى قرره الحكم يكفى وحده لإقامته فى هذا الخصوص، فإن ما أورده الحكم بعد ذلك هو تزيد لا جدوى من التعرض له. وأما القول بأن السيدتين وهيبة وروحية قد نزلتا عن الدعوى واحتفظتا بحقهما فى المبلغ المودع، وأن الوصى لا يجوز له قانونا الإسترداد باسم القاصر فمردود بما أورده الحكم المطعون فيه من أن السيدتين المذكورتين قد تصرفتا مع باقى الورثة ببيع 46 فدانا إلى محمد على صالح بمقتضى عقد البيع المؤرخ 29 من أكتوبر سنة 1944، وأن العين المبيعة تشمل الـ 37 فدانا الواردة بعقد تحويل البيع الوفائى المؤرخ 11 من أكتوبر سنة 1943 والمسجل فى 20 من نوفمبر سنة 1943 وقد أقام المشترى محمد على صالح الدعوى رقم 164 سنة 1945 وطلب صحة التعاقد عن عقد البيع الصادر له من ورثة محمد ابراهيم، كما تدخل فى الدعوى رقم 107 سنة 1945 منضما إلى باقى المدعين فى طلباتهم الخاصة بالاسترداد بناء على ماله من استعمال حقوق السيدتين المذكورتين باعتبارهما مدينتين له إذ هما ملتزمتان بالتضامن مع باقى الورثة بنقل ملكية العين المبيعة وتسليمها له، وأن نزولهما عن الدعوى هو نكوص منهما عما تعهدتا به فى عقد البيع قصد منه الإضرار بالمشترى. ولما كان حق الاسترداد مخولا أصلا للبائع ولورثته من بعده، فإنه يجوز استعماله لمن يقوم مقام الورثة. وهو الدائن لهم والملتزمون قبله بنقل ملكية العين محل الإسترداد إليه. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لم يخالف القانون إذ قبل تدخل محمد على صالح فى الدعوى لوجود مصلحة له فى الإنضمام إلى المدعين فى طلب الاسترداد. ولا يؤثر فى هذا النظر أن المحكمة وقد اعتبرت محمد على صالح خصما ثالثا فى الدعوى لم تحصل الرسم منه مع أنه قدم طلبات إيجابية، ذلك أن المادة الثامنة من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية تنص على فرض رسم الدعوى على المتدخل منضما إلى المدعى أو من فى حكمه إذا لم يكن الرسم قد حصل، أو كانت له طلبات مستقلة استحق الرسم عن هذه الطلبات. ولما كان محمد على صالح قد تدخل فى الدعوى منضما إلى المدعين فيها، ولم تكن له طلبات مستقلة فلا يكون ملزما بأداء رسم الدعوى إلا إذا لم يكن هذا الرسم قد حصل من المدعين فيها وهو ما لم يقل به الطاعنان وأما القول بأن الوصى وهو المطعون عليه الأول لا يجوز له طلب الإسترداد باسم القاصر وهو المطعون عليه الثانى فهو غير مجد، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن هذا الأخير أجاز هذا التصرف بعد بلوغه سن الرشد بأن قدم مذكرة فى 21 من فبراير سنة 1949 تتضمن أن لا مطعن له على الحكم الإبتدائى وأنه يوافق عليه ويطلب تأييده. وأما ما ينعاه الطاعنان على الحكم من أن المبلغ المودع لا يفى بالثمن وملحقاته إذ ينقصه رسم التسجيل وما صرف فى العين موضوع بيع الوفاء. فمردود بأنه متى كان العرض الحاصل فى 4 من نوفمبر سنة 1944 قد اعتبرته المحكمة صحيحا للأسباب السابق الإشارة إليها وقد شمل مبلغ الدين ومقداره 1110 جنيهات ورسم التسجيل ومقداره 40 جنيها و850 مليما فلما امتنع الطاعنان عن تسلمه أودع هذا المبلغ خزانة المحكمة بعد خصم 11 جنيها و405 مليمات قيمة رسم الإيداع ودمغة الإيصال لامتناع الطاعنين عن تسلم المبلغ المعروض عليهما بغير وجه حق كما سبق بيانه. ولا محل لإلزام ورثة البائع وفائيا برسم تسجيل عقد التحويل الصادر لهما من محمد على صالح فى 11 من أكتوبر سنة 1943 إذ أن المورث لم يكن طرفا فى هذا العقد ولا شأن للورثة فيه. وأما عن المصروفات التى يقول الطاعنان إنهما أنفقاها على العين موضوع النزاع فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن هذا الطلب خارج عن نطاق الدعوى وأنها ليست من المصروفات اللازمة التى نص عليها القانون، لم يخالف القانون، ذلك أن الفقرة الأخيرة من المادة 344 من القانون المدنى القديم الذى يحكم النزاع نصت على أنه لا يجوز للبائع بيع وفاء أن يفسخ البيع إلا إذا عرض على المشترى فى الميعاد المعين أن