أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1037

جلسة 28 من أبريل سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، وأحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

(135)
القضية رقم 3 سنة 22 القضائية

استئناف. تصد. تصدى محكمة الاستئناف لموضوع الدعوى بعد العمل بقانون المرافعات الجديد. مخالفة الحكم للقانون وبطلانه. لا يغير من ذلك أن يكون الخصوم قد طلبوا التصدى من المحكمة. عدم جواز التصدى هو من النظام العام.
لما كان تصدى محكمة الاستئناف لموضوع الدعوى على ما جرى به قضاء هذه المحكمة إنما كان حقا اختياريا خولها إياه قانون المرافعات القديم استثناء من الأصل، فهو خيار للمحكمة لا يتحقق إلا عند استعماله ولا يتعلق به حق للخصم المستأنف بمجرد رفع الاستئناف، وكان الحكم المطعون فيه الذى ألغى حكم محكمة أول درجة باحالة الدعوى إلى التحقيق وتصدى لموضوعها قد صدر بعد العمل بقانون المرافعات الجديد الذى ألغى حق التصدى، فان هذا الحكم يكون قد جاء مخالفا للقانون وباطلا، ولا يزيل هذا البطلان أن يكون المستأنف عليه لم يتمسك بهذا الدفع أمام محكمة الاستئناف أو يكون قد طلب التصدى لموضوع الدعوى ذلك أن مبدأ التقاضى على درجتين هو من المبادئ الأساسية للنظام القضائى التى لا يجوز للمحكمة مخالفتها ولا يجوز للخصوم الاتفاق على خلافها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1821 سنة 45 كلى مصر على المطعون عليهما طلب فيها الحكم بالزامهما بأن يدفعا له متضامنين على سبيل التعويض مبلغ 10159 جنيها و700 مليم وفوائده تأسيسا على أن الحكومة بعد أن رخصت له بتصدير مائة ألف زجاجة فوارغ فى 11 من أغسطس سنة 1943 إلى قبرص داخل ألفى قفص جريد لتعبئتها مشروبات وإعادتها معبأة إلى مصر نقضت تصريحها السابق فاضطر لبيع المائة ألف زجاجة فى مصر بالمزاد العلنى بخسارة بلغت 1940 جنيها و700 مليم كما فاته من الربح من ثمنها لو تم بيعها مبلغ 1190 جنيها وفاته أيضا من الربح فى حالة استيراد المشروبات وبيعها مبلغ 5583 جنيها و300 مليم ومبلغ 1395 جنيها و800 مليم قيمة الخصم الذى كان متفقا عليه مع المصدر بواقع 5% من قيمة البضاعة. ودفع المطعون عليهما الدعوى بدفعين - الأول - بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لأن الأمر الصادر بمنع التصدير يعتبر أثناء الظروف الاستثنائية عملا من أعمال السيادة - والثانى - بعدم السماع استنادا إلى المرسوم بقانون رقم 114 سنة 1945 - وبعد أن أنهت المحكمة سماع الدعوى قضت فى 7 من فبراير سنة 1949 برفض الدفع الفرعى واختصاص المحكمة بنظر الدعوى وفى الموضوع باحالة الدعوى على التحقيق ليثبت الطاعن بكافة طرق الاثبات بما فيها البينة ما تقدم به من دفاع فى موضوع الدعوى وللمطعون عليهما النفى بنفس الطرق - استأنف المطعون عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهما بالجدول العمومى برقم 510 سنة 66 قضائية وفى 4 من نوفمبر سنة 1951 قضت محكمة الاستئناف بقبوله شكلا وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفعين الفرعيين المقدمين من المستأنفين وبالغائه فيما قضى به من إحالة الدعوى إلى التحقيق وفى الموضوع برفض دعوى المستأنف ضده (الطاعن)......... فقرر الطاعن الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن النيابة العامة أبدت رأيها بأن محكمة الاستئناف إذ تصدت لموضوع الدعوى عند النظر فى الاستئناف المرفوع إليها عن الحكم الصادر برفض الدفع بعدم الاختصاص وباحالة الدعوى إلى التحقيق تأسيسا "على أن الحكم المستأنف صدر بتاريخ 7 من فبراير سنة 1949 فلا يسرى عليه قانون المرافعات الجديد وفقا لنص الفقرة الثالثة من مادته الأولى - وبذلك يكون خاضعا لما قرره القانون القديم فى المادتين 361 و370 بشأن استئناف الأحكام التمهيدية وما يستتبع ذلك من التصدى لموضوع الدعوى إن كان لذلك وجه وذلك فى حالة ما إذا رأت المحكمة الاستئنافية إلغاء حكم تمهيدى وقد طلب طرفا الخصومة الحكم فى موضوع الدعوى" إذ أقامت المحكمة قضاءها على هذا الأساس أخطأت فى تطبيق القانون - ذلك إنه وإن كان الحكم الابتدائى قد صدر فى 7 من فبراير سنة 1949 إلا أن قانون المرافعات الجديد المعمول به ابتداء من 15 من أكتوبر سنة 1949 قد ألغى حق التصدى الذى كان رخصة لمحكمة الاستئناف بموجب المادتين 370 و371 من قانون المرافعات القديم. مما كان لا يجوز معه التصدى فى النزاع الحالى لموضوع الدعوى بالحكم المطعون فيه الصادر فى ظل العمل بالقانون الجديد - مما ترتب عليه بطلان الحكم بطلانا لا يزيله أن يكون الطاعن لم يتمسك بهذا الدفاع أو أن يكون قد طلب التصدى لموضوع الدعوى - ولذلك فهو بطلب نقض الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من القضاء فى موضوع الدعوى.
ومن حيث إن تصدى محكمة الاستئناف لموضوع الدعوى على ما جرى به قضاء هذه المحكمة إنما كان حقا اختياريا خولها إياه قانون المرافعات القديم استثناء من الأصل وهو أن الاستئناف لا يطرح أمام محكمة الاستئناف إلا ما تكون محكمة أول درجة قد فصلت فيه ورفع عنه الاستئناف - فهو خيار للمحكمة لا يتحقق إلا عند استعماله ولا يتعلق به حق للخصم المستأنف بمجرد رفع الاستئناف - ولما كان الحكم المطعون فيه الذى ألغى حكم محكمة أول درجة باحالة الدعوى إلى التحقيق وتصدى لموضوعها قد صدر فى 4 من نوفمبر سنة 1951 بعد العمل بقانون المرافعات الجديد وكان هذا القانون قد ألغى حق محكمة ثانى درجة فى التصدى لموضوع الدعوى إذا لم يكن قد فصل فيه من محكمة أول درجة فيكون الحكم المطعون فيه إذ تصدى للموضوع وفصل فيه قد جاء مخالفا للقانون وباطلا ولا يزيل هذا البطلان أن يكون الطاعن لم يتمسك بهذا الدفع أمام محكمة الاستئناف أو يكون قد طلب التصدى لموضوع الدعوى ذلك أن مبدأ التقاضى على درجتين هو من المبادئ الأساسية للنظام القضائى التى لا يجوز للمحكمة مخالفتها ولا يجوز للخصوم الاتفاق على خلافها - لما كان ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد وقع باطلا - مما يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.