أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1392

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة عبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، وأحمد قوشه المستشارين.

(187)
القضية رقم 191 سنة 22 القضائية

دعوى. دعوى استرداد الحيازة. نزع الحيازة بالقوة. عدم جواز اشتراط حصول اعتداء على شخص الحائز أو غيره. كفاية ثبوت نزع الحيازة رغم إرادة خفير الحائز.
لا يشترط لقبول دعوى استرداد الحيازة أن يكون سلب الحيازة مصحوبا باعتداء أو تعد على شخص الحائز أو غيره بل يكفى أن يثبت الحكم أن المغتصب وعماله قد استولوا على العقار ولم يقو خفير الحائز على رد اعتدائهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليه الأول أقام على الطاعن والمطعون عليها الثانية دعوى لدى محكمة بندر الزقازيق قيدت فى جدولها برقم 1554 سنة 1950 وذلك بصحيفه معلنة فى 28 من نوفمبر سنة 1950، 4 من ديسمبر سنة 1950 - طلب فيها الحكم برد حيازته لقطعة الأرض الفضاء رقم 240 المبينة حدودها ومعالمها بصحيفة افتتاح الدعوى وقال فى بيان دعواه إنه استأجر من المطعون عليها الثانية ابتداء من 1934 قطعتى الأرض الفضاء رقمى 239، 240 وقام باصلاحهما وتسويرهما وزرع بهما أشجار فاكهة مثمرة وإنه فى سنة 1950 انتزع الطاعن منه بالقوة حيازته للقطعة رقم 240 فأبلغ البوليس بهذا التعدى وقيدت شكواه برقم 1820 سنة 1950 إدارى بندر الزقازيق وقدم "المطعون عليه الأول" إلى محكمة الدرجة الأولى عقودا تفيد استئجاره للأرض موضوع النزاع من مصلحة الأملاك عن المدة من سنة 1934 إلى سنة 1946 كما قدم إيصالات تفيد أنه سدد قيمة إيجار سنتى 1947، 1948 - وقدم أيضا صور التحقيقات فى الشكوى المشار إليها - قرر الطاعن فى دفاعه لدى محكمة الدرجة الأولى أن المطعون عليه الأول كان مستأجرا للأرض من مصلحة الأملاك حتى سنة 1948 ولكنه تخلى عن حيازتها فى نهاية تلك السنة ثم استأجرها هو - أى الطاعن - ووضع يده عليها ابتداء من أول سنة 1949 واستدل على ذلك بما ثبت فى تحقيقات الشكوى المذكورة من وجود اسمه على الرسم الكروكى الخاص بهذه الأرض والمقدم من مصلحة الأملاك - وفى 15 من أبريل سنة 1951 حكمت محكمة بندر الزقازيق للمطعون عليه الأول بطلباته فاستأنف الطاعن وقيد استئنافه برقم 214/ 1951 س الزقازيق - وفى 14 من أبريل سنة 1952 حكمت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها ولما أضافته من أسباب أخرى - فقرر الطاعن الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب يتحصل أولها فى تعييب الحكم بقصور تسبيبه وإخلاله بحق الدفاع ويقول الطاعن فى بيان ذلك إنه تمسك لدى درجتى التقاضى بأن المطعون عليه الأول تخلى عن حيازة الأرض موضوع النزاع فى أكتوبر سنة 1948 وحل هو محله فى الحيازة ابتداء من ذلك التاريخ كما تمسك بأنه يشترط لقبول دعوى رد الحيازة أن يكون رافعها قد حاز العقار لمدة سنة على الأقل قبل رفع الدعوى وأن ترفع الدعوى خلال السنة التالية لتاريخ التخلى عن الحيازة وبأن المطعون عليه الأول لم يرفع دعواه إلا بعد مضى أكثر من سنتين على تاريخ تخليه عن الحيازة - وإنه أى الطاعن - طلب من محكمة الدرجة الأولى إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات الوقائع المتقدمة بالبينة وهى الوسيلة الطبيعية للاثبات فى مثل هذه الحالة ولكن الحكمين الابتدائى والاستئنافى تجاهلا هذا الطلب ولم يشيرا إليه من قرب أو بعد بأى رد - ويتحصل السبب الثانى فى أن الحكم إذ استظهر أن حيازة المطعون عليه الأول للأرض موضوع النزاع لم تسلب منه إلا فى سنة 1950 قد شابه القصور وفساد الاستنتاج وذلك أولا لأن الحكم لم يتعرض لبحث ما تمسك به الطاعن من حيازة مادية أرجع بدءها إلى تاريخ تخلى المطعون عليه الأول عن الحيازة فى سنة 1948 وثانيا لأن الحكم إذ انتهى إلى النتيجة المشار إليها قد وردت به عبارات مبهمة لا تعدو أن تكون مجرد استنتاج لا يرتكز إلى وقائع محددة - ويتحصل السبب الثالث فى تعييب الحكم بقصور تسبيبه فيما استظهره من أن حيازة المطعون عليه الأول للأرض موضوع النزاع قد سلبت منه بالقوة والعنف ويقول الطاعن فى بيان ذلك إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اكتفى فى هذا الخصوص ببيان ما ثبت فى المعاينة من أن سلب الحيازة كان بواسطة عمال كثيرين وضعوا الأخشاب بالأرض موضوع النزاع - فى حين أن هذه الواقعة لا تفيد بذاتها استعمال العنف وأما الحكم المطعون فيه فقد استند إلى ما ورد بتحقيقات الشكوى رقم 1820 سنة 1950 بندر الزقازيق ولم يحدد الدليل الذى استند إليه فى القول بثبوت سلب الحيازة بالقوة.
