أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 990
جلسة 14 من أبريل سنة 1955
(128)
القضية رقم 84 سنة 22 القضائية
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة
الأساتذة: محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين
زكى المستشارين.
( أ ) إجارة. بيع. بيع الجدك. لا تأثير للقانون رقم 140 لسنة 1946 أو القانون رقم 121
لسنة 1947 على الرخصة المخولة للمحكمة فى إبقاء الإيجار لمشترى الجدك. المادة 450 مدنى
مختلط المقابلة للمادة 367 مدنى قديم.
(ب) إجارة. بيع. جدك. تعريفه. المادة 450 مدنى مختلط المقابلة للمادة 367 مدنى قديم.
(ج) إجارة. بيع. جدك. حق مشترى الجدك فى الحلول محل المستأجر فى المكان المؤجر. لا
يجوز للمؤجر وفقا للقانون رقم 121 لسنة 1947 إخراجه من المكان.
1 - إن أحكام القانون رقم 140 لسنة 1946 وأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 لا تفيد
صراحة أو ضمنا إلغاء الرخصة المخولة للمحكمة بمقتضى المادة 450 مدنى مختلط المقابلة
للمادة 367 مدنى قديم التى تجيز لها بالقيود الواردة فيها إبقاء الإيجار لمشترى المتجر
أو المصنع رغم وجود شرط صريح فى عقد الإيجار يحرم التأجير من الباطن أو التنازل عنه
للغير.
2 - المتجر أو المصنع الذى عبر عنه الشارع فى المادة 367 مدنى قديم بالجدك المعد للتجارة
أو الصناعة وفى المادة 450 مدنى مختلط بعبارة Etablissement de commerce ou d’industrie
هو ما يشمل جميع عناصر المتجر أو المصنع من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية وغير مادية
كالاسم التجارى والعملاء. وإذن فمتى كان الحكم قد أثبت أن البيع شمل ما أقامه المستأجر
فى المؤسسة "دار للسينما" من آلات وأدوات كما شمل اسم الدار التجارية وعملائها ومنقولاتها
وبين الضرورة الملجئة للبيع ونفى الضرر عن مالك العين المؤجرة فإنه لا يكون قد أخطأ
إذ قرر أن هذا البيع هو بيع لمنشأة تجارية فى معنى المادة 450 مدنى مختلط.
3 - بيع الجدك الصادر من المستأجر من شأنه أن ينقل حقوقه للمتنازل إليه بما فى ذلك
عقد الإيجار ويصبح مستأجرا مثله بموجب هذا البيع مما يترتب عليه وفقا لقانون إيجار
الأماكن المنظم للعلاقة بين المؤجرين والمستأجرين أن لا يكون للمؤجر حق إخراجه من العين
المؤجرة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر والمرافعة
وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن
المطعون عليهما الأول والثانى استأجرا من الطاعن بموجب عقد إيجار مؤرخ فى أول فبراير
سنة 1925 دار للسينما يملكها المؤجر لمدة سنتين تبدأ من 15 من فبراير سنة 1925 نظير
مبلغ 156 ج سنويا ونص فيه على أن العقد يشمل أيضا تأجير كراسى المحل والماكينة التى
يدار بها العرض وتعهد المستأجران بتصليحها وتصليح مدخل السينما ومحل صرف التذاكر وباقى
ما نص عليه من تصليحات مبينة بالعقد الذى استمر بعد ذلك سارى المفعول إلى أن أبرم بين
الطرفين فى 30 من يونيه سنة 1936 عقد إيجار جديد عن تأجير دار السينما لمدة أربع سنوات
تبدأ من أول أكتوبر سنة 1936 ونص فى البند الخامس منه على أنه لا يجوز للمستأجرين أن
يؤجرا من باطنهما العين المؤجرة أو أن يتنازلا للغير عن تأجيرها بأى وجه من الوجوه
إلا باذن بالكتابة من المالك وإلا كان العقد باطلا. وأردف هذا العقد فى نفس التاريخ
باتفاق آخر جاء به أن العقد القديم يسرى مفعوله لغاية آخر سبتمبر سنة 1936 وأن قيمة
الأجرة مقدارها عشرون جنيها شهريا وأن المستأجرين تعهدا بأن يقوما فى دار السينما بالتعديلات
والتصليحات المنوه عنها بعقد الإيجار. وفى نوفمبر سنة 1946 أقام الطاعن على المطعون
عليهما الأول والثانى والشركة الشرقية للسينما المطعون عليها الثالثة الدعوى رقم 1642
لسنة 72 ق محكمة مصر الابتدائية المختلطة وطلب فيها الحكم باخراج المدعى عليهم من دار
السينما وبالزامهم بأن يدفعوا إليه مبلغ 2400 ج ثمن الآلات والمنقولات التى بالمحل
واستند المدعى فى دعواه إلى فسخ عقد الإيجار لمخالفة المستأجرين للبند الخامس منه وإلى
نص المادة الثانية فقرة (ب) من المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 المنطبق على واقعة
الدعوى والمنظم للعلاقة بين المستأجرين والمؤجرين وإلى أن هذا القانون يقضى بفسخ عقد
الإيجار عند مخالفة شرط حظر التأجير من الباطن أو عند مخالفة شرط منع التنازل عن الإجارة
للغير. وفى 4 من مارس سنة 1947 قضت محكمة مصر المختلطة بعدم اختصاص دائرة الإيجارات
بنظر الدعوى على أساس أن هذا القانون لا ينطبق على النزاع المعروض الذى يحكمه القانون
المدنى العام فرفع الطاعن دعواه أمام القضاء العادى المختلط وطلب فى 18 و19 من مارس
سنة 1947 الطلبات السابق بيانها. وفى 14 من يونيه سنة 1949 حولت القضية إلى محكمة القاهرة
الابتدائية الوطنية لاختصاصها وقيدت أمام دائرة الإيجارات برقم 3635 لسنة 1949 مدنى
كلى وطلبت المطعون عليها الثالثة فرعيا الحكم بالزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ 100
ج على سبيل التعويض لكيدية الدعوى ودفع المطعون عليهم الدعوى الأصلية بأن الشركة الشرقية
للسينما "المطعون عليها الثالثة" اشترت من المستأجرين المطعون عليهما الأول والثانى
بعقد ثابت التاريخ فى 20 من يونيه سنة 1946 كامل المنقولات والأدوات اللازمة لاستغلال
السينما أيا كانت الموجودة فيها وغيرها من الحقوق المادية والمعنوية وأن هذا البيع
قد تضمن تنازل المستأجرين للشركة عن اسم المحل وعملائه وعن الحق المتعلق بتنفيذ عقود
الأفلام المحررة مع الشركات المنتجة وباعتبار المدفوعات منهما للشركات المذكورة على
حساب تلك العقود من حق الشركة المشترية وأنه بموجب هذا التنازل يحق للشركة الشرقية
للسينما البقاء فى العين المؤجرة عملا بالمادة 450/ 2 مدنى مختلط (367 مدنى أهلى قديم)
وأنه بناء على تلك المادة وطالما أن البيع تم لظروف قهرية وضرورية ولم يضار مالك العين
المؤجرة من ذلك فلا يجوز إخراج المشترية من العين المذكورة. وفى 26 من ديسمبر سنة 1949
قضت المحكمة فى الدعوى مقررة فى منطوق الحكم أنها حكمت حضوريا وعلى وجه انتهائى فى
مادة مدنية برفض الدعوى الأصلية التى رفعها الطاعن وبرفض دعوى التعويض الفرعية التى
رفعتها الشركة استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 292 لسنة 67 ق محكمة استئناف
القاهرة التى قضت فى 25 من فبراير سنة 1951 أولا برفض الدفع المقدم من المطعون عليهم
بعدم جواز الاستئناف وثانيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف
للأسباب التى بنى عليها. فقرر الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه خطأه فى تطبيق
القانون ذلك أنه إذ أخذ بأسباب الحكم المستأنف اعتمد على نص المادة 450 مدنى مختلط
(367 مدنى أهلى قديم) والتى تنص على أن منع المستأجر من التأجير يقتضى منعه من الاسقاط
لغيره وكذلك منعه من الاسقاط يقتضى منعه من التأجير وإنما إذا كان موجودا بالمكان المؤجر
جدك جعله معدا للتجارة أو للصناعة ودعت ضرورة الأحوال إلى بيع الجدك جاز للمحكمة مع
