أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 6 - صـ 395

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1954
(50)
القضية رقم 321 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.
استئناف. قيد الاستئناف. عدم القيد فى الميعاد القانونى. التمسك ببطلان الاستئناف قبل مواجهة موضوع الدعوى. رفض هذا الدفع. خطأ فى القانون. المادة 407 مرافعات.
لما كانت المادة 407 من قانون المرافعات قد أوجبت على المستأنف أن يقيد استئنافه خلال ثلاثين يوما من تاريخ آخر إعلان صحيح لصحيفة الاستئناف إلا إذا كان قد حدد لنظره جلسة تقع فى أثناء هذا الميعاد فعندئذ يجب القيد قبل الجلسة بيومين على الأقل، ورتبت على عدم القيد اعتبار الاستئناف كأن لم يكن وعلى القيد بعد المواعيد المذكورة أن يحكم ببطلانه إذا طلب الخصم ذلك قبل التعرض للموضوع، وكان المستأنف قد قيد استئنافه بعد الميعاد وكان المستأنف عليه قد طلب الحكم ببطلان الاستئناف لقيده بعد الميعاد وتمسك بهذا الدفع قبل مواجهة الموضوع، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الدفع وقبل الاستئناف شكلا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المرحوم محمد مدحت الحكيم أقام الدعوى رقم 411 سنة 1944 مدنى كلى المنيا - وتوفى أثناء سيرها وحل محله المطعون عليهما وطلبا للأسباب الواردة بعريضتهما الحكم ببطلان الإيصال المؤرخ 22 من مايو سنة 1943 وقيمته 268 جنيها بما فى ذلك المبلغ المتروك واعتباره كأن لم يكن واستمرار تنفيذ الحكم 436 سنة 42 مدنى مغاغه مع إلزام الطاعن بالمصروفات - وفى 30 من نوفمبر سنة 1949 حكمت المحكمة ببطلان الإيصال الصادر للطاعن من يوسف حنين بالنسبة لمبلغ 48 جنيها فقط وهو المبلغ الذى تنازل عنه من قيمة الحكم رقم 436 سنة 1942 مدنى مغاغة مع استمرار التنفيذ بالنسبة لذلك المبلغ فقط وصحة الإيصال المذكور بالنسبة لباقى المبلغ الوارد فيه وهو 220 جنيها، استأنف المطعون عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد بجدولها برقم 532 سنة 67 قضائية - دفع الطاعن ببطلان عريضة الاستئناف واعتبارها كأن لم تكن لرفعها بعد الميعاد - وفى أول مايو سنة 1951 قضت برفض الدفع المقدم من الطاعن وبقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإبطال الإيصال المؤرخ فى 22 من مايو سنة 1943 الصادر من يوسف حنين للمستأنف عليه (الطاعن) وبحق المستأنفين (المطعون عليهما) فى الاستمرار فى التنفيذ بالنسبة لمبلغ 220 جنيها. فقرر الطاعن الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ فى تطبيقه - ويقول فى بيان ذلك، إن المطعون عليهما أعلنا إليه الحكم الابتدائى فى 2 من يوليه سنة 1950 وفى نفس اليوم أعلناه بعريضة استئناف عن هذا الحكم تحدد لنظره جلسة 14 من نوفمبر سنة 1950 ولكنهما لم يقيدا هذا الاستئناف فى الثلاثين يوما التى تبدأ من يوم الإعلان طبقا للمادة 407 مرافعات - ولما شعرا بمضى هذا الميعاد وبالجزاء الذى يرتبه عليه القانون من ضياع الاستئناف عمدا إلى حيلة هى إعادة إعلان صحيفة الاستئناف إلى الطاعن فى 3 من سبتمبر سنة 1950 وقيدا صحيفته بعد عشرة أيام ولذلك دفع ببطلان عريضة الاستئناف واعتبارها كأن لم تكن لرفع الاستئناف بعد الميعاد