أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1192

جلسة 2 من يونيه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة أحمد العروسى ومحمود عياد، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

(159)
القضية رقم 333 سنة 21 القضائية

( أ ) إثبات. تحقيق الخطوط. دفع الوارث يجهله توقيع مورثه. المتمسك بالعقد هو الذى يتحمل عبء إثبات حصول التوقيع.
(ب) إثبات. تزوير. القضاء بتزوير ورقة. حق المحكمة ذلك من تلقاء نفسها. اطراحها ما ثبت فى دفتر الختام استنادا إلى القرائن التى ساقتها. لا خطأ.
(ج) إثبات. أوراق رسمية. دفتر الختام. ليس من قبيل الأوراق الرسمية.
(د) إثبات. أوراق رسمية. الطلب المقدم للمساحة لمراجعة عقد واستمارة التغيير التى تحررها المساحة. عدم جواز اعتبار أيهما معدا لإثبات شخصية الموقعين عليه. مدى حجية هذه الأوراق.
(هـ) إثبات. خبير. عدم التزام المحكمة بالأخذ برأى الخبير.
1 - إذا طعن الوارث بأنه يجهل توقيع مورثه على العقد فإن المتمسك بهذا العقد هو الذى يتحمل عبء إثبات صحته.
2 - إذا كان للمحكمة وفقا للمادة 290 من قانون المرافعات الجديد المقابلة للمادة 292 من القانون القديم أن تحكم برد بطلان أيه ورقة رسمية كانت أم عرفية متى ظهر لها من حالتها ومن ظروف الدعوى أنها مزورة على أن تبين فى حكمها الظروف والقرائن التى استبانت منها ذلك فإنه يكون لها من باب أولى أن تطرح ما ثبت فى دفتر الختام استنادا إلى الظروف والقرائن السائغة التى استدلت بها على وجهة نظرها.
3 - دفتر الختام ليس من قبيل الأوراق الرسمية ولا حجية له فى إثبات أن المنسوب إليه الختم المطعون فيه هو الذى طلب إلى الختام أن يصنعه.
4 - الطلب الذى يقدم لمصلحة المساحة لمراجعة عقد من العقود أو استمارة التغيير التى تحررها المساحة لا تعتبر أيهما من الأوراق المعدة لإثبات شخصية الموقعين عليها وليس من مهمة الموظف القائم بها إثبات هذه الشخصية ولا تكون هذه الأوراق حجة بما فيها إلا بالنسبة للبيان الفنى الذى تضمنته هذه الأوراق.
5 - المحكمة غير ملزمة بالأخذ برأى الخبير، ذلك أن هذا الرأى لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات التى تخضع لتقديرها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - على المستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 284 سنة 1940 مدنى جزئى العياط ضد المطعون عليهما طلب فيها الحكم بصحة توقيع مورثهما المرحوم أحمد جمعه أبو زيد على عقد البيع العرفى المؤرخ 14/ 12/ 1939 المتضمن بيعه للطاعن 2 ف و5 ط و10 س بناحية بمها مركز العياط. وبجلسة 15/ 12/ 1940 أحيلت الدعوى إلى محكمة مصر الابتدائية لزيادة قيمة العقد عن نصاب المحكمة الجزئية وقيدت بجدولها برقم 275 سنة 1946 ك. مصر. وبجلسة 16/ 9/ 1942 قرر وكيل المطعون عليها الأولى "نعمات محمد زيدان" بالطعن بالتزوير فى الختم المنسوب لها والموقع به على عقد البيع المذكور كشاهدة، كما طعن بالجهالة بالنسبة لتوقيع البائع "مورثها" وقد أعلنت أدلة التزوير وقضت المحكمة بجلسة 17/ 10/ 1943 بقبول أدلة التزوير وتحقيقها بإثبات ونفى الادعاء بتزوير ختم المطعون عليها وجهالة توقيع المورث ثم عادت المحكمة وقضت ثانية فى 2/ 4/ 1944 بإعادة التحقيق ليثبت الطاعن أن المطعون عليها صنعت ختمها الموقع به على العقد المطعون فيه وهو باسم نعمت محمد زيدان وللمطعون عليها نفى ذلك وقد نفذ هذا الحكم بسماع شهود الطرفين. وبتاريخ 20/ 2/ 1945 قضت المحكمة للمرة الثالثة بإعادة التحقيق ليثبت الطاعن أن مورث المطعون عليها وقع على عقد البيع العرفى المؤرخ 14/ 12/ 1939 وللمطعون عليها النفى ونفذ هذا الحكم كذلك وسمعت شهود الطرفين. وفى 12/ 1/ 1946 انتقل أحد أعضاء الهيئة بناء على قرار قاضى التحقيق إلى تفتيش المساحة المحلى بالجيزة للاطلاع على استمارة التغيير الخاصة بهذا العقد وأوراق الطلب المقدم من الطاعن والمرحوم أحمد جمعه أبو زيد البائع "مورث المطعون عليهما" والمدعى بتوقيع المتعاقدين عليها وقد تحرر محضر بهذا الانتقال تضمن وصف هذه الأوراق والتوقيعات الثابتة فيها والمحضر مقدم ضمن مستندات الطاعن بملف هذا الطعن - وفى 22/ 10/ 1946 أحيلت القضية إلى محكمة الجيزة الابتدائية لاختصاصها بعد إنشائها وقيدت بجدولها برقم 375 سنة 1946 كلى. وفى 22/ 3/ 1947 أصدرت المحكمة حكما تمهيديا آخر بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى لمضاهاة إمضاء المورث المطعون عليها على الإمضاءين الموقع بهما على ورقتى المضاهاة المقدمتين من المطعون عليها الأولى وهما صورة رسمية من الحكم الشرعى رقم 826 لسنة 29/ 30 العياط معلنة للمورث وموقع على الإعلان بإمضائه والأخرى توكيل بتنفيذ ذلك الحكم الشرعى وعليه محضر إيقاف مؤرخ 8/ 3/ 1931 - يحمل توقيع المورث المذكور - باشر الخبير مأموريته وقدم تقريرا انتهى فيه إلى أن خط الإمضاء المنسوب لأحمد جمعه أبو زيد "مورث المطعون عليها" الموقع به على عقد البيع العرفى المؤرخ 14/ 12/ 1939 يختلف عن خط امضائه على أوراق المضاهاة المقدمة. وبعد ذلك قضت المحكمة فى 28/ 6/ 1948 برد وبطلان عقد البيع المؤرخ 14/ 12/ 193 موضوع دعوى التزوير وأشارت المحكمة فى أسباب حكمها إلى تقرير الخبير المشار اليه ثم استعرضت أقوال الشهود الذين سمعوا فى التحقيق الذى أجرته بجلسة 16/ 12/ 1943 كما أشارت إلى القرينة المستفادة من محضر حصر التركة عند وفاة البائع وأن الطاعن المشترى بوصفه عمدة الناحية وقع على محضر الحصر المذكور ولم يذكر فيه شيئا عن التصرف الصادر إليه من المورث وهو موضوع العقد محل الطعن بالتزوير كما رجعت إلى أقوال الشهود الذين سمعوا بجلسة 11/ 9/ 1944 وإلى مناقشة الطاعن بجلسة 6/ 3/ 1948 وخلصت المحكمة من كل ذلك إلى صحة طعن المطعون عليها على عقد البيع وأن ختم المطعون عليها الأولى الموقع به على عقد البيع كشاهد مصادقة على البيع إنما هو ختم مزوّر وأن إمضاء المورث البائع على العقد إمضاء مزور كذلك - استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 735 سنة 65 ق طالبا الغاء الحكم ورفض الدعوى، فقضت المحكمة بتاريخ 6/ 12/ 1949 قبل الفصل فى الموضوع بندب الخبير الخطاط "سعودى" لأداء المأمورية المبينة بالحكم التمهيدى الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 22/ 3/ 1947 ولاعتذار هذا الخبير قضت المحكمة بندب ثلاثة خبراء من مكتب الأبحاث والتزيف بمصلحة الطب الشرعى لأداء المأمورية المبينة بالحكم التمهيدى المشار إليه ثم قضت بجلسة 2/ 12/ 1950 بإعادة إجراء المضاهاة على عقدى البيع الوفائى المنوه عنهما بأسباب هذا الحكم التمهيدى الأخير وقد باشر الخبراء مهمتهم وقدموا تقريرا انتهوا فيه إلى أن التوقيع المنسوب إلى المورث أحمد جمعه أبو زيد على عقد البيع المؤرخ 14/ 12/ 1939 هو توقيع صحيح وصادر من يد صاحبه. وبعد أن سمعت محكمة الاستئناف دفاع الطرفين واطلعت على تقرير الخبراء قضت فى 5/ 6/ 1951 برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف وقد رأت أن تطرح فى أسباب حكمها تقرير الخبراء بقولها إن الدلائل متوافرة على تزوير العقد وناقشت رواية الختام الذى شهد بصنع الختم ودفتره الذى قدمه ورجحت فى النهاية أقوال شهود المطعون عليها الذين شهدوا بأنها كانت غضبى بمنزل والدها وقت صدور العقد المطعون فيه وفى بلد آخر كما ثبت لديها أن ختم الطاعنة المطعون فيه يختلف عن ختمها المعترف به فى بصمته وتاريخه، إلى آخر ما جاء بأسباب الحكم المذكور. فطعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب يتحصل أولها فيما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من وجهين: (الأول) - قصوره فى التسبيب ومخالفته الواقع بترتيب نتيجة يستحيل استخلاصها من أقوال الشهود الثابتة بالأوراق، ذلك أن محكمة الاستئناف قررت "تأييد وجهة نظر محكمة أول درجة فى تقدير أقوال الشهود ورأت أن شهادتهم لا يمكن الأخذ بها فيما زعموه من حضور المستأنف عليها ومصادقتها على العقد وتوقيعها عليه بختمها وفيما زعموه أيضا بالنسبة لتوقيع البائع نفسه والشهادة متى تطرق إليها الشك سقط بها الاستدلال" فإذا كانت محكمة أول درجة فيما حصلته من أقوال الشهود لم تستخلص نتيجة قاطعة فى الدعوى الأمر الذى لا يتأتى معه استناد محكمة الاستئناف إلى أسباب الحكم الابتدائى وإذا كانت محكمة الاستئناف قد قالت فى معرض مناقشة عامة لأقوال شهود الطاعن إنه متى تطرق الشك إلى الشهادة سقط بها الاستدلال دون أن تستعرض هذه المحكمة أقوال أى الشهود التى أثارت الشك لديها حتى استخلصت هذه النتيجة التى انتهت إليها فى خصوصها كان ذلك قصورا بعجز محكمة النقض عن مراقبتها فيما أقامت عليه قضاءها وأضاف الطاعن أن محكمة أول درجة لم تسمع شهودا على التزوير بل سمعتهم فى خصوص الطعن بالجهالة وعند تحقيق بصمة ختم المطعون عليها كشاهدة على عقد البيع مع اختلاف قاعدة الإثبات وطريقته فى كمل من الحالتين فإذا كانت محكمة الاستئناف قد أخذت بأقوال شهود الجهالة كدليل على التزوير كان ذلك خطأ قانونيا مبطلا لحكمها ومع هذا فان شهود الجهالة شهدوا لصالح الطاعن وأن شهود المطعون عليها الأولى لم يشهدوا على واقعة التوقيع ذاتها ولا هم نفوا شهادة الإثبات التى قدمها الطاعن إذ كل ما قالوه أن المطعون عليها كانت غاصبة من زوجها ومقيمة بمنزل والدها ببلد آخر فى فترة تحرير العقد محل النزاع وظلت كذلك حتى تم الصلح بين الزوجين بعد العقد بمدة طويلة وهذا القول لو صح لا قيمة له فى النزاع لأن الثابت بدفتر الختام أن الختم تم صنعه فى 15 من يونيه سنة 1939 بينما تاريخ تحرير العقد وتوقيعه كان فى 14 ديسمبر سنة 1939 وإذا كانت وفاة البائع وقعت فى 23 أغسطس سنة 1940 فما كان يدور بخلد الطاعن أن يموت زوج المطعون عليها فى هذا التاريخ حتى يتعجل عمل ختم لها قبل الوفاة بأربعة عشر شهرا.
ومن حيث إن هذا النعى مردود فى وجهه الأول بأن محكمة أول درجة قد استعرضت أقوال الشهود تفصيلا وأشارت إلى مناقشة الطرفين بجلسة 8 من يوليه سنة 1947 وإلى الحكم التمهيدى الذى أصدرته بندب الخبير وإلى مناقشة مستندات الطرفين فى الأحكام التمهيدية التى أصدرتها بما فى ذلك إخطار المساحة المؤرخ 17 من يناير سنة 1940 وإيصال دفع الرسم بالمساحة المؤرخ فى 12 من ديسمبر سنة 1939 ثم أوضحت المحكمة بعد كل ما تكشف لها من التحقيق الذى أجرته بتاريخ 16 من ديسمبر سنة 1943 وخلصت من ذلك إلى الجزم بأن عقد البيع المطعون فيه قد زور فيه ختم المطعون عليها كشاهدة كما زور فيه توقيع المورث مؤيدة ذلك بما أثبته خبير الخطوط الذى ندبته لهذا الغرض ثم جاء الحكم المطعون فيه مقررا تأييد وجهة نظر محكمة أول درجة فى تقديرها لشهادة الشهود بقوله "ومن حيث إنه فيما يتعلق بالأحكام التمهيدية التى أصدرتها محكمة أول درجة وما شهد به الشهود أمامها فإن المحكمة تؤيد وجهة نظر تلك المحكمة فيما ذهبت إليه تقديرا لهؤلاء الشهود وترى أن شهادتهم لا يمكن الأخذ بها فيما زعموه من حضور المستأنف عليها ومصادقتها على العقد وتوقيعه بها عليه بختمها وفيما زعموه أيضا بالنسبة لتوقيع البائع نفسه والشهادة متى تطرق إليها الشك سقط بها الاستلال" فكان مثار الشك عند المحكمتين أن كاتب العقد يمت بصلة المصاهرة للطاعن باعترافه فى التحقيق وأن هذا الشاهد جزم بأن طلب المساحة قدم يوم تحرير العقد وأنه اصطحب معه البائع ومر به على منازل دائنيه ودفع لهم ديونهم من الثمن واستلم عقود رهونهم وذكر مبالغ الديون على التحديد إلى آخر ما ذكره هذا الشاهد فى الوقت الذى يشهد فيه آخر من شهود الطاعن أنه صاحب الطاعن عند تقديم طلب المساحة وكان ذلك بعد يومين من تاريخ العقد المطعون فيه، فإذا لوحظ هذا الخلاف مع ثبوت أن إيصال طلب المساحة كان مؤرخا فى 12 من ديسمبر سنة 1939 وأن عقد البيع محل الطعن مؤرخ فى 14 من ديسمبر سنة 1939 كان هذا موجبا للشك مؤكدا فساد شهادة الشاهدين المشار إليهما - مضافا إلى اختلافهما فى بيان طريقة دفع الثمن ومقداره وطريقة توزيعه على دائنى البائع فى منازلهم وترتيب توقيع البائع والمطعون عليها على ذات العقد وإلى ما ثبت من مناقشة الطاعن نفسه بجلسة 22 من فبراير سنة 1947 وإقراره بأن طلب المساحة كان خاصا بعقد آخر استبدل به العقد المطعون فيه وإلى ما شهد به محمد عثمان الختام الذى صنع الختم وأثبته فى دفتره ووقع بنفسه فى الدفتر مع غريب فرج كشاهد على شخصية المطعون عليها مع امتناع ذلك عليه بوصفه يقوم بعملية صنع الأختام ومع ثبوت وجود زوج المطعون عليها معها بالمنزل وقت صنع الختم المطعون فيه وكان أولى بالشهادة من غريب فرج الذى تبين أنه يعمل بقالا بالقرية وقيل أنه يخضع فى موارده التموينية لسلطان الطاعن بوصفه عمدة الناحية إلى غير ذلك من الشبهات الواضحة التى أثبتتها محكمة أول درجة فى حكمها فى صدد رواية الشهود وتقديرها مما استنتجت منه أن طريقة صنع الختم المنسوب للمطعون عليها كانت مريبة هذا إلى جانب رواية شهود المطعون عليها الذين نفوا وجودها ببلدة زوجها أثناء تحرير العقد المطعون فيه وانتهت المحكمة إلى القول بأن منطق العقد واختلاف المداد الموقع به من الشهود يؤكد ما شاب العقد من شبهة ويقطع بعدم صحة الختم المنسوب إلى المطعون عليها فإذا جاءت محكمة الاستئناف بعد أن استعرضت هذا كله وأفصحت عن اقتناعها بوجهة نظر محكمة أول درجة وأيدتها فى تقديرها لهذه البينات الواضحة بالإضافة إلى ما دعمت هى به قضاءها فلم تكن بعد ذلك فى حاجة إلى استعراض أقوال الشهود من جديد بعد أن اطمأنت إلى هذا التقدير واقتنعت به وأيدت محكمة أول درجة فيه مما ينتفى معه القول بالقصور. وينعى الطاعن فى الوجه الثانى على حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه مخالفة قواعد الإثبات. فإن هذا الوجه فضلا عن انه عار عن الدليل إذ لم يثبت الطاعن أنه تقدم بما يفيد تمسكه بذلك أمام محكمة الاستئناف مما لا يجوز التحدى به لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن الثابت مع ذلك من الأوراق أن سماع محكمة أول درجة للشهود فى مراحل القضية المتعددة إنما كان تنفيذا للأحكام التمهيدية الصادرة فى الدعوى والتى لم تخالف فيها قواعد الإثبات إذ أن الحكم التمهيدى الصادر فى 17 من أكتوبر سنة 1943 بالإحالة إلى التحقيق لتثبت المدعية الأدلة التى بينتها على تزوير ختمها وعلى توقيع مورثها على العقد المطعون فيه ولو أنها لم تطعن على توقيع مورثها بالإجراء المقرر قانونا لأن تجاهلها توقيع المورث لا ينفى تحقيق النزاع بشأنه كما أباحت للطاعن نفى ذلك وليثبت كذلك صحة عقده - هذا الحكم لم يخالف قواعد الإثبات إذ ألقى عبء إثبات التزوير على مدعية التزوير "المطعون عليها" كما حملها فوق ذلك إثبات عدم توقيع مورثها على العقد المطعون فيه ولو أنها لم تطعن عليه بالإجراء المقرر قانونا فليس للطاعن أن ينعى على الحكم فى ذلك إذا لوحظ أنه لم يفت الحكم تحميل الطاعن إثبات صحة عقده وهو ما يتمشى مع قواعد الإثبات الصحيحة عند الطعن بتجهيل توقيع المورث من أن المتمسك بالعقد هو الملزم بالإثبات كما أن محكمة أول درجة قد رأت استكمالا لتحقيق واقعة الجهالة أن تصدر حكما تمهيديا آخر فى 20 من فبراير سنة 1945 لهذا الغرض وكلفت الطاعن إثبات أن مورث المدعية قد وقع على عقد البيع المطعون فيه كما أباحت للمطعون عليها "المدعية" النفى وهذا الحكم لم يخالف شيئا من قواعد الإثبات كما هو ظاهر وكذلك كان حكم 2 من أبريل سنة 1944 الصادر بتكليف الطاعن بإثبات واقعة صنع ختم المدعية لدى الختام محمد عثمان فلا مخالفة فيه كذلك وظاهر مما سبق إيراده أن الأحكام الثلاثة لم تخالف قواعد الإثبات فى خصوص واقعتى تزوير الختم وتجهيل توقيع المورث وقد سمعت المحكمة الشهود وفقا لتلك الأحكام وتنفيذا لها وأما ما ينعاه على الحكم من عدم أخذه بأقوال شهوده فهو جدل موضوعى فى تقدير الدليل مما يستقل به قاضى الدعوى ولا شأن لمحكمة النقض به مما يجعل هذا السبب بوجهيه على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون إذ خالف قواعد الإثبات المقررة قانونا ذلك أنه متى كان الثابت من دفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع أن ختم المطعون عليها الموقع به كشاهدة على عقد البيع المطعون فيه قد صنع لدى ختام معين سمعت المحكمة أقواله واطلعت على دفتره فكان لزاما عليها الأخذ بهذا الدليل كاقرار ملزم للمطعون عليها بصحة العقد كما أن دفتر الختام محرر رسمى يجب احترام الدليل المستمد منه ولا يجوز الطعن عليه إلا بالتزوير وأشار إلى أن هذا هو حكم القانون فى المادتين 390 و391 مدنى جديد والمادة 226 مدنى قديم ثم ناقش الطاعن ما قرره الحكم عن صنع ختم لوالدة الطاعن فى نفس اليوم الذى صنع فيه ختم المطعون عليها وما قرره من أن زوج المطعون عليها كان أولى بالشهادة على دفتر الختام إن صح وجوده وما قرره كذلك من تأثير الطاعن - وهو عمدة الناحية - على الشاهد فى صنع الختم وهو بقال يتحكم الطاعن فى موارده التموينية ثم أضاف الطاعن أن المحكمة - عند مناقشتها لتوقيع المطعون عليها الأولى أشارت إلى أقوال شاهد هو ياقوت فرج ويؤخذ من هذه المناقشة أن المحكمة - فهمت خطأ أنه قال بأن المطعون عليها الأولى لم توقع على العقد حالة أن ما شهد به وثبت بمحضر الجلسة أن المطعون عليها الأولى لم تحضر توقيعه هو على العقد وأنه وقع وحده فى غير المجلس الذى وقعت هى فيه وأن هذا الشاهد سأل المطعون عليها بعد شهرين من تاريخ توقيعها عما إذا كانت قد وقعت فأكدت له حصول البيع فعلا فإذا كانت المحكمة قد فهمت غير الثابت فى الأوراق كان فهما قانونيا خاطئا مضافا إلى الخطأ السابق إيضاحه فى هذا السبب.
ومن حيث إن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أورد ضمن أسبابه فى خصوص واقعة صنع الختم وإثباته بدفتر الختام ما يلى: - "وحيث إن محمد عثمان الختام شهد فى هذا التحقيق بأن المدعية (المطعون عليها الأولى) طلبته فى منزلها وأنه صنع لها الختم وأشهد عليه غريب فرج وعبد الوهاب عبد الحافظ نسيب العمدة وشاهده الأول ومحرر العقد المطعون فيه وإذا به بعد ذلك وبعد أن روى العمدة وضعا جديدا لواقعة صنع الختم للمدعية يعود فيقول إن غريب فرج شهد صنع الختم ووقع على الدفتر وتبين إذ ذاك من دفتر الختام أن الموقعين كشاهدين هما غريب فرج ونفس محمد عثمان الختام ثم يرى فى نفس الصحيفة ختم منقوش باسم عديله محمد رزق والدة الطاعن ووقع باستلامه بنفسه وشهد عليه بنفسه بينما كان هذا الشاهد ينكر أولا علاقته بالعمدة ويعود فيعترف بصنع هذا الختم الأخير وهذا الأمر يجعل طريقة صنع هذا الختم مشوبة بما يدل على أنه اصطنع بغير علم المدعية وفى الخفاء عنها إذ لو صح وجود زوجها كما يدعى الختام لأشهده على صنع الختم بدلا من غريب فرج البقال بالبلدة والقائم بتوزيع التموين الذى يستلمه عن طريق العمدة الطاعن وهو أخ فى نفس الوقت لياقوت فرج"، ويبين مما سبق أن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أهدر الدليل المستمد من أقوال الختام ودفتره لعدم اقتناعه بما ورد فى شهادة هذا الختام أو ثبت فى دفتره وكان اطراحها لهذا الدليل مدعما بقرائن سائغة تؤدى إليه وهو أمر موضوعى متعلق بتقدير الأدلة ولا رقابة لمحكمة النقض فيه، وأما القول بأن دفتر الختام يعتبر محررا رسميا