أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 6 - صـ 562

جلسة 27 من يناير سنة 1955
(72)
القضية رقم 399 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، ومحمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد المستشارين.
حكم. تسبيبه. رهن حيازى. التزام الدائن المرتهن بأن يبذل جهده فى استغلال العقار المرهون. تقرير الحكم بأن الدائن قصر فى استغلال العقار. أمره بإجراء عملية الاستهلاك على أساس أجر المثل لا على أساس ما حصله فعلا. عدم بيانه الأسباب التى استند عليها فى إثبات تقصير الدائن. قصور.
متى كانت المحكمة إذ طبقت المادة 545 من القانون المدنى القديم التى توجب على الدائن المرتهن أن يبذل فى سبيل استغلال العقار المرهون حسب ما هو قابل له ما يستطيع من مجهود ممكن لم تبين الأسباب التى اعتمدت عليها فى اعتبار الدائن مقصرا فى استغلال العين المرهونة مكتفية فى ذلك بإيراد عبارة غامضة لا تكشف عن أى معنى ثم ندبت خبيرا لاجراء عملية الاستهلاك لا على أساس ما استولى عليه الدائن المرتهن فعلا بل على أساس أجر المثل، فإن حكمها يكون قاصرا قصورا يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامى عن الطاعنين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل فى أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى على الطاعنين قالوا فيها إن مورثهم كان قد رهن إلى مورث المدعى عليهم 3 أفدنة و8 قراريط و8 أسهم المبينة بالصحيفة رهنا حيازيا نظير دين مقداره 670 م و158 ج بعقد مؤرخ فى 1/ 11/ 1912 ومسجل فى 12/ 2/ 1913 ووضع الدائن المرتهن يده على الأرض واستغلها وورثته من بعده وكانت الغلة تزيد على الفائدة القانونية بحيث استهلك الدين بأكمله منذ زمن طويل. وطلبوا الحكم باستهلاك الدين وفسخ عقد الرهن وبعد أن أحالت محكمة أول درجة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى وضع يد مورث المدعى عليهم وهم من بعده على الأطيان واستغلالها من تاريخ الرهن وسماع شهود الطرفين قضت برفض الدعوى. فاستأنف المطعون عليهم وقيد الاستئناف برقم 1 سنة 22 ق أمام محكمة استئناف أسيوط التى قضت فى 5/ 5/ 1949 بندب خبير زراعى لتقدير ريع الأطيان المرهونة من يوم الرهن وإجراء عملية الاستهلاك وفقا للمادة 545 مدنى، لأنه على الدائن المرتهن بذل ما يستطيع من جهد لاستغلال العقار المرهون ولا يمكن القول إنه غير مسئول إلا عما وصل ليده فعلا خصوصا إذا ثبت من ظروف الدعوى وملابساتها أنه لم يسع إلى استغلال العقار المرهون حسبما هو قابل له فإذا قصر فى استغلاله كان مسئولا عن قيمة الريع الممكن الحصول عليه وهو أجر المثل. وقد قام الخبير بمأموريته وقدم تقريره وانتهى فى تقريره إلى أن الدين استهلك فى سنة 1921 وأن ما فاض بعد الاستهلاك هو مبلغ 866 جنيها و950 مليما. وفى 10/ 1/ 1951 قضت المحكمة بالغاء الحكم المستأنف وعقد الرهن. فقرر الطاعنون بالطعن بطريق النقض فى الحكمين الصادر أولهما فى 5/ 5/ 1949 والثانى فى 10/ 1/ 1951.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم الصادر فى 5/ 5/ 1949 القصور فى التسبيب إذ لم يبين عناصر تقصير الطاعنين مكتفيا بإيراد عبارة يلابسها الغموض والإبهام وهى "إذا ما ثبت من ظروف الدعوى وملابساتها" وعبارة "ومع هذه الظروف والملابسات" دون أن يبين فى أسبابه ظروف هذه الملابسات. وهذا قصور يعيبه ويبطله.