يؤدى له المصاريف اللازمة التى صرفها المشترى غير ما صرفه لصيانة المبيع، ثم يؤدى أيضا ما زاد فى قيمة المبيع بسبب المصاريف الأخرى التى صرفها المشترى بشرط أن لا تكون فاحشة، ومؤدى هذا النص أن البائع يلزم بالمصروفات الضرورية التى صرفها المشترى لحفظ المبيع من التلف أو الهلاك، وكذلك بالمصروفات التى تزيد فى قيمة المبيع بقدر ما زاد من قيمته بشرط أن لا تكون فاحشة وأما المصروفات التى ينفقها المشترى لاستغلال الأطيان المبيعة له وفائيا فلا يلزم بها البائع، متى كان إنفاقها فى مقابل استغلاله لها وقبض ثمراتها، ولما كانت المصروفات التى يقول الطاعنان إنهما أنفقاها كانت لاستغلال الأطيان محل عقد البيع الوفائى فإنها لا تعتبر من المصروفات اللازمة التى نص القانون على إلزام البائع بردها.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه إذ اتخذ من سحب محمد على صالح مبلغا من النقود من البنك الأهلى قبل محضر العرض قرينة على صحة العقد المؤرخ فى 29 من أكتوبر سنة 1944، وإذ رفض طلب الطاعنين إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية العقد، أو أنه شرط وفائى يخفى رهنا، قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك لأن هذه القرينة غير قاطعة، وليس بالأوراق ما يستفاد منه أن المبلغ المنصرف من البنك دخل كله أو جزء منه فى المبلغ المعروض. وسواء أكان المبلغ الوارد بعقد البيع المذكور هو حقيقة الثمن أو أقل أو أكثر منه فإنه الطعن على العقد ينصب على أنه شرط وفائى يخفى رهنا وأن هناك ورقة ضد تتضمن أنه لو دفع المبلغ فى ميعاد غايته أكتوبر سنة 1946 كان محمد على صالح ملزما برد الأطيان، ولو ثبت ذلك لاعتبر العقد باطلا لا يرتب إلا التزاما بدين عادى. ولما كان الطاعنان من الغير فلهما أن يثبتا هذه الواقعة بكافة طرق الإثبات. والمحكمة إذ رفضت إحالة الدعوى على التحقيق فقد خالفت القانون وأخلت بحق الطاعنين فى الدفاع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ نفى الصورية عن عقد البيع المؤرخ 29 من أكتوبر سنة 1944 محل دعوى صحة التعاقد رقم 164 سنة 1945، ورفض إحالة الدعوى على التحقيق، أقام قضاءه على أن هذه الصورية تنفيها قرائن الأحوال وأخصها اشتراط المشترى على البائعين أن يدفعوا للمستأنفين (الطاعنين) مبلغ 1110 جنيهات مقابل استرداد الـ 27 ف السابق بيعها إليه وفائيا من مورثهم بعقد البيع الوفائى الذى حوّله هو إلى المستأنفين، وذلك فى الموعد المحدد للاسترداد، وأن المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الأول) قام فعلا بتنفيذ ذلك بالعرض والإيداع السالف الذكر، كما أودع خزانة المحكمة - عن نفسه وبصفته نائبا عن باقى ورثة والده فى 11 من نوفمبر سنة 1944 1189 جنيها و330 مليما على ذمة المستأنف الثانى وفاء للدين الذى وجه إليهم من أجله تنبيه نزع الملكية فى أول مارس سنة 1944، وأن مجموع المبلغين المودعين يساوى الثمن الوارد بالعقد المؤرخ 29 من نوفمبر سنة 1944 وهو 3300 جنيه، وكان هذا الإيداع بعد تاريخ هذا العقد بفترة وجيزة مما يشير إلى أن البيع المذكور هو مصدر هذين المبلغين. وقد قدّم محمد على صالح لمحكمة أول درجة بجلسة 17 من يناير سنة 1945 تعزيزا لذلك قسيمتى صرف باسمه من فرع البنك الأهلى ببنى سويف إحداهما بمبلغ 2000 جنيه فى 15 من سبتمبر سنة 1944 والأخرى بمبلغ 1000 جنيه فى 3 من أكتوبر سنة 1944 وكلا التاريخين سابق على تاريخ عقد البيع المذكور بأيام قليلة، وأن هذه القرائن مجتمعة تنفى ادعاء المستأنفين صورية العقد صورية مطلقة أو على الصورة التى عيناها وهى أنه قد حررت ورقة ضد وسلمت للمستأنف عليه الأول تتضمن أنه إذا قام بدفع مبلغ 1000 جنيه إلى محمد على صالح فى ميعاد سنتين كان هذا الأخير ملزما برد المبيع. ولا ترى المحكمة مع ما تقدم محلا لما طلبه المستأنفان (الطاعنان) من إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات الصورية بالمعنى الذى قال به المستأنفان وهو أنه عقد رهن حرر فى صورة عقد بيع وفائى. وهذا الذى أقام عليه الحكم قضاءه مستمدا من واقع الدعوى والمستندات المقدمة فيها يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها. ومتى كان استخلاص الحكم المطعون فيه من القرائن السابق بيانها هو استخلاص سليم، فلا تثريب على المحكمة بعد ذلك إذ هى رأت أن لا محل لإجابة الطاعنين إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الصورية ما دام قد توفر لديها من العناصر ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فيها.