أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 6 - صـ 701

جلسة 17 من فبراير سنة 1955
(92)
القضية رقم 328 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمود عياد ومحمد أمين زكى المستشارين.
( أ ) أحوال شخصية. وارث يونانى الجنسية. قبوله التركة دون اشتراط الجرد. التزامه بديونها من ماله الخاص.
(ب) بورصات. شركة. سماسرة. اللجنة المنصوص عليها فى قرار وزير المالية رقم 58 لسنة 1940. مناط اختصاصها. المصفى هو الذى يتولى تصفية الشركة.
(ج) بورصات. سماسرة. شركة. اشتراط قانون البورصة أن يكون السمسار رجلا. لا يمنع من أن يكون المصفى امرأة.
(د) شركة. تقادم لا يجوز للمصفى التمسك قبل الدائن بالتقادم القصير المنصوص عليه فى المادة 65 من قانون التجارة.
(هـ) بورصات. سماسرة. التزام السمسار ببيان أرقام ما يشتريه لعميله من الأوراق فى كشف خاص. المقصود من هذا الالتزام. عدم جواز اعتبار هذا الكشف دليلا على إيداع الأوراق لدى السمسار بعد انتهاء العملية.
1 - متى كانت الدعوى قد وجهت الى الوارث اليونانى الجنسية الذى قبل التركة بغير اشتراط الجرد فان الحكم لا يكون قد أخطأ إذ قضى بالزامه بديون هذه التركة من ماله الخاص وفقا لأحكام المادة 1909 من القانون المدنى اليونانى التى يخضع إليها فى خصوص الارث.
2 - إن المادة 38 من قرار وزير المالية رقم 58 لسنة 1940 لا تخول اللجنة المنصوص عليها فيه أكثر من اقفال المراكز المفتوحة التى تركها السمسار المتوفى دون المساس بحساباته وبالتزاماته نحو عملائه، فإذا كانت له شركة فإن الذى يتولى تصفيتها هو المصفى طبقا للقانون ونصوص عقدها.
3 - اشتراط قانون البورصة أن يكون السمسار رجلا لا يسرى على المصفى الذى لا يمنع القانون من أن يكون امرأة.
4 - لا يجوز للشركاء المأمورين بالتصفية أو القائمين مقامهم التمسك قبل الدائن بنص المادة 65 من قانون التجارة الذى يقضى بسقوط حقه فى المطالبة بمضى خمس سنين من تاريخ انتهاء الشركة.
5 - إن ما نصت عليه المادة 69 من قانون التجارة المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1909 من إلزام السمسار ببيان أرقام ما يشتريه لعميله من الأوراق فى الكشف الذى يعده له عقب إتمامه العملية طبقا لما أثبته فى دفاتره مقصود به حماية العميل وتزويده بدليل قبل السمسار على قيامه بالعملية وجديتها، وليس هذا الكشف فى ذاته بدليل على حصول إيداع الأوراق من العميل لدى السمسار بعد انتهاء العملية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة محامى المطعون عليه والنيابة العامة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع كما يستفاد من أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليه أقام هذه الدعوى ضد الطاعنتين أمام محكمة الاسكندرية الابتدائية المختلطة وطلب فى صحيفتها المعلنة فى 23 من نوفمبر سنة 1948 إلزامهما متضامنتين بمبلغ 1148 جنيها و200 مليم وفوائده بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية، وبرد 720 سهما من أسهم شركة الملح والصودا و24 سهما من أسهم الشركة المالية والصناعية وإلا ألزمتا بدفع جنيهين عن كل يوم تتأخران فيه عن التسليم، مع إلزامهما متضامنتين بكافة المصاريف، ومع حفظ كافة الحقوق فقضت المحكمة فى 26 من فبراير سنة 1949 للمطعون عليه بإلزام الطاعنتين متضامنتين بأن تدفعا له المبلغ المطلوب وفوائده بواقع 5% سنويا من تاريخ رفع الدعوى وبرد الأسهم سالفة الذكر إليه وإلا ألزمتا متضامنتين بدفع قيمتها حسب متوسط سعرها فى بورصة الأوراق المالية بالاسكندرية يوم رفع الدعوى، مع إلزامهما متضامنتين بالمصاريف وبمبلغ 10 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. واستندت المحكمة فى حكمها إلى كشف الحساب الجارى المرسل من محل هندر ينوس إلى المطعون عليه عن المدة التى تنتهى فى 31 من ديسمبر سنة 1939 الدال على أن المطعون عليه الذى كان يقيم إذ ذاك فى باريس له مبلغ 6149 جنيها و4 مليمات رصيدا دائنا لدى محل هندر ينوس فى التاريخ المذكور وكذا 600 سهم من أسهم شركة الملح والصودا و20 سهما من أسهم الشركة المالية والصناعية، وإلى كتاب بنك أثينا المؤرخ 