أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 6 - صـ 594

جلسة 3 من فبراير سنة 1955
(76)
القضية رقم 340 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.
حوالة. حوالة الحقوق الناشئة عن عقد البيع. رفض الحكم الدفع بعدم قبول دعوى المحال اليه المؤسس على عدم تسجيل عقد البيع. بقاء حق المحال عليه فى التمسك بكل الدفوع التى كان يصح له أن يتمسك بها قبل المحيل ومنها الدفع بنقص الأهلية. لا تناقض بين رفض الدفع المذكور وقبول الدفع بنقص الأهلية.
متى كان الواقع هو أن المشترى لجزء شائع فى عقار قد أحال الحق الناشئ من عقد البيع إلى آخر ثم رفع المحال إليه الدعوى بطلب قيمة نصيبه فى ثمن العقار الذى بيع لعدم إمكان قسمته، وكان الحكم قد رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم تسجيل عقد البيع، فان هذا الرفض لا يستلزم القضاء بأحقية المحال إليه لمحل الحوالة بل يظل للمدين حق التمسك قبل المحال إليه بكل الدفوع التى كان يصح له أن يتمسك بها قبل المحيل فيجوز للبائع أن يتمسك قبل من حول له المشترى حقوقه ببطلان البيع لأنه صدر منه وهو ناقص الأهلية ولا تعارض بين تقرير الحكم صحة توجيه الدعوى من المحال إليه للبائع وبين قضائه بانعدام الحق محل الحوالة. وعلى ذلك يكون قضاء الحكم ببطلان عقد البيع بسبب نقص أهلية البائع بعد قضائه برفض الدفع وبقبول الدعوى لا مخالفة فيه للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعنة والمطعون عليه الأول والنيابة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الدعوى كما يستفاد من أوراق الطعن تتحصل فى أنه بعقد غير مسجل تاريخه 25 من يوليه سنة 1927 ومصدق على توقيعاته فى 31 منه اشترى المطعون عليه الثانى من أخيه المطعون عليه الأول حصة فى منزل ببندر طنطا بثمن مقداره 315 جنيها وبعقد آخر غير مسجل تاريخه 26 من فبراير سنة 1928 ومصدق على توقيعاته فى 28 منه اشترى المطعون عليه الثانى أيضا من أخته السيدة منيرة سعاده حصتها فى نفس المنزل بثمن مقداره 144 جنيها وأنه فى 10 من ديسمبر سنة 1930 حول المطعون عليه الثانى لزوجته الطاعنة الحق الناشئ له عن عقدى البيع سالفى الذكر وحررت الحوالة على العقدين ثم فى 29 من ديسمبر سنة 1943 بيع المنزل جميعه بالمحكمة لعدم إمكان قسمته ورسا مزاده على وزارة الأوقاف وأودع ثمنه خزانة محكمة الاسكندرية المختلطة واختص المطعون عليه الأول فى التوزيع بمبلغ 273 جنيها و325 مليما واختصت السيدة منيرة سعادة بمبلغ 116 جنيها و608 مليمات وهو ما يوازى الحصة التى كان باعها كل منهما فى المنزل - وبصحيفة معلنة فى 10 و19 من أبريل سنة 1945 أقامت الطاعنة الدعوى رقم 1712 لسنة 70 ق أمام محكمة القاهر الابتدائية المختلطة ضد المطعون عليهما والسيدة منيرة سعاده طالبة إلزام المطعون عليه الأول والسيدة منيره بأن يدفعا لها المبلغين اللذين اختصا بهما فى التوزيع وفوائدهما تأسيسا على أن هذين المبلغين أصبحا من حقها بالحوالة الصادرة لها من زوجها المطعون عليه الثانى فى 10 من ديسمبر سنة 1930 فقضت لها المحكمة الابتدائية فى 21 من فبراير سنة 1948 بطلباتها وبنت