أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 6 - صـ 386

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1954
(49)
القضية رقم 5 سنة 24 القضائية "أحوال شخصية"

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمود عياد ومحمد فؤاد جابر المستشارين.
( أ ) أهلية. غفلة. تعريف صاحب الغفلة وفقا لآراء فقهاء الشرع الإسلامى.
(ب) أهلية. غفلة. حكم. تسبيبه. استخلاص المحكمة من مناقشة المطلوب الحجر عليه للغفلة أن ما به هو ضعف فى بعض الملكات الضابطة وهى ملكات حسن الإدارة وسلامة التقدير. مما يحتمل معه أن يغبن فى تصرفاته بأيسر وسائل الانخداع مما يهدد أمواله بخطر الضياع. قضاؤها بالحجر عليه. لا مخالفة فى ذلك للقانون.
(ج) أهلية. غفلة. تاريخ بدء قيام حالة الغفلة. تحديده غير لازم للحكم بالحجر.
1 - لم يجمع فقهاء الشريعة الإسلامية على تعريف صاحب الغفلة فقال بعضهم إنه هو الشخص الذى لا يهتدى إلى التصرفات الرابحة لسلامة قلبه فيغبن فى تصرفاته، ويرى آخرون أنها امتداد لفكرة السفه. على أنه من المتفق عليه أنها من العوارض التى تعترى الإنسان فلا تخل بالعقل من الناحية الطبيعية وإنما تنقص من قوة ملكات نفسية أخرى أخصها الإدارة وحسن التقدير وقد يستدل عليها باقبال الشخص على التصرفات دون أن يهتدى إلى الرابح فيها أو بقبوله فاحش الغبن فى تصرفاته عادة أو بأيسر وسائل الانخداع على وجه يهدد المال بخطر الضياع والحكمة فى توقيع الحجر بسببها هى المحافظة على مال المحجور عليه حتى لا يصبح عالة على المجتمع وكذلك المحافظة على مصالح الأسرة وغيرها من المصالح المشروعة كمصالح الدائنين.
2 - متى كانت المحكمة قد استخلصت من مناقشة الشخص المطلوب توقيع الحجر عليه أنه مضطرب فى أقواله وأن حالته ليست من التوازن والاستقرار بما يبعدها عن الغفلة مما مفاده أن المحكمة رأت من حالته أن كل ما به لم يكن إلا ضعفا فى بعض الملكات الضابطة وهى ملكات حسن الإدارة وسلامة التقدير مما يحتمل معه أن يغبن فى تصرفاته بأيسر وسائل الانخداع مما قد يهدد أمواله بخطر الضياع وتلك هى حالة ذى الغفلة، فإنها إذ قضت بتوقيع الحجر عليه لا تكون قد خالفت القانون، ولا يؤثر على ذلك المصدر الذى استمدت منه المحكمة الدليل على الغفلة، ذلك أنه وإن كانت التصرفات التى تصدر من الشخص هى فى الأصل المصدر الذى تستمد منه الدليل على الغفلة إلا أنه لا مانع من أن تستمد هذا الدليل من مناقشة المطلوب الحجر عليه أمام المحكمة بغض النظر عن تصرفاته.
