أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1185

جلسة 2 من يونيه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: أحمد العروسى ومحمود عياد، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

(158)
القضية رقم 231 سنة 21 القضائية

( أ ) دعوى إبطال التصرف. بيع. تسجيل. طلبات المشترى الذى لم يسجل عقده تحددت بطلب إبطال التصرف الصادر للمشترى الذى سجل عقده وفقا للمادة 143 مدنى قديم. إضافته بعد ذلك طلبا آخر هو الحكم بصحة ونفاذ عقده. هذا لا يغير أساس الدعوى بجعلها مفاضلة بين عقدين.
(ب) دعوى إبطال التصرف. بيع. تحقق الشروط المقررة لبطلان التصرف وفقا للمادة 143 مدنى قديم. رجوع العقار إلى ملكية المدين. حق المشترى الذى لم يسجل عقده مقصور على التنفيذ على العقار لاستيفاء دينه. ليس فى حقه أن يعود للمطالبة بصحة ونفاذ عقده. علة ذلك.
1 - متى كان الواقع فى الدعوى هو أن طلبات المشترى الذى لم يسجل عقده أمام محكمة الموضوع قد تحددت بصفة أصلية واستقرت على التمسك بطلب إبطال التصرف الصادر من البائع إلى المشترى الذى سجل عقده تأسيسا على المادة 143 من القانون المدنى القديم، فإن إضافته إلى ذلك طلبا آخر هو الحكم بصحة ونفاذ عقده ليس من شأنه إهدار الطلب الأصلى فى الدعوى وهو إبطال التصرف المؤسس على الدعوى البوليصية وتكون المحكمة إذ اعتبرت الدعوى مفاضلة بين عقدين لمجرد هذه الإضافة وأعملت حكمها على ما بين الطلبين من تفاوت فى الأثر القانونى لكل منهما ودون أن تعرض لبحث طلب إبطال التصرف استقلالا قد خالفت القانون وأخطأت فى تطبيقه.
2 - متى تحققت الشرائط المقررة لبطلان التصرف تأسيسا على المادة 143 من القانون المدنى القديم فإن مؤدى ذلك أن تعود ملكية العين المتصرف فيها إلى البائع ويكون من حق المشترى الذى لم يسجل عقده بوصفه دائنا بالثمن التنفيذ عليها جبرا استيفاء لدينه وليس من شأن هذا التنفيذ أن يعود هذا المشترى إلى بعث عقده الابتدائى ومطالبته الحكم بصحته ونفاذه، لأن الملكية تكون قد انتقلت بالتسجيل إلى المشترى الذى سجل عقده محملة بحق المشترى الذى يسجل بوصفه دائنا للبائع وليس للدائن فى مقام التنفيذ بدينه أن يطالب بملكية العقار الذى يجرى عليه التنفيذ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن مورث الطاعنين المرحوم محمد على يوسف أبو زينه عن نفسه وبصفته وليا شرعيا على أولاده من زوجته المرحومة ستيته أحمد محمد الجناينى وهم أحمد ونعيمه وبيه أقام الدعوى رقم 297 سنة 1942 مدنى جزئى مركز طنطا ضد ابراهيم شلتوت المطعون عليه الثانى بصفته الوارث الوحيد لوالدته المرحومة حلوه سيد احمد وفهيمه السيد شلبى زوجة محمد المرشدى بصحيفة معلنة بتاريخ 29/ 9/ 1941 طلب فيها الحكم بإبطال البيع الصادر من المرحومة حلوه سيد احمد للمطعون عليها فهيمه السيد شلبى بتاريخ 10/ 6/ 1937 عن مقدار 22 ط و12 س موضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والصادر بشأنها حكم صحة التوقيع فى القضية رقم 988 سنة 1938 مدنى مركز طنطا وشطب جميع التسجيلات الموقعة على القدر المذكور لصالح المطعون عليها الأولى وكف منازعتها له فى القدر المذكور لأنه بموجب عقد بيع ابتدائى تاريخه 19/ 2/ 1934 باعت مورثة المطعون عليه الثانى إلى مورثته