أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 6 - صـ 315

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1954
(39)
القضية رقم 277 لسنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمد أمين زكى، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.
( أ ) نقض. طعن. حكم بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين. فصله فى أساس النزاع بأن اعتبر العين المطالب بريعها مملوكة للمدعى وأن ادعاء المدعى عليه ملكيتها هو ادعاء غير جدى. جواز الطعن فيه بطريق النقض على استقلال. المادة 378 مرافعات.
(ب) تقادم. وضع يد. حيازة الدائن المرتهن. هى حيازة عارضة. لا تنتقل بها الملكية مهما طال الزمن.
(ج) دعوى. ريع. ادعاء ملكية العين المطالب بريعها. استظهار المحكمة أن الادعاء بالملكية غير جدى. عدم إيقافها دعوى الريع حتى يفصل فى النزاع على الملكية. لا خطأ.
(د) تقادم. وضع يد. سبب صحيح. الإرث لا يصلح لأن يكون سببا صحيحا.
(هـ) رهن. دعوى حساب. إنابة المدين الدائن فى تحصيل ريع العين. النعى على الحكم بالخطأ فيما قرره من أن الرهن التأمينى قد انقلب إلى رهن حيازى. غير منتج.
(و) دفاع. إجراءات. استكمال المحكمة دفاع الخصوم ثم منحهم أجلا كافيا لتقديم مذكرات ومستندات. عدم إجابتها طلب الخصوم مد أجل الحكم لتقديم مذكرات. لا إخلال بحق الدفاع.
1 - متى كان الحكم إذ قضى بندب خبير لتصفية الحساب وإجراء عملية الاستهلاك قد فصل بملزومية المدعى عليه بتقديم الحساب عن الريع تأسيسا على نفى ملكيته للعين المطالب بريعها ومنتهيا من بحثه إلى أن هذه العين ملك المدعى وأن يد المدعى عليه هى يد عارضة خلافا لما كان يدعيه من أنها يد مالك لا يصح أن يسأل فيها عن تقديم الحساب، فإن هذا الحكم يعتبر حكما قطعيا من هذه الناحية ومنهيا لجزء من الخصومة مما يجوز معه الطعن فيه استقلالا عملا بالمادة 378 من قانون المرافعات.
2 - حيازة الدائن المرتهن للعين المرهونة هى حيازة عارضة لا تنتقل بها الملكية مهما طال الزمن.
3 - لا تثريب على المحكمة إن هى لم توقف دعوى حساب عن ريع عين من الأعيان يدعى المدعى عليه فيها أن العين ملكه وأنه لا وجه لإلزامه بتقديم الحساب متى كانت قد رأت بأسباب سائغة أن الادعاء بالملكية على غير أساس وأنه بذلك لا يصلح أن يكون سببا لوقف دعوى الحساب أو رفضها.
4 - لا يصلح الإرث أن يكون سببا صحيحا للتملك بالتقادم الخمسى.
5 - النعى على الحكم بالخطأ فيما قرره من أن الرهن التأمينى انقلب إلى رهن حيازى هو نعى غير منتج فى دعوى الحساب التى تقوم على أساس ما هو ثابت من أن المدين أناب الدائن فى تحصيل ريع العين المرهونة، فالدائن بوصفه نائبا ملزم بتقديم حساب عما أنيب فيه ولا جدوى بعد هذا من البحث فى أثر هذا الاتفاق على الرهن التأمينى وهل يحيله إلى رهن حيازى أو لا يحيله.
6 - متى كانت المحكمة قد استكملت فى الدعوى دفاع الخصوم ثم منحتهم أجلا كافيا لتقديم المذكرات والمستندات فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بإجابة تأجيل النطق بالحكم مرة أخرى لتقديم مذكرات متى كانت قد كونت عقيدتها مما أبدى فى الدعوى وما قدم فيها من أوراق ويكون فى غير محله النعى عليها بالإخلال بحق الدفاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامى عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليهم عدا المطعون عليه السادس أقاموا بصفتهم ورثة المرحوم محمد بك خليل على الطاعن بصفته أحد ورثة المرحوم ابراهيم بك سليم الدعوى رقم 266 لسنة 1944 مدنى كلى مصر المعلنة صحيفتها فى 17/ 11/ 1943 وقالوا فيها إن مورثهم اقترض من مورث الطاعن مبلغ 1250 جنيها بموجب عقد رهن محرر بقلم الرهون بمحكمة مصر المختلطة فى 29/ 5/ 1917 ونص فيه على الفوائد بواقع 9% وعلى أن المدين رهن للدائن منزلا كائنا فى مدينة أشمون تأمينا لمبلغ الدين الذى اتفق الطرفان على دفعه هو وفوائده من إيجار المنزل على أقساط سنوية تنتهى فى 15/ 5/ 1921 وفى نظير ذلك نزل الراهن للمرتهن عن أجرة العقار واشترط أنه ليس للمدين حق النزول عن هذه