أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 6 - صـ 523

جلسة 20 من يناير سنة 1955
(65)
القضية رقم 120 سنة 22 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت، وكيل المحكمة، ومصطفى فاضل، واحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.
بورصات. بورصة الأوراق المالية. وكالة بالعمولة. حق السمسار الذى لم يحصل على الدفع أو التسليم من عميله فى طلب تصفية العملية. أساس هذا الحق. عدم قيام السمسار باستعماله. هبوط الأسعار. لا مسئولية على السمسار. علة ذلك. المادة 77 من مرسوم 31/ 12/ 1933
خولت الفقرة الأخيرة من المادة 77 من المرسوم الصادر فى 31 من ديسمبر سنة 1933 بالموافقة على اللائحة العامة لبورصات الأوراق المالية السمسار الذى لم يحصل على الدفع أو التسليم من عميله الحق فى طلب تصفية العملية فى يوم العمل الثانى الذى يلى إرساله خطابا موصى عليه للعميل بغير تنبيه آخر أو إنذار سابق أو تعليق إعلان، وأساس هذا الحق إنما يرجع إلى ما شرعه القانون للسمسار بوصفه وكيلا بالعمولة من تحقيق امتيازه المقرر فى المادة 85 من القانون التجارى على البضائع المرسلة أو المسلمة إليه أو المودعة عنده مع التيسير على السمسار المكلف بشراء الأوراق المالية بإعفائه من الإجراءات التى تتطلبها المادة 89 من قانون التجارة وهى ضرورة الحصول على إذن من القاضى بالبيع، ولما كان هذا هو أساس حق السمسار ولم يكن أساس التنفيذ فى البورصة بمعرفة السمسار هو استعمال لحقه فى فسخ عملية البورصة التى عقدها وفى فسخ عقد الوكالة بينه وبين العميل بمجرد انتهاء المهلة التى يحددها فى الخطاب الموصى عليه الذى يرسله إلى العميل طالبا فيه الوفاء وبغير حاجة إلى قضاء، وكان الوكيل بالعمولة كأى دائن مرتهن الحق فى التنفيذ عل مدينه يوم استحقاق الدين أو بعده ومتابعة التنفيذ الذى بدأه أو عدم متابعته كيف يشاء دون أن يكون فى ذلك مسئولا عن أى ضرر يلحق بالعميل المدين نتيجة لهبوط الأسعار بسبب مجرد التأجيل فحسب، لما كان ذلك، فان الحكم إذ قضى للسمسار بثمن الأوراق المالية محسوبا على يوم التصفية الفعلية لا يكون قد أخطأ فى القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن المطعون عليهم والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
ومن حيث إن الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقى أوراق الطعن تتحصل فى أنه فى يوم 23 من سبتمبر سنة 1947 اشترى الطاعن بوساطة مورث المطعون عليهم السمسار بالبورصة خمسين سهما ومن أسهم تأسيس شركة مصر الجديدة بثمن يتراوح بين 66 جنيها و500 مليم و67 جنيها للسهم وبلغت جملة الثمن 3341 جنيها و250 مليما يضاف إليه قيمة السمسرة والدمغة 875 جنيها فيكون المجموع 3349 جنيها و908 مليمات، ودفع الطاعن من أصل الثمن 250 جنيها ولم يدفع الباقى فأرسل إليه مورث المطعون عليهم كتابا فى 18 من أكتوبر سنة 1947 وطلب إليه المبادرة إلى تسوية مركزه الذى أصبح مكشوفا غير أن هذا الكتاب رد لعدم وجود المرسل إليه بالعنوان. وفى 20 من ديسمبر سنة 1947 أرسل مورث المطعون عليهم إلى الطاعن كتابا ينذره فيه بأنه فى حالة عدم تصفية مركزه أو نقله لغاية يوم الثلاثاء 23 من ديسمبر سنة 1947 فانه سيخطر قومسيون البورصة لإجراء التصفية، ولم يرد الطاعن على هذا الخطاب. وفى 28 من يونيه سنة 1948 أرسل إليه مورث المطعون عليهم خطابا أشار فيه إلى خطابه السابق وإنذار الطاعن إما بتصفية مركزه أو نقله لغاية يوم الجمعة 2 من يوليه سنة 1948 وإلا اضطر إلى إيداع الملف القومسيون للتنفيذ. وفى 30 من يونيه سنة 1948 أرسل الطاعن إلى مورث المطعون عليهم كتابا بأن التصفية تمت حسب الخطاب المؤرخ 20 من ديسمبر سنة 1947 فرد عليه مورث المطعون عليه بانكار ذلك وبأنه كان مؤجلا التصفية بناء على رجاء أشخاص ذكرهم وسطهم الطاعن لديه فى ذلك وأنذره باتخاذ الإجراءات ضده. وفى 5 من يوليه سنة 1947 أرسل مورث المطعون عليهم خطابا إلى رئيس لجنة البورصة للأوراق المالية ببيع 25 سهما فتم بيعها بمبلغ 964 جنيها و300 مليم وبيع الباقى يوم 8 