أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 920

جلسة 7 من أبريل سنة 1955
(120)
القضيه رقم 35 سنه 22 القضائيه

برياسة السيد الأستاذ سليمان ثابت وكيل المحكمة؛ وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.
أعمال تجارية. سند إذنى. وجوب اعتباره عملا تجاريا إذا وقعه تاجر سواء أكان مترتبا على معاملة تجارية أو معاملة مدنية. إذا وقعه غير تاجر يجب أن يكون مترتبا على عملية تجارية.
السند الإذنى وفقا لصريح نص الفقرة السابعة من المادة الثانية من قانون التجارة يعتبر عملا تجاريا متى كان موقعه تاجرا سواء أكان مترتبا على معاملة تجارية أو مدنية وأنه كذلك يعتبر عملا تجاريا إذا كان موقعه غير تاجر بشرط أن يكون مترتبا على معاملة تجارية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة النيابة العامة وبعد المداولة
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع كما يستفاد من أوراق الطعن تتحصل فى أن الطاعن أقام هذه الدعوى أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما الأولين طالبا الحكم بإلزام المطعون عليه الأول بصفته الشخصية وبصفته مديرا لشركة الاستوديوهات الحديثة تحت التأسيس بأن يدفع له مبلغ 2000 جنيه وفوائدها بواقع 8% من تاريخ استحقاقها الحاصل فى أول مايو سنة 1949 وتثبيت الحجز التحفظى المتوقع تحت يد المطعون عليه الثانى وجعله نافذا وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، واستند فى دعواه إلى سند إذنى تاريخه 2 من نوفمبر سنة 1948 مستحق الدفع فى أول مايو سنة 1949 وموقع عليه من المطعون عليه الأول لأمر المطعون عليه الثالث ومحول من هذا الأخير للطاعن. فدفع المطعون عليه الأول بأن الدين الذى تضمنه السند دين مدنى وأنه ثمن أرض زراعية بشارع الهرم باعها له المطعون عليه الثالث وعجز عن تسليمها له وتبين عدم ملكيته لها وأن من حقه أن يتمسك قبل الطاعن حامل السند بكافة الدفوع التى له قبل المحيل لأن حامل السند يعلم سببه وأدخل المطعون عليه الأول المطعون عليه الثالث ضامنا له فى الدعوى وأدخل المطعون عليه الثالث بدوره البائعين له ضامنين. وفى 31 من مايو سنة 1950 قضت المحكمة الابتدائية بعدم قبول الدعوى الأصلية المرفوعة من الطاعن وبإلزامه المصروفات و300 قرش مقابل أتعاب محاماة للمطعون عليه الأول وبعدم قبول دعويى الضمان وألزمت رافعيها مصرفاتها وبنت حكمها على أنه لا خلاف بين طرفى السند الأصليين على مدنية الدين الوارد به لأنه ثمن أطيان ما زالت ملكية البائع لها موضوع نزاع بينه وبين البائعين الأصليين له وما زال هذا النزاع مطروحا على القضاء ولم يفصل فيه بعد الأمر الذى يجعل مطالبة البائع للمطعون عليه الأول بالثمن سابقة لأوانها وأنه قد تحرر السند لغرض مدنى فإن من حق المطعون عليه الأول المدين أن يدفع فى مواجهة الطاعن بما له من دفوع قبل دائنه الأصلى المحيل وأنه ليس للطاعن أن يحتمى بأن التظهير مطهر من الدفوع لأنه لم يثبت صفته التجارية وتجارية السند ولأنه قدم الدليل على علم الطاعن المحال إليه بحقيقة السبب الذى حرر السند من أجله وظروفه وأنه لا مسوغ للحكم بصحة الحجز لأنه وقع بدين لم يستوف الشرائط القانونية لإجرائه. فاستأنف الطاعن الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالبا إلغاءه والقضاء له بطلباته الواردة بصحيفة دعواه الابتدائية واستند فى استئنافه إلى أن السند الإذنى موضوع الدعوى سند تجارى ومن ثم يكون تظهيره مطهرا له من الدفوع وأن الحاضر عن المطعون عليه الأول أقر بالدين أمام المحكمة الابتدائية بجلسة 2 من يونيه سنة 1949 وإقراره ملزم لموكله وحجة عليه. فقضت محكمة الاستئناف فى 10 من ديسمبر سنة 1951 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وأعلن الحكم إلى الطاعن فى 9 من يناير سنة 1952 فقرر الطعن فيه بالنقض.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب: ينعى الطاعن فى الثلاثة الأول منها الخطأ فى تطبيق القانون وينعى فى الرابع الخطأ فى الإسناد.