الأجرة لأحد إلا باتفاق مع الدائن وأنه بموجب هذا الاتفاق وضع مورث الطاعن يده على العقار المرهون إلى أن توفى سنة 1929 ومن بعده وضع الطاعن يده على المنزل، وتأسيسا على ذلك طلب المدعون الحكم بإلزام الطاعن بتقديم حساب مؤيد بالمستندات، وفى مذكرتهم الختامية طلبوا ندب خبير لتصفية الحساب وإجراء عملية استهلاك الدين استنادا إلى أن الطاعن ومن قبله مورثه وضعا اليد بصفتهما مرتهنين للمنزل رهنا حيازيا - ودفع الطاعن الدعوى بأن المنزل المدعى برهنه مملوك له وقد انتقلت إليه ملكيته عن والده دون علمه بأن العقار مرهون كما أن المنزل مكلف باسم مورثه الذى ظهر بمظهر المالك وجابه مدينه بذلك فلم يعارض أو ينازع فى هذه الملكية ومن ثم يكون وضع يد الدائن المرتهن قد انقلب من مرتهن حائز إلى مالك ظاهر، وقد كسب ولده الطاعن من بعده الملكية بوضع يده ووضع يد مورثه من قبله على المنزل بالتقادم بمضى المدة الطويلة ابتداء من سنة 1917 حتى تاريخ رفع الدعوى وفى الأول من مايو سنة 1944 قضت المحكمة بندب خبير هندسى لتصفية حساب المنزل المرهون ولإجراء عملية الاستهلاك وبعد أن استعرضت المحكمة شروط عقد الرهن حسبما سبق بيانه قالت إن وضع يد الطاعن ومورثه على المنزل كان بصفة كل منهما مفوضا بالتأجير وهى صفة يستحيل معها أن ينقلب وضع يدهما إلى وضع يد بنية التملك وأنه لا محل بعد ذلك لبحث ما قاله الطاعن من أنه تملك العقار بوضع اليد عليه بمضى المدة استأنف الطاعن وقيد استئنافه برقم 1055 لسنة 61 ق محكمة استئناف القاهرة وبجلسة 23/ 4/ 1949 طلب المطعون عليه السادس دخوله خصما ثالثا فى الاستئناف منضما للمستأنف فى طلباته. وفى 25 من فبراير سنة 1951 قضت المحكمة بقبول الخصم الثالث وبتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن بالطعن فى الحكم الاستئنافى بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى المطعون عليهم الخمسة الأولين، أما بالنسبة للمطعون عليه السادس محمد لبيب سليم الخصم الثالث فقد أغفل الطاعن إعلانه بتقرير الطعن مع أنه كان مختصما أمام محكمة الاستئناف وقبل تدخله ومن ثم يترتب على عدم إعلانه عملا بالمادة 431 مرافعات بطلان الطعن وعدم قبوله شكلا بالنسبة إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن كان قد قضى بندب خبير لتصفية الحساب وإجراء عملية الإستهلاك إلا أنه قد فصل بملزومية الطاعن بتقديم الحساب عن الريع تأسيسا على نفى ملكية الطاعن للمنزل المطالب بريعه ومنتهيا من بحثه إلى أن المنزل ملك للمطعون عليهم عدا السادس وأن يد الطاعن ومورثه من قبل هى يد عارضة خلافا لما كان يزعم الطاعن من أنها يد مالك لا يصح أن يسأل فيها عن تقديم الحساب وعلى ذلك يعتبر حكما قطعيا من هذه الناحية ومنهيا لجزء من الخصومة مما يجوز معه الطعن استقلالا عملا بالمادة 378 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن الطعن بنى على سببين ينعى الطاعن فى أولهما على الحكم المطعون فيه خطأه فى تطبيق القانون من وجهين: محصل أولهما، أن المطعون عليهم عدا الأخير أقاموا الدعوى بمطالبة الطاعن بحساب المنزل وكان أساسها خلو ملكيته من أى نزاع، ولما نازع الطاعن جديا فى هذه الملكية لم تأخذ المحكمة بأوجه دفاعه وقضت ضمنا فى الملكية مع أنه كان يتعين حتما وقف دعوى الحساب حتى يفصل فى الملكية بدعوى مستقلة لأن الفصل بين الدعويين أمر واجب قانونا ولا يصح الجمع بينهما فى دعوى واحدة لم يطلب فيها الطاعن القضاء فى الملكية بل جاء بعض قوله فى دعوى المحاسبة عن أوجه لم يرد بها الفصل فى الملكية وإنما أراد أن يعرضها ليبين مبلغ الجد فى الادعاء بها - وأما تلك الأوجه التى نازع بها الطاعن فعديدة منها دفعه بتملك العقار بوضع اليد على المنزل بمضى المدة القصيرة المكسبة للملكية بالسبب الصحيح وحسن النية غير أن ما ذهبت إليه المحكمة يتعارض مع هذا الدفع ويتحصل الوجه الثانى فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى القانون إذ خلط بين الرهن العقارى والرهن الحيازى وقال بجواز تحويل الأول إلى الثانى مع أن ذلك غير جائز قانونا.