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور، ذلك أنه ثابت فى محضر جلسة 27 من فبراير سنة 1950 أن المحكمة لاحظت أن عقد البيع المؤرخ 29 من أكتوبر سنة 1944 موضوع القضية رقم 164 سنة 1945 قد شمل نصيب القاصر عويس محمد ابراهيم الشهير بقرنى مع أنه ليس موقعا عليه منه أو من وصيه كما لم يقره بعد بلوغه سن الرشد، وثابت أن الطاعنين قدما إقرارا مؤرخا أول سبتمبر سنة 1948 موقعا عليه منه يتضمن نزوله عن حصته للطاعنين وإقراره بصورية هذا العقد، وبوجود ورقة ضد تحت يد أخيه محمد محمد ابراهيم المطعون عليه الأولى وبتعهده بالطعن بهذه الصورية أمام المحكمة. إلا أن المحكمة لم تشر إلى هذا الإقرار واكتفت بالقول بأن القاصر قدّم مذكرة تفيد أن لا مطعن له على الحكم، مع أن الطاعنين لفتا نظير المحكمة إلى تواطئه مع باقى المطعون عليهم وأن المذكرة لاحقة للإقرار فلا قيمة لها. يضاف إلى ذلك أنه لم يعن بالرد على دفاع الطاعنين من عدم قبول طلبات محمد على صالح كخصم ثالث وعدم أحقية المطعون عليهم فى خصم رسم الإيداع والدمغة ووجوب إثبات نزول السيدتين وهيبه وروحيه عن الدعوى، إلا أن المحكمة لم تشر إلى هذا الدفاع مع إعسار التركة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولا بأن الطاعنين لم يقدما صورة رسمية من محضر جلسة 27 من فبراير سنة 1950 والمقول بأن المحكمة لاحظت فيه أن عقد البيع المؤرخ فى 29 من أكتوبر سنة 1944 موضوع القضية رقم 164 سنة 1945 قد شمل نصيب القاصر مع أنه ليس موقعا عليه منه أو من وصيه أو أنهما قدما إلى محكمة الموضوع الإقرار المؤرخ فى أول سبتمبر سنة 1948 المتضمن نزول المطعون عليه الثانى عن حصته للطاعنين وإقراره بصورية عقد البيع المشار إليه، أو أنهما تحديا بهذا الدفاع أمام المحكمة. فضلا عن ذلك فإن الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الثانى - وهو صاحب الشأن فى ذلك - قدم مذكرة بعد بلوغه سن الرشد لمحكمة ثانى درجة قرر فيها أنه لا مطعن له على الحكم الابتدائى، وطلب تأييده، وكان هذا الحكم قد قضى بصحة التعاقد عن عقد البيع المؤرخ 29 من أكتوبر سنة 1944 فهو بذلك يكون قد أجاز هذا التصرف. ومردود ثانيا بأن الحكم المطعون فيه قد رد على ما ورد بدفاع الطاعنين فى خصوص طلبات محمد على صالح، وعدم أحقية المطعون عليهم فى خصم رسم الايداع والدمغة، ونزول السيدتين وهيبة وروحية عن الدعوى وقرر أن محمد على صالح تدخل فى الدعوى منضما إلى باقى المدعين، وأبان أن عرض الثمن على الطاعنين كان صحيحا، وأن مؤدى ذلك أن لا يلزم ورثة البائع برسم الإيداع ودمغة الإيصال، متى ثبت أن الطاعنين لم يكونا محقين فى رفض العرض، واستخلص الحكم من واقع الدعوى أن نزول السيدتين وهيبة وروحية عنها كان بسوء نية إضرارا بمحمد على صالح فلا تأثير له على الدعوى، وأنه لم يقم دليل على أنه قد ترتب على عقد البيع المؤرخ 29 من أكتوبر سنة 1944 إعسار الورثة عن الوفاء من باقى التركة بباقى ديون الطاعنين على مورثهم بعد المبلغين المودعين خزانة المحكمة والسابق الإشارة إليهما أو أن هناك ديونا أخرى على المورث لأشخاص آخرين لا يفى الباقى من التركة للوفاء بها، وهذا الذى قرره الحكم سائغ يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها، ويكفى لحمله فى هذا الخصوص.
ومن حيث إنه مما تقدم يكون الطعن على غير أساس مما يستوجب رفضه.