وحجة بما ثبت فيه ولا يصح الطعن فيه إلا بالتزوير فإن المطعون عليها لم تكن فى حاجة إلى الطعن فيه بالتزوير إذ أغنتها محكمة الاستئناف عن ذلك باطراحها له بقولها: "وليس أقل منها شأنا استشهاد المستأنف بدفتر الختام فقد انقلب هذا الدليل إلى عكس ما كان يراد منه وظهر أن ثمة علاقة بين الختام والعمدة"... إلى أن قال: "وجئ بالختام ودفتره للتدليل على أن الختم ختمها وقد ثبت أن الختم يختلف عن الختم المعترف به فى بصمته وتاريخه". فإذا كان للمحكمة طبقا للمادة 290 مرافعات جديد "292 قديم" أن تحكم برد وبطلان أية ورقة "رسمية كانت أو عرفية" إذا ظهر لها من حالتها ومن ظروف الدعوى أنها مزورة على أن تبين فى حكمها الظروف والقرائن التى استبانت منها ذلك فيكون لها من باب أولى أن تطرح ذلك الدفتر المشار إليه استنادا إلى ما ذكرته من ظروف وقرائن استدلت بها على وجهة نظرها فى خصوصه هذا، ومع ذلك فإن دفتر الختام ليس من قبيل الأوراق الرسمية ولا حجية له فيما يدعيه الطاعن - وأما اعتراض الطاعن على ما قرره الحكم المطعون فيه بشأن واقعة صنع ختم لوالدة الطاعن فى ذات اليوم الذى تم فيه صنع الختم المطعون فيه وواقعة عدم توقيع زوج المطعون عليها كشاهد بدفتر الختام وما استنتجته المحكمة من تأثير الطاعن كعمدة لبلده على شاهد صنع الختم وما استخلصه من أقوال الشاهد ياقوت فرج وتشككها فى روايته لما لاحظته من تناقض بينها وبين ما استشهد بهم الطاعن بمحضر جلسة 16/ 12/ 1943 وما ظهر لها من حالة توقيعه على العقد المطعون فيه ومكان توقيعه واختلاف المداد الذى كتب به اسمه فوق ختمه الموقع به على العقد المذكور كل هذه أمور موضوعية فحصتها المحكمة وانتهت منها إلى ما قضت به فى حدود سلطتها الموضوعية، ومن ثم يكون هذا السبب فى غير محله ويتعين رفضه.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن فى السبب الثالث على الحكم المطعون فيه قصوره فى التسبيب ذلك أن المطعون عليها ادعت أن حقيقة اسمها الصحيح "نعمات بنت محمد زيدان" وليس "نعمت محمد زيدان" الثابت فى بصمة الختم الموقع به على العقد المطعون فيه مع أنها رفعت الدعوى رقم 294 سنة 1941 مدنى العياط باسم نعمت بنت محمد زيدان ولا تزال الدعوى قائمة وهى التى تباشرها. كما أن قسيمة زواجها من زوج سابق تضمنت ذكر اسمها "نعمات الشهيرة بنعيمة محمد زيدان" كما أنها وقعت لشخص على إقرار مؤرخ 10/ 11/ 1937 باسم "نعمت بنت محمد زيدان" ووقعت كذلك لآخر على عقد رهن مؤرخ 1/ 10/ 1936 بذات الاسم وهذا يؤيد ما ثبت ذكره بدفتر الختام المشار إليه فإذا كانت محكمة الموضوع قد ناقشت ختم المطعون عليها على أساس أنه يختلف عن ختمها المعترف به فى بصمته وتاريخه دون أن توضح أى الأختام هو المعترف به واكتفت المحكمة بمناقشة ورقة واحدة وهى عريضة الدعوى 294 سنة 1941 مدنى لتأكيد اختلاف ختمها عن الختم المطعون فيه وأهملت باقى الأوراق المشار إليها كان حكمها مشوبا بقصور يبطله.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بما أورده الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بأن عريضة الدعوى رقم 294 سنة 1941 مدنى العياط التى قدمها الطاعن لإثبات اسم المطعون عليها "نعمت" لا تحمل توقيعا للمطعون عليها، كما أن الثابت من وثيقة الزواج أن اسمها ذكر فيها على أنه "نعمات الشهيرة بنعيمة" وليس "نعمت" كما ورد بالختم المطعون فيه بالتزوير، فضلا عن أن الوثيقة المشار إليها لا تحمل توقيعا أو ختما للمطعون عليها وأن توقيعها على الإقرار المؤرخ 1/ 10/ 1936 لم يثبت أنها اعترفت بصدوره منها، وأما عقد الرهن فلم يقدمه الطاعن فاستشهاده به يكون عاريا عن الدليل. ومتى كانت المحكمة قد عنيت فى حكمها بتمحيص الوقائع الجوهرية التى عرضت لها فى صدد تحقيق صحة السند محل الدعوى أو تزويره وناقشت الأدلة على ذلك من أقوال الشهود وتقريرات الخصوم وانتهت إلى نتيجة استخلصتها من أسباب مؤدية إليها فلا على المحكمة إذا هى التفتت عن أوراق أو بينات ليس من شأنها أن تؤثر فى الحقيقة التى اقتنعت بها ولا فى النتيجة التى انتهت إليها ومن ثم يكون هذا السبب على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل فى أن محكمة الموضوع إذ ناقشت محضر حصر التركة على عكس مدلوله بقولها إن محضر جرد التركة لم يشر فيه إلى العقد المطعون فيه فلو كان هذا العقد صحيحا لأثبته الطاعن فى محضر الجرد فى وجود الورثة عقب الوفاة مباشرة مع أن هذا المحضر لم يعد إلا لإثبات ما بقى على ملك المتوفى عادة ومع هذا فإن العقد العرفى حجة على ورثة البائع ولأن إغفال الورثة ذكر القدر موضوع العقد بمحضر الحصر فيه معنى الإقرار بصحة التصرف للطاعن وخروجه عن ملكية المورث، وأما ما قالته المحكمة عن تأخير الطاعن فى المطالبة بحقه ووقت إظهار العقد المطعون فيه بعد الوفاة فإن طرفيه قدما معا طلبا للمساحة لمراجعة العقد فى 12/ 12/ 1939 وأعد مشروع العقد بعد دفع الرسم وانتقل مهندس المساحة وعاين الأرض كطلب الطرفين فى 23/ 12/ 1939 وحرر محضرا وقعه الطرفان كما حررت المساحة استمارة تغيير رسمية عن ذات القدر المبيع كما سلم المورث للطاعن مستندات تمليكه لجزء من القدر المبيع ثم حصل الطاعن على إقرار من شركاء المورث فى التكليف بموافقتهم على التصرف ثم بادر الطاعن برفع الدعوى فى 22/ 10/ 1940 أى بعد وفاة المورث بأقل من شهرين، فإذا كانت محكمة الموضوع مع ما تقدم قد أهدرت الأدلة القائمة ومنها الرسمى القائم كاستمارة التغيير وطلب المساحة مع ثبوت صحة هذه الأوراق فى محضر الانتقال الذى أجرته المحكمة بقولها إن هذه الأوراق لا تعتبر أوراقا رسمية، رغم ما سجلته هى بمحضر انتقالها من أن توقيع الطرفين على الاستمارة يحصل أمام مهندس المساحة نفسه وهو الذى يملأ بياناتها بيده ويوقع هو عليها تكون قد أخطأت فى الوصف الذى أسبغته على هذه الأوراق المشار إليها حيث اعتبرتها عرفية مع أنها أوراق رسمية لها حجيتها وأخيرا فإن المحكمة إذ فصلت فى الدعوى قبل أن تحقق ما أشار إليه الطاعن من أن تقديم طلبات المساحة وتحرير استمارة التغيير كان استنادا إلى وعد بالبيع قد انتهى إلى بيع برضاء الطرفين بعد تقديم أوراق المساحة كان قضاؤها مشوبا بقصور يبطله.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأن ما أشار إليه الحكم فى خصوص القرينة المستمدة من خلو محضر حصر التركة من ذكر بيان أو إشارة إلى الأطيان موضوع العقد وما ذكره من أن العقد المطعون فيه وهو عرفى لم يسجل إلى حين تحرير محضر الجرد المشار إليه لا ينقل ملكية الأطيان المبيعة - وما ذكرته المحكمة عن تأخير الطاعن فى المطالبة بصحة هذا العقد وما لاحظته من سبق تاريخ تقديم الطلب على تاريخ البيع فهو جدل موضوعى يخرج عن رقابة هذه المحكمة ما دام الحكم قد أقيم على أسباب سائغة تؤدى إلى ما انتهى إليه، وأما ما يقوله الطاعن بشأن رسمية أوراق المساحة ومنها الطلب المقدم واستمارة التغيير فقد تناولها الحكم بالرد بمقولة "إن الطلب والاستمارة لم يعد أيهما لإثبات شخصية الموقعين فلا يكفى مجرد التوقيع لاعتباره صادرا ممن نسب إليه أو لكى تكتسب الورقة صفة الرسمية من هذه الناحية" وهذا التقرير صحيح فى القانون ذلك أن الطلب الذى قدم للمساحة أو استمارة التغيير لم تعد لإثبات شخصية الموقعين عليها وليس من مهمة الموظف القائم بها إثبات هذه الشخصية ولا تكون هذه الأوراق حجة بما فيها إلا بالنسبة للبيان الفنى الذى تضمنته هذه الأوراق. وأخيرا فإن النعى على الحكم بالقصور لفصله فى الدعوى دون تحقيق واقعة الوعد بالبيع فإنه مردود إذ لم يثبت أن الطاعن قد أثاره صراحة أو طلب تحقيقه، والمحكمة أغفلت الرد على هذا الطلب. ولما تقدم يكون هذا السبب على غير أساس.
ومن حيث إن حاصل السبب الخامس أن المحكمة مسخت الوقائع الثابتة فى الإقرار المؤرخ 1/ 12/ 1939 الصادر من ورثة أحمد جمعه أبو زيد والمتضمن إقرارهم "بأن الأطيان المبيعة من أحمد جمعه أبو زيد مورث المطعون عليها الأولى إلى الطاعن وقدرها فدان وقيراط و10 أسهم بحوض الدلالة رقم 3 هى ملكه وليس لهم فيها شئ ولا مانع لديهم من البيع" وناقشته على غير ما صدر به إذ توهمت أنه صادر عن جميع الأطيان التى اشتراها الطاعن بالعقد المطعون فيه من أحمد جمعه أبو زيد وعما هو مكلف باسمه وهو غير ما تضمنه الإقرار إذ أن ما ورد فيه قاصر على ما هو مكلف باسم جمعه أبو زيد. كما أخطأت المحكمة فى اعتبار أن العقد النهائى لن تتم مراجعته دون هذا الإقرار، ولأن مشترى الطاعن للقدر الذى اشتراه من تكليف جمعه أبو زيد وقع محددا وهو بهذا ينهى حالة الشيوع بالنسبة لجماعة المقرين. وفوق هذا فإن للطاعن مصلحة فى هذا الإقرار إذ يملك أرضا مجاورة للجزء الذى اشتراه من تكليف جمعه أبو زيد ويهمه اتصال ما اشتراه بما هو مملوك له أصلا وأما أسبقية تاريخ الإقرار على العقد المطعون فيه فلا تأثير لها على العقد لأن هذا الإقرار إنما حرر ليكون ضمن مستندات الملكية عند مراجعة العقد ولا مانع يمنع من تهيئة مثل هذا الإقرار ضمانا لعدم المنازعة من باقى الورثة الشركاء فى الملك.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأن المحكمة إذ أشارت إلى هذا الإقرار بأنه غير ذى موضوع لصدوره من أشخاص لا شأن لهم بالأطيان فلم تمسخ عبارته وإن كانت قد ذكرت أن الفدان والقيراط والـ 10 أسهم هى ملك المستأنف والمراد هو المورث إلا أن هذا الخطأ المادى لا تأثير له على ما كونت به اعتقادها فى دلالته، فإذا كانت المحكمة قد استشعرت الريبة فى خصوص ما تضمنه هذا الإقرار وكان مثار تظننها لما لاحظته من أسبقية تاريخه على تاريخ عقد البيع المطعون فيه ثم وصفته بأنه تخبط من جانب الطاعن ومحاولة تصيد أدلة لتدعيم مركزه، كان النعى بالمسخ أو التحريف لا محل له مما يتعين معه رفض هذا السبب.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن فى السبب السادس على الحكم المطعون فيه قصور تسبيبه، ذلك أن محكمة الاستئناف ندبت ثلاثة خبراء من قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى لفحص التوقيعات التى على عقد البيع المطعون فيه ومضاهاة توقيع البائع على الإمضاءات الموقع بها على عقدى البيع الوفائى المصدّق على أحدهما فى 6/ 4/ 1937 والآخر فى 6/ 2/ 1938 وهما معاصران لعقد البيع المطعون فيه وقدم الخبراء تقريرا انتهوا فيه إلى أن توقيع البائع أحمد جمعه أبو زيد صحيح وصادر من يد صاحبه فإذا كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تقدير الدليل والأخذ به أو اطراحه إلا أن ذلك يقتضيها بيان الأسباب التى تأخذ أو لا تأخذ بها فى شأنه. ومحكمة الاستئناف إذ اطرحت دلالة هذا التقرير لما قالته من وجود خلاف صارخ بينه وبين تقرير الخبير الأول الذى ندبته محكمة أول درجة لم تعن ببيان أو تفصيل هذا الخلاف الذى قالت عنه، كان هذا قصورا يعيب الحكم ويبطله.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بما أورده الحكم فى خصوص هذا السبب بقوله "وحيث إن هذا التقرير جاء مخالفا لما ذهب إليه الخبير الأول وقد يكفى هذا التعارض الواضح والخلاف الصارخ بين التقريرين لاطراحهما وعدم التعويل عليهما". ثم أبانت المحكمة بعد ذلك سبب إطراح التقريرين صراحة بقولها "فمن الصعب على المحكمة أن تبنى عقيدتها على تقارير متضاربة متباينة يحاول كل منها تأييد نظره بما يذكره من عبارات مطاطة واصطلاحات مألوفة لا تقوم على مبدأ ثابت أو نظرية علمية لا يرقى إليها الشك وإنما يبنى كل خبير رأيه على اجتهاده الشخصى وصدق فراسته وهى أمور قد تصح أحيانا وقد لا تصح فمن الخطل فى الرأى أن يركن القاضى عليها وحدها فى تكوين رأيه وأن يجعلها دعامة حكمه والواجب يقضى بأن يتقبلها بكل تحرز وحيطه وأن يتقصى أسانيد الخصوم وقرائن الأحوال لعلها أقوى إقناعا وأصدق دليلا، ومما يضاعف من حذر المحكمة فى قبول التقرير الثانى والاعتماد عليه أن الإمضاءات التى أجريت المضاهاة عليها وقيل بتشابهها مع الإمضاء المطعون عليها هى أبعد ما تكون عن هذا التشابه والفوارق بينهما ظاهرة ويكاد المدقق فى اتجاهاتها ولوازمها يؤخذ مما بينها من اختلافات..." ويبين مما سبق أن المحكمة إذ أطرحت هذا التقرير قد أبانت العلة فى هذا الاطراح، وهى بعد غير ملزمة بالأخذ به إذ أن رأى الخبير لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات التى تقدم لتكون المحكمة منها رأيها والمحكمة قد كونت رأيها فى الدعوى من مجموع القرائن والبيانات الأخرى لما لاحظت من أنها أقوى إقناعا وأصدق دليلا، كما أضافت إلى هذا مضاهاتها الشخصية بوصفها الخبير الأعلى للدعوى وانتهت إلى وضوح تزوير الإمضاء مما ينتفى معه النعى بالقصور ويكون هذا السبب جديرا بالرفض.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.