عن نفسه وبصفته المرحومة ستيته أحمد الجناينى 21 ط على قطعتين و33 مترا شائعة فى منزل مساحته 80 مترا مبينة الحدود بصحيفة الدعوى، ونظرا لأن البائعة امتنعت عن التصديق على عقد البيع النهائى فقد استصدرت ضدها حكما فى القضية رقم 2669 سنة 1938 مركز طنطا بصحة توقيعها على العقد المذكور بعد أن حاولت الطعن فيه بالتزوير وأخفقت، وبالرغم من ذلك ومن قبضها كامل الثمن فقد عمدت إلى بيع الأطيان الزراعية إلى المطعون عليها الأولى باعتبارها 22 ط و12 س منها 12 ط و12 س بحوض السبعه و10 ط بحوض الأينام وجعلت تاريخ البيع 10/ 6/ 1937 وهو غير صحيح ثم تواطأت البائعة والمشترية فرفعت المشترية "المطعون عليها الأولى" دعوى صحة التوقيع عن هذا القدر قضى لها فيها فى القضية رقم 988 سنة 1938 مركز طنطا، ولما كان التواطؤ واضحا فقد رفع الدعوى الحالية. بصحيفة معلنة فى 14/ 10/ 1942 أضاف المدعى "المرحوم محمد على يوسف أبو زينه عن نفسه وبصفته طلبا جديدا إلى طلباته السابقة هو الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المرحومة حلوه سيد احمد أبو جندى إلى مورثته المرحومة ستيته أحمد محمد الجناينى الرقيم 19/ 2/ 1934 المبينة حدوده بصحيفة افتتاح الدعوى. وبتاريخ 25/ 5/ 1944 أصدرت محكمة أول درجة حكمها تمهيديا بالإحالة إلى التحقيق ليثبت المدعى وجود تواطؤ تدليسى بين البائعة والمشترية فهيمه السيد شلبى "المطعون عليها الأولى" بكافة طرق الإثبات بما فيها البينه وأذنت للمدعى عليهما بالنفى بذات الطرق إلا أنه بجلسة 25/ 10/ 1945 تنازل وكيل المدعى ووكيل المدعى عليها الثانية "فهيمه السيد شلبى" عند سماع الشهود فى الدعوى. وبتاريخ 10/ 1/ 1946 قضت المحكمة مرة أخرى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى أن البيع الثانى صدر من مورثة المدعى عليه الأول "المطعون عليه الثانى" لابنة ابنتها المدعى عليها الثانية وهى المطعون عليها الأولى "بقصد الاضرار لمورثة المدعى وبسوء نية وأنه ترتب عليه إعسارها وعلى المدعى عليها الثانية النفى بكافة الطرق مع تكليف المدعى بتقديم كشف رسمى عن تكليف مورثة المدعى عليه لأول المرحومة "حلوه أبو جندى" وبعد أن سمعت المحكمة شاهدى المدعى - إذ لم تشهد المدعى عليها الثانية فهيمة السيد شلبى أحدا - قضت محكمة أول درجة بتاريخ 16/ 5/ 1946 حضوريا - أولا - ببطلان عقد البيع الصادر من المرحومه حلوه سيد أحمد مورثة المدعى عليه الأول "المطعون عليه الثانى" للمدعى عليها الثانية "المطعون عليها الأولى" بتاريخ 10 يونيه سنة 1937 عن الأطيان الواردة بصحيفة الدعوى والصادر بشأنها حكم صحة التوقيع فى القضية رقم 988 سنة 1938 مركز طنطا وشطب التسجيلات الموقعة على هذا القدر لصالح المدعى عليها الثانية وكف منازعة المدعى عليهما للمدعى بصفته فى القدر المذكور - ثانيا - بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من مورثة المدعى عليه الأول المرحومة حلوه سيد أحمد لمورثة المدعى بصفته المرحومة ستيتة أحمد محمد الجناينى الرقيم 19 فبراير سنة 1949 المتضمن بيع 21 ط بزمام شوبر مركز طنطا و33 مترا فى المنزل المبينة حدوده بصحيفة الدعوى... الخ استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم أمام محكمة طنطا الابتدائية وقيد استئنافها برقم 333 سنة 1948 طالبة قبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه فيما قضى به الحكم المستأنف من بطلان عقد المستأنفة وصحة عقد المستأنف عليه الأول وذلك للأسباب التى أوضحتها فى صحيفة استئنافها. ونظرا لوفاة المرحوم محمد على يوسف أبو زينه فقد أوقفت الدعوى بجلسة 20/ 10/ 1948 ثم عجلتها المستأنفة ضد الورثة وهم الطاعنون الحاليون وضد ابراهيم علام شلتوت - المطعون عليه الثانى - وبتاريخ 8/ 4/ 1951 قضت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى مورث المستأنف عليهم عدا الأخير مؤسسة قضاءها على أن مورث المستأنف عليهم إذ عدل طلباته أمام محكمة أول درجة بإضافة طلب جديد إلى جانب بطلان عقد المستأنفة هو الحكم له أيضا بصحة ونفاذ عقده الابتدائى يكون بذلك قد ألبس دعواه ثوب المفاضلة بين عقدين صادرين إلى مشترين مختلفين من بائع واحد ونزع عنها بذلك ثوب الدعوى البوليصة ويكون بذلك قد أخرج نفسه من عداد الدائنين الذين لهم حق رفع الدعوى البوليصية توصلا للحصول على دينهم. فطعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على سببين يتحصل أولهما فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ تطبيق القانون إذ اعتبر أن الدعوى فى تكييفها مفاضلة بين عقدين صادرين من بائعة واحدة وان أحدهما مسجل فيفضل الآخر ولو كان وليد تواطؤ، مع أن أساس الخصومة أن مورث الطاعنين دائن بثمن العقار الذى اشتراه من "حلوه" فهو وإن كان مشتريا بعقد عرفى إلا أنه فى الوقت نفسه بالنسبة لتصرف "حلوه" عن ذات العقار يعتبر دائنا لها بالثمن الذى قبضته، ودينه سابق للتصرف الذى صدر من "حلوه" إلى "فهيمه" والغش والاضرار دليلهما قائم وقد أعسرت "حلوه" فلم يعد لها مال ولن يستطيع مورث الطاعنين وله دين بقيمة الثمن المدفوع أن يرجع بدينه عليها، فتوافرت شرائط الدعوى البوليصية (المادة 143 مدنى قديم) فيبطل العهد الصادر من "حلوه" إلى "فهيمه" ومن نتائج هذا البطلان أن يعود العقار حتى ولو كان قد انتقل بالتسجيل - إلى ملكية البائعة وإذن يحق له عقب هذا البطلان وعقب قيام نتائجه أن يطلب التنفيذ عينا على ذات العقار اقتضاء لدينه وهو الثمن الذى دفعه للصفقة التى اشتراها بالعقد المؤرخ 19/ 2/ 1934، ولكن الحكم المطعون فيه جاء يردد عبارة غامضة ويرتب عليها نتيجة خاطئة بقوله "إن مورث الطاعنين بطلبه صحة ونفاذ عقده إنما يضع نفسه موضع المشترى بعقد عرفى غير مسجل ويطلب تفضيله على عقد المستأنفة المسجل وبذلك يكون قد أخرج نفسه من عداد الدائنين العاديين الذى لهم الحق فى رفع الدعوى البوليصية توصلا للحصول على دينهم لأنه هنا ليس بدائن وإنما يطلب الحكم بصحة ونفاذ عقده، ومن ثم فلا ينظر إلى توافر شروط الدعوى البوليصية من تدليس أو إعسار وغيرهما أو عدم توافرها، بل الذى يجدر بحثه هو أى العقدين يفضل الآخر وفقا لأحكام قانون التسجيل". وهذا تقرير خاطئ ومخالف للقانون يستوجب نقض الحكم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد فى أسبابه "وحيث إن مورث المستأنف عليهم عدل طلباته أمام محكمة أول درجة بإضافة طلب الحكم له إلى جانب بطلان عقد المستأنفة، الحكم له أيضا بصحة ونفاذ عقده الابتدائى الصادر له من مورثة المستأنف عليه الثانى وهى نفس البائعة