أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 6 - صـ 486

جلسة 13 من يناير سنة 1955
(59)
القضية رقم 320 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ سليمان ثابت وكيل المحكمة، وحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد ومحمد أمين زكى المستشارين.
تسوية الديون العقارية. الحماية التى أسبغها القانون رقم 143 لسنة 1944 على المدينين الذين قبلت معهم التسوية. هذه الحماية لا تقتصر على أموالهم التى كانوا يمتلكونها وقت التسوية بل تمتد إلى الأموال التى تؤول إليهم بعد ذلك.
نص المادة 26 من القانون رقم 143 لسنة 1944 قد أسبغ على المدينين الذين قبلت التسوية معهم حصانة فى أموالهم ليس فقط بالنسبة إلى الأموال التى كانت موضوع التسوية بل وفى كل مال آخر تؤول ملكيته إليهم عقب التسوية أياما كان سبب الملكية وذلك بالنسبة للديون السابقة على التسوية. وإذن فمتى كان الواقع فى الدعوى هو أن التسوية قد قبلت مع المدين فان قرار لجنة التسوية وفقا للمادة المشار إليها يكون قد أبرأ ذمته من الديون التى عليه للدائنين والتى استبعدتها اللجنة فأصبحت علاقته بهم بالنسبة لهذه الديون منتهية ولا يجوز لهم بعد ذلك أن يحصلوا بمقتضاها على الاختصاصات التى أوقعوها على عقار لمدينهم وإن كانت ملكيته قد آلت إليه بعد التسوية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليه أقام على نقولا جورجى الطاعن الأول وحنا جورجى مورث الطاعنات الثلاث الأخيرات وعلى ماتيلده صليب سيداروس عن نفسها وبصفتها وصية على ابنها صبحى صليب الدعوى رقم 438 سنة 1949 مدنى كلى المنيا المعلنة صحيفتها فى 21/ 8 و1/ 9/ 1949 وطلب فيها الحكم ببطلان الاختصاصات المسجلة فى سنة 1948 والموقعة من المدعى عليهم على عقار له مساحته 103 أمتار وباعتبار هذه الاختصاصات كأن لم تكن ويمحو تسجيلاتها وذلك تأسيسا على أنه كان مدينا للمدعى عليهم بأحكام صدرت لهم وعملا بالقانون رقم 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1944 قدم فى سنة 1942 إلى لجنة تسوية الديون العقارية طلبا بتسوية ديونه فقررت اللجنة فى 5/ 4/ 1944 قبول طلبه وتقدير أملاكه بمبلغ 869 ج و603 م وتخفيض التزاماته إلى مبلغ 608 ج و722 م وهو الحد المعادل لـ 70% من هذه القيمة وفى 18/ 4/ 1944 نشر قرار لجنة التسوية بالجريدة الرسمية وأعلن الدائنون والمدين بفتح التوزيع فى 1/ 6/ 1944 وأجريت عملية التوزيع وفقا لأحكام القانون سالف الذكر وحددت أنصبة الدائنين وشروط تسديدها ثم حصرت اللجنة الدائنين فى محل كارثر وأمين عبد السميع واستبعدت بقية الدائنين ومن بينهم مورثه ماتيلده وتقولا جورجى وحنا جورجى. وفى 1/ 6/ 1948 أرسلت لجنة التسوية إلى المطعون عليه قائمة التوزيع المؤقتة وأرفقت بها كتابا أعلنته فيه بالقائمة وكلفته بابداء ملاحظاته فى خلال عشرة أيام من إخطاره كما وأخبرته بقبول طلب التسوية نهائيا فى 23/ 9/ 1940 وتأسيسا على ذلك قال المطعون عليه إنه عملا بالمادة 26 من القانون 143 لسنة 1944 يكون قرار اللجنة بتسوية ديونه نهائيا ومبرئا لذمته من كافة الديون التى تزيد على 70% من قيمة أملاكه ويعتبر منهيا لكل علاقة بينه وبين دائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية وذلك لأن الأحكام التى استصدرها المدعى عليهم ووقعوا بموجبها الاختصاصات على عقاره سابقة على طلب التسوية ودفعت ماتيلده الدعوى هى وحنا جورجى مورث الطاعنات الثلاث الأخيرات بأن العقار المحمل بالاختصاصات لم يدخل ضمن عقارات المدين التى شملتها التسوية لأنه كان موقوفا وقتئذ ولم ينته الوقف ولم يصبح ملكا للمطعون عليه إلا بعد صدور قرار اللجنة وانه إذا وجد للمدين بعد التسوية عقارات أخرى مستجدة كان للدائنين أن يستوفوا ديونهم منها. وفى 26 من