أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 6 - صـ 490

جلسة 13 من يناير سنة 1955
(60)
القضية رقم 417 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ سليمان ثابت وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وأحمد العروسى، ومحمد أمين زكى، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.
( أ ) تزوير. غرامة التزوير. هى جزاء يخضع للقانون الذى كان ساريا وقت التقرير بالطعن بالتزوير. صدور قانون جديد يزيد من هذه الغرامة بعد التقرير بالطعن بالتزوير. وجوب تطبيق الغرامة التى نص عليها القانون القديم. توقيع هذا الجزاء هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام. حق محكمة النقض فى إثارته من تلقاء نفسها.
(ب) دعوى منع التعرض. حكم قضى بمنع التعرض والإزالة والتسليم. القول بأنه جمع بين دعوى الملكية ودعوى اليد. على غير أساس. علة ذلك.
1 - متى كان الحكم إذ قضى برفض دعوى التزوير قد صدر بعد العمل بقانون المرافعات الجديد مما يستتبع تطبيقه على الدعوى عملا بالمادة الأولى منه إلا أن الغرامة التى يحكم بها إنما هى جزاء أوجب القانون توقيعه على مدعى التزوير عند سقوط حقه فى دعواه أو عجزه عن إثباتها والقضاء بهذه الغرامة يكون وفقا للقانون الذى كان ساريا وقت التقرير بالطعن فإذا كان مدعى التزوير قد قرر طعنه بالتزوير وقت سريان قانون المرافعات القديم الذى كانت تنص المادة 291 منه على أن مقدار الغرامة هو عشرون جنيها بينما رفعها القانون الجديد إلى خمسة وعشرين جنيها، وكان الحكم قد ألزم مدعى التزوير بغرامة مقدارها خمسة وعشرون جنيها تطبيقا للقانون الجديد فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، وبالرغم من أن المحكوم عليه لم يتمسك فى طعنه بهذا الدفاع إلا أن لمحكمة النقض أن تثيره ولو من تلقاء نفسها على اعتبار أن القانون الذى يحدد هذه الغرامة كجزاء يعتبر من النظام العام.
2 - إذا كان الحكم الصادر بمنع التعرض قد قضى بالإزالة والتسليم فلا محل للنعى عليه بأنه قد جمع بين دعوى الملكية ودعوى اليد، ذلك لأن الإزالة هى من قبيل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض وذلك بازالة الأفعال المادية التى أجراها المتعرض كتسوير الأرض ووضع أخشاب وإقامة هيكل ومسرح وغيرها مما يعتبر وجودها فى ذاته تعرضا لحيازة واضع اليد مما تتسع ولاية قاضى الحيازة لمنعه متى قامت لديه أسبابه وكذلك التسليم إذ يعتبر من مستلزمات منع التعرض وإعادة يد الحائز إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - على المستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن مجلس بلدى الاسكندرية أقام الدعوى رقم 241 لسنة 1946 أمام محكمة العطارين الجزئية ضد الطاعن وآخر وقال فى صحيفتها المعلنة بتاريخ 11 من ديسمبر سنة 1945 إن الطاعن سبق إن تقدم لبلدية الاسكندرية بطلب فى 18 من ديسمبر سنة 1944 يلتمس فيه استئجار قطعة أرض فضاء ملك البلدية بشارع أبو قير بجوار نقطة المطافى بقسم الرمل لاستعمالها كمستودع لتخزين الطوب فردت عليه البلدية برفض طلبه وذلك فى 2/ 4/ 1945 ورغم هذا الرفض الصريح قام الطاعن وآخر معه بالتعدى على الأرض المذكورة بأن أقاما سورا من المبانى بارتفاع ثلاثة أمتار على الحد الغربى وتعلية السورين القديمين بالحدين البحرى والشرقى بمبان بالطوب الأحمر وإقامة هيكل من الأخشاب القديمة على الواجهة القبلية على شارع أبى قير وعمل جمالونات خشبية قديمة ووضع خيش عليها لتغطيتها وعمل مصطبة من الداخل على شكل مسرح واستعملا الأرض المذكورة كمسرح يعرضان فيه بعض وسائل التسلية على الجمهور وقد حرر عن هذا التعدى مذكرتان فى نقطة بوليس باكوس إحداهما بتاريخ 29/ 4/ 1945 برقم 27 والثانية برقم 28 بتاريخ 28/ 6/ 1945 وانتهى المجلس البلدى إلى القول