أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1414

جلسة 27 من أكتوبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، وأحمد قوشه المستشارين.

القضية رقم 256 سنة 22 القضائية
(190)

دفاع. تزوير. طلب الخصم تمكين خبيره الاستشارى من الاطلاع على أوراق المضاهاة. عدم إصراره على هذا الطلب فى مرحلتى التقاضى. لا إخلال بحق الدفاع.
متى كان الخصم بعد أن تمسك بما طلبه خبيره الاستشارى من تمكينه من الاطلاع على أوراق المضاهاة لم يصر على هذا الطلب بل قصر دفاعه بعد ذلك فى مرحلتى التقاضى على النعى على تقرير الخبير المنتدب ثم طلب ندب خبير آخر وإحالة الدعوى على التحقيق، فانه لا يقبل منه النعى على الحكم بالاخلال بحقه فى الدفاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون عليهما الدعوى رقم 509 لسنة 1948 مدنى محكمة أبوطشت الجزئية وطلب فيها إثبات صحة عقد البيع المؤرخ 16/ 3/ 1947 الصادر إليه من المطعون عليهما ببيع 23 قيراطا الموضحة الحدود بالعقد. وفى 15/ 11/ 1947 طعن المطعون عليهما فى هذا العقد بالتزوير وبعد أن أوقفت دعوى الموضوع الأصلية وأعلنت أدلة التزوير فى الدعوى الفرعية قضى فيها فى 26/ 2/ 1948 بقبولها شكلا وبقبول الدليل الأول ويتضمن أن إمضاء كل من مدعيى التزوير مزورة بطريق التقليد وبندب الخبير فى الخطوط بمكتب الطب الشرعى لإجراء المضاهاة، وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريره الذى ذهب فيه إلى أنه بعد إجراء المضاهاة على أوراق الاستكتاب اتضح له أن الامضاءين المطعون فيهما مزوران لأنهما كتبا على عقد البيع بخط واحد متشابه من حيث الدرجة الحسنة فى كتابتهما ومن حيث القاعدة والمنظر وبعض المميزات الخطية مما يدل على أنهما كتبا بيد واحدة فضلا عن اختلافهما عن الامضاءين الموقع بهما على أوراق المضاهاة. وفى 2/ 11/ 1949 قدم الخبير محمد عبد الرحيم طلبا إلى المحكمة طلب فيه التصريح له بالاطلاع على عقد البيع المطعون فيه وأوراق المضاهاة وتقرير الخبير المنتدب وذلك ليتمكن الطالب من كتابة تقرير استشارى بناء على تكليف له بذلك من المدعى عليه فى دعوى التزوير، وأشر على هذا الطلب بالارفاق والعرض عند نظر القضية. وبجلسة 23/ 11/ 1949 حجزت القضية للحكم. وبجلسة 8/ 2/ 1950 طلب محامى المدعى عليه ضم الطعن رقم 67 لسنة 1947 نيابة نجع حمادى، وبعد أن حجزت القضية للحكم مع تقديم مذكرات بجلسة 5/ 4/ 1950 أعيدت للمرافعة بجلسة 24/ 5/ 1950 لمناقشة طرفى الخصوم. وبجلسة 31/ 1/ 1951 طلب محامى المدعى عليه ندب خبير آخر وسماع أقوال الشهود الموقعين على العقد. وفى تلك الجلسة حجزت القضية للحكم لجلسة 7/ 2/ 1951 التى قضت فيها المحكمة برد وبطلان العقد المطعون فيه. استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 39 لسنة 1951 مدنى مستأنف محكمة قنا الابتدائية التى قضت فى 13/ 5/ 1952 بالتأييد. فقرر الطاعن الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على سببين: ينعى الطاعن فى أولهما على الحكم المطعون فيه بطلانه فى الاجراءات ذلك - أولا - لأن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه لم يمكن خبير الطاعن الاستشارى من الاطلاع على أوراق المضاهاة لتقديم تقرير برأيه وذلك ظاهر من الطلب المؤرخ 2/ 11/ 1949 المقدم منه والمودعة صورته الرسمية ضمن أوراق الطعن - ثانيا - لأن محكمة أول درجة بعد أن قررت مناقشة الخصوم بجلسة 24/ 5/ 1950 طلب محامى الطاعن بجلسة 31/ 1/ 1951 ندب خبير آخر من المقررين خارج دائرة محكمة قنا كما طلب إحالة الدعوى على التحقيق لسماع شهادة الشهود الموقعين على العقد المطعون فيه، فلم تجبه المحكمة المذكورة إلى ما طلب وعلى الرغم من أنه تمسك أمام محكمة ثانى درجة بطلبيه السالف ذكرهما فإن الحكم المطعون فيه لم يلق بالا إلى هذين الطلبين.
ومن حيث إن هذا السبب مردود فى شقه الأول بأن الطاعن - حسبما يبين من الأوراق - بعد أن تمسك بالطلب المؤرخ 2/ 11/ 1949 والذى طلب فيه خبيره الاستشارى تمكينه من الاطلاع على أوراق المضاهاة - لم يصر على هذا الطلب، بل قصر دفاعه بعد ذلك فى مرحلتى التقاضى على النعى على تقرير الخبير المنتدب ثم طلب ندب خبير آخر وإحالة الدعوى على التحقيق، ومن ثم فلا إخلال بحقه فى الدفاع. ومردود فى شقه الثانى بما قرره الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من أنه يأخذ بتقرير الخبير المنتدب من المحكمة الذى تبين منه تزوير الامضاءين المطعون فيهما وأن مدعيى التزوير يحسنان القراءة والكتابة وكان فى إمكانهما أن يحرر أحدهما العقد المطعون فيه بدلا من كتابته من شخص آخر، وأن السبب فى التزوير هو رفضهما استمرار تأجير الأرض موضوع الدعوى إلى والد المدعى عليه "الطاعن" وأن شاهدى العقد وكاتبه وإن شهدوا فى التحقيقات التى أجرتها النيابة بحصول التعاقد إلا أن المحكمة لا تعول على شهاداتهم لأن من مصلحتهم نفى حصول التزوير حتى لا يقعوا تحت طائلة العقوبة الجنائية مما لا ترى معه المحكمة الارتياح إلى شهادتهم ومما لا موجب معه لندب خبير آخر أو إحالة الدعوى على التحقيق لسماع أقوال هؤلاء الشهود. وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه هو استخلاص موضوعى من قاضى الدعوى لا سبيل للنعى عليه ذلك لأن المحكمة إذ اقتنعت بما قرره الطبيب الشرعى وإذ كونت عقيدتها التى اطمأنت إليها من أوراق التحقيق المنضمة وإذ لم تر بعد ذلك حاجة إلى إجابة طلبى ندب خبير آخر أو إحالة الدعوى على التحقيق لا يكون قد شاب حكمها عيب أو بطلان فى الاجراءات، ويكون نعى الطاعن إنما هو جدل موضوعى حول تقدير الدليل.
ومن حيث إن الطاعن ينعى فى السبب الثانى على الحكم المطعون فيه قصوره فى التسبيب، ذلك أن الطاعن طلب ندب خبير فنى من قبله ومع ذلك فقد سبق الحكمان الابتدائى والمطعون فيه رأى خبيره الفنى باعتماد تقرير الطبيب الشرعى قبل أن يعرض عليهما تقرير الخبير الفنى، ومع ذلك فقد رد الحكم المطعون فيه على طلبه بما لا يصلح للرد عليه، وفى ذلك قصور يستوجب نقضه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما سبق الرد عليه فى الشق الثانى من السبب الأول.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.