أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1256

جلسة 16 من يونيه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة، وأحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

(169)
القضية رقم 136 سنة 22 القضائية

( أ ) إعلان. تسليم صوره الأوراق المراد إعلانها. لمن تسلم الصورة؟ إغفال المحضر بيان العلاقة بين مستلم الصورة والمعلن إليه. بطلان الاعلان. المواد 11 و12 و24 مرافعات.
(ب) دعوى. دفع. مصلحة. الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى أهلية. زوال العيب. انعدام المصلحة فى الدفع. مثال.
(ج) إثبات. شهادة. إجراءات. سماع شهادة شاهد أمام محكمة أول درجة. تدخل هذا الشاهد فى الاستئناف منضما إلى أحد الخصوم. اعتماد الحكم الاستئنافى على شهادة الشهود أمام محكمة أول درجة مع استبعاد أقوال الشاهد الذى أصبح خصما فى الدعوى. تقريرها أن أقوال باقى الشهود تكفى للاثبات. لا خطأ.
1 - الأصل فى إعلان الأوراق وفقا للمادة 11 من قانون المرافعات أن تسلم إلى الشخص نفسه أو فى موطنه فاذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه فى موطنه جاز أن تسلم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكنا معه من أقاربه أو أصهاره وفقا للمادة 12 مرافعات، فاذا أغفل المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه أو أغفل بيان العلاقة بينه وبين من تسلم صورة الإعلان، فانه يترتب على ذلك بطلان ورقة الإعلان.
2 - لما كانت المصلحة هى مناط الدفع كما هى مناط الدعوى فانه لا يجوز لأحد الخصوم الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى أهلية متى كان العيب الذى شاب تمثيل ناقص الأهلية قد زال، إذ بزواله تصبح إجراءات التقاضى صحيحة ومنتجة لآثارها فى حق الخصمين على السواء منذ بدايتها وتنتفى كل مصلحة فى الطعن عليها. وإذن فمتى كان الواقع هو أن الخصم الثالث قد تدخل فى الدعوى المرفوعة من ناقص الأهلية بطلبات يدعيها لنفسه وجهها إلى المدعى شخصيا لا إلى شخص من يمثله قانونا كما أنه إذ استأنف الحكم الابتدائى وجه الاستئناف إلى ناقص الأهلية شخصيا ثم دفع ببطلان الخصومة وما ترتب عليها بسبب نقص أهلية المستأنف عليه، وكان الوصى على ناقص الأهلية قد تدخل فى الخصومة وطلب تأييد الحكم المستأنف فانه لا يكون لصاحب الدفع مصلحة فيه ولا تكون المحكمة قد أخطأت إذ قضت برفضه.
3 - متى كانت محكمة أول درجة إذ سمعت شهادة وصى الخصومة المتدخل فى الاستئناف منضما إلى ناقص الأهلية لم يكن طرفا فى الدعوى المطروحة عليها وكان الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائى مستندا إلى أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة قد قرر أنه مع استبعاد شهادة وصى الخصومة فان أقوال باقى الشهود تكفى لإثبات ما قضى به، لما كان ذلك فان المحكمة تكون قد اطمأنت فى حدود سلطتها الموضوعية إلى أقوال شهود الاثبات مع استبعاد شهادة وصى الخصومة ويكون النعى عليها فى هذا الخصوص على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه، ومن سائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 828 سنة 1949 بورسعيد الجزئية على المطعون عليه الثانى، وطلبت فيها الحكم بالزامه بتسليم المنقولات المبينة بصحيفة الدعوى أو دفع ثمنها ومقداره 80 جنيها وتثبيت الحجز التحفظى الاستحقاقى وجعله نافذا. وقالت بيانا لدعواها إنه تسلم منها هذه المنقولات على سبيل عارية الاستعمال وتعهد بردها عينا عند طلبها أو دفع ثمنها وذلك بموجب سند مؤرخ فى 17 من مارس سنة 1949 موقع عليه منه، وأنها استصدرت فى 20 من يوليه سنة 1949 - بعد أن امتنع عنه التسليم - أمرا بتوقيع الحجز التحفظى الاستحقاقى عليها. وفى 20 من سبتمبر سنة 1949 طلب الطاعن قبوله خصما فى الدعوى ليحكم له بأحقيته لهذه المنقولات وبإلغاء الحجز الموقع عليه، وأن هذه المنقولات مملوكة له وموجودة بمنزله بدليل أن المحضر حين أوقع الحجز كان هو بالشقة الموجودة بها المنقولات المحجوز عليها، وأخبر المحضر بملكيته لها. وفى 11 من نوفمبر سنة 1950 قضت المحكمة بقبوله خصما فى الدعوى، وقبل الفصل فى الموضوع باحالتها على التحقيق وبعد أن سمعت المحكمة أقوال الشهود وناقشت الطاعن قضت فى 3 من فبراير سنة 1951 أولا فى الدعوى الأصلية بالزام المطعون عليه الثانى بتسليم المنقولات المبينة بصحيفة الدعوى ومحضر الحجز المؤرخ فى 19 من أغسطس سنة 1950 أو دفع ثمنها ومقداره 80 جنيها وتثبيت الحجز التحفظى الاستحقاقى وجعله نافذا. وثانيا فى دعوى الطاعن برفضها. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 23 سنة 1951 بورسعيد الابتدائية ودفع ببطلان الخصومة وما ترتب عليها من إجراءات لنقص أهلية المطعون عليها الأولى إذ أنها قاصر ولا تبلغ سن الرشد إلا فى 28 من مايو سنة 1952 - وفى 15 من أغسطس سنة 1951 تدخل المطعون عليه الثالث بصفته وصيا للخصومة على المطعون عليها الأولى. وقد اعترض الطاعن على ذلك استنادا إلى أن محكمة أول درجة سمعت أقواله كشاهد وفى 30 من يوليه سنة 1952 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع أولا: بقبول المطعون عليه الثالث خصما فى الدعوى بصفته وصيا للخصومة على المطعون عليها الأولى، وثانيا: برفض الدفع المقدم من الطاعن، وثالثا: تأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الثانى والثالث، لأنه يبين من إعلان تقرير الطعن أن المحضر سلم صورة الإعلان للمطعون عليها الأولى بوصفها زوجة للمطعون عليه الثانى دون أن يذكر شيئا عن إقامته وعن وجود أو عدم وجود المراد إعلانه. كما أن المطعون عليه الثالث وهو لا يقيم مع المطعون عليها الأولى التى تسلمت صورة الاعلان فقد أغفل المحضر إثبات وجود المراد إعلانه، كما أغفل إثبات العلاقة بينه وبين المطعون عليها الأولى، وهذه العيوب يترتب عليها بطلان الاعلان بالنسبة إلى المطعون عليهما المذكورين.
ومن حيث إن هذا الدفع فى محله: ذلك أن الأصل فى إعلان أوراق المحضرين - وفقا للمادة 11 من قانون المرافعات أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو فى موطنه، فإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه فى موطنه جاز أن تسلم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكنا معه من أقاربه أو أصهاره وفقا للمادة 12 من هذا القانون، فإذا أغفل المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه أو أغفل بيان العلاقة بينه وبين من تسلم صورة الإعلان، فإنه يترتب على ذلك بطلان ورقة الإعلان. ولما كان يبين من الصورة المطابقة للأصل من تقرير الطعن أن المحضر إذ توجه فى 15 من أبريل سنة 1945 لإعلان المطعون عليهم أعلن المطعون عليه الثانى مخاطبا مع زوجته المطعون عليها الأولى التى تسلمت صورة الإعلان ولم يثبت فى محضره عدم وجود المطلوب إعلانه، كما أنه أعلن المطعون عليه الثالث مخاطبا مع المطعون عليها الأولى التى تسلمت صورة الإعلان أيضا وأغفل إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه فى موطنه، كما أغفل إثبات العلاقة التى بينه وبين من تسلمت صورة الإعلان، تلك العلاقة الواردة بالمادة 12 المشار إليها، وأن متسلمة الإعلان تقيم معه فى نفس الموطن. متى كان ذلك فإنه يترتب على عدم مراعاة هذه الإجراءات بطلان إعلان تقرير الطعن بالنسبة إلى المطعون عليهما الثانى والثالث وفقا للمادة 24 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن الإجراءات تمت وفقا للقانون بالنسبة إلى المطعون عليها الأولى.
ومن حيث إن الطعن مقام على ثلاثة أسباب يتحصل السبب الأول فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، ذلك لأن المطعون عليها الأولى رفعت الدعوى أمام محكمة أول درجة، وباشرت الاستئناف وهى قاصر، وقد دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه خلط بين قواعد تصرفات القاصر الخاضعة للقانون المدنى وبين أحكام التقاضى التى توجب أن تكون الأهلية كاملة. كما أخطأ الحكم إذ قرر أن قبول الوصى أمام محكمة ثانى درجة يصحح الحكم الصادر لصالح القاصر.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الدعوى الابتدائية أقيمت من المطعون عليها الأولى على المطعون عليه الثانى، وأن الطاعن هو الذى تدخل بطلبات يدعيها لنفسه وجهها قبل المطعون عليها الأولى شخصيا دون أن يوجهها إلى شخص من يمثلها قانونا. كما أنه إذ استأنف الحكم الابتدائى وجه الاستئناف إلى المطعون عليها الأولى شخصيا ثم دفع ببطلان الخصومة وما ترتب عليها من إجراءات بسبب نقص أهلية المطعون عليها الأولى لأنها وقت أن باشرت الدعوى كانت قاصرا وأنها لا تبلغ سن الرشد إلا فى 28 من مايو سنة 1952 فتدخل المطعون عليه الثالث بصفته وصيا للخصومة، وطلب تأييد الحكم المستأنف. ولما كانت المصلحة هى مناط الدفع كما هى مناط الدعوى، فإنه لا يجوز للطاعن أن يتمسك بالدفع متى زال العيب الذى شاب تمثيل ناقص الأهلية إذ بزواله تصبح إجراءات التقاضى صحيحة ومنتجة لأثرها فى حق الخصمين على السواء، ولذلك تنتفى كل مصلحة فى الطعن عليها إذ تعتبر صحيحة منذ بدايتها. ولما كان المطعون عليه الثالث كان يمثل المطعون عليها الأولى أمام محكمة ثانى درجة بصفته وصيا للخصومة عليها، فإن المحكمة لا تكون أخطأت فى القانون إذ رفضت الدفع واعتبرت إجراءات التقاضى قد أصبحت صحيحة ومنتجة لاثرها.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان لخطأ فى الإسناد إذ نسب على الطاعن أنه أجاز قبول وصى الخصومة فى حين إنه لم يجز ذلك.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يعرض لقبول الطاعن تدخل وصى الخصومة، وما أورده فى خصوص الاجازة إنما ينصرف إلى أن العيب الذى شاب الإجراءات بسبب نقص أهلية المطعون عليها الأولى قد زال باجازة وصى الخصومة لهذه الإجراءات.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان فى الإجراءات لأن الحكم الابتدائى استند فى قضائه إلى شهادة محمد احمد فايد، وقد تدخل هذا الأخير أمام محكمة ثانى درجة التى قضت بتأييد الحكم بصفته وصيا على المطعون عليها الأولى والتى كان قد شهد لصالحها. وقد أجاز الحكم المطعون فيه هذه الشهادة واستند إليها فى قضائه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن محكمة أول درجة إذ سمعت أقوال المطعون عليه الثالث كشاهد فى الدعوى لم يكن ممثلا فيها بصفته وصيا للخصومة ولم يؤد الشهادة أمامها بهذه الصفة. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى الخصم الثالث (الطاعن) استند إلى أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة والى أنه مع استبعاد شهادة وصى الخصومة فإن أقوال باقى شهود المستأنف عليها الأولى (المطعون عليها الأولى) تكفى للأخذ بها، وهى تؤيد أن المنقولات التى دخلت بها منزل الزوجية مملوكة لها. ويبين من هذا أن المحكمة لم تعول فى قضائها على أقوال وصى الخصومة فى التحقيقات، وإنما استندت فى ذلك إلى أقوال باقى شهود المطعون عليها الأولى. ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت - فى حدود سلطتها الموضوعية - إلى أقوال شهود المطعون عليها الأولى، بعد استبعاد شهادة وصى الخصومة (المطعون عليه الثالث)، وخلصت منها إلى أنها تكفى لإثبات أحقية المطعون عليها الأولى إلى المنقولات محل النزاع. ومن ثم فلا يجدى الطاعن النعى على الحكم الصادر من محكمة أول درجة إذ سمعت أقوال وصى الخصومة كشاهد فى الدعوى متى كان الحكم المطعون فيه قد استبعد أقواله ولم يستند إليها كدليل فى الدعوى.
ومن حيث إنه مما تقدم يكون الطعن على غير أساس مما يستوجب رفضه.