3 - بيان تاريخ بدء قيام حالة الغفلة ليس ركنا من أركان الحكم بالحجر للغفلة وليس بواجب على المحكمة قبل القضاء بالحجر أن تتقصى بدء قيام هذا السبب بل يكفى أن يتوافر قبل الحكم الدليل على قيامه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليه قدم لنيابة بنى سويف الكلية للأحوال الشخصية فى 19 من فبراير سنة 1953 طلبا بتوقيع الحجر على عمته (الطاعنة) لأنها بلغت من الكبر عتيا واختلت قواها العقلية حتى أصبحت لا تعى شيئا فضلا عن أنها أصيبت بالفالج ولا تستطيع أن تنهض بشئونها الشخصية فضلا عن مباشرة مصالحها المالية. وقد ندبت المحكمة الطبيب الشرعى لفحص حالتها فحيل بينه وبين أداء المأمورية. فندبت معاون المحكمة لإجراء ذلك فلم يتمكن وكذلك حيل بين وكيل النيابة وتحقيق هذه المسألة. ثم حجزت المحكمة الدعوى بحالتها فتقدم وكيل الطاعنة بطلب فتح باب المرافعة على أساس أن الطاعنة مستعدة للمثول أمام المجلس بنفسها لمناقشتها ولما أن أجيب هذا الطلب اعتذرت عن الحضور لمرضها، وفى 18 من يونيو سنة 1953 حكمت بتوقيع الحجر على الطاعنة للغفلة وإقامة المطعون عليه قيما عليها. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة - دائرة الأحوال الشخصية - وقيد برقم 38 سنة 1953. وفى 16 من فبراير سنة 1954 - قضت - قبل الفصل فى الموضوع بندب مدير مصلحة الأمراض العقلية بوزارة الصحة لفحص قوى المطلوب الحجر عليها العقلية لبيان ما إذا كانت سليمة الإدراك ومتمتعة بقواها العقلية الكاملة أم أنها مصابة بأحد الأمراض العقلية من أى نوع، الذى يجعل تصرفاتها غير سليمة لجنون أو عته وبيان التاريخ الذى يرجع إليه إصابتها به إن ثبت له ذلك. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت فى 23 من يونيو سنة 1954 بتأييد الحكم الابتدائى فيما قضى به من توقيع الحجر. فقررت الطاعنة الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن مقام على أربعة أسباب: حاصل الأول والثانى منها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه من وجهين: (الأول) ذلك أن الطاعنة تمسكت بأن كل ما كانت تملكه من أموال قد نقلت ملكيته لأولادها - فريدة ونعيمة - مما لا يستدعى النظر فى طلب الحجر عليها، وذلك وفقا لأحكام المادة 42 من القانون رقم 99 سنة 1947 المعدل بالقانون رقم 119 سنة 1952 التى شرعت لحماية أموال عديمى الأهلية والتى جعلت مناط ولاية المحاكم أن يكون للمطلوب الحجر عليه مال - فإذا انعدم هذا المال أو لم يكن للمطلوب الحجر عليه مال يستوجب المحافظة عليه فلا اختصاص للمحاكم فى الحد من أهليته لأى سبب من أسباب الحجر مهما كان نوعها. وإذ قال الحكم التمهيدى الصادر فى 19 من فبراير سنة 1953 إن عقد إشهار حل الوقف والبيع لم يصدق عليه نهائيا إلا فى تاريخ لاحق لتاريخ تقديم طلب الحجر - وأنه بذلك يكون للطاعنة مال وقت طلب الحجر قاصر على حق المنفعة حال حياتها فى ريع أطيانها البالغة حوالى سبعين فدانا. وإذ قرر الحكم لمطعون فيه أنه لا محل للتحدث عن عدم جدوى دعوى الحجر فقد بين الحكم التمهيدى أن المطلوب الحجر عليها كانت تملك مالا هو ريع الأطيان الموقوفة حين قدم طلب الحجر وأن التنازل عن الريع حدث بعد ذلك التاريخ على أن التصرف المصحوب بالاستغلال أو التواطؤ يكون قابلا للبطلان ولو كان تاريخه سابقا لتوقيع الحجر (م 115 مدنى فقرة 2)، مع أن هذا الذى قرره الحكمان ينقضه الواقع ذلك أن الثابت فى طلب الإشهار والبيع أنه شهر بمكتب الشهر فى أول يناير سنة 1953 فى حين أن الحجر قدم طلبه من المطعون عليه فى 19 من فبراير سنة 1953 - وقد تسلمت بنات الطاعنة - فريدة ونعيمة الأطيان المبيعة بمجرد تقديم طلب الشهر وبذلك لم يكن للطاعنة مال وقت تقديم طلب الحجر. أما ما تعرض له الحكم من ناحية قابلية التصرف للبطلان فى حالة الاستغلال أو التواطؤ طبقا للمادة 115 من القانون المدنى فهو أمر لا تختص بنظره محكمة الأحوال الشخصية ولا تملك أن تخوض فيه