أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 6 - صـ 364

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1954
(45)
القضية رقم 315 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.
حق اختصاص الدائن بعقار مدينه. شرط صحته. أن يكون العقار مملوكا للمدين وقت صدور الاختصاص. لا يجوز أن يكون محله ما يؤول للمدين مستقبلا.
مناط صحة حق الاختصاص أن يكون العقار مملوكا للمدين وقت صدوره فلا يجوز أن يكون محله ما قد يؤول إلى المدين مستقبلا، ولا يغير من هذا النظر أن تكون ملكية العقار قد آلت إلى المدين وقت تجديد القيد. وإذن فمتى كان الدائن إذ حصل على حق اختصاص على عقار وسجله لم يكن هذا العقار مملوكا لمدينه وعند تجديد قيد الاختصاص كانت ملكية العقار قد آلت إلى المدين عن طريق الميراث ثم باع المدين العقار إلى آخر فإن ملكية العقار تكون قد انتقلت إلى المشترى غير محملة بحق الاختصاص الذى وقع باطلا لصدوره على عقار لم يكن مملوكا للمدين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار ومرافعة المحامى عن الطاعنين والنيابة العامة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 259 سنة 1948 جزئى السويس طلبوا فيها الحكم بأحقيتهم للعقارات المبينة بصحيفتها ومحو التسجيلات - وقالوا فى بيانها إن المطعون عليها الأولى تداين المطعون عليه الثانى فى مبلغ 332 جنيها و882 مليما بحكم شرعى صادر من محكمة الجمالية فى القضية رقم 1690 سنة 1931 و1932 ورفعت بموجبه دعوى نزع ملكية مدينها من العقارات موضوع الدعوى وعقارات أخرى زعما منها بأنها مملوكة لمدينها مع أن الطاعنتين الثانية والثالثة تملكان منها حصة مساحتها 22 مترا و93 سم عبارة عن 3.5 فى المنزل رقم 132 بشارع الملكة فريده بالسويس بموجب عقدى بيع مسجلين، كما أن الطاعن الأول يمتلك منها حصة مساحتها 21 مترا و71 سم شائعة فى قطعة أرض أزيلت مبانيها بحارة السليمانى رقم 33 بالسويس بموجب عقد بيع مسجل - وتأييدا لدعواهم قدموا عقدى بيع مسجلين أولهما بتاريخ 22/ 12/ 1943 ومصدق عليه بمحكمة السويس فى 2 يناير سنة 1944 ومسجل تسجيلا تاما فى 7 من فبراير سنة 1944 وهو محرر بين أمينة ونظله درويش وورثة لبيبه درويش وهم رزق ومحمد ولدا ابراهيم شمس طرف أول وبين السيد على حمد الله (الطاعن الأول) ونفيسه محمود شحاتة (المطعوفى عليها الأولى) - طرف ثان - باع بمقتضاه الطرف الأول إلى الطرف الثانى 130 مترا و35 سم بحارة المسلمانى رقم 33 و137 مترا و20 سم بشارع الملكة فريده نظير ثمن قدره 458 جنيها وأما الثانى فهو صورة عقد بيع مسجل فى 30 من أغسطس سنة 1944 ومحرر بين الطاعن الأول (طرف أول) وبين حسنه حسين وفاطمه أحمد الألفى (الطاعنة الثانية والثالثة) (طرف ثان) ويتضمن بيع الطرف الثانى 91 مترا و46 سم شائعة فى المنزل الكائن بشارع الملكة فريدة رقم 132 بالسويس وهو القدر مشترى البائع بالعقد السابق - وفى 5 من نوفمبر سنة 1950 قضت المحكمة للطاعنين بطلباتهم - استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم لدى محكمة القاهرة الابتدائية وقيد بجدولها برقم 24 سنة 1950 السويس. وفى 9 من أبريل سنة 1951 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين تأسيسا على أن الأعيان المتنازع عليها - وهى موضوع الاستحقاق - قد انتقلت إلى الطاعنين وهى محملة بالاختصاص الذى حصلت عليه المطعون عليها الأولى وسجلته ثم قيدته فى سنة 1942.