من حيث إنه جاء بالحكم الصادر فى 5/ 5/ 1949 عن ذلك "وحيث إن المادة 545 مدنى قديم تنص على أنه لا يجوز للدائن المرتهن أن ينتفع بالرهن بدون مقابل بل عليه أن يسعى فى الاستغلال من الرهن بحسب ما هو قابل له وأن يبذل فى سبيل ذلك ما يستطيع من مجهود ممكن فى استغلال العقار المرهون مما لا يمكن معه القول بأن الدائن المرتهن غير مسئول إلا عما وصل ليده خصوصا إذا ما ثبت من ظروف الدعوى وملابساتها أنه خالف القانون فلم يسع إلى استغلال العقار المرهون حسبما هو قابل له، فإذا ما قصر فى استغلاله كان مسئولا عن قيمة الريع الممكن الحصول عليه مع السعى الذى أوجبه القانون لاستغلال العين المرهونة. ومع هذه الظروف والملابسات يكون مسئولا عن أجل المثل". وعلى هذا الأساس ندبت خبيرا زراعيا للانتقال للعين موضوع الرهن للتقدير ريعها وإجراء عملية الاستهلاك.
ومن حيث إنه وإن يكن يبين من هذا الذى أورده الحكم أنه فسر المادة 545 مدنى قديم تفسيرا صحيحا من أنه يجب أن يبذل الدائن المرتهن فى سبيل استغلال العقار المرهون حسب ما هو قابل له ما يستطيع من مجهود ممكن، إلا أن الحكم إذ طبق هذا الذى قرره على واقعة الدعوى عاره قصور بالغ إذ لم يبين ما استند إليه من أسباب تبرر القول إن الطاعنين أو مورثهم من قبل لم يبذلوا فى سبيل استغلال العين المرهونة ما استطاعوا من مجهود ممكن، مكتفيا بايراد تلك العبارة المغلقة التى لا تكشف عن أى معنى "ومع هذه الظروف والملابسات" يكون مسئولا عن أجر المثل، ولذلك ندبت خبيرا الإجراء عملية الاستهلاك لا على ما استولى عليه الطاعنون فعلا من ريع الأرض المرهونة بل على أجر المثل ومن ثم يتعين قبول هذا الوجه ونقض الحكم المطعون فيه الصادر فى 5/ 5/ 1949 للقصور فى التسبيب.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثانى من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه والصادر فى 10/ 1/ 1951 الخطأ فى الاسناد إذ أشار إلى أن التحقيق أمام محكمة أول درجة قد شمل ما ادعاه الطاعنون من أن المستأجر من الطاعنين للعين المرهونة كان يعمل لحساب المطعون عليهم، بينما الحكم الصادر بالإحالة على التحقيق كان قد اقتصر على إثبات ونفى عجز الطاعنين عن وضع يدهم على الأطيان المرهونة. كذلك ينعون بالوجه الثالث على الحكم القصور فى التسبيب حين ألغى حكم محكمة أول درجة دون أن يعرض إلى دعامة جوهرية قام عليها وهى امتناعه بصحة ما قرره الطاعنون فى صدد انتفاع العمدة المستأجر بالأطيان المرهونة لحساب المطعون عليهم.
ومن حيث إن النعى بالوجه الثانى فى محله إذ ثابت من الحكم التمهيدى الذى أصدرته محكمة أول درجة فى 8/ 3/ 1945 بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المدعون بكافة الطرق بما فيها البينة أن مورث المدعى عليهم - الطاعنين - استلم الأرض المرهونة واستغلها من تاريخ الرهن وورثته من بعده لغاية الآن على أن يكون للمدعى عليهم النفى بنفس الطرق ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ استند إلى أن التحقيق أمام محكمة أول درجة تناول ما ادعاه الطاعنون من أن المستأجر من الطاعنين للعين المرهونة كان يعمل لحساب المطعون عليهم قد خالف الثابت فى الأوراق وشابه الخطأ فى الاسناد. ومن ثم يتعين نقضه دون حاجة إلى بحث الوجه الثالث.