لأنها بذلك تستبق الحوادث وتقضى فى أمر ليس من شأنها فضلا عن أنه لم يثبت لديها بأى طريق وقوع استغلال أو تواطؤ يعيب هذا التصرف. (والوجه الثانى) يتحصل فى أن ما صدر من الطاعنة هو شهر حل وقف أطيان كانت تملكها وكانت موقوفة عليها وعلى ابنتيها نعيمة وفريدة، ولما صدر تشريع حل الوقف اتخذت إجراءات الحل والشهر والبيع لهما، وهذا حق مشروع لها لا يعارضها فيه معارض ولا يدل على أنها من ذوى الغفلة إذ لم تتعامل مع الغير فى معاملة ترتب عليها الغبن، وبذلك يكون توقيع الحجر عليها للغفلة مخالف لما استقر عليه الفقه والقضاء من أن صاحب الغفلة هو الشخص الذى لا يهتدى إلى تصرفاته الرابحة فى معاملاته لسلامة قلبه فيغبن فى تلك التصرفات فهو لا يتلف أمواله ولا يقصد تبديدها فى غير ما يقتضيه الشرع والعقل، أما ما ذهب إليه الحكم من الاستناد إلى تقرير الطبيب الشرعى بأن الطاعنة مصابة باضطراب الذاكرة نتيجة تصلب الشرايين فلا شان له بالغفلة.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن أنه فى 5 من ابريل سنة 1932 و13 من يناير سنة 1940 وقفت الطاعنة أطيانها الكائنة بنواحى بنى سويف وغيرها بموجب إشهارين صادرين أمام محكمة بنى سويف الشرعية وبحجه وقف صادرة أمام محكمة بنى سويف الابتدائية الشريعة فى 24 من نوفمبر سنة 1934 وقفت أطيانها الكائنة بناحية قاى مركز إهناسية المدينة على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها على بنتيها السيدتين نعيمه وفريدة مناصفة بينهما - وفى أول يناير سنة 1953. طلبت إشهار حل الوقف. وفى 19 من إبريل سنة 1953 باعت الطاعنة هذه الأطيان إلى بنتيها الموقوف عليهما بعقد سجل هو وعقد الإشهار فى الثالث من مايو سنة 1953 - وفى 19 من فبراير سنة 1953 قدم المطعون عليه طلبا لنيابة بنى سويف الكليه للأحوال الشخصية ذكر فيه أن الطاعنه وهى عمته قد بلغت من الكبر عتيا واختلت قواها العقلية حتى أصبحت لا تعى شيئا فضلا عن أنها أصيبت بالفالج ولا تستطيع أن تنهض بشئونها الشخصية فضلا عن مباشرة مصالحها المالية وانتهى إلى طلب توقيع الحجر عليها محافظة على مالها - وقد أوقعت محكمة أول درجة الحجر عليها للغفلة "نتيجة كبر سنها وشيخوختها وضعف قواها بحيث تصبح سهلة الإنقياد لغيرها ويخشى من تصرفها فى أموالها بما يضر مصالحها" - ولما استأنفت الطاعنة هذا الحكم ناقشتها المحكمة بجلسة 19 من يناير سنة 1954 - وفى 16 من مارس سنة 1954 أصدرت محكمة الإستئناف حكما تمهيديا بندب مدير مصلحة الأمراض العقلية لفحص قوى المطلوب الحجر عليها وقدم الطبيب تقريره ضمنه ما ارتآه من أن الطاعنة مصابة باضطراب الذاكرة نشأ معظمه عن تصلب فى شرايين المخ وهذا الإضطراب يجعل تصرفاتها غير سليمة - وفى 23 من يونيه سنة 1954 أصدرت محكمة الإستئناف حكمها بتأييد الحكم الإبتدائى فيما قضى به من توقيع الحجر على الطاعنة مقيمة قضاءها فى ذلك - على ما استخلصته من تقرير الطبيب الشرعى - وعلى أن ما تعيبه الطاعنة على الطبيب من تجاهله للاجابات المعقولة التى صدرت منها لبيان سلامة عقلها وبعدها عن الغفلة مردود "بأن من واجب المحكمة أن تتناول جميع الأقوال بالبحث والتمحيص فإذا كانت قد أبديت بعض الأقوال السليمة فإن هناك أقوالا أخرى كثيرة قيلت من تلك السيدة (الطاعنة) أمام الطبيب وأمام الهيئة الاستئنافية السابقة تقطع بأن حالتها العقلية ليست من التوازن والاستقرار بما يبعدها عن الغفلة ووقوعها فريسة للاستغلال" - ويخلص مما سبق أن المحكمة - إذ حكمت بتوقيع الحجر للغفلة على الطاعنة - أقامت قضاءها على أساسين - تقرير الطبيب الشرعى ومناقشة الطاعنة - استخلصت من الأول - أن الطاعنة مصابة باضطراب الذاكرة نشأ معظمه عن تصلب فى شرايين المخ بحيث تكون تصرفاتها غير سليمة واستخلصت من مناقشة محكمة الإستئناف والطبيب الشرعى لها - ما يدل على اضطراب أقوالها وأن حالتها ليست من التوازن والإستقرار بما يبعدها عن الغفلة ووقوعها فريسة للاستغلال.