حكمها على أن المبلغين المطالب بهما واللذين اختص بهما المطعون عليه الأول والسيدة منيرة فى التوزيع أصبحا من حق الطاعنة بموجب الحوالة الصادرة لها من زوجها عن الحقوق الناشئة له عن عقدى البيع سالفى الذكر وأن هذين العقدين وإن كان غير مسجلين ولكن نشأت عنهما للمشترى المطعون عليه الثانى حقوق شخصية كان يجوز له تحويلها لزوجته الطاعنة وصدر هذا الحكم فى غيبة المطعون عليه الأول فاستأنفه بصحيفة معلنة فى 7 من أكتوبر سنة 1948 طالبا الغاءه والحكم بعدم قبول دعوى الطاعنة شكلا ورفضها موضوعا وبنى استئنافه على ثلاثة أسباب أولها أن دعوى الطاعنة تتعلق ببيع عقار بعقد غير مسجل فهى غير مقبولة لعدم تسجيل عقد البيع وهى ليست خاصة بدين مما يجوز تحويله، وثانيها أن عقد البيع الذى تستند إليه الطاعنة هو عقد باطل لصدوره منه وهو ناقص الأهلية إذ كان محجورا عليه للسفه بحكم من المحكمة القنصلية الفرنسية بالأسكندرية تاريخه11 من نوفمبر سنة 1921 عين أخوه المطعون عليه الثانى بموجبه قيما عليه ثم رفع عنه الحجر بحكم تاريخه 17 من يونيه سنة 1927 مع ابقائه تحت الاشراف وتعيين أخيه نفسه مشرفا عليه إلى أن رفع عنه الاشراف بحكم تاريخه 2 من سبتمبر سنة 1949 - وثالثها أن حق الطاعنة فى المطالبة قد سقط بمضى المدة الطويلة - وفى 19 من مارس سنة 1951 قضت محكمة استئناف القاهرة برفض الدفع وبقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة قبل المطعون عليه الأول مع إلزامها بمصروفات الدرجتين وبعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة - فقررت الطاعنة بالطعن فى هذا الحكم.
وحيث إن الطعن بنى على مخالفة القانون من وجهين يتحصل أولهما فى أن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر القاعدة القانونية الصحيحة فى قضائه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا وهى أن عقد البيع غير المسجل وإن كان لا ينقل الملك ولكن تنشأ عنه حقوق والتزامات شخصية يجوز تحويلها وأن المطعون عليه الثانى إذ حول للطاعنة عقد البيع الصادر له من المطعون عليه الأول يكون قد تنازل لها عن حقوقه الشخصية قبل المطعون عليه الأول وأن هذه الحوالة تمت صحيحة لإعلانها إلى المطعون عليه الأول بصحيفة افتتاح الدعوى، بعد أن قرر الحكم ذلك وبدلا من أن يرتب عليه نتيجته المنطقية وهى القضاء بحق الطاعنة فى استرداد المبلغ الذى اختص به المطعون عليه الأول فى التوزيع وقبضه، ما لبث الحكم أن خالف القانون وخرج على القاعدة السليمة التى قررها وخلق من عنده واقعة لم يقل بها أحد من الخصوم فى الدعوى وهى أن المطعون عليه الأول غير ملزم إلا برد قيمة ما استفاده من مبلغ الثمن الذى أقر فى عقد البيع بقبضه وأن حق المطالبة به قد سقط بمضى المدة - والوجه الثانى أن الحكم خالف القانون أيضا إذ خلط بين بطلان البيع لصدوره من المطعون عليه الأول للمطعون عليه الثانى وهو المشرف عليه دون إذن من السلطة المختصة وبين حوالة الحقوق الشخصية المتولدة عن عقد البيع المذكور فاعتبر هذه الحوالة باطلة مع أن الحوالة تمت صحيحة ونافذة لوقوعها على التزامات شخصية ولإعلانها للمطعون عليه الأول.