القانونى على أساس أن الاستئناف المنظور هو الذى أعلن للطاعن فى 3 من سبتمبر سنة 1950 وأن المدة الزمنية بين هذا التاريخ وبين يوم 2 من يوليو سنة 1950 وهو تاريخ إعلان الحكم تزيد عن الأربعين يوما المقررة قانونا ميعادا لرفع الاستئناف عن أحكام المحاكم الابتدائية - إلا أن الحكم المطعون فيه مع تسليمه بجميع هذه الوقائع اعتبر أن إعلان الصحيفة فى 2 من يوليه سنة 1950 يجعل الاستئناف قائما مع أن هذا الأمر يتعارض مع إرادة المطعون عليهما وعملهما لأنهما أعادا الإعلان فى 3 من سبتمبر سنة 1950 مما مفاده أن المطعون عليهما كانا يقصدان إعلان الاستئناف من جديد فى 3 من سبتمبر سنة 1950 وهو رفع للاستئناف يسرى من تاريخه الميعاد القانونى بينه وبين إعلان الحكم ولقد سلم الحكم المطعون فيه بأن المطعون عليهما قصدا بالإعلان الجديد التحايل للتخلص من عدم القيد فى الميعاد ورغم ذلك أجاز الحكم لهما ذلك واعتبر الإعلان الأول قائما مع أنه لا يجوز أن يكون التحايل فى التقاضى سبيلا لفائدة مرتكبه بل يجب أن يكون مردودا عليه بحيث لا يستفيد منه على أنه من ناحية أخرى، فإن الحكم أشار إلى أن الطاعن لم يطلب صراحة الحكم بالبطلان لعدم القيد فى الميعاد القانونى وأن هذا البطلان لا يحكم به إلا بناء على طلب الخصم مع أن الطاعن تمسك فى مذكرته بعدم القيد فى الميعاد فى حالة الاعتبار الجدلى لوجود عريضة الاستئناف المعلنة فى 2 من يوليه سنة 1950 مما كان يتعين معه على المحكمة إن هى أرادت اعتبار عريضة الاستئناف قائمة أن تواجه هذا الدفع فتقضى بالبطلان للقيد بعد الميعاد لا سيما وأن دفاع الطاعن ذكر ذلك صراحة فضلا عن أن الحكم المطعون فيه أورد هذا القول فى أسبابه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع ببطلان عريضة الاستئناف وبقبول الاستئناف شكلا قال فى هذا الخصوص: "حيث إن المستأنف عليه (الطاعن) دفع ببطلان عريضة الاستئناف واعتبارها كأن لم تكن لرفعها بعد الميعاد القانونى إذ أن الحكم المستأنف أعلن إليه بتاريخ 2 من يوليه سنة 1950 وهو يشير بذلك إلى إعادة إعلان صحيفة الاستئناف الحاصلة بتاريخ 3 من سبتمبر سنة 1950 أى بعد فوات ميعاد الاستئناف وهو أربعون يوما من تاريخ إعلان الحكم المستأنف الصادر حضوريا من المحكمة الابتدائية وحيث إنه وإن كانت إعادة إعلان صحيفة الاستئناف حاصلة بعد فوات ميعاد الاستئناف كما تقدم إلا أن الإعلان الأول لتلك الصحيفة وهو الحاصل بتاريخ 2 من يوليه سنة 1950 أى فى نفس تاريخ إعلان الحكم المستأنف قد وقع صحيحا فى الميعاد ومستوفيا للأوضاع القانونية فأصبح الاستئناف به قائما قانونا. ولا يغير من ذلك إعادة إعلان تلك الصحيفة وهى إن كانت حاصلة بقصد التخلص من الجزاء المترتب على عدم إجراء القيد فى ميعاده من تاريخ الإعلان الأول فإنها لم تقترن من جانب المستأنفين (المطعون عليهما) باستبعاد ذلك الإعلان أو التنازل عنه - وإذا كان القيد لم يحصل إلا بتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1950 فإن الحكم بالبطلان بسبب حصول القيد بعد ميعاده مرهون بطلب الخصم فلا يقع ذلك البطلان من تلقاء نفسه بقوة القانون كما يدل على ذلك نص المادة 407 من قانون المرافعات - وحيث إن المستأنف عليه (الطاعن) لم يطلب بطلان الاستئناف