ومن حيث إن المادة 65 من القانون رقم 119 لسنة 1952. نصت على أنه يحكم بالحجر على البالغ للجنون أو للعته أو للسفه أو للغفلة - وقد نصت المادة 46 من القانون المدنى - على أن كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد وكل من بلغ سن الرشد وكان سفيها أو ذا غفلة يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون.
ومن حيث إن المشرع لم يضع للغفلة تعريفا - فيتعين الرجوع فى بيانها إلى أحكام الشريعة الإسلامية لأنها على ما ورد فى المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 119 لسنة 1952 - تعتبر شقا مكملا لأحكام القانون المدنى فى جميع مسائل الأهلية والحجر التى لم يصدر فيها تشريع خاص كما أنها كانت وما زالت مصدرا تكميليا للمرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال فى حالات نقص التشريع أو قصوره فى حدود ما نصت عليه المادة 1 من القانون المدنى.
ومن حيث إن ففهاء الشريعة الإسلامية لم يجمعوا على تعريف صاحب الغفلة فقال بعضهم أنه هو الشخص الذى لا يهتدى إلى التصرفات الرابحة لسلامة قلبه فيغبن فى تصرفاته - ويرى آخرون أنها إمتداد لفكرة السفه - على أنه من المتفق عليه إنها من العوارض التى تعترى الإنسان فلا تخل بالعقل من الناحية الطبيعية وإنما تنقضى من قوة ملكات نفسية أخرى أخصها الإدارة وحسن التقدير - وقد يستدل عليها باقبال الشخص على التصرفات دون أن يهتدى إلى الرابح فيها أو بقبوله فاحش الغبن فى تصرفاته عادة أو بأيسر وسائل الإنخداع على وجه يهدد المال بخطر الضياع - والمحكمة فى توقيع الحجر بسببها هو المحافظة على مال المحجور عليه حتى لا يصبح عالة على المجتمع وكذلك المحافظة على مصالح الأسرة وغيرها من المصالح المشروعة كمصالح الدائنين.
ومن حيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه - أن المحكمة استخلصت من مناقشة الطاعنة "أنها مضطربة فى أقوالها وأن حالتها ليست من التوازن والاستقرار بما يبعدها عن الغفلة" مما مفاده أن المحكمة رأت من حالة الطاعنة أن كل ما بها لم يكن إلا ضعفا فى بعض الملكات الضابطة وهى ملكات حسن الإدارة وسلامة التقدير مما يحتمل معه أن تغبن فى تصرفاتها بأيسر وسائل الإنخداع - مما قد يهدد أموالها بخطر الضياع وتلك هى حالة ذى الغفلة - ولا يؤثر على ذلك المصدر الذى استمدت منه المحكمة الدليل على الغفلة، ذلك أنه إن كانت التصرفات التى تصدر من الشخص هى فى الأصل المصدر الذى تستمد منه الدليل على الغفلة إلا أنه لا مانع من أن تستمد هذا الدليل من مناقشة المطلوب الحجر عليها أمام المحكمة بغض النظر عن تصرفاته - كما يبين أنه هو الحال فى الدعوى - ولما كان الحكم قد أثبت أن للمطلوب الحجر عليها مال هو ريع الأطيان الموقوفة حين قدم طلب الحجر وأن التنازل عنه حدث بعد ذلك - دون أن يمس تصرف الطاعنة إلى بنتيها فى الأطيان بالبيع - لما كان ذلك - وكان ما قرره الحكم فى شأن قابلية التصرف المصحوب بالاستغلال أو التواطؤ للبطلان ولو كان تاريخه سابقا لتوقيع الحجر - هو تزيد لا يؤثر على صحة الدليل الذى استند إليه الحكم أو سلامة النتيجة التى انتهى إليها - كان النعى عليه بما ورد فى هذين السببين - لا مبرر له.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم مشوب بما يبطله من وجهين: (الأول) ذلك أن المحكمة قضت فى 26 من فبراير سنة 1952 بندب مدير مصلحة الأمراض العقلية لفحص قوى المطلوب الحجر عليها لبيان ما إذا كانت سليمة الإدراك ومتمتعة بقواها العقلية الكاملة أم أنها مصابة بأحد الأمراض العقلية، وبعد أن قدم الخبير تقريره اعتمدته المحكمة - مع أن الذى باشر المأمورية لم يكن مدير المصلحة بل أحد أطبائها وهذا يتنافى مع الحكم التمهيدى. و(الثانى) أنه لم يثبت أن الطبيب المذكور من بين المقيدين بجدول الخبراء، مما كان يتعين معه عليه أن يؤدى اليمين قبل مباشرة المأمورية عملا بنص المادة 229 مرافعات وإذ لم يؤد هذا اليمين فان عمله يكون باطلا وتبعا يكون الحكم المؤسس عليه باطلا كذلك.