وحيث إن هذا السبب مردود فى وجهيه بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة أقامت دعواها تطالب المطعون عليه الأول لا بملكية العقار الذى باعه بل بالمبلغ الذى اختص به فى توزيع ثمن العقار بعد بيعه بالمزاد العلنى لعدم إمكان قسمته واستندت الطاعنة فى دعواها على عقد البيع المحول إليها من المطعون عليه الثانى المشترى من المطعون عليه الأول وقد رد الحكم المطعون فيه على الدفع الذى تقدم به المطعون عليه الأول بعدم قبول الدعوى لعدم تسجيل عقد البيع برفضه تأسيسا على أن موضوع الدعوى لم يكن المطالبة بملكية العقار إنما هو مطالبة بحق شخص متولد عن البيع مما يجوز التنازل عنه بالحوالة وفقا لنصوص القانون المدنى المختلط الذى يحكم واقعة الدعوى، ثم انتقل الحكم إلى بحث الدفع الثانى الذى تقدم به المطعون عليه الأول ببطلان البيع لصدوره منه وهو ناقص الأهلية وببطلان الحوالة تبعا لذلك وانتهى الحكم إلى صحة هذا الدفع وأحقية المطعون عليه فى التمسك ببطلان البيع لصدوره منه وهو ناقص الأهلية وعلى خلاف الأوضاع المقررة لناقصى الأهلية فى القانون الفرنسى الذى يخضع له المطعون عليه الأول البائع فى أهليته، ثم تحدث الحكم عن استرداد ما دفع للمطعون عليه الأول من الثمن الذى أقر بقبضه فى عقد البيع الصادر منه فى 25 من يوليه سنة 1927 وقال بأن المطعون عليه الأول وإن كان ملزما برد قيمة ما استفاده من الثمن الذى أقر بقبضه غير أن أحدا لم يطلب إلزامه بهذه القيمة فضلا عن أن حق المطالبة بها قد سقط بمضى المدة الطويلة ثم استدرك الحكم وقال إن المطلوب إنما هو رد المبلغ الذى استلمه المطعون عليه الأول فى التوزيع باعتبار أنه قد أصبح حقا للطاعنة بناء على الحوالة الصادرة لها من زوجها المطعون عليه الثانى وأن حقها فى المطالبة بهذا المبلغ قد انعدم لانعدام الحق محل الحوالة الصادرة لها من زوجها المطعون عليه الثانى عن عقد البيع الباطل الصادر له من المطعون عليه الأول وأنه لم يبق للطاعنة سوى الرجوع على زوجها المحيل بثمن الحوالة وانتهى الحكم من ذلك كله إلى رفض دعوى الطاعنة موضوعا. وهذا الذى قرره الحكم لا يخالف القانون فى شئ، ذلك أن رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم تسجيل عقد البيع الناشئ عنه الحق المحول من المطعون عليه الثانى إلى الطاعنة والقضاء بقبولها وهى لا تتضمن طلب ثبوت ملكية العقار المبيع لا يستلزم القضاء بأحقية المحول إليه لمحل الحوالة إذ يظل للمدين حق التمسك قبل المحول إليه بكل الدفوع التى كان يصح له أن يتمسك بها قبل المحيل فيجوز للبائع أن يتمسك قبل من حول له المشترى حقوقه ببطلان البيع لأنه صدر منه وهو ناقص الأهلية ولا تعارض بين تقرير الحكم صحة توجيه الدعوى من المحول إليه للبائع وبين قضائه بانعدام الحق محل الحوالة وعلى ذلك يكون قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان عقد البيع بسبب نقص أهلية البائع بعد قضائه برفض الدفع وبقبول الدعوى لا مخالفة فيه للقانون - وأما ما جاء بالحكم المطعون فيه خاصا برد المطعون عليه الأول قيمة ما استفاده من الثمن الذى أقر بقبضه فى عقد البيع الصادر منه والذى تقرر بطلانه لصدوره منه وهو ناقص الأهلية فهو تزيد لا يعيب الحكم وواضح منه أن الحكم أشار إلى ذلك عرضا وهو فى صدد التحدث عن بطلان عقد البيع وقال بأنه لم يكن موضوع مطالبة من أحد.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس صحيح متعينا رفضه.