ومن حيث إن هذا السبب مردود فى وجهه الأول (أولا) بأن الطاعن دفع الدعوى بادعائه ملكية المنزل المطلوب تقديم الحساب عنه بمقولة إنه وضع يده عليه هو ومورثه من قبله المدة الطويلة المكسبة للملكية فرفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع استنادا إلى أن حيازة الطاعن للمنزل هو ومورثه كانت حيازة عارضة لا تنتقل بها الملكية مهما طال الزمن، وهذا الذى أقام عليه الحكم قضاءه هو تقرير سليم لا مخالفة فيه للقانون، ولا على المحكمة إن هى لم توقف دعوى حساب عن ريع عين من الأعيان يدعى المدعى عليه فيها أن العين ملكه فلا وجه لإلزامه بتقديم الحساب متى كانت قد رأت بأسباب سائغة - كما هو الشأن فى الدعوى الحالية - أن الادعاء بالملكية لا أساس له وأنه بذلك لا يصلح أن يكون سببا لوقف دعوى الحساب أو رفضها. ومردود و(ثانيا) بأن ما أثاره الطاعن فى نعيه من أنه كسب ملكية المنزل بالتقادم الخمسى بالسبب الصحيح وحسن النية عار عن الدليل إذ لم يثبت أنه تمسك بهذا النعى أمام محكمة الموضوع، فضلا عن أن السبب الصحيح منعدم فى الدعوى إذ ليس ثمت عقد بيد الطاعن من شأنه نقل الملك لو أنه صدر من المالك الأصلى والميراث الذى يتمسك به الطاعن كسبب لا يصلح أن يكون سببا صحيحا كما أنه ظاهر أن الطاعن لا يستطيع التحدى بحسن النية حتى لو كان يجهل عيب سند مورثه الذى كانت يده يدا عارضة. ومردود فى وجهه الثانى - بأن النعى على الحكم المطعون فيه بأنه أخطأ إذ قرر أن الرهن التأمينى انقلب إلى رهن حيازى هو نعى غير منتج فى دعوى الحساب التى تقوم على أساس ما هو ثابت من أن المدين أناب الدائن فى تحصيل ريع العين المرهونة فالدائن بوصفه ثائبا ملزم بتقديم حساب عما أنيب فيه ولا جدوى بعد هذا من البحث فى أثر هذا الاتفاق على الرهن التأمينى وهل يحيله إلى رهن حيازى أو لا يحيله.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الطاعن فى الدفاع ذلك أنه رفض فى أسبابه طلب تأجيل النطق بالحكم مدة أخرى لتقديم مذكرة بدفاعه اكتفاء بما أبداه بمحاضر جلسات 23/ 4/ 1949 و19/ 11/ 1950 و6/ 1/ 1951 المودعة صورها الرسمية ضمن أوراق الطعن مع أنه يتضح منها أن الطاعن دفع فى النزاع على الملكية بدفع هو التجهيل فى تركة مورثه وطلب تقديم مذكرة فى هذا الخصوص غير أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه يبين من محاضر جلسات 23/ 4/ 1949 و19/ 11/ 1950 و6/ 1/ 1951 المودعة صورها الرسمية ضمن أوراق الطعن أن الخصوم بعد أن شرحوا دفاعهم بجلسة 23/ 4/ 1949 أجلت الدعوى إلى جلسة 25/ 9/ 1949 كطلب الطرفين لتقديم مذكرات، ثم أجلت لجلسة 19/ 11/ 1950 فجلسة 6/ 1/ 1951 وهى آخر جلسة نظرت فيها القضية للمرافعة وفيها وفى الجلسة السابقة عليها أبدى كل من طرفى الخصومة دفاعه وصمم الطاعن بجلسة 6/ 1/ 1951 على طلباته وطلب خصومه تأييد الحكم المستأنف ثم حجزت الدعوى للحكم بجلسة 25/ 2/ 1951 مع الإذن بمذكرات ومستندات. وبعد أن أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه جاء بأسبابه أن المحكمة لا ترى محلا لإجابة طلب التأجيل ليقدم المستأنف "الطاعن" والخصم الثالث "المطعون عليه الأخير" مذكرة بدفاعهما بعد تأجيل القضية مرارا لتقديم مذكرات، وبعد أن أبديا مرافعتهما بجلسات 23/ 4/ 1949 و19/ 11/ 1950 و6/ 1/ 1951، ويبين من هذا الذى سلف ذكره أن المحكمة وقد استكملت فى الدعوى الطاعن ثم منحته هو وخصومه أجلا كافيا لتقديم المذكرات والمستندات لا تكون قد أخلت بحقه فى الدفاع ولا تكون ملزمة بعد ذلك بإجابة تأجيل النطق بالحكم مرة أخرى متى كانت قد كونت عقيدتها مما أبدى فى الدعوى ومما قدم فيها من أوراق.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.