بأن الأرض موضوع النزاع ملك له بطريق الشراء بعقد مسجل بتاريخ 28 من مايو سنة 1898 تحت رقم 984 وطلب فى ختام طلباته الحكم له أولا - بمنع تعرض الطاعن وحسن على المغربى للبلدية على قطعة الأرض المذكورة. ثانيا - إلزامهما بازالة ما على الأرض من مبان وأخشاب وأثاث وبتسليم الأرض إلى البلدية خالية مما يشغلها خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ إعلانهما بالحكم الذى سيصدر وإلا كان لها الحق فى إجراء الإزالة والاستلام بمصاريف ترجع بها عليهما هذا مع المصاريف والأتعاب مع حفظ كافة حقوق البلدية الأخرى وعلى الأخص المطالبة بالريع عن مدة الإشغال بدعوى على حدة وقد رفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد مضى أكثر من سنة من وضع يده طبقا للمادة 26/ 3 مرافعات قديم الذى يحكم واقعة الدعوى واستند فى تأييد دفعه إلى ما ثبت من قضايا المخالفات التى كانت مضمومة للدعوى وإلى ما استنتجه من أقوال الشهود الذين سمعوا فى الدعوى كما دفع الدليل المستمد من عقد الملكية بعدم تأثيره فى الدعوى ما دامت الدعوى من دعاوى اليد حيث لا يجوز الجمع بين الملكية ودعوى اليد قانونا فضلا عن عدم انطباق عقد الملكية على العين موضوع النزاع وطلب ندب خبير للتطبيق والمعاينة.
وبتاريخ 21 من يونيه سنة 1948 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع وبقبول الدعوى وفى الموضوع بمنع التعرض إلى آخر ما جاء بطلبات المطعون عليه فرفع عنه استئنافا قيد برقم 409 سنة 48 س مستأنف اسكندرية وطلب فى صحيفة استئنافه وللأسباب الواردة بها الحكم بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه "البلدية" مع المصاريف والأتعاب عن الدرجتين وبتاريخ 24/ 5/ 1949 قرر الطاعن فى قلم كتاب المحكمة المذكورة بالطعن بالتزوير فى الطلب المؤرخ 18/ 12/ 1948 والمقدم من البلدية فى الدعوى والمنسوب صدوره للطاعن فقضت محكمة ثانى درجة بتاريخ 24/ 5/ 1949 بايقاف السير فى الدعوى حتى يفصل فى دعوى التزوير وقد أعلن الطاعن شواهد التزوير إلى المطعون عليها وأهمها أن الإمضاء الموقع به على الطلب ليست إمضاء الطاعن وأن الخبير الذى ندبته محكمة المخالفات فى القضية رقم 220 سنة 1947 مخالفات مستأنف والقضية رقم 1069 سنة 1945 مخالفات المضمومتين للدعوى أثبت وضع يد الطاعن على عين النزاع ولم تقدم البلدية إلى هذا الخبير يومئذ الطلب المدعى بتقدمه إليها من الطاعن بالرغبة فى استئجار الأرض وهو محل الطعن بالتزوير إلى آخر ما جاء بشواهد التزوير وأدلته، وبتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1950 قضت محكمة ثانى درجة بقبول صحيفة الطاعن شكلا وبقبول الدليل الأول من أدلة التزوير وأمرت بتحقيقه وندبت الخبير صاحب الدور "أحمد أفندى حمدى" لفحص التوقيع المطعون عليه وإجراء المضاهاة على الأوراق الرسمية المقدمة من الطاعن وهى "وثيقة زواجه وإقرار السجل التجارى " إلى آخر ما جاء بالمأمورية التى كلفت الخبير بأدائها - قدم الخبير تقريره وأثبت فيه أن الإمضاء الموقع بها على الطلب والمطعون فيها بالتزوير هى بخط الطاعن وقد قدم الطاعن تقريرا استشاريا يناهض رأى خبير المحكمة فيما أثبته فى تقريره وطعن على عمل الخبير بما يمس سلامة تقديره لظروف الخبير الصحية وإطراح تقاريره فى العديد من القضايا التى ندب فيها لذات السبب وطلب فى النهاية ندب مصلحة الطب الشرعى قسم الزيوف للترجيح ولكن المحكمة قضت بتاريخ 28/ 11/ 1950 برفض دعوى التزوير الفرعية وألزمت الطاعن بمصاريفها وبالغرامة القانونية وقدرها 25 جنيها للخزينة كما قضت فى موضوع الاستئناف المرفوع من الطاعن بتاريخ 12/ 4/ 1951 برفضه وبتأييد الحكم المستأنف مع إلزام الطاعن بمصاريفه و400 قرش مقابل أتعاب المحاماة فطعن الطاعن على الحكمين حكم التزوير والحكم الموضوعى بطريق النقض.