أو اعتباره كأن لم يكن بسبب قيده بعد ميعاد القيد اعتبارا من تاريخ الإعلان الأول لصحيفته بل كان طلبه ذلك مقيدا بسبب معين هو فوات ميعاد الطعن بطريق الاستئناف قبل رفعه بالإعلان الثانى للصحيفة. وإذا كانت مذكرته المقدمة بعد حجز القضية للحكم قد تضمنت فى سياق سرد الوقائع أن المستأنفين لم يقيدا الاستئناف فى الميعاد المقرر للقيد من تاريخ الإعلان الأول وأنهما لما شعرا بذلك أعادا إعلان الصحيفة إليه فإن ذلك لا ينفى خلو طلباته حتى فى تلك المذكرة من الحكم بالبطلان بسبب عدم حصول القيد فى الميعاد، ومن كل ما تقدم يتضح أن الاستئناف رفع صحيحا فى الميعاد بإعلان صحيفته فى 2 يوليه سنة 1950 واستوفى أوضاعه القانونية على هذا الأساس ولم يطلب المستأنف عليه بطلانه بسبب قيده بعد الميعاد المقرر للقيد، ولما كان الاستئناف لا يعتبر فى هذه الحالة مرفوعا بالإعلان الثانى فلا يكون هناك أثر لمضى أربعين يوما من تاريخ إعلان الحكم المستأنف قبل وقوع هذا الإعلان الثانى ولا يكون هناك محل للدفع كما أبداه المستأنف عليه". ويبين من هذا الذى أقام عليه الحكم قضاءه أنه اعتبر الاستئناف مرفوعا بالعريضة التى أعلنت فى 2 من يوليو سنة 1950 - وأن القيد الحاصل فى 13 من سبتمبر سنة 1950 إنما ورد عليه لا على إعادة إعلان الاستئناف بالصحيفة المعلنة فى 3 من سبتمبر سنة 1950، ومن ثم - يكون قد قيد بعد المواعيد المذكورة فى المادة 407 من قانون المرافعات وأنه والحالة هذه لا يحكم ببطلانه إلا إذا طلب الخصم ذلك قبل التعرض للموضوع.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة المذكرتين المقدمتين من الطاعن أنه تمسك فى كلتيهما بأن صحيفة الاستئناف المعلنة فى 2 من يوليو سنة 1950 لم تقيد فى الميعاد القانونى وطلب فى كلتيهما الحكم ببطلان عريضة الاستئناف واعتبارها كأن لم تكن سواء أكان هذا الاستئناف لم يقيد بتاتا فى الميعاد، وفق الشطر الأول من الفقرة الثانية من المادة 407 من قانون المرافعات، أو أنه قيد بعد الميعاد، مما يوجب الحكم ببطلانه وفق الشطر الثانى من الفقرة الثانية من المادة المشار إليها، الأمر الذى يستفاد منه أن الطاعن طلب الحكم ببطلان الاستئناف - على غير ما ذهب إليه الحكم لقيده بعد المواعيد وذلك قبل التعرض للموضوع.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 407 من قانون المرافعات قد نصت على أن: "على المستأنف أن يقيد استئنافه خلال ثلاثين يوما من تاريخ آخر إعلان صحيح لصحيفة الاستئناف إلا إذا كان قد حدد لنظره جلسة تقع فى أثناء هذا الميعاد فعندئذ يجب القيد قبل الجلسة بيومين على الأقل" ثم قالت: "فإذا لم يقيد الاستئناف اعتبر كأن لم يكن وإن قيد بعد المواعيد المذكورة حكم ببطلان الاستئناف إذا طلب الخصم ذلك قبل التعرض للموضوع" وكان الطاعن قد طلب الحكم ببطلان الاستئناف لقيده بعد المواعيد - على ما سبق بيانه لما كان ذلك - كان الحكم المطعون فيه مخالفا للقانون متعينا نقضه.
وحيث إنه لما كانت الدعوى صالحة للحكم فيها.
ومن حيث إنه للأسباب السابق بيانها يتعين الحكم باعتبار الاستئناف المرفوع من المطعون عليهما والمقيد بعد الميعاد كأن لم يكن مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات الاستئنافية ومصروفات الطعن.