ومن حيث إن هذا السبب بوجهيه مردود (أولا) بأنه عار عن الدليل إذ لم تقدم الطاعنة دليلا رسميا على أنها سبق لها أن أثارت هذا الدفاع لدى محكمة الموضوع من ثم لا يجوز طرحه لأول مرة أمام هذه المحكمة. (وثانيا) أن البطلان الذى تثيره الطاعنة وهو لا يتعلق بالنظام العام يزول إذا نزل عنه من شرع لمصلحته إذا رد على الإجراء بما يدل على أنه اعتبره صحيحا أو قام بعمل أو إجراء آخر باعتباره كذلك، وقد أثبت الحكم أن الطاعنة ردت على تقرير الطبيب مما يستفاد منه أنها إعتبرته صحيحا هذا فضلا عن أن الحكم مقام على دعامة أخرى تكفى لحمله وهو ما استبان للمحكمة من مناقشة الطاعنة من اتصافها بالغفلة.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل فى أن الحكم شابه القصور فى التسبيب إذ اغفل مأمورية الخبير التى أوضحها الحكم التمهيدى وحدد معالمها مع أنه رتب أهمية قصوى على تاريخ المرض الذى اعتور المطلوب الحجر عليها فاذا كانت سليمة الإدراك انتهى الأمر وإذا كانت غير ذلك فانه أوجب بيان التاريخ الذى تكون قد أصيبت فيه بما جعلها غير سليمة الإدراك. حتى إذا ما تبين أن إصابتها به كانت بعد تسجيل عقد الإشهار والبيع كان تصرفها لأولادها تصرفا صحيحا ولا غبار عليه ولا محل للحجر عليها - ومع أن تقرير الطبيب قد أغفل بيان ذلك التاريخ ومع تمسك الطاعنة بهذا الدفاع لما له من أثر فى مصير الدعوى فان الحكم المطعون فيه رد عليه بقوله "إن هذا الاعتراض لا يعيب التقرير لأن الطبيب الفاحص وجد أنها لم تصل إلى مرض يذهب بالذاكرة تماما - وهذا الذى قاله الحكم لا يعتبر ردا على دفاع الطاعنة كما أنه مخالف للحكم التمهيدى فضلا عن تناقضه تناقضا معيبا إذ يقرر أن المرض لم يذهب بذاكرة الطاعنة تماما لأن معنى ذلك أن المرض يذهب ببعض ذاكرتها مما كان يتعين على الطبيب أن يقرر التاريخ الذى يرد إليه فقدان بعض الذاكرة وهل هو تاريخ لا حق على التصرف أو سابق عليه وهو الأمر الذى عناه الحكم التمهيدى - وإذ أغفل الحكم هذا البيان - أخذا برأى الطبيب - ودون أن يرد على دفاع الطاعنة فى هذا الخصوص فانه يكون قاصر التسبيب.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن بيان تاريخ بدء قيام حالة الغفلة ليس ركنا من أركان الحكم بالحجر للغفلة وليس بواجب على المحكمة قبل القضاء بالحجر أن تتقصى بدء قيام هذا السبب بل يكفى أن يتوافر قبل الحكم الدليل على قيامه وثابت أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالحجر للغفلة - إستخلص توافر نقص الملكات النفسية - وهى مناط الحجر - من مناقشة الطاعنة بالجلسة قبل إصدار الحكم على ما سبق بيانه.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.