فقرر الطاعنون الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم فى سببى الطعن الثانى والثالث يتحصل فى أن المطعون عليها الأولى وقد سلمت على ما هو ثابت فى صحيفة استئنافها للحكم الابتدائى بأنها استصدرت اختصاصا على عقارات مدينها وقيدته فى 14 من مارس سنة 1932 ثم جددت قيده فى 18 من أبريل سنة 1944. وإذ كان الثابت بعقد شراء الطاعن الأول للعقار موضوع النزاع أن ملكية المبيع قد آلت إلى البائع المطعون عليه الثانى عن طريق الميراث عن والدته السيدة لبيبة درويش التى توفيت فى سنة 1942 مما يستفاد منه أن هذا البائع - وهو مدين المطعون عليها الأولى لم يكن مالكا للعقار المبيع وقت صدور الاختصاص وقيده فى سنة 1932 - وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم إذ قرر بأنه يكفى أن يكون العقار على ملك المدين وقت تجديد الاختصاص ولا أهمية بهذا الاعتبار وقت صدور الاختصاص "فإنه يكون قد خالف المادة 1089 من القانون المدنى التى تقابل المادة 559 من القانون المدنى القديم التى توجب أن يكون العقار مملوكا للمدين وقت صدور الاختصاص وقيده. وإذ لم يتعرض الحكم فى أسبابه للاثر المترتب على كون العقار لم يكن مملوكا للمدين وقت استصدار الاختصاص عليه فى سنة 1932 ثم للاثر المترتب على تجديد قيد هذا الاختصاص الذى لم يوقع ابتداء على عقار مملوك للمدين فإنه يكون فوق مخالفته للقانون مشوبا بالقصور فى التسبيب".
ومن حيث إن هذا النعى فى محله. ذلك أنه يبين من عقدى شراء الطاعنين المسجلين فى 7 من فبراير سنة 1944 و30 من أغسطس سنة 1944 والمشار اليهما فى الوقائع - وهى التى كانت تحت نظر محكمة الموضوع - أن العقار الذى تصرف بموجبه المطعون عليه الثانى - وهو مدين المطعون عليها الأولى - بالبيع إلى الطاعن الأول الذى تصرف بدوره بالبيع فى جزء من المبيع إلى الطاعنتين الثانية والثالثة ويبين من هذين العقدين أن المدين - المطعون عليه الثانى - تلقى ملكية ما باعه بالإرث عن والدته السيده لبيبه درويش التى توفيت فى يناير سنة 1942 وكان الثابت فى صحيفة استئناف المطعون عليها الأولى للحكم الابتدائى - أنها استصدرت حقا باختصاصها بعقارات مدينها المطعون عليه الثانى فى 14 من مارس سنة 1932 جددت فى قيده فى 18 من أبريل سنة 1942 وكان لا نزاع بين طرفى الخصومة على ما أثبته الحكم المطعون فيه - فى أن العقار موضوع نزع الملكية ودعوى الاستحقاق هو هو بذاته محل الاختصاص - لما كان ذلك - كان حق الاختصاص الذى حصلت عليه المطعون عليها الأولى وسجلته فى سنة 1932 قد وقع باطلا لأنه وقت نشوء هذا الحق لم تكن الأعيان محله على ملك مدينها المطعون عليه الثانى - إذ لم تنتقل إليه هذه الملكية إلا بالميراث عن والدته فى سنة 1942 - ولا يغير من هذا النظر أن تكون ملكية العقار قد آلت إلى المدين وقت تجديد القيد وذلك لأن مناط صحة الاختصاص أن يكون العقار مملوكا للمدين وقت صدوره - فلا يجوز أن يكون محله ما قد يؤول إلى المدين مستقبلا - ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى على خلاف ذلك. فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم.