أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1214

جلسة 2 من يونيه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان، وأحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

(161)
القضية رقم 79 سنة 22 القضائية

إثبات. قواعد الإثبات. عدم تعلقها بالنظام العام. قيام المانع الأدبى من الحصول على كتابة. لا يجوز للمحكمة أن تقرره من تلقاء نفسها وتقضى باحالة الدعوى على التحقيق دون التمسك به.
لما كانت قواعد الإثبات فى المواد المدنية ليست من النظام العام فإنه لا يحل لمحكمة الموضوع أن تقرر من تلقاء نفسها بقيام المانع الأدبى من الحصول على سند كتابى وتقضى بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ما لا يجوز إثباته إلا بالكتابة، بل يجب على من يدعى وجود هذا المانع أن يتمسك به ثم يكون للمحكمة بعد ذلك أن تقدر دفاعه وتجيز الإثبات بالبينة أو لا تجيزه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق تتحصل فى أن مورث المطعون عليهم فيما عدا الثانية أقام الدعوى رقم 1654 لسنة 1937 مدنى سنورس عن نفسه وبصفته وصيا على المطعون عليها الثانية على مورث الطاعن وطلب الحكم له: أولا - بصفة مستعجلة تعيين حارس قضائى لاستلام العقارات موضوع الدعوى لإدارتها وإيداع صافى ريعها خزانة المحكمة حتى يفصل فى الموضوع. ثانيا - وفى الموضوع بثبوت ملكيته بصفته إلى الفدانين والمنزل الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتسليمها إليه مع المصروفات والأتعاب بحكم مشمول بالنفاذ، ثم عدل طلباته بعد ذلك إلى محو التسجيلات المتوقعة عليها. وفى 17/ 5/ 1937 قضت المحكمة برفض طلب الحراسة. وفى 10/ 5/ 1938 أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية العقد موضوع الأطيان المتنازع عليها (الفدانين) بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة وللمدعى عليه نفى ذلك - ثم أوقفت الدعوى أكثر من مرة لوفاة طرفى الخصومة وعجلها الورثة. وبجلسة 22/ 2/ 1950 سمعت المحكمة شهود الطرفين وقضت بطلبات المدعين مع ثلثى المصروفات ورفض طلب النفاذ. استأنف الطاعن هذا الحكم إلى محكمة الفيوم الابتدائية وقيد برقم 58 لسنة 1950 مدنى مستأنف وطلب قبول الاستئناف وإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للأطيان ورفض الدعوى بالنسبة إليها. وفى 12/ 1/ 1952 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وبرفضه موضوعا وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصروفات و500 قرش أتعاب محاماة. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه رغم تسليمه بخطأ حكم محكمة أول درجة فى إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الصورية بين طرفى العقد المكتوب - قد وقع فى خطأ آخر، إذ استمد من أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة قيام المانع الأدبى بين مورثى الطرفين منعهم من الحصول على كتابة - وأنه لذلك يجوز إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الصورية - وجاء خطأ الحكم المطعون فيه من ناحبتين: 1 - لم يبين الحكم الوقائع التى ثبتت أمامه ومنعت القرابة بين الطرفين من الحصول على كتابة لإثباتها، 2 - أنه استمد دليله فيما قرره من أقوال الشهود أمام محكمة أول درجة وكان هو يطعن على هؤلاء الشهود بعدم جواز سماعهم لإثبات الوقائع التى حددتها محكمة أول درجة - ولا شك أن المحكمة تتقيد بالوقائع التى أمرت بإثباتها دون سواها - وقد أمرت به المحكمة لإثبات الصورية - ولم تحكم به لكى تثبت هى من تلقاء نفسها أخذا من أقوال الشهود قيام المانع الأدبى بين الطرفين مما يجوز معه إحالة الدعوى إلى التحقيق - وفى ذلك كله قلب للوقائع، كاستخلاص المحكمة وضع اليد مع تحقيق أمرت به لإثبات مرض الموت، وذلك كله خطأ فى القانون يستوجب نقض الحكم.
ومن حيث إن هذا النعى فى محله، ذلك لأن قواعد الإثبات فى المواد المدنية ليست من النظام العام فيجب على من يدعى بوجود مانع من الحصول على سند كتابى أن يتمسك بهذا حتى تستطيع محكمة الموضوع تقدير دفاعه وتجيز إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ما لا يجوز إثباته إلا بالكتابة فلا يحل لمحكمة الموضوع من تلقاء نفسها أن تقرر بقيام المانع الأدبى وتقضى بإحالة الدعوى على التحقيق.
ومن حيث إنه ثابت من وقائع الدعوى أن المطعون عليهم أو مورثهم من قبل لم يتمسك أحدهم بقيام المانع الأدبى بينه وبين مورث الطاعن وقت تحرير عقد البيع المطعون فيه، وأن ذلك المانع هو الذى منعه من الحصول على دليل كتابى لاثبات صورية العقد حتى كانت المحكمة تستعرض هذا الطلب وتنظر فى إجابته أو فى رفضه بما لها من سلطة مطلقة فى هذا الشأن يخولها بها القانون فى المادة 403 مدنى المقابلة للمادة 215 من القانون المدنى الملغى الذى كان يحكم واقعة النزاع، بل قررت المحكمة بالحكم المطعون فيه من تلقاء نفسها بوجود مانع أدبى يسمح بإثبات صورية العقد المحرر بالكتابة بالبينة.
ومن حيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص بغير حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.