وحيث إن السبب الأول يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق الفقرة السابعة من المادة الثانية من قانون التجارة إذ اعتبر السند الإذنى محل النزاع سندا مدنيا بحجة أن الالتزام الذى تولد عنه عمل مدنى بطبيعته مع أن المطعون عليه الأول تاجر وهو الذى أصدره ووقع عليه وكان يتعين لذلك اعتبار السند الإذنى محل النزاع سندا تجاريا ما دام أن الذى أصدره ووقع عليه تاجر.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وإن كان أخطأ فى القانون إذ قرر أن السند الإذنى يعتبر عملا مدنيا إذا ترتب على معاملة مدنية ولو كان موقعه تاجرا الأمر الذى يستفاد منه أنه جعل معيار التفرقة نوع المعاملة التى حرر من أجلها السند دون اعتبار لصفة موقعه وكان الصحيح فى القانون طبقا لصريح نص الفقرة السابعة من المادة الثانية من قانون التجارة أن السند الإذنى يعتبر عملا تجاريا متى كان موقعه تاجرا سواء أكان مترتبا على معاملة تجارية أو مدنية وأنه كذلك يعتبر عملا تجاريا إذا كان موقعه غير تاجر بشرط أن يكون مترتبا على معاملة تجارية، غير أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت أن المعاملة التى حرر من أجلها السند موضوع النزاع هى معاملة مدنية وأنه قيمة أحد أقساط ثمن أطيان اشتراها المطعون عليه الأول من المطعون عليه الثالث واخر يدعى سلامون سلامه وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على سبق تمسكه أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه الأول موقع السند موضوع النزاع تاجر، لما كان ذلك فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون فى هذا الصدد يكون نعيا غير منتج.
وحيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى التكييف القانونى لسبب الالتزام الذى تولد عنه السند محل النزاع فزعم أنه أحد أقساط ثمن الأطيان المبيعة للمطعون عليه الأول بالعقد المؤرخ 2 من نوفمبر سنة 1948 فى حين أنه يستفاد من العقد المذكور أن المبلغ الذى التزم المطعون عليه الأول بدفعه بموجبه لم يكن ثمن الأطيان المبيعة فحسب بل كان أيضا قيمة حصة المطعون عليه الثالث فى رأس مال شركة تجارية كانت بين المطعون عليه الثالث والخواجه سلامون سلامه وحل المطعون عليه الأول فيها محل المطعون عليه الثالث.
وحيث إن هذا السبب مردود بأنه يبين من العقد المؤرخ 2 من نوفمبر سنة 1948 الذى استند إليه الحكم المطعون فيه أنه تضمن بيع المطعون عليه الثالث والخواجه سلامون سلامه الأرض الموضحة به للمطعون عليه الأول كما تضمن عقدا على إلغاء شركة المخاصة التى كانت معقودة بين المطعون عليه الثالث والخواجه سلامون سلامه بعقد مؤرخ 25 من يوليه سنة 1946 وإبراء من المطعون عليه الثالث للخواجه سلامون سلامه من أى دين أو التزام للمطعون عليه الثالث قبله عن أى اتفاق سابق على العقد المؤرخ 2 من نوفمبر سنة 1948 الذى ليس فيه ولا يستفاد منه حلول المطعون عليه الأول محل المطعون عليه الثالث فى الشركة التى نص على إلغاء عقدها.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه خالف المواد 391 و408 و409 من القانون المدنى إذ أهدر حجية محضر جلسة المحكمة الابتدائية المؤرخ 2 من يونيه سنة 1949 الثابت فيه حضور الأستاذ عدلى شرابى عن المطعون عليه الأول وقوله فى مجلس القضاء إنه ليس لديه شئ بالنسبة لطلبات المدعى (الطاعن) وإنه سلم بطلباته وهذا إقرار قضائى صريح مستكمل لشرائطه القانونية وثابت فى ورقة رسمية حررها موظف مختص ولم يطعن فيها بالتزوير وكان يتعين على المحكمة الأخذ بهذا الإقرار والحكم للطاعن بطلباته دون التعرض لبحث الموضوع.
وحيث إن هذا السبب مردود بما جاء فى الحكم المطعون فيه إذ قال "ومن حيث إنه فيما يتعلق بالإقرار الذى نسب للحاضر عن المستأنف ضده الأول (المطعون عليه الأول) بأول جلسة نظرت فيها الدعوى أمام المحكمة الابتدائية فإنه فضلا عن أنه أنكر صدور أقوال منه بالوضع الذى ذكر بمحضر تلك الجلسة فإن المحكمة تلاحظ أنه قد شابها تغيير فى الكلمتين الأوليين من عبارة (وقد سلم بطلبات المدعى) مما يجعل المحكمة لا تطمئن إلى صحة هذه الأقوال يضاف إلى ذلك أنها أقوال عامة غامضة لا يصح اعتبارها إقرارا قضائيا ملزما لصاحبه وإلا لما استمرت الخصومة سجالا بين الطرفين حول ماهية السند الإذنى اكتفاء بالإقرار على اعتبار أنه حصل فى مجلس القضاء وأنه حجة قاطعة على صاحبه بغير حاجة إلى أى مستند آخر يثبت حق المستأنف (الطاعن)" - وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون وهو تقدير للدليل الذى تمسك به الطاعن أمام محكمة الموضوع واستخلاص سائغ يؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بشأنه.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر السند موضوع الدعوى متولدا عن بيع أطيان من المطعون عليه الثالث للمطعون عليه الأول وأنه قيمة أحد أقساط ثمن الأطيان اعتمد فى ذلك على واقعة لا أصل لها فى الأوراق بل بالعكس يوجد ما ينقضها تماما.
وحيث إن هذا السبب غير مقبول لغموضه وإبهامه، ذلك أن الطاعن لم يحدد الأوراق التى يقول إنها تحتوى ما ينقض الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساسا لقضائه وهى أن الدين الثابت بالسند موضوع النزاع هو قيمة أحد أقساط ثمن الأطيان التى اشتراها المطعون عليه الأول من المطعون عليه الثالث والخواجه سلامون سلامه، تلك الواقعة الثابتة بالعقد المؤرخ 2 من نوفمبر سنة 1948 الذى سبق الاشارة إليه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس صحيح متعين الرفض.