أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1054

جلسة 28 من أبريل سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، وأحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

(138)
القضية رقم 224 سنة 22 القضائية

( أ ) ضرائب. الضريبة المقررة على فوائد الديون. الفرق بينها وبين الضريبة المفروضة على الأرباح التجارية والصناعية. مناط استحقاق الضريبة الأولى هو الوفاء فعلا على أية صورة لا مجرد استحقاقها. مناط وجوب الضريبة الثانية هو مجرد ظهور الربح سواء تم قبضه أو لم يتم.
(ب) ضرائب. حكم. تسبيبه. مبدأ سنوية الضريبة. عقار مرهون للممول. رسو مزاده عليه. تطهيره من جميع الديون. دخوله ضمن ممتلكات الممول. تصرفه فيه بالمبيع فى سنة ما. وجوب إدراج ثمن البيع فى حساب تلك السنة ثم تحديد صافى الربح الخاضع للضريبة. تقرير الحكم بوجوب إرجاء احتساب ثمن البيع حتى تتم التصفية النهائية. خطأ فى القانون وإهدار لمبدأ سنوية الضريبة. المادة 688 مرافعات والمادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939.
(ج) فوائد. ضرائب. المبالغ التى يحكم على مصلحة الضرائب بردها لتحصيلها بغير حق. استحقاق فوائد عنها. القانون رقم 146 لسنة 1950 الذى أعفى مصلحة الضرائب من هذه الفوائد. ليس له أثر رجعى.
1 - فرق القانون رقم 14 لسنة 1939 فى الواقعة المنشئة للضريبة بين الضريبة التى تستحق على فوائد الديون سواء كانت من الديون الممتازة أو المضمونة بتأمينات عقارية أو من الديون العادية وبين الضريبة المفروضة على الأرباح التجارية والصناعية. فجعل المناط فى الضريبة الأولى الوفاء بهذه الفوائد مهما تكن الصورة التى يتم بها هذا الوفاء وقد فرع القانون على هذا الأصل الأحكام التى أورد فى الفصل الثالث من الباب الثانى من الكتاب الأول فإذا استحقت الفوائد ولم يوف بها المدين فلا تستحق الضريبة. أما ضريبة الأرباح التجارية والصناعية التى أفرد لها القانون الكتاب الثانى فقد جعل المشرع استحقاقها منوطا بنتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التى تباشرها الشركة أو المنشأة أى يكفى أن تكون نتيجة النشاط التجارى أو الصناعى فى نهاية السنة الضريبية ربحا حتى تفرض الضريبة على هذا الربح الصافى وليس من الضرورى أن يكون هذا الربح قد قبض فعلا. فإذا كانت المنشأة التجارية تحترف الاقراض وطولبت بالضريبة المستحقة على أرباحها التجارية وجب أن يدخل فى حساب هذه الضريبة الفوائد المستحقة لها خلال السنة الضريبية ولو لم تقبضها فعلا متى كانت لا تعدو من الديون المعدومة. فإذا تحقق انعدامها فى سنة ضريبية تالية عدا انعدامها خسارة وحسبت للمنشأة على هذا الوصف.
2 - متى كان الحكم قد أهدر مبدأ سنوية الضريبة بالنسبة للعقارات المرهونة للممول والتى رسا مزادها عليه وأجاز تأجيل حساب أثمان ما يباع من تلك العقارات حتى تتم تصفيتها نهائيا مهما تطاول عليها الزمن فإنه يكون قد خالف القانون، ذلك أنه برسو مزاد العقار المرهون كله أو بعضه على الممول يصبح مالكا لما رسا مزاده عليه بمجرد تسجيل رسو المزاد أو التأشير به وفقا للمادة 688 مرافعات. ويترتب على ذلك تطهير العقار المبيع من حقوق الامتياز والاختصاص والرهون الرسمية والحيازية التى أعلن أصحابها وفقا للقانون فلا يبقى لهم إلا حقهم فى الثمن ولا يبقى للدائنين من أى نوع كانوا أى صلة بهذا العقار المطهر بقوة القانون، ومتى أصبح العقار الراسى مزاده على الممول من ممتلكاته مقوما بالثمن الذى رسا به المزاد فإنه حين يتصرف فيه بالبيع كله أو بعضه فى سنة ما وجب أن يدرج ثمن البيع فى حساب تلك السنة ثم يحدد صافى الربح الخاضع للضريبة على أساس نتيجة هذه العملية وفقا للمادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939.
3 - استقر قضاء هذه المحكمة على أنه ما لم يوجد نص صريح يعفى مصلحة الضرائب من الفوائد المطلوبة منها عن المبالغ التى يحكم عليها بردها لتحصيلها من الممول بغير حق فلا يجوز رفض طلب هذه الفوائد، ولا عبرة فى هذا الخصوص بحسن نية المصلحة عند جباية الضريبة متى كان قد ثبت للمحكمة أنها حصلت من الممول أكثر من استحقاقها وبذلك أصبح مركزها فى هذا الشأن لا يختلف عن مركز أى مدين يحكم عليه برد مبلغ من النقود أخذه بغير حق، ولا يجوز التحدى فى هذا الخصوص بالقانون رقم 146 لسنة 1950 المعدل للمادة 101 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والتى أصبحت تنص بعد تعديلها على عدم جواز مطالبة مصلحة الضرائب بفوائد عن المبالغ التى يحكم عليها بردها، ذلك أن هذا تشريع مستحدث ليس له أثر رجعى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراقه تتحصل فى أن المطعون عليه أقام المعارضة 946 لسنة 73 ق أمام محكمة الاسكندرية الابتدائية المختلطة على مصلحة الضرائب ممثلة فى أشخاص الطاعنين وطلب الحكم عليها بأن ترد إليه جميع ما حصلته منه بغير حق نتيجة التعديلات التى أدخلتها على حساباته وميزانياته التى قدمها إليها مع فوائد المبالغ المطالب بها بواقع 5% من تاريخ استلام المصلحة لها حتى تمام الوفاء - وقد كانت تعديلات المصلحة كثيرة ومتعددة النواحى وكلها خرج عن نطاق النزاع الحالى إلا فى مسألتين: - الأولى - فوائد القروض التى استحقت ولم يحصلها البنك واحتفظ بها فى حسابه الاحتياطى. الثانية - طريقة قيد الخسائر الناتجة من حساب بيع الأملاك التى رسا مزادها على البنك...... ثم اتسع نطاق النزاع فى هاتين المسألتين إلى الفوائد التى طالب بها البنك ويرى الطاعنون عدم أحقيته لشئ منها للأسباب الكثيرة الموضحة فى عريضة الاستئناف وفى تقرير الطعن. وفى أول يونيه سنة 1949 حكمت المحكمة بقبول المعارضة شكلا وفى موضوع المسائل الثلاث المتنازع عليها: 1 - إن الفوائد المحتفظ بها المستحقة والغير متحصلة عن الديون التى أصبحت قيمة أعيانها المرهونة ضمانا لها لا تزيد على الرصيد المستحق أصلا بواقع 24 % على الأقل يجب اعتبارها خسارة حقيقية وليست أرباحا بالتالى - 2 - إن الخسائر الإجمالية الناتجة من التصفية العامة للأملاك التى نزع البنك ملكيتها ثم رسا مزادها عليه لم تستهلك باسقاطها من أرباح سنتى 1938، 1939 - ولكنها خصمت من المال الاحتياطى الخاص المنشأ لذلك فى عام 1935 ويجب لذلك ألا تضاف إلى الأرباح الخاضعة للضريبة فى سنتى 1938، 1939 المذكورتين - 3 - وبإلزام مصلحة الضرائب أن ترد إلى المطعون عليه كل مبلغ حصلته زيادة على الضرائب المستحقة وفقا للأسس المبينة فى الحكم مع الفوائد بواقع 5% سنويا ابتداء من تاريخ كل دفعة حتى تمام الوفاء.
استأنف الطاعنون ذلك الحكم إلى محكمة استئناف الاسكندرية وقيد برقم 118 سنة 5 ق تجارى وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه - وفى 6/ 12/ 1951 حكمت تلك المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف مع تعديل استحقاق الفوائد المحكوم بها بجعلها تبدأ من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة فى 26/ 2/ 1948 حتى 2/ 9/ 1950 مع المصاريف والأتعاب. فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على سبب واحد هو مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وفى تأويله فى جميع المسائل الثلاث المتنازع عليها فى وجوه ثلاثة: - الوجه الأول - فيما يختص بالفوائد التى استحقت ولم تحصل لم تبين المحكمة الأساس القانونى الذى بنت عليه حكمها - ويظهر أنها ارتكنت على المادة 18 من القانون رقم 14 لسنة 1939 ونصها: (تحصل الضريبة على المجموع الكلى للفوائد - ويستحق أداؤها بمجرد الوفاء بها مهما تكن الصورة التى يتم بها الوفاء) وقد وردت فى الفصل الثانى من الباب الثانى من الكتاب الأول الخاص بفوائد الديون والودائع والتأمينات - أما البنك المطعون عليه فلأنه يمتهن التسليف فلا يخضع لهذه الضريبة الفرعية بل يخضع لضريبة الأرباح التجارية المقررة فى الكتاب الثانى وهو الخاص بالضريبة على الأرباح التجارية والصناعية - ولأن المادة 15 من القانون المذكور نصت على الإعفاء من الضريبة لفوائد الديون والودائع المتصلة بمباشرة المهنة - بشرط أن يثبت أن تلك الفوائد داخلة فى حساب المنشأت المنتفعة بها الكائنة فى مصر والخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية المقررة بمقتضى الكتاب الثانى من القانون - ومؤدى هذه النصوص أن الفوائد المستحقة للبنك تدخل ضمن حساب الأرباح والخسائر وتخضع للضريبة على الأرباح التجارية وهى غير الضريبة على فوائد الديون - وتكون المادة الواجبة التطبيق هى المادة 39 من هذا القانون ونصها "يكون تحديد صافى الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التى باشرتها الشركة أو المنشأة - ويدخل فى ذلك ما ينتج من بيع أى شئ من الممتلكات سواء فى أثناء قيام المنشأة أو عند انتهاء عملها وذلك بعد خصم جميع التكاليف وعلى الأخص... الخ" - ويقول الطاعنون إن هذا النص صريح فى أن تحديد صافى الأرباح يكون على أساس العمليات التى يباشرها البنك بصرف النظر عن التحصيل - ولا يصح مع صراحة النص الالتفات إلى الحجج التى استند إليها البنك وأخذ بها الحكم المطعون فيه - ولا يغير من ذلك أن يكون للبنك ميزانية ضريبية تطابق القانون وأخرى حسابية يواجه بها عملاءه والمساهمين فيه يجريها على طريقته الخاصة التى تتفق مع ظروفه المالية ثم يستوحى فيها من عناصر التبصر والاحتياط للمستقبل ما يحفظ عليه كيانه وما يطمئنه على مستقبله وله بطبيعة الحال فى سبيل ذلك أن ينشئ له احتياطيا خاصا يعده لتغطية الخسارة المحتملة أو الديون المشكوك فيها أو الفوائد المستحقة والغير المحصلة - فإن هو فعل فأمره فى ذلك إليه وإلى المساهمين فيه ولا شأن لمصلحة الضرائب فى شئ من ذلك كله لأنها انما تلتزم حكم القانون ولا تستطيع الخروج عليه ثم هو يلزمها فوق ذلك ألا تخصم شيئا من مثل ذلك الاحتياطى من أرباح المنشأة ولو قبله المساهمون إعمالا لنص المادة 39 فى فقرتها الأخيرة ونصها: "أما المبالغ التى تأخذها الشركات أو المنشآت من أرباحها لتغذية الاحتياطى على اختلاف أنواعه أو لتكوين مال احتياطى خاص معدّ لتغطية خسارة محتملة فلا تخصم من مجموع الأرباح التى تحسب عليها الضريبة" ولذلك كله يكون حكم المحكمة المطعون فيه قد أخطأ فى هذا الخصوص وخالف حكم القانون متعينا نقضه. هذا القول فى جملته وفى تفصيله لا يتفق مع نص القانون الصريح ولا مع العرف المتبع وهو ما جرى عليه العمل باعتراف البنك نفسه. ولا يصح بعد ذلك الالتفات إلى اعتذار البنك من أن مخالفة ذلك العرف لا تحصل إلا فى الأزمات العارضة أو فى الظروف الطارئة التى لا تقع إلا نادرا لأن النادر لا حكم له فى القانون ولأن التشريع إنما ينظر فيه إلى الغالب الأعم. وبالرجوع إلى التشريع المصرى نرى أنه لا يستلزم أن تكون الأرباح محصلة بالفعل على ما سبق القول. ثم إنه لم يسمح بتكوين الاحتياطى الخاص بصريح نص المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - فإصرار البنك أو المنشأة بعد ذلك كله على تكوين ذلك الاحتياطى الخاص يستلزم اقتطاع جزء من أرباح المنشأة وبذلك يضيع على مصلحة الضرائب حقها فى مقابل ذلك الاحتياطى ثم يضيع حقها كذلك فى الأرباح الغير محصلة وتكون الخسارة بذلك مزدوجة ولا أساس لها من القانون بل إنه على العكس يحرمها بنصوصه الصريحة لأنه يكون فى حقيقة الواقع تحايلا لإضاعة الضرائب المستحقة طبقا للقانون، ولا يصح أن يكون ذلك محلا للمساومة - الوجه الثانى: كذلك قال الطاعنون فى خصوص المسألة الثانية إن احتساب الخسائر التى تنتج من بيع الأراضى التى رسا مزادها على البنك مجزأة يجب أن يكون عن طريق قسمة الثمن على عدد الأفدنة وحاصل القسمة يكون أساسا للحساب فما يباع فى إحدى السنوات بسعر يزيد على حاصل القسمة يعتبر ربحا وما ينقص عنه يعتبر خسارة، وأنها أجرت الحساب بالفعل على هذا الأساس واحتسبت مبلغين (2385 جنيها و50 مليما و6713 جنيها و632 مليما) فى سنتى 1938 و1939 على اعتبار أنهما قيمة خسارة البيع فى هاتين السنتين - أما تجميد الخسارة بعد تصفيتها وتحميلها كلها لسنتى الحساب المذكورتين على ما فعل البنك وجاراه فيه الحكم المطعون فيه فلا يتفق مع حكم القانون من ناحيتين: ( أ ) نص المادة 39/ 1 "يكون تحديد صافى الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التى باشرتها الشركة أو المنشأة - ويدخل فى ذلك ما ينتج من بيع أى شئ من الممتلكات سواء فى أثناء قيام المنشأة أو عند انتهاء عملها" ومؤدى هذا النص أن البنك عندما يرسو المزاد عليه يصير مالكا لما اشتراه بالثمن ومصاريفه وملحقاته - وما يبيعه من هذه الممتلكات يخضع للضريبة عندما يدخل فى تحديد صافى الأرباح. (ب) نص المادة 38 "تحدد الضريبة سنويا على أساس مقدار الأرباح الصافية فى بحر السنة السابقة أو فى فترة الاثنى عشر شهرا التى اعتبرت نتيجتها أساسا لوضع آخر ميزانية" وهذا النص هو عماد نظرية استقلال السنوات الضريبية المعروفة فى القانون والفقه المالى والقضاء - ويجب لذلك رد نتيجة كل عملية من عمليات البيع المجزأ إلى السنة التى تمت فيها لها ربحها وعليها خسارتها ولا يقبل الاعتراض على هذه النظرية بأن عملية القرض على ضمان رهن عقارى كما يكون شاملا لجميع العقار يكون كذلك بالنسبة للقرض كله بدعوى أن كلا منهما غير قابل للتجزئة "indivisible" ذلك لأن نزع الملكية ورسو المزاد قطعا الصلة بين القرض وبين الضمان الذى يتحول برسو المزاد إلى ممتلكات البنك - فإذا ما باعها البنك بعد ذلك فإنما يبيع بعض ممتلكاته ويدخل تحت حكم نص المادة 39/ 1 السابق الإشارة إليه بغير تداخل للقرض ولا لقابليته أو عدم قابليته للتجزئة - الوجه الثالث - وهو الخاص بالفوائد المحكوم بها فقد بنى على أن الحكم قد خالف القانون من ناحيتين كذلك أولا - نصت المادة 92 من القانون 14 لسنة 1939 على أن تحصيل الضرائب يكون بمقتضى أوراد واجبة التنفيذ. وتنص المادة 93 من نفس القانون على أن "دين الضريبة واجب الأداء فى مقر المصلحة أو فى أحد فروعها من غير حاجة لمطالبة جبرا". والمادة 101 منه أيضا تنص على أن "رفع الدعوى من المصلحة أو من الممول لا يترتب عليه إيقاف استحقاق الضريبة ومؤدى هذه النصوص أن الضريبة بمجرد تقديرها تكون واجبة الأداء بقوة القانون بغير إكراه ولا تهديد. ثانيا - نص المادة 226 مدنى صريح فى أنه عندما يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين عن الوفاء به كان ملزما أن يدفع للدائن على سبيل التعويض فوائد... الخ. ولا يتوافر شئ من شروط هذه المادة فى النزاع الحالى لأن الدين غير معلوم المقدار - ولأن الأمر فيه يحتاج إلى تصفية - ثم إن التعويض ولو فى صورة الفوائد يستلزم التقصير - ولا يعد تنفيذ حكم القانون تقصيرا موجبا للتعويض وبالتالى يكون الحكم بالفوائد قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله بما يتعين نقضه.
وحيث إن الوجه الأول الخاص بالفوائد فى محله، ذلك أن القانون 14 لسنة 1939 قد فرق فى المناط أى الواقعة المنشئة للضريبة بين الضريبة التى تستحق على فوائد الديون سواء أكانت من الديون الممتازة أو المضمونة بتأمينات عقارية أو من الديون العادية وبين الضريبة المفروضة على الأرباح التجارية والصناعية. فجعل المناط فى الضريبة الأولى الوفاء بهذه الفوائد مهما تكن الصورة التى يتم بها الوفاء (المادة 18) وقد فرع القانون على هذا الأصل الأحكام التى أوردها فى الفصل الثالث من الباب الثانى من الكتاب الأول - فإذا استحقت الفوائد ولم يوف بها المدين فلا تستحق الضريبة - أما ضريبة الأرباح التجارية والصناعية التى أفرد لها القانون الكتاب الثانى فقد جعل المشرع استحقاقها منوطا بنتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التى باشرتها الشركة أو المنشأة (م 39) أى يكفى أن تكون نتيجة النشاط التجارى أو الصناعى فى نهاية السنة الضريبية ربحا حتى تفرض الضريبة على هذا الربح الصافى وليس من الضرورى أن يكون هذا الربح قد قبض فعلا. فإذا كانت المنشأة التجارية تحترف الاقراض وطولبت بالضريبة المستحقة على أرباحها التجارية وجب أن يدخل فى حساب هذه الضريبة الفوائد المستحقة لها خلال السنة الضريبية ولو لم تقبضها فعلا متى كانت لا تعد من الديون المعدومة - فإذا تحقق انعدامها فى سنة ضريبية تالية عد انعدامها خسارة وحسبت للمنشأة على هذا الوصف.
وحيث إنه يبين من الوقائع السابق إيرادها أن المطعون عليه هو منشأة تجارية تحترف الاقراض وأنها مطالبة بالضريبة المستحقة على أرباحها التجارية فى سنتى 1938 و1939 طبقا للكتاب الثانى من القانون رقم 14 لسنة 1939 فلا يجوز لها أن تسقط من الحساب ما استحق لها من فوائد زعما بأن هذه الفوائد لم تقبض أو أن الرهن الذى يضمن الوفاء بها قد هبطت قيمته - أو أنه أصبح مشكوكا فى تحصيلها - كل ذلك لا يجدى متى كان المطعون عليه لم يثبت أنها أصبحت معدومة - ولا يسوغ للمطعون عليه أن يتحدى بأن الفوائد التى لم تقبض لا تدخل فى حساب الأرباح التى توزع على المساهمين - وأن نظرية مصلحة الضرائب تؤدى إلى اصطناع ميزانية وهمية أو إلى توزيع أرباح لم تحصل - إذ ليس هناك تلازم بين ما يجب أن تحاسب عليه مصلحة الضرائب من أرباح تفرض عليها ضريبة على الأرباح التجارية - وبين ما يوزعه البنك على المساهمين من أرباح - إذ يصح أن تكون الضريبة عن أرباح لم توزع على المساهمين كما هو الشأن فيما تأخذه الشركات أو المنشآت من أرباحها لتغذية الاحتياطى على اختلاف أنواعه أو لتكوين مال احتياطى خاص معد لتغطية خسارة محتملة (39 فقرة أخيرة).
وحيث إن الوجه الثانى من سبب الطعن الخاص ببيع العقارات التى يكون قد رسا مزادها على البنك (المطعون عليه) ففى محله أيضا، ذلك أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون حين أهدر سنوية الضريبة وحين أجاز تأجيل حساب أثمان ما يباع من تلك العقارات حتى تتم تصفيتها نهائيا مهما تطاول عليها الزمن ذلك أنه برسو مزاد العقار المرهون كله أو بعضه على البنك يصبح مالكا لما رسا مزاده عليه بمجرد تسجيل حكم رسو المزاد أو التأشير به وفقا للمادة 688 مرافعات ويترتب على ذلك تطهير العقار المبيع من حقوق الامتياز والاختصاص والرهون الرسمية والحيازية التى أعلن أصحابها وفقا للقانون فلا يبقى لهم إلا حقهم فى الثمن (م 690 مرافعات) ولا يبقى للدائنين من أى نوع كانوا أى صلة بهذا العقار المطهر بقوة القانون - ومتى أصبح العقار الراسى مزاده على البنك من ممتلكاته مقوما بالثمن الذى رسا به المزاد فإنه حين يتصرف فيه بالبيع كله أو بعضه فى سنة ما وجب أن يدرج ثمن البيع فى حساب تلك السنة ثم يحدد صافى الربح الخاضع للضريبة على أساس نتيجة هذه العملية وفقا للمادة 39 من القانون 14 لسنة 1939 ونصها "يكون تحديد صافى الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التى باشرتها الشركة أو المنشأة - ويدخل فى ذلك ما ينتج من بيع أى شئ من الممتلكات سواء فى أثناء قيام المنشأة أو عند انتهاء عملها وذلك بعد خصم جميع التكاليف...الخ".
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فى خصوص الوجهين الأول والثانى من سبب الطعن وإحالة القضية إلى محكمة استئناف الاسكندرية لتقضى فيها وفقا للقواعد الموضحة فى أسباب هذا الحكم.
وحيث إن الوجه الثالث من سبب الطعن مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة على أن نص القانون الخاص بالفوائد كان عاما شاملا لطلب الفوائد عن كل دين بمبلغ من النقود دون تفريق بين أسباب المديونية ولا بين أصناف المدينين - فما لم يوجد نص صريح يعفى مصلحة الضرائب من الفوائد المطلوبة منها عن المبالغ التى يحكم عليها بردها لتحصيلها من الممولين بغير حق - لا يجوز رفض طلب هذه الفوائد بحجة أن المصلحة المذكورة فى تحصيلها للضرائب إنما تباشر سلطة عامة مقررة لها بمقتضى القانون الذى تلتزمه وتطبق نصوصه - ومن ثم فلا تسرى عليها أحكام القانون المدنى فى هذا الخصوص - ذلك بأن هذه الحجة مردودة بأن النصوص المشار إليها لا تعفى مصلحة الضرائب من الحكم عليها بالفوائد من تاريخ المطالبة عن كل مبلغ يقضى عليها برده للممول تعويضا له عن حرمانه من الانتفاع بما أخذ منه بغير حق من تاريخ رفع دعواه حتى يوفى له حقه كاملا - ولا عبرة فى هذا الخصوص بحسن نية المصلحة عند جباية الضريبة متى كان قد ثبت للمحكمة أنها حصلت من الممول أكثر من استحقاقها وبذلك أصبح مركزها فى هذا الشأن لا يختلف عن مركز أى مدين يحكم عليه برد مبلغ من النقود أخذه بغير حق - أما التحدى فى هذا الخصوص بالقانون 146 لسنة 1950 المعدل للمادة 101 التى تنص بعد تعديلها على عدم جواز مطالبة مصلحة الضرائب بفوائد عن المبالغ التى يحكم عليها بردها للممولين فمردود بأنه تشريع مستحدث ليس أثر رجعى فلا يسرى على الفوائد القانونية المستحقة عن مدة سابقة على تاريخ العمل به بل يسرى فقط على الفوائد المطلوبة عن مدة تالية لنفاذه - ولا يمكن الاحتجاج بأن المبالغ المحكوم بها على مصلحة الضرائب لا تعتبر معلومة المقدار إلا من تاريخ الحكم النهائى بردها فيكون حكمها حكم التعويض المقضى به عن عمل غير مشروع والذى لا يجوز الحكم بفوائد عنه من تاريخ المطالبة الرسمية عملا بالمادة 226 مدنى - هذا الاحتجاج مردود بأنه اعتراض غير سديد وقياس مع الفارق ذلك بأن سلطة محكمة الموضوع فى تقدير التعويض تخولها أن تدخل فى حسابها جميع عناصر الضرر ومنها طول أمد التقاضى مما يغنى المدعى عن طلب فوائد التأخير عن دفع مبلغ التعويض فإذا كان التعويض عن عمل غير مشروع يعتبر طبقا للمادة 226 المشار إليها غير معلوم المقدار وقت الطلب بحيث لا تصح المطالبة بالفوائد القانونية عنه فالعلة فى ذلك واضحة مما سبق بيانه ولكن هذا الاعتبار لا ينطبق على طلب الممول رد ما أخذ منه بغير حق ذلك لأنه حدد منذ البداية فى عريضة دعواه المبلغ المطلوب على أساس أن المصلحة أخذته بغير حق وليس من شأن المنازعة فى استحقاق هذا المبلغ كله أو بعضه ما يصح معه القول بأنه غير معلوم المقدار وقت الطلب.
ومن حيث إن النيابة العامة أبدت رأيها أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفوائد التأخير بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة فى 26/ 2/ 1948 حتى 2/ 9/ 1950 وهو اليوم السابق لنشر القانون 146 لسنة 1950 قد أخطأ فى القانون ذلك لأن سعر الفوائد فى مثل حالة الدعوى الحالية قد عدل فى القانون المدنى الجديد فى المادة 226 إلى 4% ولأن أمر الفوائد من النظام العام لذلك ترى المحكمة أنه يجب تعديل سعر الفائدة المحكوم بها يجعله 4% من 15/ 10/ 1949 حتى 2/ 9/ 1950 ورفض الطعن فيما عدا ذلك.