ومن حيث إن هذا النعى مردود فى كافة وجوهه أولا - بأنه يبين من أسباب الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع إذ استظهرت ثبوت سلب حيازة المطعون عليه الأول للأرض موضوع النزاع بالقوة قد استندت إلى أنه ثبت لها من الاطلاع على الشكوى رقم 1820 سنة 1950 إدارى بندر الزقازيق أن سلب الحيازة كان بواسطة المستأنف - الطاعن - ومن كان معه من العمال الكثيرين الذين لم يقو خفير المستأنف عليه - المطعون عليه الأول - على رد اعتدائهم - ولما كان مؤدى هذا الذى ثبت لدى محكمة الموضوع أن الحيازة قد سلبت من المطعون عليه الأول قهرا عنه وكان لا يشترط فى هذا الخصوص أن يكون سلب الحيازة مصحوبا بإيذاء أو تعدّ على شخص الحائز أو غيره فإن ما ينعاه الطاعن فى السبب الثالث من أسباب الطعن لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره بلا رقابة عليها من هذه المحكمة - ومردود ثانيا - بأنه يبين من أسباب الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد استخلصت من أقوال الطاعن فى تحقيقات الشكوى المشار إليها أنه معترف بأنه لم تكن له علاقة بأرض النزاع قبل الأربعة أشهر السابقة على سؤاله فى التحقيقات بتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1950 ثم قالت إنه تبين من معاينة الأرض للمرة الأولى فى 12 من سبتمبر سنة 1950 على إثر تقديم المطعون عليه الأول شكواه أن الأرض كان بها أشجار وتبين من المعاينة الأخرى فى 3 من نوفمبر سنة 1950 عدم وجود هذه الأشجار واستخلصت من هذه المقارنة للمعاينتين أن المطعون عليه الأول كان حائزا للأرض فى سنة 1950 ورتبت - محكمة الموضوع - على ما تقدم أن الدعوى رفعت فى خلال سنة من تاريخ سلب الحيازة - وهذا الذى قررته محكمة الموضوع هو استخلاص سائغ يفيد بذاته انتفاء وضع يد الطاعن على الأرض قبل سنة 1950 ويحمل الرد الضمنى على ما تمسك به الطاعن من طلب إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات حيازته ابتداء من أواخر سنة 1948.
ومن حيث إن السبب الرابع من أسباب الطعن يتحصل فى تعييب الحكم بالقصور، إذ أغفل الرد على ما تمسكت به المطعون عليها الثانية فى مذكرتها المقدمة إلى المحكمة الاستئنافية إذ قررت أن عقود الإيجار التى تبرمها مع مستأجريها منصوص فيها على أنها تنتهى بانتهاء مدتها دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار، كما قررت مصلحة الأملاك أن عقد الإيجار الصادر إلى المطعون عليه الأول قد انتهى بانتهاء سنة 1948 وأن وضع يده قد زال ابتداء من سنة 1949.
ومن حيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن محكمة الدرجة الأولى بعد أن قررت كما سبق بيانه ثبوت حيازة المطعون عليه الأول للأرض موضوع النزاع فى سنة 1950 قالت: "وحيث إنه لا نزاع بين أطراف الخصومة فى أن المدعى - المطعون عليه الأول - استأجر الأرض بعقود تنتهى فى سنة 1946 وأنه ظل بها حتى سنة 1948 ولما كانت العقود لا تنتهى من تلقاء نفسها، بل تجدد إلى أن يتم التراضى على إنهائها أو فسخها أو التقاضى على ذلك وكلاهما لم يحدث وبذلك يظل عقد إيجار المدعى مستمر التجديد رغم عدم دفعه الإيجار ويكون وضع يده وحيازته للأرض على وجه قانونى ناتجا من تعاقده السابق" ولما كان يبين من صورة المذكرة المشار إليها فى سبب النعى أن المطعون عليها الثانية - مصلحة الأملاك - قالت إن المطعون عليه الأول كان مستأجرا منها بعقود متتالية انتهت مدة العقد الأخير منها فى سنة 1946 ولم يحرر له عقد جديد عن سنتى 1947 و1948 واستمر مع ذلك واضع اليد على الأرض فى هاتين السنتين ودفع قيمة الإيجار عنهما وأن الأرض استمرت سنتى 1949 و1950 بدون تأجير إلى أن وضع المستأنف - الطاعن - يده عليها. واستخلصت المطعون عليها الثانية من هذا الذى قررته أن المطعون عليه الأول قد زال وضع يده ابتداء من سنة 1949 - وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد قرر على ما سبق بيانه أن العقود لا تنتهى من تلقاء نفسها بل تجدد إلى أن يتم التراضى على إنهائها أو فسخها أو التقاضى عن ذلك، وكلاهما لم يحدث فى صورة الدعوى. ثم قرر أن المطعون عليه الأول استمر حائزا للأرض تجديدا للاجارة السابقة - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقر أسباب الحكم المستأنف لا يكون قد أغفل الرد على دفاع المطعون عليها الثانية بل رد على هذا الدفاع بأن عدم تحرير عقد إيجار جديد للمطعون عليه الأول عن سنتى 1949 و1950 لا يفيد زوال وضع يده بعد سنة 1948 وبأن عقد الإيجار السابق لم يفسخ لا بالاتفاق ولا بالتقاضى - وعلى ذلك يكون غير صحيح ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص على الحكم من قصور.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.