12 من فبراير سنة 1947 الذى جاء فيه بيان حصص الأرباح المدفوعة والأسهم الجديدة الموزعة بلا مقابل بعد زيادة رأس المال فى الشركتين سالفتى الذكر، وإلى أن الطاعنتين ورثتا أشقاءهما فى محل هندر ينوس وشركاه الذى صفى، وفى شركة هؤلاء الأشقاء، ولم تقدما ما يدل على سداد الدين ورد الأسهم المطالب بها إلى المطعون عليه. ورد الحكم على الدفع المقدم من الطاعنتين بعدم الاختصاص لأن الدعوى تجارية، بأن النزاع أصبح بعد انحلال محل هندر ينوس نزاعا مدنيا، وأن الطاعنتين ملزمتان بسداد الديون بصفتهما وارثتين. فاستأنفت الطاعنتان هذا الحكم أمام محكمة استئناف الاسكندرية بصحيفة معلنة فى 16 من مايو سنة 1949 طلبتا فيها إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليه، فقضت محكمة الاستئناف فى 24 من أبريل سنة 1951 برفض الدفع المقدم من الطاعنتين بسقوط حق المطعون عليه فى المطالبة بالتقادم الخمسى، وفى موضوع الاستئناف برفضه، وإلزام الطاعنتين بالمصاريف وبمبلغ 1500 قرش مقابل أتعاب المحاماة، فقررت الطاعنتان الطعن بالنقض فى هذا الحكم.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب: يتحصل أولها فى بطلان الإجراءات، والخطأ فى الإسناد. وقالت الطاعنتان فى ذلك إنهما تمسكتا فى دفاعهما أمام محكمة الموضوع بأنهما ليستا مصفيتين ولا مأمورتين بتصفية محل هندر ينوس وشركاه الذى انحل بوفاة الشريك المتضامن بنايوتى هندر ينوس فى 30 من أبريل سنة 1941. ولكن الحكم المطعون فيه رد على دفاعهما هذا بما أثبته من اطلاع على ملف الاستئناف رقم 245 لسنة 70 ق وعلى تقرير الخبير المقدم ق القضية رقم 1023 لسنة 1949 مستعجل الاسكندرية، من أن الطاعنتين كانتا مصفيتين للشركة، وأن التصفية ما زالت قائمة، مع أن هذا الذى استند إليه الحكم المطعون فيه لم يكن مستمدا من أوراق الدعوى، ولم تقرر المحكمة ضم هاتين القضيتين أو الانتقال للاطلاع عليهما، ولم تطلب إلى الطاعنتين إبداء رأيهما فيما جاء فيهما، ولذا تكون الإجراءات باطلة، ويكون الحكم المطعون فيه بنى على أساس لا سند له فى أوراق الدعوى.
وحيث إن هذا السبب مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ أضفى صفة المصفى على الطاعنتين وبقاء هذه الصفة لهما إلى وقت رفع الدعوى لم يستند فى ذلك إلى ما ظهر له من الاطلاع على الاستئناف رقم 245 لسنة 70 ق وعلى تقرير الخبير المقدم فى القضية رقم 1023 لسنة 1949 مستعجل اسكندرية فحسب، بل أيضا إلى ما ثبت له من مطالعة مستندات الطرفين، وما نص عليه فى عقد تأسيس الشركة، من أنها تنقضى بوفاة الشريك المتضامن، وأن التصفية تتم بمعرفة ورثته والشريك الموصى، ومن أنه بعد انقضاء الشركة بوفاة الشريك المتضامن بنايوتى هندرينوس فى 30 من أبريل سنة 1940 أعلن ورثته وهم أخواه ديمترى وجورج وأختاه الطاعنتان فسخ الشركة وتعيينهم مصفيين، ثم توفى الأخوان عن الطاعنتين وهذا الذى استند إليه الحكم مما قدمه الطرفان فى الدعوى كاف بذاته لإثبات ما قرره بشأن قيام الطاعنتين بأعمال التصفية واستمرارهما فيها.
وحيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون، وفى تأويله من ثلاثة أوجه: وهى أولا - إذ قضى بإلزام الطاعنتين من مالهما الخاص استنادا إلى أنهما ورثتا إخوتهما بغير اشتراط الجرد، مع أن المطعون عليه أقر فى صحيفة افتتاح دعواه بأن جورج هندرينوس عين مصفيا للشركة بعد وفاة أخيه بنايوتى، وقد كان يتعين على المطعون عليه بناء على ذلك رفع دعواه ضد المصفى وأن يطلب الحكم له من مال الشركة أو من مال الشريك المتضامن ومن تركته. وثانيا - إذ اعتبر الحكم الطاعنتين مصفيتين خلافا للمادة 38 من القرار الوزارى الصادر فى 27 من أبريل سنة 1920 التى تنص على تشكيل لجنة خاصة تستولى على دفاتر السمسار المتوفى وتحدد مركزه فورا وتشرع عند الاقتضاء فى تصفية مركزه وقد تنفذ هذا فعلا وأقامت اللجنة جورج هندر ينوس مقامها فى إجراء التصفية تحت إشرافها، وخلافا لقانون البورصة الذى يقضى بأن يكون السمسار رجلا لا امرأة. وثالثا - إذ قضى برفض الدفع الذى تقدمت به الطاعنتان بسقوط حق المطعون عليه فى المطالبة استنادا الى المادة 65 من قانون التجارة.