للمستأنفة، قد ألبس دعواه ثوب مفاضلة بين عقدين صادرين إلى مشتريين مختلفين من بائع واحد ونزع عنها ثوب الدعوى البوليصية وحجته فى تلك المفاضلة أن عقد المستأنفة ولو أنه سجل قبل عقده إلا أنه وليد تواطؤ بين الطرفين وأنه ترتب عليه إعسار البائعة" إلى إن قال "ويبين مما تقدم أن مورث المستأنف عليهم قد وضع نفسه بهذا التعديل فى مركز المشترى بعقد عرفى يطلب تفضيله به على عقد المستأنفة المسجل ويكون بذلك قد أخرج نفسه من عداد الدائنين العاديين الذين لهم حق رفع الدعوى البوليصية توصلا للحصول على دينهم فإنه هنا ليس له دين يطالب بالمحافظة عليه وإنما يطلب الحكم له بصحة ونفاذ عقده الصادر إليه، فلا ينظر فى هذا الصدد إلى توافر شروط الدعوى البوليصية... وإنما الذى يجدر بحثه هو أى العقدين يفضل الآخر وفقا لأحكام قانون التسجيل"... ويبين من هذا الذى أورده الحكم أن المحكمة إذ ذهبت فى تكييفها لدعوى الطاعنين إلى أنها مفاضلة بين عقدهم العرفى المؤرخ 19/ 2/ 1934 وعقد المطعون عليها الأولى الذى سجل حكم صحة التوقيع الصادر بشأنه تكون قد أخطأت فى هذا التكييف: ذلك أن الثابت بالأوراق أن طلبات الطاعنين الختامية أمام محكمة أول درجة قد تحددت بصفة أصلية واستقرت على التمسك بطلب إبطال التصرف الصادر إلى المطعون عليها الأولى تأسيسا على المادة 143 مدنى قديم، فإذا كان الطاعنون قد أضافوا إلى ذلك طلبا آخر هو الحكم لهم بصحة ونفاذ عقد مورثتهم العرفى المؤرخ 19/ 2/ 1934 فإن إضافة مثل هذا الطلب ليس من شأنها أن تهدر الطلب الأصيل فى الدعوى وهو إبطال التصرف المؤسس على الدعوى البوليصية ولا تأثير لها عليه. والمحكمة إذ اعتبرت الدعوى مفاضلة بين عقدين لمجرد هذه الإضافة وأعملت حكمها على ما بين الطلبين من تفاوت فى الأثر القانونى لكل منهما ودون أن تعرض لبحث طلب إبطال التصرف استقلالا، تكون قد خالفت القانون وأخطأت تطبيقه مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه فى خصوص هذا السبب.
وحيث إن السبب الثانى يتحصل فيما يقوله الطاعنون إنه متى تحققت شرائط بطلان التصرف الصادر للمطعون عليها الأولى وفقا لحكم المادة 143 مدنى قديم فإن العين المتصرف فيها تعود إلى ملكية البائعة كنتيجة لهذا البطلان وكان من حق الطاعنين التنفيذ عليها عينا وذلك بإجراء مفعول عقدهم العرفى ومؤدى هذا التنفيذ الحكم لهم بصحة ونفاذ عقدهم المشار إليه وهو ما طلبوه وتمسكوا به فى الدعوى بالإضافة إلى طلب البطلان.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأنه متى تحققت الشرائط المقررة لبطلان التصرف تأسيسا على المادة 143 مدنى قديم فمؤدى ذلك أن تعود ملكية العين المتصرف فيها إلى البائعة ويكون من حق الطاعنين بوصفهم دائنين بالثمن التنفيذ عليها جبرا استيفاء لدينهم وليس من شأن هذا التنفيذ أن يعود الطاعنون إلى بعث عقدهم الابتدائى ومطالبتهم الحكم بصحته ونفاذه لأن هذه الملكية قد انتقلت إلى المطعون عليها بالتسجيل محملة بحق الطاعنين بوصفهم دائنى البائعة وليس للدائن فى مقام التنفيذ بدينه أن يطالب بملكية العقار الذى يجرى عليه التنفيذ والحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض هذا الطلب إعمالا لأحكام قانون التسجيل كان قضاؤه صحيحا فى القانون مما يتعين معه رفض هذا السبب.