أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1065

جلسة 5 من مايو سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.

(139)
القضية رقم 403 سنة 21 القضائية

( أ ) نقض. طعن. ميعاد إعلان الطعن. وجوب إضافة ميعاد مسافة.
(ب) تنفيذ عقارى. طلب مقدم من الغير إلى قاضى البيوع بوقف البيع لرفعه دعوى الاستحقاق فى ظل قانون المرافعات الجديد. لا يدخل فى الاستثناء المنصوص عليه فى المادة 4/ 2 من القانون رقم 77 لسنة 1949. وجوب التقيد بأحكام القانون الجديد.
(ج) استئناف. تنفيذ عقارى. طلب وقف البيع لبطلان الإجراءات مع طلب استحقاق العقار المحجوز كله أو بعضه. الحكم الصادر بالإيقاف أو رفض الإيقاف. الأصل هو عدم جواز الطعن فيه. متى يجوز الطعن فيه. المادتان 708 و709 مرافعات.
(د) استئناف. تنفيذ عقارى. ميعاد استئناف حكم قاضى البيوع فى طلب وقف البيع بالقبول أو الرفض فى الأحوال التى يجوز فيها الاستئناف. هو الميعاد العادى وفقا للقواعد العامة. قياسه على استئناف حكم مرسى المزاد. غير جائز. المواد 379 و394 و709 مرافعات.
(هـ) تنفيذ عقارى. دعوى الاستحقاق الفرعية. الشروط اللازم توافرها لإيقاف البيع وجوبا. عدم تقديم ما يثبت توافر هذه الشروط. رفض الإيقاف. لا خطأ. المواد 705 و706 و707 مرافعات.
1 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن للطاعن بطريق النقض أن يضيف على ميعاد الخمسة عشر يوما الذى أعطى له بنص المادة 431 مرافعات لإعلان الطعن ميعاد مسافة بين قلم كتاب محكمة النقض وبين محل المطعون عليه.
2 - لما كان الحكم الوقتى الذى أورده الشارع فى الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية فى خصوص دعاوى نزع الملكية التى صدر فيها حكم بنزع الملكية قبل صدور القانون الجديد من استمرار السير فيها طبقا لأحكام القانون القديم هو استثناء من الأصل العام الذى يوجب سريان قوانين المرافعات فور صدورها على كل الدعاوى القائمة أمام المحاكم ولو كان قد تم رفعها قبل العمل بالقانون الجديد، وكان الطلب المقدم من الغير إلى قاضى البيوع بطلب إيقاف البيع والمترتبة على رفعه دعوى الاستحقاق الفرعية فى ظل قانون المرافعات الجديد لا يعتبر إجراء من إجراءات التنفيذ بنزع الملكية التى حتم الشارع استمرار السير فيها طبقا لأحكام النصوص القديمة، بل هو طلب له كيان خاص مستقل، فإنه لا يسرى فى شأنه الحكم الاستثنائى الوارد فى الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون الإصدار، وإنما تسرى فى شأنه القاعدة العامة من حيث وجوب التقيد بأحكام القانون الجديد التى رفع الطلب فى ظلها.
3 - إنه وإن كان الأصل أن حكم قاضى البيوع فى طلب وقف البيع لبطلان إجراءات التنفيذ، مع طلب استحقاق العقار المحجوز كله أو بعضه، بإيقاف البيع أو بالمضى فيه، لا يجوز الطعن فيه عملا بنص المادة 708 من قانون المرافعات، إلا أنه يستثنى من ذلك الحالة المنصوص عليها فى المادة 709 مرافعات، وهى حالة ما إذا تناولت دعوى الاستحقاق جزءا من العقارات المطلوب بيعها فقط، فإن الأصل فى هذه الحالة أن الوقف لا يكون إلا بالنسبة للجزء المرفوع عنه دعوى الاستحقاق. ولكن يجوز لقاضى البيوع بناء على طلب ذوى الشأن أن يأمر بوقف البيع بالنسبة إلى كل العقارات إذا دعت إلى ذلك أسباب قوية، وحكمه فى هذه الحالة بالوقف أو برفض الوقف يجوز الطعن فيه.
4 - حكم قاضى البيوع فى طلب وقف البيع بالقبول أو بالرفض هو قضاء فى خصومة مما يترتب عليه أن يكون الطعن فيه بالاستئناف وفقا للقواعد العامة فى الميعاد العادى الذى يبدأ من تاريخ إعلان الحكم عملا بنص المادتين 379 و394 من قانون المرافعات، ولئن منع القانون فى بعض الصور الطعن بنص صريح أو خالف القاعدة الأصلية التى تقضى بأن مواعيد الطعن لا تبدأ إلا من تاريخ إعلان الحكم بأن جعلها من تاريخ صدور الحكم أو من تاريخ حدث لاحق لإعلانه أو أنقص ميعاد الاستئناف فى بعض المواد، فإن هذه الحالات تعتبر استثناء من القاعدة العامة فلا يجوز التوسع فيها ولا القياس عليها، ومن ثم لا يجوز قياس استئناف حكم قاضى البيوع بوقف البيع فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة 709 مرافعات بحالة استئناف حكم مرسى المزاد، ذلك أن حكم قاضى البيوع خاضع لنص المادة 709 مرافعات بخلاف حكم مرسى المزاد فإنه عملا بنص المادة 692 مرافعات لا تجوز المعارضة فيه ولا يجوز استئنافه إلا لعيب فى إجراءات المزايدة أو فى شكل الحكم أو لصدوره بعد رفض طلب وقف الإجراءات فى حالة يكون وقفها واجبا قانونا وعلى أن يرفع بالطرق العادية خلال الخمسة أيام التالية لتاريخ النطق بالحكم ويحكم فيه على وجه السرعة.
5 - لما كان قانون المرافعات قد أوجب فى المواد 705 إلى 707 توافر شروط فى دعوى الاستحقاق الفرعية لكى يحكم قاضى البيوع وجوبا بإيقاف البيع، وهى أولا أن يكون طالب الإيقاف قد أودع ملف قضية البيع صورة رسمية من صحيفة دعوى الاستحقاق بعد إعلانها إلى جميع من أوجب القانون اختصامهم وأن تكون مشتملة على بيان المستندات المؤيدة لها أو على بيان دقيق لأدلة الملكية أو وقائع الحيازة التى تستند إليها الدعوى، وأن يرفق بذلك الإيصال الدال على دفع المبلغ الذى يقدره قلم الكتاب للوفاء بمصاريف الدعوى وأتعاب المحاماة والمصاريف اللازمة لإعادة الإجراءات عند الاقتضاء، وثانيا أن يكون الإيداع قبل الجلسة المحددة للبيع بثلاثة أيام على الأقل، فإذا تخلف أحد هذه الشروط فإنه لا يترتب عليها إيقاف البيع وجوبا، ولما كان مدعى الاستحقاق لم يقدم لهذه المحكمة صورة رسمية من عريضة دعوى الاستحقاق التى أودعها حتى تعمل المحكمة رقابتها فى التثبت من توافر الشروط التى نص عليها القانون بوجوب إيقاف البيع، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الوقف لا يكون قد أخطأ فى القانون.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أنه فى 9 من مارس سنة 1942 أقام مورث المطعون عليهم الأربعة الأولين على ورثة المرحوم ابراهيم بك الهلباوى دعوى نزع ملكية ذكر فيها أنه يداين المورث المذكور فى مبلغ 1380 جنيها بمقتضى عقدى رهن رسميين تاريخهما 28/ 6/ 1938 و22/ 8/ 1938 وطلب نزع ملكية 46 فدانا و10 قراريط و11 سهما بزمام بلقطر مركز أبو حمص ومنزل بالأسكندرية نظير الدين وفوائده والمصاريف. وفى 6 و11 و19 يناير سنة 1942 رفعت الست حفيظه هانم الهلباوى المطعون عليها السادسة، إحدى ورثة المدين معارضة فى تنبيه نزع الملكية وبنت هذه المعارضة على أن الدين صورى، وحكم فى 3/ 6/ 1945 من محكمة اسكندرية الابتدائية برفض المعارضة، وتأيد الحكم فى 21 من مايو سنة 1946 - ورفعت شركة بستانى وليوندى وشركاؤهما دعوى لدى محكمة اسكندرية المختلطة ضد ورثة كل من المرحومين محمود على العباسى وابراهيم بك الهلباوى وطلبت فيها بطلان عقدى الرهن الرسميين المحررين فى 28 يونيه و22 أغسطس سنة 1938 لصالح محمود على العباسى. وبعد أن قضت المحكمة الابتدائية فى 11 من يونيه سنة 1942 ببطلان عقدى الرهن المذكورين، استؤنف هذا الحكم وقضت محكمة الاستئناف المختلطة فى 9 من نوفمبر سنة 1944 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز الدعوى المرفوعة من شركة بستانى وليوندى وشركائهما. ثم رفع فريد بك فيكتور كليمان سانتى قضية أمام محكمة اسكندرية الابتدائية المختلطة ضد ورثة محمود على العباسى وورثة المرحوم ابراهيم بك الهلباوى طالبا الحكم بإلغاء وصورية عقدى الرهن الصادرين فى 28 يونيه و22 أغسطس سنة 1938 لمورث الأولين فقضت المحكمة برفض الدعوى. وطعنت السيدة حفيظه هانم الهلباوى فى إحدى الشهادات العقارية المقدمة فى قضية نزع الملكية بالتزوير فحكم فى 26 من مارس سنة 1950 برفضها. واستمر ورثة محمود على العباسى فى اتخاذ إجراءات نزع الملكية حيث قضى بتاريخ 3 من أبريل سنة 1949 بنزع الملكية وبإحالة القضية على قاضى البيوع لبيع العقارات المذكورة بالمزاد العلنى طبقا لشروط البيع، وتحدد لبيع العقار يوم 12/ 6/ 1949، وقبل أن يتم البيع وبجلسة 25/ 12/ 1949 أمام قاضى البيوع تقدم الطاعن، وهو ابن السيدة حفيظه هانم الهلباوى إحدى ورثة المدين، بعريضة دعوى استحقاق عن جزء فى العقار المطلوب بيعه وطلب إيقاف البيع فأجابه القاضى إلى هذا الطلب وحكم بالإيقاف، فاستأنفه ورثة المرحوم محمود على العباسى لدى محكمة الاستئناف الأسكندرية وقيد بجدولها برقم 55 سنة 6 ق، وفى 13 من فبراير سنة 1951 حكمت المحكمة برفض الدفع الفرعى بعدم جواز الاستئناف وبقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وأمرت بالسير فى إجراءات البيع. فقرر الطاعن الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليهم الثلاثة الأولين دفعوا ببطلان الطعن استنادا إلى أن التقرير به حصل فى 29 من أكتوبر سنة 1951 - ولم يعلن إليهم إلا فى 17 من نوفمبر سنة 1951 أى بعد انقضاء أكثر من الخمسة عشر يوما التالية للتقرير - وبذلك يكون الطعن باطلا عملا بنص المادة 431 مرافعات كما أن المطعون عليه الرابع لم يعلن بالتقرير إطلاقا.
ومن حيث إن الطاعن أجاب على هذا الدفع فقال إن له الحق فى زيادة ميعاد مسافة بين محل محكمة النقض وبين محل المطعون عليهم المقيمون بالأسكندرية بواقع يوم عن كل مسافة مقدارها خمسون كيلو مترا، وأنه لما كانت المسافة بين القاهرة والأسكندرية أكثر من مائتى كيلو مترا فإن الإعلان يكون قد تم فى بحر الأربعة أيام المضافة إلى الخمسة عشر يوما التى يجب أن يعلن فيها الطعن عملا بنص المادة 431 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه، للطاعن - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يضيف على ميعاد الخمسة عشر يوما الذى أعطى له بنص المادة 431 من قانون المرافعات لإعلان الطعن ميعاد المسافة بين قلم كتاب محكمة النقض وبين محل المطعون عليهم ذلك: لأن ميعاد إعلان الطعن هو تتمة الميعاد الذى حدده القانون لرفع الطعن إذ إعلان الحكم المطعون فيه يتضمن فى واقع الأمر تنبيه من يعلن له إلى إجراء الطعن لو أراد وتكليفه بالحضور لقلم الكتاب فى شخص المحامى الذى يختاره لتقرير الطعن نيابة عنه، فهو فى شخص محاميه مضطر للحضور حيث توجد محكمة النقض، ثم للانتقال إلى محل إقامة خصمه ليعلنه بورقة الطعن.
ومن حيث إنه لما كانت المسافة بين القاهرة - وهى مقر محكمة النقض - وبين محال إقامة المطعون عليهم بالأسكندرية تزيد على مائتى كيلو مترا - لما كان ذلك - فإنه يتعين. عملا بنص المادة 21 من قانون المرافعات. أن يضاف إلى ميعاد إعلان الطعن ميعاد مسافة مقداره أربعة أيام بواقع يوم لكل خمسين كيلو مترا.
ومن حيث إنه باحتساب ميعاد إعلان الطعن على هذا الأساس يكون قد تم فى الميعاد: ذلك أن تقرير الطعن - على ما يبين منه - حصل فى 29 من أكتوبر سنة 1951 - وتم إعلانه فى 17 من نوفمبر سنة 1951 أى فى الخمسة عشر يوما التالية للتقرير مضافا إليها أربعة أيام. وهى ميعاد المسافة - ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطعن شكلا على غير أساس.
ومن حيث إن المطعون عليه الخامس لم يعلن بتقرير الطعن - فإن الطعن بالنسبة له يكون باطلا عملا بنص المادة 431 مرافعات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لجميع المطعون عليهم عدا الخامس.
ومن حيث إن الطعن مقام على ستة أسباب: يتحصل الأول منها فى أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف وبقبول الاستئناف شكلا شابه القصور فى التسبيب وأخطأ فى تطبيق القانون: ذلك أن المحكمة لم تورد فى أسباب حكمها علة اعتبارها قرار إيقاف البيع إجراء من إجراءات نزع الملكية يسار فيه وفق أحكام القانون القديم استنادا إلى الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية - مع أن الطاعن تمسك فى دفاعه بأن قرار الإيقاف قد فصل فى منازعة بين طالب الإيقاف وطالب البيع بعد موازنة أولية بين حجج الطرفين، مما لا يجوز معه اعتباره إجراء بسيطا من إجراءات البيع - على أنه من ناحية أخرى - فإن قرار الإيقاف هو حكم قطعى وليس إجراء من إجراءات نزع الملكية، مما يمتنع معه العمل بأحكام القانون القديم ويوجب إنزال حكم المادة 708 من قانون المرافعات الجديد عليه من حيث عدم جواز الطعن فيه لأنه قد صدر فى 15 من ديسمبر سنة 1949 بعد العمل بالقانون الجديد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال فى هذا الخصوص "وبما أن الدفاع عن ابراهيم بسيونى (الطاعن) المستأنف عليه الرابع - دفع فى المذكرة المقدمة منه بجلسة 17/ 5/ 1950 بعدم جواز الاستئناف قولا منه (1) أن القرار الصادر من قاضى البيوع مما لا يجوز الطعن فيه طبقا للمادة 708 من قانون المرافعات الجديد... وبما أن ارتكان المستأنف عليه الرابع على المادة 708 من قانون المرافعات الجديد فى غير محله ذلك لأن المادة الرابعة من قانون إصدار هذا القانون تنص فى الفقرة الثانية منها على ما يأتى: إجراءات نزع الملكية المنظورة الآن أمام المحاكم الوطنية والتى يكون قد صدر فيها حكم بنزع الملكية يستمر السير فيها طبقا لأحكام النصوص القديمة - فإذا لم يكن قد صدر فيها حكم بنزع الملكية اعتبرت دعوى نزع الملكية كأن لم تكن واتبع فيما يتعلق بالتنفيذ الإجراءات المقررة فى هذا القانون وبما أنه يتضح من الاطلاع على الأوراق أن حكم نزع الملكية صدر بتاريخ 13 من أبريل سنة 1949 والمادة الخامسة من قانون الإصدار رقم 77 سنة 1949 تنص على أن العمل بهذا القانون يبدأ من 15 من أكتوبر سنة 1949 فيكون حكم نزع الملكية قد صدر فى ظل القانون القديم ويتعين إذن عملا بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون الاصدار استمرار السير فى الإجراءات طبقا لأحكام النصوص القديمة".
ومن حيث إن القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات. إذ ألغى فى مادته الأولى قانون المرافعات فى المواد المدنية والتجارية والمعمول به أمام المحاكم الوطنية على أن يستعاض عنه بقانون المرافعات المدنية والتجارية المرافق لهذا القانون - وإذ نص فى المادة الأولى من القانون المرافق على "سريان قوانين المرافعات على كل ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها" - أى قبل 15 من أكتوبر سنة 1949 - (م 5 من القانون رقم 77 لسنة 1949) فإنه قد استثنى فى المادة الأولى من قانون المرافعات - بعض حالات رعاية لمصلحة ثبتت أو لمصلحة رآها جديرة بالاستثناء، فأورد لهذه المستثنيات أحكاما خاصة. كما نص فى الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 على وجوب تطبيق أحكام وقتية فى خصوص دعاوى نزع الملكية التى يكون قد صدر فيها حكم بنزع الملكية قبل صدور القانون الجديد - فقرر بأن "إجراءات نزع الملكية المنظورة الآن أمام المحاكم الوطنية والتى يكون قد صدر فيها حكم بنزع الملكية يستمر السير فيها طبقا لأحكام النصوص القديمة" - ولا ريب فى أن هذا الحكم الوقتى الذى أورده النص المشار إليه استثناء من الأصل العام الذى يوجب سريان قوانين المرافعات فور صدورها على كل الدعاوى القائمة أمام المحاكم ولو كان قد تم رفعها قبل العمل بالقانون الجديد.
ومن حيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه - أن الطاعن - قدم فى أول ديسمبر سنة 1949 طلبا لقاضى البيوع (أى بعد العمل بقانون المرافعات الجديد) وقبل أن يتم البيع، طلب فيه إيقاف بيع الأطيان والفيلا المطلوب بيعها بجلسة 11 من ديسمبر سنة 1949 القضية رقم 206 سنة 1942 كلى اسكندرية لصورية عقدى الرهن المنفذ بهما ولاستحقاقه 14 قيراطا فى الفيلا و27 فدانا شيوعا فى الأطيان واستعمالا لحق مدينه - وكان هذا الطلب المؤسس على رفع دعوى استحقاق لا يعتبر إجراء من إجراءات التنفيذ بنزع الملكية التى حتم الشارع استمرار السير فيها طبقا لأحكام النصوص القديمة، بل هو طلب له كيان خاص مستقل لا يسرى فى شأنه الحكم الاستثنائى الوارد فى الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون الإصدار. وإنما تسرى عليه القاعدة العامة من حيث وجوب التقيد بأحكام القانون الجديد - التى رفع الطلب فى ظلها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن أخطأ، إذ أعمل نص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 على واقعة الدعوى - فأنزل أحكام القانون القديم على حالة وقف إجراءات البيع عند رفع دعوى فرعية بالاستحقاق. بعد صدور قانون المرافعات الجديد - فى حين أن إعمال نصوص قانون المرافعات الملغى قاصر على إجراءات البيع والسير فيها - كما سلف القول، مما لا يجوز معه تعدية أحكام القانون القديم إلى حالة وقف البيع عند رفع دعوى الاستحقاق الفرعية من الغير فى ظل القانون الجديد. إلا أن هذا الخطأ لا يؤثر على سلامة النتيجة التى انتهى إليها الحكم. ذلك: أنه وإن كان الأصل أن حكم قاضى البيوع فى طلب وقف إجراءات البيع بسبب بطلان إجراءات التنفيذ، مع طلب استحقاق العقار المحجوز كله أو بعضه، بإيقاف البيع أو بالمضى فيه، لا يجوز الطعن فيه عملا بنص المادة 708 من قانون المرافعات، إلا أنه يستثنى من ذلك الحالة المنصوص عليها فى المادة 709 مرافعات، وهى حالة ما إذا تناولت دعوى الاستحقاق جزءا من العقارات المطلوب بيعها فقط، فإن الأصل فى هذه الحالة أن الوقف لا يكون إلا بالنسبة للجزء المرفوع عنه دعوى الاستحقاق. ولكن يجوز لقاضى البيوع بناء على طلب ذى الشأن أن يأمر بوقف البيع بالنسبة إلى كل العقارات إذا دعت إلى ذلك بأسباب قوية، وحكمه فى هذه الحالة بالوقف أو برفض الوقف يجوز الطعن فيه - وجواز الطعن فى هذه الحالة مستفاد من وضع النصوص إذ المنع من الطعن المنصوص عليه فى المادة 708 هو بالنسبة لحكم قاضى البيوع بإيقاف البيع أو بالمضى فيه وفقا للمواد 705 إلى 707 من قانون المرافعات دون غيرها فلا يشمل الحكم بالوقف أو بالمضى فى البيع وفقا للمادة 709 مرافعات إذ فضلا عن كون هذه المادة لاحقة فى الترتيب للمادة 708 التى منعت بصريح النص الطعن فى حكم قاضى البيوع - فإن الشارع على ما يبين من المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات - لم يضع النصوص بهذا الترتيب عفوا وإنما وضعها على هذا النحو لرفع مظنة عدم جواز الطعن فى الأحكام الصادرة من قاضى البيوع بإيقاف البيع أو المضى فيه وفقا لنص المادة 709 مرافعات.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من محضر جلسة 25 من ديسمبر سنة 1949 المقدمة صورته الرسمية لهذه المحكمة - أن ورثة محمود على العباسى طلبوا من قاضى البيوع استمرار السير فى اجراءات البيع، وكان الطاعن لم يحضر لا بنفسه ولا بوكيل عنه فى هذه الجلسة ليطلب إيقاف البيع بالنسبة إلى كل العقارات المحكوم بنزع ملكيتها فى حين أن دعواه بالاستحقاق لم تتناول إلا جزءا من العقارات وذلك عملا بنص المادة 709 مرافعات - لما كان ذلك - فإن حكم قاضى البيوع الصادر فى 25 من ديسمبر سنة 1949 بوقف البيع بالنسبة لجميع العقارات إلى أن يفصل فى دعوى الاستحقاق يكون جائزا استئنافه عملا بنص المادة 709 مرافعات - ومن ثم يكون قضاء الحكم برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف وبقبول الاستئناف شكلا لا مخالفة فيه للقانون.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن ميعاد استئناف قرار قاضى البيوع بإيقاف البيع لا يختلف عن مواعيد الاستئناف المعتادة وأنه لا يبدأ إلا من تاريخ إعلان الحكم المستأنف، خالف القانون. لأن ميعاد الطعن فى قرار قاضى البيوع هو خمسة أيام من تاريخ صدور القرار وذلك قياسا على مدة الطعن لعيب شكلى فى حكم مرسى المزاد - على أنه من ناحية أخرى - فإن قرار الإيقاف لا محل لإعلانه ليسرى ميعاد استئنافه بل يسرى من تاريخ النطق به. ولما كان القرار بالإيقاف صدر فى 25 من ديسمبر سنة 1949 ولم تعلن صحيفة الاستئناف إلا فى 4 من فبراير سنة 1951 - أى بعد 41 يوما من تاريخ النطق به - فإنه يكون قد جاوز الميعاد، من ثم يكون قضاء الحكم بقبول الاستئناف شكلا مخالفا للقانون.
ومن حيث إن حكم قاضى البيوع فى طلب وقف البيع بإجابته أو برفضه هو قضاء فى خصومة - مما لازمه أن يكون الطعن فيه جائزا وفقا للقواعد العامة - وفى الميعاد العادى ومن تاريخ إعلان الحكم - بنص المادتين 379 و394 من قانون المرافعات - إلا أن يمنع القانون - فى بعض الصور الطعن بنص صريح - أو أن يخالف القاعدة الأصلية من أن مواعيد الطعن لا تبدأ إلا من تاريخ إعلان الحكم. وإنما تبدأ من تاريخ صدوره أو من تاريخ حدث لاحق إعلانه أو أمر بانقاض ميعاد الاستئناف فى بعض المواد (م 402 مرافعات) - ولما كانت هذه الحالات تعتبر استثناء من القاعدة العامة فإنه لا يجوز التوسع فيها ولا القياس عليها. ومن ثم لا يجوز قياس جواز استئناف حكم قاضى البيوع بوقف البيع فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة 709 مرافعات بحالة استئناف حكم مرسى المزاد، إذ يحكم استئناف حكم قاضى البيوع فى الحالة الأولى المادة 709 مرافعات على ما سبق بيانه فى الرد على السبب الأول من أسباب الطعن بخلاف حكم مرسى المزاد فإنه عملا بنص المادة 692 مرافعات لا تجوز المعارضة فيه ولا يجوز استئنافه إلا لعيب فى إجراءات المزايدة أو فى شكل الحكم أو لصدوره بعد رفض طلب وقف الاجراءات فى حالة يكون وقفها واجبا قانونا - وعلى أن يرفع بالطرق العادية خلال خمسة الأيام التالية لتاريخ النطق بالحكم ويحكم فيه على وجه السرعة.
ومن حيث إنه وقد أثبت الحكم المطعون فيه أن الحكم الصادر من قاضى البيوع بوقف البيع فى 25 من ديسمبر سنة 1949 لم يعلن. فإنه لا يكون قد أخطأ فى القانون إذ قضى بقبول الاستئناف لعدم فوات ميعاد الطعن فيه بالاستئناف - ومن ثم يكون السبب الثانى من أسباب الطعن على غير أساس.
ومن حيث إن السبب الثالث والرابع والخامس تتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون من ثلاثة أوجه (الأول) - إذ عقد مقارنة بين تاريخ عقد الشراء الذى يتمسك به الطاعن وبين تاريخ عقدى الرهن المؤرخين فى سنة 1938 واللذين يجرى بمقتضاهما التنفيذ - فى حين أن هذه المقارنة لا محل لها متى كان طعن الطاعن - كما هو الحال فى الدعوى على هذين العقدين بالصورية - لأن الدائن يضار بالتصرفات الصادرة من مدينه ولو كانت سابقة على سند دينه - وهى ليست كالدعوى البوليصية التى يطعن بها الدائن فى تصرف مدينه الصادر بقصد الإضرار بمصلحته وإنما يطعن بها فى جدية العقد - (والوجه الثانى) - إذ عقد مقارنة بين تاريخ عقد شراء الطاعن وبين تاريخ إجراءات نزع الملكية فى حين أن الطعن الموجه لسند التنفيذ كان طعنا بالصورية. مما لا محل معه لاشتراط أسبقية سند الطاعن على تاريخ السير فى إجراءات التنفيذ لأن الاجراءات التى تقوم على سند غير جدى تكون مشوبة بالبطلان، بصرف النظر عن تاريخ سند الطاعن - (والوجه الثالث) - إذ قرر بأنه ما دام لم يصدر حكم بالصورية فإنه لا يصح إبقاء إجراءات نزع الملكية معلقة. مع أن إيقاف البيع الذى يعترض الإجراءات لا يقوم عادة على ثبوت حق طالب الإيقاف وإنما على كون هذا الحق مرجحا فى نظر قاضى البيوع بحيث يجد من الحكمة عدم السير فى الاجراءات، وفى حالات الإيقاف جميعها تبقى إجراءات نزع الملكية معلقة إلى حين صدور الحكم فى الدعوى المرفوعة بالاستحقاق أو بغيره التى تكون قد رفعت من طالب الإيقاف.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، بعد أن أثبت فى أسبابه مراحل النزاع - على ما يبين من الوقائع الموضحة بصدر هذا الحكم، انتهى إلى أن عقد الشراء الذى يستند إليه الطاعن صادر من أحد ورثة المدين الراهن بعد أن تعلق حق مورث المطعون عليهم (محمود على العباسى) بالعقار المرهون، تأسيسا على أنه لا تركة إلا بعد سداد الديون، وإن ما يذهب إليه الطاعن من أنه رفع دعوى ببطلان عقدى الرهن لصوريتهما لا يصح أن يكون سببا لإيقاف البيع ما دام أنه لم يستصدر حكما بهذه الصورية - مما يستفاد منه - أن المحكمة - ودون مساس بحقوق الطاعن - لم تر فى حالة الطاعن - وهو مشتر للعقار محملا بالرهن من أحد ورثة المدين الراهن، والمقضى به فى مواجهة هذا البائع بانتفاء صورية الرهن - إن منازعته لا جدّية فيها، إذ هى لا تقوم على أسباب بادية الصحة - وليس فيما أجرته المحكمة أية مخالفة للقانون - على أنه من ناحية أخرى - فإن القانون أوجب فى المواد 705 إلى 707 من قانون المرافعات توافر شروط فى دعوى الاستحقاق الفرعية لكى يحكم قاضى البيوع وجوبا بوقف البيع: الشرط الأول - أن يكون طالب الإيقاف قد أودع ملف التنفيذ أى قضية البيع صورة رسمية من صحيفة دعوى الاستحقاق بعد إعلانها إلى كل من أوجب القانون اختصامهم وهم: مباشر الاجراءات والمدين أو الحائز وأول الدائنين المقيدين، وبشرط أن تكون مشتملة على بيان المستندات المؤيدة لها أو على بيان دقيق لأدلة الملكية أو وقائع الحيازة التى تستند إليها الدعوى، وأن يرفق بذلك الإيصال الدال على دفع المبلغ الذى يقدره قلم الكتاب بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة والمصاريف اللازمة لإعادة الاجراءات عند الاقتضاء - والشرط الثانى - أن يكون الإيداع قبل الجلسة المحددة للبيع بثلاثة أيام على الأقل، فإذا تخلف أحد هذه الشروط - فإنه لا يترتب عليها إيقاف البيع وجوبا - ولما كان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة صورة رسمية من عريضة دعوى الاستحقاق التى أودعها حتى تعمل المحكمة رقابتها فى التثبت من توافر الشروط التى نص عليها القانون لوجوب إيقاف البيع عملا بنص المواد 705 و707 مرافعات - لما كان ذلك - فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ فيما انتهى إليه.
ومن حيث إن السبب السادس يتحصل فى أن الحكم أخطأ فى القانون إذ قرر أن المستأنفين قرروا أن المستأنف عليه الرابع (الطاعن) لم يقم بإيداع الأمانة المنصوص عليها فى قانون المرافعات ولم ينازع الطاعن فى هذا القول، مما يستفاد منه أنه سلم به، فى حين أن الثابت بأوراق الدعوى أن الطاعن قام بإيداع الأمانة ولم يصدر قرار الإيقاف من محكمة أول درجة إلا بعد الإطلاع عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال فى خصوصه: "وهذا بصرف النظر عما ذكره الدفاع عن المستأنفين من أن المستأنف عليه الرابع (الطاعن) لم يقم بإيداع الأمانة المنصوص عليها فى المادة 597 مرافعات قديم والمادتين 706 و707 من قانون المرافعات الجديد والمستأنف عليه المذكور لم ينازع فى هذا القول مما يستنتج منه أنه مسلم بصحته"، ويبين من ذلك أن المحكمة لم ترتب أثرا قانونيا على عدم دفع الأمانة بل أوردته بصدد ترديد دفاع المطعون عليهم - على أنه من ناحية أخرى - فإن هذا النعى غير منتج - إذ لا يترتب على ثبوت إيداع الأمانة إيقاف البيع لتخلف أحد شروط الإيقاف على ما سبق بيانه فى الرد على السبب السابق.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.