يناير سنة 1950 قضت المحكمة برفض الدعوى...... فأستأنف المطعون عليه وقيد استئنافه برقم 414 لسنة 67 ق محكمة استئناف القاهرة التى قضت فى 14/ 5/ 1951 بالغاء الحكم المستأنف وبطلان الاختصاصات الثلاثة المسجلة فى 2، 21، 22/ 8/ 1948 على العقار موضوع الدعوى وبمحو تسجيل هذه الاختصاصات.... فقرر الطاعنون بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على سببين يتحصل أولهما فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون إذ ذهب إلى أن مجلس الشيوخ لم يجار لجنته المالية وقبل التعديل الذى اقترحته أقلية اللجنة المالية لمجلس النواب وأقره ذلك المجلس مع أن هذا الذى انتهى إليه الحكم يخالف الواقع والقانون وهو ما يبين بجلاء من مراجعة الحكمين الابتدائى والاستئنافى ومذكرات لجنتى النواب والشيوخ ويتحصل ثانيهما فى أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور إذ لم يرد على الأسانيد التى استند إليها حكم محكمة أول درجة ولم يلق بالا إلى ما قرره هذا الحكم من أن العقار الذى وقعت عليه الاختصاصات الثلاثة لم يكن ضمن العقارات التى انتفعت بالتسوية وانه كان وفقا ولم يصبح ملكا للمدين المطعون عليه إلا فى 26/ 6/ 1948 بعد التسوية ومن ثم فيجوز التنفيذ عليه.
ومن حيث إن هذا النعى بسببيه مردود بأن الحكم المطعون فيه بعد أن بين مراحل التشريع التى مر بها تعديل المادة 26 من القانون رقم 12 لسنة 1942 بالقانون رقم 143 لسنة 1944 سواء أكان ذلك خاصا بالمشروع الذى اقترحته الحكومة وهو ما قدمته إلى مجلس البرلمان مع مذكرة منها مرافقة أم كان خاصا بالمشروع المعمول به الآن بعد التعديل وهو الذى اقترحته اقلية اللجنة المالية لمجلس النواب ووافق عليه هذا المجلس ومجلس الشيوخ رغم معارضة كل من أغلبية اللجنة المالية لمجلس النواب واللجنة المالية لمجلس الشيوخ بعد أن بين الحكم ذلك قرر ان المجلسين قد أقرا وضع المادة 26 من قانون رقم 143 لسنة 1944 بصورتها الحالية وتنص على "أن قرار لجنة تسوية الديون العقارية يكون مبرئا لذمة المدين من كافة الديون التى تزيد على 70% من قيمة عقاراته حسب قرار اللجنة يوم صدور هذا القرار ويعتبر ذلك القرار منهيا لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية..." وانه يبين من هذا النص أنه قد أسبغ على المدينين الذين قبلت التسوية معهم حصانة فى أموالهم ليس فقط بالنسبة الى الأموال التى كانت موضوع التسوية بل وفى كل مال آخر قد تؤول ملكيته اليهم عقب التسوية أيا ما كان سبب الملكية وذلك عن الديون السابقة عليها فى حين أن المادة القديمة كانت تقضى بموجب القانون رقم 12 لسنة 1942 "بأنه لا يجوز للدائنين المخفضة ديونهم ولا للدائنين السابقة ديونهم على 23 يناير سنة 1939 والذين لم يحدد لهم نصيب فى التسوية اتخاذ أية اجراءات فى التسوية على العقارات التى انتفعت بالتسوية أو على ثمراتها......" مما يستفاد منه أن منع التنفيذ كان مقصورا على العقارات التى انتفعت بالتسوية دون العقارات التى يتملكها المدين بعد ذلك وهو ما يخالف النص الحالى للمادة 26 من قانون تسوية الديون العقارية ومن ثم يكون قرار لجنة التسوية وفقا للمادة المشار اليها قد أبرأ ذمة المطعون عليه من الديون التى عليه للطاعنين والتى استبعدتها اللجنة فأصبحت علاقته بهم بالنسبة لهذه الديون منتهية فما كان يجوز لهم بعد أن أصبحت منتهية أن يحصلوا بمقتضاها على الاختصاصات التى أوقعوها على عقار لمدينهم وإن آلت إليه ملكيته بعد التسوية. وهذا الذى ذهب إليه الحكم يكفى لحمله ولا مخالفة فيه للقانون والواقع الذى استبان للمحكمة من مراجعة مصدر التشريع الذى استند إليه حكمها وفقا لصريح المادة 26 من قانون التسوية العقارية المعمول به.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.