وجود المنع من التأجير إبقاء الإيجار لمشترى الجدك بعد النظر فى التأمينات التى يقدمها
المشترى ما لم يحصل للمالك من إبقائه ضرر حقيقى - وبناء على هذا النص قضى الحكم المطعون
فيه ببقاء المطعون عليها الثالثة فى العين المؤجرة بمقولة إنها اشترت الجدك المقام
فيها وأن الضرورة اقتضت بيع هذا الجدك وانه لم يحصل ضرر للمالك من جراء البيع مع أن
بيع الجدك وإبقاء المشترى فى المكان المؤجر على الرغم من وجود الشرط المانع من التأجير
من الباطن وعلى الرغم من عدم تنازل المؤجر عن هذا الشرط صراحة أو ضمنا هو بيع لا يجوز
للمحكمة معه أن تقرر بقاء المشترى فى مؤسسة معدة للصناعة أو التجارة إلا بشرط أن يكون
ما أقيم فيها من منشآت قد أقيم على وجه القرار كالبناء أولا على وجه القرار كالآلات
الصناعية المركبة فى العقار وهذا ما أشارت إليه المادة 706 من كتاب مرشد الجيران عند
التحدث عن الكدك وهو لفظ فارسى يطلق على الرفوف المركبة فى الحانوت - وقد قرر الحكم
المطعون فيه بقاء المطعون عليها الثالثة فيما اشترته من آلات وأدوات مع أن المستأجرين
الأصليين لا يملكان شيئا فى الدار المؤجرة وأنه إذا كان الأمر كذلك فإن واقعة الدعوى
تكون بعيدة عن نطاق المادة 450 مدنى مختلط ويؤيد هذا النظر أن عقد الإيجار المؤرخ 1/
2/ 1925 صريح الدلالة على أن ما يوجد بالعين المؤجرة مما هو لازم للصناعة ملك للمؤجر.
وفضلا عن ذلك فإنه لم تكن هناك ثمة ضرورة تبرر بيع الجدك من المستأجرين حتى يمكن القول
ببقاء المشترية فى دار السينما كما ذهب الحكم المطعون فيه إلى ذلك خطأ - ووجه الخطأ
أن الطاعن قد قرر بمذكرته أمام محكمة ثانى درجة المودعة صورتها الرسمية ضمن أوراق الطعن
أن عقد الإيجار قد انتهى وأن الضرورة لبقاء مشترى الجدك فى العين المؤجرة منتفية وأن
القانون لم يرتب البقاء فى تلك العين بناء على توافر الضرورة الملجئة لبيع الجدك وبناء
على انعدام الضرر للمالك إلا أن يكون البقاء فى المكان المؤجر مقيدا بمدة الإيجار حتى
لا يبقى عقد الإيجار سرمدا لأن المقصود من المادة 367 مدنى قديم (450 مدنى مختلط) أنها
ليست استثناء لحكم المادة 382 مدنى قديم التى تنص على انتهاء عقد الإيجار بانقضاء المدة
المتفق عليها وأنه لم تكن هناك ضرورة تلجئ المستأجرين للتنازل للشركة ببيع الجدك وأن
محكمة أول درجة قالت بتلك الضرورة مع أنها منتفية - ومع هذا الذى تمسك به الطاعن فى
دفاعه أمام محكمة الاستئناف فإن الحكم المطعون فيه قد أخذ بوجهة النظر فيما يختص بانتهاء
العقد لكنه يرتب عليه نتيجته الحتمية فجاء معيبا بعيب يوجب بطلانه لخطأ فى تطبيق القانون
مما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود فى شقه الأول بأن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع سواء
بصحيفة استئنافه أو بالمذكرة المقدمة منه بأنه هو المالك لما بيع من منشآت وأدوات من
المستأجرين إلى المطعون عليها الثالثة ومن ثم يكون ما أثاره بسبب النعى فى هذا الخصوص
سببا جديدا لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ومردود فى شقه الثانى بما قرره
الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من أن التنازل الذى وقع تبعا لعقد
البيع الصادر فى 20 من يونيه سنة 1946 من إخوان فيشولوفيتش للشركة الشرقية للسينما
لا يعد تأجيرا من الباطن إنما هو نوع من التصرف أفرد له القانون المدنى حكما مستقلا
به ونص عليه بالمادة 450 مدنى مختلط وهو نص لم تلغه التشريعات الاستثنائية الخاصة بقوانين