ومن حيث إن النيابة طلبت نقض الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1950 القاضى برفض دعوى التزوير نقضا جزئيا فى خصوص ما قضى به من تغريم الطاعن مبلغ 25 جنيها للخزانة لعجزه عن إثبات التزوير الذى ادعاه لأن المادة 291 من قانون المرافعات القديم هى الواجبة التطبيق لا المادة 288 من قانون المرافعات الجديد.
ومن حيث إن هذا النعى فى محله لأنه وان كان الحكم برفض دعوى التزوير قد صدر فى 28/ 11/ 1950 أى بعد العمل بقانون المرافعات الجديد مما يستتبع تطبيقه على هذه الدعوى عملا بالمادة الأولى منه إلا أن الغرامة التى يحكم بها على مدعى التزوير عند عجزه عن الإثبات إنما هى جزاء أوجب القانون توقيعه على مدعى التزوير عند سقوط حقه فى دعواه أو عجزه عن إثباتها والقضاء بهذه الغرامة يكون وفقا للقانون الذى كان ساريا وقت التقرير بالطعن ومتى كان الثابت أن الطاعن قد قام باجراء الطعن بالتزوير وقت سريان قانون المرافعات القديم الذى كانت تنص المادة 291 منه على أن مقدار الغرامة عشرون جنيها بينما القانون الجديد قد رفعها إلى 25 جنيها وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم الطاعن 25 جنيها تطبيقا للقانون الجديد فيكون الحكم قد أخطأ فى تطبيق القانون فى هذا الخصوص ولو أن الطاعن بالنقض لم يتمسك بهذا الدفاع إلا أن للمحكمة أن تثيره ولو من تلقاء نفسها على اعتبار أن القانون الواجب التطبيق على هذه الغرامة كجزاء يعتبر من النظام العام ومن ثم يتعين نقض الحكم فى هذا الخصوص. ولما كانت الدعوى صالحة للفصل فى ذلك فترى المحكمة تعديل الغرامة إلى مبلغ عشرين جنيها.
ومن حيث إن هذا الطعن قد أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل أولها فى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ مسخ الوقائع واستنتج منها ما لا يمكن استنتاجه منها بل وما يخالف ما ثبت فيها أو على الأقل يناقضها وفى بيانه يقول الطاعن إنه دفع بعدم قبول الدعوى على أساس وضع يده على العين محل النزاع لمدة تزيد على سنة سابقة على تاريخ رفع الدعوى واستند فى ذلك إلى ما أسفر عنه التحقيق الذى أجرته محكمة أول درجة وإلى ما ثبت بقضايا المخالفات رقم 1069 سنة 1945 ورقم 220 سنة 1947 س مخالفات ورقم 1385 سنة 1946 مخالفات وثابت منها جميعا أن وضع يده بدأ على الأقل فى سنة 1945 فى حين أنه لم يعلن فى الدعوى الحالية إلا فى 8 من يناير سنة 1947 مما يقطع بأن هذه الدعوى رفعت بعد الميعاد القانونى مما يجعل حماية يده على العين موضوع النزاع واجبة حتى مع التسليم جدلا بصحة طلب الاستئجار المنسوب إليه والمقدم للبلدية بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1944. وقد أضاف بأنه تمسك بوضع يده المدة الطويلة المكسبة للملكية على الأرض موضوع النزاع استنادا إلى أقوال شهوده فى التحقيق وما ثبت بمحاضر المخالفات إلا أن الحكم المطعون فيه أخذ بأسباب الحكم الابتدائى واطرح دفاع الطاعن استنادا إلى طلب التأجير المقدم منه فى 28 من ديسمبر سنة 1944 وهو استناد خاطئ: إذ أن تقديم الطلب المذكور - على فرض صدوره من الطاعن لا ينفى وضع يده إذ القاعدة بالنسبة لأملاك الحكومة أن واضع اليد يفضل فى الاستئجار والبيع بالممارسة على غيره وهذا ما يصح أن يفسر به تقديم طلبه ان افترض حصوله منه - تحقيقا لهذه الغاية ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ فى الاستدلال كذلك مما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ عرض للدفع بعدم قبول الدعوى لأن الدعوى رفعت بعد أكثر من سنة من حصول التعرض قال "ومن حيث إن الثابت من إعلان صحيفة الدعوى أنه تم فى 11 من ديسمبر سنة 1945 خلافا لما يقوله وكيل المدعى عليهما فى مذكرته من أنها أعلنت فى 5 من يناير سنة 1947 إذ أن هذا الإعلان الأخير إنما تم فى مرحلة من مراحل الدعوى بعد إحالتها إلى التحقيق وترى المحكمة أن ثبوت تاريخ الإعلان على هذا النحو المتقدم أمر لا يستأهل المناقشة أو الجدل..." ثم قال "بأن التعرض قد تم بعد 18 من ديسمبر سنة 1944 وأنه مما يؤيد ذلك ما ثبت بالمذكرتين المحررتين بنقطة بوليس باكوس بتاريخ 29 أبريل سنة 1945 و28 من يوليه سنة 1945 فقد جاء بالأولى أن "الطاعن" أقر بأنه استأجر الأرض موضوع النزاع من المدعو فتحى سيف بعقد مؤرخ 1/ 1/ 1945 وجاء بالثانية أن المدعى عباس محمد المغربى ذكر أن ابنه فتحى المغربى استأجر الأرض المذكورة من فتحى سيف" وانتهى إلى أن المدة التى تفصل بين تاريخ طلب استئجار الأرض وتاريخ رفع الدعوى لا تجاوز السنة ثم قضى برفض الدفع.
ومن حيث إنه يبين من هذا الذى أورده الحكم أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على ما استخلصه من أن إعلان الدعوى تم فى 11 من ديسمبر سنة 1945 على خلاف ما يدعيه الطاعن أنه تم فى 8 من يناير سنة 1947 وهو ادعاء عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعن بملف هذا الطعن ما يؤيد حصول الإعلان فى التاريخ الذى يزعمه كما استند أيضا إلى ما ثبت بالمذكرتين المحررتين بنقطة البوليس فى 29/ 4/ 1945 و28/ 7/ 1945 لبيان تاريخ حصول التعرض وتاريخ رفع الدعوى وانتهى إلى أن الدعوى رفعت قبل مضى سنة من تاريخ التعرض. وهذا استخلاص سائغ ومؤد إلى ما انتهى إليه منه ويكفى لحمل الحكم مما يتعين معه رفض هذا الوجه من الطعن، وأما ما ينعاه الطاعن فى الشق الثانى من هذا السبب على الحكم المطعون فيه أنه رفض الأخذ بدفاعه بأنه اكتسب ملكية الأرض محل نزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فمردود بأن الاستناد إلى الحق فى رفع دعوى الحيازة غير جائز قانونا فإذا كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد اطرح دفاع الطاعن فى هذا الخصوص ولم يؤسس قضاءه بمنع التعرض على نفى ملكية الطاعن للأرض موضوع النزاع بل على ثبوت حيازة المطعون عليه لها ونفى هذه الحيازة عن الطاعن مستدلا فى ذلك بطلب الاستئجار الذى قدمه الطاعن فى ديسمبر سنة 1944 كقرينة منضمة لباقى القرائن والأدلة الأخرى التى استظهرها كان قضاؤه قائما على أسباب سائغة تكفى لحمله مما يتعين معها رفض هذا الوجه.