وحيث إن هذا السبب مردود بجميع أوجهه أولا - بما يستفاد من الحكم المطعون فيه من أن الدعوى وجهت إلى الطاعنتين باعتبارهما مصفيتين للشركة ووارثتين لإخوتهما الثلاثة بنايوتى وديمترى وجورج بغير اشتراط الجرد، ولما كانت الطاعنتان يونانيتى الجنسية فهما تخضعان فى خصوص الإرث لأحكام القانون المدنى اليونانى الذى تنص المادة 1909 منه التى تمسك بها المطعون عليه أمام محكمة الاستئناف، على إلزام الوارث الذى يقبل التركة بغير اشتراط الجرد، بالتزامات التركة من ماله الخاص. أما قول المطعون عليه فى صحيفة افتتاح الدعوى إن جورج هندر ينوس عين مصفيا للشركة، فإنه لا يستخلص منه حتما انحصار صفة المصفى فيه. وقد أثبت الحكم المطعون فيه تلك الصفة للطاعنتين على ما سبق بيانه ردا على السبب الأول. ومردود ثانيا - بأن المادة 38 من قرار وزارة المالية رقم 58 لسنة 1940 لا يخول اللجنة المنصوص عليها فيه أكثر من إقفال المراكز المفتوحة التى تركها السمسار المتوفى دون المساس بحساباته وبالتزاماته نحو عملائه. أما تصفية الشركة فيتولاها المصفى طبقا للقانون ولما جاء بعقد الشركة. وقد أشار الحكم المطعون فيه كما سبق ذكره فى الرد على السبب الأول إلى ما جاء بعقد الشركة فى هذا الصدد وإلى إعلان ورثة بنايوتى هندر ينوس ومنهم الطاعنتان قيامهم بأعمال التصفية، وأما القول بأن قانون البورصة يشترط أن يكون السمسار رجلا فإن هذا الشرط لا يسرى على المصفى الذى لا يمنع القانون من أن يكون امرأة، ومردود. ثالثا - بأن المادة 65 من قانون التجارة التى استندت إليها الطاعنتان فى دفعهما بسقوط حق المطعون عليه فى المطالبة بمضى خمس سنين من تاريخ انتهاء الشركة بأنها لا تسرى على الشركاء المأمورين بالتصفية أو على القائمين مقامهم. وقد أثبت الحكم المطعون فيه هذه الصفة للطاعنتين كما سبق بيانه ردا على السبب الأول - ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه لم يخالف القانون فى شئ مما نعته الطاعنتان عليه فى هذا السبب.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه شابه القصور فى التسبيب إذ أغفل الرد على دفاع الطاعنتين بأن وديعة السندات لا تثبت إلا بالكشف الذى يعطى للعميل وقت التسليم والذى تذكر به أرقام السندات طبقا للمادة 69 من قانون التجارة المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1909 وأن المطعون عليه استرد أسهمه بإعادته هذا الكشف للشركة، وكذلك إذ أغفل الحكم الرد على القرائن التسعة التى ساقتها الطاعنتان للاستدلال بها على حصول التخالص واكتفى بكشف الحساب الذى قدمه المطعون عليه للقضاء له بطلباته.
وحيث إن هذا السبب مردود بما يبين من الحكم المطعون فيه من أنه استند فى قضائه فى ثبوت الدعوى ووديعة الأسهم موضوع النزع إلى كشف الحساب المقدم من المطعون عليه الدال على بقاء الأسهم لدى الشركة، وإلى إقرار الطاعنتين فى التقرير المقدم منهما عن ضريبة التركات للقنصلية اليونانية والمقدم منه صورة رسمية باللغة العربية عليها توقيعات القنصلية، وإلى ما جاء بالحكم المستأنف الذى أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه من أن الطاعنتين لم تثبتا سواء بتقديم محرر أو بتقديم دفاتر المحل، سداد الدين - وهذا الذى أورده الحكم المطعون فيه كاف بذاته لاستخلاص ما انتهى إليه من ثبوت وديعة الأسهم موضوع الدعوى، ولم يكن الحكم بعد هذا الذى أورده بحاجة إلى أن يتناول بالرد ما ساقته الطاعنتان للاستدلال به على استرداد المطعون عليه للأسهم وتخلصه عنها قرينة، ولا يجدى الطاعنتين تمسكهما بالمادة 69 من قانون التجارة المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1909، ذلك أن ما نصت عليه هذه المادة من إلزام السمسار بيان أرقام ما يشتريه لعميله من الأوراق الكشف الذى يعدّه له عقب إتمامه العملية طبقا لما أثبته فى دفاتره مقصود به حماية العميل وتزويده بدليل قبل السمسار على قيامه بالعملية وجديتها، وليس هذا الكشف فى ذاته بدليل على حصول الإيداع من العميل لدى السمسار بعد العملية.
وحيث إنه مما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه.