أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1124

جلسة 12 من مايو سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، وأحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

(148)
القضية رقم 71 سنة 22 القضائية

إجارة. العين المؤجرة أرض فضاء. عدم خضوعها لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947. لا يغير من ذلك أن يكون المستأجر قد أقام بها منشآت فى سبيل الانتفاع بها. لا يغير من ذلك أيضا أن تكون المنشآت سابقة على عقد الإيجار متى كان الايجار مقصورا على الأرض الفضاء.
لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 قد استثنت صراحة الأرض الفضاء من تطبيق أحكامه، وكان الثابت من عقد الايجار أن العين المؤجرة هى أرض فضاء، فإنه لا يسرى عليها أحكام القانون المشار إليه بل يكون النزاع القائم فى شأنها خاضعا لأحكام القانون العام، ولا يغير من ذلك أن يكون المستأجر فى سبيل الانتفاع بها قد أقام عليها منشآت، ولو كان ذلك فى تاريخ سابق لعقد الإيجار متى كان الايجار مقصورا على الأرض الفضاء دون المبانى المملوكة للمستأجر. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها على دائرة الايجارات لتطبيق القانون رقم 121 لسنة 1947 فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه، ومن سائر الأوراق - تتحصل فى أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 263 سنة 1951 عابدين على المطعون عليها، وقالت بيانا لها إن المطعون عليها استأجرت فى 30 من نوفمبر سنة 1941 من وقف الجداوى أرضا فضاء مساحتها 26 مترا و50 سم وقد أقامت المستأجرة عليها المبنى رقم 19 بحى معروف وقد نص فى عقد الإيجار على أنه مقصور على الأرض الفضاء، وأنه ليس للمستأجر أى حق عينى عليها، وأنه ملزم بالاخلاء عند طلب جهة الوقف، وقالت الطاعنة إن حقوق المؤجر آلت إليها بمقتضى قرار استبدال صادر فى أول يناير سنة 1945 من محكمة مصر الشرعية لكل من محمد محمود خليل وعطا عفيفى اللذين باعا كل ما لهما من حق إلى الشركة الطاعنة بمقتضى عقد رسمى محرر فى 29 من أكتوبر سنة 1945. وقد نص فى عقد الايجار على حق المؤجر فى طلب إخلاء العين المؤجرة بعد ستة شهور من التنبيه على المستأجر. وطلبت الشركة الطاعنة الحكم بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها خالية مما عليها من المبانى والأنقاض، وإلا قامت الشركة بالازالة بمصروفات ترجع بها على المطعون عليها. وفى 18 من فبراير سنة 1951 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى دائرة الايجارات. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 1049 سنة 1951، وفى 18 من ديسمبر سنة 1951 قضت المحكمة فى موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف فقررت الطاعنة الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن مقام على سبب واحد يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة فيما قضى به من عدم اختصاص محكمة عابدين بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى دائرة الايجارات تطبيقا لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 الخاص بإيجار الأماكن قد أخطأ فى تطبيق القانون. ذلك أن القانون المشار إليه أخرج الأرض الفضاء من الخضوع لأحكامه. وقد رفعت الدعوى بطلب اخلاء العين المؤجرة على اعتبار أنها أرض فضاء، ونصوص عقد الايجار المؤرخ 30 من نوفمبر سنة 1941 تقطع فى أن الإيجار ينصب على أرض فضاء، ولا يغير من انطباق القانون العام أن تكون المستأجرة قد أقامت مبانى على الأرض المؤجرة، لأن ذلك هو الطريق الذى اختاره المستأجر للانتفاع بالعين المؤجرة. وقد نص فى عقد الإيجار على أن ليس للمستأجرة أى حق عينى على الأرض المؤجرة ولا حق البقاء والقرار فيها، وأن عليها أن تستعملها مع مراعاة أنها ملزمة بإخلائها عند طلب المؤجر. ولا محل للتوسع فى تفسير القانون الاستثنائى لأنه جاء على خلاف القانون العام.
ومن حيث إن النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا السبب فى محله، ذلك أنه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف فيها قضى به من عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الابتدائية "دائرة الايجارات" أسس قضاءه على قيام المبنى المملوك للمستأجرة على الأرض المؤجرة وقت التعاقد ووصف العقد بأنه عن أرض فضاء، لا يغير من طبيعة العقار المؤجر إذ هو فى حقيقته كان عن أرض مقام عليها بناء. ولما كان يبين من عقد الإيجار المحرر فى 30 من نوفمبر سنة 1941 أنه نص فى ديباجته أنه عن قطعة أرض لوقف الجداوى وعليها مبان ملك للمستأجرة. وقد نص فى البندين الثالث والرابع على أن المستأجرة إذا أرادت إخلاء الأرض فعليها قلع مبانيها وإخطار جهة الوقف... فإذا أرادت جهة الوقف أخذ الأرض فعليها أن تعلن المستأجرة قبل مدة الإيجار بستة شهور... وبمجرد الإعلان تكون المستأجرة ملزمة بقلع مبانيها... وليس لها أى حق فى طلب تعويض عن الإزالة. ونص فى البند الثامن على أنه ليس للمستأجر أى حق عينى على الأرض المؤجرة ولا حق البقاء والقرار فيها، كما نص فى البند الخامس عشر على أن المستأجرة تقرر بأنها استأجرت قطعة الأرض الواردة فى العقد على أنها أرض فضاء... ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 إذ نصت على أنه يسرى على الأماكن المؤجرة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض، فقد استثنت تلك المادة صراحة الأرض الفضاء. ولما كانت العين المؤجرة - كما هو ثابت من عقد الإيجار - هى أرض فضاء فلا يسرى عليها أحكام القانون المشار إليه بل يكون النزاع القائم فى شأنها خاضعا لأحكام القانون العام، ولا يغير من ذلك أن تكون المستأجرة فى سبيل الانتفاع بها قد أقامت عليها منشآت، ولو كان ذلك فى تاريخ سابق لعقد الإيجار موضوع النزاع متى كان الإيجار مقصورا على الأرض الفضاء دون المبانى المملوكة للمستأجرة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإحالتها على دائرة الإيجارات لتطبق القانون رقم 121 لسنة 1947 قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن موضوع الاستئناف صالح للحكم فيه.
ومن حيث إنه وقد ثبت مما سبق بيانه أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وبإحالتها على دائرة الإيجارات قد خالف القانون، فيتعين إلغاؤه.