من يوليه سنة 1948 بثمن قدره 969 جنيها. وأقام الدعوى رقم 472 سنة 1948 تجارى كلى الاسكندرية على الطاعن وطلب الحكم بالزامه بأن يدفع له 1293 جنيها و541 مليما. وفى 48 من يناير سنة 1950 حكمت محكمة الاسكندرية الابتدائية بالزام الطاعن بأن يدفع إلى ورثة المطعون عليه مبلغ 152 جنيها و349 مليما والفوائد بواقع 6% من تاريخ الطلب الرسمى الحاصل فى 13/ 9/ 1948 حتى 14 من أكتوبر سنة 1949 وبواقع 5% سنويا من 15 من أكتوبر سنة 1949 حتى الوفاء والمصروفات المناسبة وأسست المحكمة قضاءها على أنه كان الواجب على مورث المطعون عليهم أن يقدم الأوراق المالية التى اشتراها الطاعن إلى لجنة البورصة يوم 24 ديسمبر سنة 1947 وهو اليوم التالى لليوم الذى حدده فى خطابه المؤرخ 20 ديسمبر سنة 1947 كآخر موعد للتصفية أو النقل أما وهو لم يفعل ذلك فان عليه أن يتحمل نتيجة هبوط الأسعار وذلك اعمالا لنص المادة 77 من المرسوم الصادر فى 31 ديسمبر سنة 1933 الخاص بالموافقة على اللائحة العامة لبورصات الأوراق المالية. فاستأنف المطعون عليهم هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 52 تجارى سنة 6 ق استئناف الاسكندرية وفى 18 ديسمبر سنة 1951 حكمت محكمة استئناف الاسكندرية بتعديل الحكم المستأنف وبالزام المستأنف عليه (الطاعن) بأن يدفع للمستأنفين (المطعون عليهم) ورثة ابراهيم طاسو 1293 ج و501 م بما فيه الفوائد استحقاق 9 يوليو سنة 1948 مع الفوائد على مبلغ 1144 ج و851 م بواقع 6% سنويا من التاريخ المذكور حتى 14 من أكتوبر سنة 1949 وبواقع 5% سنويا من 15 أكتوبر سنة 1949 حتى تمام الوفاء والمصاريف المناسبة عن الدرجتين. فقرر الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب يتحصل أولها فى أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله إذ بنى قضاءه على تفسير خاطئ للمادة 77 من لائحة بورصة الأوراق المالية الصادر يوم 31 من ديسمبر سنة 1933 ووجه الخطأ أن المادة 77 لا تعالج مركز دائن بالنسبة لمدينه ولكنها تنظم علاقة خاصة بين السمسار وعميله، الأول بوصفه وكيلا بالعمولة والثانى بوصفه أصيلا أو موكلا - وتعطى للسمسار حقا فى الشرط الفاسخ الصريح إذا لم يبادر العميل إلى الوفاء بالتزاماته فى الميعاد الذى يحدده السمسار ومجرد قيام السمسار بارسال الخطاب الذى تنص عليه المادة 77 يستتبع حتما فسخ عملية البورصة التى باشرها السمسار لحساب العميل ويجب أن يسوى المركز القانونى للطرفين على هذا الأساس فلا يملك السمسار احياء علاقة قانونية انقضت بالفسخ إلا إذا أثبت رضاء العميل بامتدادها. ويتحصل السببان الثانى والثالث فى أن الحكم شابه القصور من وجهين الأول إذ دفع الطاعن الدعوى أن الخطاب الذى وصله من موروث المطعون عليهم فى 20 من ديسمبر سنة 1947 تضمن إيجابا من السمسار بأنه سيصفى العملية فى البورصة فى يوم 24 من ديسمبر سنة 1947 وان هذا الإيجاب صادف من جانب الطاعن قبولا ضمنيا فانعقد بذلك اتفاق بينهما يلزم السمسار مورث المطعون عليهم بتنفيذ ما جاء بخطابه خاصا بتصفية العملية فى اليوم المحدد فى هذا الخطاب ما دام أنه لم يتلق من الطاعن حتى يوم 23 من ديسمبر سنة 1947 تعليمات أخرى ولكن الحكم أغفل هذا الدفاع ولم يشر إليه بكلمة والوجه الثانى إذ دفع الطاعن الدعوى بأن السمسار مورث المطعون عليهم هو المسئول عن الخسارة الناشئة عن هبوط أسعار الأوراق المالية التى اشتراها وادعى أنه احتفظ بها عشرة شهور متوالية وانه هو الأولى بتحمل التبعة إذ أخل بما يقضى عليه واجبه وترك الأوراق تتدهور حتى نزلت قيمتها إلى النصف. وقد تنبه المطعون عليهم إلى هذا الدفاع فقرروا ردا عليه أن تأجيل مورثهم للتصفية كان بناء على وساطة أصدقاء للطرفين وطلبوا إحالة الدعوى على التحقيق لاثبات ذلك ولكن محكمة الدرجة الأولى لم تجبهم إلى طلبهم واستبعدت صحة هذه الواقعة. فكان على محكمة الاستئناف البحث فى تقصير مورث المطعون عليهم والرد على ما أورده الحكم الابتدائى فى نفس الزعم بحصول الوساطة. ولكنها لم تفعل وأغفلت الرد على هذا الدفاع. وهذا وذاك من الحكم قصور يعيبه.