ومن حيث إن حاصل السبب الثانى أن الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم محكمة أول درجة قد أخطأ إذ خلط بين دعوى اليد ودعوى الملكية مع أن القانون يمنع ذلك وأن طلب منع التعرض خاص بوضع اليد وأما طلب الإزالة والتسليم فيضمنان تثبيت الملكية وأن الحكم المطعون فيه إذ تصدى لبحث وضع يد الطاعن المدة الطويلة وإذ قضى بالتسليم والإزالة يكون قد جمع بين دعوى الملكية ودعوى اليد الأمر المخالف للقانون.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بما سبق إيراده فى الرد على الوجه الثانى من السبب الأول والذى تضمن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمنع التعرض لا على أساس نفى ملكية الطاعن للأرض محل النزاع بل على ثبوت حيازة المطعون عليه لها ونفى هذه الحيازة عن الطاعن بما استظهره الحكم من الأدلة والقرائن التى أوردها بأسبابه وأنه وإن كان قد تطرق إلى تحقيق وضع يد الطاعن "عن المدة الطويلة التى ادعاها" فلم يكن ذلك منه إلا لمجرد الاستئناس بها للتعرف على شروط الحيازة التى هو بصددها ومدى تحققها دون أن يتجاوز الحكم نطاق وضع اليد المبرر لهذه الحيازة أو لرفضها وقد اقتصرت أسبابه على إثبات أن ادعاء وضع يد الطاعن غير قائم ولم يعرض فى استخلاصه لهذه النتيجة إلى الملكية أو المساس بها وأما عن القول بأن الحكم إذ تصدى لبحث وضع اليد المدة الطويلة وإذ قضى بالإزالة والتسليم يكون قد جمع بين دعوى الملكية ودعوى اليد فلا محل له لأن الإزالة هى من قبيل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض وذلك بازالة الأفعال المادية التى أجراها الطاعن كتسوير الأرض ووضع الأخشاب وإقامة هيكل ومسرح وغيرها مما يعتبر وجودها فى ذاته تعريضا لحيازة المطعون عليه مما تتسع ولاية قاضى الحيازة لمنعه متى قامت لديه أسبابه وكذلك التسليم إذ يعتبر من مستلزمات منع التعرض وإعادة يد الحائز إليه. ومن ثم كان هذا النعى بشقيه فى خصوص هذا السبب واجب الرفض.
ومن حيث إن حاصل هذا السبب الأخير أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور إذ لم يتناول ما أثاره الطاعن من أن العقد المسجل المقدم من المطعون عليه لا ينطبق على العين موضوع النزاع وبالتالى تنعدم صفته فى طلب منع التعرض فضلا عن أن الحكم لم يجب الطاعن إلى ندب مصلحة الطب الشرعى للترجيح بين تقرير الخبير المنتدب وتقرير الخبير الاستشارى مع إقراره بوجود خلاف بين التوقيعين ودون أن يناقش المطاعن التى وجهها إليه.
ومن حيث إن هذا النعى مردود فى شقه الأول بما أورده الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه فى خصوص عقد التمليك بقوله "وحيث إن المدعية أى البلدية قدمت إثباتها لدعواها حافظتين بمستندات وفى الأول عقد شراء لقطعة أرض تنطبق أوصافها وحدودها ومساحتها على ما ذكر فى العريضة عن الأرض موضوع النزاع صادر من السيد اسماعيل ونور سيف إلى مدير البلدية بصفته نائبا عن مجلسها البلدى وتاريخه 25/ 5/ 1898... الخ وواضح من هذا الذى أورده الحكم أن المحكمة ناقشت دفاع الطاعن فى هذا الخصوص ورأت اطراحه لما استظهرته من تطابق حدود الأرض موضوع النزاع على ما ورد بالعقد المقدم من المطعون عليه ومن ثم فلا محل للنعى على الحكم بالقصور فى التسبيب أما النعى على الحكم بأنه رفض ندب مصلحة الطب الشرعى لاجراء المضاهاة وأخذ بتقرير الخبير المنتدب دون تقرير الخبير الاستشارى من غير أن يعنى بالرد على المطاعن التى وجهت إلى تقرير الخبير المنتدب فمردود بأن المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب تعيين خبير آخر متى وجدت فى تقرير الخبير المنتدب وفى أوراق لدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فيها وأن ما ورد بأسباب الحكم المطعون فيه يفيد أن المحكمة لم تر حاجة إلى الالتجاء إلى إجراء آخر فى الدعوى ومن ثم فان الطعن عليه بالقصور يكون على غير أساس وأما عن عدم الرد على اعتراضات الطاعن على تقرير الخبير المنتدب فان اعتماد الحكم لهذا التقرير والأخذ بنتيجته فيه الرد الكافى على فساد هذه الاعتراضات وهو تقدير موضوعى لا شأن لهذه المحكمة به ومن ثم يكون هذا السبب بجميع وجوهه واجب الرفض.