الإيجار إذ ليس من المعقول أن يجيز القانون العام التنازل عن الإجارة إذا ما استلزم
ذلك بيع المحل إذا أقيمت به منشأة صناعية أو تجارية وفى الوقت نفسه يبطل التشريع الاستثنائى
هذه الإجارة فى زمن اشتدت فيه أزمة المساكن. ولما كانت الشركة الشرقية للسينما قد اشترت
ما أقامه المستأجران فى المؤسسة فضلا عن أنها اشترت بموجب عقد البيع حق إجارة المكان
واسم الدار التجارية وعملائها ومنقولاتها نظير ثمن يربو على مبلغ 3000 ج دفعته للمستأجرين
من المالك كان هذا هو بيع المحل التجارى الذى تقصده المادة 450 مدنى مختلط التى تنص
على جواز إبقاء المشترى بسبب المنشآت المقامة فى العين المؤجرة عند الضرورة إذا كان
المشترى قدم تأميناته ولم يكن ثمة ضرر لمالك العين المؤجرة من بقاء المشترى فيها وأنه
لما كان ذلك وكانت الضرورة تبرر بيع المستأجرين ما لهما من حقوق مادية ومعنوية بالعين
المؤجرة لوضع حد لمنافسة دار سينما أخرى تديرها المطعون عليها الثالثة وهى منافسة لم
يقدرا على مقاومتها من شركة ذات رأس مال كبير وكان المدعى وهو المالك لم يلحقه ضرر
من جراء بيع الجدك ولم تمس ضماناته فى شئ من حيث ملاءة المتنازل إليها ومن حيث دفع
الأجرة فى المواعيد المحددة - لما كان ذلك فإن المحكمة ترى إبقاء الشركة مشترية الجدك
فى العين المؤجرة ولا ترى ثم مبررا للحكم بإخلائها - وهذا الذى قرره الحكم صحيح فى
القانون ذلك أن أحكام القانون رقم 140 لسنة 1946 وأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947
لا تفيد صراحة ضمنا إلغاء الرخصة المخولة للمحكمة بمقتضى المادة 450 مدنى مختلط (367
مدنى قديم) التى تجيز لها بالقيود الواردة فيها إبقاء الإيجار لمشترى المتجر أو المصنع
رغم وجود شرط صريح فى عقد الإيجار يحرم التأجير من الباطن أو التنازل عنه للغير. وأما
ما يقوله الطاعن بأن ما بيع من المطعون عليهما الأول والثانى ليس جدكا فقول فى غير
محله إذ هو مردود بأن المتجر أو المصنع الذى عبر عنه الشارع بالجدك المعدّ للتجارة
أو الصناعة فى المادة 450 مدنى مختلط ترجمه لعبارة: -
Etablissement de commerce ou d’industrie
هو ما يشمل جميع عناصر المتجر أو المصنع من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية وغير مادية
كالاسم التجارى والعملاء ومن ثم يكون تقرير الحكم أن البيع هو بيع منشأة تجارية فى
معنى المادة 450 مدنى مختلط هو تقرير لا خطأ فيه وقد بين الحكم الضرورة الملجئة للبيع
ونفى الضرر عن مالك العين المؤجرة لأن ضماناته لم تمس بشئ وعلى ذلك يكون قد تثبت -
فى حدود سلطته الموضوعية وغير مجاوز حدود القانون من توافر ما كانت تنص عليه المادة
450 مدنى مختلط (367 مدنى قديم) أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من خطأ لجعله عقد الإيجار
قائما مع أنه محدد المدة وينتهى بانتهاء مدته فمردود بأن عقد التنازل الصادر من المستأجرين
للشركة الشرقية للسينما من شأنه أن ينقل حقوقهما للمتنازل إليها بما فى ذلك عقد الإيجار
المؤرخ فى 30/ 6/ 1936 والذى قد حلت فيه الشركة محل البائعين فى جميع حقوقهما فأصبحت
مثلها مستأجرة بموجب عقد بيع 20/ 6/ 1946 مما يترتب عليه أنه وفقا لقانون إيجار المساكن
المنظم للعلاقة بين المستأجرين والمؤجرين لا يستطيع المؤجر إخراج المستأجر إلا للأسباب
التى نص عليها القانون السالف الذكر وهو ما لم تقم عليه الدعوى ومن ثم يظل عقد الإيجار
قائما.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.