ومن حيث إن هذا الطعن بجميع وجوهه مردود بما جاء بالحكم المطعون فيه من أن المادة 77 من المرسوم آنف الذكر نصت على حق مطلق أجازته للسمسار يستعمله إذا شاء وإذا شرع فى استعماله بأن أنذر عميله فله حق ارجائه أو العدول عنه ومثله فى ذلك كمثل أى دائن إذا شرع فى التنفيذ وأنذر المدين وحدد يوما للبيع فله حق إيقافه أو تأجيله والعدول عنه دون الإخلال بحقه فى استئنافه من جديد متى شاء.... ولا أساس للقول بأن إرجاء السمسار استعمال هذا الحق بتأجيل التصفية التى حددها أو العدول عنها بعدم حقه أو أنه يرتب على عاتقه أى التزام بمتابعة التنفيذ إلى نهايته إذ لا يمكن أن ينقلب حق السمسار فى التصفية إلى التزام بها بمجرد الشروع فيها ثم العدول عنها شفقة بالمدين أو لأى سبب آخر ولا يتحقق الالتزام بالتصفية إلا إذا اقترن بموافقة العميل صراحة على إجرائها فى اليوم المحدد لها أو كان العميل قد أصدر للسمسار أمرا صريحا بالتصفية من تلقاء نفسه، وهذا الذى جاء بالحكم صحيح فى القانون ذلك بأن الفقرة الأخيرة من المادة 77 من المرسوم الصادر فى 31 من ديسمبر سنة 1933 بالموافقة على اللائحة العامة لبورصات الأوراق المالية تنص على أنه "إذا لم يحصل الدفع أو التسليم من عميل لسمساره فانه يجوز تصفية العملية بناء على طلب السمسار فى يوم العمل الثانى الذى يلى إرسال خطاب موصى عليه بغير تنبيه آخر أو إنذار سابق أو تعليق إعلان". وأساس هذا الحق المقرر للسمسار المكلف بالشراء فى عملية عاجلة كما هو الحال فى الدعوى إنما يرجع إلى ما شرعه القانون من حقه بوصفه وكيلا بالعمولة من تحقيق امتيازه المقرر فى المادة 85 من القانون التجارى على البضائع المرسلة أو المسلمة إليه أو المودعة عنده مع التيسير على السمسار الذى كلف بشراء الأوراق المالية باعفائه من الاجراءات التى تتطلبها المادة 89 من القانون التجارى وهى ضرورة الحصول على إذن من القاضى بالبيع. ولما كان هذا هو أساس حق السمسار ولم يكن أساس التنفيذ فى البورصة بمعرفة السمسار هو استعمال لحقه فى فسخ عملية البورصة التى عقدها وفى فسخ عقد الوكالة بينه وبين العميل بمجرد انتهاء المهلة التى يحددها فى الخطاب الموصى عليه الذى يرسله إلى العميل طالبا فيه الوفاء وبغير حاجة إلى قضاء - وكان للوكيل بالعمولة كأى دائن مرتهن الحق فى التنفيذ على مدينه يوم استحقاق الدين أو بعده ومتابعة التنفيذ الذى بدأه أو عدم متابعته كيف يشاء دون أن يكون فى ذلك مسئولا عن أى ضرر يلحق بالمدين العميل نتيجة لهبوط الأسعار بسبب مجرد التأجيل فحسب كما هو الحال فى الدعوى - لما كان ذلك فان الحكم إذ قضى للمطعون عليهم بثمن الأوراق محسوبا على يوم التصفية الفعلية لا يكون قد أخطأ فى القانون أو شابه قصور ومن ثم يتعين رفض الطعن.